Monday, May 27, 2024

أفضلية الأمام عليّ على الرّسل :

أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل : Posted on September 17, 2023 by مفكر حر عزيز الخزرجي بعلي (ع) عُرِف الله في الوجود .. هكذا بدأ الشاعر التركي شهريار قصيدته التي أقسم في مطلعها بعليّ و أيّدها العليّ الأعلى (ع) نفسه بشهادة المرجع الكبير وقتها السيد المرعشي النجفي قدس سرّه, و كما ورد في قصة مشهورة ذكرنا تفاصيلها فيما سبق! لا شك ان أمير المؤمنين (عليه السلام) له مكانة ومنزلة تفوق جميع الرسل ونستثني سيدهم وخاتمهم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وكيف لا يكون أفضل من الأنبياء وهو نفس محمد بنص القرآن{وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}[1] فهذه أفضل منقبة له، إذ قرنه سبحانه بخاتم الرسل. فكل ما حازه النبي (ص) من فضل قد حازه الإمام (عليه السلام) الا النبوة وهذا ما بينه النبي لعلي حينما كانوا بحراء إذ قال له: (إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ولَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ)[2]. و نص الحديث المروي بهذا الشأن في الكتب التأريخية منها صحيح مسلم و ا لبخاري و نهج البلاغة للشريف الرضي و غيرها, حيث قال (ص) : [يا عليّ أنتَ مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي]! و هكذا حديث المباهلة و هل أتى و حديث الطير و حديث الأيمان كله في معركة الخندق و حديث الكساء و غيرها كثير .. كلها أثبتت بأن منزلته لا يضاهيها أحد. فرسول الله خاتم الأنبياء وعلي سيد الأوصياء وحامل اللواء ومعجزة السماء وسلسل الكرماء النجباء ووارث علم الأنبياء. وكان الصحابة والمقربون منه يسألونه عن فضليته و مكانته عند الله فكان (ع) يُبيّن لهم ذلك, ففي رواية عن الصحابي (صعصعة بن صوحان)، أنّه دخل على أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لمّا ضرب، فقال: يا أمير المؤمنين أنت أفضل أم آدم أبو البشر ؟ قال علي (عليه السلام): [تزكية المرء نفسه قبيح]، لكن قال الله تعالى لآدم : {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلاَ تَقْرَبَا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}[3]، وأنا أكثر الأشياء أباحها لي وتركتها وما قاربتها. ثمّ قال: أنت أفضل يا أمير المؤمنين أم نوح ؟ قال علي ( عليه السلام ): [إنّ نوحاً دعا على قومه، وأنا ما دعوت على ظالمي حقي، وابن نوح كان كافراً وابناي سيّدا شباب أهل الجنّة]. قال: أنت أفضل أم موسى؟ قال ( ع ): [إنّ الله تعالى أرسل موسى إلى فرعون، فقال : إنّي أخاف أن يقتلوني ، حتى قال الله تعالى : {لاَ تَخَفْ إنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ}[4] وقال : {رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ}[5]، وأنا ما خفت حين أرسلني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بتبليغ سورة براءة أن أقرأها على قريش في الموسم، مع أنّي كنت قتلت كثيراً من صناديدهم ، فذهبت إليهم و قرأتها عليهم وما خفتهم] . ثمّ قال: أنت أفضل أم عيسى بن مريم؟ قال (عليه السلام): [عيسى كانت أُمّه في بيت المقدس، فلمّا جاء وقت ولادتها سمعت قائلا يقول: أُخرجي هذا بيت العبادة لا بيت الولادة ، وأنا أُمّي فاطمة بنت أسد لمّا قرب وضع حملها كانت في الحرم فانشقّ حائط الكعبة وسمعت قائلا يقول: أُدخلي فدخلت في وسط البيت وأنا وُلدت به، وليس لأحد هذه الفضيلة لا قبلي ولا بعدي)][6]. فقد أُعطي أمير المؤمنين (عليه السلام) ملكاً عظيماً إلا أنه فضل العيش فقيراً وقد قال (عليه السلام): [(أَلَا وإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاه بِطِمْرَيْه، ومِنْ طُعْمِه بِقُرْصَيْه)][7]. فسبحانه وتعالى أباح للإمام كثيرًا من ملذات الدنيا إلا أن الإمام (عليه السلام) فضل التواضع وحبب الزهد لنفسه ليصل الى ما وصل إليه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) من مكانة سامية بين الأنبياء. أما شجاعته فلم يضعف الإمام (عليه السلام) في أي موقف وكان ضحاكاً في القتال بكاءً في المحراب وهذا دليل كافٍ على أنه أشجع العرب بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله), بل كانت العرب تكتب على سيوفها ؛ [الفرار عار إلّا من سيف عليّ] و يكفي هذا على إعتراف صناديد و أبطال العرب كعمر بن ود العامري و مرحب و عمر بن العاص و غيرهم بشجاعته المطلقة. اما قداسته فيكفي أن مولوده كان في بيت الله الحرام وهذه منقبة لم تكن لأحد غيره فكل القرائن تدل على أفضليته على جميع الرسل نستثني خاتمهم, هذا إلى جانب عدم سجوده أو عبادته لأصنام الجاهلية قاطبة, فلُقّب بـ (كرم الله وجه) و هذه أيضا ميزة أخرى لا يشاركه فيها أحد سوى معظم بني هاشم (عائلته). مع كل تلك الصفات الكونيّة التي لم تتحقق إلا في شخصية هذا الأمام العلي العظيم نرى أنه واجه محناً و مصاعب لم يواجهها أحد من الخلق و كما عرض و أعلن عن بعضها على لسانه شخصياً في نهج البلاغة .. و إليكم بعض تلك الأحاديث العظيمة, نسبقها بكلامه هو(ع) لكونه (سيد العدالة الكونيّة) و (رمز المظلومين في الوجود), حيث أشار إلى مسائل عظيمة إبتلى بها شخصيّاً حتى ممّن أحسن لهم و آواهم : عن ألرّضي, رفعهُ – أيّ نسبهُ – إلى أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) أنّهُ قال(ع) : [أ لَا و إنّ لكلّ مأمومٍ إماماً، يقتدي به و يستضئ بنور علمه، أَ لَاَ و إنّ إمامكم قد إكتفى من دُنياهُ بطمريه و من طعمه بقرصيه, أ لَا و إنكم لا تقدرون على ذلك، و لكن أعينوني بورع و اجتهاد، و عفّة و سداد, فوالله ما كنزتُ من دنياكم تبراً، و لا إدّخرت من غنائمها وفراً، و لا أعددّتُ لبالي ثوبي طمراً، و لا حزت من أرضها شبراً، و لا أخذتُ منه إلّا كقوت أتان دبرة، و لهي في عيني أوهى و أهون من عفصة مقرة بلى كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلته السّماء، فشحت عليها نفوس قوم، و سختْ عنها نفوس قوم آخرين، و نعم الحكم الله و ما أصنع بفدكٍ و غير فدكٍ، و النّفس مظانها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها، و تغيب أخبارها، و حفرة لو زيد في فسحتها، و أوسعت يدا حافرها، لأضغطها الحجر و المدر، و سدّ فرجها التراب المتراكم، و إنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، و تثبت على جوانب المزلق. و لو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفّى هذا العسل، و لباب هذا القمح، و نسائج هذا القز, و لكن هيات أن يغلبني هواي، و يقودني جشعي إلى تخير الأطعمة – و لعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص و لا عهد له بالشبع – أو أبيت مبطانا و حولي بطون غرثى و أكباد حرى، أو أكون كما قال القائل: (و حسبك داء أن تبيت ببطنة * و حولك أكباد تحنّ إلى القد) أَ أَقنعُ من نفسي بأنْ يُقال : هذا أمير المؤمنين، و لا أشاركهم في مكاره الدّهر، أو أكونَ أسوةً لهم في جشوبة العيش!؟ فما خلقتُ ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة، همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها، تكترش من أعلافها، و تلهو عمّا يراد بها، أو أترك سدى، أو أهمل عابثا، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة! و كأني بقائلكم يقول: (إذا كان هذا قوت أبن أبي طالب، فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران، و منازلة الشجعان), أ لا و إن الشجرة البرية أصلب عوداً، و الرّواتع الخضرة أرقّ جلوداً، و النّابتات العذية أقوى وقوداً، و أبطا خموداً؟ و أنا من رسول الله كالضّوء من الضّوء، و الذراع من العضد. و الله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليتُ عنها، و لو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها, و سأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس، و الجسم المركوس، حتى تخرج المدرة من بين حبّ الحصيد]. المصدر: نهج البلاغة / ٤١٧ كتاب ٤. أما توبيخه لعامله على البصرة نعمان بن حنيف لا لفساد أعلنه أو سرقة أو تعدي على مواطن أو أي ذنب كما الذنوب التي نعلمها ؛ بل توبيخه لعامله (نعمان) كان بسبب قبوله لدعوة من بعض وجهاء البصرة لتناول طعام الغذاء معهم .. حيث أرسل له رسالة يستوجف كتاباً كاملاً لبيان معالمها و كيفية بيانها, و التي تدين بآلمناسبة و بشكل طبيعي كلّ حاكم و مسؤول عراقي و غير عراقي إستلم سلطة معينة أو وظيفة كمدير عام أو مستشار أو وزير أو عضو برلمان أو رئيس وزراء .. و هي وظائف محاصصية بين الأحزاب لنهب حقوق الفقراء من خلال الرواتب الكبيرة و المخصصات و سرقة أموال المشاريع و البيوت و المدارس و غيرها. العارف الحكيم الهوامش:ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] – سورة آل عمران: 61. [2] – نهج البلاغة: الخطبة: 192، ص301. [3] – البقرة: 35. [4] – النمل: 10. [5] – القصص: 33. [6] – مسند الإمام علي (عليه السلام): ج7، ص452. [7] – نهج البلاغة، الكتاب: 45، ص417. Share this:

بغداد تصارع الموت :

بغداد تُصارع الموت: في تقرير نشرته صحيفة الأندبينت العربية عن وضع بغداد و تراثها و مبانيها و نسقها العام؛ وصفت هذه المدينة العريقة بكون المباني التراثية فيها تصارع الإبادة, و حتى سكانها قد تمّ مسخ أخلاقهم بسبب ثقافة الطبقة السياسية المنحطة التي لا تمتلك ثقافة ولا ديناً و لا ضميراً بسبب المسخ الكليّ الذي تسبّب نتيجة للقُمة و رواتب الحرام المسروقة من حقوق الفقراء و لا زالت تسرق تلك الأموال بإعتبارها حسب أفكارهم الجاهلية؛ أموال مجهولة المالك!؟ بينما الدِّين - يعني دين الامام عليّ و النبي محمد ؛ يعتبر سرقة قطرات من الزيت العائد لبيت المال .. لا بل هدر قطرات من الماء المباح ذنب له عقوبة حتمية! جاء في التقرير المذكور أن نخبة من المعماريين العراقيين و جهوا نقداً لاذعاً إلى الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها الإدارات الرسمية المتعاقبة المشرفة على أمانة العاصمة بغداد، والهدم و التخريب المتواصل لمبانيها التراثية، حتى غدت بغداد مدينة إسمنتية يطلى وجهها كل يوم بألوان لا تليق بعراقتها ومكانتها وعمرها الذي تخطى الـ 1000 عام. ومن بين أبرز المشغولين بهذه الظاهرة المهندس ومصمم المدن العراقي تغلب الوائلي الذي يوجه لوماً شديداً لأمانة بغداد جراء ما يصفه بالفوضى التي ترافق إعادة إعمار بغداد من دون عناية بتاريخها، والتفريط بتراثها والمعايير المعتمدة التي يقول إنها “تفتقد الدقة والمعرفة بالتاريخ، وغياب الحرفية في أسلوب وطرق التعامل مع مبانيها التاريخية والتراثية معاً”. ويتهم الوائلي علناً أمانة بغداد بأنها المسؤولة عن التفريط بممتلكات ومباني العاصمة، وبأنها “ستخرب وجه المدينة التاريخي الذي يمتد لقرون سحيقة، باستخدام الطلاء الرخيص واللجوء إلى صنفرة السطوح وأمور أخرى كثيرة، ليسوغوا صرف مبالغ هائلة على الإعمار”. وحول قيمة بغداد وإرثها المعماري يقول أستاذ الهندسة بـ “جامعة بغداد” خالد السلطاني، “تمتلك المدن التاريخية امتيازاً إضافياً بالقياس إلى الحواضر المعاصرة، فبغداد من تلك المدن التي ينطوي مشهدها على مآثر تاريخية مهمة إضافة إلى كونها مدينة معاصرة، وهذا الازدواج الوظيفي لبغداد يحتم علينا ألا نعزل أو نهمل ذلك الجانب التاريخي المهم من خصوصية المدينة، بل نبقيه كشاهد تاريخي يثري المشهد ويجعل منه مصدراً لاجتراح مقاربات تصميمية تنتمي إلى روح المكان، مما يجعل المشهد الحضري قريباً إلى ذائقة السكان، ويبعد من المدينة حال التغريب الكامنة في مخططات غالبية المدن المعاصرة”. ويؤكد أستاذ الهندسة، “نحتاج إلى وقفة متأنية ونظرة عميقة وشاملة لفهم مقاصد التخطيط الحضري، مثلما نحتاج إلى احترام الضوابط والقوانين التي تراعي حرمة تلك المآثر وقيمتها في ذلك المخطط، وبغير ذلك فإننا مقبلون على حال لن نستطيع معها الحفاظ على تلك المآثر، كما لا يمكن لوجودها أن يضيف شيئاً إيجابياً إلى مخطط مدننا العريقة”. إحسان فتحي، وهو معماري ومخطط ومتخصص في الحفاظ على التراث، يرى أن “المناطق التاريخية في بغداد، وهي الرصافة والكرخ والكاظمية والأعظمية، كانت بنسيجها العمراني المتراص والكثيف حتى العشرينيات من القرن الماضي تشكل مساحة إجمالية قدرها نحو سبعة كيلومترات مربعة، وتتكون من آلاف البيوت التقليدية ذات الأفنية الداخلية المفتوحة، والبيوت المميزة المطلة مباشرة على نهر دجلة، ومئات من المساجد والأضرحة والأسواق والخانات والحمامات التاريخية المميزة بطرازها المعماري البغدادي”. ويستدرك، “لكن هوية المدينة التاريخية العظيمة التي كانت مركز العالم و الفن و الفكر الإسلامي لنحو 500 عام بدأت تتعرض للتغيير والتدمير من خلال عمليات التطوير والتحديث العمراني التي تسارعت في المناطق التاريخية منذ ثلاثينيات القرن الماضي”. ويؤكد فتحي أن “كل هذه المشاريع الحديثة والشوارع العريضة دمرت وشوهت مناطق بغداد التاريخية بدرجة كبيرة، بل تشير آخر المسوح إلى أن ما تبقى من نسيج بغداد التاريخي حالياً لا يتجاوز 15 في المئة من مساحتها التاريخية الأصلية، وحتى هذه البقايا الآن مهددة بالإزالة أو الانهيار بسبب الإهمال الكلي وانعدام الصيانة، وعلى عكس ما حصل في عدد من مدن العالم التاريخية، وحتى في مدن عربية في تونس والمغرب، حيث تمت المحافظة على المدن القديمة وأسوارها وبواباتها، وسمح للعمران الحديث أن يشيد خارجها وليس داخلها إلا في حالات استثنائية جداً”. ويذهب فتحي إلى الحديث عن الظاهرة الأخطر التي تعانيها بغداد، وهي “الغياب شبه الكامل لأي نوع من السيطرة البلدية على تنظيم العمران في بغداد، فلقد انتشرت خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة ظاهرة تقسيم قطع الأراضي السكنية السابقة، والتي كانت مفرزة أساساً على مساحات تراوحت ما بين 600 و 200 متر مربع، إلى قطع صغيرة جداً بعضها لا يزيد على 50 متراً مربعاً، وبدأنا نرى تجار العقار يشترون بيوت الأعظمية والمنصور و العطيفية والكرادة وأي مكان متاح آخر ليقسموا الـ 600 متر إلى 10 أدوار سكنية، في تجاهل كامل وتحد صارخ للقوانين السارية غير النافذة التي تحدد المساحة الصغرى المسموح بها بـ 200 متر مربع”. ويوضح، “إذا اعتبرنا أن عدد سكان مدينة بغداد حالياً هو 8 ملايين نسمة، وأن مساحتها ضمن الحدود البلدية حوالى 900 كيلو متر مربع، فإن الكثافة السكانية تبلغ حوالى 8850 شخصاً لكل كيلومتر مربع، وهذا الرقم عالي في الحقيقة إذا ما قارناه بالمدن المشابهة الأخرى”. ويعتقد فتحي أن “بغداد، هذه المدينة التاريخية العظيمة التي صمدت أكثر من 1250 عاماً حتى الآن، تترنح حالياً تحت ضربات ساحقة تأتيها من جهات عدة لا تكترث لوجودها أصلاً، فهي تصارع الموت بكل معنى الكلمة”. هذه المشكلة التي تعتبر من أكبر المفاسد التي لحقت بآلعراق بسبب المتحاصصين الذين لم يكترثوا لها كما لغيرها رغم إني كتبت عنها و عن غيرها الكثير .. لكن من دون وجود آذان صاغية تعي أبعاد و فلسفة كلامنا .. لذلك: فأن هذا الأمر يضاف إلى المسؤوليات و المهام التي ستكون على عهدة (التيار الوطني الشيعي) الذي سيحكم العراق بدلاً من هؤلاء المرتزقة المتحاصصين الجهلاء الذين يعادون الفكر و المفكريين فقط فأثبتوا بأنهم لا يتقنون سوى الأستهلاك و النهب و الفساد و المحاصصة آلآمنة الضامنة لجيوبهم و بغيرها يواجهون الموت الحتمي و المساءلة القادمة في كل الأحوال؛ لذلك نتمنى من المخلصين(البدائل) أن يتمّ التخطيط لهذا الأمر عاجلاً لإيجاد حلّ جذري لها .. أو على الأقل إيقاف هذا التخريب الذي سببته الاحزاب المتحاصصة العميلة التي حكمت العراق بأمر من ألأسياد بعد إسقاط الصنم الصدامي الذي مهّد لهذا التخريب العميق, و الله من وراء القصد العارف الحكيم : عزيز حميد مجيد

بغداد تُصارع الموت :

بغداد تُصارع الموت : في تقرير نشرته صحيفة الأندبينت العربية عن وضع بغداد و تراثها و مبانيها و نسقها العام؛ وصفت هذه المدينة العريقة بكون المباني التراثية فيها تصارع الإبادة, و حتى سكانها قد تمّ مسخ أخلاقهم بسبب ثقافة الطبقة السياسية المنحطة التي لا تمتلك ثقافة ولا ديناً و لا ضميراً بسبب المسخ الكليّ الذي تسبّب نتيجة للقُمة و رواتب الحرام المسروقة من حقوق الفقراء و لا زالت تسرق تلك الأموال بإعتبارها حسب أفكارهم الجاهلية؛ أموال مجهولة المالك!؟ بينما الدِّين - يعني دين الامام عليّ و النبي محمد ؛ يعتبر سرقة قطرات من الزيت .. لا بل هدر قطرات من الماء ذنب له عقوبة حتمية! جاء في التقرير المذكور أن نخبة من المعماريين العراقيين و جهوا نقداً لاذعاً إلى الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها الإدارات الرسمية المتعاقبة المشرفة على أمانة العاصمة بغداد، والهدم و التخريب المتواصل لمبانيها التراثية، حتى غدت بغداد مدينة إسمنتية يطلى وجهها كل يوم بألوان لا تليق بعراقتها ومكانتها وعمرها الذي تخطى الـ 1000 عام. ومن بين أبرز المشغولين بهذه الظاهرة المهندس ومصمم المدن العراقي تغلب الوائلي الذي يوجه لوماً شديداً لأمانة بغداد جراء ما يصفه بالفوضى التي ترافق إعادة إعمار بغداد من دون عناية بتاريخها، والتفريط بتراثها والمعايير المعتمدة التي يقول إنها “تفتقد الدقة والمعرفة بالتاريخ، وغياب الحرفية في أسلوب وطرق التعامل مع مبانيها التاريخية والتراثية معاً”. ويتهم الوائلي علناً أمانة بغداد بأنها المسؤولة عن التفريط بممتلكات ومباني العاصمة، وبأنها “ستخرب وجه المدينة التاريخي الذي يمتد لقرون سحيقة، باستخدام الطلاء الرخيص واللجوء إلى صنفرة السطوح وأمور أخرى كثيرة، ليسوغوا صرف مبالغ هائلة على الإعمار”. وحول قيمة بغداد وإرثها المعماري يقول أستاذ الهندسة بـ “جامعة بغداد” خالد السلطاني، “تمتلك المدن التاريخية امتيازاً إضافياً بالقياس إلى الحواضر المعاصرة، فبغداد من تلك المدن التي ينطوي مشهدها على مآثر تاريخية مهمة إضافة إلى كونها مدينة معاصرة، وهذا الازدواج الوظيفي لبغداد يحتم علينا ألا نعزل أو نهمل ذلك الجانب التاريخي المهم من خصوصية المدينة، بل نبقيه كشاهد تاريخي يثري المشهد ويجعل منه مصدراً لاجتراح مقاربات تصميمية تنتمي إلى روح المكان، مما يجعل المشهد الحضري قريباً إلى ذائقة السكان، ويبعد من المدينة حال التغريب الكامنة في مخططات غالبية المدن المعاصرة”. ويؤكد أستاذ الهندسة، “نحتاج إلى وقفة متأنية ونظرة عميقة وشاملة لفهم مقاصد التخطيط الحضري، مثلما نحتاج إلى احترام الضوابط والقوانين التي تراعي حرمة تلك المآثر وقيمتها في ذلك المخطط، وبغير ذلك فإننا مقبلون على حال لن نستطيع معها الحفاظ على تلك المآثر، كما لا يمكن لوجودها أن يضيف شيئاً إيجابياً إلى مخطط مدننا العريقة”. إحسان فتحي، وهو معماري ومخطط ومتخصص في الحفاظ على التراث، يرى أن “المناطق التاريخية في بغداد، وهي الرصافة والكرخ والكاظمية والأعظمية، كانت بنسيجها العمراني المتراص والكثيف حتى العشرينيات من القرن الماضي تشكل مساحة إجمالية قدرها نحو سبعة كيلومترات مربعة، وتتكون من آلاف البيوت التقليدية ذات الأفنية الداخلية المفتوحة، والبيوت المميزة المطلة مباشرة على نهر دجلة، ومئات من المساجد والأضرحة والأسواق والخانات والحمامات التاريخية المميزة بطرازها المعماري البغدادي”. ويستدرك، “لكن هوية المدينة التاريخية العظيمة التي كانت مركز العالم و الفن و الفكر الإسلامي لنحو 500 عام بدأت تتعرض للتغيير والتدمير من خلال عمليات التطوير والتحديث العمراني التي تسارعت في المناطق التاريخية منذ ثلاثينيات القرن الماضي”. ويؤكد فتحي أن “كل هذه المشاريع الحديثة والشوارع العريضة دمرت وشوهت مناطق بغداد التاريخية بدرجة كبيرة، بل تشير آخر المسوح إلى أن ما تبقى من نسيج بغداد التاريخي حالياً لا يتجاوز 15 في المئة من مساحتها التاريخية الأصلية، وحتى هذه البقايا الآن مهددة بالإزالة أو الانهيار بسبب الإهمال الكلي وانعدام الصيانة، وعلى عكس ما حصل في عدد من مدن العالم التاريخية، وحتى في مدن عربية في تونس والمغرب، حيث تمت المحافظة على المدن القديمة وأسوارها وبواباتها، وسمح للعمران الحديث أن يشيد خارجها وليس داخلها إلا في حالات استثنائية جداً”. ويذهب فتحي إلى الحديث عن الظاهرة الأخطر التي تعانيها بغداد، وهي “الغياب شبه الكامل لأي نوع من السيطرة البلدية على تنظيم العمران في بغداد، فلقد انتشرت خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة ظاهرة تقسيم قطع الأراضي السكنية السابقة، والتي كانت مفرزة أساساً على مساحات تراوحت ما بين 600 و 200 متر مربع، إلى قطع صغيرة جداً بعضها لا يزيد على 50 متراً مربعاً، وبدأنا نرى تجار العقار يشترون بيوت الأعظمية والمنصور و العطيفية والكرادة وأي مكان متاح آخر ليقسموا الـ 600 متر إلى 10 أدوار سكنية، في تجاهل كامل وتحد صارخ للقوانين السارية غير النافذة التي تحدد المساحة الصغرى المسموح بها بـ 200 متر مربع”. ويوضح، “إذا اعتبرنا أن عدد سكان مدينة بغداد حالياً هو 8 ملايين نسمة، وأن مساحتها ضمن الحدود البلدية حوالى 900 كيلو متر مربع، فإن الكثافة السكانية تبلغ حوالى 8850 شخصاً لكل كيلومتر مربع، وهذا الرقم عالي في الحقيقة إذا ما قارناه بالمدن المشابهة الأخرى”. ويعتقد فتحي أن “بغداد، هذه المدينة التاريخية العظيمة التي صمدت أكثر من 1250 عاماً حتى الآن، تترنح حالياً تحت ضربات ساحقة تأتيها من جهات عدة لا تكترث لوجودها أصلاً، فهي تصارع الموت بكل معنى الكلمة”. هذه المشكلة التي تعتبر من أكبر المفاسد التي لحقت بآلعراق بسبب المتحاصصين الذين لم يكترثوا لها كما لغيرها رغم إني كتبت عنها و عن غيرها الكثير .. لكن من دون وجود آذان صاغية تعي أبعاد و فلسفة كلامنا .. لذلك: فأن هذا الأمر يضاف إلى المسؤوليات و المهام التي ستكون على عهدة (التيار الوطني الشيعي) الذي سيحكم العراق بدلاً من هؤلاء المرتزقة المتحاصصين الجهلاء الذين يعادون الفكر و المفكريين فقط فأثبتوا بأنهم لا يتقنون سوى الأستهلاك و النهب و الفساد و المحاصصة آلآمنة الضامنة لجيوبهم و بغيرها يواجهون الموت الحتمي و المساءلة القادمة في كل الأحوال؛ لذلك نتمنى من المخلصين(البدائل) أن يتمّ التخطيط لهذا الأمر عاجلاً لإيجاد حلّ جذري لها .. أو على الأقل إيقاف هذا التخريب الذي سببته الاحزاب المتحاصصة العميلة التي حكمت العراق بأمر من ألأسياد بعد إسقاط الصنم الصدامي الذي مهّد لهذا التخريب العميق, و الله من وراء القصد العارف الحكيم : عزيز حميد مجيد