صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Friday, April 11, 2025
هل تشهدون آثار لقمة الحرام في بلادنا؟
هل تشهدون آثار لقمة الحرام
ما يجري علينا بسبب الحرام:
كثيراً ما نبّهتُ المتحاصصين و منذ نصف قرن و بآلأخص من سُميّ بدولة القانون و الأطار و غيرهم, بآلحذر من سرقة الفقراء عبر المخصصات و الروابط و السرقات و الصفقات المتنوعة تحت مسمّيات مختلفة, لكنه و للأسف بات المال الذي يغتر به حتى أهل العمائم من الشيوخ و السادة ناهيك عن المليشيات و الرؤساء و الوزراء خاصة هو الامل و المنى, و ذلك لفقدان التقوى و الوجدان .. الذي لا يحصل عليه العبد بسهولة إلا بعد رياضات طويلة وعريضة مع الصبر على الكثير من الأذى ..
ومَنْ مِن أعضاء الحكومة و البرلمان والاطار والمليشيات جرّب ذلك و كان صادقا تقياً!؟
بل مَنْ منهم يعرف آثار و عواقب لقمة الحرام أساساً, تلك الآثار المدمرة الواقعة في عراق اليوم؟
ليس عدلاً ولا أنصافاً أن يُسرق شعب بأكمله لأنه غير مثقف و لا يعرف حقوقه و هدفه, بسبب الوالدين و المناهج الحزبية و التربية و التعليم الفاشل والثقافة السائدة عموماً في بلادنا, بل على كل مسؤول و لأنه مسؤول أن يلاحظ تلك الحقوق , لا أن يأتي للوظيفة بآلمال الحرام و يحصل على منصب عبر وسائل مختلفة كآلواسطة أو الحزب أو التحاصص أو بفضل وأوامر القوى الكبرى التي تعمل لها جميل الفصائل والمليشيات والأحزاب المتحاصصة في العراق و إن إدعت بأنها تعادي المحتليين و المستكبرين في العلن, بعكس ما يفعلونه في الخفاء .. و كما قال معروف الرصافي رحمه الله و هو يصف حال حُكّام العراق و وعّاظهم:
[لا يَخدعَنكَ هُتاف القومِ بالوَطَنِ .. فالقومُ في السرِّ غير القومِ في العَلَن].
يضاف فوق كل ذلك إعطاء مئات الملايين من الدولارات كرشوة لأشخاص في دول أخرى لشراء ذممهم لبقاء المتحاصصين في الحكم!
في الحقيقة لقمة الحرام و التي شاعت بل شملت كل العراق تقريباً خصوصا الطبقة السياسية بسببهم؛ قد فعلت فعلها و أضاعت بوصلة العراق و العراقي و هو لا يعلم أين الحق و مَنْ المُحق و لماذا يأكل الحرام الذي أصبح حلالاً بعد مقولة "القادة" الذين نهبوا المليارات و الملايين و إدّعوا بأنها (أموال سائبة أو مجهولة المالك) لضيق أفق عقولهم و مسخ قلوبهم الفاسدة, و هكذا سار الآخرون بمن فيهم المرتزقة و الذيول الذين باتوا عالة على اكتاف الفقراء و المجاهدين الحقيقين الذين ترك أكثرهم حتى السكن في العراق, تلافياً لمشاركة الفاسدين بالنهب و السلب و لقمة الحرام, بل وفوقها أجازت حكومة السوداني المعدانية و إطاره الجاهل؛ قتل الرجال و النساء و الأطفال و كما بان خلال المظاهرات الأخيرة في الناصرية و غيرها!
المهم لقمة الحرام لم تعد اليوم في العراق حرام أو حتى مكروه بل يعتبر توفيقاً و حقاً إغتصبه الساسة و الحكومات علناً؛ و قد أثرت على الكثير من الجوانب الحياتية و المصيرية و الأخلاقية بشكل خاص و كما نشهدها على كل صعيد , بحيث بات آكلي تلك اللقمة يعتبرون أنفسهم دهاة و شياطين و شخصيات كبيرة و كما كان .. أو و كما .. علّمهم البعث الهجين و سيدهم صدام يوم كانوا معه يحكمون العراق و يعملون لأجل بقاء صدام, بكون الهدف من الحكم هو الغنى , بينما فلسفتنا الكونية تقول و تؤكد بأن :
[مَنْ يغتني من وراء السياسة فاسد].
المهم ما يعنينا هنا عرض (المخاطر) المدمرة التي تسببها لقمة الحرام لتذكير الناس و حتى الذين وضعوا أنفسهم في قمة الهرم و هم لا يتقنون أبجدية الحكم و العدالة رغم وجود عشرات مراكز الدراسات التي أسسوها و يعمل فيها من لا يعرف شرق آسيا من غربها.. المهم حكموا بفضل المحتلين, حيث صرحوا أخيراً بعد الضغوط الخارجية بأنهم مستسلمون ولا مقاومة و يطلبون:
من (أمر..يكا) ألعفو و الرضا عنهم و مسامحتهم, هذا بعد ما أقاموا الدنيا و لم يقعدوها بجهادهم و المقاومة وآلوقوف ضدهم!
بآلضبط كما فعل أستاذهم صدام قبل سقوطه , حين قال لممثل بوش أثناء لقائه في الموصل و كانت آخر إتصال بين أمريكا و صدام, قال لممثل بوش:
[أرجو إبلاغ السيد بوش بأننا لا نعادي أمريكا و قبلنا و نقبل بكل مقرراتهم, فقط لا يهجم علينا]!!!
فما علاقة المصير والتطور والأحداث و المآسي التي تؤثر على نشأة و سعادة الأمم أو شقائها بسبب لقمة االحرام!؟
فالواقع و كما أخبرتنا الكتب السماوية و تجارب الأمم ومنها أمم الغرب و حتى الشرق؛ قد أثبت بوجود علاقة مصيرية بين الكدّ المشروع لبناء الحياة و بين التزوير والنفاق لذلك, و تجربة (الرينوسانس) خير مثال على ذلك في أوربا و كذلك تجربة كوبا مع امريكا و هكذا تجربة الثورة عام 1979م في الشرق!
ورد عن رسول الله(ص) في الصحيحين كما في مدرسة اهل البيت(ع), قوله(ص) عن إبن عباس :
تُلِيَتْ هذهِ الآيةُ عِندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا] (البقرة: 168)، فقام سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ, فقال: يا رسولَ اللهِ, ادعُ اللهَ أنْ يجعَلَني مُستَجابَ الدَّعوةِ؟
فقال النبيُّ (ص) :
[يا سعدُ؛ أطِب مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ، والَّذي نفْسُ مُحمَّدٍ بيدِهِ, إنَّ العبدَ لَيَقذِفُ اللُّقمةَ الحرامَ في جَوفِهِ ما يُتقبَّلُ منه عملٌ أربعينَ يومًا, وأيُّما عبدٍ نَبَتَ لحمُهُ مِن سُحت فآلنار أولى به](1).
إن تمتع الإنسان بقلب و روح سليمين و نابضين بالحيوية و الصفاء و المحبة يشبه الجذر السليم لشجرة مباركة، و يجب أن يكون للشجرة جذور سالمة حتى تكون مستقرة ومثمرة بشكل دائم. الطعام الطاهر والحلال ينير قلب الإنسان، ويزيد فيه رغبة المعرفة الإلهية والعبادة، فتزداد روح الدعاء والتضرع لله تعالى، و ينمو النشاط العملي, و من ناحية أخرى فإن الطعام الحرام يسبب ظلمة في قلب الإنسان، وبالتالي ينقاد الإنسان إلى كل أنواع الذنوب!!
فالتعصب في غير محله، و الأخلاق السيئة و العديد من الرذائل الأخلاقية الأخرى كلها نتيجة لآثار لقمة الحرام(الرواتب الحرام المليونية) التي تذهب بالإنسان إلى الهلاك و تُسلب منه نور الإيمان و الراحة من قلبه, سواءً علمنا بها أم لم نعلم، فمن يأكل طعاماً طيباً و طاهراً و حلالاً ليس كمن يأكل الطعام الخبيث والنجس والحرام قطعاً, لأن لطيب المأكل والمشرب و حليتهما أو حرمتهما آثاراً كثيرة على حياة الإنسان، بل و تتعدى هذه الآثار إلى غيره أيضاً و تنتقل إلى ذريته, فأحيانا شهدت إبتلاء البعض بآلمصائب و هو مؤمن فبحثت عن الأسباب فتبين أحدها يكون بسبب أعمال باطله إرتكبها أبويه من قبل فإنعكست عليه لهول آلحرام و آثاره!
و يعني هذا التاثير السيء على الذرية(2) : ان للغذاء الحرام تأثيراً بالغاً على مستقبل الطفل حتى قبل انعقاد نطفته، فإذا إنعقدت النطفة من الحرام سيكون ذلك بمثابة الأرض الصلبة لتعاسة الطفل و شقائه حتى الموت!
رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) أنهُ قَالَ :
[كَسْبُ الْحَرَامِ يَبِينُ فِي الذُّرِّيَّةِ](3).
يسبب أيضاً :عدم استجابة الدعاء:
الطعام والشراب المكتسب من الحرام، أو المحرم في الشريعة الإسلامية أكله أو شربه يشكل مانعاً مهماً ومباشراً لعدم استجابة الدعاء مهما ألحّ الإنسان في دعائه و تضرّع إلى ربه, رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله أَنَّهُ قَالَ:
[أَطِبْ كَسْبَكَ تُسْتَجَابْ دَعْوَتُكَ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَرْفَعُ اللُّقْمَةَ إِلَى فِيهِ حَرَام فَمَا تُسْتَجَابُ لَهُ دَعْوَةٌ أَرْبَعِينَ يَوْماً](4).
لقمة الحرام تُولّد قساوة القلب والكذب والغيبة التي تُبعد الأنسان عن الحقّ فيمقته الله، و تحيطه بالظلمة وعاقبة السوء، بل لا يعود الإنسان قادراً على تقبّل الحقّ، ولا يؤثر فيه أيّ تحذير أو وعظ، ولا يتجنّب ارتكاب أيّ جناية، و الشاهد عليه ما قاله سيد الشهداء(ع) ضمن خطبته لجيش عمر ابن سعد يوم عاشوراء: [...فَقَدْ مُلِئَتْ بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرامِ، و َطُبِعَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يْلَكُمْ أَ لا تُنْصِتُونَ!؟ أَ لَا تَسْمَعُونَ؟](5).
نعم، المال الحرام لا خير فيه ولا بركة, و يجلب الشقاء و العذاب و المحن، و يبعد صاحبه عن جادة الصواب ويجعله غير مُهتم بآخرته.
نستنتج من هذا الدرس العظيم :
أنّ ألإنسان المكافح أو عائلة أو أمّة مكافحة تنتج و تكدح لِلُقمة الحلال و بناء الحضارة ستكون ذات شأن و عاقبة حسنى, و الفلاح و التّقدم والسّعادة والعاقبة الحُسنى ستكون نصيبها, وآلأنسان و العائلة أو الشعب الخانع التنبل الذي تحكمه الأنظمة الفاسدة كما العراق بأمر من الإستعمار وتجبره على الضلال والربا والفساد و الفوارق الطبقية و الحقوقية حسب إتفاقيات ستراتيجية موقعة؛
ستصيبها حتماً الشقاء والبلاء و سوء الأخلاق و التكبر و الخصام و الذل, والله تعالى قد أنزل الكُتب على الناس بآلحقّ كحُجة عليهم فمن إهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنما يضل عليها وما أحد عليهم بوكيل.
حكمة كونيّة : [ألأمة التي تنتج أفكارها تنتج أدواتها].
و أمتنا بسبب أحزابنا الجاهلية المتحاصصة وحكوماتنا العميلة تُحاصر ألمبدعين والمفكرين والفلاسفة و تُشرّدهم ليحلّ الخراب و الفساد و البلاء و الطفيليات و المرتزقة بدلهم, لأنهم لا يعرفون بأن أبجديات الحكم هي للعدالة و نشر القيم و الأخلاق و التواضع, و ليس لسرقة الناس و تعميق الفوارق الطبقية و كما هو واقع الحال الآن
ختام الحديث هو حديث رسول الله(ص) : (الرسول "ص" قَبَّل يدان فقط في كل عمره الشريف هُما؛ يد فاطمة(ع) و يد العامل).
عزيز حميد مجيد الخزرجي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الراوي : عبدالله بن عباس(رض) , المحدث : ابن رجب. المصدر: جامع العلوم والحكم , الصفحة أو الرقم : 260/1.
أخرجه الطبراني في (المعجم الأوسط) (6495) باختلاف يسير.
(2) بإعتقادي ؛ هناك 3 عوامل مؤثرة في نشوء و تربية الأبناء ؛ [إنعكاس العلاقة الهادئة الطيبة بين الوالدين؛ لقمة الحلال؛ و الأصدقاء].
(3) مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (للعلامة المجلسي) / المجلد : 19 / الصفحة : 89.
(4) مستدرك الوسائل (للمحدّث النوري)/المجلد:5/الصفحه:217.
(5) بحار الأنوار (للعلامة المجلسي) / المجلد : 45 / الصفحة : 8 / الناشر: دارالاحیاء التراث – قم.
Subscribe to:
Posts (Atom)