صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Monday, February 10, 2025
هل الثقافة العالمية تنفعنا ؟
هل ثقافتنا ثقافة عالمية؟
لتكن ثقافتنا ثقافة عالمية * بقلم د. رضا العطار
يعيش البشر في القرن الواحد والعشرين وهم مرتبطون مع بعضهم بروابط متعددة، كثيرة الاشتباك. فالبيت المتمدن سواء أكان في بغداد او في لندن اوفي واشنطن يحوي على منجزات ومكتسبات حضارية من بلدان متعددة مما جعلت خطوط المواصلات تزداد عددا مثلما جعلتها تزداد سرعة. والرجل المتمدن يحس لهذا السبب ان وطنيته عالمية وليست قطرية. وهذا الاحساس يزداد حدة وقوة بتطور الثقافة، الاحساس الذي غرس في قلوبنا روحا بشريا جديدا يشعرنا وكأننا مجتمع واحد نملك هذا العالم الذي نعيش عليه وليس لنا غيره. ولو ان هذا اليقين الجديد لا يمنعنا من ان تقرع جدران هذا الكون لعلنا نجد خلفه من الحقائق ما يزيد عقولنا فهما وحياتنا سعادة.
والجريدة –اليومية- والمجلة الاسبوعية والكتاب بل كذلك السينما والتلفزيون، كل هذه الوسائل تذكرنا باننا مرتبطون بجميع البشر في انحاء العالم. ونحن نقرأ الحوادث في طوكيو او في واشنطن او في ريودوجانيرو بنفس الاهتمام الذي نقرأ به الحوادث التي تجري في بغداد والموصل والبصرة، لا لأننا نحس فقط ان لهذه الحوادث (الاجنبية) صدى في وطننا بل لأننا تعودنا النظرة العالمية. وربما كان للحروب وتداعياتها اثر عظيم في ايجاد هذا المزاج العالمي في كل منا.
فان التطور الصناعي ثم الحربي قد جعل كل ازمة سياسية اجنبية ازمة سياسية وطنية عند جميع الامم في هذا العالم. فالعراقي المثقف في عصرنا يناقش الديمقراطية والدكتاتورية والاشتراكية والحرب والسلم والدين بأهتمام كبير. حتى ولو لم يجد في وطنه لهذه المبادئ حقيقة ثابتة. فنحن نتطور في السياسة والاجتماع من النظرة القطرية الى النظرة العالمية. وهذا التطور يجري على الرغم منا، وقد كان كارل ماركس يقول: ( ان الحرب هي قاطرة التاريخ ) اي ان التاريخ يسرع خطواته فيها.
فالحربان العالميتان الماضيتان الى جانب حروبنا المحلية قد عملت على نقل المثقفين والاذكياء منا الى الافاق الرحبة في اهتمامنا، حتى صارت مشكلات القارات الخمس مشكلاتنا الوطنية.
وبكلمة اخرى نقول: ان ظروف العالم الاقتصادية والاجتماعية، ثم هاتان الحربان وامتدادهما السرطاني الى كل بلد تقريبا، كل هذا قد حملنا على ان نعتنق ثقافة عالمية كما كان اسلافنا يعتنقون الاديان الجديدة. فنحن بقوة هذه الظروف وضغطها في – بشرية – جديدة تحملنا على الاحساس بالأخاء والتضامن والرغبة في عمل الخير والرقي الاجتماعي.
والرجل المثقف في عصرنا ليس هو ذلك الذي يدعو الى ثقافة عربية او انكليزية او المانية وانما هو الذي يعتنق ثقافة عالمية لا هي شرقية ولا غربية. وانما هي ثقافة هذا الكوكب. وهي ثمرة المجهود البشري منذ ربع مليون سنة الى الان. هي المعلومات التي اكتسبها والتجارب التي خاضها سواء كان يعيش في وادي الرافدين او في روسيا او في القارة الامريكية، انها جزء من تاريخ تطوره، بصرف النظر عن جغرافيته. لان هذه القارات هي ملكه والعالم هو قريته الكبرى التي يحق له ويجب عليه ان يعرفها ويطلب اصلاح دروبها وخططها، فالعراقي مثلا قد ابتهج وتحمس عندما علم بتحرر شعوب القارة الافريقية من السيطرة الاجنبية، مثلما ازداد غبطة وتفائلا عندما تحرر وطنه من قبضة الطاغية صدام عام 2003.
والغاية من الثقافة البشرية، هي الفهم اولا، وذلك بان نتصل بالعقل العام، ذلك العقل العالمي المتطور الذي يكافح الجهل والتخلف ويسعي الى اختراعات آلات تغير الدنيا. ثم بعد ذلك نسلك السلوك البشري الذي لا يرتبط نفسيا بوطن او مذهب سوى وطن العالم ومذهب البشرية. وبكلمة اخرى نقول: ان غاية الثقافة ان نجعل الانسان انسانيا.
علينا ان ندرس مشكلات العصر الحديث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لانها خير الابواب التي تفتحها الدراسات الاخرى، والسبيل الاول لهذه الدراسات هو الجريدة اليومية، نستعين بها لنتعرف على ما يجري في العالم الخارخي. ولا يمكن شابا ان يحيط بعلم من العلوم العصرية اذا اقتصر على اللغة العربية. وخير اللغات الاجنبية هو الانكليزية والفرنسية والالمانية، لكن هاتين الاخيرتين شاقتان. تحتاجان الى مجهود كبير لدراستهما. تكفي للأتصال بالثقافة العالمية.
* التثقيف الذاتي لسلامة موسى مع التصرف
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment