صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Friday, June 13, 2025
العراق بمهب الريح - القسم الثاني
ألعراق بمهب الريح - القسم الثاني:
في زيارتي العام الماضي للعراق, إلتقيت بآلكثير من الناس الخرّيجين, و عندما كنت أسأل بعضهم عن إختصاصهم, قال أحدهم ؛ إختصاصي هي اللغة التركيّة وآخر قال؛ اللغة الفارسيّة, و حين سألت الأخير, طيّب ماذا تعرف عن الأدب الفارسي .. و مَنْ مِن الأدباء و العلماء الإيرانيين, وبأيّ أتجاه عُرف الأدب الإيراني, وهل لكَ أنْ تطربنا بقصيدة أو بيت شعر معروف لأشهرهم كآلشيرازي و السعدي!؟
حنى رأسه خجلاً دون جواب, و تبيّنَ أنهُ لا يعرف شيئاً عن ذلك ولا يحفظ بيت شعر!؟
ثمّ سألته: طيب و ماذا درستَ خلال السنوات الأربع أو الخمس التي قضيتها في الجامعة!؟
لكنه إنزعج أيضاً و تقلّص وجهه و تَهرّب من الجواب .. و سألت بعضهم ممّن حصل على شهادة الدكتوراه؛ هل ترجمت نصّاً أو كتاباً من الفارسيّة التي درستها للعربية؟ كان جوابه النفيّ, مضيفاً؛ لستُ قادرا ًعلى الترجمة لأني ضعيف في اللغة العربية!؟
طيّب بآلله عليكم و ما فائدة دراسة لغة ثانية و أنت لا تعرف لغتك الأم جيّداً!؟
و هكذا شخص آخر حصل على بكالوريوس في الأدب التركي لكنه أيضا عجز حتى عن تشكيل جملة مفيدة أو بيت شعر باللغة التركية.
أما المحنة الأخرى فكانت أتعس من ذلك, فآلمعروف أن اللغة الثانية في العراق هي الأنكليزية, لكن أحدى القريبات و هي مدرسة لغة optimalإنكليزية/بغداد, سألتها عن معنى كلمة (الأوبتيمل) .
أما العلوم والتكنولوجيا فحدّث ولا حرج فكان الحال مع المدّعين لها أسوء وأمرّ! فماذا تتوقع من مصير بلد بهذا المستوى من المعرفة؟
يقول أحد الأساتذة؛ في يومٍ إلتقيتُ أحدَ الإخوةِ المسؤولينَ الذي يدَّعي أنه دكتور في اللغة العربيّة، و أحببتُ وقتها أن أذكُرَ لهُ طُرفةً تاريخيَّةً تتعلَّقُ بموضوعِ تعدُّدِ الزوجاتِ، فقلتُ: [سُئِلَ الزَّمخشري: لماذا يجوزُ للرّجل الزواجَ بأكثرِ من إمرأةٍ ولا يجوزُ ذلكَ للمرأة]!؟
فأجابهُ بقاعدةٍ نحويَّةٍ: [يجوزُ تعدُّد المفعول به ولا يجوز تعدُّد الفاعل], تفاجأتُ بأنَّ مُدَّعي دكتوراه العربيّة لم يفهم الطُرفةَ، لأنَّهُ ببساطةٍ لم يفهم إمكان تعدُّد المفعولِ بهِ !؟
و يضيف؛ كانت مشاكلنا مع وزراء التعليم العالي هو قولنا الحقَّ، قال الله تعالى: (و أكثرُهُم للحقِّ كارهونَ) منهم مَن حَشَّدَ الوزارةَ ضِدَّنا لأننا كشفنا عن (دكتوراه الأكشاكِ) حيثُ انتشرت في مناطقَ عديدةٍ من بغداد في باب المعظم و شارع الصناعة و الجادرية و غيرها … مكاتب لكتابة الماجستير و الدكتوراه بعضهم مختصّ في رسائل آلسّحر و البقلاوة و الطبخ و منها قبل أيام صدور شهادة عليا في (أثر إضافة الفلفل الحار للدولمة)!؟
المشكلة القائمة اليوم في العراق إضافة لما أسلفت:
هي وجود عديد من الأساتذة الجامعيين المتقاعدين الذين تخصَّصوا في كتابة الأطاريح و الرّسائل الجامعيّة مقابل مبالغ للمعيشة، و تعرَّض من قاوم ذلك إلى المضايقات و الدعوات القضائية و حملة من التسقيط و التشهير من أقطاب وزارة التعليم العالي بعد آلكشف عن أكثر من (30) ألف شهادة جامعيّة عليا من لبنان مزوَّرة كانت عبارة عن جدارية و مجموعة أوراق مقابل بِضعةِ آلافٍ من الدولاراتِ، و بيَّنا وقتها بالأدلة فساد دائرة البعثات و التي سهَّلت تزوير الشهادات إلى بلدان أخرى شملت عشرات الألوف من إيران و ألوف من تركيا و أضعاف ذلك من مصر و الهند و الأردن و بيلاروسيا و أذربيجان.
يقول أحد المطلعين : سألتُ أحدَ الأصدقاءِ الذي حصل على ماجستير هندسة من إيران عن أُطروحتهِ، فأجابني : إنها مكتوبة بالفارسية، وسألتهُ: كيفَ تمَّ معادلتها!؟
أجابني: ترجموها لي في إيران إلى الانكليزية، و عندما سألته عن معرفته للغة الفارسيّة و الإنكليزيّة، أجابني: أنه لا يعرف الفارسية و لا الإنكليزية..
و الغريب أنَّ مسؤولًا في دائرة البعثات الدراسية يقول:
لدينا (100) ألف شهادة عليا ماجستير و دكتوراه قادمة من إيران؛ أكثر من 85 ألف من هذه الشهادات مع الأطاريح تمَّ بيعها من قبل الجامعات الإيرانية للطلاب العراقيين الذين حصلوا عليها و هُم نائمونَ في بيوتهم!
طيب ؛ أسأل أهل العقول و القلوب إن وجدوا في العراق:
كيف يُمكن لبلدٍ يحتل هذا الكم الهائل من أصحاب الشهادات المزورة أن يفلح و يتطور .. إلى جانب السياسيين الذي كشفت الأيام و المواقف مدى جهلهم و ظلمهم و تخلفهم و فسادهم و خيانتهم على كل صعيد؛ حيث أكثرهم يحملون مثل تلك الشهادات, و معظمهم من إيران و لبنان النفاق و الفساد!؟
إذن العراق في مهب الريح, بل تناثر مع الرياح العاتية للأسف كنتيجة طبيعية للظلم و الجهل والفوارق الطبقية و ترك التعليم الحقيقي المعرفي .. وعدم معرفة العراقيّ الفرق بين التعليم الأبجدي والتعليم الفكري أو حتى الفرق بينهما, لذلك باتت لقمة سائغة لكل مَنْ هبَّ و دبّ, بل ومسخرة للعالم!
علة العلل في هذا المصير الخطير تكمن في فقدان العراق إلى المعايير و المواصفات الفنية المطلوبة رعايتها في التأسيس و الأنتاج و الجسور خير دليل على ذلك ناهيك عن باقي الأختصاصات المختلفة, لأن العراقي يتخرج من الجامعة و لا يعرف المعايير الفنية لأتباعها في مجال عمله!
هذا و قد قلنا في موضوع سابق ؛ أخطر ما في السياسة و الحكم تسلط أنصاف المثقفين على زمام الأمور , لهذا لا يفلح العراق مع تسلط ليس أنصاف المثقفين بل أرباعهم.
و إنا لله و إنا إليه راجعون.
عزيز حميد مجيد
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment