صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Sunday, April 07, 2024
بعض الدّماء ستبقى ناراً تلفح وجوه الطغاة :
بعض الدماء ستبقى ناراً تلفح وجوه الطغاة :
عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 6893 - 2021 / 5 / 9 - 10:34
المحور: مواضيع وابحاث تأريخية و سياسية
هكذا هي قسمتنا مُذ ولدنا .. و حولنا الأشرار و الأنذال يحومون بذلة و نفاق على لقمة أدسم و حياة أذلّ على حساب كرامة و دماء الشهداء العظام مُستخدمين كل الوسائل الوحشية و الميكافيليية و آلهتلرية و الهتلية و الصدامية .. التي أفقدتنا الأبطال الشجعان الرؤوفيين العُصماء .. فأصبحنا من بعدهم أيتام نعيش ذكريات نصفها ألم و نصف آخر غربة لأجل لقمة عيش نظيفة بكرامة ..
خالي و حبيبي ألشهيد عيدان جواد الأنصاري؛ أعزّي نفسي أوّلاً قبل الشرفاء إن بقي منهم أحد في العراق المضمخ بآلفساد و الظلم و التشتت .. و أحييك على موقفك البطولي ضد البعث الهجين لأني عرفتُ فيك أسراراً و همماً لم يعرفها أحداً .. حتى أقرب المقربيين إليك .. يكفيك أنك كنت تُفكّر بشكل علويّ مغايير عن كل الآخرين الأقزام الذين إنخرطوا في صفوف الظالمين و مؤسساتهم ..
لذا أعزي نفسي و أسأل الأمام عليّ(ع) ألذي كنت تعشقه و تقتدي بشجاعته و حكمته و تزوره على الدوام .. لأنك حقاً عشقت الحقّ و إقتبست منه سرّ الشجاعة و الحكمة و معنى الكلمة و القيم بينما الذين حولك كانوا يحيكون لك المؤآمرات و يتجسسون عليك لأجل لقمة حرام أدسم .. و ما كانوا يتحسسون حجم المعاناة و الثقل الذي كنت تحمله لتضعه على الأرض عند مَنْ كنت تعتقد أنّها ستشاركك ذلك الحمل الثقيل بسبب الجهل الذي خيّم عليها و عليهم .. و ما كانت تعرف فنون الجمال و العشق .. فكان الحمل يزداد ثقلاً على ظهرك بسبب ذلك!
و إن كنتُ أنسى لكني لا أنسى يوم زرتك عام 1969م و أنا في المرحلة المتوسطة في وزارة الدفاع في (الكرنتينة) بباب المعظم بعد إنقلاب البعث, و حال جلوسي جنبك, نهضت بقامتك الرشيقة و وجهك الجميل الباسم بعد أن إستأذنت لأمرٍ ما .. لتعود بعد دقائق و إذا بضابط خبيث من ضباط الهزيمة في جيش العراق العار مِمّن كان معك في القاعة جائني مُتسائلا بمكر بعد السلام و الترحيب و علاقتي بآلشهيد .. و سالني بكل فضول و بلا أدب و حياء؛
ماذا أراك خالك للتّو حين فتح الجرّراة لك و تهامستم معاً؟
إستغربت لفضوله و قلت لماذا !؟
ألأمر لا يخصّك!؟ إنها مسائل عائلية بيننا و لا تتعدى سوى صورة من صوره, و بعد أن رآى الصورة إنسحب فوراً و هو خائف يرتجف و جلس في موضعه المقابل له .. و لم يلتفت يمينا ولا يساراً و كأنّ طيراً على رأسه لأنه يعرف شجاعته التي لو أظهرها بإخباري له تلك الحالة!
بعد رجوع خالي بدقائق ؛ سألني :
هل سألك أحدهم عن شيئ في غيابي و من هو؟
قلتُ له نعم .. و أدرك بآلقول : لا تؤشر ولا تنظر إليه .. فقط صِف لي مكانه و شكله .. و سأعلمه معنى الأدب و الاخلاق و حسن الضيافة فيما بعد!
قلت له إنه كذا و كذا و يجلس على المنضدة المقابلة لنا ...
قال مع إبتسامة : له الحقّ في تجسسه .. لأنّه يعاني من فقدان الشرف و عقدة النقص, فيحاول التغطية على وصمة عار أخته العاهرة التي رآها في الصورة !؟
مضت الأيام و إذا بإمرأة قريبة منه حولها رجال خبثاء كانت هي السبب بوشايتها و ما تلتها من الأبتلاآت و تفاصيل تلك القصّة حكيتها عام 2003م لبعض المقربيين في منطقة الدهانة في المدرسة الجعفرية المقابلة للحسينية الحيدرية بعد أكثر من 30 عاما عند رجوعي للعراق بعد سقوط الصنم, لكني طلبت منهم أن ينسوا هذا الموضوع المؤلم حقاً فقد رحلوا و غداً سيحتكمون عند حاكم عدل ..
على كل حال سامحني أيّها الخال الكريم الشجاع الذي كسرتَ خياشيم الظالمين الأشقياء في العراق و سيدهم (صبحي مرهون) شقيّ بغداد وقتها, لكن أَ عَلمت بأن المضليّن قد كثروا من بعدك .. بحيث بات كل الشعب تقريباً يتمنى أن يكون صداميّاً .. حيث إنشغلوا بكتابة التقارير و التجسس بعضهم على بعض لرضا الحاكم الظالم و أصدقاء (مرهون) كجبار الكوردي و صباح ميرزا و غيرهم .. حتى تركت العراق حين قتلوا جميع أصدقائي الطيّبين و منهم بديع المهندس المؤرّخ و موسى محمود و وافي و خليل و محمد فوزي و أكثر من مائة عضو في حركتنا الأسلامية لأنهم وحدهم لم ينتموا لصفوف الأمن و الجيش و المخابرات و وووو ..
و إغفر لي أيضاً أيها الشهيد العزيز؛ لعدم طبعي لـ (رسائل العشق) و كتابك الذي كتبته عن معاناة العراقيين بسبب الحكام بعد ما حصلتُ على النسخة الخطية الوحيدة التي كتبتها بنفسك و فقدتها مع مكتبتي في (الدهانة) بآلكامل بعد أن تركتها في غرفتي ولست متاكداً أين صفى به الزمن, لأني مثلك كنت مُطارداً و أقاتل مع أصدقائي الهداء أزلام البعث الجبان و أجهزته القمعية مع ثلة قليلة إستشهدوا جميعاً في مواجهات حامية خلال السبعينات و هم يقاتلون عشرة أجهزة أمنية و عسكرية قمعية مدججة بآلسلاح و العتاد جنّدها صدام لإذلال الشعب رغم إن الشعب كان هو الظالم المشارك معه في ذلك بقيادة حكومتة الفاسدة لقمع الاحرار و الشهداء من أمثالك, حيث كان الجميع يسعى لخدمة صدام على أمل الحصول على منصب أو عطية منه .. و ربما إحترقت روايتك التي وصفت فيها حال بدرة القديمة مع مكتبتي التي أحرقها أقرب المقربيين لنا .. لجهلهم و خوفهم من مداهمة الامن و أزلام صدام الذين كانوا لا يعادون سوى الثقافة و المثقفين و ذوي آلأخلاق الرحيمة و يُمجدون الجاهل و البائع لضميره, و قد رأيت لهيب النار يستعر من التنور الذي إلتهم كتبي العزيزة كلها حتى تفسير القرآن(الميزان) بل القرآن نفسه .. في ظهيرة ذلك اليوم عام 1979م, و التي لعنت فيها الزمكاني و النار و التنور الذي كان يتوسط ساحة البيت (المدرسة الجعفرية) في الدّهانة حيث بدت و كأنها حفرة من حفر نيران جهنم و المقربون كانوا يضحكون حوله جهلاً و بلا مبالاة و كأنهم يحرقون حطباً للخبز!
و عزائي على فقيدي الآخر .. صديقك الحميم الحاج الكريم الشيخ فاضل الطرماح (أبو صلاح الخزرجي) الذي كان لك أكثر من أخ و عزيز و سندو معين كما كنت له أنت بآلمقابل كذلك حتى صرتما أهلاً لبعض بزواج خالتنا العزيزة أم صلاح .. و هكذا كانت الصداقة و الوفاء بين الطيبيين وقتها بعكس اليوم حيث يخون و يُهين الصديق صديقه و يعتبره شجاعة, بل حتى الأخ مع أخيه و يعتبره ذكاءاًَ و نصراً و كسباً و إقتداراً و كما حاول بعضهم معي للأسف ..
لقد كنتما - مع الشيخ فاضل أبو صلاح - أبطال بغداد و سادتها بإمتياز و بلا منازع .. لأنك أذلت إشقياء الكفاح و النهضة و البتاوين و شيخ عمر و الفضل و الأعظمية و غيرها من أحياء بغداد, فحين كنت تدخل تلك المناطق كآلكفاح و الشورجة كانوا - الأشقياء - يحنون رؤوسهم و يختفون بلا أثر .. لأنهم يعلمون صولاتك الحيدريّة ستُفرق جمعهم و تُشتت وحدتهم و عدتهم فكنت المنتصر في كل المعارك التي خضتها ضد أؤلئك المتكبرين .. حتى إنّ الشقي المعروف وقتها صبحي مرهون و صباح ميرزا و أمثالهم كانا يختفيان لمجرد سماعهم بقدومك لمناطقهم .. لأنك تحدّيت جبروتهم و ظلمهم بحق الناس و بحق أبناء جلدتهم من قبل .. بل إعترف شقي بغداد وقتها (مرهون) ... إلاّ عيدان - يقصد خالي الشهيد - لا أواجهه فهو صديقي .. بينما لم يكن بينهما سوى سلام عابر من بعيد لأنه سبق أن أدّبه في موقف مشهود ..
و هكذا بقت و الله الحياة كريهة من بعدكم يا أيها الأبطال الصناديد . . و تجرّدت بغداد من الأنس و الأمن و الحب و الشجاعة و الكرم و الأنسانية, خصوصاً بعد ما إستأسد أزلام البعث, و سيطروا على الناس .. بحيث تنمّر الصداميون و الميرزائيون و أمثالهم من أشقياء الكفاح و جعلوا الشعب العراقي مجرّد دمية تتقاذفها آلأيادي القذرة الفاسدة ..
و إستمر العراق على ذلك الحال حتى اليوم وبعد السقوط؛ و بات معظم ألـ 40 مليون عراقي - إلّا ما ندر - منسلخاً عن القيم و آلأخلاق و الأدب خصوصا الطبقة السياسية الجديدة المتحاصصة و باتوا يسرقون حتى أئمتهم و لا يعرفون الفرق بين الحرام و الحلال؛ بين الأدب و اللاأدب؛ بين الخير و الشر؛ بين الغريب و الصديق؛ بين الضيف و عابر سبيل, لأن بطونهم إمتلأت بالحرام و لم تعد موائدهم تحلى إلا بآلحرام و بآلغيبة والكذب والنفاق والتهم والدسائس, والوشايات و كتابة التقارير .. لكن بخلاف السابق .. ففي السابق كانت العملية تطول فبعد كتابة التقرير للمنظمة الحزبية ثمّ تحويلها لجهات الأمنية, تبدء الأجهزة القمعية الخاصة بإلقاء القبض عليه و في الآخر سجنه أو إعدامه لو إعترف بذنب أو تهمة,
أما بعد 2003م , فقد إختلف الامر عندما ظهرت مليشيات و جماعات مسلحة و قناصيين , و كواتم و أعضاء أحزاب مأجورة (جواسيس) .. هم أنفسهم كانوا مع البعث و مؤسساته قبل 2003م بجانب إئتلافات لا تؤمن بكتابة التقارير لأنهم يعتبرونها بآلدًّين و طريقة غير مأمونة و تطول عملية الأعدام عادة .. بل إستخدوا طرق أكثر تطوراً لا تؤمن إلّا بآلنقد - أيّ بطلقة مباشرة - و سلاح مستأجر بحسب عقود رئيس وزراء العراق و وزير دفاعه سعدون الديلمي وقتها و اللذين كانا قد إستأجرا أسلحة كانت تستخدم في الحرب العالمية الاولى و الثانية لقتال الدواعش و الخارجين على "دولة القانون" .. و لا أعلق على هذه الفقرة الغريبة لعدم وجود كلمات مناسبة تعبر عن مأساة حكومة تستأجر أسلحة لقتال الأعداء أو حتى الأبرياء و للحرب و لكوني مدنياً لا عسكرياً فليس لدي أي تفسير لتأجير أسلحة للحروب!؟
فأهل العسكر أولى بآلأجابة على هذا التصرف الغريب .. إن كانوا يعلمون و ما زال شيئ من العلم و الضمير و آلأخلاص و الصدق في وجود الساسة الجدد!؟
و سلاماً علويّاً أنصارياً أبدياً لك يا خالي العزيز و لروحك الطاهرة الأبيّة التي كانت تحنّ و تدافع عن آلفقراء و المظلومين و تنتصر لهم بجدّ أينما كان في مدن العراق و ترفض كل جبار عنيد حتى لو كان شقيّ بغداد (مرهون) أو صدام أو صباح ميرزا و أمثالهم, لأنك عرفت سرّ الحياة و (أركانه الثلاثة) مِن إمامك العليّ الأعلى(ع) الذي عشقته فعلّمك أركان الحياة الثلاثة و هي:
[ألجمال و ألعلم (الأدب) و عمل الخير]..
لهذا ما هدأَ لكَ بال و أنت تُخطط بعزم مع مجموعتك و من بينهم وزير الزراعة وقتها و محافظين و وزراء كـ (نظام الدّين عارف) و ضباط و غيرهم للقضاء على حكومة الشرّ و الجهل و الخبث البعثية العراقية, و لم تخور عزيمتك حتى الساعات الاخيرة من حياتك عندما زرتك في سجن إنفرادي بمعسكر الرشيد و طلبت نسخة من القرآن و مفاتيح الجنان و ساعتي اليدوية الوحيدة التي لم أكن أملك غيرها و عمري أنذاك لم يتجاوز 16 عاماً, بل كنت أعطيك روحي لو كنت تطلبها لأنك كنت سخيّاً مع الجميع حتى بروحك و بشهادتك الميمونة نتيجة كتابة (التقارير) و الخيانة التي إشتهر بها أهل العراق, لكن خيانتك كانت هي الاعظم و الأقسى و تختلف, لأنها كانت من أقرب إنسانة لك في الحياة مع أمّها للأسف و الذين تأسفوا كثيراً على فعلهم ذلك .. لكن بعد فوات الأوان ...!؟
فنُم قرير العين .. لأنك حتى بعد شهادتك الكونيّة المباركة صار دمك الطاهر مصدراً للخير و العطاء و الحياة لمعيشة أهلك و مقرّبيك و مَنْ أحبك منهم و معهم عشائر الأنصار و الجادرية و أصدقاء كثر لم تستوعبهم الحسينية الحيدرية الكبيرة التي أقيمت فيها الفاتحة على روحك في بغداد/ الدهانة !
و تلك هي حياة العظماء الخالدون أبداً .. لانك قهرت الموت و البعث اللئيم و أهله و النفاق ..
إبن أختك الحزين ليس على العراقيين فحسب .. و ليس على الشهداء العظام بل على كل دول العالم المُهان من حكوماتها لفقدان الوجدان و مسوخ الأرواح بفايروس صغير لا يُرى بآلعين المجردة!
عزيز حميد مجيد
Subscribe to:
Posts (Atom)