Saturday, April 19, 2025

النظام التعليمي في العراق و نشوء المثقفين :

النظام التعليمي في العراق ونشوء المثقفين 1900 - 1934 سهيل الزهاوي الحوار المتمدن-العدد: 7148 - 2022 / 1 / 28 - 00:30 المحور: مواضيع وابحاث سياسية المثقفون ليسوا طبقة منفصلة وهم يتكونون من فئات ينحدرون من طبقات المجتمع ، فقد وضع ، ماركس وانجلس في الأيديولوجية الألمانية اللبنة الأولى لتعريف المثقف .. يقول ماركس و انجلز *إن أفكار الطبقة الحاكمة هي الأفكار المسيطرة فى كل العصور، أى أن الطبقة المتحكمة ماديا فى المجتمع هى نفسها الطبقة المتحكمة فكريا فيه. الطبقة التى لديها وسائل الإنتاج المادي ووسائل تصريفه، لديها فى نفس الوقت السيطرة على وسائل الإنتاج العقلي. باختصار: أفكار الذين لا يمتلكون وسائل الإنتاج الفكري تظل منحصرة فيهم وحدهم. الأفكار المسيطرة ليست أكثر من انعكاس لعلاقات السيطرة المادية في المجتمع، ليست أكثر من هذه العلاقات متمثلة ذهنيا.*(#) أما عند لينين ، فأن ما يميز المثقفين عن العمال اليدويين ليس كونهم ، مؤلفين وكتاب ، بل كونهم أيضاً أصحاب المهن الحرة والأعمال الذهنية . بحسب تعريف الفيلسوف الماركسي الإيطالي ، غرامشي ، الشهير بآرائه في الموضوع ، أن مصطلح الانتلجنسيا ( Intelligentsia) استخدم لأول مرة في روسيا ، ويقصد به آنذاك أولئك الذين تلقوا تعليماً جامعياً يؤهلهم للاشتغال بالمهن الفنية العليا . وقد اتسع استخدامه وامتد مدلوله إلى كل الذين ينخرطون في مهن غير يدوية . أما المثقفون فهم أولئك الذين يسهمون مباشرة في ابتكار الأفكار أو نقدها . وتضم هذه الفئة المؤلفين والعلماء والفلاسفة والمفكرين والمتخصصين في النظريات الاجتماعية والمحللين السياسيين. التعريف الأكثر وضوحا، والأقرب إلى الواقع في البلدان النامية، هو الذي طوّره أنطونيو غرامشي – المنّظر والقائد الماركسي الإيطالي. يؤكد غرامشي أنه لا يوجد أي نشاط إنساني يمكنه أن يكون خال من النشاط الذهني، (حتى المهام الأقل إبداعية). وبنفس المقدار، فإنه لا يوجد أي نشاط ثقافي يمكن أن يتم إلى نهايته بدون عمل يدوي (مثلا: كتابة الكلمات أو عزف الموسيقى). ولذا، فإن ما يميز المثقفين عن غيرهم هو أنه في نشاطهم يميل التوازن بين العمل الذهني واليدوي ناحية العمل الذهني. ويقول غرامشي (( إن المثقفين بما هم مثقفين ، لا يشكلون طبقة ، أن كل مجموعة اجتماعية لها جماعة من المثقفين خاصة بها ، او هي تعمل على خلقها.)) هَؤُلاء المثقفون المرتبطون بظهور طبقة اجتماعية أساسية هم المثقفون العضويون، وتكمن وظيفتهم في تكوين تجانس فكري للطبقة الاجتماعية التي يمثلونها، لا في قدرتهم على تشكيل تصور للعالم خاص بتلك الفئة، وفي نقدهم كل الأيديولوجيات السابقة لظهور تلك الطبقة. ومقابل الشكل الأول من المثقفين، أي المثقفين العضويين المرتبطين بطبقة اجتماعية والذين يعملون علي إعطائها التجانس الأيديولوجي، يقيم غرامشي مفهوما آخر للمثقفين يعتمد على أساس الرؤية التاريخية لتكونهم. وهو ما أسماه بالمثقف التقليدي، أي المثقف الذي ينتمي الى طبقات اجتماعية زائلة أو في طريقها الى الزوال. وأن تعبير مثقف هو في البلدان المستعمرة والتابعة أوسع تقليداً مما هو عليه الآن بعد انهيار النظام الاستعمار . (( في مقال يدرج الباحث الأمريكي سيلز في عداد فئة المثقفين جميع الأشخاص من ذوي التعليم الحديث وجميع الذين أنهوا الدراسة في المعاهد والجامعات ويعملون في الإدارة الحكومية ويدرج ايضا الصحفيين والأطباء وغيرهم من خريجي الجامعات وأكثر من فعالياً ما يدرجون في عداد المثقفين الشبيبة التي تتعلم والطلبة.))(1) في بداية القرن العشرين كان العراق أكثر تخلفاً من سوريا ومصر من ناحية التعليم ، وقد أثر التخلف الاقتصادي والثقافي ونظام الدولة الاستبدادية العثمانية تأثيرأً وخيماًعلى التعليم بشكل عام. (2) لقد كان نسبة المتعلمين نصف بالمائة من سكان المدن في عام 1850 وقد زادت هذه النسبة في عام 1900، فأصبح بين خمسة وعشرة بالمائة.(3) وعندما انتهت الحرب العالمية الأولى، فإن عدد المتعلمين لم يتجاوز 1% من عدد السكان .(4) وفي فترة الاحتلال والانتداب البريطاني ، كان توسع التعليم تسير بشكل بطيء في بلد غارق في الأمية. بينما كانت نسبة المتعلمين بين الأقليات الدينية اعلى منها في المسلمين. وإذا كان انتشار التعليم والثقافة الغربية أسبق بين الأقليات الدينية فذلك يعود كما هو معروف إلى أن المسيحيين و اليهود أنشأ مدارسهم الخاصة وكانت (الاليانس) من بين المدارس ذو التعليم عالي. والمبشرون الأمريكان والفرنسيين والانكليز اهتموا بتعليم أبناء المسيحيين في العهد العثماني ومن خلالها احتكوا بالثقافة الغربية بشكل مبكر . فكان معظم المثقفين والمتعلمين العراقيين يتكون من أناس حصلوا تعليمهم من المدارس الدينية ، وفيما بعد تأسس المدارس الحديثة وتوجه الطلاب الى الدراسة في اسطنبول والدول الغربية وبذلك توسعت قاعدة المثقفين فشملت الطلاب والمعلمين في المدارس الحديثة. وكان التعليم والوظيفة اساسا اجتماعيا - اقتصادياً قامت عليها فئة المثقفين وكان الجزء الأكبر من هذه الفئة من أبناء الأغنياء والميسورين . فان المواقف الوطنية والسياسية التي اتخذتها المثقفون العراقيون خلال عهود الاحتلال العثماني والبريطاني وفي فترة الانتداب هي استنتاجات لا يمكن تحليل المثقفين على أساس منشأهم الاجتماعي والطبقي . لعب المثقفين العراقيين ولا سيما الطلبة والمعلمين دوراً ايجابياً في النضال السياسي والاجتماعي وكانوا عنصراً هاماً في الحركة لا يتناسب مع حجمها وعددها . ويزداد دور المثقفين او المتعلمين كلما انخفض مستوى تطور البلاد حيث كان العراق يخضع للحكم الأوتوقراطي العثماني لفترة أربعة قرون وتميزت البلاد بافتقارها إلى الطبقتين المرتبطتين بالإنتاج الحديث وهما البروليتاريا الصناعية والبرجوازية وكان المثقفون هم بالذات حاملوا الأفكار التحررية في العهد العثماني . وازداد فعالية هذه الفئة بعد الاحتلال البريطاني للعراق وفي فترة ما بعد تنسيب فيصل ملكاً وعندما احتدم الصراع وازداد التناقضات الاساسية الرئيسية في المجتمع العراقي بين الاستعمار والقوى المحلية المساندة لها من جهة وحركة التحرر الوطني من جهة أخرى، ففي الوقت الذي التحمت فيه مصالح الإقطاع وملاكي الأراضي وشرائح متعددة من البرجوازية الكومبرادورية والتجارية بالاستعمار البريطاني كانت فئات أخرى من المثقفين قد تعاونوا مع التجار ورجال الدين ( المجتهدون ) والشيوخ من ذوي الاتجاهات الوطنية واستطاعت أن تقود النضال ضد الاحتلال البريطاني وكانت (هذه الفئة تجسد وتعبر عن تطور المصالح الطبقية في المجتمع بأسره وذلك في كثير من الوعي والحزم والدقة الممكنة للتجسيد والتعبير ) (5) بينما اعداد اخرى من المثقفين الذين كانوا من نشطاء الحركة القومية وعملوا في الجمعيات السياسية كالعهد في العهد العثماني وفي فترة الانتداب أصبحوا من من مروجي النفوذ البريطاني في العراق وشغلوا العديد من المناصب العالية في مجلس الوزراء واحياناً كانت بعض تصطدم طموحهم المثقفين بعدم حصولهم على المناصب فتجدهم يقفون في معارضة شكلية ضد المستعمرين ويطالبون باقتسام السلطة بينهم لذلك اصبح الموظفون الكبار أداة بأيدي الامبريالية . النظام التعليمي في العهد العثماني كانت المدارس الدينية على منهج الإسلام أساس التعليم في العهد العثماني. وقد أنشئت هذه المدارس بهدف تخريج المدرسين، والمُفتين، والعاملين في المؤسسات الدينية والقضائية . وتمد الدولة بالموظفين . دخلت الإمبراطورية العثمانية في أواخر القرن السابع عشر أزمة خطيرة ، شملت الميادين الاجتماعية والعسكرية والثقافية ودب الفساد في ماكنة الدولة . (( لقد أفضى تفسخ النظام الإقطاعي العثماني الى هذه الازمة ، اذ جعلت علاقات الانتاج الاقطاعي تطور القوى الإنتاجية اللاحق امراً مستحيلاً ، فضلا عن عن تحطيمها للقوى الإنتاجية الموجودة .(6) فان اي حركة ثقافية ترتبط بالضرورة بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي السائد في المجتمع . وكان نظام التربية والتعليم في العهد العثماني بفلسفته ومناهجه ومؤسساته وتشريعاته جزء من البناء الفوقي للمجتمع يقوم على أساس العلاقات الإنتاجية الإقطاعية السائدة وكذلك كان التعليم يرتكز ((على أساس المعتقدات الدينية والعواطف الإحسانية الغرض منه قراءة الكتب المقدسة وتلقين العقيدة الإسلامية وخدمة السلطان .)) (7) وعلى ضوء هذا النهج فقد تأسست في العراق مجموعة من الكتاتيب التقليدية التى تولت مجموعة من الصبيان والصبية وذلك بتحفيظهم القرآن وأمور الدين الأخرى . فهذا التخلف الثقافي الشديد الذى عانى منه العراق انما يشكل جانبا اساسياً من جوانب التخلف العام للقوى المنتجة التي تعيقها العلاقات الإنتاجية الإقطاعية السائدة آنذاك. وبعد التدهور الذي حدث في جهاز الدولة العثمانية ، فقد جرى تنظيمه من جديد غير أن التنظيم لم يشمل العراق بسبب وقوعه في الطرف الأقصى للامبراطورية العثمانية المترامية مما عزله عن المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية لهذه الدولة . (8) سوف نهتم هنا بإلقاء نظرة فاحصة على مسار الإصلاحات التي جاءت بها الدولة العثمانية في عهد مدحت باشا في نهاية الثامن عشر في مجال التعليم في العراق أن نرصد التغيير الذي لحق المثقفين العراقيين فيما بعد. وبعد تعين مدحت باشا في عام 1869 واليا على بغداد وشرع الى القيام ببعض الاجراءات الاصلاحية في المجالات الإدارية والثقافية وكان الهدف منها توطيد سلطة الباب العالي في العراق . وقد ساعد افتتاح قناة السويس عام 1969 على انضمام العراق الى السوق العالمية مما هيأ إمكانيات جديدة لتطور الاقتصاد والثقافة في البلاد .(9) إلا أن هذه الإصلاحات لم تكن سوى جراحة التغيير التي تغير الملامح دون أن تحدث تغيراً يذكر في الجوهر والمحتوى ، وإن كانت تلك التغيرات قد حققت بعض النتائج الإيجابية إلا أنها اكتنفها العديد من السلبيات مما أعاقت مسيرتها. ويرتبط تاريخ التعليم الحديث في العراق بهذه الإصلاحات التي جاءت به مدحت باشا ومنذ تلك السنة حيث جرى إنشاء أربعة مدارس حديثة هي:- 1 - المدرسة الرشدية المدنية 2 المدرسة الرشدية العسكرية 3- المدرسة الاعدادية العسكرية . 3- مدرسة الفنون والصنائع . بينما أهمل التعليم الأساسي الابتدائي ولم يجري الاهتمام بها إلا بقدر حاجة المدارس الرشدية إلى التلاميذ وكانت المدارس الرشدية تضم بين صفوفها صفوف للمرحلة الابتدائية وكان الغرض من إنشاء هذه المدارس العسكرية استهدفت تعليم الفنون العسكرية . وفي الوقت ذاته ابقت المدارس القديمة كما هي ولم يجري محاولات لإعادة تنظيمها أو فرض رقابة عليها(10) وفقا للتقارير الرسمية للسلطة العثمانية (( كان في العراق في العهد التركي نظام ممتاز للمعارف . فقد كان في كل ولاية ، مدير معارف ،له ميزانية وموظفوه، وعدد من المدارس تسير بموجب منهج خاص ، على أننا لو اردنا ان نحكم على المعارف وفق النتائج ، لوجدنا هذا النظام لم يكن إلا شيئا أجوف ! لم يكن عدد المدارس كما تدل عليه الإحصائيات الرسمية! ولم يكن دوام الطلاب فيها بالنسبة التى تذكرها الإحصاءات. كما كانوا المعلمين على جانب قليل من المعلومات و الثقافة ، وأقل من ذلك من السجايا الاخلاقية. )) (11) كان تطور التعليم تسير بشكل بطئ وكان مدارس العراق وفقا (السالنامت) التي أصدرتها ولايات بغداد والموصل والبصرة ولا سيما في الفترة الأخيرة من العهد العثماني على الشكل التالي:- (12) أ - المدارس الرسمية المدن عدد المدارس عدد الطلاب عدد الطالبات بغداد 54 3910 300 الموصل 42 2644 260 البصرة 32 834 040 المجموع 128 7387 600 ب - المدارس الأجنبية الأهلية بغداد 57 6526 2013 الموصل 6 1294 150 البصرة 1 200 000 المجموع 64 8020 2163 وبلغ عدد المدارس والطالبات والطلاب في العراق في عام 1914 وفق التقارير الرسمية المجموع الكلي 192 15398 2763 بالرغم من الزيادة الحاصلة في عدد الطلاب الا ان مستوى التعليم غير عالي وكان عدد الطلاب الذين يرتادون المدارس غير كبير بالنسبة إلى عدد السكان . وتركزت المدارس الحكومية في المدن الكبرى ، بينما حرمت القرى والأرياف من التعليم حرماناً تاماً. (13) اتبعت الدولة العثمانية سياسة تعليمية باتجاه طمس معالم اللغة والحضارة للقوميات غير التركية . استهدفت منه تأجيل الشعور بالانتماء القومي وتأخيره ردحاً من الزمن . ( 14) كان مناهج الدراسة بتراء لا تفي بالغرض و تتصبغ بالأساليب الغربية و يحوي شيئا من العلوم الحديثة مع علوم الدين ودروساً عربية ضئيلة واضأل اللغات، (15) وأبرز ظواهر السلبية فهي تدريس معظم المناهج باللغة التركية وحتى قواعد اللغة العربية تدرس باللغة التركية (16) ، مما أثر على إمكانية استيعاب مادة الدرس من قبل التلاميذ والشباب العراقيين فنشأوا وهم غير قادرين على الكتابة بلغة الام. فضلاً أن المعلمين كانوا على قدر قليل من الثقافة. (17) وكانت هناك عقبات أمام التعليم وخاصة في مجال المعلمين ، وكان من الصعب ارسال الطلاب الى الاستانة للدخول بدور المعلمين فيها . فقد أنشئت ثلاثة دور للمعلمين واحدة في بغداد والثانية في الموصل والثالثة في البصرة لتخريج المعلمين للمدارس الابتدائية ولكن مستوى الدراسة فيها ضعيفة وعدد طلابها قليلاً. أشار السيد عبد الرزاق الهلالي في معجم العراق الجزء الاول صفحة 313 الى تعليم البنات في العهد العثماني كانت أسوأ من تعليم البنين وفي غاية التأخر والإهمال ، مما حدى بالطوائف الدينية غير المسلمة إلى فتح مدارس خاصة بها لتعليم الفتيات ولا سيما في بغداد والموصل والبصرة . تم إنشاء أول مدرسة حديثة للبنات في العهد العثماني في عام 1869 تضم الدراستين الابتدائية والمتوسطة سميت ( إناث رشدى مكتبلي ) وسجل فيها حوالي 90 طالبة. رغم النواقص والسلبيات قد رافقت عملية التعليم في العهد العثماني إلا أن استحداث هذه المدارس نسبيا قد طور المعارف وحملت الى المجتمع العراقي من روح جديدة في طراز التعليم مقتسباً من النظم الأوربية يقدم نوع من الثقافة يختلف عن الثقافة التقليدية وقد امدت المثقفيين العراقيين بطاقة جديدة من الفكر ليس لفتح ذهنه على المعارف الغربية فحسب بل تعرفوا على افكار الديمقراطية البرجوازية والاستقلال الوطني، فالمدارس العصرية التي مارست نشاطاً واسعاً في بعض البلدان العربية حيث لعب دوراً في خلق جيل من المثقفين العصريين يرفضون فكرة الخلافة. وضع التعليم في ظل الاحتلال البريطاني ( 1914 - 1920) فقد عمد المستعمرين البريطانيين إلى تحطيم الآثار الثقافية العريقة للشعب العراقي ، ولم يعر المحتلين الانكليز اية اهمية يذكر للتربية والتعليم في سنوات الحرب العالمية الأولى حيث عمل على غلق كافة المدارس وفيما بعد أهملت بهدف الحد من شأن المعارف أو اعتباره أهميته ثانوية (18). لذا لا غرابة في أن سلطات الاحتلال أغلقت في مدينة الموصل مدرسة لإعداد المعلمين وأخرى ثانوية مع عدد من الابتدائية تعود إلى العهد العثماني بحجة فقدان المعلمين القديرين (19). وكان همهم الوحيد صرف النفقات الإدارة المدنية على الجهاز الإداري الاستعماري، أما المبالغ لاحتياجات الاقتصاد الوطني وبضمنها احتياجات التعليم تمثل نسبة ضئيلة جداً. في عام 1917 صرف للتعليم بنسبة 0.4% من مجموع المصروفات العامة ، بينما نسبة ما صرف في السنة الخامسة من الاحتلال 1.9% إلى المصروفات العامة كلها (20). لقد أنفق سلطات الاحتلال على احتياجات التعليم سنة 1919 - 1920 في أنحاء العراق اقل من مليون روبية أي ما يعادل سبعين ألف روبية تركية . بينما كانت نفقات التعليم في عهد السيطرة العثمانية في ولاية بغداد قد بلغت 34 ألف ليرة تركية عام 1911- 1912 ( 21) وبلغ عدد المدارس في جميع أنحاء العراق بما فيها المدارس الأهلية 90 مدرسة في نيسان 1920 ويقدر عدد الطلاب المسجلين في المدارس الحكومية والتابعة للأقليات الدينية بحوالي ستة آلاف طالباً وكان مجموع طلاب دار المعلمين ثمانية وستين طالباً بضمنهم 44 طالباً من خارج بغداد . (22) أما في كردستان، فان واقع الثقافي، كانت حالة مصغرة عن بقية أنحاء البلاد، فإن الميجر سُون كان يصرف على التعليم في منطقة السليمانية من وارداتها بالذات 63 ألف روبية سنوياً اي نسبة 2% فقط من مجموع واردات المنطقة لعام 1920. في العام 1915 شكل عدد الطلاب في مدينة السليمانية وحدها 10% من مجموع الطلبة في كل أنحاء العراق ، بينما لم يبلغ مجموع طلبة كردستان بأسرها عدد يشكل هذه النسبة بعد الاحتلال . فبعد الحرب فتح الانكليز مدرسة واحدة في منطقة السليمانية وذلك في شباط 1919. (23) ان سياسة التعليمية التي اتبعتها سلطات الاحتلال الانكليزي في العراق كان هدفها الرئيسي تعبئة الناس ايدلوجيا حيث افتتحت دورات لإعداد المعلمين واستخدمت برامج المدارس في المؤسسات التعليمية على غرار المدارس في مصر أثناء السيطرة الاستعمارية لها (24)، تضمن المناهج بالضرورة أهداف وفكر وفلسفة واخلاقية الاستعمار البريطاني و تتجاهل كليا خصائص البلد المقامة فيه و تاريخ وتطور ثقافته المحلية . وكان محتوى التعليم محكوم بسياسة الدول الاستعمارية و هدفها تربية الفرد على مبادئ وأعراف معينة في السلوك والأخلاق والأيديولوجية السياسية الاستعمارية المهيمنة على المجتمع ويدرك أهمية التعليم بالنسبة الى الشعوب المتخلفة وتحاشى من توسيعها وعمل على تهيئة كوادر محددة تقف الى جانبه وتدافع عن مصالحه والعمل على تربية السكان بروح الانصياع والولاء للسلطات وتنشئته خدم طيعيين للمستعمرين كي لا يتحول إلى أدوات فعالة لنهضة الثقافة القومية وتنمية تقاليدها القومية والنهوض بالوعي القومي الذاتي الأمر الذي سيكون شأن كبير في النضال ضد السيطرة الاستعمارية والدعوة إلى الاستقلال والتحرر الوطني والاجتماعي الحقيقين. (25) وقد قابل هذه السياسة المثقفين العراقيين بفتح مدارس أهلية في عام 1919 الى جانب المدرسة الجعفرية التي افتتحت بعد ثورة 1908 البرجوازية من اجل نشر الثقافة وتربية الجيل الجديد على المفاهيم الوطنية ، ولهذا السبب قابل المحتلين بعدم الارتياح مبادرة المثقفين العراقيين بفتح المدارس الخاصة محاولين ووضعها تحت الرقابة الحكومية . (26) مسار تطور التعليم في ظل الانتداب لقد كانت ثورة العشرين أهم عامل جعل الامبريالية البريطانية تدرك بان الحكم المباشر على العراق صفقة خاسرة فرضخت لتأسيس الدولة العراقية تكوين جيشها الوطني، بدأت تحكم البلاد طبقا لنظام الانتداب باسم عصبة الأمم المتحدة .. بعقول بريطانية وايدي عراقية .. كما كتبت مس بيل في مذكراتها .(27) لذلك اضطر سلطات الانتداب إلى فتح مدارس جديدة نتيجة تزايد نشاط الحركة الوطنية العراقية المعادية للتدخل البريطاني في العراق من جهة وحاجة الجهاز الاداري الى الكتبة والموظفين يقومون بأعباء وظائف العامة وإعداد نخبة مختارة يتربوا بروح الخنوع وعدم الاكتراث بالأمور السياسية لكي يشكلوا قوة رجعية موالية للامبريالية باستطاعتهم تسليم الحكم لها . فضلا عن الطلب الذي ابدته الفئات المتنورة والميسورة على تعليم أولادهم سعيا منهم إلى أن يضمنوا لهم الرفاه النسبي والمركز الاجتماعي المرموق في الوظيفة الحكومية . تبعا لهذه السياسة التي يهيمن عليها مستشار التعليم الانكليزي، وقد خصصت للتعليم مبالغ من الميزانية العامة، كانت تتزايد عام بعد عام بنسب ضئيلة . ففي العامين 1920 - 1921 و 1921 - 1922 كانت ميزانية وزارة المعارف مقارنة بالميزانية العامة كما يالي:- (28) السنة المالية الميزانية العامة ميزانية وزارة المعارف النسبة المئوية 1920 -1921 5556574 13.360 2.3 % 1921 - 1922 4436065 142425 3.2 % أما في العامين 1930 - 1931 و 1931 - 1932 فقد أصبحت كما يالي :- 1930 - 1931 3994337 294262 7.2 % 1931 - 1932 3567897 206334 8.2 % ثم أصبح معدل تخصيصات التربية والتعليم حوالي 10 % من ميزانية الدولة للسنوات مابعد عام 1932 . (29) وقد أضيف إلى ميزانية التعليم في عام 1921 والسنوات ما بعدها ميزانية دائرة الآثار القديمة ومدرسة الهندسة . نلاحظ خلال السنوات الانتداب البريطاني ، كان حجم التعليم ضئيلاً على المستويين الكمي والنوعي. الأمر الذى يشير عدد المدارس الابتدائية للبنين ، لم يتعدى عن 124 مدرسة في عام 1921 ضمت 12226 تلميذ ازداد في عام 1930 إلى 247 مدرسة ضمت 248850 تلميذ وفي خلال هذه المدة ازداد عدد المدارس المتوسطة والثانوية من أربعة مدارس إلى عدد طلابها التقديري 228 الى خمسة مدارس عدد طلابها جميعاً 1863 طالباً . (30) بينما أصبح في عام 1934 - 1935 عدد المدارس الابتدائية 528 ضمت 60324 طالباً وازداد عدد المدارس المتوسطة والثانوي في نفس المدة الى 35 مدرسة صمت 6058 طالباً وبعد احتلال العراق من قبل القوات البريطانية، فتحت أول دورة لتخريج المعلمين للمدارس الابتدائية في عام 1917 وكانت مدة الدراسة فيها ثلاثة أشهر (31)، نلاحظ خلال حكم الانتداب البريطاني للعراق ، كان حجم التعليم ضئيل جداً حيث كان عدد الطلاب في السنة الدراسية 1920 - 1921 وفي السنة الدراسية 1920 - 1921 لم يتعدى عدد الطلاب في دور المعلمين 91 طالبا وصلت عدد الطلاب في السنة الدراسية 1930-1931 الى 286 (32) وبعد أغلقت المدارس في العراق أثناء الحرب العالمية الأولى فلما انتهى الحرب باحتلال الانكليز للعراق اهملو فتح مدارس البنات ولم يجري فتحها إلا في 19/1/ 1920 ويتعلق أسبابها بما يلي:- (33) اولاً : عدم حاجة المحتلين إلى استخدام النساء في دوائر الدولة . ثانياً : افتقار مؤسسة التعليم إلى عدد كاف من المعلمات . ثالثاً : عدم رغبة الناس في إرسال بناتهم الى المدارس نتيجة للعادات والتقاليد الاجتماعية . وكانت عدد مدارس الابتدائية للبنات في عام 1921 لم يتعدى 27 مدرسة وازداد في عام 1931 الى 44 مدرسة ، كما ازداد عدد الطالبات من 1849 طالبة 6003 طالبة في نفس الفترة الآنفة الذكر وكانت نسبة الطالبات إلى الطلاب في عام 1931 يساوي 25% تقريباً(34) ازداد عدد طالبات دور المعلمات ما بين السنة الدراسية 1923- 1924 والسنة الدراسية في 1930 -1931 من 30 الى 100 طالبة (35) . أما الدراسة المتوسطة والثانوية للبنات لم تبدأ إلا في العام الدراسي 1929 - 1931 عندما فتحت أول مدرسة ثانوية للبنات في بغداد هي الثانوية المركزية للبنات وكان عدد طالباتها في السنة الأولى بل يتعدى 11 طالبة(36) . في عام 1932 فتحت أول مدرسة للفنون البيتية لإعداد ربات بيوت مثقفات يعملن على تطوير الجيل تربية صالحة (37) وفي السنة الدراسية 1932 - 1933 قبل فيها 58 طالبة. فإن الإهمال التي لحقت بقطاع التعليم عموماً، فأخذت التعليم العالي نصيبها من هذا الاهمال، فقد كانت التعليم العالي تكاد تكون معدومة في ظل الدولة العثمانية إذا استثنينا مدرسة الحقوق التي فتحت في عام 1908 وأغلقت في بداية الحرب العالمية الأولى بعد أن كانت عدد طلابها تجاوز المئتين طالباً ولم يتم فتحها إلا في عام 1919 . ( 38) في سنة 1923 أسست الحكومة العراقية دار المعلمين العالية وتلتها كلية الطب 1927،(39) كما تأسست كلية الزراعة في عام 1926 وأغلقت في عام 1931 . (40) نلاحظ خلال حكم الانتداب البريطاني للعراق ، كان حجم التعليم ضئيل جداً حيث كان عدد الطلاب في السنة الدراسية 1920 - 1921 لم يتجاوز الخمسين بينما ازداد في السنة الدراسية 1932 - 1933 الى 115 أي أقل من الضعف (41) لقد وظف المعاهد العالية في خدمة النظام الموالي للانكليز ، لتهيئة ما يحتاج إليه من كوادر إدارية وقضائية ليتم سيطرته على الشعب وتشديد قبضته على خناقه ، فأصبح عائقاً أمام الكفاءات العلمية. لم يكن في العراق عند تأسيس (( الحكم الوطني )) إلا عدد ضئيل من أهل الاختصاص وحملة الشهادات العلمية ، فكانت أول بعثة علمية اوفدتها الحكومة الحكومة من الطلبة العراقيين للدراسة في الخارج على نفقتها في عام 1922 وكان عدد أعضائها 9 طلاب ومجموع ما أرسل الى الخارج من عام 1921 الى عام 1934 لا يزيد على 292 طالباً (42) وكان الغرض الاساسي في ارسال البعثات الى الخارج هي تشكيل كوادر علمية يؤمن بفلسفة وأخلاقية الامبريالية . ان السياسة التي اتبعتها سلطات الاحتلال البريطاني وسارت عليها فيما بعد مستشار التعليم الانكليز في فترة الانتداب ، اتصفت لضعف كفائتها وسارت التوسع بطئ شديد قياسا الى حاجة البلد غارق في الأمية في حين انطوت صفحة الحرب العالمية الأولى ولم يزد عدد المتعلمين في العراق على 1% من مجموع السكان (43) . وشدة التمايز بين المدينة والريف وبين بغداد والمدن الأخرى وبين الإناث والذكور ما هو إلا انعكاس للتمايز في المستويات الاقتصادية والاجتماعية وساعدت هذه السياسة موضوعياً على حرمان الطبقات الكادحة من التعليم واغداق نعمته على أبناء الفئات المترفة والوسطى ، وكان أهدافها ملء الوظائف والمراكز الحكومية بعناصر موالية للنظام وهذا ما اكدته التقرير المقدم من لجنة مونرو عن واقع التعليم في العراق سنة 1930 إذ شخص غاية الناس من الدراسة في العراق باجتياز الامتحانات المدرسية والحصول على الوظائف الحكومية . (44) كما كان ضمن أهدافها نشر الفكر البرجوازي في المدارس والمعاهد العالية منقولا عن معاهد مفكري الاستعمار في اوربا وامريكا . جدول يوضح نسب التركيب السكاني العراقي للسنوات 1867-1957 ال جدول يوضح نسب التركيب السكاني العراقي للسنوات 1867-1957 السنة البدو العشائر( الفلاحون المتوطنون المدن المجموع ا1867 35% 41% 24% 100% 1905 17% 59% 24% 100% 1930 7% 68% 68% 100% 1957 1% 58% 41% 100% لمصدر د. سليم الوردي - ضوء على ولادة المجتمع العراقي المعاصر ص. 53، كان العصر الإقطاعي عصر وجمود في الأفكار والعادات والقيَم، أصبح التغير هو شعار العصر الرأسمالي في مراحله الأولى؛ وكان الفكر الرجعي الإقطاعي السائد في العراق وعملت سلطات الاحتلال على تعزيز هذا النظام خدمة لمصالحها و بنشر الفكر البرجوازي بين المتعلمين ساعدت على إضعاف مواقع الفكر الرجعي الإقطاعي بين الطلبة والشغيلة عن طريق تدريس العلوم الحديثة كالفيزياء والكيمياء والرياضيات ونشر أفكار الثورات البرجوازية في أوروبا ، كانت الافكار البرجوازية يعترف بالسيادة المطلَقة للعقل، والتخلي ِّ عن كل النََّزعات اللاعقلية التي كانت تسود النظام الاقطاعي في اوربا مما كان له آثار واسعة على توجه جزء من الطلبة في المراحل المتعدد نحو الفكر الوطني الثوري الذى يناهض الفكر المثالي ولا سيما الفكر الاقطاعي السائد. .............. (#) - الايديولوجية الالمانية ، ماركس و انجلز ، ترجمة الدكتور فؤاد أيوب ، دار دمشق ، ص . 56 (1) - عدد من علماء السوفيت ، التركيب الطبقي في البلدان النامية، ص . 357 (2) - مس بيل ، فصول من تاريخ العراق السياسي ، ص. 33 (3) -لونكريك، ستيفن هيمسلي - اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ترجمة جعفر الخياط ، مطبعة التفيض الأهلية، بغداد 1941 ، ص. 343 (4) - هاشم جواد مقدمة في كيان العراق الاجتماعي ، منشورات الرابطة الثقافية ، مطبعة المعارف ، بغداد 1946 ، ص. 104 (5) - لينين ، المؤلفات المجلد (7) ، ص 343 عن مجموعة العلماء السوفيت نفس المصدر السابق ص. 357 - 358 . (6) - لوتسكي ( تاريخ الأقطار العربية الحديث) دار التقدم ، موسكو 1971. ص. 27 (7) - الثقافة الجديدة العدد 82 حزيران 1976 عن ارنولدس .م هيلي ، اتجاهات في تربية الكبار، نشر اللجنة الوطنية المغربية . (8) - ل.ن . كوتلوف ((ثورة العشرين التحررية في العراق )) ترجمة الدكتور عبد الواحد كرم مطبعة أوفست الديواني بغداد ، 1985،ص. 25 - 26 (9) - ل.ن . كوتلوف نفس المصدر السابق ص .26 (10) - مجموعة من اساتذة جامعة الموصل ، دراسات في الوطن العربي ، ص . 46 (11) - فيليب ولارد آيلاند، العراق - دراسة في تطوره السياسي، ترجمة جعفر الخياط، بيروت . 1949 ص . 88 (12) - عن عبد الرزاق الهلالي ، تاريخ التعليم في العهد العثماني ، بغداد. 1951 ص . 248 - 252 (13) - مذكرات سليمان فيضي ، في غمرة النضال ، منشورات الرابطة الثقافية ، مطبعة المعارف ، بغداد 1946 ، ص. 104 (5) - لينين ، المؤلفات المجلد (7) ، ص 343 عن مجموعة العلماء السوفيت نفس المصدر السابق ص. 357 - 358 . (6) - لوتسكي ( تاريخ الأقطار العربية الحديث) دار التقدم ، موسكو 1971. ص. 27 (7) - الثقافة الجديدة العدد 82 حزيران 1976 عن ارنولدس .م هيلي ، اتجاهات في تربية الكبار، نشر اللجنة الوطنية المغربية . (8) - ل.ن . كوتلوف ((ثورة العشرين التحررية في العراق )) ترجمة الدكتور عبد الواحد كرم مطبعة أوفست الديواني بغداد ، 1985،ص. 25 - 26 (9) - ل.ن . كوتلوف نفس المصدر السابق ص .26 (10) - مجموعة من اساتذة جامعة الموصل ، دراسات في الوطن العربي ، ص . 46 (11) - فيليب ولارد آيلاند، العراق - دراسة في تطوره السياسي، ترجمة جعفر الخياط، دار الكشاف للنشر والطباعة والتوزيع ، بيروت . 1949 ص . 88 (12) - عن عبد الرزاق الهلالي ، تاريخ التعليم في العهد العثماني ، بغداد. 1951 ص . 248 - 252 (13) - مذكرات سليمان فيضي ، في غمرة النضال ، شركة التجارة والطباعة المحدودة، سنة 1952 ص. 57 (14) - لونكريك - اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث، نفس المصدر السابق ، ص. 322 (15) - عبد الإله أحمد ، نشأة القصة وتطورها في العراق 1908- 1939 ، مطبعة شفيق، 1969 ، ص. 12 (16) - مذكرات سليمان فيضي ، في غمرة النضال ، نفس المصدر السابق ص 57 (17) - لونكريك - اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث، نفس المصدر السابق ، ص. 323 (18) - فيليب ولارد آيلاند، العراق - دراسة في تطوره السياسي نفس المصدر السابق ،ص. 89 (19) - كمال مظهر احمد ، في ثورة العشرين العراقية،مطبعة الحوادث - بغداد، 1978، ص. 43 (20) - فيليب ولارد آيلاند، العراق - دراسة في تطوره السياسي نفس المصدر السابق ، ص. 91 (21) - ل.ن . كوتلوف ((ثورة العشرين التحررية في العراق )) ترجمة الدكتور عبد الواحد كرم مطبعة أوفست الديواني بغداد ، 1985، ص .116 (22) - مس بيل ( فصول من تاريخ العراق الحديث ) ترجمة جعفر الخياط . بيروت 1971 . ص. 312- 314 (23) - كمال مظهر احمد ، في ثورة العشرين العراقية نفس المصدر السابق ص. 43 - 44 (24) - ل.ن . كوتلوف نفس المصدر السابق ص .116 (25) - اندريه شيرينسكي ، يداً بيد ، في طريق العلم ، دار التقدم ، 1978 ص . 17-18 (26) - محمد طاهر العمري، مقدرات العراق السياسية الجزء 3 ، طبع في المكتبة العصرية - بغداد، 1343ه - 1925م ، ص. 102 (27) - من تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق ، الطبعة الأولى ، بغداد ، ص . 39 (28) - عبد الرزاق الهلالي ، معجم العراق ، الجزء الأول، مطبعة النجاح ، بغداد ، 1953 ، ص . 257 (29) - د. مصطفى عبد القادر النجار وآخرون ، العراق في التاريخ والعراق المعاصر ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1983، ص. 760 (30) - فيليب ولارد آيلاند، العراق - دراسة في تطوره السياسي نفس المصدر السابق ، ص. 353 (31) - عبد الرزاق الهلالي ، معجم العراق ، الجزء الأول، نفس المصدر السابق ص . 220 - 222 (32) - د. مصطفى عبد القادر النجار وآخرون ، العراق في التاريخ والعراق المعاصر نفس المصدر السابق ص . 710 (33) - عبد الرزاق الهلالي ، معجم العراق ، الجزء الأول، نفس المصدر السابق ص. 215 (34) - فيليب ولارد آيلاند، العراق - دراسة في تطوره السياسي نفس المصدر السابق ، ص. 353 (35) - عبد الرزاق الهلالي ، معجم العراق ، الجزء الأول، نفس المصدر السابق ص .219 - 228 (36) - عدنان خير الدين وآخرون ، بحث مستقبل خريجات مدارس الفنون ، وزارة التربية ، المديرية العامة للتعليم المهني ، تموز 1973 . عن الثقافة الجديدة العدد 56 كانون الثاني 1974 (37) - عبد الرزاق الهلالي ، معجم العراق ، الجزء الأول، نفس المصدر السابق ص . 228 و 234 - 236 (39) - غانم حمدون ، مقارنة كمية التعليم بين اوزبكستان والعراق ، الثقافة الجديدة العدد 43 كانون الثاني 1972 . (40) - عبد الرزاق الهلالي ، معجم العراق ، الجزء الأول، نفس المصدر السابق ص . 256 (41) - د. مصطفى عبد القادر النجار وآخرون ، العراق في التاريخ والعراق المعاصر نفس المصدر السابق ص . 710 (42) - عبد الرزاق الهلالي ، معجم العراق ، الجزء الأول، نفس المصدر السابق ص . 162 - 166 (43) - هاشم جواد ، مقدمة في كيان العراق الاجتماعي ، منشورات الرابطة الثقافية ، مطبعة المعارف ، بغداد 1946، ص . 104 (44) - نعمة عبد اللطيف ، المناهج والتطور النوعي للتعليم ، الثقافة الجديدة العدد 93 أيار 1977 ، ص 30

أسس و مبادئ المنتدى الفكري - الجزء الثاني

دائرة آلمعارف آلكونيّة : أُسس و مَبادئ آلمُنتدى آلفكريّ الجزء الثانيّ تأليف : عزيز حميد مجيد الخزرجي بسم الله الرحمن الرحيم ألأهداء : هذا الكتاب مُهداةٌ إلى المثقفيّن الكبار و المفكرين الحقيقيّين والفلاسفة إن وجدوا, ألذين صمدوا و تحمّلوا البلايا و الغربة و الجوع .. إنّهم قليلون في هذا الورى كآلزبردج والياقوت الأحمر في عصرنا ألمُزيّف و المُعقّد على كلّ صعيد نتيجة الظلم و نفاق الطفيليّات و تسلط المنافقين و المرتزقة الذين باعوا آخرتهم بدُنيا غيرهم, فأطلقوا عنان شهواتهم و فسادهم يَحسبون أنّ المال الحرام قد أخلدهم بإغتصاب حقوق الفقراء و ألأراضي و آلبيوت و القصور بوسائل و ذرائع شتّى ما أنزل الله بها من سلطان, بل و تَقَوَّلوا على الله بجرأة و بلا حياء حين أفتوا بِحليّة سرقة تلك الأموال و إعتبارها مجهولة المالك ليتبوَّؤا مقعدهم من النّار! أنْ يكون هذا آلمنهج ألرّبانيّ هو الحلّ ألأمثل و آلفاعل لترشيد العقول و توحيد عمليّة ألبناء والتوعية و نشر الفكر الكونيّ عبر المنتديات لإنقاذ العالم المغمور بالظلام والفساد بسبب ما فيه و ما يُعانيه بسبب إنتشار لقمة الحرام و كثرة المظالم التي يحاول المتحاصصون تقنينها كدستور لهم لتكون أنظمة رسميّة لمصالحهم الشخصيّة و الحزبيّة و العشائريّة دون وجود معارضة أو تظاهرة بعد ما تآمروا مع قتلة أولياء الله بقيادة الشيطان, لتحطيم صوت العدالة الأنسانيّة - الكونيّة التي خطّها العليّ الأعلى, و أنّى لهم ذلك لأنّ الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور! إقرأ... الفهرست : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ألمضوع : رقم الصفحة: 1- الأهداء 4 2- المقدمة 11 3- بماذا يهتم المنهج الكونيّ أساساً في المنتديات 15 4- حكمة مشتركة بين (شكسبير) و (الفيلسوف الكوني) 23 5- تأريخ و دور المراكز و المنتديات الفكريّة في العالم 26 6- أوّل منتدى في الأرض 29 7- أضواء على تأريخ العِلم وآلتعليّم في العراق 33 8- نهج التحرّر 39 9- التأريخ يبدأ عندما تنتهي آلسّياسة 52 10- فلسفة الجمعيات؛ المنتديات؛ النوادي؛ المقاهي, في معاجم اللغة 58 11- العرب و الصّالونات الأدبيّة 62 12- ألتّجمعات الأدبيّة و الهدف 65 13- ألعهد العثمانيّ و الحركة القوميّة 68 14- تأثير ألصّالونات الأدبيّة في بلادنا 71 15- جمعية الماسون, أول جمعية 1848م 74 16- جمعيات أوائل القرن العشرين 86 17- نداء للأعزاء من أهل القلوب في الأرض 87 18- ألوصايا ألخمسون لقادة آلجّهاد ألأكبر في آلمنتديات ألفكريّة 91 19- دور ألعلم و آلفكر ألحديث لتغيير ألعَالَم ألمُضطرب ألممسوخ 97 20- الهوامش 101 21- الخاتمة 104 المقدمة : المقدمة : ؟[ما هي المبادئ التي تضمّنها هذا الجزء الثاني[أسس و مبادئ ألمنتدى الفكري ألحكمة الفلسفيّة ذات ألرّمزيّة العاليّة تختزل و قد تُؤكد بأنّ فلسفة نهجنا الكوني تعتمد على ركيزتين هما: ألأوّلى : [حوار ساعة مع فيلسوف(أو جماعة مُثقفة) يُغنيك عن دراسة 10 سنوات في آلجّامعة]. ألثّانية: [ رَحِمَ الله مَنْ تعلَّم و عَلَّم], و لا تتحقّق آلغاية إلّا من خلال إقامة المنتديات الفكريــّـــــــة. و يلزم ذلك؛ كما ثبت بإنّ (المنتديات الفكريّة) هي آلمكان الأمثل و ألأنسب و آلأكفل و الأكفأ حتى من الحوزات و الجامعات و المعاهد لتحقيق ذلك و لتسهيل نشر و بثّ الوعي و المعرفة للخلاص من الأميّة الفكريّة التي عمّت العالم و العراق بشكل خاص و التي سببت كل تلك المصائب التي ما زالت جارية ولا حل لها بسهولة, رغم إنتشار التعليم الأبجدي, لأن الحكومات و الأحزاب المختلفة التي توزّرت ثوب المعرفة و الفلاسفة والطهارة و الدعوة عادةً؛ تدعيّ آلخير و خدمة الشعب والدّين و الوطن و العدالة و كل شيئ؛ بينما الحقيقة تسرق و تخرب ولا تعرف و لا تفعل شيئا من ذلك الخير! و الحمد لله قد سرّني خبر تبني الكثير من آلمراكز و التجمعات و كذا بعض الجامعات .. كالمصرية لفكرة المنتديات داخل جامعاتها ومعاهدها, نتمنى تحقيق ذلك في العراق أيضاً و باقي الدول العربية و العالمية! لتداول الموضوعات و إجراء الحوارات و لو ساعة في اليوم أو الأسبوع أو الشهر, و لا تحتاج لجهود و تكاليف و إمكانات كبيرة أو وسائل متعددة ولا حتى لقابليات فكريّة مميّزة و واسعة؛ إلاّ أنّها بآلتأكيد و بكل بساطة تُحقق المطلوب و الكثير عاجلاً أو آجلا بمرور الوقت و بتلاقح الآراء الأيجابيّة لا الحزبيّة و لا العشائرية و لا السياسية .. التي تفسد الأمور أو كتابة التأريخ لنظام أو لشخص أو حدث؛ فإنّ ذلك يرجع في المقام الأول إلي كتابة الأحداث السياسية, علي أنها تاريخ, بينما المنهج العلمي في التاريخ يقول لنا : إن آلتأريخ يبدأ حين تنتهي السياسية, ولذا لا ينبغي أن نكتب تاريخ شخص أو بلد أثناء وجود الحاكم في سدة الحكم لأنّ الكاتب سوف يخضع للمناخ السياسي القائم و لتأثيرات السلطة و الأحزاب, و لهذا خطورته علي العلم و الحقيقة و على مسيرة البشرية .. المنتديات بإختصار و برهان هي ألخطوة ألأساسيّة الأولى الممكنة جدّاً لبناء ألقاعدة أو آلقواعد ألمعرفيّة و الفلسفية لبناء مجتمع سليم معافى و مسالم و مُحبّ على أساسها ! مجتمع خال من الفساد و آلغيبة و النّميمة و النفاق و آلتظاهر الكاذب بالأدب و الحياء ألمبني على الجهل .. مجتمع يرفض ألألقاب وآلشهادات الورقيّة و ما أكثرها من جامعات تصدر مثل تلك الشهادات التي أثبتت معظمها بأنّها مُجرّد واجهات شكليّة للحصول على الدرجات الوظيفية و آلتظاهر بعيداً عن الحق و آلقيم! إن تحقق برنامج ألمنتدى الفكري سيؤدي أيضاً إلى آلقضاء على آلظلم بعد محو الجّهل (ألأميّة الفكريّة لا ألأميّة الأبجديّة) أللذان أيّ (الجّهل و الظلم) وجهان لعملة واحدة, و أنا معكم بكون الأميّة الفكريّة التي ضربت اطنابها العراق و الأمّة و حتى العالم و حوّلتهم لقطعان من البشر يتحكم الطغاة بمصيرهم و لقمتهم سواءاً كانوا بزي مناضل سياسيّ أو بزيّ دينيّ مُقدّس لأن النتيجة واحدة. ألمؤلم أنك تشهد حتى "المثقفين و الأدباء و الكثير من الكتاب" و لأسباب تتعلق بسياسة (الطغاة) ألذين بيدهم منابع المال و آلوظيفة؛ تشهدهم يُبلّغون و يُعمّقون تلكَ آلأميّة الفكريّة جهلاً أو تجاهلاً خوفاً على مصدر معيشتهم و رواتبهم أو طمعاً في المنصب و الجاه أو تجارة للإثراء؛ لهذا لن تجد في ثقافتهم رغم تراكم الألوان و العبارات و العناوين الرنانة و التزويقات أللفظية و آلأوزان المختلفة و آلتلميعات ألشهوانيّة و الشعرية في إصداراتهم, بل يصعب أن تجد قصيدة معبرة كما قصائد بحر العلوم أو الحلاج أو كوتة الألماني أو ديكنسون الأمريكية, إلّا النوادر من نتاجهم, فمعظمها تبهر العقول البسيطة و آلحواس الظاهريّة ليتعمّق الجّهل أكثر و لدفع الناس بآلنتيجة إلى آلتمسك بآلمظاهر الشكلية و آلسطحية بعيداً عن أساسات العقائد و العرفان و الفلسفة و الحبّ الذي لم أرى شاعراً أو أديبا عربياً عرف معناه بآلكمال و التمام, بإستثناء مدح القادة و الرؤساء و الوزراء و الاحزاب لمطامح شخصية و فئوية ضيّقة, و قد إنسحب هذا النمط النشاز حتى على كتابة التأريخ و (البيوكّرافيا), بإستخدام العلاقات و المصالح و المجاملات في تقرير كتابة التأريخ. فعن المجاملة في كتابة التأريخ لنظام أو لشخص أو حزب و حدث؛ فإنّ ذلك يرجع في المقام الأول إلي كتابة الأحداث السياسية, علي أنها تاريخ, بينما المنهج العلمي في التاريخ يقول لنا : إن آلتأريخ يبدأ حين تنتهي السياسية. و لا ينبغي أن نكتب تاريخ بلد أثناء وجود الحاكم في سدّة الحكم لأنّ الكاتب سوف يخضع للمناخ السياسي القائم و لتأثيرات المال و السلطة, و لهذا خطورته على العلم و على مسيرة البشرية .. بماذا يهتمّ ألمَنْهجُ آلكونيّ أساساً في آلمُنتديات؟ بماذا يهتم ألمنهج آلكونيّ أساساً في آلمنتديات؟ منهجنا عبر المنتديات الفكرية و الثقافية لا تُخرّج مختصين أو مهنيين في فرع من الفروع العلمية كآلطب أو الكهرباء أو الميكانيك أو غيرها, إنما تهتم بإعداد مثقفين و كوادر تحيط علماً و معرفة بآلسياسات و القوانين الكلية و الأنسانية التي تهم مصير البلاد و العباد, و هذا يحتاج إلى معرفة المناهج و الفلسفات و المبادئ الكلية التي تحقق التوازن و العدالة و الأستقامة, طبعا هناك مستويات في هذه المعرفة التي تحتاج لعقول منفتحة و ومؤثرة و ملمة بآلعلوم و المناهج التي ترتبط بذلك, وليس سهلاً على الذين يريدون معرفة ذلك, كطالب الهندسة أو القانون أو الطب الذي يدري منهج واحد بآلترتيب و يؤكد عليه و يتخرج منه بعد سنوات من الدراسة؛ لكن طالب المعرفة و القضايا الكونية يحتاج إلى عقل واع و خيال خصب يمكنه أن يجمع بين مجموعة إختصاصات لا يمكن لأي أحد تعلمها بسهولة و بفترة قصيرة! منهجنا آلكونيّ؛ يُبيّن بوضوح ألفرق بين (العقل المنهجيّ الهادف و العقل المأجور الخامل)؛ أو (العقل الأبجديّ ألمبرمج و العقل المثقف المبدع)؛ أو (العقل الفاعل و العقل المنفعل), أنه المثقف الكبير و آلمفكر ألعظيم و الفيلسوف آلكونيّ, لبيان آلحقائق بالقلب(ألضمير) و بالعقل(الباطن) و بما هو واقع بشكلٍ خاصّ طبقاً للمنهج الكونيّ.. هذا بعد معرفة الفرق بينهما, أيّ بين العقل الباطن و بين آلعقل الظاهر, و يُبيّن أيضاً : صفات ألمُثقف ألكبير؛ ألهادف الذي يفهم جذور القضايا و فلسفة الحياة من خلال الفلسفة الكونيّة العزيزيّة, إلى جانب دراسات الجدوى! يُبيّن معنى و حقيقة الصّادق, و فلسفته, و كيف يتحقّق في وجود آلأنسان ليصل درجة الآدمية في مسعاه؟ يُبيّن معنى و فلسفة الصفة (ألبشرية) و (آلأنسانية) و ( الآدمية) و فرق و معيار كل واحدة عن الأخرى؟ يُبين بعد تلك المعارف؛ كيفية نيل درجة الآدمية, و هل حقا يكون الآدمي بعدها مؤهلاً للخلافة الألهية ! ؟ يُبيّن كيف يمكن أن نتخطى و نُمحي الـ 32 صفة السّيئة التي حذرنا منها الباري بآلقرآن, و تبديلها بـ 32 صفة حسنة كمقدمات للأسفار! يُبيّن كيف السبيل لقطع المسافات بين (المدن السبعة) بعد عبور محطاتها التي تبدأ بـ (الطلب) و تنتهي بـ (الفقر و الفناء), حسب تقريرات الشيخ العطار النيشابوري و غيره من العرفاء الكبار. يُبيّن لك كيف تصبح كـ (الحسين) مظلوماً وحيداً بلا صاحب و معين لتكون شهيدأً و تخلد للأبد بجوار المعشوق الذي لا يعرفه عباد الله إلا بآلظنون! إتّباع منهجنا الكوني يُؤمّن لك قراءة واعية و فهم دقيق لحقيقة و أسرار الوجود, و لا ينالها إلّا ذو حظ عظيم. بإختصار بليغ: ألمنتدىات ؛ مدارس لتعليم آلحكمة لمعرفة الحقّ الذي به تعرف الرِّجال, لئلا يتكرر الفساد .. بل العكس ليتحقق الخير و السعادة, بإسلوب سلس و بسيط و مختصر و بأقل جهد. ذلك لأننا نؤمن بالفكر ألذي يبني الضمير(الوجدان) و هو الأصل في بصيرة الأنسان, و ليس البدن أو الشكل أو المنصب أو الحمايات بل العكس؛ لهذا جعلنا و الفلاسفة (ألفكر ألمُطعّم بالحبّ؛ هو المعيار في التّقيم للفوز بآلخلود, و باقي مكونات البدن(ألجسد) مجرد كتلة من آلدم و اللحم و العظم و العروق والشعر و الغدد, لذا يجب العناية و الحفاظ عليهما(العقل و القلب), مثلما نحافظ على صحة البدن و أكثر, و يتوجب حفظ و ليس قراءة فقط هذا الكتاب المنهجي الذي يُحدّد مستقبل البشريّة التي تتّجه نحو الفناء بسبب المنهج الإستكباري الفاسد الذي يوجّه الناس نحو الضلال بواسطة الحكومات التي لا يهمّهما حتى فناء البشر سوى مصلحة مجموعة أحزاب و قبائل خاصة معروفة بخبثها عبر التأريخ, لذا أرجو ممن يريدون البقاء و الخلود للأبد إقامة ألمنتدى الفكري و تطبيق هذا المنهج و الله الموفق. في الحقيقة مع بداية الألفية الثالثة و إصدار القواعد الأولية للمنتديات الفكرية و أهميتها القصوى؛ بدأنا نلمس التقدم الملحوظ و إن كان خجولاً، والانفتاح الذي صار نحو الاتساع و الوعي أكثر، فيما يتعلق بنشر الثقافة و أهمية الفكر و بوادر لبيان الفرق بين الدراسة الجامعية و بين قواعد و أصول الوعي، ودورها لتقويم المجتمعات، ومشاركة الأفكار وتنوعها، ومخاطبة المجتمع بأطروحات تواكب النهضة الفكرية والثقافية الحالية. وهذا فيما يختص بتولية المراكز والمختصين والاستشاريين في المنتديات الثقافية، والدورات التدريبية، وما يتخللها من طرح لمواد ثرية تُساهم في بناء الفكر المجتمعي المتقدّم، هذا الاتحاد التنموي هو ما تُقام له الجهود، وتُذلل له الصِعاب، لأننا بحاجة دائمة ومستمرة للنهضة الفكرية ومواكبة التطور الفكري والعالمي، الذي لابد آتٍ، والتماشي معه هو السبيل إلى الابتكار والتجديد والاتساع، وأخيرًا إلى الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أكثر تطورًا ونضجًا ومعرفة. ولمثل هذه المنتديات الثقافية دور في تعزيز العلاقة بين الفكر المثقف و الواعي والفئات الأخرى باختلافها، هذه العلاقة التي تضع على عاتق المنتديات دور كبير ومهم في توجيه الوعي الاجتماعي واستنهاض القدرات الإنسانية نحو الانفتاح الفعّال والعمل المثمر. وما يتم العمل عليه داخل هذه المنتديات من انتقاء الأكاديمي أو المثقف أو صاحب وعي وخبرة ليست بالخطوة الهينة إذ عليه ينطوي ما يتم تقديمه من مواد وفائدة يكرّس لها الجهود، وهذا هو الهدف الذي تتبلور عليه قيمة المنتديات والمؤتمرات الثقافية والفكرية التنموية. فتهيئة المناخ المُناسب و المكان الهادئ لهذه المؤتمرات من شأنه التركيز على الأهم وهو نشر الوعي وفتح مجال للحوارات العلمية والفكرية التي تضم الخبرات والعقول باختلاف الأعمار والأجناس والمناطق. فهي بيئة تحفّز على التسامح والتعاطي الثري والمرونة وتقبّل الآراء باختلافها، وهذا ما يدعو إلى بقاء هذه المنتديات بتحقيق أهدافها. وما يحدث بعض حين من عرقلة لقيام المنتديات لا تتصل بالمعنى بل تأتي على ظاهرة تضع حدًا للتقدّم المنشود، هذا العائق الذي قد لا يرى القيمة الكبرى بالتركيز على القشور، والتي صدقًا قد لا يُكترث لها في السياق العام للمعنى الثقافي والقيمة الفكرية الكبرى. فالنهوض الفكري المجتمعي في استمرار مثل هذه المنتديات يعطي حيوية وقوة، لأنه يبث الطاقة والاستمرارية نحو التقدّم والدافعية للبذل والتجدد والمقدرة على حل المشكلات وتوسيع الآفاق ومد جسور التواصل المعرفي والثقافي, لأجل التزاوج الحضاري البناء لجميع القارات و المجتمعات و الشعوب, بعيدا عن إساليب العنف و الحرب وحتى استخدام المال و التجارة لأجل ذلك, فآلخير الذي يعم سيشمل الجميع !! هذه المقدمة عرضت إجمالاً العناوين الأساسية و الموضوعات التي وردت في الجزء الأول من هذا البحث, مع عرض الآفاق الكونية لدور التجمعات و المنتديات و المقاهي الفكرية بشكل عام .. ففي الجزء الأول كما يعلم مَنْ إطلع عليه ؛ عرضنا الأهداف و الغاية من: هذا آلمنهج الكوني بإختصار شديد و واضح, هو لتسهيل ألقضاء على الأميّة الفكريّة المنتشرة في العالم: (قانون) واحد هامّ يأمرك (آلعقل و آلغيب) إتّباعه بإتّفاق ألعقول الفاعلة لا المنفعلة, هو: [بآلعقل الفاعل نقضي على آلجّهل و آلأميّة الفكريّة و يحتاج لإقامة ألمُنتديات ألفكريـّة]. لأننا نؤمن بأن الأميّة الأبجدية يمكن حلها بتعليم الكتابة و القراءة وحتى الحصول على الشهادة الجامعية؛ لكن القضاء على الأميّة الفكريّة و الكونيّة, هو الأهم الذي يجب رعايته و تنميته لتكون فاعلاً في الوجود. حيث يقول ألباري: [يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ‏][‏المجادلة‏/1‏], و [قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُـونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ][ألزُمر/9]. و الحكمة الكونيّة ألّتي تؤطّر ما ورد أعلاه .. تقول بوضوح وبلاغة : [حوار ساعة مع فيلسوف يُغنيك عن دراسة 10 سنوات في آلجّامعة] و كذلك: [رحم الله من تعلَّمَ و عَلَّم]. و حديث أجمل و أكفأ و أشمل حسب ما ورد عن أئمة اهل البيت عن الرسول(ص) : [إذا أردت الدّنيا فعليكم بآلعلم و إذا أردت الآخرة فعليكم بآلعلم و إذا أردتم الدّنيا و الآخرة فعليكم بآلعلم]. لكن العلم المقصود ؛ ليس ذاك الذي تحصل عيه من خلال دورة جامعية أو فوقها للحصول على شهادة إختصاص في موضوع معين؛ بل المقصود بآلأضافة لذلك, هو ربط إختصاصك بباقي العلوم و تحديد دورك في عملية البناء الحضار, و هذا هو على العلل في عدم توفيقنا و نجاحنا في مسار التقدم و المعرفة! لذا فإن إقامة المنتديات الفكرية يساعد و يسهل الحوارات و ربط الأختصاصات بعضها مع بعض, و بآلتالي عمليّة نقل المعارف و تبادل ألمعلومات؛ دون الحاجة لعناء و جهود و تكاليف كبيرة و كثيرة و إمكانات فكريّة واسعة, فإنها ببساطة ألخطوة ألأساسيّة الأولى الممكنة لتكون مفكراً و فيلسوفاً لبناء قاعدة بل قواعد معرفيّة من عامة الشعب لبناء الطبقة المثقفة و بآلتالي آلمجتمع السليم المعافى ألمُسالم و آلخالي من الفساد المادي و الأخلاقي عن طريق التسلح بآلفلسفة و الفكر للقضاء على التالي: أوّلاً: - على الأميّة الفكريّة التي ضربت باطنابها العراق و الأمّة و حتى العالم و حوّلتهم لقطعان من البشر يتحكم بهم الطغاة .. حتى تعقد الأمر و بات "المثقفون و الأدباء" و خريجي الجامعات خصوصاً؛ هم مَنْ ينقلون يشيعون آلأميّة الفكريّة خوفاً أو غباءاً أو طمعاً أو تجارة بعد إضافة تزويقات لفظية و عبارات شكليّة و أوزان جاهليّة و تلميعات شهوانيّة جاذبة للحواس لتعميق الجهل وآلفساد و دفع الناس إلى المزيد من الضياع و التيه, المشكلة أن الناس بل خريجي الجامعات يعتبرون أنفسهم مثقفين و الحال أنهم ليسوا كذلك, إنما إمتهنوا بعد تخرجهم عملاً معيناً لا أكثر. - ثانياً: - بناء الثلة المؤمنة المثقفة حقّاً بآلثقافة الأصيلة الشاملة المستندة للقواعد الفلسفية و الفقهية لأمرين: - لنشر المبادئ الكونيّة و الأسس العلميّة و المبادئ الأخلاقية التي فقدتها المجتمعات بشكل رهيب, بحيث بات المدعي و المثقف و العالم فيه يتعامل معك على أساس الظن و الشك و الريبة و إنتهاز الفرصة خوفاً من تسخيره لمآرب شخصية أو حزبية لعلوّ شأن المدّعي بعيداً عن الهدف المركزي المجهول أساساً, و قد وصل الناس لهذا المستى كنتيجة لسياسات الحكام و الأحزاب التي تسلطت فأفسدت البلاد و العباد! - لتكون بمثابة الواسطة الأمينة بين المفكريين و الفلاسفة و بين عموم الناس لإيصال المعارف والأنتاج الفكري لعامة الناس, و بآلتالي لتحكيم الوعي, و عدم فسح المجال أمام الحكام و الأحزاب لسحق حقوق و كرامة الناس و كما يفعلون و تفعل كل حكومة, و الفوارق المعاشية و الطبقية خير دليل و بيان على ذلك. لذلك يجب و بقوة إقامة (المنتديات الفكريّة) كلما أمكن حسب الخطوات التي أوردناها في الجزء الأول عبر الرابط الموجود نهاية الكتاب. و هذا آلجزء الثاني عبر بحث القضايا المختلفة التي تخصّ جوانب هامة من وجودنا و حياتنا المعنوية و الماديّة و الفكريّة و الروحية, لأن الحضور الفيزيكي مع آلميتافيزكي, أيّ (البايلوجي و السايكلوجي)؛ من شأنه تحقيق الأهداف بشكل كامل و فاعل و سريع نتيجة تبادل الأحساسات وآلأشارات والموجات الأيجابية مباشرة عن طريق النظر و الصوت و الصورة و الموجة فيما بين المُخاطب و آلمُخاطَب و كل الحضور في جو مفعم بآلمحبة و الأيجابية و تلقي البيانات اللطيفة و الحكمية بشكل أفضل يصل مفعولها لـ 90 % و أكثر و بآلتالي لتكون جزءاً فاعلاً من حركة الوجود الأيجابية , بينما عبر المقالات والمنشورات المكتوبة والأجهزة الكومبيوترية لا تحقق في وجود القارئ سوى 5-10% من التأثير في أفضل الحالات لأنك في الحالة الأولى تتفاعل مباشرة مع الروح عبر الحواس, بينما في الحالة الثانية تتعامل مع المعلومات عبر الحديد و الأجهزة الخاليّة من الروح و الأحساس و التفاعل المباشر .. من هنا فإن الواعيين من أهل القلوب الفاعلين .. لا أهل العقول المنفعليين داخل أطر محدودة و ضيقة؛ هم وحدهم يدركون أهمية و دور وجود و تأسيس و تفعيل المنتديات وسط الحضور الحيّ للجماعة الفاعلة من ذوي العقول و القلوب بداخل المنتديات و المراكز و المقاهي الثقافية .. للتخلص أوّلاً من الأميّة الفكريّة و حالة التسطح الفكري و الملل الروحي و النفسي و الكآبة ألتي سبّبتها الدواووين و الروايات و القصص و الوحدة التي صدرت و كثرت في المجتمعات الغير المتجانسة, و التي تعمّقت مظاهرها و بانت نتائجها حتى في جامعاتنا و حوزاتنا و عقول "مثقّفينا" للأسف حتى أصيبت بحالة التحجر الفكريّ و العقائدي و الأخلاقي, فإنفصلت عن الواقع و الوجود, و لم تعد جزءاً إيجابياً فاعلاً مع حركة الكون, بل مجرد فضلات كونية خارج المدى لا أكثر. نحن اليوم بأمسّ الحاجة و لو ساعة في الأسبوع إنْ لم يكن كل يوم تجمعنا مع الأهل و الأخوة والأصدقاء كإخوة متّحدين و كعائلة مُتحابيّن في الله الذي هو مظهر التوحد و الجّمال و العشق و آلحب الذي نجهله, و الذي حسبه الناس – معظم الناس إن لم نقل كلهم – مجرد وَهْمٌ غائب لا حضور و لا تأثير له تعالى في نفوسنا و ساطنا, ناهيك عن أثره في قلوبنا المتحجرة التي باتت بلا ضمير و بصيرة! إن الحضور الحيّ يفيد لتلاقح الأفكار و تبادل الموجات الإيجابيّة لإغناء الروح و بناء الرؤية الكاملة و إنضاجها عبر المستويين؛ المادي و المعنوي .. ثم نشرها بين الأهل و الأقرباء و الأصدقاء و الجيران على الأقل, هذا إنْ لم يكن ممكناً مع جميع أهل المدينة أو الوطن الواحد عبر المنابر الأعلامية الفضائية بهذا الوقت, لسيطرة اللوبيات و الحزبيات على مقاليدها, بقوة المال الحرام و دعم عام من قبل المنظمة الأقتصادية العالمية و الحكومات المحلية السائرة في فلكها, و سترون كم يُؤثر هذا العمل ألأوجب من الواجب على روح و سعادة وأُلفة الناس و رقيّهم على كل صعيد, لذا و بكل تواضع أقدّم لكم يا عشاق الجّمال مبادئ المنتدى الفكريّ؛ آلثقافيّ؛ الوسطيّ؛ الكونيّ, سمّها كما تحب .. لتسهيل إقامتها و العمل بمبادئها, و هي حصيلة تجربة حيّة خضناها على مدى عقود و عقود, و عبر تجربة نضالية ضد الطغاة. ألناس و بعد النفاق و الكذب و الفساد الأخلاقيّ و الفكريّ و الروحيّ و السياسيّ و الأدبيّ و الأقتصاديّ و الفوارق الطبقية التي عمّت و عمّقت التباعد بين الناس في بلادنا و العالم خصوصا العراق لسوء الوضع التعليمي و الطبي و التكنولوجي و العقائدي و الأقتصادي و كثرة جهل المتسلطين الذين همّهم الأول و الأخير هو؛ جمع و سرقة الفقراء والأستحواذ على الأراضي والقصور وآلتسلط, مقابل بيع كرامة الوطن وحقوق المواطن! لهذا لم يعد الناس تهتمّ بالعقائد و الصّدق و الوجدان و آلمصير حين رأوا المدعين يهملون ذلك .. و باتوا لا يقرؤون و لا يهتمون بآلفكر و المعرفة و العلم و الأخلاق لضيق آفاقهم الفكريّة و عدم درايتهم بأن هذا الوجود الغير معروف حدوده يتصل بعضه ببعض و يتأثّر كله حتى بتفكير أو نظرة ناهيك عن فعل, ونا يعقبها, فبات همّهم الوحيد الحصول على راتب "نفطي" كمرتزق أميّ عاطل عن العمل ولا شيئ غيره .. و هذا أخطر مصير يواجهه شعب أو أمّة .. و سيمتد ليواجه آلجميع تبعاته عاجلاً أو آجلاً و في المقدمة شعبنا العراقيّ ألمغبون الذي بات يعيش كل الأزمات حدّ الجنون نتيجة السياسات الجاهلية و الفوارق الطبقيّة و الأجتماعيّة, لهذا بدأ العدّ التنازلي واضحاً لحدوث الأنهيار بسبب آلإنحطاط الروحي و الفكري و الثقافي و الأدبي و الأخلاقيّ, ويتفاقم الأمر أكثر بعد تضيق الخناق على الفلاسفة و المفكريين لفصلهم عن المجتمع الذي بغيابهم يبقى يتيماً تتلاعب به و بحقوقه الطبقة السياسية التي هدفها إبقائهم في الجهل كي يسهل سرقتهم و يتفرّق شملهم و يصبح الفاسد يحسب نفسه بمستوى المُثقف بل يحسبه تابعا له, و أنصاف المثقفين يعتبرون أنفسهم بمستوى الفلاسفة و السياسي بمستوى العقائدي لينتصر الشيطان. و تلك النتيجة عادية وسط تحكم الأحزاب و الحكومات و الكتل السياسية التي لا تففهم الفرق بين (العلم و الفلسفة)؛ بين التأريخ و السياسة؛ بين القاري و المثقف ؛ بين المثقف و الكاتب؛ بين الكاتب و المفكر؛ بين المفكر و الفيلسوف؛ بين الفيلسوف و الفيلسوف الكوني؛ بين الفيلسوف الكوني و بين العارف الحكيم .. أنها مراحل و أسفار من الصعب الأحاطة بها .. بل من المستحيل حتى معرفتها بصورة سطحية, و هي : قارئ – مثقف – كاتب – مفكر – فيلسوف – فيلسوف كوني – عارف حكيم. و قبل تلك الأسفار تحتاج أيها الطالب المجد العاشق و المجاهد في سبيل الله, إلى : الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الإستغناء – الحيرة – الفقر و الفناء . و بذلك تكون مؤهلاً لإبداء ألنّظر في كلّ قضايا الوجود .. بعكس السياسيين ألذين لا يعرفون و لم يَعبروا محطة واحدة من تلك المحطات ؛ لكنكَ تراهم كآلدّجاح و الثّعالب يلهثون حول الموائد الساخنة أمام عدسات الأعلام و الفضائيات, لتدلي برأيها بلا علم و أيمان و أساس, لتأتي في اليوم التالي أو بعد ساعتين لتُغيّير نظرها 180 درجة, كنتيجة لذلك الجّهل و عدم التعمق في قضايا الأنسان و المجتمع و الوجود .. لهذا حالنا سيسوء أكثر فأكثر مع هؤلاء نتيجة الحكومات و الأحزاب و الساسة الذين إمتلأت بطونهم بلقمة الحرام. حكمة مشتركة بين : [(شكسبير) و (الفيلسوف الكونيّ)]: حكمة مشتركة بين (شكسبير) و (الفيلسوف الكوني) : [حشد العُقلاء أمرُ معقد و شبه مستحيل إلا مع أهل القلوب, لأنّهم أهل الله, أمّا حشد ألقطيع فأمرٌ سهل لا يحتاج إلّا لراعي و كلب]. لقد قُمنا في آلجزء ألأوّل و كما شهدتم بفضل الله؛ على تجميع و صياغة مُقرّرات آلمُنتدى الفكريّ و أبعاده و أوقاته كي يكون منهجاً لتكوين و بناء الثّلة المؤمنة المثقفة لهداية الناس و تعليمهم الأدب و آلحُب و التواضع بشكلٍ عامّ كمبادئ أولية لتغيير المجتمع و العالم رأساً على عَقب و التمهيد للمراحل التالية و التي تحتاج لتلك القواعد, لزرع البذرة و القاعدة في الناس عبر تأسيس (المنتدى) قبل كل شيئ. و في (الجزء الثانيّ) هذا الذي بين يديك؛ سنعرض بإذن الله موضوعات أخرى مختلفة ذات شأن عظيم, لكنها مُتّحدة الأصل و لها تأريخ و أصول و أركان و أبعاد, إضافة إلى تأثير المنتديات و الجلسات الفكريّة و الثقافيّة على مستقبل البشر, مع خمسين أصلاً من مبادئ التعامل مع النفس و مع الآخر و الحكم على القضايا .. لتكون حافزاً و نهجاً لإحياء و تقريب قلوب آلعشاق الطالبين الساعين لمعرفة حقائق و أسرار الوجود بشكل أفضل و كيفية تحقيق دورنا في رحلة الحياة هذه التي تزداد تعقيداً و غلظة و تعاسة يوماً بعد آخر و التي نحياها مرّة واحدة لإتمام مسؤوليتنا بشكل أفضل لتحقيق غاية وجودنا بإذن الله. فتابعوا معنا هذا الأمر الأهم في حياتكم و وجودكم لأنها تُحدّد مصيركم و آخرتكم, و عليكم أن تعلموا أنكم مهما حصلتم على شهادة مهنية و تخصصية حتى لو تنوعت المهن و الأختصاصات الفنية و الهندسية و الطبية لديكم؛ فأنها لا يمكن أن تحقق الغاية المثلى في مسيركم و عاقبتكم دون ما أشرنا له آنفاً .. فإنتبهو! نبدأها بدور و تأريخ المنتديات الفكرية في العالم إن شاء الله: تأريخ و دور ألمراكز و آلمُنتديات ألفكريّة في آلعَالم: تأريخ و دور ألمراكز و آلمُنتديات ألفكريّة في آلعَالم: قد خلقَ الله الإنسان َ ، و بثَّ فيه الرّوح ، و زرع في فؤادهِ نزعة التسامي والكمال ، وفي نفسه رغبةً لتحقيقِ الذات بآلوصال مع المعشوق عبر المعرفة و الرياضات المختلفة ، و في وجدانه حاجةَ اللقاء و الألفة مع خالق الوجود,و التسامي بآلمحبة و الإبداع, فـ (الأشجار تنمو و تُثمر كما قلنا في حكمة كونية سابقة بآلأتكاء على الأرض, و الأنسان ينمو و يُثمر بآلمحبة). حيث منحهُ الله العقل ليربط بين هذه المزروعات و يجمعها بتناسق و تناسب ليكون مفيداً و نافعاً في شؤون حياته ومتطلبات معاشه ، و كذا عاش على التوازن بينها سوياً و حيوياً و خلاّقاً. والإنسان السّوي مُذْ وُجدَ في هذا الكون يسعى لإثبات وجوده مبدعاً وحيّاً جديراً بالحياة وهو يوجه الطبيعة بنواميسها و صعوباتها؛ بآلخوض فيها ، والانتصار عليها و تسخيرها لبناء الحضارة التي هي معيار ترقيها, ليستفيد جميع أبناء جنسه منها. و ذلك الأنسان الذي عَلِمَ أنه خليفة الله على الأرض ، سعى للحصول على الأشياء ، وتطويعها لصالحه ـ فأيقن بضرورة تعاونه مع نظرائه و الاتحاد معهم، و أدرك أنه بحاجةٍ ماسّةٍ إليه ، و هكذا نما فيه حُبّ الإجتماع ، واعترف بنقصه فراحَ يُكمّله, و من الإعتراف .. وُلدت المعرفة .. و توسعت حتى بات قادراً لعبور المحطات الكونية للوصول لله تعالى . فالحقائق ليست ملكاً لفردٍ واحدٍ ، و التجمّع يُولّد التفكير عبر الحوار و النقاش ، و يُنتج المعارف التي يُجمع عليها المجتمعون مُغمّسةً بالتجربةِ الجماعيّة ، و الممارسات الفرديّة ، بعد الغوص في معانيها ، والخلوص منها إلى فوائد ، و استنتاج العبر والحكم فيها، فتتشكّل المعرفةُ الإنسانية, و بآلتالي الحضارة الأنسانية التي يشارك في بنائها كلّ البشرية و ليس شعب دون آخر أو أمة دون أخرى كما قد يدعي البعض جهلاً و تكبراً. أوّل منتدى في آلأرض: أوّل منتدى في الأرض: بإعتقادي ؛ إن أوّل منتدى للفكر و الثقافة و الفلسفة تأسّس رسمياً في (بستان) أفلاطون بأثينا, و سميّ بأكاديميا أفلاطون كمكان لتعليم تلامذته, حيث كان يحضر لديه الكثير من الطلاب و المريدين لتدارس الأفكار و القيم التي كانت تطرح أنذاك, فتخرج على يديه الكثير من الفلاسفة و المفكرين, و كذلك مجموعة هامة من الكتب و النظريات التي لا يفهمها ولا يدركها بدقة أكثرية الناس لحد الآن حسب ما ورد في التأريخ. وإذا كانت المعرفة نتاج التجارب الحياتية للأمم و الشعوب أجمع ، و خلاصات الجهد و المعاشِ الإنساني، فإن الثقافة, هي بالتالي جُماعُ هذه التجارب و القصص و تلك الخُلاصات التي تتأثر و تشعّ كلما كانت الأوضاع الأنسانيّة هادئة و محفوفة بآلحب و الأحترام و التعايش. وما دامت المعرفة قد وصلت الإنسان ، وعاشت في حياته تأثّراً و تأثيراً ، فلا بدّ له من نقل معرفته وتجربتهِ إلى الآخرين لتبادل الحضارات ، سواءٌ أ كان القصدُ من هذا النقل إفادة الآخرين و مساعدتهم على فهم الحياة ، أم بحثاً عن خلوده وخلود تجاربه و معارفه نهاية المطاف، و بخاصّةٍ حينما مُنيَ بالموت ، فكان سبيله إلى ذلك كامناً في التوجّه إلى الآخر. و لعل أوّل تجمّع معرفي \ ثقافي للإّنسان القديم سبق (أكاديمية أفلاطون) و كما تشير الروايات حسب إعتقاد البعض؛ كان في الكهف القديم ، حيثُ يتحلّقُ سكّان الكهف مُتحدثين، فتمتزج المعارف و تتلاقح التجارب معروضةً أمام الجميع ، فيبدي الكبار آراءهم ، و يفيد الصغار في تنمية معارفهم وتقويم تجاربهم. ولا جَرَمَ في أن يكون الكهف أول تجمّعٍ ثقافي ، ولا نظنّ أحداً يُخالفنا في هذا القول عموماً ، و إنْ وُجِدَ فإنّا نَزيدُهُ ونقول : بل إن الكهف هو أول صالةِ عرضٍ فنّية للمنحوتات والرسومات ، وما دام صالة عرضٍ فني ، فهو صالونُ إجتماعٍ ثقافيٍ وعرفي و مدني. و مع تقدّم الأيام ، وتطوّر الحياة ، وبناء الحضارة ، كان لا بدَّ للإجتماعات الإنسانية الثقافية أن تتطوّر ، وهذا ما نلاحظه في إجتماعات العرّافين والكهّان والمعلمين والفلاسفة على مر العصور، و شيئاً فشيئاً بدأت تتّضح وتأخذ ملامحها الميّزة ، عبر ما يُسمّى : تجمع ثقافي؛ أو نادي فكري؛ مقهى ثقافي؛ مركز ثقافي؛ أو منتدى أو صالون أدبي و غيرها.. و بما أن العراق (بلاد الرافدين) هي أولى البلاد التي بدأت منها الحضارة على الأرض, بفضل نزول الأنبياء و الرسل, سيما آدم و نوح و إبراهيم وغيرهم.. و هم أوّل الأنبياء الذين هبطوا على تلك الأرض إلى جانب معظم الأئمة الطاهرين عليهم السلام؛ لذلك سنسلط بعض الأضواء على هذه البقعة المباركة التي ما زال العالم يتنازع عليها بشراسة و وحشية .. لتبقى الدماء تسيل على أرضه و يتكاثر القتلى عليها, فآلحروب ما زالت قائمة عليها, و يبدو أنها ستستمر حتى يظهر صاحب الزمان(عج) الموعود الذي سينهي تلك الأزمات و المصائب التي لا تنتهي بسبب طبيعة البشر الظالمة – الجاهلة الذي يميل للشهوات أكثر من الأخلاق و القيم و الأيمان بآلله, لذلك سنذكر شيئا من ذلك آلتأريخ, للتمهيد إلى الأسس و المبادئ التي نريد بيانها في هذا الجزء الثاني إن شاء الله ليتكامل مع الجزء الأول الذي صدر قبل عقدين, آملين أن نوفق أيضاً لأصدار الجزء الثالث و الأخير الذي سنعرض فيه أساليب و تواريخ محاربة الفكر و حرق الكتب و حصار و إعدام المفكرين و الفلاسفة للأسف إن شاء الله ليعلم القارئ بأن وصول أفكارنا و فلسفتنا لهم لم تكن بتلك السهولة التي يتصورها, بل هي حصيلة جهود جبارة و مثابرة و صبر و تضحيات عظيمة مازلنا نتعرض لها بسبب الطامعين في هذه الدنيا من الأحزاب و القوى و المرتزقة الذين قست قلوبهم على كل ما هو خير و فكر و أدب. أضواء على تاريخ العلم و التعليم في العراق: أضواء على تاريخ العِلم و التعليم في العراق: تعتبر (الحوزة العلمية) في النجف و آلتي بناها الطوسي في ظروف صعبة و معقدة بعد هروبه من بغداد نتيجة بطش المغول و التتار و السلطات العباسية؛ أوّل مدرسة و جامعة لتعليم مختلف العلوم و الأصول و المنطق و الشرع و العقائد المختلفة إلى جانب المدارس التي كانت قائمة في بغداد أنذاك .. حيث لم يكن التعليم في العراق متطوراً كما في باقي البلدان و منها العربية .. بل كان متخلفاً حينها سوى وجود بعض التكايا و المدارس العائدة للمذاهب و الفلسفات التي كانت رائجة أنذاك كمدارس الصوفية و المذاهب الأسلامية و مدرسة المستنصرية و التي تأسست فيما بعد, حيث كان جل التعليم مقتصراً على نشاطات فردية يقوم بها شيخ هنا أو هناك لتعليم مجموعات (مريدين) خاصين, أو أبناء السلطان أو الخليفة أو البلاط لا أكثر.. حتى في بلاط الملوك كان محدوداً, حيث لم يسمح للجميع أن يرسلوا أبنائهم للتعلم الذي كان منحصراً في بلاط الملوك أنذاك, سوى أبناء الوزراء و القادة العسكريون, و لم تتوسع بناء المراكز و المدارس إلا في العقدين الأخيرين و سنأتي على ذكر التفاصيل إن شاء الله. يؤكد ذلك الأنحسار الفكري و التعليمي الممتد من صدر الأسلام؛ السيد الأستاذ حيدر زكي عبد الكريم بقوله: على الرغم من التاريخ الحضاري العريق للعراق فأنّ التعليم فيه بدأ قبل اقل من قرن و نصف مع بعض الاختلاف في الروايات, بغض النظر عن المناهج التي جلّها نقلت طبقاً لبرامج وزارة التعارف البريطانية. غير ان عودة الى الماضي تُظهر؛ إنّ العراقيين اخترعوا الكتابة في عصر فجر السلالات السومريّة و تحديداً حوالي عام (5000 ق.م). وفي كلّ من منطقة سبار و كيش عثر على مدرستين ترجعان الى عهد حمورابي و في الفترة (526-539 ق.م) اطلق على المؤسسات التعليمية اسم المدارس، غير إن خبرة الماضي البعيد انقطعت عن خبرة الماضي القريب ، و بدا التعليم في صورته العثمانية و كأنه ابتكار لا جذور له في الذاكرة الحضارية(1). لم يكن اواخر العهد العثماني في العراق اكثر من 160 مدرسة تضم (6650) طالبا وطالبة ، كثير منها اهلية تخص الطوائف الدينية وفيها 78 مدرسة سبع منها للبنات، موزعة في الولايات الثلاث كما يأتي : ولاية بغداد : 3031 طالبا و 540 طالبة ويعمل فيها 161 معلما و22 معلمة. ولاية البصرة : وفيها 31 مدرسة اثنتان منها فقط للبنات يدرس فيها 64 طالبا و31 طالبة ويقوم بالتدريس فيها (60) معلما واربع معلمات. ولاية الموصل : وفيها 51 مدرسة اربع منها للبنات وتضم 1948 طالبا و185 طالبة ويعمل فيها 78. معلما وست معلمات. هذا اضافة الى بعض المدارس الثانوية ومعهد لإعداد المعلمين . وكان الاتراك يهدفون الى تثبيت سيادتهم على العراق لأغراض قومية .. باستغلال وحدة الدِّين ، ولذا فأن العناصر البارزة في مناهجهم الدراسية, هي العقائد الاسلامية واللغة التركية والثقافة التركية والعلوم الحربية مع التدريب العسكري. وكان نظام التعليم يجري بحسب الطريقة الفرنسية التي تتميز بالمركزية والتماثل الشامل والنظام الصارم, بما فيه (الفلقة) للطالب الكسول أو الذي لم يحضر واجبه! وعند احتلال الانكليز للعراق انشأوا نظارة المعارف العمومية وعهدوا بإدارتها الى احد ضباطهم (الميجر بومن) و صنفوا المدارس الى نوعين من التعليم : الاولى و الابتدائي تختلف مناهج كل منهما عن الاخر . كما انشأوا عام 1918 مجلسا للمعارف صادق على منهج التعليم الابتدائي ودليل حفظ النظام, و لم تتوافر لدينا الاحصاءات عن عدد المدارس والطلاب في الفترة ما بين 1917-1920 اذ كانت المعارف في دوَر التكوين و تدار من قبل الانكليز مباشرة مع مناهج وزارة المعارف حسب مقاساتهم, و قد استعين ببعض المثقفين العراقيين والضباط المسرحيين والملالي لتمشيه امور التعليم(2). وللتفصيل بهذا الشأن جابهت دائرة التعليم مشكلة توفير المدارس في العراق ، في الوقت الذي انعدمت فيه الاموال ، والبنايات ، والكتب ، والتجهيزات الاخرى والمعلمين اللازمين لذلك ولو بنسبة واحد في العشرة من الكميات الكافية . وبخطوات مخيبة للآمال على الدوام ، لكنها اكثر سرعة من الناحيتين المالية والوظيفية ، ثم فتح المدارس الابتدائية التي كانت تهدف الى تحقيق مستويات طيبة ، حيث بلغ مجموع هذه المدارس (75) خمساً وسبعين مدرسة في نهاية سنة 1919م. كانت (65) من تلك المدارس تدرّس باللغة العربية ، و (11) باللغة التركية ، و(7) باللغة الكردية، و واحدة باللغة الفارسية. ولم تستطع مدرسة اعداد المعلمين التي اسست حديثا ان توفر سوى جزء ضئيل من المتطلبات الملّحة لهذه المدارس، في حين كان نطاق المدارس الثانوية الذي حدّد في ثلاث مدن رئيسة، منحطاً لدرجة يؤسف لها . كذلك تغلغلت السياسة التي عمّت البلد كله الى تلك المدارس في تلك الايام، اقل ظهوراً. تحققت الوسائل اللازمة لإعادة فتح كلية الحقوق ، والمدرسة الصناعية التجارية. في حين واصلت الكتاتيب الخاصة التي يديرها الملالي ، والبالية في طرائقها ومداها وتجهيزاتها ، عملها في تعليم القراءة والكتابة للألوف من تلامذتها . غير ان الميل الى مضاعفة عدد المدارس الحكومية ذات النمط الغربي ، كان يلاقي المقاومة ، ولقد توقف تعليم اللغة الانكليزية رغم كثرة الالحاح عليه؛ اما عن الرغبة في فتح مدارس للبنات والتي كانت اراء المسلمين منقسمة حولها في اول الامر ، فقد تم افتتاح (5) خمس مدارس ابتدائية في الاسابيع الاولى من العام 1920 . كذلك حظيت مدارس الاقليات " نتحفظ على مفهوم اقلية " المسيحية واليهودية ، و تلك التي تديرها بعثات التبشير المسيحية ، بالدعم وبالأموال وكان البعض من هذه المدارس على مستوى عالٍ(3). وخلال تأسيس الدولة العراقية الحديثة 1921م، شُرّعَ قانون مجلس المعارف والمعارف العامة في العراق حيث عرض السيد هبة الدين الشهرستاني وزير المعارف مشروع تنظيم المعارف في العراق على مجلس الوزراء ، و قد حصلت موافقة المجلس على ما طرحه السيد الوزير ، وفي ضوء ذلك صدر قانون مجالس المعارف العراقية وقد تضمن ثمانية بنود(4). وخلال العهد الملكي في ظل الوصاية البريطانية من العام 1920 الى العام 1932 ، تشكلت في هذا العهد وزارة المعارف ، يرأسها وزير ويعاونه مدير عام ومفتشون ولكن زمام الامور الفعلي كان بيد المستشار البريطاني. وكان عدد المدارس الابتدائية في اول هذه الفترة عاميّ 1920-1921م (88) مدرسة تضم (8001) تلميذ وتلميذة و يعمل فيها (486) معلماً ومعلمة. اما المدارس الثانوية فكانت ثلاث مدارس تضم (110) طلاب يقوم بالتدريس فيها (43) مدرسا كما كانت هناك مدرسة واحدة لتخريج المعلمين . هذا الى ان تمّ اصدار قانون المعارف العامة رقم (28) في 15/4/1929م ، و قد تضمن ثمانية فصول موزعة على ثمان وثلاثين مادة. ولقد كان إقبال الناس على تعليم اولادهم ضئيلا في اول الامر ولكن بمرور الزمن تفتحت أذهان الناس و شعروا بأهمية التعليم وضرورته لأبنائهم فبدأ الاقبال على المدارس يزداد تدريجيا حتى بلغ في نهاية هذه المرحلة 1931-1932م كما يأتي : (327) مدرسة ابتدائية تضم (37591) تلميذا وتلميذة يقوم بتعليمهم (1422) معلما ومعلمة و بذلك فقد ازداد عدد المدارس بنسبة 371،6 % عما كان عليه في عام 1921م وزاد عدد التلاميذ بنسبة 469،8 % وعدد المعلمين بنسبة 292, 6%.كما زاد عدد المدارس الثانوية وذلك بفتح متوسطات في اغلب الالوية (المحافظات) ، وكانت حصة الذكور من هذا التقدم اكثر من حصة الاناث ، و يرجع الفضل في هذه الزيادة الى تفتح اذهان المواطنين خاصة في المدن واقبالهم على تعليم اولادهم ويرجع الفضل الاكبر في ذلك الى الجهود المشكورة التي بذلها الرواد الاوائل من المعلمين والمثقفين العراقيين في رفع الوعي الثقافي والوطني بين ابناء الشعب وصمودهم امام الصعوبات التي كانت تعترض طريقهم سواء من السلطة الحاكمة او من الرجعية المتسلطة والمتحكمة في رقاب المواطنين فلم تثنهم عن عزمهم كل تلك الصعوبات واستهانوا بالسجون والمعتقلات ليمهدوا امام ابناء الشعب. نهج التّحرّر: نهج التّحرّر: أسوء القيود و أثقلها ؛ هي القيود و الشرانق التي تُوضع أو يضعها الأنسان حول رقبته بإختيار و رضا منه, فيُكبل نفسه بها, وآلأسوء من ذلك عندما يحسب تلك القيود مقدسة, و يصعب التحرر منها إلا بعد معرفة حقيقة النفس, فيعاملها بصدق و حُبّ و عناية حسب القواعد العلميّة و السايكلوجيّة و البيولوجية!؟ إذن معرفة النفس هي البوابة التي يدخلها الأنسان ليتحرر منها لينطلق إلى عالم الحقيقة الأمان و الحرية! لكن المشكلة كما أشرنا هي وجود الأطواق الثقيلة المقفلة حول الساعي للتحرر, و تزداد تلك الاطواق و الأحمال عناءاً على حامله,حين يكون النظام السياسي حاكماً عميلاً و مغرضاً ليتسبب في تعقيد و تأزيم الأمور أكثر فأكثر .. إنّ الفترة التالية للحكم الملكي و الاستقلال اللفظي 1932-1958م فقد قُبل العراق في عام 1932 عضوا في عصبة الامم وأعلن استقلاله (اللفظي) و اوّل تغيير حصل في هذا العهد هو ؛ الغاء وظيفة المستشار البريطاني, فزال تأثيره الظاهري ليحلّ محله تأثيره الخفي عن طريق السفارة البريطانية و الأستعمار الفكري و الأقتصادي .. واستمر الاقبال على المدارس بفضل ما ذكرناه من جهود المخلصين كما تخرج في هذه الفترة بعض العراقيين من الجامعات الاجنبية وعادوا الى العراق يحملون اراءهم المتجددة في حقول التربية والتعليم مما ساعد على تطوير اساليبه و طرائقه. غير ان المناهج ظلت متأثرة بآراء المستعمرين و اغراضهم و كانت تكاد تكون منحصرة في اعداد الموظفين لإشغال وظائف الدولة. وكان عدد المدارس والمعلمين في اول هذه المرحلة 1932- 1933م كما يأتي : (376) مدرسة ابتدائية تضم (43316) تلميذا وتلميذة يعمل فيها (1594) معلما ومعلمة وقد بلغت في نهاية المرحلة عام 1957-1958م كما يأتي : (2073) مدرسة ابتدائية تضم (416603) تلميذا وتلميذة ويعمل فيها (12268) معلما ومعلمة . و(178) مدرسة ثانوية ومتوسطة تضم (51504) طالبا وطالبة ويعمل فيها (2642) مدرسا ومدرسة(5). ومن المناسب الاشارة الى دور شخصية الراحل ساطع الحصري ، نظرا للأثار السياسية العميقة التي تركها ليس فقط في وزارة المعارف وانما في المجتمع العراقي باسره. ولا سيما في الوحدة الوطنية العراقية ، فهذا المربي والخبير في شؤون التربية والتعليم والموظف الكبير في وزارة المعارف العراقية والدور الذي لعبه في توجيه سياسة التربية والتعليم في العراق ، استمر ساطع الحصري في ادارة معارف العراق فترة هي اقل من خمس سنين ونصف السنة ، وقد اضطر الى الاستقالة من مديرية المعارف العامة وغادر هذه الوظيفة في جو مشحون بالتوترات والحزازات كما ورّد في مذكراته(6). وقبيل انتهاء الحكم الملكي في العراق ظهرت محاولات اصلاحية كسياسة تعليمية جديدة وظهور حاجات منوعة تتطلب كفاءة خاصة لخدمتها ، توجب اعادة النظر في سياسة المعارف ، وتحديد مسؤوليتها ، وتهيئة العناصر الكفؤة لخدمة الخدمات المتنوعة الجديدة. وتحقيقا لهذا الغرض ، وجهّت الدعوة الى عدد كبير من المعنيين بالشؤون التعليمية والثقافية بالبلاد ، وكان هناك عدد وافر من عراقيين واجانب ، تم الطلب منهم تحديد السياسة الجديدة ، التي تتلخص في ان يكون التعليم الابتدائي مجانيا لكل طفل سوي في سن التعليم ، وان توجه العناية لتهيئة المعلمين والمدارس واللوازم ، ليتسنى لكل طفل سوي الدخول الى المدرسة ، وان ينوع التعليم الثانوي ، بحيث ينسجم مع اولاع الطالب وقابليته ، وحاجات المجتمع النامية وتحقيقا لهذا المبدأ ، ينوع التعليم الثانوي الى زراعي ، وصناعي ، وتجاري ، وعلمي ، وادبي ، كما تقرر ان يطلب الى خريجي الدراسة المتوسطة تقديم امتحان دخول الى الفرعين العلمي والادبي ، فمن ينجح يدخل الى الفرع الذي يختاره ومن يرسب يوجه بالانتساب الى الدراسة الزراعية والصناعية والتجارية وتدبير المنزل للبنات (التربية الاسرية)، ودور المعلمين والمعلمات الابتدائية. كما بوشر في تأسيس دورم معلمات ومعلمين ، في اكثر الوية (محافظات) العراق لتامين العدد الكافي من المعلمين والمعلمات لسد النقص في الملاك الحالي ولتامين الزيادة للتوسع في التعليم. وتأميناً لنشر التعليم الابتدائي ، ليتسنى لكل طفل سوي دخول المدرسة ، تم احالة مسؤولية التعليم الابتدائي الى الادارة المحلية ، وتم ذلك منذ عام 1951 ، وقد اثبتت هذه الخطة نجاحا منقطع النظير ، اذ بادر المتصرفون الى التنافس المفيد ، فخصصوا اكثر من 80% من وارداتهم المحلية لأغراض التعليم الابتدائي عن طريق هذه الخطة ، امكن تقديم وجبات الطعام والكساء والاحذية لمحاربة الحفاء ، كما امكن قبول اعداد كبيرة من الاطفال الى المدارس. وكذلك تم الالتفات الى حاجة المدراس من المختبرات والمكتبات ووسائل الايضاح والى تشييد مدارس جديدة منوعة ، وبالتعاون مع مجلس الاعمار والمتصرفين (المحافظين) وبسبب الزيادة الكبيرة التي ادخلت على ميزانية المعارف ، تم تامين الكثير من الحاجات المُلحة. كما امكن تأسيس مركز وسائل الايضاح لتزويد المدارس بحاجاتها منها . وتأسيس المجموعات الثقافية ، في مدينتيّ الموصل والبصرة وهي تضم مدارس صناعية زراعية ، مع اقسام داخلية ومعامل صغيرة وارض زراعية للتدريب العملي(7). وفي ظل النظام الجمهوري والاستقلال التام في 14 تموز/يوليو 1958م كانت الثورة الجبارة حدثا تاريخيا خطيرا في حياة شعوب الشرق الاوسط و ليس في العراق فحسب ، استقبلتها الشعوب المحبة للحرية والتقدم في سبيل حريتها بالبهجة والترحاب و التأييد ، وكان لدى هذه الثورة عند قيامها تراث بغيض من التأخر وامامها اعمال جسام في جميع الحقول لدفع عجلة البلاد نحو التقدم والازدهار والتخلص من اوضار الماضي ومآسيه ، غير ان ما حصل بعد قيام الثورة من ملابسات وانحرافات حال دون تحقيق اهدافها كاملة وكان لبعض الاجراءات الارتجالية ردود فعل اضرت بالعراق وعرقلت سيّر تقدمه ولنلقي نظرة موجزة عن الزيادة المعرفية في حقل التربية والتعليم . فقد ازداد عدد المدارس الابتدائية من (2084) مدرسة عام 1957-1958م الى (3469) مدرسة عام 1962-1963م و زيادة عدد التلاميذ من (430) الف تلميذ الى (991) الف تلميذ لنفس الفترة ، وبالرغم من ازدياد عدد المدارس ، الا ان نسبة الامية بقيت عالية تقدر ب 92،7% من مجموع السكان. وهناك تناسب طردي بين نسبة الامية وبين نسبة العاملين في الزراعة التقليدية . وكذلك وضع البنات حيث يشكلنّ نسبة ضئيلة بالنسبة لمجموع الطلاب . ان تخلف البنات عن الالتحاق بالتعليم الابتدائي يتجلى في القرى والارياف وهو يعكس واقع المرأة الاجتماعي المتخلف (آنذاك)(8). وعلى صعيد متصل قامت وزارة المعارف بفتح دورات تربوية قصيرة الامد لخريجي الثانويات والمدارس البيتية في سبيل توفير عدد واسع من المعلمين لحاجة التعليم الابتدائي الى تلك المجموعة وقد زاد عددهم في عام 1960-1961م, عما كان عليه بالأعوام السابقة اما بالنسبة لأعداد المعلمين في المدارس الابتدائية فقد زاد عام 1961-1962 بمعدل سنوي قدره 17،3% و16،1بالنسبة لتعليم الذكور و20،3% بالنسبة لتعليم الاناث. ولكن هذه الزيادات تذبذبت بعد عام 1962م حتى انها لم تتجاوز 2،4% خلال المدة 1962-1963م و1965-1966م, اذ يلاحظ انخفاض نسبة المسجلين في المدارس الابتدائية عما كانت عليه اوائل الثورة ماعدا الوية البصرة والموصل فقد كانت نسبة الزيادة في عدد الطلاب في استمرار عكس المناطق الشمالية مما جعل الطلاب المسجلين في المدراس في تناقص مستمر نتيجة الاحداث السياسية اذ عطل العمل في المدارس واغلقت الكثير من المدارس ولاسيما في الاماكن البعيدة بسبب قلة وجود الامن فيها. اما بالنسبة لألوية الجنوب فقد شهدت ايضا انخفاضا ولاسيما لواء العمارة والناصرية ويرجع ذلك الى هجرة العوائل من الجنوب الى المناطق الوسطى وتحديدا الى بغداد العاصمة. وبخصوص التعليم الثانوي فقد حصل فيه زيادة كبيرة وارتفع الى 40،542 طالب في المدارس الاعدادية للعام 1964-1965م . وكان لوزارة المعارف دور كبير في تهيئة اعداد كافية من المدرسين الاكفاء لسد جميع الشواغر وقد عملت على ازالة كل العوائق امام التعليم الثانوي ، وذلك من خلال جلّب مدرسين من خارج العراق وعملت ايضا على فتح الباب امام الطلاب للدراسة في المعهد العالي فضلا عن التعاون بينها وبين جامعة بغداد لزيادة قبول الطلاب في الكليات التي تكون مؤهلة لاستقبالهم ولاسيما التي تؤهلهم للتدريس في المدارس الثانوية بنوعيها المتوسطة والاعدادية . ولكي يستفيد الطلاب من تلك الخطوة المهمة فقد عملت وزارة المعارف على بناء اقسام داخلية في كل لواء ليسكن بها الطلاب القادمون من القرى والالوية لمواكبة دراستهم. وبالنسبة لباقي انواع التعليم مثل (الاهلي) وكان عددها عام 1958-1959م حوالي (77) مدرسة في حين كان عدد طلاب هذه المدارس في هذه السنة حوالي (5707) طالبا وطالبة ولغاية عام 1962-1963م اصبح عددها (83) مدرسة ومدرسوها (169) وطلابها (32511) وخلال عام 1964-1966م (95) مدرسة ومدرسوها (216) وطلابها (4400) طالب . اما التعليم (المهني) والذي يقسم الى صناعي وزراعي وتجاري والفنون البيتية ، وقد بلغ عدد المدارس الصناعية في العراق (12) مدرسة حتى عام 1963م وهي ثانوية الصناعة وثانوية صناعة الوشاش وثانوية صناعة الموصل والصناعة الرسمية في كركوك و متوسطة صناعة السليمانية وثانوية الصناعة الميكانيكية في بغداد وثانوية صناعة النجف وثانوية صناعة اربيل وثانوية صناعة البصرة. وقد بلغ عدد الطلاب في هذه المدراس (575) طالبا عام 1962-1963 وقد قسمت الدراسة الى قسمين القسم الاول لإعداد نصف مهرة وتكون مدة الدراسة فيها اقل من الدراسة الثانوية التي تكون الدراسة فيها ثلاث سنوات ويكون القسم الثاني قسما اعداديا لإعداد الطلبة المهرة واكمال دراستهم الجامعية ولخدمة وطنهم . وفيما يتعلق بمدارس (الفنون البيتية) فقد اهتمت بها الوزارة كي تجعل من الفتاة العراقية ربت بيت ناجحة وتضمن لها مستقبلاً زاهراً ، لان المرأة العراقية فقدت كثيراً من مستلزمات المرأة الحديثة والمتطورة وخلال العام 1958-1959م تمّ فتح (7) مدارس .. و مدة الدراسة ست سنوات حتى تستطيع الطالبة المتخرجة من تلك المدارس ان تصبح صاحبة خبرة ومهارة عالية ، وخلال العام 1962-1963م اصبح عددها (16) مدرسة ومدرسوها (224) وطالباتها (3413) وفيما بعد العام 1965-1966م بلغت (20) مدرسة ومدرسوها (300) وطالباتها (3423)(9). وبالنسبة لأعداد المعلمين ونظرا لأهمية التعليم الابتدائي وللحاجة الملحة الى اعداد كبيرة من المعلمين والمعلمات نتيجة للإعداد المتزايدة من طلاب المدارس الابتدائية فقد تم قبول (2302) طالبا وطالبة من خريجي الدراسة المتوسطة في دور المعلمين والمعلمات . فضلا عن مشروع كانت الوزارة قد وضعته لإعداد المعلمين والمعلمات والذي تقدمت به اليونسكو واليونيسف واهم بنوده هو التعليم الالزامي في جميع انحاء القطر ولاسيما في السنوات العشر القادمة الى ما بين 1964-1974 بشكل يناسب اعداد الطلاب المتزايدة في المدارس الابتدائية فضلا عن تدريب المعلمين والمعلمات على المناهج والوسائل الحديثة(10). ومن جانب اخر اصدرت وزارة التربية في 18 شباط 1965 تقريرا جاء فيه ان عدد المدارس في العراق لتلك السنة بلغ (5366) مدرسة فيها (44366) معلما و (1،232،567) طالب وطالبة لجميع المراحل التعليمية(11). ترافق هذا مع مشروع الخطة التربوية الخمسية عام 1965/ -66-69/1970 وقام بأعداد هذا المشروع صالح حمدان الناصر في تموز 1965م . وقد تناول الباحث التطور في المراحل التعليمية المختلفة ، وفي ضوء تحليل الواقع وجذوره التاريخية قدم السيد صالح حمدان في مشروع خطته الاهداف العامة للتعليم الابتدائي والمتوسط والاعدادي والاهداف العامة للتعليم الابتدائي في الخطة تستهدف خطة تطبيق التعليم الإلزامي الاتي " الزام جميع الاطفال ذكور واناث بدخول المدارس في السنوات الخمس القادمة وتعمل الحكومة الوطنية على توفير الغذاء والكساء والكتب للمحتاجين من الملزمين وبصورة خاصة في القرى والارياف " وفي الشأن ذاته و انطلاقاً من ضرورة ربط التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ تمّ تشكيل هذا المجلس من رئيس الوزراء و كافة اعضاء السلطة التنفيذيّة من الوزراء ممّن لهم صلة بالتخطيط في قطاع الخدمات و الانتاج بالإضافة الى رئيس جامعة بغداد و بعض الخبراء في التخطيط والتربية . كانت مهمات المجلس تتلخص بوضع خطط تنمية الطاقات البشرية في البلاد عن طريق التربية وربط خطط التربية بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، تخطيط السياسة العامة للتربية والتوجيه الاجتماعي واقتراح التشريعات اللازمة لنجاح الخطة والسياسة العامة للتربية وانبثقت من المجلس للسنوات 1965-1968م لجان هي "لجنة مسح احتياجات البلد من القوى العاملة ، لجنة النظر في التعليم الثانوي وعلاقاته بحاجات القطر الحاضرة والمستقبلية من القوى العاملة .ولجنة دراسة التعليم الجامعي وعلاقته باحتياجات العراق الحاضرة و المستقبلية " حينذاك(12). وشهّد العراق بعد العام 1968م نهضة علمية شاملة لكنها كانت ناقصة من وجه واحد, و هي فقدان الصفة المعرفية, و عدم دراسة طبيعة الثقافة التي تحتاجها العراق, معتبرين خريجي الجامعات هم أساسا مثقفين و هذا هو الخطأ الشائع الذي ما زال قائماً للأسف، لذلك لم يتمّ الأستفادة الكاملة و الشاملة من الكوادر العلمية والأدبية و التكنولوجية في البلاد و العباد و غيرها ، معتقدين بأن هذا الدفع الأحادي قد فرضتها الحاجة الملحة لإزاحة وطأة التخلف و وضع الخطوات الكفيلة بدفع عجلة التطور الاقتصادي والاجتماعي وبخاصة في مناطق القرى والارياف ، و هذا الوضع يستلزم ان تكون هناك دراسات شاملة وعميقة لكل دقائق الحياة في المجتمعات البدائية سواء ما كان منها قرويا او ريفيا او مجتمعات رعاة ، وهذا المنهج السليم الذي تسترشد به خطط التنمية الشاملة, إضافة إلى النقطة المركزية في الفصل بين الثقافة و العلم(13). ساهم في هذا النمو عندما حلقت ايرادات النفط عاليا من 575 مليون دولار 1972م الى 1840 مليون دولار في 1973م والى 5700 مليون دولار في 1974م. لقد مكن امتلاك مثل هذه الثروة العظيمة الحكومة من تمويل سلسلة مشاريع التنمية عالية الكلفة والمظهرية بشكل متكلف وادخال برامج جديدة كبرى في حقول مثل التعليم والاسكان والصحة ، وجميع الدول النفطية طبقت سياسات مماثلة في اوائل السبعينيات وازدهر الاقتصاد الوطني بسبب الخزين الهائل من النفط(14). وظهرت بنفس الفترة ما يعرف بالمقوّمات الاساسية للاستراتيجية الجديدة للتربية (آنذاك) من خلال معرفة نوعية الدارسين للتعليم الابتدائي ومن المشاريع التي اسست لهذا الجانب تنشأ صفوف للأطفال الذين يتقدمون للقبول في المدارس الابتدائية ممن تزيد اعمارهم عن السن المحددة (10-15) وتكون هذه الصفوف لمدة ثلاث سنوات يدرس فيها الاطفال اساسيات التعليم في المرحلة الابتدائية وفق مناهج مناسبة لمستوى نضجهم من خلال حلقات؛ الاولى – وتتكون من الصفين الاول والثاني ، ويركز فيها على مهارات القراءة والكتابة والحساب بجانب التربية الصحية والجسمية والاجتماعية وبعض الاشغال اليدوية والمشاهدات . والثانية – تتكون من الصفين الثالث والرابع وفيها يتوسع الطفل في استعمال المهارات الاساسية لاكتساب المزيد من المعارف المناسبة لمداركه مع الاهتمام بالتربية الاجتماعية والوعي بأحوال البيئة ومطالبها والقيام ببعض النشاطات العملية المناسبة لسنة داخل المدرسة وخارجها كزيارة بعض المرافق العامة وممارسة العمليات الانتاجية التي تتناسب مع سنهِ وتنتهي هذه الحلقة باختبارات يترتب عليها نقل التلاميذ او عدم نقلهم الى الصف الخامس . والثالثة – تتكون من الصفين الخامس والسادس وفيها تدعم دراسات العلوم الطبيعية والرياضية والاستزادة من اللغة والاحاطة بالحضارة القومية ويستوعب الطالب فيها احوال المجتمع ومسؤولياته فيه كمواطن بقدر ما يسمح به مستواه ، وفيها تستكشف بوادر قابلياته مع التأكيد على العمل المنتج والجدير بالذكر ان هذا النوع من التعليم يُعرف الان "بالتعليم المُسرع" وغيرها من الأساسيات التي تتعلق بالتعليم المتوسط والاعدادي العام والمهني ، ومحو الامية الوظيفية بقطاع التربية والابنية المدرسية ومستلزماتها وفيما يتعلق بالتعليم ومحتواه من حيث محتوى المناهج ، وبنى التعليم ووسائله والتقنيات المستخدمة والبحث في التربية نفسها وفلسفتها وقومية العمل التربوي العربي المشترك(15). وعلى صعيد متصل جاء في افتتاحية مجلة (الثقافة) – بغداد ،1975م،ص10. فيما تؤكد عليه بخصوص مسالة التعليم الالزامي ما يأتي : بعد مرور سبع سنوات على إنقلاب البعثيين (1968م) ، والتعليم الالزامي, لكن لم يأخذ طريقه الى التنفيذ بل ولا الى التشريع بل إعتمدت الحكومة على جلب الخبراء و الشركات من الغرب و الشرق للعراق بأموال النفط الجاهزة, لهذا لم يحدث تطوراً جذرياً في العراق إنما كان كل ما يتأسس يبقى كما هو و لو بعد عقود لينهدم و يتآكل و كما هو حال المحطات و الشركات و المصانع على بساطتها.. و آللوم على هذا التأخير يقع على عاتق البعثيين الذين لم يكونوا أصلاء في فكرهم و أهدافهم و لا في قياداتهم التي كانت تميل على الدوام نحو العنف و التآخر و العقلية المخابراتية التي كانت دائماً مشغولة بملاحقة و قتل الناس و تضيق الخناق على الوطنين و العمل بإسلوب المخابرات و التجسس و العمالة بحسب قانونهم المشهور ؛ (إذا لم تكن معي فأنت ضدي) .. والمشكلة أننا ما زلنا نواجه نفس العقليات الضحلة التي تفكر بنفس نفس البعثيين و القومجية (جاك الذيب .. جاك الواوي) و كما يقول المثل العراقي .. لذا لا بد من أعمال جبارة تتعدى تلك العقول البسيطة التي لا تهتم سوى للمناصب و سرقة الأموال و محاربة كل القوى الأخرى الوطنية و الأسلامية الحقيقية! ولذا نقول بثقة وايمان قد آن الأوان لكي تنقلب الأوضاع لتلتزم الحكومة الجديدة بتقديم المناهج العلمية والمعرفية عبر أوسع مدياتها و لكل ابنائه دون استثناء .. لبناء العراق و العباد و البلاد, و تخطي هذه المرحلة و هذه العقول التي سرقت كل شيئ للأسف. وقد آن الأوان بعد تلك الخطوات؛ لكي يفهم رب كل اسرة ان واجبه لا يقتصر على تقديم الطعام والشراب لأبنائه وانما العلم ايضا .. الأمية عار في جبين أي مجتمع .. ولكن ما هو اكثر عاراً على المجتمع؛ ان يترك اطفاله بين السادسة والثانية عشرة يجوبون الطرقات او يقبعون بين جدران البيوت او يقومون بأعمال إنتاجية ضئيلة المردود ، تبدد طاقاتهم و تسحق كفاءاتهم .. ليخلفوّا الامية وينشروها في المجتمع .. فما جدوى ان نكافح الامية بين الكبار ونحن ننشرها بين الصغار بعدم تنفيذ التعليم الالزامي – إننا نعتقد ان امكانات تطبيق التعليم الالزامي قد توفرت لدى سلطاتنا الثورية ، وان ما لم يتوفر يمكن توفيره في وقت ليس ببعيد ، ولذلك فان من حقنا ان نطمح في ان يكون العام القادم من عمر الثورة عام التعليم الالزامي واننا واثقون انه مهما كانت نسبة النجاح لهذا المشروع الثوري الهام ، فانه لن يعود الا بالخير العميم على البلاد . ان مشاريع مكافحة الامية يجب ان تبدأ بالتعليم الالزامي الذي يتناول الاطفال منذ عمر السادسة او السابعة ، مارّة بالتثقيف العسكري الذي يتناول المواطنين في عمر الثامنة عشرة خلال خدمة العلم الاجبارية .. فلا يبقى امام الاجهزة الاخرى لمكافحة الامية الا الاجيال السابقة التي فاتها التعلم في هاتين المرحلتين .. وبهذا الطريق تسير الامية نحو الزوال والفناء(16). وفيما يتعلق بمحو الامية .. كانت التجربة العراقية تتعدى الحدود بنتائجها الملموسة التي طرأت على اكثر من مليونيّ عراقي بتلك الفترة و كان عنوانها : [فكر عربي متطور افرز صيغاً متقدمة من التعليم المستمر]؛ لكن المشكلة الكبرى, هي أن الحملة ضد الامية الأبجدية قد نجحت بآلفعل, لكنها فشلت في تحسين أو الخلاص من الأمية الفكريّة و بآلتالي التبعية نحو الشرق و الغرب و غيرها, لهذا لم تنفعنا تلك الأميّة الأبجدية كثيرأً .. لأن أهدافها كانت محدودة في نطاق تعلم الكتابة و القراءة, و لم تستخدم للخلاص من الأمية الفكرية و الثقافية و العلميّة! وآلخطأ الكبير الذي وقعت فيه الأنظمة و البلاد العربية هي أنهم عالجوا لبعض الحدود الأمية الأبجدية لكنهم لم يفكروا بقضايا الفكر و الفلسفة و العلم , إنما سخروا تلك التجربة لحماية الأنظمة و الدكتاتوريات التي أقيمت في بلادنا فحرقت الأخضر و اليابس و حولت البلاد إلى حديد محروق و أنظمة فاشلة, رغم إن نشأة الجهاز العربي لمحو الامية وتعليم الكبار ترجع الى 8/1/1966م, حين اصدر مجلس الجامعة العربية قراراً بإنشائه استجابة لتوصية مؤتمر الاسكندرية الاول تحت اسم الجهاز الاقليمي العربي لمحو الامية! وفي ايلول عام 1970م انضم الجهاز الى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ويتمتع الجهاز بالشخصية الاعتبارية ومن المهمات التي من اجلها انشئ الجهاز : صياغة فكر عربي مستقل لمواجهة مشكلة الامية الحضارية عن طريق المواجهة الشاملة, و هنا أيضا أخط المنظرون القوميون حين إعتمدوا القومية كأساس للتطور وتركوا الفكر الأنساني – الأسلامي الفلسفي الذي هو الآخر كان يئن من وطأة المتسلطين على الدين لتسخيره لأغراض شخصية ولا يزال! لذلك لم يتوصلوا الى استراتيجية شاملة ومحكمة للقضاء على الامية قضاءً مبرماً حتى بعد العبور للألفية الثالثة و حلول القرن الحادي والعشرين الذي جاوزنا ربع قرن منه بآلتمام و الكمال. هذا الأمر قد تفاقم أيضا و بشكل مضاعف في المدن و القرى النائية و في كافة البلاد العربية و ليس العراق وحده, و في القطاع النسائي و العمالي و الزراعي, وعجزوا من الوصول لأساليب ناجعة لمكافحة الأمية بشقيه ؛ الأبجدي و الفكري! حيث تتطلب اجراء بحوث ميدانيّة لاختبار المفاهيم والاساليب الواردة في الاستراتيجية العربية - الأسلامية لمحو الأميّتين و قبلها نحتاج إلى عقول فلسفية قادرة على صياغة المناهج المطلوبة لذلك. المحنة الكبرى من كل ما ذكرنا .. و التي تعتبر المحنة المشتركة في بلادنا, هي إشتراكنا بتلك العوارض و العلل و الأمراض, لهذا عجزنا بشكل طبيعي من انشاء الصندوق العربي – الأسلامي المشترك لمحو الامية و تعليم الكبار, و كذلك السعي لأنشاء اتحاد عربي لتعليم الكبار, و حتى اصدار عدد من المطبوعات المتخصصة في ميدان محو الامية وتعليم الكبار ، وان إصدار مجلة (تعليم الجماهير)؛ وهي المجلة العربية الوحيدة المتخصصة في هذا الميدان, ليست بآلمستوى المطلوب, بل لا تتطرق إلى الجانب الأهم في الأمية السائدة في بلادنا و هي الأمية الفكرية و العقائدية الكونية, و هكذا. إفتقادنا لمكتبة متخصصة تساعد الباحثين والمتخصصين في الاطلاع على اخر تطورات الفكر العربي والعالمي في ميدان تعليم الكبار, كذلك فقدان القراءة و إساليب تطويرهها و جسور الأرتباط بين تلك المنظمة العربية وهيئآتها العاملة المفقودة أساساً في ميدان تعليم الكبار مع العالم .. مثل المجلس العالمي لتعليم الكبار واليونسكو التابعة للأمم المتحدة. تنفيذ مشروعات رائدة تحت اسم مشروع (القرية الميدانية) في مصر و اليمن و العراق, و نشير هنا الى تجربة القرية الميدانية التي نجحت في العراق بشكل محدود والذي بدأت خطواته في قرية (النكارية) بجمهورية مصر عام 1977م ، ثم شهد مرحلته الثانية في دلتا (ابين) باليمن الديمقراطية و اخيرا دخل مرحلته الثالثة والاخيرة من قرية (الانتصار) بالراشدية شمالي بغداد – العراق في السبعينات, لكنها فشلت للأسباب أعلاه. والمشروع كان يستهدف من الاساس تجريب المفاهيم و النظريات الواردة بالاستراتيجية العربية لمحو الامية و تعليم الكبار ، خاصة ما يتصل منها بتحريك البيئة و تنمية مبدأ المشاركة الشعبية في البحوث والتخطيط والتنفيذ ، كما اولت الحكومة العراقية من جانبها المشروع كل الرعاية المادية منها والمعنوية وقد ادى هذا الاهتمام الى نجاح الجهود التي بذلت نجاحاً ملموساً اواخر عقد السبعينيات ، وتحول مجتمع القرية الى خلية من النشاط التثقيفي والتدريبي باستغلال موارد البيئة المحلية والبشرية منها و "المايدة " (17). و مسالة اخرى - نظرة للمناهج التي كانت سائدة في تلك المرحلة ومنها على سبيل المثال لا الحصر منهج التربية الموسيقية "الاناشيد المدرسية" والتي تلاشت مؤخراً ، كان انطلاق هذه المادة من الايمان بفلسفة الجمال و نظرية الفن للمجتمع, و يتضح ذلك من خلال المفهوم القائل : [انطلاقاً من ايماننا العميق بأهمية الفنون في العملية التربوية وفي خلق الشخصية المتكاملة الناضجة للطالب . ونظرا لما تحتله الاناشيد المدرسية من مكانة بارزة بين هذه الفنون بتجسيدها المبادئ والمثل السامية والخيّرة وبتعبيرها عن تطلعات الجماهير وامانيها الكبرى في الوحدة والحرية والاشتراكية فلقد اولت المديرية العامة للتعليم الثانوي /مديرية النشاط المدرسي عناية خاصة بها باذلة جهدها في انتقاء كلماتها التي تجمع بين الفصاحة والوضوح وفي اختيار الالحان الجميلة المناسبة لها ، مُجنّدة لذلك افضل الكفاءات الادبية والتربوية والموسيقية في العراق . وهي اذ تقدم حصيلة جهدها في هذه المجموعة التي حرصت على أن تراعي في تدرجها مختلف المراحل الدراسيّة انما تأمل ان تكون قد شاركت بهذا في خدمة اهداف امتنا الكبرى](18). كما تجدر الاشارة هنا الى مضامين الفلسفة التربوية و التي تخرجت في نطاقها اجيال خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي والتي اقرتها الحلقة الدراسية لتخطيط السياسة التربوية في العراق كالتالي : [ان الفلسفة التربوية في مفهومها الصحيح دليل عمل للحياة التربوية والتعليمية و هي الاطار الشامل والمحرك للعمل التربوي الذي يتخذ من مؤسسات التعليم وسيلة لتحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمجتمع ومعيار ضيق هذه الفلسفة وفعاليتها يتجلى في مدى التحاقها بواقع التعليم والتعبير عن نفسها في اهدافه وادارته وتنظيماته وسياسته ومناهجه وطرائق تدريسه وعلاقته الداخلية والخارجية. ولكي تحقق الفلسفة التربوية هذا الارتباط الوثيق مع حاجات التعليم الحقيقية لابد لها ان تكون جزءً لا يتجزأ من الفلسفة الاجتماعية التي تجسد اهداف البلاد في الوحدة الوطنية السليمة واهداف الامة العربية في التحرر من التخلف والتجزئة وفي بناء المجتمع الاشتراكي التقدمي وفي ربط الحياة القومية بأفقها الانساني والعالمي من اجل هذا كان لابد للفلسفة التربوية ان تعني بتكوين جيل يدرك روح العصر وقيمه الحضارية الحديثة ويؤلف بينها وبين الحاجات الراهنة للمرحلة التاريخية التي تمر بها امته . ويتفاعل تفاعلا واعيا عميقا مع التراث الثقافي للامة العربية ومع التراث العالمي ويعني التحديات العصرية التي تواجه وجوده . ومثل هذا الجيل الذي ينوي مهمة الانطلاق من مرحلة الجمود ذي التخلف والتبعية الى مرحلة الحركة والتجدد والمبادرة الذاتية والمشاركة المبدعة في بناء الحضارة الإنسانية الجديدة](19). كما شهد عقد السبعينيات صدور قرارين مهمين هما [التعليم المجاني (القرار 102) لسنة 1974 و الذي اصبح التعليم بموجبه مجاناً]. و [قانون محو الامية عام 1978م وقد انسجمَ مع المجال الاجتماعي كالصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى] .. غير إنّ حجم تمويل (الانفاق) على التعليم بدأ بالتراجع مع استمرار الحرب العراقية - الايرانية (1980- 1988م) ثمّ زاد الوضع سوءاً بعد عام 1991م (حرب الخليج الثانية رافقتها العقوبات الدولية – الحصار الاقتصادي)(20). واخيراً : نرجوا ان نرى المزيد من الدراسات و البحوث التي تغطي التطور المعرفي التعليمي و خاصة للمرحلة التاريخية من العام 1968-2003م بمختلف المجالات وما تحقق من نمو و تطور و اخفاقات ، والمسؤولية تقع على عاتق المؤسسات الاكاديميّة والبحثية في بلادنا, و في مقدمتهم الفلاسفة و المفكريين، و كما قلنا في (الفلسفة الكونية العزيزية)؛ فإن التأريخ يبدأ عندما تنتهي السياسة! التأريخ يبدأ عندما تنتهي السياسة التأريخ يبدأ عندما تنتهي السياسة : هذه نقطة هامّة للغاية يجب الأنتباه له, لكيلا تكون منطلقاً للفساد و الخصام و التفرقة و سبباً في فشل الشعوب .. بل الأمم في مسعاها في الحياة, لأن الحاكم و السياسة تؤثر بآلعمق في مسار تقرير الأحداث سلباً أو إيجاباً .. لكن مَنْ يسمع ؟! مَن يقرأ!؟ و العالم و على رأسهم حكوماتنا الجاهلية الظالمة تخطط ليل نهار لـ ؛ كيف نجهز على الجهة الفلانيّة ؟ كيف نقضي على هذا الخصم و ذاك الغريم ؟ كيف نبقى في السلطة؟ كيف نحصل على أموال النفط و خيرات البلد لنفوسنا و أحزابنا و حماياتنا؟ كيف نتحاصص قوت الناس!؟ هذا إلى جانب الألحاد الخفي الذي لا وجود لله في أعماق الملحدين! و هكذا بعيداً عن أي برنامج علمي موزون .. لأنهم أساسا لا علم ولا برنامج لهم ولا علم لهم بعلاقة التأريخ مع السياسة .. لأنهم لم يأتوا للبناء و العدالة أساساً و لا لسعادة الأنسان؛ إنما لسرقة الثروات و الخيرات و لتحقيق مصالح شخصية أو حزبية أو عشائرية و في أمان الله!؟ وعن المجاملة في كتابة التأريخ لنظام أو لشخص أو حدث؛ فإنّ ذلك يرجع في المقام الأول إلي كتابة الأحداث السياسية, علي أنها تاريخ, بينما المنهج العلمي في التاريخ يقول لنا : إن آلتأريخ يبدأ حين تنتهي السياسية. ولا ينبغي أن نكتب تاريخ في بلد أثناء وجود الحاكم في سدة الحكم لأنّ الكاتب سوف يخضع للمناخ السياسي القائم و لتأثيرات السلطة, و لهذا خطورته علي العلم و على مسيرة البشرية .. ومن ناحية أخري فان ما تكتبه اليوم من أحداث و جلائل الأعمال يتغير في اليوم الثاني, فمثلا الكِتاب المقرّر علي تلاميذ المدارس العام الدراسي الحالي ينبغي أن يقف عند 9\4\2003م, و هو يوم سقوط صدام و بداية فترة انتقالية؛ وفي كل يوم يوضع في ملفها ورقة وبالتالي يصعب متابعة الأحداث و إلّا تعرّض المنهج المقرّر في الكتاب المدرسي إلي التعديل كل أسبوع مثلا, و هنا تقع التفرقة بين دراسة التاريخ في الزمن, و بين التربية الوطنية التي تربط التلاميذ بوطنهم وأبطاله و شخوصه فيتعلم إن ثورة آل الصدر أدت إلي إنهاء حكم البعص, والدخول في صراع حول الحكم ودور القوي الخارجية والإقليمية في مقرر مستقل؛ اسمه التربية الوطنية وليس التاريخ. عموماً نحن لا نتعامل بشكل علميّ - عند الحديث عن التاريخ - وهذا خطأ كبير، فليست هناك اجتهادات في عملية البحث عن الأحداث و الوقائع الحقيقية المتعلقة بالأشخاص والرموز، وتقصي الأمور بشكل موضوعي. إذن .. كيف يمكن التعامل مع الرموز التاريخية عند الكتابة عنها؟ - إن العلم مستقل عن السياسة والدّين، وفي التاريخ على الدراس أَ لاَّ يصدر حكماً، و أن يٌفسر الوقائع بالرجوع إلى الظروف المحيطة، و يرصد الحقائق فقط، إضافة إلى تقصي الأشياء بموضوعية، من دون الحكم على الشخص الذي يؤرخ له لا سلبا ولا أيجاباً متأثراً بمدى علاقته مع معتقداته أو مواقفه التأريخية. وعلى سبيل المثال عندما تقول : [إن صدام كان ظالماً و مجرماً و حاقداً و دكتاتوراً, فهذا ليس هو المطلوب, بل الأفضل للمؤرخ أن يرصد الحدث أو الأحداث فقط دون أن يضيف رأيه و عواطفه], و بذلك يكون نزيهاً في نقل الأحداث, موثوقاً لدى القراء دون تهمة الأنحياز الشائعة لدى الكتاب. كما لا توجد اجتهادات في التاريخ، اللهم إلا في تحليل أو جمع الوقائع التاريخية، فلا ينبغي الحكم على الأشخاص؛ الحكم - دائماً - يكون للقارئ، أما المؤرخ فيتحدث عن النسبي و ليس عن المطلق، وليس له إبداء رأيه، لأن إبداء الرأي يخرجه من حيز (المؤرخ)، و إن حدث ذلك يكون خطأ كبيراً، وبعيداً عن المنهج العلمي السليم. - تقديس الشخصيات أو تكبير حجمهم أو العكس تصغيرها؛ ليس في العلم أبداً، و ما تمّ في ذلك لا يمكن اعتباره تاريخاً، فكل الشخصيات يؤخذ منها و يرد عليها، لأنهم في النهاية بشر مخلوقين، لهم إيجابيات ولهم أيضاً سلبيات، وحدود النقد مرتبطة بالوقائع التي يجب أن تتوافر للباحث، الذي عليه أن يتجرّد من الأهواء و الميول الشخصية، والانحيازات العصبية، و الأفكار و الأحكام المسبقة، لأنّ هذه الأمراض لو دخلت أو تسربت إلى البحث التاريخي؛ فسنجد تشويهاً متعمداً للأحداث، كما سنجد لياً لعنق الوقائع، من أجل تجميل أشخاص بعينهم، و يعتبر هذا تزوير في التاريخ يضرّ بعملية البحث العلمي بآلقارئ، ويضر بالأجيال التالية. على المؤرخ أن يكون كاشفاً و راصداً بحياديّة تامّة، دون تحزب أو انحياز لعصر ما أو عقيدة ما، أو شخصية ما، حتى تجيء كتابته و أقواله مطابقة للواقع و طبيعية كما الواقع. - كتابة التاريخ أساساً هي ذكر الوقائع من مصادرها من أرشيف الدولة أو غيرها، حسب المجال. فلو تكتب في الزراعة مثلاً؛ يجب أن ترجع لوثائق وزارة الزراعة؛ أو عن وثائق دولية، يجب أن ترجع للمنظمات العالمية، و يجب الرجوع إلى وثائق متعددة، وعدم إسقاط وثائق بعينها، لو تم خلاف ذلك فسيكون تدليساً غير مقبول على الإطلاق، و لا بد من البحث العلمي الدقيق .. لكن للأسف الشديد كثير من الباحثين والمتحدثين في التاريخ يغفلون جوانب مهمة عند تناولهم لبعض الأحداث التاريخية، كذلك لا بد أن نؤكّد أنّ من يتصدى للقضايا التاريخية لا بد أن يكون متخصصاً، و متأكداً من المعلومة التي يوردها، حتى لا تُحدث بلبلة أو تشويشاً للرأي العام. إجمالاً و بسبب عدم مراعاة ما عرضنا, فقلّما يكتب التأريخ بأمانة و دقة و وثاقة .. هناك فرق بين مادة التربية الوطنية و مادة التاريخ في الغرب، في أمريكا يضعون صور رؤساء أمريكا في المدارس لتذكير الطلاب بزعمائهم و رموزهم التاريخيين، و في تلك الأثناء يتم إسقاط المثالب والسلبيات. المدارس في مادة التاريخ تذكر وقائع فقط, عندنا العيب هو المزج بين السياسة والتاريخ، فالتاريخ يبدأ حين تنتهي السياسة، إضافة إلى أنه من المفترض أن يكون المقرّر الدّراسي التاريخي يشمل كل التواريخ قبل 2003م. ولا يجوز إطلاق أحاماً مطلقة على القضايا التأريخية, فكل قضية وليدة ظرفها و زمانها و مكانها و أسبابها. لذا فالتاريخ نسبي، و ليست هناك حقائق مطلقة إلّا بشكل محدود جداً. البعض كتب عن بعض الزعماء بشكل فيه مبالغة، وهذه رؤية غير دقيقة, فقد يكون الزعيم ناجحاً في السياسة الخارجية، لكنه يغفل الحياة الاجتماعية لدولته، و العكس، كثير من المؤرخين في عصور سابقة كتبوا من هذا المنطلق. أعتقد أن هناك جيلاً من الباحثين في أقسام التاريخ المختلفة في الجامعات العربية، يملكون الآن جرأة في البحث، و قدرة فائقة على المصداقية في التناول، و كذلك في المراكز المتخصصة في التاريخ العربي، سواء في آلعراق أو غيره من الدول التي تعنى بهذا الجانب. - أما الدراما فإنها في خصومة مع التاريخ، لأنها تعبّر عن وجهة نظر كاتبها، حيث يدخل إليها بفكرة مسبقة، ثم يجيء السيناريست ليغيّر في الموضوع، ثم تكون وجهة نظر المخرج، والمنتج كذلك، حيث يختار المشاهد المؤثرة لجذب المشاهد. ويضع خلطة جاذبة للجمهور؛ لأنه في الأساس يبحث عن شباك التذاكر، و العائد المادي، ولا يهتم كثيراً بصحة الوقائع أو الأحداث. الدراما تقوم على "تهويل" الأحداث و تكبيرها، دون النظر إلى صدق هذه الوقائع وصحتها في الأساس، فهي تعمل على دغدغة مشاعر المشاهد وجذبه بطريقة متنوعة. الصورة الدرامية تختلف عن الحقيقة المدونة في التاريخ، الذي يعتمد في الأساس على وثائق حقيقة. ولذلك نرى كثيراً من الأعمال الدرامية التي تناولت رموزاً و شخصيات تاريخية لم تتحرَّ الصدق في أوقات كثيرة. - لذا .. لا بد من كتابة ما للشخصية و ما عليها سلباً أو إيجاباً، دون تفخيم أو تعظيم. عندما أخرج عبد الكريم قاسم قانون الإصلاح الزراعي بعد ثورته, استفاد منه معظم العراقيين البسطاء والفقراء من المزارعين. عبد الكريم قاسم كان شخصية شعبية و وطنية و رائدة و محبوبة بين الناس، لكن لم يتمّ تناول هذه الشخصية درامياً بالشكل المناسب، وهناك كثير من الشخصيات بحاجة إلى نقلها إلى الدراما بالشكل الحقيقي حتى تكون قدوة للأجيال الجديدة, و لعل السبب يعود إلى ضعف وسائل الترابط الأجتماعي الهادف و الفعال حتى وسط الجامعات و المعاهد العلمية, و منها عدم وجود المنتديات الفكرية و الثقافية. فلسفة الجمعيات؛ المنتديات؛ ألنوادي؛ المقاهي؛ في معاجم اللغة: فلسفة الجمعيات؛ المنتديات؛ ألنوادي؛ المقاهي؛ في معاجم اللغة: ونُعرّجُ على معاجم اللغة لنفيد من الكشف عن معاني هذه التسميات، فلقد جاء في لسان العرب ( جمعَ الشيء عن تفرقةٍ, يجمعه جمعاً ، و جمّعه و أجمعه فاجتمع واجتمع ، و كذلك تجمّع و استجمع ، و المجموع الذي جُمع من ههنا و ههنا ، وتجمّع القوم أي اجتمعوا أيضاً من ههنا وههنا ، والجمعُ هو إسمٌ لجماعة الناس, والجمع أي المجتمعون ، وجمعه جموع. والجماعة والجميع والمجمع كالجمع ، وقومٌ جميعٌ مجتمعون ، والجمع يكون إسماً للناس والموضع الذي يجتمعون فيه ، وأمرٌ جامع يجمع الناس ، والمجْمَعَةُ : مجلسُ الاجتماع ، قال زهير: وتُوقَد نارُكم شرراً ويُرفع لكم في كُلِّ مَجمعَةٍ لِواءُ. والمسجدُ الجامع : الذي يجمع أهله ، نعتٌ له لأنه علامةٌ للاجتماع . والجُمّاعُ : أخلاط الناس ، وفَلاةٌ مُجمِعَةٌ ومجمِعّةٌ : يجتمع فيها القوم ، والجمْعّةُ والجُمعُةُ والجَمعَةُ وهو يوم العَروبةِ ، سُميّ بذلك لاجتماع الناس فيه ، وقال ثُعلُبْ : (إنما سُميّ يومَ الجمعة لأن قريشاً كانت تجتمع إلى قصي بن كلاب في دار الندوة). وأمّا كلمة النادي فقد جاء في لسان العرب ( ندا القوم ُ نَدْوَاً وانتدوا وتنادوا : اجتمعوا . والندوة : الجماعة ، ونادى الرجلَ : جالسه في النادي ، وناديته جالسته ، والندّي : المجلس ماداموا مجتمعين فيه . فإذا تفرقوا عنه فليس بنديّ . وقيل النديّ : مجلسُ القومِ نهاراً ، والنادي كالنديّ, و هو المنتدى. ولا يُسمّى نادياً حتّى يكون َ فيه أهلَه. والجمع : الأندية ، والنادي مجتمع ، وأهل المجلس ، فيقع على المجلسِ وأهلهِ. يُقال : ندوتُ القومَ أندوهم, إذا جمعتهم في النادي ، وبه سُمّيت دار الندوة بمكة التي بناها قصي؛ الجوهري: النديُّ ، على فعيل : مجلسُ القوم ومتحدّثهم ، وكذلك الندوة والنادي والمنتدى. أمّا كلمة (الصالون) فقد ورد في معجم اللغة الفرنسية أنه البهو أو الردهة الكبيرة و مكان التجمع والاجتماع . وفيما يتعلق بالصالونات الأدبية نقرأ يقول الأدباء: [إن الصالونات الأدبية نشأت في فرنسا ، و أول من أسسها كانت (كاترين دوفيفون) ، وفي سنة 1608م جذب صالونها طبقةً مختارة ممّن كانوا يرتادون البلاط الملكي ، وجمهرة من رجالات الفكر والأدب والشعر والفن]. ثُمّ يُعدد الصالونات الأدبية في القرن الثامن عشر والتي كانت مراكز للحياة الأدبية والفكرية فيذكر : صالون الدوقة ديمين – صالون المركيزة دي لابير – صالون السيدة دي تونسان. العرب والصالونات الأدبيّة: العرب و الصالونات الأدبيّة: هل عرفت العرب الصالونات الأدبيّة ؟ كما مرّ بنا فقد عرضنا المدارس و المراكز التعليمية و الثقافية في العراق, بإعتبار العراق أقدم دولة عرفها العالم على أصعدة مختلفة, و هكذا العرب تباعاً , و بآلذات سوريا بإعتباره قلب العالم العربي, و لذلك كان لهم دوراً في تأسيس الصالونات و المراكز المختلفة أيضا,و سنعرض أهم جوانبها. نؤكّد : إن العرب سبقوا فرنسا في هذا المجال بعدة قرون ، فلقد كان للشريفات المترفات من سيدات قريش منتديات يسودها الأدب والطرب . ونذكر صالون ولادة بنت المستكفي بالله في الأندلس ، و مجلس الأميرة نازلي فاضل في القاهرة ، وصالون مي زيادة في القاهرة أيضاً. وهكذا نرى أن كلمات ( حوزة - جمعية – نادي – صالون - مقهى ووو ) إنما المقصود منها هي تلك التجمعات التي تُعقدُ بشكلٍ خاص لكسب العلم و الفقه و للثقافة والأدب ، تشدُّ أزر العلم والعلماء ، و تأخذ بيد المثقفين والأدباء ، وهي حقاً ثمرةً من ثمار الحضارة والمعرفة، و دليل على الحريات الشخصية ، وحقوق الأفراد والجماعات في المجتمع ، وإننا نؤكّد مساهمة أجدادنا في مجال التجمعات الأدبية ، فكلنا يعلم أن الأسواق العربية في الجاهلية والإسلام كعكاظ والمربد كانت تعقد فيها حلقات أدبية كخيمة النابغة ، و كتعليق المعلقات على جدار الكعبة، و في صدر الإسلام كان ثمّة مجالسُ تُعقدُ في مجالس الكبراء للمساجلة والمناشدة ، و بعضها كان يعقد في مجلس إمرأةٍ أدبيةٍ كما فعلت سُكينة بنت الحسين و أختها زينب الكبرى، وعائشة بنت طلحة ، والجارية العباسية الشاعرة والمغنية دنانير. ولا ننسى حلقات المناظرة في المساجد أو قصور الخلفاء والأمراء ، وكذلك جلسات العلماء من المتكلمين والمتصوّفة وإخوان الصفا وغيرهم و فوقها مسجد الرسول (ص) في المدينة, حيث تأسيس للعبادة بكامل معناها, و لم يقتصر على الصوم و الصلاة و العبادات الشخصية؛ بل للمناظرات و الخطب و المناقشات و التجارة و غيرها من الأمور. ألتجمعات الأدبيّة و الهدف : التجمعات الأدبيّة و الهدف : لا ننسى أن تجمعات المستمعين حول الحكواتي في مقاهي و نوادي سوريا ، و تحلّق الصغار حول الجدّات في ليالي الشتاء ، يسمعون القصص والأشعار ، أ فلا يدخل كل ذلك في إطار الاجتماعات الثقافية والمعرفية ؟ إذاً لا بدّ من التخصيص ههنا ، فنقول إن التجمعات التي نقصدها هي تلك التجمعات الأدبية التي تعقد للثقافة شعراً وقصةً نقداً ودراسةً ، في مكانٍ وزمانٍ محددين ، مادتها الأدب ، والمجتمعون أدباء ، أو مهتمون ، يدور فيها حوارٌ ويكونُ لها فعالية في الحاضرين ، بل في المشهد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلد الذي تُعقد فيه. لقد كانت حالة الأمّة العربية صعبةً .. رازخةً تحتَ وطأةِ الحكم العثماني الذي خلّفَ في جسدها كثيراً من الأمراض و الجراح ، من خلال الظلم والإضطهاد والاستبداد، عانى منها شعوبنا إلى أن وصلت إليه فكرة القومية العربية من الغرب الذي سبقنا في ثورة الرينوسانس، فبدأ يعمل في سبيل تحرره وتحقيق قوميته الخالصة ، وكان لسورية الدور الطليعي في تحقيق رسالة القومية منذ منتصف القرن الماضي. ومع أن فكرة القومية ضاربةُ الجذور في التاريخ العربي ، إلاّ أنها حركةً قومية لم تتوضّح إلاّ في العصر الحديث ، و بدأت تنمو في إطار الجمعيات التي أسسها بعض الأدباء والمفكرين . ومن هذه الجمعيات جمعية الآداب والعلوم سنة 1847م في بيروت ، والجمعية العلمية السورية سنة 1857 م, اللتان ضمّتا صفوةً من رجال الفكر والأدب. ألعهد العثماني و الحركة القوميّة : العهد العثمانيّ و الحركة القوميّة : لقد تنبّهت السلطنة العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد إلى خطورة الحركة القومية ، فلوّحت بالجامعةِ الاسلامية ، وعلى الرغم من إيمان العرب المسلمين بقيمة هذه الجامعة ، لكنهم تمسّكوا بحقوقهم العربية قوماً وحضارةً وتراثاً. وكان الأدباء والمفكرون العرب هم الذين بذروا القومية ورعوا نبتها وسقوها بدموعهم وبدمائهم خصوصا بعد السياسات العثمانية الظالمة بحقهم خصوصا في العراق و بلاد الشام، وما زالت هذه الدعوة تشتد إلى أن أخذ الطابع السياسي دورهُ ، فالتقى الأدبُ مع السياسة وشُكّلت الجمعيات خفيةً في بلاد الشام في جوٍ مرعبٍ من الإرهاب الحميدي ، وعلناً في مصرَ وباريس والمهاجر الأمريكية. بعد الحرب العالمية الأولى ارتطمت سورية بمؤامراتِ الدولِ الكبرى فانطوت على نفسها تبني ذاتها من جديد ، فأنشأت النوادي والجمعيات لبثّ روح القومية عبرَ أدبٍ يُعنَى بقضايا الأمة ومصيرها. ونؤكّد أنه من أشهر الصالونات الأدبية في أواخر القرن التاسع وأوائل القرن العشرين ، صالون الأميرة الكسندرا أفرينوا في الاسكندرية ، و صالون الأميرة نازلي فاضل ، و صالون مي زيادة في القاهرة ، وصالون مريانا مرّاش في حلب ، وصالون ماري عجمي في دمشق. وفي النصف الثاني من القرن العشرين قامت صالونات أدبية مثل : صالون شريفة فتحي في القاهرة ، وصالون زكريا الحافظ في دمشق ، وصالون ضياء قصبجي في حلب ، وصالون أنور أصفري في حلب ، ولكن هذه الصالونات تلاشت لأن مبررات وجودها تلاشت أيضاً لأسباب عديدة ومختلفة. تأثير الصالونات الأدبية في بلادنا : تأثير الصالونات الأدبيّة في بلادنا : لا غرو أن تناولنا للجمعيات والنوادي والصالونات الأدبية في مدننا خلال مائة عام إنما يعود إلى كونِ حلب الشهباء ثالث عاصمة عربية ثقافية في الوطن العربي بعدَ القاهرة وبيروت ، وسنتناول هذه التجمعات الأدبية بحسبِ تسلسلها الزمني ، مستعرضين المعلومات التي وصلنا إليها بعد جهودٍ كبيرةٍ فعلاً ، ولا بأس أن نبدأ قبل العام 1896 ، وإن كان جرجي زيدان ينفي نشوء جمعيات أدبية قبل عام 1908 ، فلقد وجدنا وجدنا بعض هذه التكتلات الأدبية في حلب قبل هذا التاريخ. صالون عبد الله الدلاّل 1830م : يمكن القول أن أول صالون أدبي بحلب يعود تاريخه إلى عام 1830م على وجه التقريب ، وهو صالون الأديب عبد الله الدلال ، وهو ما يؤكّده الدكتور سامي الكيالي في كتابيه الأدب العربي المعاصر في سورية – الحركة الأدبية في حلب 1850-1950م. إذ كان بيت عبد الله الدلال ملتقى رجالات الفكر والأدب يتدارسون الدواوين ويقرأون المقامات ، وينظمون شعر المناسبات ، ويعرضون لشؤون الدولةِ بالهمسِ و بالتلميح. جمعية الماسون – أول جمعية 1848م : جمعية الماسون – أوّل جمعية 1848م : وأمّا أول جمعية في حلب فيعود تاريخها إلى عام 1848م ، وهي نواة للجمعية الماسونية ، وقد ذكر الشيخ كامل الغزي في تاريخه ، أن أحد الثقاة أخبره أنه رأى ختماً مكتوباً عليه ” هذا ختم جمعية الماسون في حلب ” ، ويؤكّد الغزي أن وجود هذه الجمعية في حلب وبشكلٍ علني كان سنة 1885م. صالون مريانا مرّاش ، أول صالون أدبي حديث : مريانا مرّاش -1849-1919م ، تنتمي إلى أسرة إشتهرت بالأدب والعلم والفضل ، وهي أول أديبة سورية برزت في مجال الأدب والشعر والصحافة في عصرنا الحديث ، وظهر لها ديوان شعر عام 1893م ، ومنذ صباها بدأت تكتب في مجلة ” الجنان ” اللبنانية ، ثم مجلة ” لسان الحال ” اللبنانية ، والمقتطف ، وكانت مريانا تجمع بين الثقافتين العربية والفرنسية. وكانت هي السبّاقة إلى إحياء تقليد المجالس الأدبية في أوائل القرن المنصرم ، ولقد ضمّت الحلقة الأدبية التي أنشأتها في بيتها صفوة المؤرخين والمفكرين ، وكان لأسرتها المرموقة أثرٌ في ظهور هذه الحلقة مع استهلال الوعي الفكري فيما بعد. وكان صالون مريانا مراش بمثابة أول صالون أدبي في حلب على نمط الصالونات الفرنسية ، وآل المرّاش على ما يبدو كانوا أصحاب صالونات أدبية ، كما ذكر زيدان من أن بعضهم كان عضواً في جمعية زهرة الآداب اللبنانية التي تأسست في بيروت سنة 1873 ، ولقد ذكر الأديب أنطوان شعراوي أن مريانا مراش تكاد تكون المرأة الوحيدة في عصرنا التي تعاطت الشعر والأدب والفنون ، على غرار بعض الأديبات الفرنجيات الراقيات ، فلقد جعلت بيتها نادياً أدبياً لأهل العلم والفضل ، تجول عليهم في مضامير العلم والأدب ، فتطول السهرات ، وتثور المناقشات ، وتكثر المواجيد والمطارحات.   جمعيات أوائل القرن العشرين: جمعيات أوائل القرن العشرين: ومن الجمعيات التي نشأت قبل إعلان الدستور ، جمعية النشأة التهذيبية سنة 1907م ، وظلّت مستترة حتى أعلن الدستور في السنة التالية ،فأعلنت وعقدت الاجتماعات لتحرّض الناشئة الحلبية على إنشاء الجمعيات، فكان لكلامها وقعٌ ، ولكن أيامها لم تطل فأُقفلت بعد عام. وفي الشهر العاشر من عام 1908م تأسست في الآستانة من أبناء العرب القاطنين هناك جمعية الإخاء العربي الإسلامي وأُنتخبَت لجنة إدارية وكان مفوضها (شفيق المؤيد) الذي أُعدمَ في 6 آيار 1916م ، وفي العام نفسه افتتح في خان (قورت بك) منتدى جمعية الإتحاد والترقي. وفي عام 1909م أنشأ القس (توما أيوب) نادي الأدب ليصرف الشبيبة الحلبية عن اللهو والمقاهي ويملأ فراغهم بالمطالعة والتعليم . وفي العام نفسه أُنشىء نادي الجهاد الأدبي الذي لم يدم طويلاً كسابقه . وقد أسفرت إنتخابات نادي الأخوة عن إنتخاب أحمد سامح أفندي عينتابي رئيساً أولاً ، وطوروس أفندي شادرفيان رئيساً ثانياً ، وملازم مختار بيك رئيس مكتبة وغيرهم. واجتمع جماعةٌ من أدباء حلب سنة 1910م فأنشأوا نادي حلب وجعلوه تحت رئاسة فخري باشا والي حلب آنذاك ، فلاقى إقبالاً كبيراً ، لكنه أُقفل بعد مدة. وكذلك وفي العام 1910 دُشّنَ نادي التعاضد المسيحي الذي كانت غايته مساعدة الأيتام و العمال و تعليم الجهّال والاهتمام بالفنون الجميلة والرياضة ، ومن أعضائه المؤسسين (إسكندر أخرس) ، و (اسكندر أسود) ، (كميل حنا شمبير) ، (يورغاكي سالم) ، وقبلَ الوالي فخري باشا أن يكون رئيساً فخرياً للنادي. وفي العام نفسه أيضاً تأسست الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية و كان لها فروع في دمشق – القامشلي – اللاذقية – كسب – اليعقوبية – وأول رئيس لهذه الجمعية أومنيك مظلوميان ، وهو جَدُّ كوكو مظلوميان صاحب أوتيل بارون الشهير ، ومن الضروري أن نذكّر أن هذه الجمعية قد تأسست عام 1906م قبل ذلك في القاهرة. وتقوم الجمعية بإصدار مجلات ونشرات وكتب بالأرمنية والعربية ، ولها نشاطات أدبية متنوعة بالتعاون مع الجمعيات الأرمنية الأخرى والمركز الثقافي العربي ، ومن أهم محاضراتها ، محاضرة الأرمن في جبل موسى لنديم شمسين ، ومحاضرات أخرى للعديد من الأدباء منهم : [عبد الله يوركي حلاق ، وليد إخلاصي ، دريد لحام ، جورج سالم ، جورج غوستانيان ، نزار خليلي ، عمر الدقاق ، وغيرهم]. و يتبع لهذه الجمعية [نادي الشبيبة الأرمني] الذي يرأسه (آكوب ميخائيليان) ، و يتميّز هذا النادي بمسرح (أتاميان ، وكورال سانتريان) ، وقام بنشاطات عديدة في المحافظات السورية و لبنان. ويتبع لها أيضاً المعهد الموسيقي للشبيبة الأرمنية الذي تأسس عام 1993م ويرأسه رئيس نادي الشبيبة نفسه. وكذلك يتبع للجمعية مرسم صاريان الأكاديمي الذي تأسس عام 1954م ، وهو أول مرسم أكاديمي في سورية أسسه الدكتور روبرت جابجيان و زاريه كابلان. وفي عام 1911م أُفتتح نادي الإخاء وإتخذَ له محلاً خاصاً في جادة الخندق ، وكان مبدأه : الإتحاد ، نشر الفضائل ، معاونة الحكومة في نشر المعارف والأخلاق والوعي من خلال الكتابة والخطابة ، وكان أحمد أفندي كتخدا رئيساً لمجلس الإدارة ، وطلب عفوَهُ من هذا المنصب فيما بعد. وفي عام 1913م أُنشئَت جمعية تثقيف الفقير التي استمرت مدةً ، وكذلك تشكّلت جمعية المقاصد الخيرية على غرار جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت ، وقد أنشأها بعضُ أدباء حلب تحت شعار؛ [لا حياةَ إلاّ بالعلم]. وكذلك أُنشِئَت الجمعية الإسلامية الشرقية ، وكان هدفها السعي في ترقية العلم ونشره بمالٍ يُجمع بالاشتراك من أفرادِ الأمّة. وفي عام 1914م تشكلت جمعية المعارف الأهلية الإسلامية وذلك نظراً لما شوهد من إنحطاط العلوم والمعارف وفساد التربية والأخلاق وغياب المدارس في حاضرة الشهباء ، حيث إجتمع فريقٌ من ذوي الغيرة في زاوية (آل الكيّال) و قرروا تأسيسها ، واتخذوا مقراً لها في المدرسة الحلوية ، وترأسها رضا أفندي الرفاعي ، ونائبه الشيخ محمد أفندي طلس ، والكاتب الأول الشيخ راغب أفندي الطباخ ، والكاتب الثاني عبد الوهاب أفندي ميسّر ، وغيرهم. وفي التاسع عشر من تشرين الأول عام 1918م تحزّبَ حزبٌ من الشبيبة العربيّة وأتوا مكان (جمعية الإتحاد والترقي) المعروف بإسم ( قلوب ) و وضعوا أيديهم عليه وعلى ما فيه من كتب والأساس و سمّوه (نادي العرب) و أصدروا صحيفة يومية أسموها ( العرب ) . وفي عام 1919م تشكّلت جمعية النهضة العلمية وكانت برئاسة السيد طاهر كيالي ، هدفها إحياء العلوم ونشر المعارف ، وتأسيس المدارس ، و كانت مؤلفة من أربع هيئات هي : [الهيئة العمومية؛ هيئة الإدارة؛ هيئة المراقبة؛ وهيئة العمدة العلمية]. وفي عام 1920م أُسست الجمعية الديمقراطية الوطنية ، و هي جمعية علمية و إجتماعية و سياسية ، هدفها توحيد الموقف و كلمة الأمة، وغايتها الدفاع عن حقوق الشعب والوطن ، مركزها في حلب ، ولها فروع في المحافظات الأخرى ، وكان لها جريدة هي لسان حالها . ففي عصر يوم الجمعة التاسع من كانون الثاني 1920م أُفتتح نادي الجمعية بالقرب من أوتيل بارون بجانب خان الصندل ، ومن أعضائها شاكر نعمت شعباني رئيساً ، عبد الغني ملاح ، وصفي الروح ، جميل إبراهيم باشا ، طاهر كيالي ، صبحي قناعة ، عبد العزيز ملاح ، أعضاءاً. وفي العام نفسه تأسست جمعية خريجي كيليكيا ، والتي عُرفت فيما بعد 1956م باسم جمعية الجيل الجديد الثقافية ، وفي عام 1965م تمّ تأسيس جمعية كيليكيا الثقافية تابعةً لجمعية الجيل ، و تمتد جذور هذه الجمعية منذ أن إستوطن الشعب الأرمني المهاجر من تركيا في حلب ، وقد شاركت الجمعية بالنهضة الثقافية وبخاصة من خلال مسرحها المعروف بإسم [إنترانيك] الذي ترك أثراً جميلاً في ذاكرة الشعب الحلبي. و يُعدّ عام 1956م فترة تأسيس رسمي لجمعية الجيل ، حيث كان مؤسسها و أول رئيس لها (مارديروس مارديروسيان) ، ومن أهم نشاطاتها محاضرات وأمسيات لعدد من الأدباء منهم (خليل هنداوي) , (خير الدِّين الأسدي) ، الشاعرة (سيلفا كابوديكيان)، والشاعر (فيروز خان راويان) الذي تحمل مكتبة الجمعية إسمه. أمّا فيما يتعلق بجمعية [كيليكيا] فقد تأسست كما أسلفنا عام م1965 وكان من المساهمين في تأسيسها (غيونت قاولاقيان)؛ (روبين ديراريان)؛ (سيراتوس قسيس) وغيرهم ، ولعل الهدف الرئيس لتأسيسها هو المحافظة على بقاء مدرسة كيليكيا لتأمين احتياجاتها المادية والمعنوية . وتولّى رئاستها الدكتور (طوروس توخمانيان) ، والغاية الأساسية لكلتا الجمعيتين المساهمة في النهضة لثقافية. وفي الثاني من آب 1924م تأسست جمعية أصدقاء القلعة والمتحف ، فكانت بذلك أول جمعية آثارية تاريخية في سورية ، ورائدة على مستوى الوطن العربي ، وقد ساهم في تأليفها لفيفٌ من الأعلام والعلماء. من أبرزهم الشيخ (كامل الغزي) ، الشيخ (راغب الطباخ) ، والأب (جبرائيل رباط) ، والمهندس (صبحي مظلوم) ، والشيخ (عبد الوهاب طلس) ، والأستاذ (أسعد عنتابي) ، والسيد (بلوا دورو ترو) مفتش آثار المنطقة الشمالية آنذاك ، والأب (جورجس منّش) ، وكان سبب تأسيسها الشعور الوطني نحو تراث الأمة وحمايته أمام إجراءات الضباط الفرنسيين الذين اتجهت أنظارهم مع بداية الانتداب على سورية إلى قلعة حلب ، وما زالت الجمعية تنادي بحماية الآثار وإنشاء متحفٍ وطني في حلب حتّى تمكّنت من إنشائه بموجب القرار 136 لعام 1926م ، ورافقه صدور نشرة آثارية عن المكتشفات في شمالي سورية ، وبعد مضي ست سنوات إقترح الشيخ كامل الغزي تغيير إسمها إلى العاديّات وذلك عام 1930م ، وقد أصدرت الجمعية منذ آيار 1931 مجلة العاديّات ، وهي أقدم المجلات الآثارية في الوطن العربي . وقد ترأس الجمعية كامل الغزي مدة ثلاث سنوات ، حيث كان مركزها المؤقت في غرفة المجمع العلمي بخان الجمرك ، وبعد ذلك رأسها الأب جبرائيل رباط 1933- 1934م ، الشيخ راغب الطباخ 1934- 1939م ، وتوقّفت الجمعية في الحرب العالمية الثانية وتوقف إصدار المجلة أيضاً ، واستعادت الجمعية نشاطها مع بداية عام 1950م ، وترأسها الدكتور عبد الرحمن كيالي 1950 – 1969م ، والدكتور أدولف بوخه 1969 – 1973م ، ومن عام 1973 – 1988م ترأسها سعد زغلول الكواكبي ، ومن 1988 – 1994م عبد الهادي نصري ، ومن ثمّ تم تقديم مبنى جميل جداً للجمعية ، عام 1988م ، وفي عام 1994 – 1996م ترأسها محمد وفا بطيخ ، ومن ثم ترأسها عدة مرات الأستاذ محمد قجّه. أمّا مجلة العاديات فلقد أعيد إصدارها بالتعاون مع جامعة حلب ، بإسم مجلة عاديّات حلب ، وللجمعية أفعال كثيرة نذكر منها ، أنها في عام 1983 كان لها شرف توجيه الدعوة لعقد الندوة العالمية الأولى لحماية حلب بالتعاون مع الجامعة ونقابة المهندسين ، وساهمت أيضاً بتأسيس معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب ، وشاركت في جميع الندوات العالمية بتاريخ العلوم عند العرب ، وفي العديد من المؤتمرات الدولية ، والجمعية ذات نشاطات متنوعة كما تدل على ذلك لجانها في مجلس إدارتها ، وهي تقيم محاضراتها الثقافية مساء كل أربعاء ، ومن محاضرات الجمعية الكثيرة ، ندوة عن المؤرخ الحلبي الكبير كمال الدين بن العديم ، شارك فيها الدكتور شاكر الفحام ، الدكتور شاكر مصطفى ، الدكتور سهيل ذكار ، وذلك في فبراير 1991م. ندوة حوار بين المعاصرة والتراث بالتعاون مع جمعية أصدقاء دمشق ، شارك فيها ، الأستاذ نجاة قصّاب حسن ، الدكتورة ناديا خوست ، الدكتور إحسان الشيط ، عام 1992م. وندوة المراكز الثقافية في بلاد ما بين النهرين في القرنين السادس والسابع الميلاديين ، للمطران يوحنا إبراهيم. وأمسية شعرية حلبية شارك فيها أحمد ديبة ، قدري مايو ، محمد عيان الخطيب، محمد كمال ، رياض حلاق. ندوة أبو حيان التوحيدي في ذكراه الألفية شارك فيها الدكتور مصطفى جطل ، الأستاذ محمود فاخوري ، الدكتور حسين الصديق. ندوة (جورج سالم) أديب حلب الراحل ، شارك فيها الدكتور (عبد السلام العجيلي)، الأستاذ (أنطوان مقدسي) ، الدكتور (غسان السيد), وفي عام 1926م تأسس نادي الشبيبة السوري الثقافي ، و إتخذ له مقراً في محلة التلل ، و كان المؤسسون : (أوهانيس مليكسيثيان رئيساً ، كيورك دونويان ، هاكوب كسباريان ، آكوب إسرائيليان ، كريكور اولبكيان) ، و يتابع النادي نشاطه بشكلٍ منتظم ضمن الحدود التي أشرنا لها آنفاً, و رئيسه السابق كان موسيس فاقجيان ، و غاية النادي هي المساعدة في تهذيب و تثقيف الأفكار لدى الشبيبة وتقدمها ثقافياً ، وذلك عن طريق إلقاء المحاضرات وإقامة الندوات والعروض المسرحية ، والتعرف على التراث ، والنادي يمتلك مكتبة فخمة وقاعات واسعة للمطالعة ، وهو يدعو إلى التعاون الثقافي العربي – الأرمني ، وله كتب مطبوعة ، ومن نشاطاته مسابقة أدبية بالتعاون مع فرع (اتحاد الكتاب العرب), و لقد جمعت الأعمال الفائزة و طبعت تحت عنوان (رحيل اللقالق). وإقامة حفل تكريم الأديب (إبراهيم الخليل) ، وإقامة محاضرات وامسيات للعديد من الأدباء العرب ، منهم : (وليد إخلاصي ، عبد السلام العجيلي ، إحسان الشيط ، زكي حنوش). وفي عام 1931م تأسس نادي [واص بروكان] وهو يضم (أرمن مرعش و آخرين) الذين قدموا من تركيا ، أسسه (ستراك خراكيان) و كان للنادي نشاطاً ثقافياً ، لكن هذا النشاط إستقل فيما بعد بنادٍ خاص هو [نادي الشبيبة المثقفة] و ذلك في عام 1971م ، وترأسه الدكتور (زاوين روبيان) ، و من ثمّ الدكتور (باركيف انضونيان) ، ثم الآنسة (جاكلين قصابيان) ، و من ثم الدكتور (كريكور طراقجيان). ويقوم النادي بنشاط المحاضرات والرحلات السياحية والعروض المسرحية من فرقته الخاصة ، ويقدم النادي محاضرات أدبية بالإشتراك مع النوادي والجمعيات الأخرى ، ومع جامعة حلب وبخاصّة في معرض الكتاب الأرمني العربي بشكلٍ سنوي. وفي عام 1937م تأسست الفرقة القومية ، وأعضاؤها هم تلامذة المدرسة الشرقية وممثلوها ، التي كانت قائمة في حي الفرافرة ، وكان يرأسها فاتح غضنفر. وفي عام 1958م تم التوقيع على ميثاق إتحاد الأندية : الفرقة القومية ،الفرقة العربية والنادي الفني ، وتقرر تسميتها الأندية الفنية المتحدة ، ثم حُلّت وأُلغيت تسمية الفرقة القومية للتمثيل ليحلّ محلها ” نادي التمثيل العربي للآداب والفنون الذي تأسس عام 1958م ، ورأسه ظريف صباغ ، وحين انتقل مقر النادي عام 1970م إلى محطة إنطلاق الباصات الغربي بعد أن كان في حي الإسماعيلية جانب مشفى فريشو ، تابع عروضه المسرحية . وفي عام 1989م أُصيب ظريف صباغ بمرضٍ عُضال أقعده ، فكرّم ومنح وسام الشرف ، وبعد وفاته تمت دعوة أدباء ومبدعي الشهباء لانتخاب مجلس إدارة جديد ، وتم إنتخاب الأستاذ محمود فاخوري رئيساً للنادي . وللنادي نشاطات أدبية وثقافية مساء كل يوم سبت. وفي عام 1954 تأسست ندوة الشعلة الثقافية للسريان الأرذوكس وترأسها المطران (جرجس برنان) ، وتقوم الندوة بنشاطات ثقافيّة وأدبيّة ، رأسها أخيراً (جان وانيس) ، ومن نشاطاتها محاضرة للمحامي هائل اليوسفي ، و أمسية شعريّة لـ (عمر الفرا) ، و أمسية للدكتور الشاعر (الياس هدايا) ، وأمسية للدكتور (عبد السلام العجيلي) ، ومحاضرة للمطران (يوحنا إبراهيم) . و بقيت مستمرة في عطائها وتنسيقها مع الجمعيات والنوادي الأخرى ضمن هذا الحدود الذي لم يتم تجاوزه لرؤية أوسع للعالم المحيط على الأقل. وفي عام 1955م تأسس فرع جمعية المعري – تكيان الثقافية بحلب ، عن الجمعية الأساسية التي تأسست في لبنان عام 1947م ، والتي لها فروع في مختلف أنحاء العالم ، ويُعدّ (آكوب ديكرمنجيان) من أوائل رؤسائها ، أمّا تسميتها المعري – تكيان ، فتعود الى الربط بين الشاعر العربي أبو العلاء المعري ، والشاعر الأرمني (إبراهام تكيان) الذي ترجم شعر المعري إلى الأرمنية وتأثّر بفلسفته وشاعريته ، فكان أميراً لشعراء الأرمن . ومن محاضرات الجمعية ، محاضرة عن المذابح الأرمنية للدكتور سمير رفعت ، ومحاضرة القاسم المشترك بين الشعبين الأرمني والعربي للدكتور نعيم اليافي ، إضافةً إلى نشاطات ومحاضرات وأشياء كثيرة. وفي عام 1956 كتب الأديب بدر الدين الحاضري مقالة في مجلة الكاتب بعنوان " أزمة الأدب في حلب " فتسببت في لقاء عتاب و ودي حولها بين خليل هنداوي وكاتبها ، تمخضت عنه فكرة تأسيس رابطة الأصدقاء برئاسة خليل الهنداوي وعضوية بدر الدين الحاضري وفاضل السباعي وعلي بدور وعلي الزيبق ، مظفر سلطان ، جورج سالم ، فاضل ضياء ، لوريس سالم وجان سالم ، يجتمعون كل شهر في منزل أحدهم فتتلى النصوص الأدبيّة وتُناقش ألأحداث ألهامة، و لعلّ أهم أهداف الرابطة إحياء الحركة الأدبية بحلب، و إنفضّت الرابطة بعد قيام الإنفصال بين (مصر وسورية) بسبب غياب و انشغال بعض أعضائها، و كانت الرابطة تنشر نتاجها الأدبي في مجلات الأديب والآداب اللبنانيتين والثقافة السورية. وفي عام 1957 تأسس نادي شباب العروبة للآداب والفنون ، ومن مؤسسيه ، الدكتور زهير أمير براق ، أحمد حداد ، غسان براقي ، محمد نور قوجه ، سميح يحيى ، ويهتم النادي بالنشاط الثقافي والأدبي والفني ، ومن الذين لهم نشاطات في هذا النادي الأدباء ، محمد جمال باروت ، الشاعر عصام ترشحاني ، الشاعر يوسف طافش ، الدكتور فيصل أصفري ، الدكتور محمد علي هاشم ، الدكتور بشير الكاتب ، الأديب وليد إخلاصي ، الشاعر محمد أبو معتوق ، الدكتورة سحر روحي الفيصل ، وغيرهم كثير. وفي عام 1957م تأسست جمعية النهضة الثقافية بجهود بعض الأدباء المهاجرين من مدينة أورفة التركية إلى حلب ، وتقوم الجمعية بنشاطات ثقافية وأدبية وتساهم في معارض الكتب والمعارض الفنية ، وتسعى جاهدة لتكريس التعامل الثقافي بين الأرمن والعرب. وفي عام 1959م تأسست جمعية الشهباء ترأسها أولاً مصطفى السيد ، ثم منير برمدا ، ومن ثم عبد الرحمن الكواكبي ، وحصلت على إذنٍ خاص لإلقاء المحاضرات ، فأصبحت قناة حضارية ثقافية متميّزة . وقدمت العديد من النشاطات الأدبية بالإشتراك مع جامعة حلب وجمعية العاديات ونادي شباب العروبة. وفي عام 1959م أيضاً تأسست الجمعية العربية للآداب والفنون من تسعة شبان مصريين وسوريين هم ، أحمد نهاد الفرا ، ناهد صقر ، وداد الفرا ، علي بدور ، محمد صبحي كردي ، دُرية رنة ، محمد العيان ، مصطفى عبد الدايم ، سعيد أحمد الناضوري ، محمد العبد منصور . إتخذت مقراً لها في بناية محمود سليمان جانب المتحف ، ثم انتقلت إلى مقرها في مركز إنطلاق الباصات الغربي ، ترأسها منذ البداية أحمد نهاد الفرا حتى وفاته عام 1994م فخلفه (محمد رياض الفرا) ، وكانت أهداف الجمعية تنمية ميول الشباب في مصر و سوريا فنياً و أدبياً من دون الربط بجوهر و هدف المنتديات و التي تتلخص في إزدهار البلاد و تطوره عبر أنظمة متكاملة على كل المستويات, فكان الأفراط الغير الهادف هي صبغة تلك التجمعات و المنتديات, لهذا لم تنجح تماماً. و هكذا إستمرت تأسيس الجمعيات و المنتديات في مختلف البلاد العربية و الأسلامية, و هناك أسباب محورية و جذرية تسببت في عدم تأثير و تطور و توسيع تلك المنتديات و تحقيق أهدافها المرجوة و منها أيضاً: عدم الأعتماد على الأفكار الفلسفية الكونيّة و الأنسانيّة كنظريات أفلاطون و سقراط و إسبينوزا و ديكارت و نيتشيه و آينشتاين ناهيك عن نظريات و رسالات الأنبياء و الرسل و الأئمة كرسالة خاتم الأنبياء محمد (ص) الذي يعتبر ختاماً للديانات الإبراهيمة الثلاثة و هكذا أوصيائهم العظام كعلي بن أبي طالب, إنما جلّ إهتمامهم تركّز على الجوانب القومية و شيئا من الأشتراكية الشرقية و قليلاً من الظواهر الغربية, والتي باتت خليطا غير متجانس و بآلتالي نظاماً شاذاً تسبب في جعل بلادنا تدور في أفلاك غير نافعة و مثمرة. لهذا لم تشكل المنتديات ظاهرة مؤثرة عقداً في وجود المتطلعين و المشاركين في تلك المنتديات, فبقيت أهدافها محدودة بل و مدمرة .. حتى تلاشت و إضمحلت و منها أفكار القومجية و حزب البعث و الحركات الأسلامية كآلأخوان و غيرهم. كل ما ذُكر مؤخراً كان يجسّد محاولات أدبية ولكنها تلاشت بسرعة وإن كان العنوان الطاغي عليها هو الأدب. و مما لاشك فيه أن حلب الشهباء التي كانت تحتل موقعاً ثقافياُ فعالاً خلال قرنٍ كاملٍ على مستوى الوطن العربي ، حيث كانت كما ذكرنا سابقاً أنها ثالث عاصمة ثقافية في العالم العربي بعد القاهرة وبيروت. ولا بد من مناشدة المسؤولين والمثقفين والأدباء أن يتفهموا واقع التجمعات الأدبية من حيث أهميتها ، وضرورة دعمها وبخاصة من الناحيتين المعنوية والمادية ، حيث أن كل الجمعيات والتجمعات الأدبية والثقافية تعتمد على نفسها في تمويل ذاتها ، وهذا مما يعيق استمرار الفعاليات الثقافيةإن ظهور التجمعات بأنواعها الأدبية والثقافية إنما هو دليل صحة وعافية ، حيث أنها الرئة التي يتنفّس من خلالها الأدباء والمثقفون لينهضوا بمجتمعهم و يرتقوا به نحو سلم الحضارة والإنسانية والمحبة والمعرفة. في عصرنا هذا ومنذ بدء الالفية الثالثة و ظهور الفلسفة الكونية العزيزية كختام للفلسفة و النظريات التي ظهرت خلال عهود التأريخ, تغيير منحى الفكر و بات عنصرا أساسيا من خلال المنتديات الفكرية التي بدأت تتوسع في العالم, بعد إعلاناتنا المتكررة إلى جانب قيامنا بتأسيس تلك المنتديات في بلاد العالم و في المدن المختلفة في بلادنا,و التي نأمل أن تحقق أهدافها الكونية التي يمكن خلاصتها بتحرير الأنسان من هيمنة الساسة و الأحزاب التي تتشكل بهدف السيطرة على الحكم لنهب البلاد و العباد و كما هو حال بلادنا اليوم للأسف. ختاما نتمنى من المهتمين بقضايا الفكر أن يقوموا بتأسيس المنتديات الفكرية و الثقافية لعقد جلسات يومية أو إسبوعية أو شهرية أو حتى موسمية حسب الظروف لدراسة الأفكار و الأحداث و القضايا التي تهم الأنسان و الوجود عبر نظريات الفلاسفة و منها الفلسفة الكونيّة التي هي ختام الفلسفة في الوجود. نداء للأعزاء من أهل القلوب في كل الأرض : نداء للأعزاء من أهل القلوب في كل الأرض يا أهل القلوب أنتم وحدكم اليوم بيدكم قيادة و مصير العالم من الناحيّة الفكرية و الفلسفية و الثقافية لأنها هي التي تمثل وجود الأنسان و ليس هذا البدن المادي المُكوّن من اللحم و العظم و الدم و العروق و الشعر, خصوصا بعد كشف زيف الأنظمة و السياسيين و فساد أحزابهم و عقائدهم و أنظمتهم السطحية التي جرّبوها و فشلت.. أنتم وحدكم مَنْ يضمن و يحمل هم الثقافة و الفكر و الأدب و الصّدق و كرامة الأنسان .. في زمن النفاق هذا بحيث عندما رآى الشيطان فساد الناس و قادتهم و حكوماتهم أعلن إستقالته من ما عهد به نفسه .. معتذرأً لله تعالى عن إدامة مسؤوليته في غواية العباد بكونهم هم الغواية و النفاق بعينها و ذاتها . نعم .. الصّدق هو العنوان الأكبر .. لأنهُ؛ [ الفصل الأوّل في كتاب الحكمة] ألذى يطرح و يناقش في المنتدىات الفكرية في كلّ بلاد الأرض, ثمّ يأتي الباقي من المفاهيم و القيم .. بعد صدور كتابنا المنهجي: (أسس و مبادئ ألمنتدى الفكريّ) إن شاء الله و آلذي يضم تفاصيل إقامة المنتديات المتطورة العلمية النافعة و الممكنة إقامتها في كل مكان و في كل الظروف و بأقل الأمكانات .. و لا يحتاج لإمكانات كبيرة سوى المحبة التي وحدها تُمثّل العمود لبقاء المنتديات التي توصلكم للحقّ, و سيصدر قريباً جدّاً إن شاء الله لبيان تفاصيل المنهج الأم ألرائع والراعي لمبادئ الحوار المتمدن, و رأيت من المفيد .. بل الواجب هضم العناوين التالية لتكون محوراً فاعلاً في نشر الثقافة و الفكر بين الناس الذين يعانون الجهل على جميع المستويات بعد ما وصلهم إسلام فاسد ممن إدعى الدين لأنه كان يلف قماش موبوءاً على رأسه العفن .. لهذا لم يسلم أحداً ممن تولّى الحكم و المسؤوليية من تلك آلفايروسات فعم الفساد و النهب بتنفيذ مباشر من ألاحزاب المتحاصصة في العراق .. أحزاباً و إئتلافات لم تتعلم سوى ثقافة واحدة فقط, هي: إفعل ما تريد بلباس آلدعوة لله و الدّين و تحمّل كل شيئ لأجل الراتب و القنص و الفساد! فكان ما كان كما شهدتم .. لهذا نريد حلّ مشكلة الفساد هذه من الجذور رغم أنها أضافت ثقلا آخر على أكتافنا المجروحة و قلوبنا الدامية و يتطلب معرفة أدب الحوار بآلتسلح بآلصبر و التواضع و التفكر بآلمبادئ التالية كأوّل درس في آلمنتدى الفكري أو الثقافي أو الأدبي .. أو أيّة تسمية تعجب المؤسسين لوضعها, تسبقها الحكمة الكونية التالية: [ألصّدق أوّل فصل من كتاب الحكمة], و الكاذب أبداً لا يخدم ولا يفيد, و تلك صفة السيياسيين الذين إمتلأت بطونهم بآلمال الحرام, جهلاً أو تجاهلاً و أكثرهم عمداً, و بغيرها لا تحصدون الثمر: لأنّ آلعلم الكونيّ العزيزيّ أثبت بأنّ: [آلأشجار تتّكأ على الأرض لتنمو و تثمر .. بينما البشر يتّكأ على المحبة لينمو و يثمر]. و إليكم بإختصار محاور ألمنتدى الفكري الخمسون التي كُتبت عام 1998م تزامناً مع فتح مركز ألفيلسوف الصدر الأول (محمد باقر الصدر) لتداولها و هضمها و إغنائها بآلبحث و النقاش .. ريثما يتمّ إصدار كتابنا الهام ألموسوم أعلاه مع الجزء الثالث و الأخير من هذا البحث و الذي لا بدَ لكلّ إستاذ و أديب و عالم و مفكر و سياسي أن يقرأها بوعي .. و هي هدية (فلسفتنا الكونيّة) ضمن هذا المجال ولكم بآلذات يا أصحابي المثقفين الحاملين لهمّ الفكر والتغيير عبر المنتديات والمراكز الثقافية والفكرية والفلسفيّة في العالم والعراق خاصة: لأنّ راية التغيير بيدكم؛ خصوصاً بعد ما تبيّن فساد آلأحزاب خصوصا ألدينية وعمالتهم؛ فعليكم بناء أنفسكم بهضم أربعين مبحثاً بعنوان؛ (الأربعون سؤآل) و التي طرحناها مع أجوبة و إشارات أجماليّة في مباحث سابقة مختلفة, و التي بمعرفة أجوبتها و موضوعاتها الكاملة يصبح المثقف مُلمّاً بآلحياة و قضايا الخلق و الوجود و أسرار خلقنا و مصيرنا خصوصاً أجوبة (الأسئلة الستة) التي وردت ضمن (الأربعون سؤآل) .. يُضاف لذلك؛ خمسون نقطة عن فنّ قبول الإختلاف و التّعايش بين البشر خصوصاً أهل المنتديات من أجل توعية الآخرين ومعرفة أسس الحياة لتحقيق السعادة و الرضا .. أملاً بآلفوز والراحة في الدارين و بجنات الخلد في كنف الخالق مع العاشقين الذين لا يتلذذون حتى يوم القيامة إلّا البقاء و الأستمرار في عبادة الله دون الخلق! نعم .. إنّها خمسون شمعة و لمجرد إضائتها لتنوير نفوسنا و قلوبنا؛ نكون قد عرفنا أنفسنا على حقيقتها و أدركنا أساليب الحوار و البحث و المناظرة مع الآخر بشكل أقوم, لأنها بمثابة صيدلية الرّوح و الفكر و هي :خمسون موضوعاً يجب هضمها لمعرفة أفضل و إدراك أعمق و رعاية أقوم أثناء الكتابة و التقرير و الحوار و آلنقاش و المناظرة مع الآخرين, فقد لاحظت عدم إتقان معظم إن لم أقل كل المحاوريين لأساليب الحوار و المناظرة عبر الفضائيات. ألوصايا آلخمسون للقائمين على آلمنتديات ألفكريّة هي : ألوصايا آلخمسون للقائمين على آلمنتديات ألفكريّة هي : 1- أنا لستُ أنت. 2- ليس شرطاً أن تقتنع بما أقتنع به. 3- ليس من الضرورة أن ترى ما أرى. 4- الاختلاف شيء طبيعي في الحياة. 5- يستحيل أن ترى بزاوية 360. 6- معرفة الناس للتعايش معهم لا لتغييرهم. 7- إختلاف أنماط الناس إيجابي وتكاملي. 8- ما تصلح له أنت قد لا أصلح له أنا. 9- الموقف والحدث يُغيّر نمط الناس. 10- فهمي لك لا يعني القناعة بما تقول. 11- ما يُزعجك ممكن ألا يزعجني. . 12- الحوار للإقناع وليس للإلزام ( الافهام و ليس للالزام) 13- ساعدني على توضيح رأيي. 14- لا تقف عند ألفاظي وافهم مقصدي. 15- لا تحكم علي من لفظ أو سلوك عابر. 16- لا تتصيد عثراتي. 17- لا تمارس علي دور الأستاذ. 18- ساعدني أن أفهم وجهة نظرك. 19- اقبلني كما أنا حتى أقبلك كما أنت. 20- لايتفاعل الإنسان إلامع المختلف عنه. 21- إختلاف الألوان يُعطي جمالاً للّوحة. 22- عاملني بما تُحب أن أعاملكَ به. 23- فاعلية يديك تكمن باختلافهما وتقابلهما. 24- الحياة تقوم على الثنائية والزوجية. 25- أنت جزء من كُلّ في منظومة الحياة. 26-- لعبة كرة القدم تكون بفريقين مختلفين. 27- الاختلاف استقلال ضمن المنظومة. 28- ابنك ليس أنت و زمانه ليس زمانك. 29- زوجتك أو زوجك وجه مقابل وليس مطابقا” لك كاليدين. 30- لو أن الناس بفكر واحد لقتل الإبداع. 31- إن كثرة الضوابط تشل حركة الإنسان. 32- الناس بحاجة للتقدير والتحفيز والشكر. 33- لا تُبخس عمل الآخرين. 34- إبحث عن صوابي فالخطأ مني طبيعي. 35- انظر للجانب الإيجابي في شخصيتي. 36- ليكن شعارك وقناعتك في الحياة : يغلب على الناس الخير والحب والطيبة. 37- ابتسم وانظر للناس باحترام وتقدير. 38- أنا عاجز من دونك. 39- لولا أنك مختلف لما كنت أنا مختلف. 40- لا يخلو إنسان من حاجة وضعف. 41- لولا حاجتي وضعفي لما نجحت أنت. 42- أنا لا أرى وجهي لكنك تراه. 43- إن حميت ظهري أنا أحمي ظهرك. 44- أنا وأنت ننجز العمل بسرعة وبأقل جهد. 45- الحياة تتسع لي أنا وأنت وغيرنا. 46- ما يوجد يكفي الجميع. 47- لا تستطيع أن تأكل أكثر من ملء معدتك. 48- كما لك حق فلغيرك حق. 49- يمكنك أن تغير نفسك ولايمكنك أن تغيرني. 50- تَقبّل اختلاف الآخر وطور نفسك. دور ألعلم و آلفكر ألحديث لِتغيير ألعَالَم آلمُضطرب ألمَمسوخ دور ألعلم و آلفكر ألحديث لِتغيير ألعَالَم آلمُضطرب ألمَمسوخ: عبر نشر ثقافةُ ألفنون لإنقاذ البشر من المحن التي كبّلتهم بسبب الحكومات الظالمة : الهدف من عرضنا لهذا المنهج(أسس و مبادئ المنتدى الفكري)؛ هو لأنقاذ البشر من الظلم و الحيف و القهر الذي يواجهه بسبب الحكومات و الأحزاب الضالعة في فلكها, حيث نتبنى مبادئ أساسية لعرض الأفكار و الثقافات و الفنون بإسلوب مؤثر و فاعل لتسهيل و تسريع عملية التبادل و النشر بأقل جهد و بأسلوب علمي حديث. تُشكّل العلوم و ألفنون و المهن : كفنّ و عِلم التكنولوجيّا و فنّ الكتابة و الشِّعر و آلمُوسيقى؛ ألفنّ آلتشكيليّ؛ ألنّحت؛ ألتّمثيل؛ ألزّخرفة آلمعماريّة؛ ألبناء؛ هندسة ألسّيارات و آلأجهزة و آلأثاث؛ تصميم ألملابس؛ ألدّيكورات و آلنّقوش؛ ألأبواب و آلشّبابيك؛ مداخل و واجهات ألعمارات و آلمُدن؛ بناء آلبيوت؛ ألكهرباء؛ تعمير ألسّيارات؛ بحوث آلفضاء؛ ألذرة؛ ألطاقة؛ تصميم ألشوارع و آلجّسور؛ ألمكياج, و غيرها من آلفنون و العلوم ..إلى جانب الذكاء ألأصطناعيّ؛ وسائل وأدوات للرّقيّ و بناء الحضارة الكونيّة التي تُؤمّن سعادة الأنسان لا شقائه و كما هو الحال اليوم بسبب سوء الأستخدام لتلك الأدوات والأمكانات, لأنّ الجامعات والمراكز العلميّة تنقصها المناهج الصحيحة التي تُؤكّدها ألمناهج الفكريّة و المنتديات الثقافية المفقودة في الجامعات و المعاهد و حتى الحوزات التي يُفترض أن تكون سباقة في تأسيسها, لقد بدأت توّاً بعض البلدان ألعربية كمصر؛ الشروع بهذا الأمر الأهمّ حتى من الدّراسة الجامعيّة التي لا تتعدى تعلّم مهنة أو أختصاص لإدامة الحياة و تأمين لقمة خبز. يضاف لذلك إلى أن السياسيون من جانبهم لم يدركوا دورهم و أهدافهم التي يجب السعي لتحقيقها, فما يسعون لأجله لا يتعدى أن يكون ضمن مصالحهم المادية الشخصية و الحزبية و العشائرية, و لعل أهم سبب في ذلك, هو عدم معرفتهم بحدود السياسة و علاقته بآلتأريخ و هكذا بباقي الفنون مظاهر أساسية من مظاهر الرقي و ألأبداع و ألجّمال و اللطافة لراحة و رفاهية و سعادة ألأنسان و المجتمع و لعلاج الكثير من الأمراض الرّوحيّة و آلنفسية و البدنيّة التي إنتشرت في عالم اليوم .. هذا لما لتلك آلفنون و آلموسيقى و الفلسفة و العلوم و الألوان من شحنات إيجابيّة و طاقة فعالة و مُؤثّرة بشكلٍ مباشرٍ على سلامة آلجسد و الرّوح و النفس و ثقافة و فكر الأنسان, و آلتّنمية على صعيد زيادة الأنتاج الصناعيّ و الحيوانيّ و الزّراعيّ بما يضمن آلرّخص و العدالة .. و بآلتالي إضفاء ألصّفاء و السّعادة على الحياة. و يتناسب قوّة التأثير و تناغم تلك الطاقة المنبعة من الفنون و العُلوم مع وجودنا آلمجتمعيّ بمقدار ألوعيّ و آلتفاعل و آلأندماج مع روح و حقيقة و جماليّات تلك الألوان و الأشكال و المواد لشفاء الأمراض و إضفاء أجواء الراحة و السعادة لشفاء ألرّوح و معاييرها التي تتبنّاها المنتديات الفكريّة و الثقافيّة المنتشرة حول العالم منذ عقود و التي بلغت عددها بحدود 500 منتدى و مقهى ثقافي! كما إن المنتديات خير مكان للبحث و مناقشة ألسّؤآل التأريخيّ الذي طالما كان أستاذي الكاتب و الأديب العراقي المعروف (عبد الخالق الركابيّ) و غيره يطرحه علينا أيام الدّراسة الأعدادية بعد مُقدمة مختصرة حول عظمة الفنّ و الجّمال و النحت و الأدب من دون جواب .. و مفاد ذلك السؤآل هو : [هل ألفنُّ للفنِّ .. أمْ ألفنُّ للنّاس] ؟ و بآلتالي : [هل آلفكر لأهل آلفكر أم لعامّة آلنّاس]؟ و كذلك؛ [هل علاقة التكنولوجيّا بآلفنّ و روح الأنسان؛ إيجابيّة أم سَلبيّة ؟]. و السؤآل ألأخير : [هل يُمكن دمج التفكير البشريّ مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعيّ للإستفادة القصوى؟] و ما هي العلاقة و التأثيرات المباشرة بعضها مع البعض!؟ و أخيراً: (ما مدى فاعليّة كلّ ذلك على تحقيق وحدة الناس بدل ألتّكاثر و الفرقة بينها), تلك المعادلة التي تدخل في صلب ألأمتحان الذي يخصّ البشريّة لأدائها بنجاح على هذه الأرض!؟ وغيرها من القضايا الكونيّة و الرّوائع الفكريّة الأنسانيّة الجديدة التي تُنوّر البصيرة لتكشف .. ليس قضايا الغيب فقط؛ بل و مدىً أبْعد من ذلك لمعرفة نهاية الكون وحقيقة الله كوجود لا وجود بدونه؟ و في الختام ألمنتديات؛ هي أفضل الأماكن التي تطرح فيها الأسئلة(21) و الموضوعات و مناقشـة النتـائج و القضايا الراهنة, لبيان دور الفكر و الفلسفة و ثقافة الفنون في تقويم النتائج و تحقيق سعادة المجتمع البشري الذي يعاني الأزمات و الحروب و الويلات بسبب الحكومات و الأحزاب الحاكمة التي تنشر الجهل بدل العلم والثقافة والفن للتسلط على الناس و هضم حقوقهم. و لا نخفيكم بأن فاعلية و تأثير المنتديات على الوعي(22) في أيّ مدينة أو دولة أو قارة حول العالم ؛ إنّما يتعلّق بمدى وعي المدراء و الجماعات المثقفة و العالمة التي تشارك في مدنها و دولها و قاراتها لقيمة و دور الثقافة ؟ فهل أيّها القارئ العاشق العزيز يُوجد في مدينتكم أو جامعتكم أو وزارتكم مُنتدىً للفِكر يا أهل الفكر!؟ أم تنتظرون المزيد من المصائب والفساد و الظلم و الجور عليكم بعزوفكم عن المعرفة !؟ و كما كان للآن و للأسفّ؟ ملاحظة أخرى هامّة للغاية : من المعلوم أن الناس و نتيجة للوضع الغير الطبيقي للبشر, و تفاقم الأزمات و الحروب و النزاعات و التنافس على كل صعيد و كثرة المؤآمرات للسيطرة على أكبر ما يمكن من الغنائم و البلاد و العباد, و بآلتالي عزوف الناس عن القراءة و المطالعة بينما أوّل واجب أُمرنا به هو (إقرأ), و تلك هي علة العلل في تفاقم أوضاعنا و حياتنا, لعدم وجود الخطط و البرامج اللازمة لتشجيع و دفع الناس إلى المطالعة و القراءة خارج دروس الأختصاص و المهن التي تُعطى عادّة في المدارس و آلجامعات؛ لذلك إبتكرت بعض الدّول الغربيّة توّاً بعد ما أحسّت بخطورة عزوف الناس عن الثقافة و الفكر؛ وسائل فاعلة نسبياً و مناهج لتعليم و تشجيع الناس على المطالعة, لأنّ شهادة جامعيّة لوحدها لا تكفي لتحقيق السعادة وآلتّوحد و التطور و لا بد من وجود أسس و تعاليم و ثقافات أخرى بجانبها ليتحقق المطلوب .. لذلك بدأ مختصون في وزارة التربية و التعليم الكندية عام 2024م في مقاطعة أنتاريو مع بدء العطلة الصيفية - طبعاً لا يوجد عندهم (التربية) .. إنما فقط وزارة (التعليم) ؛ المهم بدأ مختصون في وزارة التعليم برنامجا لهذا الصيف تحت عنوان : [دورة تثقيفية لتحبيب القراءة لدى طلاب المرحلة الأبتدائية], و العلة بنظري تحديد الدورة لطلاب الأبتدائية ؛ هي إن العلم و التعلم و كما قيل في الصغر, و لو تطبع الطالب من البداية على القراءة فأنه على العموم سيستمر حتى النهايّة, لأن توقفها يعني الأنفصال عن العالم .. بل يعني الموت. و غير مقبول لدينا مثل هذا العنوان ليس لدى طلاب الأبتدائيّة و الأعداديّة فحسب؛ بل حتى لدى طلاب الجامعات ولا أجانب الحقيقة لو قلت لدى حتى أساتذة جامعاتنا في بلادنا العربيّة والإسلاميّة!؟ الهوامش : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * للأطلاع على الجزء الأوّل من الكتاب عبر الرابط التالي : تحميل كتاب أسس و مبادئ ألمنتدى آلفكري pdf - مكتبة نور download book foundations and principles of the intellectual forum pdf - Noor Library (1) الجمهورية العراقية – وزارة التربية ، مديرية النشاط المدرسي – الاناشيد المدرسية المقررة ، ط1، بغداد، 1980م. (2) ابراهيم محمود المدرس ، الكتاب السنوي – وزارة التربية والتعليم 1968-1969 ، (3) مديرية العلاقات الثقافية العامة ، ط1، بغداد ،د.ت. (4) د. جعفر عباس حميدي ، تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري 1958-1968،ج8،ط1، بغداد ، 2004م؟ (5) خليل كنة ، العراق امسه وغده ، ط1، بيروت ، 1966م. (6) ستيفن همسلي لونكريك ، العراق الحديث من سنة 1900 الى سنة 1950 ، ترجمة سليم طه التكريتي ، ط1، بغداد ،1988م. (7) د. صباح مهدي رميّض ، صحافة العهد الملكي ، ط1، بغداد، 2010م. (8) عبدالكريم الازري ، مشكلة الحكم في العراق من فيصل الاول الى صدام ، ط1، د.ت. (9) عبد علي سلمان ، المجتمع الريفي في العراق ، ط1، بغداد ، 1980م. (10) د. كريم محمد حمزة (اعداد) ، المشروع الاستراتيجي – التعليم في العراق ، ط1، بغداد ، 2011م. (11) ماريون فاروق سلوغت ، بيتر سلوغت ، من الثورة الى الديكتاتورية –العراق منذ 1958 ، ترجمة مالك النبراسي ، المانيا ، 2003م. (12) محمد كاظم علي ، العراق في عهد عبدالكريم قاسم 1958-1963، ط1، بغداد ، 1989م. (13) د. مسارع حسن الراوي ، نحو استراتيجية جديدة للتعليم في العراق ، ط1، القاهرة ، د.ت. (14) د. نهاد صبيح سعد ، الطرق الخاصة في تدريس العلوم الاجتماعية ، ط1، البصرة ، 1990م. (15) د. نوال كشيش محمد الزبيدي ، تطور التعليم في العراق 1958-1968 ، ط1، بغداد ، 2012م. (16) مجلة الثقافة ، العدد السابع ، السنة الخامسة – تموز 1975، بغداد – العراق. (17) عن مجلة (الكاردينا 2020- 31آذار) (مضامين الفلسفة التربوية) خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي والتي اقرتها الحلقة الدراسية لتخطيط السياسة التربوية في العراق. (18) جريدة الثورة ، العراق ، 21/10/1981م. (19) قانون صادر من الحكومة العراقية بشأن التربية و التعليم. (20) قانون صادر من الحكومة العراقية بخصوص التربية و التعليم. (21) أعتقد بأنّ [الأربعين سؤآل], تضمّ أهمّ اسئلة الوجود التي علينا معرفتها مع أجوبتها و دركها , هذا بعد معرفة النفس التي تتقدم حتى على معرفة الله تعالى, لأنّ معرفة النفس هي معرفة لكل شيئ. (22) ألمنتدى الفكري أو الثقافي أو... : يعني تجمّع ثقافيّ ؛ علميّ ؛ فكريّ, لمجموعة واعية من المُحبين للحياة و الجّمال و الفن و التقدم و الرقي و الأنسنة لهداية الناس فكرياًّ و روحياً و معرفياًّ عبر مناقشة و تبادل الخبرات على كلّ صعيد , كون الفكر هو آلممثل و الوجود الحقيقيّ للأنسان السّوي الهادف, و ليس البدن(الجسد) المكوّن من الدّم و الّلحم و الشَعر و العروق و الغدد و التي ستموت و تتفسخ و تستحال, بينما الفكر هو الناجي الذي يبقى و يحمي الروح للتحليق في عالم الخلود و السّلام و الأمن للأبد!ّ و أبَداً لَن يموتَ آلذي أحيا قلبهُ بآلعشق .. إنّهُ مُؤكدٌ خُلودنا في هذا آلوجود. لأننا جئنا لنبقى .. لا لنموت, فلنجعل اللوحة التي نرسمها جميلة للآخرين الخاتمة: تمّ هذا آلجُزءُ آلثانيّ من كتاب : (أسس و مبادئ المنتدى الفكري) بفضل الله و رعايته الدائمة لعشاق الوجود, فهو ألأمل و المُنى لا غيره, و سيلحقه الجزء الثالث كخاتمة لهذا البحث الهامّ جدّاً إن شاء الله و الذي يجب .. بل و يلزم على كلّ مَنْ يُريد أن يحيا كبيراً و يُخلد في هذا الوجود ؛ أنْ يقرأهُ و يُطبّقه عبر تأسيس المنتديات و المراكز و المقاهي الثقافيّة و الفكرية ليفهم و مَنْ حوله حقيقة هذا العالم و أسرار الوجود و سَنُبيّن في الجزء الثالث تأريخ ما جرى على الفكر و الثقافة و الفلسفة من مصاعب و معاناة و معاداة الفكر و أصحابه و محنة حَرق الكتب و المكتبات و إعدام الفلاسفة عبر التأريخ للأسف, و هذا هو صُلب موضوعنا القادم إن شاء الله. عزيز حميد الخزرجي و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.