Saturday, September 14, 2024

مكانة المنهج في الفلسفة الكونية :

موقع المنهج في آلفلسفة الكونيّة : مسألتان تُحدّدان مصير البشرية إما إلى الشقاء أو السعادة, ما زالتا تشغلان عقل و روح الفلاسفة الحقيقيين منذ ظهور الفلسفة قبل آلاف السنين .. و إشتداد منافستهم مع السوفسطائيين زمن الأغريق و إلى يومنا هذا, و المسألتان ترتبطان ببعض و هما : ألمنهج؛ تثقيف الناس بإيصال الحقيقة لتوعيتهم؛ و بقت الفلسفة محدودة تصارع و تحاول تأطير الواقع الفكري بمناهج رصينة لتطوير الحياة و سعادة الأنسان و إنقاذه من مخالب السياسيين بمن فيهم التكنوقراط, بل أجزم القول بأن معظم الشهادات الجامعية باتت سدّاً أمام تطبيق المناهج الفلسفية, لذلك تأزمت الأوضاع على صعيد الفكر الأنساني الكونيّ الذي يتناسب و إنعكاساتها على مناحي الحياة المختلفة؛ هو إشتداد المنافسة في العصور الحديثة مع الأتجاهات و الأوضاع السياسيية و الأجتماعية و الأقتصادية المختلفة بسبب الأستقطاب العالمي و سعي القوى للهيمنة على منابع الطاقة! يضاف لذلك عوامل و إختصاصات أخرى لها مكانة و تأثير بدأت بآلظهور تُنافس و تؤثّر على مسار الفلسفة كعلم الاجتماع و التحليل النفسي أو وسائل الإتصال المتطورة و فنون الإرتباطات المعاصرة و العقل الصناعي و (الدعاية والتصميم والتسويق المُتجددة) و غيرها؛ لذلك علينا ألنظر للفيلسوف بوصفه ألنّبي المُخْلص و المُخَلّص الأقدر و الوحيد للبشرية, لأنهُ صديقٌ للحكمة و يسعى إلى إبداعها و العمل بها، وبوصفه منافساً للآخر الذي يسعى هو أيضاً إلى امتلاكها و التقرب منها. لائحة الشخصيات الأفهومية ليست مغلقة مع كل فلسفة كبيرة هناك شخصية أو شخصيات أفهومية ترسم. و الشخصية الفلسفية القلقة هذه تكتشف الحقل وتبدع الأفاهيم المناسبة وتبتكرها. لذلك علينا ألا نتجاهل وجود هذه الشخصيات المضمر أو الصريح في كل فلسفة. وعليه، فإن لائحة الشخصيات الأفهومية غير مغلقة وميزات الصديق تتغير. يقول دولوز "الصديق والعاشق والطامح والمنافس تعينات مجاوزة لا تفقد لهذا وجودها الشديد والمتحرك، في شخصية بعينها أو في عدة شخصيات. والآن، عندما يستعيد موريس بلانشو، الذي ينتسب إلى المفكرين القلائل الذين يهتمون بإعادة الاعتبار لمعنى كلمة "صديق" في الفلسفة، هذه المسألة الداخلية لشروط الفكر بما هو كذلك، أفلا يدخل هو أيضاً شخصيات أفهومية جديدة في داخل المفكر فيه الأشد نقاء، شخصيات قليلة الانتماء إلى الإغريق هذه المرة وآتية من مكان آخر كما لو كانت مرت بكارثة تجرها إلى علاقات حية مرفوعة إلى مستوى الميزات القبلية، تغيير مسار ونوع من التعب ونوع من الضيق بين الأصدقاء يبدل الصداقة نفسها إلى فكر الأفهوم بما هو ريبة وصبر لامتناهيان؟ إن لائحة الشخصيات الأفهومية غير مغلقة أبداً، ولهذا تلعب دوراً مهما في تطور الفلسفة أو تحولاتها، وعلينا أن نفهم تنوعها من دون اختزالها إلى وحدة الفيلسوف اليوناني المعقدة سلفاً" (ما الفلسفة؟ ص 10). مع كورونا تبدل الأمر إذ صار الصديق ينظر إلى صديقه بوصفه خطراً على حياته بل أكثر من ذلك، بوصفه قاتلاً. لكن هل ستتغير طبيعة الصديق بما هو شرط جواني لممارسة الفكر؟ اقرأ المزيد الفلسفة بوصفها جسر عبور بين ثقافات العالم ديكارت رائد الفلسفة الكلاسيكية استهل الأزمنة الحديثة ماذا يمكن أن تقول الفلسفة عن معاناة كوكب الأرض؟في أي معنى نقول إن الفلسفة ولدت عند الإغريق؟ الحاجة الدائمة إلى الفلسفة لكن لماذا لا تزال الفلسفة حية اليوم مع تقدم العلوم الهائل وازدهار الفنون؟ لماذا لا يكون النشاط الفلسفي نشاطاً تابعاً للنشاط العلمي أو نشاطاً خادماً للاهوت؟ يأبى شرف الفلسفة أن تكون خادمة للاهوت أو تابعة للعلم، إذ إنها تمتلك مرجعيتها في ذاتها. إنها نشاط له خصوصيته واستقلاله وحقوله ومشكلاته وأدواته. أدوات الفلسفة الأفاهيم. وكما أن المدينة البشرية لا تعيش من دون علوم إذ إنها بأمس الحاجة إليها في العمران وتدبير شؤون العيش ولا تعيش من دون فنون، إذ إن الحياة مع الفن تصبح أجمل وأرقى، كذلك فإن المدينة البشرية لا يمكنها أن تعيش من دون أفكار، والفلسفة هي المصنع الدائم لإنتاج الأفكار، وفي الأقل للأفكار التي نعبر عنها بواسطة الأفاهيم. مثالاً، لا يمكن العيش في مجتمع ما من دون أن نتساءل عن معنى العدالة والمساواة والتفاوت والتعدد والتمثيل الشعبي والإرادة العامة وحدود استعمال العنف، إلى ما هنالك من اصطلاحات وأفاهيم على الفيلسوف أن يبتكرها ويخترعها. لكن علينا أن نتذكر دائماً أن هذه المصطلحات أو الأفاهيم الفلسفية ليست بقضايا علمية أو منطقية، يمكن أن توصف بالصدق والكذب أو الصح والغلط لأن الفلسفة ليست خبراً عن العالم، إنها تسوق جملاً إنشائية لا جملاً خبرية. تجيب الفلسفة عن أسئلة العقل التي يطرحها بطبيعته. ومن خلال طرحه هذه الأسئلة يسعى إلى تحقيق راحته، وإن بصورة موقتة. لذلك فإن مقولات من أمثال موت الفلسفة أو نهاية الفلسفة أو نهاية المتافيزيقيا ما هي إلا ثرثرات عديمة النفع ومتعبة في نظر دولوز. خلاصة القول أن الفلسفة باقية بحيث لن يستطيع العلم أو النشاطات الأخرى الحلول محلها. لكن الفيلسوف بما هو صديق الحكمة وعاشقها سيبقى يجد حتى داخل الدائرة الجوانية القبلية المجاوزة للفلسفة، منافسين كثراً يدعون عشق صوفيا والتقرب منها. لكن علينا دائماً أن نعمل على تمييز الفيلسوف الحق من الفيلسوف الزائف. وما أكثر الفلاسفة الذين يدعون حب الحكمة، وهم لا يجرؤون على الاستهداء بإرشاداتها المربكة