صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Saturday, November 23, 2024
التعداد السكاني وحقيقة الأرقام: بين معضلات الواقع وتجاهل الحكومة
عندما تكتشف الحكومة - من خلال التعداد السكاني - أن الشعب العراقي منقسم إلى طبقتين: طبقة غنية وطبقة فقيرة، مع شبه انعدام للطبقة الوسطى، فإن السؤال الأساسي هنا ليس عن شعور الحكومة، بل عن مدى استيعابها لهذا الواقع وأثره على الاستقرار الاجتماعي. فالطبقة الوسطى تمثل العمود الفقري لأي مجتمع مستقر، ومع غيابها تزداد الفجوة بين الطبقات، مما يولد بيئة خصبة للتوترات الاجتماعية والصراعات. ولكن، هل ستبالي الحكومة فعلاً بهذه الحقائق أم ستعتبرها مجرد أرقام جامدة لا تعني سوى ملء التقارير السنوية؟
التساوي بين الجنسين وزواج الخارج
أما فيما يتعلق بالتساوي بين الجنسين الذي قد يظهر في نتائج التعداد، فإن القضية تفتح باباً آخر للجدل. إذا اكتشفت الحكومة أن نسبة الرجال والنساء أصبحت متساوية تقريباً، فهل ستعيد النظر في تسهيل الزواج من الخارج؟ أم ستظل السياسات المتعلقة بهذا الموضوع كما هي، بغض النظر عن الحاجة الفعلية للمجتمع؟ وهل سيطرح هذا الملف في سياق حقيقي أم سيُترك للمزايدات السياسية؟
اختلال التوزيع السكاني بين المحافظات
التفاوت بين المحافظات، حيث تحمل بعضها أعباء سكان تكاد تغطي ثلاث محافظات أخرى، بينما تعاني محافظات أخرى من قلة الكثافة السكانية، يضع الحكومة أمام تحدٍ آخر: هل ستتجه إلى سياسات توزيع عادلة للسكان وفقاً للاستيعاب والخدمات؟ أم ستُترك هذه الفجوات لتفاقم الظلم التنموي وتزيد من الضغط على المدن المزدحمة؟
أزمة السيارات والإفراط في الاستيراد
عندما تكتشف الحكومة أن عدد السيارات في العراق يقارب ثلثي عدد السكان، فهذه ليست مجرد إشارة إلى استهلاك زائد، بل إلى غياب واضح للتخطيط الحضري والبنى التحتية الملائمة. فهل ستتخذ الحكومة خطوة جادة لوقف استيراد السيارات وتنظيم سوق النقل، أم ستواصل سياسة الانفتاح غير المدروس التي تُثقل الشوارع وتزيد من الاختناقات المرورية والتلوث؟
البنية التحتية والخدمات الأساسية
كيف ستتعامل الحكومة مع الحقائق التي تظهرها الإحصاءات حول سوء أو غياب البنية التحتية في العديد من المناطق؟
إذا أظهرت الأرقام أن أكثر من نصف الشعب يفتقر إلى مياه صالحة للشرب، أو أن خدمات الصرف الصحي متردية في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء، فهل ستبدأ الحكومة بوضع خطط حقيقية للنهوض بهذا القطاع الحيوي؟ أم ستظل الحلول ترقيعية تستنزف الموارد دون أي تقدم يذكر؟
الأمن الغذائي وسلة الغذاء المفقودة
كيف ستتصرف الحكومة عندما تكشف الإحصاءات أن العراق أصبح مستورداً لمعظم غذائه، بينما كانت أراضيه في الماضي تُلقب بـ”سلة غذاء المنطقة”؟
هل ستسعى لتطوير القطاع الزراعي ودعم الفلاحين، أم ستبقى الأزمة مرتبطة بالفساد وسوء الإدارة؟
الخطاب السطحي والهروب من الجوهر
ولكن، ربما كل هذا لن يكون ضمن هموم الحكومة الحقيقية. فمن الممكن أن نُفاجأ بخطابات سطحية تركز على أمور هامشية مثل “وجود السبلت في كل بيت” أو “الثلاجات كدليل على الرفاهية”، متناسين التفاوتات العميقة والمشكلات الحقيقية التي كشفتها الأرقام. بل قد يستعينون بوعّاظ يُروّجون لفكرة التكيف مع المعاناة، كالدعوة لشرب الماء الحار أو استخدام الغطاء المبلل للتبريد، كأن هذه حلول مجدية لشعب يعاني من أزمات هيكلية في الاقتصاد والخدمات.
الخلاصة
السؤال ليس عن اكتشاف الحكومة للواقع، بل عن استعدادها لتحمل المسؤولية والعمل الجاد لتغييره. فالتعداد السكاني ليس مجرد أرقام وإحصاءات، بل هو مرآة تكشف عن عمق الأزمات التي يعاني منها الشعب. وأي تجاهل لهذه الحقائق لن يؤدي إلا إلى تعميق الفجوة بين المواطن والحكومة، ويدفع البلاد نحو مزيد من التعقيد والاضطراب
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment