صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Tuesday, March 04, 2025
الذنب ذنب الجميع
الذنب ذنب الجميع:
ما ذنب الأطفال الذين يولدون تحت نيران الحروب وأصوات المدافع ؟ ما ذنب الأطفال الذين يعيشون و يترعرعون مع الحرمان والدموع والأمراض ونقص الغذاء والدواء ؟ ما ذنب الأطفال الذين تتشبع عقولهم منذ نعومة أظفارهم بأفكار الكراهية والحقد والإنتقام ؟ هل قدرهم بالحياة أن يعيشوا ما تبقى من أعمارهم معاقي الأذهان يدفعون ثمن نشأتهم الخاطئة التي لم يكونوا هم سبب فيها ، هؤلاء هم غالبية أطفال شعوب المنطقة إما حروب أو حرمان أو غسيل أدمغة ، وعندما يكبرون سيقعون حتماً بأحضان الجريمة أو يصبحون قطيعاً تقاد من قبل هذه الجهة أو تلك أو مشاريع للموت أو كما يسمونه الشهادة أو إرهابيون أو يحيون حياة بلا طموح أو ضحايا لتجارة الجنس والمخدرات لأن ذلك هو كل ما تنتجه ظروف الحياة التي يعيشونها ، في الوقت الذي يصبح فيه أطفال المجتمعات الأخرى علماء ومفكرون وقادة وأكاديميون يتنعمون بحلاوة الحياة يتنقلون بين الكواكب يسبرون أغوار الفضاء ، فعندما نقارن تلك المجتمعات بمجتمعاتنا نلوم أنفسنا و نستحي من المقارنة ونظن بأن الأفضلية الفطرية التكوينية هي لهم وننسى البدايات السيئة التي عاشها أطفالنا الذين هم اليوم شباب هذه الأمة وأن تخلفهم وضياعهم اليوم هي نتيجة طبيعية لما عاشوه بالأمس . فلنتخيل هؤلاء الإرهابيون وهؤلاء القطيع المتخلف الذين صاروا الأغلبية المطلقة في المجتمع يتزوجون ويخلفون جيلاً جديداً كيف سيكون هذا الجيل الجديد وكيف يتربون ؟ بالتأكيد ستكون مناهج تربيتهم هو الحرص على السير بمسلك الآباء ، والسيء لا ينتج إلا الأسوأ ، هذه هي الطريقة العلمية التي يجب النظر بها إلى مآسي وتردي أوضاع مجتمعاتنا المبتلية بأفكار غير سليمة خارجة عن الواقع وقيادات عنيفة تريد إخضاع عقول الناس بالقوة وخاصة الأطفال لأفكار عقيمة فاشلة ، علينا أن ننظر لهذه الجراح بتمعن كي نكشف الحقائق المخفية عن الناس ونكشف لهم مسببات الموت الرخيص للإنسان في هذه الديار ونكشف لهم ماذا جلبت لنا ولأبنائنا تلك الدفعات من المصائب التي لا تنقطع سيولها الجارفة عن مجتمعاتنا ، كي يعرف الناس بأن القادة في ديارنا هم ليسوا الأكثر ذكاءاً وليسوا الأكثر أهلية للقيادة بل هم الأكثر دموية وتطرفاً وانحرافاً وجهلاً . جميع دول العالم تسعى لوضع خطط وبرامج علمية لمستقبل الطفل لأنه هو الأمل وهو المستقبل وهو طعم الحياة ، بينما أطفالنا بلا خطط ولا مناهج كالخراف تربى لتذبح في سبيل الأمة أو لعيون المبادىء والحزب و القائد ، فما نراه الأن من تفوق كبير للدول المتقدمة هو ثمرة أتعاب آباءهم وقاداتهم في بناء الطفل ، وما نراه من تخلف وضعف وضياع الطفل في مجتمعاتنا هو نتاج الظروف العصيبة التي عاشتها بفضل إصرار وتخلف من كانوا يدعون بأنهم رعاة هذه الأمة وشرفها ، هؤلاء الآباء والقادة المتخلفون يغررون الناس بالشعارات الفارغة ويفرضون وصايتهم في تربية الأبناء دون وجه حق ويستحوذون على عقول البسطاء والصغار بإجحاف ، فها هي أمامنا ثمرة أتعاب الشعوب التي قدست الطفل وأعطت له الأولوية في كل شيء ، وها هي ثمرة أفعال هؤلاء الباحثين عن المبادىء الفارغة المتخلفين المهملين مع أطفالهم ؟ . هذه المعادلة من الصعب جداً استيعابها ومعرفتها لمن كان السبب وراء كل هذا التردي والإنحلال ، فنفس جيل الأباء لم يكونوا يعرفون بأنهم أيضاً ضحايا أفكار عقيمة وظروف غامضة مرت عليهم ، هذا الطفل الذي يفقد أبوه في معارك التحرير وجبهات المقاومة كما يحلو لهم تسميتها ويعيش بلا أب سينشأ نشأة ناقصة ، سيعاني ويضطرب وينظر للمجتمع بأنه هو السبب ، ، فما بالك لو وجد عشرات الالاف مثل هذا الطفل في كل بيت في كل شارع في كل حي كيف سيصبح حال المجتمع ؟ فمن غير الصحيح اعتبار المجتمعات الغربية متفوقة بالفطرة فالناس سواسية بالخلقة ولكن الإهتمام والتربية الصحيحة والأجواء المثالية تعطي الفارق . ساداتنا وكبرائنا مازالوا ينظرون بحرص إلى حق الله وينظرون بحرص إلى حق الوطن وحق الحزب والقائد وينظرون بحرص إلى حق الأمة والمبادىء على إنها حقوق واجبة علينا الإيفاء بها ، ولا أحد منهم يستطيع أن ينظر إلى حق الأطفال في العيش الكريم والبناء القويم ولو بجزئية ، فبالنهاية الكل يدفعون فاتورة الويلات والالام التي تتساقط على رؤوس هؤلاء الصغار الأبرياء . لعلهم يدركون يوماً بأن أكبر جريمة إرتكبوها في حياتهم هي سلبهم إبتسامة وضحكات الأطفال عنوة وأمام مرأى التأريخ الذي سيلعنهم بلا رحمة ، فهم يقتلون أمة بأكملها بقتلهم إبتسامة الطفل ظناً منهم إنهم يرضون الرب !
و الذنب و السبب في كل تلك الجرائم التي كانت و مازالت قائمة وسط الأمم و الشعوب ؛ هو ذنب الجميع خصوصا الكبار و المسؤوليين و الأعلاميين الذين باعوا ضمائرهم بشكل خاص لأجل راتب حرام الذين لينشروا و يدعموا ذلك, و هؤلاء هم الذين أشار لهم وزير الاعلام الهتلري حين قال :
[إعطني إعلاما بلا ضمير؛ أعطيك شعباً بلا وهي].
فإنا لله و إنا إليه راجعون.
عزيز حميد مجيد
Subscribe to:
Posts (Atom)