Tuesday, February 13, 2018

ألسَّبيل الأمْثل للتّغيير..


ألسّبيل للتَّغيّر..
بين آلإرادة ألكونيّة و آلطبيعةُ آلبشريّة:
كيفَ نُغيّير ألعالم؟

سؤآل هام سمعتهُ مراراً وتكراراً في نهاية كلّ محاضرة أو حديث من ألمُهتمين بقضايا آلفكر ومستقبل البشريّة آلذين ما زالوا يُتابعون فلسفتنا ألكونيّة لتغيير العالم من خلال شبكة(النت) على موقع(كوكل) وآلمنتديات ألعامّة وآلخاصّة, مفادهُ:
[كيف آلسّبيل لتغيّير ألناس و تحقيق ألعدالة و صولاً للسّعادة كغاية في الوجود]؟ و قبل الجواب, لا بُدّ من الأشارة إلى أنّ مُجرّد طرح مثل هذا آلسّؤآل مسألة في غاية الأهمّية و لا يصدر إلّا من عقلٍ كبير و مبدع يختزن ثقافة واسعة و ليس بمقدور أيٍّ أحد طرح ألأسئلة آلمُنتجة ما لم يكن مثقفاَ حقيقياً لكونها مفاتيح لأبواب العلوم و المعرفة!

و رغم أهميّة ذلك آلسؤآل لكن لم يُجب عليه من الفلاسفة بوضوح و حكمة للآن لتشعباته المختلفة وملابساته آلمعقدة لأنه يتعلق بذلك المجهول المُسمّى بآلأنسان بحسب قول (ألكسيس كارل), فكيف يمكن الأجابة على شيئ مجهول؟ لذلك يحتاج الأمر لِمَدَدٍ إلهي و لثقافة واسعة لفيلسوف حكيم؛ كما إننا سنُركز على جانب واحد ما زال غير معروف بآلضبط ونترك الأجابة على الجوانب الأخرى المتعلقة بآلسؤآل لمقام و حديث آخر, لأنّها تحتاج لثقافة جامعة و مقدّمات و بحوث منوعة و دقيقة لكونها ما زالت تشغل عقل آلمثقف وألأستاذ و آلمفكر و آلعالِم ألمخلص ألذي يُريد آلتغيير الحقيقيّ في آلعَالَم لرضا الله تعالى الذي هو العدل و آلأمن و الخير كلّه!؟

و لو سألت آلمُطلعين هذا السؤآل, لجاءَك آلجّواب عادّةً ما خاطفاً و مقتضباً حتى من المهتمين, بآلقول؛ (عليكم بتغيير أنفسكم قبل أيّ شيئ), أمّا كيف و متى و لماذا و ثمّ ماذا؟ تبقى أسئلة مجهولة حول (مجهول) آخر هو (الأنسان)!

 لذلك بقى الجواب ألمُقتضب أعلاه غامض آلفهم و غير واضح, بل تحوّلّ لمخدّر فسبّب أخضاع و دمار الأمّة و الناس لتوجيه الأوضاع نحو الأسوء, و ستسوء اكثر إنْ لم يتمّ بيانهُ و عرض جواب شاف لهُ بحسب التفسير الكونيّ بتوضيح أبعاده و آلياته و تأثيراته ونتائجه, تسبقها مُقدّمات و أسئلة محورية تتعلق بآلوجود, أوّلها؛ معرفة جواب الأسئلة آلسّتة .. ثمّ فلسفة ألقيم و العدالة و آلمساواة و الحقوق الطبيعيّة و غيرها من المحاور التي تحتاج لشروحات مفصّلة!

 يُستثنى ألسّياسييون من ذلك في هذا الوسط .. بسبب الجّهل ألمعرفيّ و ألأميّة الفكريّة و قوة الشهوة بآلمقابل عندهم بسبب لقمة الحرام ألدّسمة التي يُجاهدون لأجلها بكلّ وسيلة وغاية .. و الغاية عندهم تُبرّر ألوسيلة – بعد ما إنخرطوا ضمن مخططات (المنظمة الأقتصادية) كخدم لتنفيذ سياسة ألمستكبرين من أجل المال و آلسّيطرة على منابع الأرض .. علّة كل ذلك هي الفساد و الأنقطاع عن الغيب و التثاقل في الأرض و رفض التغيير الذي أُمرنا به و كما جاء في آية آلتّغيير؛
[لا يُغيير الله ما بقومٍ حتّى يُغييروا ما بأنفسهم].

و آلنفس أيّ (آلرّوح مع الجسد) .. و لأجل أنْ تتغيير يجب إشباعها بآلمعرفة و المحبّة لله و في الله لخدمة ألناس لا آلنفس الأمارة .. و آلتّزيّن بمحاسن الأخلاق و بفلسفة ألقيم ألّتي تَتَحَدّد في مجتمع ما .. كهدف أعلى في النظام الأجتماعيّ الحاكم من خلال معرفة؛ أيّهما يتقدّم على الآخر؛ إصالة (الفرد) أمْ إصالة (ألمُجتمع)؟ أم لا هذا و لا ذاك؛ بل إصالة الحاكمين؟

و تلك القيم و آلمعايير لا يدركها الذين حدّدوا تفكيرهم وأرواحهم بحزبٍ أو منظمةٍ أو مؤسسةٍ يترأسها الجّهلاء من أجل منافع شخصية دنيويّة .. بل يحتاج إلى إنسان حرّ شريف مُستقل بتفكيره وتطلعاته الكونيّة, ويرفض الصّفات والأنماط الأخلاقيّة ألسّيئة كالغيبة والنّميمة و آلنفاق و آلخيانة التي باتت صفة المتحزبين ألمرضى ومن صلب سلوكياتهم الشيطانية!
ذلك السؤآل هو محور هذا البحث وعنوانه آلرئيسي وبيت القصيد الذي يضمّ الخطط والمفاهيم السّماوية بهذا الشأن للنجاة!

و للجواب على ذلك السؤآل الهامّ بل ألأهمّ في علم (ألأجتماع) و (ألأنتربولوجيا) الذي يُقرّر مستقبل العالم؛ نحتاج لنظام تعليميّ و تربويّ مركزيّ يُعرض ألأنظمة و ألمناهج ألقرآنيّة الكونيّة ألتغييريّة بجانب ألعلوم السّايكلوجية و الحقوقيّة و التأريخيّة و آلأخلاقيّة و فوقها جميعأً عرض(فلسفة الوجود) مع جواب (الأسئلة السّتة) و صولاً لمنهج آلتكامل ألأنسانيّ  ثمّ آلآدميّ ألمُتبنّاة لتحقيق الغاية من الوجود .. هذا إنْ كُنّا أحراراً عقلاء نريد معرفة (المعرفة) (ألأيبستيمولوجيا)!

و من جانب آخر سوف لن نتطرق لمناهج آلملحدين أو المنكرين للوجود أو السفسطائيين أو النهليسم أو النشينليسم أو الماركيسسم أو الهيبونيسم وغيرها  من آلفلسفات الوجودية الأخرى التي تجرّ الأنسان للحضيض بتُجريده من الأخلاق و فلسفة القيم الكونيّة مع إحترامنا لمدّعيها كنُظراء لنا في الخلق, و قد نشير لها فقط لو تطلب الأمر بإعتبارها وسائل إستكبارية لتسخير و مسخ الناس لتعبيدهم من أجل تنفيذ مشاريعهم!

منهجان للتغيير:
ألأوّل : ألمنهج ألأستكباريّ ألشّموليّ, ألمحكوم بقوانين تُحدّد مسير الفرد و بآلتالي المجتمع في بودقة واحدة يتركّز الهمّ الأكبر فيها على الشّهوة و آلجنس و آلمنفعة الأقتصاديّة و رأس المال ألمُقيد بسياسة طبقة خاصّة, حيث يتمّ تشريع قوانين و شؤون المجتمع بشكلٍ يُنظم علاقة الفرد مع النظام الاجتماعيّ الحاكم لخدمة الأقتصاد و رأس المال في سوق العمل و الأقتصاد و الضرائب, فيصبح الفرد ضمن هذا المنهج برغيّاً في ماكنة الرّأسمالية تعمل بإتقان و بلا إرادة لتشغيل الماكنة التي تعود ملكيتها و مُلكية الأرض التي عليها و إنتاجها و أرباحها لأصحاب (ألمنظمة الأقتصادية العالمية) التي تُعيين بغطاء ألدّيمقراطية ألرّؤساء و الحكام و المدراء و السّواقين و العمال و الموظفين ألّذين يتمّ إنتخابهم ديمقراطياً لأدامة الفساد و ألأستنزاف ألقانونيّ المُمَنهج الذي تخضع للأساليب ألميكافيليّة في آلسّالطة بدعم كامل من الأعلام و آلمنظمات آلبوليسيّة و ألأمنيّة ألمُدججة بتكنولوجيا و أسلحة تُرسّخ ألنّمط آلدّكتاتوري بشكلٍ قانوني و ديمقراطيّ تكُمّ كل الأفواه لتعبيد المجتمع للحاكم الأوحد ألمُتمثل بأصحاب المال و الشركات و البنوك العملاقة التي تحكم العالم, و يحتاج ترسيخ و إدامة هذا الأمر مسخ ضمير الأنسان و المجتمع و تجريده من آلأخلاق و آلقيم و حالته الآدميّة و تحويلهم لبشرٍ أو أقل من ذلك ليصيروا أقل شأناً و قيمة من الحيوان, يسعى فقط لإشباع بطنه بأيّ ثمن حتى بيع نفسه.

إنّ آلمشكلة العويصة التي تظهر في هكذا مجتمعات متعولمة؛ هي تركيز إصالة و ديمومة الفئة التي تتحكم بإدارة و إنتاج الماكنة المجتمعية و لا يهمّها .. لا طبيعة و نوازع و إصالة (الفرد) و لا طبيعة وإصالة (المجتمع) بعد ما تحول إلى ذلك الوضع الذي أشرنا له, حيث لا إعتبار للمُجتمع أو الفرد و آلخصوصيات المتعلقة بكرامته الأنسانيّة, و هنا بيت القصيد و آلمنطلق و نهاية المطاف, لأنّ أيّ إنسان له كرامة و قيمة يرفض فطرياً و بشكل  تلقائي ذلك النظام بسبب ذلك الرادع المانع لهدر كرامته, و كما هو حال أكثر مجتمعات الأرض التي فقدت ألأصالة و آلقيم في وجودها و حلّت إصالة و قيم الحاكمين في (المنظمة الأقتصاديّة) ألذين يسيطرون على 75% من منابع العالم و المليارات من البشر المحكومين بفساد الأنظمة التي تمّ تعينهم ديمقراطياً بإشراف الفاسدين الكبار!

و هكذا فقد العالم صوابه بعد ما فقد الناس ضمائرهم و إيمانهم بآلوجود, بكلمة واحدة؛ أصالة (الفرد) هي الأصل  في النظام الشمولي ألمُنتَخَب ديمقراطياً لا إصالة (آلمجتمع) الضحية بإختيارها بعد فقده آلخيارات ألمُثلي بسبب الجهل المعرفي نتيجة سياسة الظلم والتربية والتعليم المُمنهج بحسب مقاسات جيوب الأصلاء الشموليين الكبار في المنظمة الأقتصادية العالمية.

ألثاّني: ألمنهج ألألهي ألكونيّ و هو على مستويين؛

ألمستوى الأوّل؛ الفرديّ: و يضمّ تفاصيل المنهج التعبديّ ألشّخصيّ من خلال تكريم الله لعبده بآلكرامة الكونيّة للعمل في سبيل خدمة الناس و تغيير الأوضاع نحو الأحسن عبر مثلث المعرفة (الله/ الناس/ الطبيعة) تطبيقا لأحكام ألدِّين و إن إختلفت أشرعته لأنّ منبعها واحد و يتحدد بعمل الخير و نشر آلأمن و المحبة لتحقيق المجتمع الأمثل, و كلاهما (ألفرد و المجتمع) يرتبطان ببعضهما من خلال التّوحد من خلال محبّة و إتباع من عيّنهم الله تعالى كقادة للكون عندما جعل معيار الأرتقاء و العلو في الدارين بمودتهم و إتباعهم في السراء و الضّراء بقوله: [قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى] و هو خطاب لجميع الناس الذين عليهم ألتّوحد ضمن هذا آلمنهج العرفاني الأمثل ألذي يحتاج إلى عبور سبعة محطات يمكن إعتبارها دمجاً و إختصاراً لأحدى و خمسين محطة بحسب تقريرات العارف الكبير الشيخ الأنصاري ألذي تأثر بسيرة العرفاء الكبار أمثال ألفارض و الشيخ الأكبر(إبن عربي) وآلحلاّج وحافظ الشيرازي والمولوي والتبريزي وهي: [الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد –  ألأستغناء - الحيرة – الفقر و الفناء]. الغاية بناء النفس لتحقيق الآدمية فيها.

و تلك المحطات تُوضّح قصّة أسفار العاشقين لمدينة ألسّلام ألّتي عَبّرَ عنها آلعطار ألنيشابوري بـ( سفر سيمرغ) أي سفر الطيور الثلاثين التي أرادت الوصول لمدينة العشق, لكنّها فشلت و لم تصل, سوى من كان عاشقاً لله بحقّ و لم تشغله لهو الحياة و روتينها و زبرجها و مزارعها و مراعيها و أنهارها التي كانت تصادفها أثناء عبور المحطات في السفر لإكمال المسير.

ألمستوى ألثاني؛ ألمُجتمعيّ: لا تتحقّق الخلافة الكونيّة بتطبيق(العدالة) في آلمجتمع و الأمّة من خلال فرد واحد حتى لو كان آدميّاً مُتكاملاً أو نبيّاً مرسلاً من الله و يُعادل أمّة بأكملها .. كرسولنا الكريم و كإبراهيم(ع) أو حتى لو كانوا أفراداً متكاملين أو جماعات و أحزاب متكاملة صغيرةً أو كبيرة هنا وهناك كأصحاب الكهف و الرقيم أو كأهل (الصّفا)  أو كأصحاب عليّ(ع)  بعد وفاة الرسول(ص) أو كأصحاب آلحسين(ع) أو المختار الذي جهّز جيشاً جراراً للثأر من الفاسدين و تغيير الأمة, بل لا بُدّ من تحقق عملية التغيير .. عبر مشاركة جميع أبناء المجتمع و آلأمة كشرط ونهج حدّدهُ الله تعالى لتحقيق المنهج ألرّباني ألّضامن لأنتاج نظام عادل لتحقيق سعادة الناس كلّ الناس!

فلو توفّر في كلّ مجتمع أفراد و جماعات مخلصة تحققت في وجودهم حالة (الآدمية) تسعى للخير و إشاعة العدل و الأمن و التواضع لَـتَغَيّر الناس و لَتَمَّ ربطهم بقيادة ربانية حكيمة, و بآلتالي فأنّ مثل هذا المجتمع الذي إتصف أكثريته و النّخبة الصالحة فيه بآلإيمان و الأستقامة سينال حتما آلسّعادة, لتجانسهم و تآزرهم و سعيهم لإشاعة الخير و المحبة و آلأيثار و آلعدالة التي أحد أهم أركان تحققها هي سعي النخبة الصالحة لتحكيم ألمساواة و محو الطبقيّة و التميز العنصري و الأثني و الدّيني.

و بعكس ذلك تحلّ المأساة و الفوضى و الفساد و التنفر و تشاع الكراهية بدل المحبة و آلتآلف بين الناس, فلو كان المجتمع ملآى بآلأشرار و الفاسدين و كما هو حال مجتمعنا و المجتمعات الأخرى المحكومة بهوى (المنظمة الأقتصادية) التي أفرادها و قادة أحزابها يظلمون و يقتلون و يفسدون في أموال و أعراض و كرامة وحقوق الناس؛ فإن مصيرهم إلى المسخ و آلزّوال لا محال, و لنا في كثير من المجتمعات المعاصرة أمثلة حيّة على ذلك فقد تكون مجتمعات تتزين بآلأيمان و الصلاح الظاهر و آلنظام الديمقراطي؛ لكن ضمائر الناس فيها ميتة و تسعى لخلط الحقّ بآلباطل للتصيد في الماء العكر .. فأن مصيرها الزوال, و هكذا الحال في المجتمعات الغربية المُزينة بالأبراج و آلقصور و البنايات و الكازينوهات و التكنولوجيا على أكتاف الكادحين من دون وجود العدالة و الكرامة ..

و السؤآل الكبير و حلقة الوصل المفقودة في بلاد الغرب و في قمة كلّ برج من تلك الأبراج العاجية هو؛
لمن مُلكيّة و أرباح تلك الأبراج و الكازينوهات و آلملاهي و الشركات و التكنولوجيا و البنوك العملاقة؟
من يترأسها و من يديرها .. و من أين أتى أصحابها بكل هذا المال أساساً؟
من يتمتع بإيراداتها؟
و لمن أرباحها و أتراحها؟
و ما الغاية من تأسيسها بآلأساس؟
هل هي لبناء و إستقامة  و سعادة الأنسان؟
أم لإنحرافه و تمييعه و تجريده من إنسانيته و كرامته ليسهل نزفه و السيطرة عليه!؟
لكن على الرغم من كلّ هذا .. فأنني أعتقد بأنّ آلملك يدوم مع الكافر العادل و لا يدوم مع المسلم (المؤمن) الظالم, و الحال أن العدالة في شرق الأرض و غربها مفقودة في كلا الجانبين شرقا بين المسلمين و غرباً بين الغربيين مع بعض الفوارق!

خلاصة الأمر: ما هو الموقف المطلوب تجاه هذه المأساة التي باتت قانونية عالميّة تأقلم معها الجميع بسبب (ألدّيمقراطية) بعد إنتهاء الشيوعية .. بحيث يتمنى الناس اليوم  بسبب غبائهم أن يكونوا عبيدا لأصحاب المعامل و الشركات و المدراء و الرؤوساء لأجل لقمة خبز و بأي ثمن!؟

إنّ الحلّ و الطريق المحوري الوحيد و آلسّريع الذي لا يُوازيه طريق و لا نجاة إلا من خلاله؛ هو فهم روح التوحيد في الأسلام من خلال المنهج الكوني لتفسير القرآن(1) و بشكلٍ أخصّ فهم و هضم و تطبيق آية ألتّغيير العظيمة.
ألمجتمع كأفراد و بضمنهم ألجّماعات و الأحزاب تنتظر أن يقوم الآخرين بحركة تغييريّة في المجتمع تقلب الأحوال للأحسن!
بينما هو كفرد أو جماعة أو حزب لا يُحرّكون ساكناً بفعلٍ حقيقي بإتجاه الحقّ, و هذا ما حدث و يحدث الآن في جميع بلادنا التي لم تعد أوطاناً كريمة آمنة و مستقلة؛ بسبب للنهب و آلسلب و النفاق و الفساد بإشراف و تخيط حكومات المستكبرين!

مُتَطلّبات ألتّغيير:
إن الذي ينتظر التغيير إلى آلحالة الأحسن من دون برنامج و عمل؛ يواجه متاعب كثيرة و أكثر بكثير من المتاعب التي قد يُواجهها في حال تصدّيه للتغيير, ففي أسوء الحالات قد يموت الأنسان المتصدي كشهيد حيّ, لكنه سيموت بفخر وعزة و لمرة واحدة بدل أن يواجه الموت كل ساعة و كل يوم مئات المرات في حال الركون للظلم و العبودية و الأسر تحت رحمة الظالمين, لأنهُ و كما أشار الأمام عليّ(ع)؛ [إذا ضاق عليكم آلظلم فآلجّور عليكم أضيق].

إنّ سبب ركود و فساد مجتمعاتنا و ثباتها على التّخلف و عدم تطورها هي للحالة الأتكالية و إنتظار الفرج من الآخرين بحيث أصبح الأنتظار منهجاً و مذهباً يدين به المسلمون و يدعمون هذا الركون و السكون بآيات و بروايات أشهرها ما يتعلق بإنتظار الفرج و كونه[إنتظار الفرج من أكبر العبادات], متأملين النجاة على يد الأمام الحجة(ع), بينما ألامام الحجة (ع) نفسهُ ينتظرنا لفعل شيئ بإتجاه التمهيد للظهور لا السكون للظهور, في مقابل هذا .. نرى الشعوب الأخرى التي لا تؤمن بآلغيب و لا بآلأمام الحجة تتقدم و تعمل و تبني على الأقل بغض النظر عن ما أسلفنا من حديث حول مآسي و مردودات و شأن الأستثمار و غاية الحضارة ألحديثة بقيادة آلمنظمة الأقتصادية العالمية؛ وأنها على العموم و كما نشهد تتقدم و تنتج و تتطور و تسيطر حتى على العوالم الأخرى في الأرض و فوق الأرض لقوة خططها ألعلمية آلتي ترجع بآلنفع لأنفسها و لمن حولها على الأقل!

ألتّغيّر في الأسلام:
أولا : يجب معرفة الأسلام الصّحيح .. كشرط للدخول في الموضوع, و الأسلام الصحيح يقول لا بد من التغيير .. بل يعتبر السكون و الخمول و آلقعود .. من الذنوب الكبيرة, حتى وصف آلأسلام؛ ألمُستهلك .. بصفة سيئة حذرنا الله من إطلاقها على الكافر أو الظالم أو المجرم إلا إستثناآت, حيث قال بحقّ القاعدين: [ملعون من كان كلّه على الناس]!

إن المجتمع الطفيلي الخامل و الساكن الذي يعتمد على الرّواتب الحرام – بآلأخصّ المسؤوليين – من دون تقديم شيئ يواجه مثل هذا المجتمع نتائج كارثية و مأساوية إن إستمر الوضع على هذا الحال, فلا بدّ من إجراء عملية التغيير على مستوى الفرد و المجتمع, و هذا يتطلب شروطاً و آليات, منها:
1- وجود النهج التغييري العلميّ ألموثق عقليّاً و نقليّاً, فحتى (ألأمر بآلمعروف و النهي عن المنكر) له شروط يجب مراعاتها منها؛ ألعلم بآلموضوع المراد علاجه؛ مراعاة الأدب و الأخلاق مع المخاطب؛ إعتماد المنطق و الدليل مع المُخاطب مراعاة مستوى المخاطب و غيرها, فكيف الحال لو كنا نريد تغيير دولة مع شعب بآلكامل؟
2- دراسة ألزّمان و آلمكان و الأمكانات المتيسرة, بحسب الخطط والمستلزمات المطلوبة ألمُعدّة لعملية التغيير.
3- من أهمّ مستلزمات نجاح النهضة التغييرية ألشاملة؛ وجود القيادة الرّبانيّة ألواعية مع مجموعة من المفكرين من حوله لقيادة و ترشيد مسيرة الأمة نحو التغيير إعتماداً على لجان إختصاصية, كشروط ضامنة لعملية التغيير.
4- وجود الجماعة و الثلة المثقفة ألمرتبطة بآلمفكريين التي عليها لعب دور الوسيط بين القيادة من جهة و بين الأمّة من آلجّهة الأخرى.
5- وجود ألمنهج ألصّحيح و البرامج المتكاملة البديلة كي تحل مكان البرامج القديمة الفاسدة والمغرضة التي دمّرت الأمة في حال تمكينهم لأقامة ألبديل الأمثل لتحقيق العدالة الألهية.
6-  ألأستقلال و قطع الأرتباط بالمستكبرين الذين لا يريدون الخير لبلادنا لكونهم السبب في إيجاد الفوضى و الكوارث و الحروب عن طريق الحكومات, ألّتي تسبّبت إحلال المستكبرون بدل الله لتوجيههم و كما هو الحال, حين إتّخذوهم بطانة من دون الله.
7- ألمساواة و العدالة في الحقوق و الواجبات و الفرص, بعكس ما هو السائد اليوم في بلادنا, حيث راتب الرئيس أكثر من راتب العامل و الموظف بفوارق كبيرة جداً تصل لمئات الأضعاف المضاعفة.
8- وجود المُختصّين ألمُجَرّبين ألمخلصين للبدء بتنفيذ المشاريع حسب الأولويات والأهمية طبقا للمواصفات ألفنية العالمية.
9 - عدم بيع الأراضي للمستثمرين ألأجانب في حال تأسيس معمل أو شركة أو مؤسسة أو مكاتب أو عمارات أو مخازن.
10 - تحديد الشروط الداخلية اللازمة لعملية الأستثمار و في مقدمتها؛ نسبة الضرائب المطلوبة دفعها من المستثمرين بحيث لا تقل عن 15- 20% من الأرباح المتحققة, و كذلك تعيين نسبة مئوية ثابتة لتشغيل العمال المحليين لا تقل عن 70%.
ما أوردتّهُ بإجمال في النقاط العشرة أعلاه؛ ترجمة أمينة لقوانين الله و لتجارب الشعوب التي نجحت في التغيير و كذلك إستنباط من آلقصص و آلأحداث و آلسّنن ألكونيّة القرآنيّة, بجانب أقوال و أفعال و تقريرات الأنبياء و الرّسل و الفلاسفة بعد التّفكر فيها و ترجمة مضامينها, بموازاة نهج أهل البيت(ع) الذين جعلهم الله حبل الوصال بين آلسّماء و الأرض.

و لو تأملنا جيّداً تفسير و أبعاد ألآية العظمى المعنية بآلتغيير و التي وردت في سورة الرّعد: [إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ](2), فأنّها تُدلّل على إن الله لا يُغيّر حال فرد أو جماعة أو أمّة ما لم يبدؤوا هم بأنفسهم أولاً كشرط للتغيّر!
بمعنى آخر؛ إنّ تلك ألآية ألمحوريّة ألعظيمة تدُلّ على إنّ الله تعالى بكمال عدله وكمال حكمته لا يُغيّر ما بقوم .. من خير إلى شرّ؛ و من شرٍّ إلى خيرٍ؛ و من رخاءٍ إلى شدّةٍ؛ و من شدّةٍ إلى رخاءٍ, حتى يُغيّروا ما بأنفسهم!
و السّبب؛ كي يعرف ألمُغيّر قيمة و أهمية هذا التّغيير للثبات و آلحفاظ عليه من دسائس ألمستكبرين والمعاندين للحق, كي لا يتغيّر مرّة أخرى بفعل المعاندين نحو الأسوء و الفساد ممّا يكون عندئذٍ من آلصّعب جبر تلك الخسارة للتغيير من جديد.
و إذا كان الناس في صلاح واستقامة .. لكنهم غيّروا؛ فإنّ الله يُغير عليهم أيضاً بالعقوبات و آلنكبات و آلشدائد والجدب والقحط، والتفرّق وغيرها من العقوبات جزاءاً وفاقاً, كنتيجة طبيعية لظلمهم لأنفسهم:  [وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ](3)، وقد يمهلهم سبحانه و يُملي لهم و يستدرجهم لعلهم يرجعون, ثمّ يُؤخذون على غرّة إن لم يتوبوا .. كما قال سبحانهُ: [فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ](4), يعني آيسون من كلّ خير، و قد يُؤجّلون إلى يوم القيامة فيكون عذابهم أشدّ كما قال سبحانه: [وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ](5) و المعنى أنهم يُؤجّلون و يُمهلون إلى ما بعد الموت، فيكون ذلك أعظم في العقوبة و أشد نقمة, و قد يكونون في شرٍّ وبلاءٍ و معاصي ثمّ يتوبون إلى الله و يرجعون إليه و يندمون و يستقيمون على الطاعة فيُغيّر الله ما بهم من بؤس و فرقة، و من شدّة وفقر إلى رخاء ونعمة، واجتماع كلمة وصلاح حال بأسباب أعمالهم الطيبة وتوبتهم إلى الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في الآية الأخرى: [ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ](6) فهذه الآية تبين لنا أنّهم إذا كانوا في نعمة و رخاء و خير ثم غيروا بالمعاصي غَيّرَ عليهم, ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد يمهلون كما تقدم والعكس كذلك إذا كانوا في سوء ومعاص، أو كفر وضلال ثم تابوا وندموا واستقاموا على طاعة الله غيَّر الله حالهم من الحالة السّيئة إلى الحالة الحسنة؛ غَيّرَ تفرّقهم إلى إجتماع و وئام؛ غَيّرَ شدّتهم إلى نعمة وعافية ورخاء؛ غَيّرَ حالهم من جدب و قحط و قلة مال و مياه و نحو ذلك إلى إنزال الغيث و نبات الأرض وغير ذلك من أنواع الخير.

لذلك و بعد كلّ هذه الحُجج القويّة و الأدلة الراسخة والمناهج السّماوية التي بيّنت طريق  الحقّ و الباطل بوضوح مع العقل؛ فإنّ الحُجّة قد ألقيت علينا بآلتمام و الكمال, لذلك يجب ألبدء بآلتغيير نحو الأحسن و إستدامة الأستمرار عليه .. بعد تغيير أنفسنا أولاً و قبل كلّ شيئ .. ثمّ تغيير الأقرب فآلأقرب, حتى يتغيير آلمجتمع و الناس جميعأً.

و هناك آيات قرآنيّة و أحاديث كثيرة و تراث عظيم رغم التراكمات و الغبار الكثيف الذي غطى الكثير من حقائقه, بجانب نهضة إسلاميّة حيّة معاصرة تبيّن بوضوح المعنى و الهدف من الثورة و آلتّغيير الذي أشرنا له مقدماً ؟ و التفاصيل كثيرة جداً بهذا الشأن, لكن مَنْ و كيفَ يتعلم شعبنا و مجتمعاتنا تلك الدروس العظيمة وقد قفلوا على أنفسهم باب المعرفة(7).

و إليكم حديثاً محوريّاً يختصر فلسفة التغيير كلّه, ورد عن أبي عبد الله ألصّادق(ع):
[من إستوى يوماه فهو مغبون، و من كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، و من كان آخر يوميه شرّهما فهو معلون، و من لم ير الزيادة في نفسه فهو الى النقصان، و من كان الى النقصان فالموت خير له من الحياة], و آلمقصود بـ (اليوم) هنا ليس مقدار اليوم المكون من 24 ساعة؛ بل المقصود هو مقدار الزّمن الذي قد يمتدّ لأيام أو أسابيع أو أشهر أو حتى سنين بحسب حجم و أهمية العمل التغييري, فآلتغيير بآلنسبة للمُحققين أو طلبة العلم في الجامعات مثلاً أو تأسيس مصنع أو مستشفى أو العمل و التخطيط لتنفيذ برنامج زراعي أو إجتماعي لا يُنفذ بيوم أو يومان؛ بل يحتاج لزمن و برنامج .
إنّ آلمؤمن الذي يكون أمسهُ كيومهُ أو إسبوعهُ الماضيّ كإسبوعهُ الحاليّ و شهرهُ الماضي كشهره الحاليّ و سنتهُ الماضية كسنتة الحالية؛ إذا كان حاله في آلماضي كآلحاضر و لم يتطوّر .. أو يتقدّم ولم يرتقي بعلاقته مع الله ومع الأنسان و مع الطبيعة فإنّهُ (مغبون)، و آلغبن ألمقصود يشمل كل الأصعدة المتعلقة بحياة الأنسان و شؤونه و مستقبله و علاقته (بآلله و بآلأنسان و بآلطبيعة) و كيفية التأثير المتبادل بين الجانبين (جانب الفرد المعني و جانب علاقته بالجوانب الثلاثة المذكورة), و قد أشرنا لمسألة (التغيير) الذي يشمل الفرد كفرد او كفردٍ في عائلته أو مجتمعه أو في الوسط الأنساني أجمع.

و كذلك؛ [ ... من كان آخر يوميّه خيرهما فهو مغبوط] و هذه هي الحالة الأفضل و آلمطلوبة منا كأفراد و مجتمعات, فحين يكون وضع المجتمع او الفرد في هذه السنة أفضل من آلسّنة الماضيّة, أو أوضاعه خلال هذا الشهر افضل من الشهر الماضي؛ و بآلتالي أحوال وأوضاع و شؤون الفرد او المجتمع سيكون افضل، وهكذا لو كانت المؤسسات المجتمعية والصناعية والزراعية والسياسية و التربوية حالها افضل الان من الفترة الماضية؛ فإنّ آلمجتمع و المؤسسات المعنية مغبوطة و تتقدّم نحو الأفضل الذي يُحقق لنا العاقبة الحُسنى في الدارين.

كما يُحذرنا الأمام الصادق(ع) في ذلك الحديث ألّذي يُمثّل محور(ألتّغيّر)؛ من آلحالة التي يجب تجنّبها لأنّها كارثة, بقوله: [... و من كان آخر يوميّه شرّهما فهو معلون], أيّ منبوذ و مطرود من رحمة الله تعالى و لا يرى الخير و آلتغيير نحو آلأحسن في أيّ شيئ أو منحى و يُحاسب يوم القيامة على كلّ شيئ!
 و يختم الأمام(ع) كلامه بآلقول: [...و من لم يَرَ الزيادة في نفسه فهو الى النقصان، و من كان الى النقصان فالموت خير له من الحياة].

إنّ تبني هذا الحديث ألأستراتيجي يكفي لإحداث ألتّغيّر و آلثورة ألشاملة لتحقيق المجتمع آلسعيد لو إلتزمناه بعد عرض و مقايسة أنفسنا عليه أولاً كأفراد و مؤسسات و حكومة .. لتبدء عمليّة تغيير حال ألأمّة بل كلّ الناس للأحسن بتحقيق ألنهضة الشاملة بشرطها و شروطها, و أوّلها كمنطلق هو درأ الأتكاليّة و الرقود و آلسّكون آلمراوحة في مكاننا .. لأنّ آلمرض و آلذلة و آلموت هو الذي سيشملنا رويداً .. رويداً و العياذ بآلله.

أليوم .. و بعد كلّ الذي كان؛ ليس أمامنا و أمام آلشّعوب الأسلاميّة آلتي تُعاني القهر و الجّوع و الأستعمار على كل صعيد؛ سوى النهضة و آلتغيير على كلّ صعيد وعلاقة.
وعلينا الأنتباه إلى النقطة الجّوهريّة في عملية التغيير كأفراد و مجتمعات, و هي؛ عدم إنتظار التغيير و آلتّبدل من آلخارج؛ على يد الآخرين, بل لا بُدّ أن يكون على أيدي الناس أنفسهم بألقيام لأجل آلتغيير .. كلّ فرد من موقعه و قدراته.

و علينا مراعاة الأولويات و آلأهمّ ثُمّ المُهم أثناء التغيير كأفرادٍ أو مؤسسات أو مجتمعات و في كلّ آلمجالات من دون إستثناء حتى يتحقّقَ آلتغيير ألشّامل و الهدف المطلوب ألذي حدّدناه و الذي يستحق التضحية و من ثمّ الحفاظ عليه .. و هذا تكليف إلهي مصيري لكل الأقوام و المجتمعات بلا إستثناء و في كل الأزمان بحسب ما جاء في الآية القرآنية التي تقول:
[نَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ].

و من آلأخطاء و المغالطات الكبيرة كما أشرنا هي أنْ يتصوّر الفرد أو الجماعة بأنّ التغيير يأتي من فوق فقط .. يأتي من الله تعالى(كن فيكن) .. و كذلك الحال بتوهم البعض في مسألة إنتظار الأمام الحجة بآلظهور للقيام بتغيير العالم و تأسيس الدولة الكريمة, و هذا ما سمعته حتى من مراجع دِّين للأسف, وهو خطأ فادح و كبير و مُهلك لأنّ الأمام الغائب نفسه ينتظرنا ليرى ماذا نفعل, و لهذا قلنا بأنّ الصفة الأصح للأمام(ع) هو (الأمام المُنْتَظِر) بكسر الظاء و ليس آلمُنْتَظَر بفتحه, كما يُطلق عليه حتى آلكُتّاب و الفقهاء جهلاً .. لأنّ عمليّة الثواب و الجزاء ستنتفي و سيختل فلسفة الوجود و الغاية منه و يُخالف السنن الألهية الكونية, التي حددها لنا, بعد ما سوّى النفس الأنسانية و ألهمها فجورها و تقواها, و قد أفلح من زكّاها و خاب من دسّاها, و المسألة مرتبطة بخيار الأنسان نفسه بوضوح طبقا لما ورد في سورة الشمس!

إذن لا بُد من الجميع البدء بالتغيير .. كلّ فرد و مجتمع و مؤسسة يبدأ بالتغيير بنفسه لا بغيره.
و الله تعالى يقول سأُهَيِّأ لكم الأسباب و أُسَهِّل لكم الصّعوبات لنيل المطلوب في الدُّنيا والآخرة.
و قد ورد في حديث تربويّ يُفيد كلّ من يُريد التغيير لأمير المؤمنين(ع): [إحصُدِ الشرَّ من صَدرِ غَيرِكَ بقلعهِ من صَدرِكَ].

و للحكومة الصالحة دور كبير في قلب الأوضاع و تغيير الأحوال و آلتأثير المباشر في المجتمع, ذلك و بحسب الحديث؛
[إنّ الله يزعُ بآلسُّلطان ما لا يزعهُ بآلقرآن], لكن بشروطٍ .. أوّلها تدوين و تطبيق القوانين التي تُحقق في نتائجها رفاه المجتمع و المساواة و العدالة في الحقوق و الواجبات و الفرص بين الجميع من قبل الفلاسفة و يبدأ البناء و التغيير بحسب الأولويات بدءاً بتوفير ألأمن ثمّ الخدمات و المدارس و الجامعات و مؤسسات البحث و التحقيق ثم التوسعة الزراعية و الصناعية و في مقدمتها الصناعات الأمّ كآلحديد و الصلب و آلكيمياويات و تكرير النفط و المعادن و الصناعات الزراعية التي تعتبر عماد النهضة و الأستقلال و ترشيد الطاقة و رسم البرامج القصيرة و المتوسطة و البعيدة المدى, بما يُحقق تحسين و توسيع الأنتاج ألزّراعي و الصّناعي و الأقتصاديّ و الأجتماعيّ و الصحيّ و النفسيّ للمواطنين, و إذا كانت الحكومة عاجزة أو فاقدة للقدرة على تحقيق ذلك بسبب آلجهل و الفساد و الظلم و السلطة, فعلى الشعب تغييرهم بكل الوسائل المتسيرة و إعلان الحرب عليهم لتغييرهم و الوقوف أمام فسادهم قبل أيّ شيئ آخر حتى لو تطلّب الأمر ألجّهاد و التضحية بآلنّفس لتأسيس حكومة عالمة عادلة و نظيفة و مخلصة و البدء بمقاضاة الفاسدين أينما كانوا أو حلّوا و إرجاع الأموال المنهوبة بغطاء القانون و الدّيمقراطية و كما هو حال العراق و الدول العربية و الأسلاميّة و حتى العالميّة!
كلمة أخيرة قبل الختام تتعلق بشروط نجاح النهضة و عملية التغيير و هي؛

لا بُدّ للقيادة الرّبانيّة إنتخاب ألمسؤوليين الكبار الذين يمتازون بـ (الكفاءة و الأمانة) معاً لتطبيق النّظريات و آلخبرات العلميّة بلا فساد و سرقات و محاصصات أثناء التوسعة الزراعيّة و الصناعيّة و البناء و الأعمار و يتطلب ذلك إعداد مراكز تحقيقية و بحثية مدعومة من الرئيس (المُفكر) – أكرّر – الرئيس و الوزير و آلنائب المُفكر – لا الجاهل و كما هو الحال الآن, بجانب مُختصّين مُجرّبين يعملون بإمرة المفكريين, لإدارة ألخطط الأستراتيجية الذي يشرف عيها القائد الفيلسوف, و أقولها بصراحة؛ ألعراق ليس فقط يفتقد إلى مفكرٍ إستراتيجيّ واحد خصوصا بين الرؤؤساء و النواب و الوزراء؛ بل كل القائمين على الحكم في السلطات الثلاث و كما شهدناهم يتميزون بآلجهل و بقلة الحياء و الصّلافة و آلأميّة الفكرية و معاداة بل و إبعاد أهل العلم و العاملين المخلصين ألذين لهم باع في البناء و التغيير, و قد أشرت في آخر مقال(8) لحقائق مأساوية ما زالت تقع و تتكرّر على أرض الواقع و بمباركة الرّؤساء و دعم الأَعلام و آلإِعلام (بفتح الألف الثانية  في الأولى و كسرها الألف الثانية في الثانية), و بغير هذه الشروط و النهج  ألتّغيّري الذي يُعدّ بمثابة الثورة على الفاسدين الذين سرقوا العراق و الأمة ثم ذهبوا للأستجداء باسم الشعب في مؤتمر قذر .. بغير كلّ هذا؛ فإنّ الفساد و الظلم و الفوارق الطبقية ستستمرّ و ستتعمّق حالة آلمسخ و يحلّ الموت و الفناء و عندها يتحقّق التّغيير آلألهي و عملية الأستبدال الكوني لتحل أمماً أخرى بدل أمتنا التعيسة الخاضعة للأستكبار بسبب الشهوة و لقمة الحرام و فسادهم أمام مرآى الناس الذين ثبتوا على إستكانتهم و مواقعهم دون تغيير!

لذلك سارعوا للتّغيير و آلثورة التي من آلمستحيل أنْ تتحققّ فجأةً ثمّ تبقى و كما يعتقد الناس ومعهم أكثر المؤمنين بقوّةٍ كونيّةٍ خارقة تتجاوز ألقوانين ألطبيعية, و الرّبيع العربي ألمُفاجئ خير شاهدٌ على ذلك؛ بل يتمّ ألتّغيّر المطلوب من خلال القواعد آلعشرة التي ذكرناها و التي يستند عليها النظام الكونيّ القائم و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
ألفيلسوف الكونيّ / عزيز الخزرجيّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لمعرفة منهج التفسير الكوني للقرآن, راجع؛ [التفسير الكونيّ للقرآن] كذلك (القرآن) في منهج المنتدى الفكري:
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2018/02/10/456590.html
(2) سورة ألرّعد / الآية 11.
(3) سورة فصلت / الآية 46.
(4) سورة الأنعام / الآية 44.
(5) سورة إبراهيم / الآية 42.
(6) سورة الأنفال / الآية 53.
(7) في بداية سقوط النظام العراقي الفاسد عام 2003م, صرّح الدكتور السّيد ... معلّقاً على الوضع العراقي الجديد بآلقول: [ألتغيير قائم على قدم و ساق و الأوضاع في تحسن مستمر, و سنبني حكومة مثاليّة لا نُقلد فيها نهج أحد و لا نقتدي بأية تجربة تأريخية أو معاصرة حتى إيران, لأنّ تجربتنا إسلاميّة جديدة مستقلة], و لك أنْ تصوّر حال و مستقبل العراق مع مثل هذه المستويات الهابطة من التفكير و التنظير الذي مثّله معظم (دُعاة السلطة) للأسف!؟
(8) ألمقال بعنوان؛ [ألأستثمار القذر في العراق] على الرابط التالي:
http://www.alnoor.se/article.asp?id=333817

Saturday, February 03, 2018


همساتنا أساسُ آلحضارةُ
همساتنا الفلسفية(1) حقاً تمثل أسس ألحضارة الحديثة الضامنة لسعادة الأنسان و تحقيق (الآدميّة) في وجوده .. لكن فهمها بوعي و دقة يحتاج إلى مقدمات و معارف كثيرة, لأنها: همساتُ فكر من آلقلب الباطن و ليس العقل (الظاهر) لبناء الأنسان قبل بناء العمارات و الأبراج, من حيث لا فائدة فيها إذا كانت الأنسانية محطمة و كئيبة.
و إذا كان من غير المُمكن طرح كل المقدمات و المعارف التأهلية للدخول في عمق الموضوع الذي يناسب المفكرين, فلا بأس من آلأشارة لـ(مُقدمة المُقدّمات) على الأقل كمدخل للبحث: لأن ألكاتب و آلسياسيّ و ألباحث ألأكاديميّ  و “آلبروفسور” أو حتى “مراجع الدِّين”ليسوا بمفكّرين” كما “ليسوا بفلاسفة ناهيك عن (آلحكماء) فهذه المرتبة لا ينالها العلماء إلا نادراً.

(ألمُفكّرون) قليلون في هذا آلورى و(الفلاسفة) أقلّ و (الحكماء) أقلُّ من القليل و يندر أن يجود الزمن خصوصا زماننا هذا بمثلهم؛ إنّهم بمثابة ألمراجع الفكريّة و ألفلسفيّة و الرّوحيّة الكونية للبشريّة بعد الأنبياء و المعصومين(ع) لكونهم البوصلة الوحيدة في هذا العصر المضطرب المحزن بإتّجاه آلمحبّة و آلصّلاح و السّلام و آلتّقدّم و آلعدالة و الأمان لبناء صرح (ألحضارة) الأنسانيّة و (المدنية) ألراقيّة لنيل ألسّعادة كغاية في الوجود, فالفلاسفة وحدهم قادرين على زرع المحبة في النفوس لأحيائها لخلق الحضارة, كون الأنسان يتّكأ على المحبة للأبداع كما تتّكأ الأشجار على الأرض للثّمار.

ألفيلسوف أو (ألحكيم) كآلياقوت الأحمر و الزّبردج لا يحصل إلّا نادراً, لذلك إنتبهوا و لا تفرطوا به إن ظهر بفضل الله أحياناً فقد لا يُعوّض, و إنّه من الممكن للكادح”ألباحث” أن يصير مجتهداً دينياً أو سياسياً أو أديباً أو طبيباً أو مهندساً أو مُتخصّصاً في آلطب و الهندسة و الأقتصاد و المال و الأدارة و الجيش و الفيزياء و الكهرباء و الكيمياء و غيرها كمهن لأجل لقمة العيش .. و قد يصير كاتباً صُحفيّاً أو حتى مرجعاً دينيّاً؛ لكنّهُ لا يَصِلَ بسهولة مقام و درجة (ألمُفكّر) ثمّ (الفيلسوف) أو (الحكيم) إطلاقاً إلّا ضمن شروط و مؤهّلات خاصة و مُعقّدة و نادرة لا تخلو من العناية الرّبانيّة لتحقيقها في وجود الباحث المخلص أو (مرجع الدين ألتّقي) أو (المفكر ألكونيّ الحقيقيّ)!

(ألمُفكّر) شيئٌ آخر .. إنّهُ مجمع آلمعارف و العلوم و الفلسفات من جهة – و من جهة أخرى يملك بصيرة ثاقبة يتصل بقلبه بآلله تعالى, لأنّ مهمّته هي خلق الأفكار و  ألتّنبؤ بما لم يحدث بعد من خلال إنتاج الأفكار السّامية الجديدة و ألنّظريات و آلرّؤى المستقبليّة السّتراتيجية و التّنظيرات ألعميقة ألجامعة .. السّابقة للزّمكاني لأحياء ألبشريّة عبر آلأنتاج و التطور و النظم الأدارية الحديثة.

أنّهُ لا يُكرّر .. بل يرفض التّراكم التأريخي و التكرار و الأجترار مع تغييرات شكليّة و كما هو السائد بين معظم إن لم أقل كلّ المؤلفات السياسية و الدّينية و التأريخية و آلأدبية بما في ذلك (الرّسائل العملية) التي لا تُعدّ سوى تكراراً و قتلاً للوقت و هدراً للأموال و ضياعاً و تيهاً في مسيرة آلشّعوب و الأمم لعدم وجود التجديد و آلتطور و الحكمة في مسائلها!

ألفيلسوف و آلحكيم ألذي يتقدم على الفيلسوف بدرجة أو درجات مُنتجٌ كونيٌّ كريمٌ لا تحدّهُم حدٍّ أو هويّة أو وطن, أو إقليم, أو حزب أو حكومة أو حتى قارة .. لكونهم تجاوزوا مدار آلنّفس و آلجسد الماديّ و آلقبيلة و آلحزب و آلحكومات وآلأوطان و أصبحوا كونيين بعد ما إتّصلوا بخالق و أصل نغمة ألوجود الحي بوجود الله المتمثلة في وجوده من خلال العشق الذي جرّهُ لقطع الوديان و المسافات للوصول إلى مدينة العسق ألتي لم أسمع أطيب و ألذ مما فيها من الأستقرار, متجاوزين بتلك الأسفار الكونية كل مدارات (ألعقل الظاهر) إلى حيث (العقل الباطن) لمعرفة و كشف آيات (الآفاق) و (الأنفس) لأدراك حقيقة الوجود في وجودهم و كدحهِم عبر مدارج ألمعرفة الشّاملة بأخلاصٍ و حكمةٍ!

بكلمةٍ حكيمة و وجيزةٍ؛ (ألفيلسوف الحكيم) وريث الفكر الأنسانيّ ألكوني – ألآدمي ألمُمتدّ من وصية الله التي حملها آدم (ع)(2) و أتى بها من الجّنة لحفظه و نجاته من الأخطار و المهالك و المحن الكثيرة في الأرض, وتلك كانت أمانة لله تعالى عبر سلسلة طويلة من الأنبياء و آلأولياء .. تجاوزت الـ 124 ألف نبي و مرسل و وصي حتى وصلت لخاتم النبيين محمد(ص) ثمّ أئمة الهدى فصاحب العصر(عج) أخيراً و الذي به سيملأ الله الأرض بعد تطبيقها – الوصية – عدلاً و سلاماً و أمناً و رخاءاً. و آلعراق رغم أنّه مركز التأريخ و آلحضارات .. لكنّه للأسف ألشّديد كما بلدان العرب والعالم خُلِيَت اليوم منهم و من آثارهم و آياتهم بخلوّها – من المفكرين و الحكماء – أو كان خالياً بآلأساس إلاّ ما ندر في أحقاب سابقة, لذلك إبتليت بآلتّدمير الذاتيّ عبر آلأرهاب العسكري و السياسي و آلفوضى و آلظلم و الدّين التقليدي القشري بعد ما تسلّط على الناس سّياسييون و أحزاب وضعية لا يفقهون قولاً من الدِّين الحقيقيّ أو الفكر كما الفلسفة و الحكمة, فصارت السرقة حلال و النفاق واجب و نصرة ا لمستكبرين من أولى الأوليات و بلا حياءٍ بل إعتبروها جهاداً و حلالاً زلالاً فكانت النتيجة خراب الوطن و المواطن مقابل بناء بيوتهم آلشخصية معتبرين ذلك حنكةً سياسية, و ما تمسّكهم بآلدّين (التقليديّ) الظاهري إلاّ لكونه يفسح المجال أمامهم للتلاعب بأحكامه و قوانين العدالة و حقوق النّاس كغاية لأحزابهم للحكم في عقيدتهم التي لا يرون من خلالها سوى تحقيق مصالحهم ألشخصيّة و آلعائلية و الفئويّة و آلحزبيّة بعيدأً عن سلطة الولي الفقيه العادل ألذي يريد تطبيق آيات الله و العدالة الأسلامية في المجتمع, و لذلك صار الظلم طبيعياً والفساد شرعياً .. ليس في العراق فحسب .. بل في كل بلاد العالم مع بعض المفارقات الشكلية بين الشرق و الغرب!

أمّا (الفلاسفة الحُكماء) المظلومين عبر كل الأزمان؛ فأنّهم و على الرغم من كونهم عصارة الحركة العلمية و الحضارية و النُّخبة المُستخلَصة في كلّ عصر و مصر من خيرة و أبرز المفكريّن ألّذين يتركّز دورهم في ترجمة أفكار الفقهاء و المُفكريين الكبار و الفلاسفة و الحكماء لأتباعهم المثقفين و آلأكاديميين الّذين لم يصلوا درجة الحكمة النظرية و حتى العملية في (فلسفة العلم) و هم يُحاولون تقرير و ترشيد ألمناهج و تطويرها و حتى رعايتها لبناء (الحضارة ألرّاقية) عبر بيان أجوبة واضحة لمشاكل العصر و للأسئلة (السّتة) المعروفة للتنبؤ بآلمستقبل لتحديد المسار الصحيح للبشرية جنبا إلى جنب مع بيان حقيقة و أسباب خلق الوجود و ماهيّة ودور الأنسان و كينونة و جمال الخالق لينعكس على أخلاق المخلوق و معنى العدالة .. و لماذا العدالة حسنة؟ و لماذا آلظلم قبيح؟ و الجّمال جميل؟ و لماذا خلق الله البشر؟ و غيرها من الأسئلة المصيرية؟

و لعلّ الثورة الأسلاميّة المعاصرة بقيادة الأمام الحكيم, هي اليوم الحكومة الوحيدة التي تتبنّى تلك المبادئ و المثل العليا في نهجها لتطبيقها كأصدق تعبير عن ما أوردناه في هذه المقدمة الفلسفية الهامّة, و التي نأمل أن تكون بداية لحلقات حِكَميّة لمشروع النهضة الأنسانيّة الحديثة و المستقبليّة عبر (همسات آلفكر) التي قطعنا فيها أشواطاً عديدة حيث سنستمر ببيان الأولويّات ألعلميّة و المناهج ألكليّة المحكمة لتقويم الأخلاق و لتنفيذ المشاريع (المدنيّة) و (العمرانيّة) جنباً إلى جنب لأسعاد و أمن و سعادة الأنسانيّة التي تئن و بشدّة من وطأة المتسلطين الظالمين عليها من خلال الأقتصاد و لقمة الخبز التي أصبحت صعبة المنال لأكثر الناس و في أكثر بقاع الأرض بسبب سياسات و تسلط (المنظمة الأقتصادية العالمية) التي تسعى لتعبيد الناس لها من دون الله!

إنّ جهل و جشع و غرور الحاكمين في تلك المنظمة المحمية بآلأحلاف و القواعد العسكرية التي ينفذ مآربها ألسّياسييون و آلحاكمين في كل بلدان العالم تقريباً قد سبّب إنتشار الظلم في الوجود كلّه لأنانيتهم و هشاشة و سطحيّة متبنياتهم ألفكريّة و أهدافهم المحدودة الضّيقة لنفوسهم و آلتكبر في تعاملهم مع حقوق و كرامة (الخلق) و (الخالق), خصوصا الفقراء منهم – إنّ لم نقل ألأستهزاء بها – حتى جعلتهم أنانيين و حاقدين على الفكر و أصحاب ألفكر الحقيقيّ ألذين يُؤمنون بآلأنسان و بآلغيب و يُقيمون الصلاة و ينفقون ممّا رزقهم الله, لذلك إستمرّ الخصام و الفرقة بين الطرفين؛ أحزاب السياسة وطلاب الحكم الذين يريدون فصل الدّين عن الحياة للتلاعب بنصوص الحقّ لسحب البساط من تحت أرجل المستضعفين.

لذلك كان الصراع قائماً و في كلّ عصر ومصر و لا يزال؛
قابيلاً مقابل هابيل .. فرعوناً امام موسى .. معاويةً أمام عليّ .. صدّاماً أمام الصّدر .. ألخميني أمام الأستكبار, و هكذا حاولوا فصل الدّين الحقّ الذي هو المصدر الوحيد للأخلاق والقيم الأنسانية العليا عن الأقتصاد و السّياسة ليحلّ الفساد و الظلم و الأرهاب و الأستغلال و آلألم محل العدالة و آلمساواة في كل مكان من قبل الحكومات المفضلة على مقاييسهم! ليستمر آلظلم و الفساد و التخريب الذاتيّ في البشريّة .. كلّ البشريّة!

فخلال فترة حكم الأنظمة الظالمة في الحقب الماضية و الحالية قُتل جميع آلمفكريين ألحقيقيين و الفلاسفة وحتى الأئمة من أمثال الفيلسوف (محمد باقر الصّدر) و (المدرس) و (الحلاج) وصولاً لأئمة الهدى ثمّ أنبياء الله الذين بلغ عددهم أكثر من 124 ألف نبيّ مع أوصيائهم و في هذا العصر شهدنا كيف إن أنظمة الكفر الأستكبارية حاولت و تحاول إجهاض دولة المُفكّر الحكيم الأمام الرّاحل و تلامذته الأتقياء الأخيار لأنهم وحدهم يفقهون و لو بشكل نسبي الحقّ و يقفون أمام ذلك الشّر الكبير و المنكر العظيم بقيادة الشيطان الأكبر و أذنابهم ألذين إعتبروا قتل علاء الذرة و الحكماء و إبعاد المفكرين الذين لا يتأقلمون و لا يُنفّذون إرادتهم؛ جهاداً و سبيلا لدحض الحق!

و إستمر الأمر حتى هذا آلزّمن حين تنكّروا و ألحاكمين معهم لشرعية النظام الألهيّ المُقدّس لحكومة العالم .. بينما يعتبرون جميع الأنظمة الوضعيّة شرعية و مقدسة, حتى تلك التي ما زالت تذبح الناس بآلسيف ولا تسمح للمرأة من قيادة السيارة أو المشاركة في الانتخابات!

إنّ مجيئهم – أيّ ألمفكرون و المُثقفون – للسُّلطة بقيادة الفلاسفة و الحكماء؛ يعني تحكيم العدالة الأجتماعيّة, الذي يعني من باب تحصيل حاصل نهاية الظلم و الحروب و الأرهاب الذي سبّب الحروب التقليدية و النّووية؛ و يعني في نهاية المطاف تحقّق إرادة الله تعالى ألتي حاول جميع الأنبياء و المرسلين تحقيقها!

بكلام حكيم؛ يعني أنهاء الطبقيّة و التكبر و التميّز و الفقر في المجتمع الأنسانيّ, و إحلال الأمن و العدالة و الرفاة و السعادة بدل ذلك.

أخيراً يعني تحقق فلسفة الحياة و معنى الوجود و المحبّة و التواضع و آلسلام بدل الحروب و ألأرهاب و الظلم و الكراهية و قطع دابر آلسّرقات و آلخيانات و آلتّكبر و الخداع و آلتّدليس من قبل المتربعين على عرش المال و الأقتصاد و ألسّياسة في العالم بغير آلحقّ!

و هذه الحقيقة لا تروق للأمراء و الرّؤوساء و ذيولهم في آلأحزاب و البرلمانات و آلرئاسات الثلاثة لعلمهم بأنّ مجيئهم – أيّ المفكريين – هي نهاية الفساد و النهب و الأرهاب و الظلم و الحرب و إنقطاع منافعهم, و لهذا تأزّمت معاداتهم للفكر ولأهل الفكر و حقوق الأنسان من الأساس و من الأزل حين رفض رئيسهم الشيطان السجود لآدم .. لآدم لا للبشر, و من المؤسف أن بعض المُدّعين للتّنور و المعاصرة يسيرون من حيث لا يعلمون في تحقيق هذا النهج الخطير و المُدمّر للبشريّة!

لذلك لا سبيل للنّجاة و الخلاص من الظلم و الطبقية؛ إلاّ بتبني منهج الحقّ – الذي جسّده الأمام عليّ(ع) في الواقع كنموذج عمليّ و دعم و إعداد الطبقة ألمرجعيّة المثقفة فكريّاً و روحيّاً من قبل (الفيلسوف الحكيم) الذي يتصدى لقيادة ثورة (المستضعفين) ضد ثورة (المستكبرين) .. لتحكيم فلسفة و فكر أهل الفكر و الفلسفة و الحكمة لتحقيق آلأمن و السّعادة كغاية عظمى للوصول و الذوبان في المعشوق الأزلي جلّ و علا للبدء بآلسفر نحو الله عبر المحطات السبعة لعطار النيشابوري .. لكن بعد سلسة من البرامج ألتطبيقية و الآليات و السّلوكيات عبر محطات العشق للوصول إلى الحقّ و الذوبان فيه و الفوز بنعيم الدارين(3).
ألفيلسوف الكوني/عزيز الخزرجي
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
هي الهمسات الفكريّة الكونيّة التي صُدرتْ منها لحد الآن أكثر من 170 همسة, يمكنكم مراجعتها إن أردتم المعرفة؟
(2) تفاصيل و متن (الوصية) موجودة في الكتب التأريخية و منها؛ (تأريخ اللواساني), حيث ذكر الباري فيها أسماء أهل البيت كدعاء لنجاة الأنبياء من الأخطار و البلاء, و قد عثر عليها علماء الآثار مكتوبة في لوحة من بقايا سفينة نوح(ع).

 (3) ألسّعادة الكاملة لا تتحقّق إلا بظلّ الأمن على كل صعيد بالمرور في مدن (العشق) و عبور آلمحطات السبعة ألتي عرّفها (الشيخ الأنصاري) من خلال 52 مرحلة, بعد أن عرضها آلشيخ الأكبر (محي الدّين بن عربي) خلال مؤلفاته العرفانية, ثمّ إختصرها بحكمة متعالية الشيخ (فريد الدّين العطار النّيشابوري) بسبعة محطات مثّلتْ(مُدن العشق) كسبيل أمثل لتحقيق فلسفة الوجود  و هي بإختصار: الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الأستغناء – الحيرة – الفقر و الفناء. و لمعرفة التفاصيل حولها راجع؛ (أسفارٌ في أسرار الوجود).

Friday, April 22, 2016

همساتُ  فكر (10)
لا تتحسّسُ  وَخْزَ الأشواكِ ما لَمْ تَكُنْ ورداً.
همساتُ   فكر (9)
من علامات محبة الله التواضع لخدمة الناس بغير رياء و مِنّة.
همساتُ  فكر (8)
لا تكتمل المعارف العالية إلّا بمحبّة الله, كمقدمة لنيل الحكمة لكشف سرّ الوجود.
همساتُ   فكر (7)
لا تنال الحكمة بآلعقل الظاهر, بل بالعقل ألباطن مع التّفكّر الذي يَتكامل مع (ألكَوانتوم).
همساتُ   فكر (6)
همساتي ليست من العقل الظّاهر .. لذلك لا تُدركْ إلاّ بآلعقل الباطن.
همساتُ   فكر (5)
قد تصل درجة المفكر ألحكيم بإمتياز .. بعد عبور محطات العشق التي تقدّمتْ همساتنا بنجاح
همساتُ   فكر (4)
ألصّغارُ ينسونَ حَجْمهُمُ ألحقيقيّ حينَ يَنتقدونَ آلكبارَ مُعتقدينَ بأنّهمُ صارُوا كباراً.

همسات فكر(3)

همساتُ فكر (3)
ألمُفكّر منتجٌ حقيقيّ يخضع لإرادة الله و يسعى لتحرير الأنسانيّة فكريّاً لتلافي التّكرار و التّقليد ألأعمى ألذي سببّ الذّلة و الأسر و آلهوان للأمم و آلشعوب.

همسات فكر(2)

  1. همساتُ فكر (2)
    إنّ شعباً رَضَعَ آلذُّلَ و آلأسرَ و آلهوان كآلشّعب العربيّ و تَشبّعَ بها عبر حِقبٍ زمنيّةٍ حتّى توارثها جيلٌ بعد جيلٍ يسهلُ إمتطائهُ!

همسات فكر(1)

همساتُ فكر (1)
رحل ألأحبّة عن دارنا بصمتٍ كآلغُرباء.

همسات فكرية من القلب


همساتٌ فكريّةٌ
همساتُ فكر
من آلقلب
(المقدمة)؛
ألكاتب و ألباحث " أو "آلبروفسور" أو " ألسّياسي" أو "مرجع الدِّين"ليسوا بمفكّرين" كما "ليسوا بحكماء" إطلاقاً.

(ألمُفكّرون) قليلون في هذا آلورى و (الحكماء) أقلُّ من القليل و يندر أن يجود الزمن بمثلهم؛ إنّهم بمثابة ألمراجع الفكريّة و ألفلسفيّة و الرّوحيّة للبشرية بعد الأنبياء و المعصومين(ع) و البوصلة نحو آلصّلاح و السّلام و آلتّقدّم و آلعدالة و الأمان لبناء صرح (ألحضارة) الأنسانيّة و (المدنية) ألراقيّة  لتحقيق ألسّعادة كغاية في فلسفة الوجود.

(ألحكيم) كآلياقوت الأحمر و الزّبردج لا يحصل إلّا نادراً, فقد يكون الكادح"ألباحث" مجتهداً دينياً أو سياسياً أو أديباً أو طبيباً أو مهندساً أو مُتخصّصاً في آلطب و الهندسة و الأقتصاد و المال و الأدارة و الجيش و الفيزياء و الكيمياء أو كاتباً صُحفيّاً و قد يكون مرجعاً دينيّاً؛ لكنّهُ لا يَصِلَ مقام و درجة (ألمُفكّر) ثمّ (الفيلسوف الحكيم) إطلاقاً إلّا ضمن شروط و مؤهّلات نادرة لا تخلو العناية الرّبانية من تحقيها في شخص الباحث!

(ألمُفكّر) شيئٌ آخر .. إنه مجمع آلمعارف و العلوم و الفلسفات من جهة - و من جهة يملك بصيرة ثاقبة يتصل بقلبه بآلله تعالى, لأنّ مهمّته ألتّنبؤ بما لم يحدث بعد من خلال إنتاج الأفكار السّامية الجديدة و ألنّظريات و آلرّؤى المستقبليّة السّتراتيجية و التّنظيرات ألعميقة ألجامعة؛ السّابقة للزّمكاني لأحياء ألبشريّة, أنّه يرفض التّراكم التأريخي و التكرار و الاجترار و كما هو السائد بين معظم إن لم أقل كلّ المؤلفات الدّينية و التأريخية و آلأدبية بما في ذلك (الرّسائل العملية) التي لا تُعدّ سوى قتلاً للوقت و هدراً للأموال و ضياعاً و تيهاً في مسيرة آلشّعوب و الأمم!

ألمُفكّر ألحقيقيّ .. فآلحكيم مُنتجٌ كونيٌّ كريمٌ لا تحدّهُ حدٍّ أو هوية أو وطن, أو إقليم, كونه تجاوز مدار آلنّفس و آلقبيلة و آلحزب و آلأوطان و أصبح كونياً بعد ما إتّصل بخالق و أصل نغمة ألوجود ألمُـمثلّة بآلعشق ألتي لم أسمع أطيب و ألذ منها, متجاوزاً (ألعقل الظاهر) حيث (العقل الباطن) لمعرفة و كشف آيات (الآفاق) و (الأنفس) في حركته و كدحهِ عبر مدارج ألمعرفة الشّاملة بأخلاصٍ و حكمةٍ!

بكلمةٍ وجيزةٍ؛ (ألفيلسوف الحكيم) وريث الفكر الأنسانيّ - ألآدمي ألمُمتد من وصيّة آدم (ع) ألّتي أتى بها من الجّنة لنجاتهِ من المهالك و المحن كأمانة لله تعالى عبر سلسلة من بعثات الأنبياء و آلأولياء .. تجاوزت الـ 124 ألف نبي و مرسل حتى وصلت خاتم النبيين محمد(ص) ثمّ أئمة الهدى فصاحب العصر(عج) أخيراً و الذي به سيملأ الله الأرض بعد تطبيقها – الوصية - عدلاً و سلاماً و أمناً و رخاءاً.

و آلعراق رغم أنّه مركز التأريخ و آلحضارات .. لكنّه للأسف ألشّديد كما بلدان العرب خُلِيَت منهم – من المفكرين و الحكماء - أو كان خالياً بآلأساس إلاّ ما ندر في أحقاب سابقة, لذلك إبتلي بآلتّدمير الذاتيّ عبر آلأرهاب و آلفوضى و آلظلم و الدين التقليدي بعد ما تسلّط سّياسييون و أحزاب وضعية على الأمّة لا يفقهون شيئاً من الدِّين الحقيقيّ أو الفكر كما الفلسفة و الحكمة, فسرقوا بلا حياءٍ قوت الفقراء و إعتبروه جهاداً و حلالاً و خرّبوا الوطن و المواطن لبناء بيوتهم و إعتبروه حنكةً سياسية, و ما تمسّكهم بآلدّين (التقليديّ) إلاّ لكونه يفسح المجال أمامهم للتلاعب بآلقوانين و حقوق النّاس كغاية للحكم في عقيدتهم التي لا يرون من خلالها سوى تحقيق مصالحهم ألشخصيّة و آلعائلية و الفئويّة و آلحزبيّة بعيدأً عن سلطة الولي الفقيه ألذي يريد تطبيق العدالة الأسلامية في المجتمع, و لذلك صار الظلم طبيعياً ليس في العراق فقط .. بل في العالم مع بعض المفارقات الشكلية بين الشرق و الغرب!

أمّا (الفلاسفة الحُكماء)؛ فأنّهم عصارة الحركة العلمية و الحضارية و النُّخبة المُستخلَصة في كلّ عصر و مصر من خيرة و أبرز المفكريّن ألّذين يتركّز دورهم في تحديد أفكار الفقهاء و المُفكريين و حتى الفلاسفة ثمّ أتباعهم المثقفين و آلأكاديميين الّذين لم يصلوا درجة الحكمة العملية في (فلسفة العلم) و هم يُحاولون تقرير و ترشيد ألمناهج و تطويرها و حتى رعايتها لبناء (الحضارة ألرّاقية) عبر بيان أجوبة واضحة للأسئلة (السّتة) لبيان حقيقة خلق الوجود و ماهيّة الأنسان و كينونة الخالق و معنى العدالة و لماذا العدالة حسنة؟
و لماذا آلظلم قبيح؟
و الجمال جميل؟
و لماذا  خلق الله البشر و غيرها من الأسئلة المصيرية؟

و لعل الثورة الأسلاميّة بقيادة الحكيم الأمام الخميني(ع), هي الحكومة الوحيدة التي تتبنى تلك المبادئ و المثل في نهجها كأصدق تعبير عن ما أوردناه في هذه المقدمة الهامّة, و التي ستكون بداية لحلقات حكمية لمشروع النهضة الأنسانيّة الحديثة عبر (همسات فكر).

حيث سنحاول بيان الأولويّات ألعلميّة و المناهج ألكليّة المحكمة لتنفيذ المشاريع (المدنيّة) و (العمرانيّة) لأسعاد و أمن و سعادة الأنسانيّة التي تئن من وطأة المسلطين عليها عبر الأقتصاد و لقمة الخبز التي أصبحت صعبة المنال في أكثر بقاع الأرض ..

إنّ جهل و جشع الحاكمين في المنظمة الأقتصادية العالمية التي ينفذها ألسّياسييون و غرورهم قد سبّب الظلم في الوجود كلّه لأنانيتهم و لهشاشة و سطحيّة متبنياتهم ألفكريّة و أهدافهم المحدودة الضّيقة و آلتكبر في تعاملهم مع حقوق (الخالق) كما (المخلوق) خصوصا الفقراء منهم - إن لم نقل ألأستهزاء بها - حتى جعلتهم أنانيين و حاقدين على الفكر و أصحاب ألفكر الحقيقيّ الذ
ين يعادونهم, لذلك إستمرّ الخصام و الفرقة بين الطرفين حتى يومنا هذا, فكان في كلّ عصر؛

قابيلاً في مقابل هابيل ..
و فرعوناً امام موسى ..
و جيوشاً من العصاة أمام عليّ ..
و صدّاماً أمام الصّدر ..
و هكذا حتى فصلوا الدّين الحقّ الذي هو المصدر الوحيد للأخلاق عن الأقتصاد و السّياسة ليحل الدين في كل مكان!

و ليستمر التخريب الذاتيّ في البشريّة .. كلّ البشريّة!

فخلال فترة حكم الأنظمة الظالمة  كآلنظام ألبعثي ألأسود كما الحقب السّابقة و الحالية قُتل جميع آلمفكريين ألحقيقيين من أمثال الفيلسوف (محمد باقر الصّدر) و (المدرس) و (الحلاج) وصولاً لأئمة الهدى و أنبياء الله الذين بلغ عددهم 124 ألف نبيّ قبلهم و في هذا العصر شهدنا كيف إن أنظمة الكفر الأستكبارية تحاول إجهاض دولة المُفكّر الحكيم الأمام الخميني الكبير و تلامذته الأتقياء الأخيار!

لقد إعتبروا قتل الحكماء و المفكرين و علماء الذّرة الذين لا ينفذون إرادتهم جهاداً و نصراً و ثأراً, و إستمر الأمر حتى هذا آلزّمن حين تنكّروا – أيّ ألحكام و ألسّياسيون – لشرعية النظام الألهي المقدس لحكومة العالم .. بينما يعتبرون جميع الأنظمة الوضعية شرعية و مقدسة!

إنّ مجيئهم – أيّ ألمفكرون و المثقفون ألمُـّقين – للسُّلطة بقيادة الحكماء؛ يعني تحكيم العدالة الأجتماعيّة بقيادة الحكماء؛ و يعني من باب تحصيل حاصل نهاية الظلم و الحروب و الأرهاب الذي ولّد .. الحروب النّووية؛ ممّا يعني في نهاية المطاف تحقّق إرادة الله تعالى ألتي حاول الأنبياء و المرسلين تحقيقها, و بكلام واحد يعني أنهاء الطبقيّة و التميّز في المجتمع.


أخيراً  يعني تحقق الحياة و فلسفة الوجود و المحبّة و إنهاء الحروب و ألأرهاب و الظلم و الكراهية و قطع دابر آلسّرقات و آلخيانات و آلتّكبر و  الخداع و آلتّدليس من قبل الأقتصاديين و ألسّياسيين ألحاكمين بغير آلحقّ, و هذا ما لا يروق للأمراء و الرّؤوساء و ذيولهم في البرلمانات و آلرئاسات الثلاثة لعلمهم بأنّ مجيئهم – أيّ المفكريين - هي نهاية الفساد و النهب و الأرهاب و الظلم و  الحرب و إنقطاع منافعهم,  و لهذا تأزّمت معاداتهم للفكر و أهل الفكر و حقوق الأنسان من الأساس و من الأزل!

لذلك لا سبيل للنّجاة و الخلاص من الظلم و الطبقية؛ إلاّ بتبني منهج الحقّ و دعم و إعداد الطبقة ألمرجعيّة المثقفة فكريّاً و روحيّاً من قبل الفيلسوف الحكيم الذي يتصدى لقيادة ثورة المستضعفين ضد ثورة المستكبرين .. لتحكيم فلسفة و فكر أهل الفكر و الحكمة لتحقيق آلأمن و السّعادة كغاية عظمى للوصول و الذوبان في المعشوق الأزلي الله تعالى بعد سلسة من البرامج ألتطبيقية و الآليات و السّلوكيات عبر محطات العشق للوصول إلى الحقّ و الفوز بنعيم الدارين(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) و هي عبور آلمحطات ألتي عرّفها (الشيخ الأنصاري) كما (فريد الدين العطار النّيشابوري) و (محي الدين بن عربي بـ(مُدن العشق) و هي بإختصار:
الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الأستغناء – الحيرة – الفقر و الفناء.
و لمعرفة التفاصيل راجع؛ (أسفارٌ في أسرار الوجود).
عزيز الخزرجي
عزيز ألخزرجي
للتّواصل من أجل الأطلاع على بقية الهمسات؛ عبر(المنتدى الفكري)؛
https://www.facebook.com/AlmontadaAlfikry

Monday, January 27, 2014

مع بدء العام ألميلادي ألجديد 2014؛ خطابٌ لكل عراقي!


سلام من آلله على آلجّميع .. و بعد
رغم علميّ بأنّكم لا تقرؤن .. و إذا قرأتم لا تُدركون .. و إذا أدركتم لا تُؤمنون .. و إذا آمنتم لا تعملون؛ لكنّي سأظل أكتبُ و أكتبُ و أكتبُ بما فضّل آلله عليّ من آلخير آلكثير, فهي رسالتي في آلحياة و عهدي مع آلله تعالى و مع آلشّهداء آلصّادقين حتّى ظهور آلأمام أو آللقاء بآلمحبوب ألأزلي ألذّي أترقّب لقائه ساعة بعد أخرى!

 و قد كتبتُ آلكثير من كنوز آلمعرفة لكم و آلحمد لله و لا أزال, حتّى طرحتُ ما فيه آلنّجاة و كلّ آلخير و آلمُستقبل و آلنّور و سأنثر عليكم المزيد إن شاء الله .. و كانتْ لها صدىً في كلّ مكان في آلعالم, و سيكون له وقعٌ أكبر في آلمُستقبل بعد تطوّر آلعلم و آلعقل ألبشريّ!

هي حرقةٌ و حيرةٌ كبرى و محنة ما بعدها محنة؛ حين يسمعكَ آلغريب و حتّى آلأعداء و لا يسمعكَ من يرتبط بك بصلة رحمٍ أو قرابةٍ أو صداقةٍ و معرفةٍ, ناهيك عَمَّنْ زرعوا آلأشواك – خصوصاً ألمعارف منهم - لحقدهم في طريق ألورد ألّذي عبّدْناهُ للأنسانيّة.

و يُؤسفني أنّ أقواماً أُخَر و غُرباء كُثر .. و في أكثر آلبلاد شرقاً و غرباً قد تأثّروا و إستفادوا من مقولاتنا و كتاباتنا, إلّا أنتم يا أهلي و أقربائي للأسف ألشّديد رَدَدْتُمُ علينا سلباً بعد ما قدّمنا ما قدّمنا من آلذي كان ..
فيا أسفي و يا حزني عليكم جميعاً يا أبناء جلدتي و عمومتي و وطني ألمذبوح بأيديّ أبنائهِ قبلَ غيرهم من آلمستكبرين و معهم آلسّلفيين آلسّاديّون!

أقدّرُ عمق آلمحنة آلّتي أحاطت بكُم .. حتّى شملتكُم جميعاً, بعدما تشبّثتم بأنفسكم ألأمارة بآلسّوء قبل غيرها و فيما بينكم .. كما تَتَشَبّثْ ألعنكبوت بِبيتها حينَ تهجم عليها آلّلوابس .. أنّهُ مدارٌ قهريّ يَلتفّ حولَ من لا يُقدّر آلحياة و ما بعدها و لا يشكر آلخالق .. بلْ بعضكم نسجهُ بإحكامٍ و عنادٍ ليجعلها طوقاً على رقبته مُعلناً بغباءٍ و عنفٍ ألحرب بكلّ معانيه على نفسهِ أولاً ثمّ على مَنْ يُحيط به حتّى على زوجتهِ و أبنائهِ و أرحامهِ ..

مُشكلتكم بآلأساس يا أهليّ و أبناء وطنيّ؛
لم تكُنْ ماديّةٌ كما إدّعيْتُم ..
أو محاصرة إقتصاديّة كما طبّل آلبعثيون آلجّهلاء ألجّبناء آلمُجرمين ..
أو عسكريّة كما إدّعى منْ إدّعى ..
بل كلّ ذلك كانتْ نتائج لا أكثر!

فها هي إيران ألأسلام جارتكم آلتي هجمتم عليها و كُلّكم يصيحُ خلف "صدّام ألخبيث" بأعلى صوته(يا حُوم إتبعْ لو جرّينه)! و ها هي إلى يومنا هذا محاصرة إقتصاديّاً و عسكريّاً و سياسيّاً و علميّاً و إعلامياً و منذ أربعين عاماً!
لكن هل فَعَلَ شعبهُ بنفسهِ مِثلما فَعلتُم بأنفسكم!؟
أم بآلعكس زادتْ تلكَ آلمحن من تآلفهم و تراحمهم و توادّهم و وحدتهم و تعلّقهم بآلله و بخط آلأسلام ألأصيل!؟

مُشكلتكم يا أهليّ لمْ تكُن حتّى سياسيّة أبداً!
و لا حتّى أمنيّة!
و لا علميّة!
و لا بعثيّة!
بل مشكلتكم كانتْ معرفيّة بحتة, و لا تزال؛
مُشكلتكم كانتْ من أيديكم .. و من أنفسكم .. و من فِعالكم و مواقفكم و بُعدكم عن تعاليم آلأسلام و آلأنسانيّة!
أتذكّر جيّداً و كأنّها آلبارحة .. يومَ كُنا نُواجه ألبعث ألجّاهل أللئيم بقلوبنا و ألسنتنا و أيدينا و بكلّ ما أوتينا من قوّة و حيلة .. في حرب غير متكافئة؛ و كُنْتم تشهَدونَ – معظم الشعب مع مرجعياتكم بإستثناء أستاذنا و أمامنا الصدر الأول - من آلجّهة ألأخرى .. حينَ كانَ بعضكم يدسُّ ألسُّمَ آلزّعاف في بقايا آلعسل ألّذي إستأثرهُ آلغاصبون(ألبدو) من كدّ آلصّالحين و حُقوقهم بغيرِ هدىً و لا كتابٍ مُبين, مُحاولاً هذا آلبعض تسميم آلجّميع لقتلهم و خلط ألأمور ظنّاً منهم أنّ الأمور ستستقيم لهُم وحدهم!
 فهلْ حصدوا في آلنّهاية شئياً!؟
لقد رحل آلطيبون لبارئهم
و تَفرّق آلأحبة .. و غاب آلصّالحون
و قُتِلَ آلشّهداء و إمتلأت أرض آلعراق بمقابرهم .. فهل رَبِحَ أحدكم من بعدهم شيئاً!؟
لقد خَسرتُم كثيراً ..
بلْ خَسِرَ آلجّميع كلّ شيئ .. خصوصا ألّذينَ بدؤوا بآلظلم و كتابةِ ألتّقارير و آلحرب على آلمؤمنين(كل غيبة تعادل "تقرير")!؟

و ما كانوا يعلمون .. و لا يعلمونَ آلآن بسبب جهلهم و ضيق ألأفق آلمعرفيّ عندهم بعد ما مات حتّى ذلك آلدِّين ألتقليدي ألموروث ألذي تأسسَ على بقايا فقهٍ مُتحجرٍ أكلَ و شربَ عليه ألزّمن حتّى خُبثتْ نُفوس معظم الناس و سرائرهم؛
و ما زالوا يجهلون بأنّ خرق تلك آلسّفينة من داخلها - و هي أساساً كانتْ تَتَعرّض للغرق لأمواجٍ عاتية قاهرةٍ عصيّة على آلمقاومة - يعني غرق آلجّميع, و لم يكن كلّ ذلك لولا ركونكم للجّهل بكلّ أبعاده و مناحيه ألذي أناخ بكلكلهِ عليكم حتّى يومنا هذا!

فبعد عشر سنوات من إزاحة كابوس ألبعث ألجاهل ألجّبان تحوّل آلحال من سيئٍ إلى أسوءٍ, حتّى وصلَ آلأمر مرتبةً عَجَزَتْ معها كلّ ألجّوامع و آلجّامعات و آلمرجعيّات آلصالحة من إنقاذكم و حلّ عقدكم ألمُعقدة و خصامكم و دعاواكم ألمتشعبة و "كَوماتكم" ألجاهليّة ألعشائريّة على آللاشيئ .. بلْ حتّى حلّ عقدة واحدة لأرتباط بعضها ببعض مع آلنسيج ألكوني الذي لا تعرفون عنه حتى أبجدياتها .. و كُنتم من حيث لا تشعرون دعماً و سنداً و وقوداً يحترق للظالمين لتدمير آلمؤمنين و آلفقراء و آلمساكين .. بعضكم ضدّ بعضكم .. بلْ حتّى ضدَّ أنفسكم, ليشمل آلمسخ جميعكم بنسبٍ مُتفاوتةٍ!

فبينما كانتْ ألأمور تسري بظاهرها و باطنها على غير طبيعتها أيّام آلبعث ألهجين و مغامراتهم ألطائشة بمشاركةِ عموم آلشّعب من آلجهة آلأخرى إن لم نقل كلهم .. كُنتم يا أهلي فيما بينكم تقتلونَ أنفسكم و يَسْتَحْقِر بعضكم بعضاً و يكتب بعضكم على آلبعض ألآخر تقاريرَ آلشؤم و آلخُبث و آلحَسد و آلخيانة و آلموت, مُحاولين إنهاء آلآخر إرضاءاً للطاغية و أعوانهِ ألجبناء ألجّهلاء ألبُلداء أو لأنفسكم, و هكذا نشأت و تشابكتْ المعارك و لا يدري آلناظر لها مَنْ ضدّ مَنْ؟
و لماذا؟

أ رأيتم قوماً في كلّ التأريخ يُحاول بعضهُ قتلَ بعضه إرضاءاً لهوى نفوسهم و لدنيا طواغيتهم ألظالمين ألبُلداء!؟

 بينما آلظالمون ألأشدّاء في آلمُقابل و من فوق؛ يُخطّطون و ما يزال؛ لمسخِ آخر ألأصول و قلعِ بقايا آلأخلاق  ألّتي حاول آلبعض من آلشهداء و آلمُؤمنين ألدفاع عنها و ألحفاظ عليها دون جدوى في وسط شعبٍ غاضب على نفسه, حتى كَتَبَ على نفسه ألفناء بكلّ إختيارٍ و إصرارٍ!؟

و ما علمتم بعظمة تلك آلمحنة و لا حتّى بعواقبها .. و لا زلتم تجهلون و تنتقلون من جهلٍ إلى جهلٍ .. رغم قلّة آلحيلة و آلحول و آلحريّة و آلرّزق و آلولد و آلّتي تُحتّم عليكُم هذه ألحالات .. و على كلّ ذي عقلٍ؛ ألتّعاون و آلتآلف و آلتّواضعَ و آلأيمان و شدّ ألأزر فيما بينكم للنّجاة و آلخلاص على آلأقل .. بلْ ما زال آلحسدُ و آلنّميمة و آلضغينة و آلسّخيمة و كتابة التّقارير ألظالمة, أيّ(ألغيبة و آلبهتان) فيما بينكم تنخُرُ أوساطكم, حتّى صار ديدنكم و سُنّةً جاريةً بينكم على قدمٍٍ و ساقٍ بجانب ألأرهاب ألّذي إشتركتُم فيه جميعاً و لو بدرجاتٍ مختلفةٍ, بدءاً بإرهاب ألزّوجة آلمُستضعفة و آلأبناء و آلأرحام و آلأشقّاء إلى مساحات و مديات أوسع فأوسع ليستمرّ آلفوضى و آلظلم و الفساد بينكم إلى يوم ألقيامة على ما يبدو!

لماذا لمْ يُفكّرَ أحدُكم بأنّكُم من شجرةٍ واحدةٍ .. و مَثَلَكُم كمثلِ ألجّسد آلواحد  كما قال آلرّسول(ص) ألذي تُصلّون عليه بألسنتكم أحياناً و تلطمون على حفيده آلحسين(ع) آلذي قتله آباؤكم: [ مَثَل ألمؤمنين في توادّهم و تراحمهم كمَثَلَ الجّسد إذا إشتكى منهُ عضوٌ تداعى لهُ سائر الجّسد بآلسّهر و آلحُمى], مع إنّكم أبناءُ أرحام و منْ عائلة واحدةٍ و من أبٍ واحدٍ أو أمٍ واحدةٍ!

بلْ فعلتم بعكس ذلك آلحديث ألشّريف بآلضّبط و لا يزال؛ لا يُفرّحكُم و لا يُؤنسكُم و لا يُسعدكُم في آلحياة إلّا عندما ترون صديقاً أو قريباً أو جارّاً لكم أو صلةِ رحمٍ يُصاب بأذىً أو محنةٍ أو عذابٍ أو مصيبةٍ!
سبحان الله على نفوسكم السقيمة الشيطانية هذه!؟

أيّة حياة كئيبة بائسة ظالمةٍ هذه آلّتي تحيونها!؟
أيّة مخلوقاتٍ عجيبةٍ هجينةٍ ممسوخةٍ أنتُم!؟
أ هذه حياةٌ أم موتٌ أصفرٌ بطيئ!؟
أم هو آلجّهنم آلحقيقيّ ألّذي وعد آلله تعالى به آلظالمين على لسان ألأمام آلحسين(ع) و لسان آلأمام آلصّدرالأوّل(قدس), كلّ ذلك بسبب زول آلرّحمة من قلوبكم!؟
فماذا يبقى من الأنسان حين تزول آلرّحمة من قلبه؟
و آلله آلعظيم إنّ غابة للحيوانات أفضل بكثير منكم!؟

أنتُم ليسَ فقط .. لا تُدركون عُشرَ معشار فلسفة آلحياة .. بلْ تجهلون حتّى أبجديّاتها!
مساجدكُم – أكثرها – تُخَرّج آلأرهابيين و آلحاقدينَ و آلظالمينَ و العاليين و آلمتظاهرين بآلدين و العمامة بغير حقّ و علم, يقتلون الحسين(ع) كل مرّة على منابرهم من أجل علوهم و مآربهم الدّنيوية!
جامعاتكم – أكثرها – تُخَرّج ألجُّهلاء و آلنّفعيين و آلأنانيين و آلأنتهازيين لا يحملون سوى ورقة تخرج مزوّرة!
حوزاتكم – أكثرها تُخرّج ألظالمين و آلمنافقين ألّذين يستحمرون آلبُسطاء و آلسُّذّج بغطاء أهل ألبيت(ع) من أجل ظهورهم و منافعهم و إعلامهم الأصفر و طبع كتبهم ألسّطحيّة ألمُتحجّرة و إشباع شهواتهم و رفاه أبنائهم و تضخيم أرصدتهم في لندن و سويسرا و أسواق ألماركات ألعالميّة .. كما شَهدَ بذلك أصهارهم و أبنائهم و حساباتهم ألمليارية, و ركوبهم آلطائرات الخاصّة آلتي لا يفعلها سوى مجرميّ العالم من آلدرجة آلأولى!؟

و إلا كيف يمكن أن يصدق المرء بأنّ مرجعٍ شيعي كبير توفى نهاية القرن الماضي و ترك أموال الخمس و الزكاة لأبنائه في لندن و سويسرا و كأنها إرث شخصي ليتلاعبوا به من أجل شهواتهم و عقاراتهم و آليوم أحفاده يستغلونها في صرفها على كروشهم و ما تحتها في كابريهات أوربا!

إئتلافاتكم و أحزابكم ألسّياسية و آلدّينية – لا تُخَرّج سوى فطاحل في آلنفاق و الكذب و آلنّهب و آلسّرقات و آلتزوير و آلظهور .. أقلّها و أوضحها تلك آلرّواتب ألكبيرة و آلمُخصّصات ألشهرية ألّتي لم أرى لها مثيلاً لا في آلشّرق و لا في آلغرب .. لا في آلزّمن آلقديم و لا في آلحديث!
حيث يسرق كلّ مسؤول عراقي ما يعادل رواتب 200 عائلة عراقية بضربة واحدة كل شهر بحسب قانون بريمر و قوانين أسيادهم في آلغرب!

من منكُم بَحَثَ و إستفهمَ إلى آلآن جوابَ "آلأسئلة  آلسّتة" ألّتي كثيراً ما سألناها في كتاباتنا و موضوعاتنا آلتي ملئت ألآفاق و آلعوالم منذ ما يقرب عن نصف قرنٍ!؟
هل تعرفون تلك آلأسئلة!؟
من منكُم يعرفها!؟
مُجرّد معرفتها!؟

كم من "علماؤكم" و "أساتذة جامعاتكم" إستطاعَ آلأجابة عليها أو تحليلها على الأقل!؟
 
أينَ أنتُم و فلسفة ألوجود و حقيقة ألمحبّة و آلأيثار و آلصّبر و التّضحية و آلتّواضع في سبيل آلخير و آلفقراء و عمل ألمعروف و آثار آلعشق و ألسّلام و آلصّلح و آلصّفاء بين آلنّاس أو على آلأقل بينكم و بين أرحامكم و عوائلكم و ذويكم!؟

كلٌّ منكم دكتاتوراً في بيته و على أبنائه و زوجته .. زوجاته!

لماذا عُدّتم تطربون بكلٍّ جهلٍ و شهوةٍ لصوتِ ألعشيرة آلظالم و آلعصبيّة و آلجّهل و آلتّعنت لأحزابكم العميلة و كأنّكم أصْبَحتُم تعيشون زمن ألجاهليّة ألأولى .. بلْ و بأسوءِ صورةٍ منها!؟
لماذا تنكرون صوتَ ألحّق آلّذي أبيتُم مُجرّد سماعه .. ناهيكَ عن فهمه و وعيه و إعمالهُ!؟
بلْ بعضكم مِمّن تعلّم آلكتابة و آلقراءة و آلفقه آلمتحجّر و آلهندسة و آلطب ينتقدّ بشدّةٍ قول آلحقّ و ينكر آلمُحكمات و يلهثُ وراء آلمُتشابهات لتفريغ سمومه و أنانيتهُ ألمقيتة و أهدافه آلشّريرة .. فما زال يُكرّر و بكل تعنّتٍ خصوصا مراجعهم؛ [يا ليتنا كُنا معكم فنفوزَ فوزاً عظيماً]!
بمعنىً آخر؛ إسقاط كلّ آلقيم و آلمسؤوليات عن أنفسهم قبال دعوة آلأمام ألحسين(ع), لكن بإسلوب شيطاني بارع عبر اللعب بآلكلمات, ليكرّر قتل الأمام آلحسين(ع) و على منبره من أجل منافعه الشخصية و كرشه و ما دونه بقليل!؟

أينَ أنتُم و قيم آلتضحية آلتي أرادها آلأمام الحسين(ع) و تحملّ أذى آلأرحام لو أخطأ أحدهم بغير عمدٍ أو سهوٍ!؟
أين أنتم و آلتواضع للحق و المستحقين؟
لماذا تبخسونَ آلنّاس أشياؤهم و تُعادون بلْ تُحاربون و تقتلون لو قَدَرْتُم أهل آلحقّ أو مَنْ أنْعمَ الله عليه ببعض ألرّزق, إن لم تتمكنوا من أخذ أمواله بآلتذلل و  النفاق!

بل تهبّون للتّخريب و آلفساد و آلفتنة و  آلتّزوير و آلكذب و آلنّميمة و حتّى آلسّحر و آلشّعوذة!؟
خصوصاً إذا  كان آلمُقابل مستوراً في آلحياة أو أنعمَ الله عليه ببعض آلخير آلحلال و ليس كلّه!؟
هل تعرفون معنى آلسِّحر و ما يفعله الله بصاحبهِ !؟
و كيفَ أنّ الله تعالى يلقي صاحبتهُ من شَعْرِ رأسها و ثديّها بنار جهنّم كما نُقل ذلك عن آلرّسول بعد رحلة المعراج!؟

لا أدري كيفَ و منْ أينَ كَسَبْتُم كلّ هذا آلجهل و آلأنحراف و آلكفر و آلنّفاق!؟
مَنْ آلّذي فَتَحَ طُرق آلموت هذه أمامكم فسلكتموها بغير عقل و تدبيرٍ!؟
هل جهنم يختلف عمّا أنتمْ فيه؟

أن هذا هو طريق جهنّم بعينه يا أهل وطني و يا أرحامي .. فأبتعدوا عنهُ إن إستطعتم .. و لا تقربوه, و توبوا إلى آلله !؟
إنّهُ يبدأ بكذبةٍ صغيرةٍ .. بلْ بِهُمّزةٍ و لُمّزةٍ .. و رُبّما بمجرّدِ نظرةٍ مُخيفةٍ و الله, أو كلمةٍ شاردةٍ بقصدٍ أو غير قصدٍ!
فأحذروا .. و إتّقوا آلله .. و لا تكونوا مع الظالمين!
هذّبوا طباعكم .. حسّنوا أخلاقكم .. تواضعوا في أقوالكم و حركاتكم .. إبتعدوا عن ألكذب و آلتّزوير و آلظلم و آلبهتان .. لا تركنوا إلى آلذين ظلموا .. و قولوا آلحقّ و لو على أنفسكم!
لماذا لا تُريدون آلحياة و آلسّعادة و طريق ألمحبّة و آلخير و آلوئام و آلعشق!؟
إنْ أردتم النّجاة في آلحياة و ممّا أنتم فيه؛ فما عليكم إلّا أنْ تُنبذوا كلّ أفاكٍ مُغتابٍ مُريبٍ أثيمٍ خؤونٍ!
و إذا جائكم يوماً مَنْ يَنمَّ إليكم بتودّدٍ على آلآخرين فإحذروهُ .. و لا تسمعوهُ, لأنّهُ يُريد آلفتنة و آلخلاف بينكم من أجل سلطانه!
بل قولوا لهُ .. أنتَ آلنّمام تَنمُ لنا آليوم و غداً ستنَّمُ علينا, لأنّك لا تستحي من آلله و لا منّا نحنُ!
قولوا له: نحن بحاجة إلى كلمةٍ طيبةٍ و علاقةِ محبّةٍ و تواصلٍ فيما بيننا, يكفينا آلخصام و الفرقة آلتي ما أبقت لنا شيئاً!
نحنُ نُريد كلمة خيرٍ و بناءٍ و معرفةٍ و إنتاجٍ و قبل كل هذا إبتسامة صادقة بوجه مهموم مظلوم على الأقل .. لا غير!

وإذا سمعتُم بمظلومٍ يئنُّ من آلجّراح أو من محنةٍ .. حاولوا مساعدتهِ فعدمهُ يعني وقوع آلظلم, أو على آلأقل عدم إضافة جرحٍ جديدٍ لجروحهِ كما فعل آلظالمون بأهلِ آلبيت(ع) أو منْ تبعهم!

لا تفرحوا بمظلوميّة آلمظلوم و محنتهِ كما ألفتكُم بسبب أنفسكم ألمريضة .. فما أصابَ آلمظلومونَ آليوم؛ قد يُصيبكم غذاً أو بعدَ حين .. و ستُواجهون لو أصررتم عاجلاً أو آجلاً ما هو أكثر منهُ شدّةً و بلاءا .. و لا أحد يسأل عنكُم بآلمقابل, فكيفما تدين تُدان, و تلكَ سنّة آلحياة!

لا يُمكن أنْ يحيا مُجتمعٌ أو قومٌ أو قبيلةٌ أو حتّى عائلةٍ صغيرةٍ يأكل ألأبناء فيه بعضهم بعضاً!؟
لا يُمكن أن يستقيم أمر قوم لا يفقهون سُنن ألحياة و طرق ألمحبة و آلعشق و (آلأسفار آلسّبعة)!؟
و تلك سُنّة الحياة .. بل سُنّة ألتأريخ و وعد آلمرسلين .. و طريق آلعدالة آلألهيّة آلّذي لا تعرفون شيئاً عنه للأسف أيّها آلعراقيّون .. لأنّكم قضيتم آلعمر كلّهُ بآلتّفاهات و آلحروب و الخُزعبلات و آلتّنابز بآلألقاب و آلدّس و التّخريب و كتابة ألتقارير بعضكم على بعض,(لا تنس بأنّ "ألغيبة" تعني كتابة تقرير)؛ يعني (قتل نفس)!
هل سألتُم أنفسكم يوماً:
ماذا خلّف آلبائسون حين كتبوا آلتّقارير و ظلموا آلنّاس و تنابزوا بآلألقاب!؟
أين آلمُتكبرون!؟
أين الصّداميون!؟
أينَ مَنْ كان قبلهم يظلمون!؟
أينَ مَنْ جاء بعدهم يسرقون!؟
كلّهم ذهبوا وسيذهب آلبّاقون .. ليُواجهوا ربٍّ حكيمٍ عادلٍ جبّارٍ قويّ لا تفوتهُ حتّى آلهمسة و الّلمّزة و آلنّظرة و ما تُخفي آلصّدور, ناهيك عن آلظلم و آلقتل و آلكذب و آلنّفاق و آلسّرقات!؟
و يا ليتكم تفقهون يا أهلي ما معنى نظرةٍ مُخيفةٍ .. مُجرّد نظرةٍ مُخيفةٍ بعصبيةٍ من إنسانٍ شرّيرٍ لأنسانٍ آمن!؟
إنّها قد تُسبّب لهُ و لكُم و للآخرين محنٌ و مشكلاتٌ و تبعاتٌ .. إحداها تجرّ آلأخرى إلى يوم آلقيامة!؟
لذلك حطموا كلّ ثقافة ألماضي آلّذي ورثتموهُ .. ثمّ توبوا و تَطهّروا .. و إعملوا آلصّالحات, و تعلموا العلم و آلفقه ألصّحيح!
ليُمكنكم آلأنطلاق إلى حياة جديدة آمنةٍ تختلفُ كلّياً عمّا كُنْتُم عليه سابقاً و حتّى آلآن .. و هذه هي آلبداية ألصّحيحة لحياةٍ سليمةٍ سعيدة!
سامحوا كلّ مَنْ تتصوّرون بأنّهُ أخطأ في حقّكم أو إعتدى عليكم ..
لا تَشُكّوا في نسائكم و بناتكم و لا تظلموهم لأنها ستنعكس على الأبناء و الأجيال ..
نساؤكم من أنفسكم .. هُنّ لباسٌ لكم .. فهل تعرفون آلتفسير  الصحيح لهذا المعنى!؟
لا تُصرفوا آلعمر بمراقبتهن و كأنّهن مُتّهمات من آلأساس, لأنّ هذا من فعل الشيطان و وساوسه!
و ستُسبّب إنقلابهن و ثورتهن آلتي لا تستطيع كلّ جيوش العالم من مقاومتها لو قامت!؟
لا سبيل للحياة و آلمحبة و آلسّعادة و آلوفرة غير آلسّماح و آلمغفرة .. بعضكم لبعض مهما كانت ألأسباب و هي بسيطة في النهاية ..
فآلعفو و السّماحة هي آلمقدمات الصحيحة آلتي وحدها تسنح لكم مُتّسعاً من آلزّمن و  طريقاً سوياً مُعبّداً لتكملوا من خلاله شوط الحياة بسهولةٍ و يسرٍ و بشكلٍ جميلٍ لا يُوصف و بسرعةٍ قياسيّةٍ و بزمن برزخي ..
أرجوكم جرّبوا ذلك و لو مرّةً ..
لأنّكم لا تعيشون سوى مرّة .. و من آلحيف أنْ تعيشوا في جهنم آلشّك و العنف و آلأرهاب و آلدّكتاتوريّة و ضيق الأفق!؟
فقد جرّبتم غيرها كما آباؤكم حينَ تعدّدت آلهتهم و أوّلها أنفسهم .. و ما كانتْ لها جدوى سوى آلمآسي و آلمحن و آلبلاء و آلخصام و آلقهر و آلفقر – ألمعرفي خصوصاً – و في آلنّهاية ألموت بذّلةٍ و حسرةٍ!

فلا تنهو أعماركم بآلقيل و آلقال و  آلحسد و آلبُغض و آلغيبة و آلشّك و آلدّسائس ألّتي تضرّكم من قبل أنْ تضرّ غيّركم .. فأنّها لا تخدم سوى أعوان آلشّيطان من آلأعداء و  آلمنافقين و آلمُنحرفين بآلدّرجة الأولى .. و لا تتركوا آلأمر بآلمعروف و آلنّهي عن ألمنكر بِشرطها و شروطها بعد هذا .. فيتسلط عليكم شراركم و منْ لا يرحمكم!
و لا حول و لا قوّة إلا بآلله ألعليّ ألعظيم.                                                  المخلص لكم : عزيز



 

 

 

 

 

ألثقافة العربية؛ بين آلانغلاق و آلأنفتاح!


لأنحطاط ألثقافة ألعربيّة؛ أسبابٌ نجهلها أو نتجاهلها, و سبب آلتجهيل هو أننا أصبحنا لا نهتم للأمر, بل همّنا آلأول و آلأخير إنحسر في سَوْق كلّ شيئ حتى آلعلم – بآلطبع ألشهادة – و ليس آلعلم ألحقيقيّ حيث لا وجود له.. بإتّجاه نيل ألمناصب ألعشائريّة و آلسّياسيّة و الأداريّة, و بآلتّالي تسطحت آلأفكار و أصبحتْ ألأكثرية لا تفقه شيئاً من الحياة!

(حكمة بليغة) كانت ختام مباحثنا في (فنّ ألكتابة و آلخطابة) قبل أيّام, لم أجدها في ثقافتنا ألعربية -آلمُنحطة .. بل وجدتها في سلوكنا بشكل عمليّ حيث كمؤشر للظلال في واقعنا و سلوكنا الثقافي و تعاملنا الأجتماعيّ في واقعنا أليوم!
و هي:

IF YOU CAN’T FIND SOME THING TO LIVE FOR, THEN YOU BEST FIND SOME THING TO DIE FOR.
[إنْ لم تقدر على إيجاد شيئ تعيش لأجلهِ, فآلأفضل ألبحث عن شيئ تموت لأجلهِ!]

هذه آلحكمة اللطيفة رغم أنها تدفعنا و تحثّنا بقوّة لطلب ألعلم و آلأبداع و آلأجتهاد ألحقيقيّ في مجالات الحياة .. أو الموت بدونها؛ إلّا أننا نرى بأنّ العرب لم يلتزموا سوى بالشطر ألثاني فيه للأسف و لسوء العاقبة, بسبب فقدان ثقافة الحياة و التمدن من وجودهم!

و ما يفعله داعش و آلسلفييّن اليوم هو: لكونهم لا يمتلكون شيئاً من العلم و التقوى و الفنّ كي يعيشوا لأجله في آلحياة بسبب عقيدتهم التكفيرية المنحرفة!

و رغم إن آلأسباب التي أدّت لما نحن عليه عموماً مجهولة للكثيرين, خصوصا لو قارنا وضعنا مع أوضاع آلكثير من الشعوب و الأمم .. إلّا أنّه من آلمُمكن الكشف على الأقل عن ملامحها و آلأعتراف بأنّ روّاد أدبنا ألعربيّ – ألأسلاميّ – ألقديم و آلمُعاصر منذُ "ألمُعلّقات ألعشر" و حتّى يومنا هذا و تألق آلآيات ألعظام من جانب و داعش والقاعدة في آلجانب آلآخر .. ألذين لم يُحقّقوا شيئاً, بل حرّفوا رسالتنا الأسلامية – آلأنسانيّة و صاغوها بحسب منافعهم و عقولهم ألضّيقة!!

لذلك طغتْ ألفوضى و آلغرور و آلأنا و آلعُنف و آلحرب و لغة ألأستغلال و آلقوّة و آلمؤآمرة و آلهجوم و آلقتل و آلقنص و آلذّبح و آلعشائريّة على علاقاتنا و ثقافتنا و تأريخنا, و لعلّ آلأنقلابات و آلمذابح و آلكَومات آلتي تكرّرتْ و تتكرّرُ كلّ يوم في حاضر بلادنا خصوصاً في آلعراق و آلشّام و آلخليج و مغرب آلوطن و مشرقه خير دليل على هذا آلنّتاج ألمعكوس من آلفكر ألأستغلالي ألجاهليّ ألمُتوحّش الذي تركه السابقون و عمّقه الحاضرون حتّى تعمّم و إنتشر على كلّ صعيدس و في كلّ مكانٍ في بلادنا ألعربيّة.

و بإجراء مقارنةٍ أوليّةٍ بين أدبنا و أدبيّاتِ ألثّقافات ألأخرى كآلفارسيّة و آلصّينيّة و آلهنديّة و الأنكليزيّة و حتّى آلبربريّة نرى أنّ هناك فوارق كبيرة بينهما في آلمنشأ و آلمنحى, و رغم أنّ إختلاف آلثقافات شيئٌ طبيعيّ تعود لعوامل عدّة ليس محلّ بحثنا هنا .. لكنّ آلمعيار ألأساسيّ ألمُشترك ألّذي يُميّزها عن بعضها؛ هو مدى قرب و تناغم تلك آلثقافات مع قلب و وجود ألأنسان و بآلتالي سوقها في عمليّة ألبناء ألحضاريّ و آلأنسانيّ ألّتي باتتْ آليوم ألمعيار ألأوّل في تقييم ألشّعوب, و يأتي آلدّين(ألأخلاق) ثمّ آلأدب في مقدّمة ألعوامل آلتي تُشكّل و تؤطر ثقافة من آلثقافات.

(ألأدبُ ألحقيقيّ) هو ذلك آلذي يستطيع أنْ يستنهض كوامن ألأبعاد ألأنسانيّة و مشاعر آلمحبة و آلتواضع و آلأخلاص في وجود و ضمير ألأنسان و آلمجتمع لنشر آلأمن و تفعيل آلكرم للتوجه بآلتوازي نحو معرفة أسرار ألوجود و فلسفة خلق ألأنسان من أجل بناء الحضارة الأنسانية.

و إنّ (آلأدبَ ألأسمى) ألّذي يتقدّم و يرتقي على (آلأدب ألحقيقيّ)؛ هو ذلكَ آلأدب ألّذي يُحقّقُ "الآدميّة" في وجود آلمجتمع بغضّ ألنّظر عن القومية و آلجنسية و آلمذهب و آلدّين و آللغة, و هذا آلنّوع من آلأدب ألأسمى هو آلذي سيكون رائداً في حركة آلمُجتمع ألبشريّ كَكُل عاجلاً أو آجلاً, و هو آلذي سيُنهي نتيجة ألمعركة ألدائرة في صراع ألحضارات بين آلأمم آلتي وراء كلٍّ منها ثقافة مُعيّنة و خصوصيات تكوينة معقّدة!

لا خير في أمّة تسير بلا بصيرة و أخلاق و أدبٍ هادفٍ لتحقيق ألعدالة و آلمساواة و مكارم الأخلاق لبناء ذات الأنسان و إحياؤه من أجل كشف أسرار آلحياة و الأرض و التكنولوجيا!

- ما فائدة ألسّياسة .. بلْ كلّ حكومات ألأرض ألتي هي نتاج آلفكر "ألبشريّ" في نهاية ألمطاف .. حين لاتهدف لما أشرنا .. بل بآلعكس تكون سبباً للخصام و آلحروب و آلأستغلال و آلتّرفع و آلطبقيّة!؟
- ما فائدة آلأدب حين يكون مصدراً للعنف و آلتّسلط و آلقسوة و نبذ حقوق آلأنسان و آلمرأة و آلأطفال!؟
- ما فائدة ألدِّين حين يكون سبباً لتفريق شمل ألأمّة و تقسيمها إلى مذاهب و كيانات و أحزاب!؟
- ما فائدة مؤسسات ألدولة و قوانينها؛ حين تكون بؤراً للظلم و آلتّميز ألكبير في آلحقوق و آلمُخصصات و آلحمايات و آلحقوق ألطبيعيّة!؟

لم أعد أستسيغ تلك آلمقولة ألصّفراء من آلطفيليين و أهل ألبدع و آلنفاق و آلمصالح الخاصة .. [بكون آلدِّين طاهرُ و صحيح و لا إشكال فيه أو عليه .. لكنّ آلمشكلة في آلمُعتنقين لهُ]!؟

و سؤآلنا آلأول للقائلين بذلك, هو:

أيّ دين هذا؟
ما هي خصوصياته؟
هل تعرفه يا من تُعرّفهُ؟
أين آلدّليل في معرفتك؟
بل نقول بآلعكس .. من حيث أن أكثر من مليار مسلم من ذوي اللحايا و الدشاديش الطويلة يلتزمون بدينٍ جاف متحجرٍ يأمر بآلظلم و القسوة و التنفر و الأنتقام تكفير الناس و يسعون من خلال خلاياهم في داعش و النصرة والقاعة و من ورائهم الوهابية من تدمير كل القواعد الأنسانية و الاسلامية في العالم!
هذا هو واقع الدِّين الذي عرفه آلناس اليوم في بلادنا العربية!

لا شكّ إنّ آلدّين نظيفٌ و طاهرٌ حين نزلَ من آلسّماء كماء آلزّلال .. لكنّه و بعد ما إختلط بطين ألأرض و آلأنفس تغيير لونه و طعمه و رائحته, و لم يعد ذلك آلدِّين آلحق حقاً كما آمن به آلأمام عليّ(ع) و طبّقهُ بكلّ حذافيره!

و بما أنّه لم يعد وجود حقيقيّ للدِّين من دون آلمتديّنيين ألمُتمسكين به من حيث أنّ آلأسلام ألذي هو خاتم ألأديان محفوفٌ بآلمسلمين, و هكذا بقية آلأفكار و آلعقائد, لذلك يتجسّد آلفكر من خلال ألحاملين له و المُدّعين إليه على أرض ألواقع!

من هنا و بعد آلحقب التأريخية ألسّوداء آلتي خلّفتها الحكومات ألظالمة التي إدعت الأسلام و منذ وفاة الرسول(ص)؛ تكرّرت آلدّعوات لقراءة جديدة له و أعادة جذريّة في ألأسس المعرفية للأسلام و بآلذات (أصول ألعقائد) الأسلاميّة ألّتي لا تقليد فيها و هي على آلأكثر خمسة(1), و آلسّعي لمعرفة آلآداب و آلقيم آلأخلاقيّة ألّتي أراد آلقرآن بيانها, بإعتباره ألكتاب ألخاتم ألّذي قرّره ألباري تعالى لهداية آلناس نحو آلتواضع و الأستقامة و المحبة و آلأنصاف و العدالة لتحقيق حالة الآدمية فيهم لا غير!

لا جدوى و لا هدف في أصدار فتاوى مكرّرة في"آلعبادات" و "المعاملات" ألفقهية ألمُتحجّرة إنْ لم تُحقّق في آلمُقلَّد أولاً ثم آلمُقلِّد ثانياً؛ حالة ألتّواضع و آلعدالة و آلأستقامة معاً وهيهات ذلك, لكون العبادات المجردة الخالية من الروح و الحركة لا أثر لها في قلب الأنسان, و لا يُمكن أن تكون مؤثراً و فاعلاً خصوصاً حين يتعلق الأمر بموارد و خيرات و أموال و كرامة ألأمة ألتي يشترك فيها آلجّميع بآلتّساوي!

بمعنى لا يجوز إطلاقاً أن يتمتع ألفقيه أو ألحاكم أو المسؤول ألتّابع بحقوقٍ مضاعفةٍ و إمتيازات إستثنائية بآلمقارنة مع حقوق العامل أو المقاتل أو أيّ كان من أبناء الوطن الواحد على الأقل .. إن لم نقل كلّ آلأمّة!
و لنا في حكومة آلأمام عليّ(ع) بآلأمس مثلاً على ذلك و كذلك في حكومة الدولة الاسلامية المعاصرة اليوم مثالاً حياً لكلّ المعاصرين.

من هنا يُمكن لأيّ عقلٍ بسيط أنْ يكتشف بسهولة حالة ألنفاق – ألّتي هي أسوء صفة في آلأنسان – و آلتي قد يتصّف بها سياسيونا أو مراجعنا أو حُكّامنا ألمُدّعين للدِّين و ذلك بمقارنة أوضاعهم الأقتصادية و الأجتماعية مع آلرّعيّة (ألأمّة) في آلجانب ألمقابل .. حيث إن مقدار الظلم يكون كبيراً بقدر آلفوارق ألطبقيّة و آلأجتماعيّة و آلأقتصاديّة ألجليّة بين آلطرفين!

لا يكون ألأديب أديباً و من ثم فقيهاً فمرجعاً فإنساناً و من ثمّ أماماً للأمّة ما لمْ تتحقّق في وجوده حالة ألآدميّة, و هذا هو آلمعيار الألهي ألذي أشار له تعالى حين كرّم بني (آدم) و لم يقل بني(بشر) أو بني(انسان) ثمّ سخّر له كلّ شيئ(2) بجعله أكرم آلمخلوقات و خليفة له في آلأرض, فهل يا تُرى تحقّقت آلآدمية في وجود من يدّعي آلدِّين و آلمرجعيّة و هم يعيشون في عالم يختلف كلّياً عما يعيشه معظم أبناء الأمة الأسلامية و على كلّ صعيد خصوصاً ألمادي و المعنوي و آلعلميّ, بحيث إبتكروا بأنفسهم مصطلحات تشمئزّ منها نفس كل أنسان و ليس آلآدمي فقط, و أبسطها إطلاق صفة آلخواص و (آية الله) على أنفسهم و صفة العوام(ألجهلاء) ألّذين ليس لهم نصيب من آلعلم بنظرهم, يضاف لذلك أرصدتهم المليونية في بنوك اليهود!!؟؟

لذلك كلّه لا مرجعيّة حقيقيّة للأسلام العلوي ما لم يصل دعاتها مرحلة ألآدمية كما كان آلصّدر ألأول(قدس) و آلأمام ألخميني(قدس) و من تابعهم من أحفاد سلمان الفارسيّ(ألمحمدي) كآلفيلسوف بهشتي و مطهري و شريعتي ألذين تحقّقت في وجودهم حالة آلآدمية!

و قدْ بيّنّا في "مقالاتنا" ألسّابقة و بحسب تقريرات الله سبحانه و تعالى و كما جاء في كتابه العزيز .. الفرق ألمعنوي ألوجودي بين كل فئة و صنف, حيث هناك فوارق كبيرة بين:

ألبشريّ(ألبشر),
ألأنسانيّ(الأنسان),
ألآدميّ(آدم),

بل يعتقد بعض العرفاء الكبار من أمثال السيد عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم بأن بلوغ مرحلة الآدمية شيئ غير ممكن(3)!

و لعلّ قائلٍ يقول – خصوصاً ألمتعصبين ألدّينيين ذوات ألبعد الواحد في آلتعامل و آلتّعاطي في الحياة؛
(بأنّ ألأسلام و بآلذّات (ألقرآن) و (نهج ألبلاغة) هما أمّ و مصدر ألآداب و آلبلاغة في آلوجود, و لا حاجة لنا بغيرهما, و كما أكّد و أفتى بذلك ألخليفة ألثّاني عمر بن آلخطاب, حين قال بعد فتح بلاد فارس في معرض جوابه على إسْتفتاء قائد جيش المسلمين .. حول مصير ألمكتبة ألمركزيّة للأمبراطوريّة ألفارسيّة ألتي غنموها بعد آلحرب!؟

فكان جواب عمر على ذلك آلسؤآل هو:

[هناك أحتمالان؛ أمّا أنْ تكونَ تلك آلكُتب موافقةً لرأينا أو مخالفة, فلو كانتْ تُخالف رأيْنا فلا حاجةَ لنا بها, و إنْ كانت مُوافقةً لرأينا فحسبنا كتاب الله, و في كلتا آلحالتين لا حاجة لنا بها و عليكَ بإحراقها جميعاً و آلسلام]!

هذه آلنّظرة آلضّيقة و آلثّقافة آلجّاهليّة سبّبتْ تحجيم عقول أكثر ألعرب و ألمسلمين شرقاً و غرباً و أسّست لثقافةٍ منحطةٍ وعصبيّات مقيتة مختلفة تغلغلتْ و إمتدّت في عقول ألعرب و ألسّلفيين بشكلٍ خاصّ و أدّت بآلتّاليّ إلى ما نحن عليه أليوم, من تمرّد على كلّ آلقيم و آلآداب و آلعلوم و آلتّجارب آلأنسانيّة و آلعلاقات ألأجتماعيّة بحيث باتَ هضم حقوق ألنّاس عندنا ليس فقد شيئاً عاديّاً بلْ يتقرب القائمين بها إلى الله بتصورهم!

أمّا آلمرأة في ثقافتنا فما تزال عورةً و يهضم حقوقها بشكلٍ سافرٍ, بينما تُعتبر رمز آلجّمال و محور آلمحبة و آلوئام ليس فقط داخل ألعائلة بلْ في كلّ ألمجتمع .. بلْ تُمثّل بوجودها و دورها (كلّ آلمجتمع) بحسب ألتّعبير ألأدبيّ ألرّاقيّ لأمام ألأمّة ألرّاحل ألخُمينيّ ألعظيم(قدس) حين قال: [إذا كان آلرّجل نصف آلمجتمع فأنّ آلمرأة هي كلّ آلمجتمع].

و آلعجيب أنّ ألمُدّعين آلجّهلاء من آلشّيعة و آلسُّنة و على رأسهم ألسّاسة و آلحاكمون و آلفقهاء و بسبب ما أشرنا لهُ؛ يأكلون آلحرام و يهدرون حقوق آلناّس و يدعون بجانب هذا بألسنتهم و بلا حياءٍ للقرآن و لمذهب أهل ألبيت(ع) و نصرة الدّين و حقوق الناس .. ناسين أو مُتناسين بأنّ الله تعالى يمقت آلذين يقولون ما لا يفعلون, و يغضب و ينتقم من آلذين يعملون بعكس ما يقولون!

أمّا آلمذاهب الأسلاميّة الأخرى فأنّها وصلتْ حداً إعتبرتْ معها تفجير و قتل و ذبح ألآدمي ألذي أكرمه الله تعالى لمجرد آلرأي؛ قربةً لله و كأنّهم يذبحون آلكبش أو آلدّجاج!

لا خلاف بين أهل ألبصيرة و "أهل ألقلوب" بأنّ آلقرآن و سنّة آلرّسول(ص) و أهل بيته ألكرام(ع) قد جمعا معاً أسرار ألوجود و آلقيامة و ما بعدهما, أيّ علم ما كان و ما سيكون, و هذا شيئ صحيح لختمية ألرّسالة؛

لكن مَنْ فسّر آلقرآن أو نهج ألبلاغة على حقيقتها .. و كما هو آلمطلوب في آلمنهج آلألهيّ ألأصيل!؟

لا أحد حتّى يومنا هذا تمكّن من ذلك .. بلْ آلمُصيبة إنّ (حوزتنا ألصّامتة) ألّتي تدّعي خط "ألرّسالة ألأسلاميّة ألأصيلة" قد أجرمتْ بحقّ ألقُرآن الذي هو الثقل آلأكبر و أهل ألبيت(ع) الثقل الأصغر ..مُدعية الزهد و آلأستغناء في الظاهر بينما تمتلك أرصدةً و نساءً و أبناءً و أحفادً و تسميات كاذبة لا يمتلكها سوى شيوخ الوهابية في الخليج, خصوصاً إذا علمنا بأنّ "آيات الله ألعظام" في النجف الأشرف بحسب إطلاق ألقاعدين ألجّهلاء عليهم تسمية "آلمرجع الأعلى"؛ إعتبروا بأنّ من يجهد نفسهُ لتفسير ألقرآن يكونُ بمثابة ألمُضحيّ بنفسه بلا عوض .. أيّ لم يستفد من وجوده طبقاً لإسلامهم, و كما يظهر ذلك من خلال مباحثات ألشيخ ألفيلسوف ألمطهري مع آية الله العظمى السيد الخوئي أثناء زيارته للنجف في نهاية الستينات و تعبير آلأخير بحقّ آلعلامة ألفيلسوف الطباطبائي صاحب تفسير الميزان(4).

إذن الأدب ألحقيقيّ أيها آلأخوة؛ هو آلأدب ألّذي يُحيّ قلوب و ضمائر ألنّاس و ينشر ألمحبة و آلوئام و الأنسجام و آلأدب أينما كان و من أيّ إنسانٍ مبدعٍ و بأيّة لغةٍ كانَتْ ..

فيا أيّها آلناس؛ إنفتحوا على آداب ألأمم و ثقافاتها و خوضوا آلأسفار, خصوصاً في آلأدب ألفارسيّ و آلأنكليزيّ ثم آلصيني و آلهنديّ(5) و غيرها!

لأنّ ألمثقف لا يكون مثقفاً .. و آلأديب لا يكون أديباً .. ما لم يُقارن ألآداب بعد معرفة لغتها و فنونها و آلياتها و أهدافها و بآلتالي كشف علّة تباين آلثّقافات و غاياتها آلسامية!

فمن من أساتذتنا و فقهائنا التقليديون يعرف ذلك!؟

أمّا (آلمُفكر) و (آلفقيه) ألحقيقيّ ألمُخلص .. فلا نتكلّم عنه, حيث لا وجود لهما في أمّة ألعرب ألنّائمة للأسف, و لا جدوى آلآن للتحدث عنهم و عن خصوصياتهم, و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم!
عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أصول الدين: التوحيد – العدل – النبوة – ألأمامة – ألمعاد!
و لا تتحقق في وجود الأنسان تلك الأصول ما لم يتجنب التقليد أولاً, ثم يبدأ بآلسفر لعبور المحطات السبعة:
الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الأستغناء – الحيرة – الفقر و آلفناء
(2)[و لقد كرّمنا بني آدم و حملناهم في آلبرّ و آلبحر و رزقناهم من آلطيّبات و فضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا] سورة ألأسراء / 70.
(3) يُحكى أن آية الله العظمى السيد عبد الكريم الحائري مؤسس ألحوزة العلمية في قم قبل أكثر من قرن .. قد أعطى لأحد تلامذته بعض المال للزواج, و كان طالبٌ آخر قد سمع بتلك آلمساعدة, فذهب هو آلآخر إلى السيد و طلب منه بعض المال, لكن السيد إعتذر قائلاً له؛ لا أملك شيئاً آلآن, فأنزعج الطالب من ذلك, و كرّر سؤآله في فترة لاحقة و لكن دون جدوى, و ما كان من الطالب إلا أن بدأ بطعن السيد كلّما رآه في مكان خاص أو عام بآلقول: [ عالم شدن جه آسان إنسان شدن جه مشكل] و تعني: [ من السهل أن تكون عالماً و من الصعب أنْ تكون إنساناً], ممّا يعني بأنك يا "سيد عبد الكريم", أيها العالم الذي ترأس هذه الحوزة لست بإنسانٍ .. بل شيئ دون ذلك.
و في أحد الأيام و بينما كان السيد يمرّ من السوق لحقه ذلك الطالب و كرّر جملته المشهورة تلك(من السهل أن تكون عالماً و من الصعب أن تكون إنساناً], فناداه آلسيد عبد الكريم الحائري, و همس في أذنه قائلاً:
دعني أصحّح لك العبارة: [من آلسّهل أن تكون عالماً و يستحيل أن تكون إنساناً].
و إعلم بعد هذا بأنّ مرحلة الأنسانية .. هي المرحلة التي تسبق مرحلة (ألآدمية), فتفكّر أيها الأنسان .. حالك الذي فيه؛ متى تصبح إنساناً و ليس شيئاً آخر بحسب تقريرات العلماء الصالحين كما أسلفنا!!؟؟
(4) راجع "ألمحاضرات ألعشرة" لآية الله ألفيلسوف مرتضى ألمُطهري, بآلفارسيّة.
(5) تصور كمْ هبط و أنْحطّ مستوى آلعلم و آلأدب و ألثقافة ألعراقيّة و آلعربيّة؛ حيث ما زالوا يستخدمون صفة "الهندي" على آلبلهاء و الصادقين ألبسطاء كصفة لذمّهم و تحقيرهم, بينما الحديث يقول: (اكثر أهل الجنة من البلهاء), يُضاف لذلك بأنّ آلهنود تطوروا و سبقونا في كلّ شيئ رغم عدم إمتلاكهم للخيرات و للموارد الطبيعية كما نحن, و من هذا يُمكنك تُقيّم وضعنا آلثقافي و العلمي ألمبتذل و ما وصلنا إليه على أرض الواقع.

Monday, December 20, 2010

مأساة الحسين (ع) بين جفاء الشيعة و ظلم السنة

مأساة الحُسين
بين جفاء الشـــيعة و ظلم السُـــنّة
مقدمة المأساة :ـ

قبل عالم الذّر .. بستة آلاف عام ..أبْرمَ الباري ميثاقاً مع الحُسين (ع) ليكون قدر الكون الذي سيتحدى به رب العباد أصل الشر الذي سيظهر في الكائنات حتى الملائكة بسبب رئيسهم ألشيطان الّلعين و الذي سيُخلع من منصبه, عندما يَعترض و من معهُ على خلق آدم لاحقاً : (قالوا أ تجعلُ فيها من يُفسد فيها و يَسفك الدّماء و نحن نسبّح بحمدك و نقدّس لك)؟ فكان فصل الخطاب الألهي مباشرةً مع أؤلئك المُعترضين على خلق أبونا آدم (ع) ألذي سقط في الأمتحان ليكون إيذاناً بالبلاء والمحنة للأسف (فعصى آدم ربه فغوى), و لولا توبته لكان من الخاسرين - و كان فصل الخطاب آية إحتوتْ الكثير من آلأسرار الغامضة : (إنّي أعلمُ ما لا تعلمون).

فما الذي كان يعلمه الله؟ و ما هي أصل القصة (ألمحنة) التي ما عرف لا الشيعة و لا السنة ناهيك عن أصحاب الكتب السماوية – تفاصيلها و أسرارها الموثقة؟

بعد أنْ أتمّ الباري تعالى خلق أهل الكساء ألخمسة كما إستنبطنا من الروايات و آلأحاديث والقرآن الكريم, قال تعالى للحسين (ع) : أريد تجلّياً في هذا الوجود العظيم بظهورٍ يليق بوجهي و مقامي فيه, لردم الشر الذي بدأ الشيطان يكتنفه ! فهل لك يا شُبّير (ألحسين) أنْ تكون لها؟

أجاب الحسين (ع) غير مبالياً و بكل بساطة : سمعاً و طاعة .. إنّه من دواعي الفخر و آلأعتزاز أنْ أكون أنا الذي منْ سيتحمل تلك الأمانة التي تبدو أنّها عظيمة جدّاً! لكن منْ أنا مُقابل عظمتك يا خالقي و ربيّ حتى تستشيرني بالرّفض أو القبول؟
ثمّ أنهُ معيَ منْ هم أولى بهذا الأمر العظيم كجديّ و أبي و أميّ و أخي, فلماذا وقع التقدير علينا؟

و ما هذا الأمر الذي يحتاج كلّ هذه المُقدمات و آلأذن و آلتحضير و أنت القاهر فوق الخلق و الكائنات و الوجود؟

أجابَ تعالى : سأخلق بشراً من صلصالٍ من حمأ مسنون, و سيكون هناك مراتب و أحداث و محن, و الكثير منهم سَيَكْفرون و يستكبرون, لأنّ الذي يُقدسني حتى هذه اللحظة ذو شأن عظيم, هو رئيس ملائكتي , و قد عبدني أربعة آلاف عام و ما يزال, إلاّ أنه سيختار طريقاً آخر لأستكباره مُتأملاً نيل ما ليس من حقّه, بعدما أصيب بالعُجْب, و هو ماردٌ أقسمَ على غواية العباد إنتقاماً, لأني شئْتُ أنْ أجعلكم خلفائي في هذا الوجود بعدما أثْبَتّم صدقكم و وفائكم لي من قبل, لذلك سيسعى بكلّ كيده كي يعلو عليكم و على أتباعكم, مُحاولاً إثبات موقفه تكبّراً و علواً أمام إرادتي, و ستكون أنت يا حُسين من يتصدى لهذه الأمانة العظيمة لإثبات حقيّ بمشيئتي, و سيأتي دورك بعد خيانة القوم لجدّك و أبيك و أمك الزهراء و أخيك شبر (ألحسن), حيث سينقلب القوم على أعقابهم, لكن يومك سيكون غريباً على أهل السموات و الأرض, و وحدك من سيتحمل أمانتي و صورتي الحقيقة للأجيال في الوجود بعد شهادتك الكونية المباركة, لتكون مثلاً أعلى للأنسان الكامل ألذي وحده سيعرف سرّ الوجود عبر الأزمان و آلأكوان, و ليس هذا فقط بل ستكون مفسراً لآياتي حيث سيعلم الكائنات تفسير : { إني اعلم ما لا تعلمون} و لا يبقى بعد ذلك من لا يعرف السرّ و المعنى!
قال الحسين (ع) ما آلأمر يا معبودي ؟ و قد شغل وجودك وجودي, و هواك هواي , فهل لي الخيار مقابل خيارك و أنا العاشق المتيم؟
و هل سينقلب الكون بعد إنقلاب القوم على أعقابهم بعد رحيل جدّي ألذي هو أمينك و حبيبك و خاتم رُسلك و أنبيائك ؟
قال تعالى : نعم هو كذلك لكنّك ستكون ناجياً و حائلاً عن وقوع هذا الأمر العظيم ؟
قال الحسين (ع) إذن و الله فُزْتُ فوزاً عظيماً.
قال تعالى هو كذلك , لكنك ستقتل و يقطع رأسك ثمناً لذلك!
قال : و عزتك و جلالك إنها أهون ما يكون عليّ ما دام في رضاك!
ثم أعقب تعالى : لكن يا حسين ؛ ليس هذا فقط , و إنما أصحابك الأوفياء و أهل بيتك الأبرار و هم خير البرية سيقتلون أمامك بإبشع صورة .. هنا أعقب الحسين بالقول : و هل ذلك سيكون يا إلهي برضاهم أيضاً أم مُجبرون عليه؟
قال تعالى : بل بكامل رضاهم و إختيارهم, ثم قال تعالى : لكن يا حسين؛ لا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ ! بل سَيَقِتِلُ القومُ إخوتكَ و أوّلهم قمر الكونين أبا الفضل العباس.
قال الحسين: لقد عرفت هذا فقد أخبرني للتّو أبي, و كأنهُ يُواسيني, و تَعَهّدَ بأنْ يكون أخي العباس من خيرة الأصلاب قوياً شهماً ليدافع عني في تلك الواقعة.
فقال تعالى : نعم و هو كذلك.
ثم قال تعالى : يا حُسين عَلَيّ أنْ أُخبركَ بشئ مَهيب و إنْ كانَ يحزّ في نفسي قوله؛ لكني أنا الله المَلكُ الحقّ المُبين و عليّ بيانه و هو :إنّ فصول المحنة لا تكتمل حتى يستشهد أصغر جنديّ معك لتكون واقعة الطف و هو إبنك الرضيع عبد الله.
هنا نَظرَ الحُسين و قد تمالك وجوده المقدس شيئاً من التوجس و التّرقب قائلاً : يا إلهي أ وَ يكونُ ذلك حقاً, لأنّ الطفل في كلّ المقايس و الأحوال لا ذنبَ عليه؟
قال تعالى : إيّ و عزّتي و جلالي, بلْ إنّ أعوان الشيطان سيُقطّعونَ جسدكَ إرباً إرباً و سَيَسْبُونَ حرَمك و عيالك, و سَيَلْقونَ منْ بعدكَ الكثير من الأذي و الغربة و الذلة؟ لأنّ تلك الشهادة ستفصح عن الحق, و هي العَلَمُ الذي سترفعها من بعدكَ أختك زينب.
قال الحسين (ع) رضاً برضاك صبراً على قضائك لا معبودَ سواك .. إقضِ ما أنتَ قاضٍ, ستجدني إنشاء الله من الصّابرين.
و هكذا قضى الله أمراً كان مقضياً

فصول ألمأساة :ـ
سلام على روحكِ الطاهرة يا أمّاه ..و أنا أعيدُ ذكراكِ مع عاشوراء الحسين (ع) .. ما زالت همساتك الحزينة تُراودني, و دموعك تتلئلأ لناظري .. يا من علّمتيني حُبّ الحُسين .. ذلك الحُبّ الحزين .. ألذي سَكَنَ قلبي و كبر معي, ليصير قدري ألذي إحتواني بلا إختيار, حتى أسال مدامعي, و أقرح جفوني, و كم لطمتُ على رأسي و صدري و لعنت الظالمين الذين فصلوا ذلك الرأس الشريف المقدس عن جسده الطاهر أيام عاشوراء من كلّ سنة.

تصوّرت طويلاً أن تلك المأساة وقعت مرةً لتخلد أبداً مع التأريخ في موسم محرم الحرام من كلّ عام و كفى ! و هكذا تعاملنا مع تلك القضية الكبيرة بلّ السّر الأعظم الذي كان سبباً لحفظ الأسلام على الأقل في الأطار الفكري .. و كثيراً ما سألتُ أصحاب المنابر من المُعمّمين الذين كانوا يأتوننا من النجف الأشرف خلال الستينيات و بداية السبعينات من القرن الماضي لأحياء عاشوراء سنوياً بالطرق التقليدية التي إعتادوا عليها - سألتهم عن سبب تكرار مقولة؛ {يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً؟}, و هل نحن الآن خسرنا لأننا لم ندرك الواقعة؟ لكن دون جواب.

لتتحول أكبر قضية في الكون بسبب ذلك التعاطي الخاطئ والمستمر لحدّ الآن مع مرور الزمن إلى مُجرّد مراسم روتينية حتّى تَحكّمَ فيها الطغاة الحاكمين لمآربهم, مُستغلين عواطف الناس الغرائزية و حُبّهم و أندفاعهم نحو آلحُسين (ع) لتثبيت سلطانهم.

كان بيتنا القديم يتحول إلى مأتم و عزاء لأكثر من عشرة أيام ليكون ملتقىً لجميع أهل محلّتنا نُوزّع خلالهُ الدارجين و الشاي و الطعام و السكائر, ثم تعود الحياة لمجاريها بمجرد إنتهاء عشاء الليلة الحادية عشر من شهرِ محرّم الحرام, و التي سُميت بعشاء آلغرباء - كفصلٍ أخير لفاجعة كربلاء, و قد يتذكر الكثير من الأخوة كيف إن رجال الأمن كانوا يجبرون القائمين على تلك المآتم و الحسينيات من تمجيد الطاغية, و منع الشباب دون سن الثامنة عشر في بغداد و ربما المُحافظات من المشاركة في العزاء بحُجّة الحفاظ على هدوء و نظم المكان و قدسية المراسيم.
و هكذا تعاطينا مع أكبر قضية في الوجود بحدود ذلك الأطار التقليدي, حتى سنّ السادسة عشرة على تلك الوتيرة سنوياً, و لم نكنْ نعي حقيقة شهادة الحسين (ع) و أبعاد تلك النهضة الفاصلة بين خط الكفر و خط الايمان .. بين الحق و الباطل .. ألحرية و العبودية - ألتكبر و التواضع بكل معانيها التي ما تزال غامضة في الحوزات و الأوساط رغم مرور القرون عليها.

إسْتمرّ الطواغيت بإستغلال الأنسان مستخدمين ذلك ألنهج التقليدي لأستحمار الناس و تخديرهم للتسلط عليهم, بينما كان يفترض بالنظام الأسلامي - كونهُ شاملاً و كاملاً لجميع مناحي الحياة - أنْ يتقدّم على بقية الأنظمة الوضعية التي كرّست الفساد و الظلم و الأستغلال في آلأرض !

إنّها قضية حياة و موت .. فإمّا أنْ نكونَ مع الحُسين أو لا نكون, و والله حين وَعَيْتُ موقف الحسين (ع) رأيتهُ و كأنّه يعيش معنا حيّاً, و لا يتحسّس ذلك إلاّ الأنسان المُؤمن الصّدوق, حيث تتكرّر تفاصيل عاشوراء معنا كلّ يوم عبر مواقفنا في الحياة .. بل في كل ساعة من خلال تعاملنا و تعاطينا مع مبادئ نهضة الحسين (ع) و تأثيره في واقعنا العملي, و لست مبالغاً إنْ قلت كل لحظة من لحظات حياتنا و في تفاصيل تحركنا و معيشتنا و صدقنا مع الآخرين؛
فالثبات على الصدق مع الذات في زمن الدّجل و الكذب رغم ما يُكلّفنا .. موقفٌ حُسيني بإمتياز ..
و تحمّل أذى الآخرين (ألزوجة \ ألزوج) و الحفاظ على أجواء العائلة و المُقرّبين لتنشئة جيل صالح واعي موقفٌ بطولي و شجاع ..
و مُداراة الناس و السعي لخدمتهم و التواضع لهم, خصوصاً للمُحتاجين و المرضى و أهل الفكر منهم هو موقف بطوليّ مُتقدّم يدلّ على كثرة الثمر الذي يحملهُ فاعله ..
و تعديل نظرتنا للمرأة و التعامل معها أخلاقياً و إنسانياً, كما تعامل معها الحسين (ع) و ذبّ عنها حتى في أصعب و أشد المواقف حراجةً .. يُمثّل قمة التمسك والثبات على المبادئ التي ضحى بنفسه (ع) من أجلها. .
.. و إنّ حفظ صلة الرّحم, و الدفاع عن المظلومين حيثما كانوا و بمجرد سماعنا للظليمة و محاولتنا لأسترداد ذلك الحق المُضيّع بلك الوسائل و الأساليب المُمكنة.. ثمّ السعي لتغيّر المُنكر و إبداله بالمعروف ..
و الحكم بما أنزل الله تعالى بين العباد هو إيثارٌ لا يرقى لمستواهُ شئ ..
و الصبر على الطاعة و المعصية عند تعرضنا لهما ..
و طلب العلم للأصلاح لا للتظاهر و الفخر .. هي غاية رسالة الحسين (ع) ..
و لا تقلّ عن شهادة و موقف أصحاب الحسين (ع) .. بل شهادة و موقف الحسين (ع) نفسه مع فارق العصمة و درجة الأيثار, و لا تَعِيَها إلاّ أذنٌ واعية.

فيا شيعة الحسين .. إن إمامنا المظلوم لم يستشهد لمآرب آنية أو بسبب مواقف عسكرية أو خلافات سياسية بحتة كانت وليدة وقتها كما تصوّر الخطباء و العلماء التقليديون, و لا طمعاً بالخلافة .. إلاّ لإقامة العدل بين الناس, و لا للتظاهر بالعصمة و السيادة و الأمامة إلاّ كونها حقٌ إلهيّ لا دخلَ و لا حقّ للبشر فيها من ناخِبينّ و وجهاء و شيوخ و أحزاب و غيرها .. و إنّ شهادته (ع) كانت علامةً و إنذارٌ لمسألتين أساسيتين يمكننا حصرهما بالتالي :ـ
وعي فلسفة و غاية أحكام الأسلام و تطبيقاتها في واقعنا المعاش على المستوى الشخصي و الأجتماعي أولاً .. و ثانياً رفض الظالمين و آلمتسلطين بالمحاصصة و الأكثرية و الأقلية و الديمقراطية و التكنوقراطية و الملكية و الليبرالية و المصالحة و الوطنية و المهادنة و التكتلات , فجميعها ليس فقط لا تعبر عن حقييقة العدالة و روح الأسلام الحسينيّ .. بلْ تُدلّلُ معالمها و وقائعها التي شهدنا عليها -على ألوان الأنتهازية و التكبر و التسلط و التلاعب بحقوق و أموال الناس عموماً و الفقراء خصوصاً لصالح طبقة الأثرياء و آلأرستقراطيين و الليبراليين و أصحاب الجاه و الخطوط المائلة.

أمّا مسألة الأرتباط بالمُستكبرين فهذا موضوع لا مجال له في قاموس الشرفاء و مُحبيّ الحُسين (ع), حتى لو أقامواالمراثي و العزاء أو تبرّعوا بشئ من المال, بل يُعتبر إصطفافاً مع الظلم رغم كلّ المُدّعيات التي قد يدّعونها كالانتساب للشهداء أو لشيعة الحسين (ع) أو للحسين (ع) نفسه, فذلك كلّه لا يؤدي سوى لتكريس مأساة الحسين (ع), حيث يستحيل أنْ يكون أمثال هؤلاء الحاكمون إنسانييون و منصفون في تعاملهم مع حقوق و كرامة الأكثرية المُستضعفة من الناس بسبب تناقض مواقفهم و لقمة الحرام التي تغلغلت في خلاياهم, و الأموال التي إستثمروها بأسمائهم و بأسماء ذويهم و مُقربيهم, و آلأهم من كل هذا هو عدم إمتلاكهم لرأيهم بسبب تحكم الآخرين به!
كلّ هذا لأنّ مفهوم السياسة و الحكم في فكر الأحزاب السياسية الوضعية و حتى الدينية التي لا ترتبط بولاية الفقيه في دولنا هو؛ أنْ تَهدم وطنك و تسرق الناس كي تبني وضعك و بيتك و حزبك, و كلّنا شاهدين اليوم على أمثلةٍ واقعيةٍ واضحةٍ في إثنان و عشرين دولة عربية مسلمة بالأضافة إلى ثلاثين دولة إسلامية أخرى في بقاع الأرض, بإستثناء الدولة الأسلامية.
الأمام الحسين (ع) كما الأمام علي (ع) أراد الحرية و العدل و الرّفاه و آلمُساواة بين للناس كونهم كأسنان المشط متساوين في الخلق و الأنسانية و الحقوق و لا فرق بين عالم و أمي و عامل و فلاح و تاجر و كاسب و رئيس و مرؤس, لذلك فالحسيني أبداً لا يوافق و لا يُوالي الظالمين الذين يتعاملون بالطبقية و الحزبية و المحسوبية و المنسوبية رغم إنّ شعاراتهم و دين دولهم قد تكون الأسلام في الظاهر - كما هو حال عراقنا اليوم و جميع الدّول العربية - لكمّ الأفواه و إسكات صوت دعاة الحق ألذين يُريدون تطبيق أحكام الاسلام تحت عباءة المرجعية الصالحة ألممتدة من ولاية ائمة الحق من أهل بيت الرسول (ص).

و هكذا فُعِلَ بعد السقوط بأهل العراق ألذين كان أكثرهم يتلّهفُ - خصوصاً ألدّعاة الواعيين - لتطبيق هدف و سرّ ثورة الأمام الحسين(ع) - كي يكون الأسلام دين الدولة بحق .. أحكاماً و تطبيقات و ليس بالشكل و الشعار و الأدّعاء فقط , بل من خلال تفاصيل البنود و المواصفات التي ترد في مواد الدستور الثابت و من خلال سلوك و حياة و أخلاق المتصدين, خصوصاً فيما يتعلق بشخصية و مواصفات الحاكم و القائمين على السلطات الثلاث أو آلأربع (القضاء, ألأجراء, ألتشريع, ألأعلام) و نوع العلاقة بينها و بين وليّ الفقيه و صيغ العمل بينهما, و موقع الأنتخابات و مواصفات المُنْتَخَبين و المشرفين على الدوائر و الوزارات بالأضافة إلى القائد العام للنظام الجمهوري الجديد, و الذي من المُفترض حسب مفهوم آلأمام ألحسين (ع) أن يكون للمعصوم في زمن الحضور و لولي الفقيه ألذي يمثل ألأمام المعصوم في زمن الغيبة, لكنْ لمْ يحصلْ حتّى أقلّ منْ هذا في عراق الحُسين (ع), و الغريب إنّ المرجعيّة نفسها مع إحترامنا لها رجعت إلى عادتها القديمة بينما أثبتت الأمّة وفائها و إستعدادها للتضحية و الوقوف بجانبها على الرغم من جهلها الواضح برسالة الحسين(ع) .. مُضافاً لها ألمواقف الظاهرية الأيجابية للكثير من المسؤولين في النظام الجديد و زياراتهم المنتظمة لها, لكنها إكتفتْ في بداية السقوط بإصدار مجموعة من الفتاوى الإنشائية ألتي إنحصرت مضامينها في (ضبط النفس وحرمة قتل المسلم و الصبر و التأنّي في المواقف التي قد تُتّخذْ) .

و لم تتعرّض مرجعيتنا العتيدة في موقفها إلى تفاصيل القوانين و الأحكام المصيرية و المواقف الشرعية من آلأحداث و المحن التي تعرّض لها البلاد, و من أهمّ بنود القانون الأساسي كأمور القضاء و الولاية و الفدرالية و حقوق و كرامة الناس و التي هي الأهمّ و فوق كلّ شئ, حتىّ بقتْ الكتل السياسية في الحكومة نفسها تتأرجح حسب هواها و تراوح مكانها في إنتخاب و تشكيل الحكومة على مدى عام كامل لأنتخاب المتصدين فيها بين المحاصصة و الاغلبية و التكنوقراط بينما المرجعية لم تُحرّك ساكناً لأنّ حقوقها و رواتبها كانت مُستمرّة و مضمونة , ممّا سبّبت ضياع المليارات (ستون مليار دولار) من أموال فقراء الأمة, لتذهب أكثرها في جيوب أعضاء البرلمان و الحكومة التي لم تقدم ما كان مأمولاً منها, في مقابل تلك الأموال الحرام الكثيرة مع إحترامنا لبعض المخلصين فيها, كما إنّ المرجعية التي تدّعي إمتثالها لخط الحسين (ع) نفسها لم تتّخذ موقفاً واضحاً إلى الآن و لم تتدخل و لم تنطق بحرف مقابل ما يتعرض له كرامة البلاد و العباد في بلد الحسين (ع) إلى الإهانة و الظلم والفساد بسبب أهواء المتسلطين و التدخلات الأجنيبة و عوامل الضغط الخارجي و الدولي و الاقليمي, لتكون بذلك أنها لم تحكم بما انزل الله .. {و منْ لمْ يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون .. هم الظالمون .. هم الفاسقون} (المائدة : 44 و 45 و 47).

لقد إتّخذ المصلحون الثائرون أمثال ألأمام الخميني (رض) و الشهيد ألمظلوم الفيلسوف محمد باقر الصدر (قدس) و معهم الآلاف من المؤمنين الرساليين و المفكرين و العلماء الذين إستشهدوا -إتخذوا الولاية سبيلاً و نهجاً في الحياة بإعتبارها صمام الأمان لإجراء العدالة و آلأصلاح, و هي آلأولى و المقدمة على كلّ العبادات التقليدية الأخرى حسب الرواية المشهورة عن الأمام الصادق(ع):{بُني الأسلام على خمس ؛ على الصوم والصلاة والحج والخمس والولاية و ما نودي بشئ مثلما الولاية} يعني في حالة عدم تَحَكّم الولاية في حياتنا الأجتماعية بكل تفصيل فلا أهمية و لا معنى و لا إعتبار للصوم و الصلاة و الحج و الخمس و العبادات الشخصية و المراثي الحسينية , كما أن حديث زرارة(رض) و حديث أبي خديحة(رض) ألمشهورتان و المقبولتان لدى جميع العلماء - هما ألحكمُ الفصل بين خطابنا و بين خطاب الآخرين من الذين إتخذوا الأسلام شكلاً بلا مضمون , ليكون غطاءاً لمآربهم و شهواتهم و أنانيتهم و تحزّبهم و نهبهم للحقوق للأسف, خارج ولاية المرجعية الدينية المباشرة لأدراة و توجيه عملهم بما يرضى الله تعالى لضمان سيرهم على خطى الحسين (ع), كي يُحصروا بموقفهم هذا جهلاً أو تجاهلاً مبادئ الدين الأسلامي ألف سنة أُخر بين جدران المساجد و بيوت الحوزة التقليدية التي أكل عليها الدهر و شرب, بالطبع هذا الخطاب التقليدي للمرجعية الدينية قد أفرح بالضمن - من باب تحصيل حاصل - إخواننا (الدعاة) عموماً و العلمانيين خصوصاً كي تتفرغ الساحة لهم تماماً ليفعلوا الحلال و الحرام كيفما شاؤوا و حسب أهوائهم و مصالحهم, بعيداً عن الرقابة الشرعية ألألهية ألمتمثلة بمرجع تقيّ شجاع مقتدر فوق رؤوسهم ليحكم بينهم بالحق كوليّ للفقيه, يُوجه و يُحاسب المسؤولين وأعضاء الحكومة و كلّ من تُسول له نفسه مباشرةً أو عن طريق مُمثّلين أتقياء في كلّ المؤسسات و الوزارات و الهيئات العليا في الدولة لخدمة الناس بما يضمن كرامتهم و عيشهم.

أنه لَمِنَ المُؤسف جدّاً جدّاً أنْ يُسنّ دستوراً لعراق الحسين عليه السلام مكوناً من أكثر من مائة و خمسين بنداً لتحديد مصير الأمة المنكوبة فيه و هو لا يحتوي على بندٍ إسلاميّ واحد .. و المصيبة الكبرى و التناقض الفاضح هو التصويت على أنّ الدّين الرّسمي للدولة هو الأسلام كما فعل الشاه المقبور و قادة الدول الأسلامية والعربية و صدام المجرم من قبل!

إن ما ورد في مقالنا هو إمتثالٌ لخطاب الأمام الحسين (ع) و موقفه .. و الذي لا يلتزم و لا يرعى علماء المسلمين التقليديون من أحاديثه - جهلاً أو جُبناً أو تثاقلاً- سوى ما يُوافق مصالحهم و فتاواهم و يؤمن مصادر رزقهم و حياتهم في إطار العبادات و المعاملات الشخصية بحدودها الضيّقة, ليبقى المسلمين مُشردين و مُشتّتين و في العراق بشكل خاص بحيث يكون جاهزاً لكلّ الأحتمالات و المحن لاستمرار تسلط المتكبرين و المجرمين و آلأنتهازيين عليه.

أمّا إخواننا السنة فأن معظمهم ليس فقط لا يعرفون أصل القصة إلى الآن و الفرق بين الأمام الحسين بن علي (ع) ألمظلوم و بين يزيد بن معاوية الظالم, بل الأمرّ من كلّ هذا يقولون : { سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين }, و إنّ المتشددين منهم كالطالبان يقولون سيدنا يزيد بن معاوية المظلوم الغير معروف حقهُ, و لهذا فأننا إنْ لم نعي ثم نجسد مبادئ الحسين (ع) الأصلاحية بعد معرفة حقيقتهِ ؛ فأن المأساة ستستمر بين جفاء الشيعة و ظلم السنة . و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
عن رابطة الكتاب و المثقّفين ألمغتربيــــــن
عزيز الخزرجي
ALMA1113@HOTMAIL.COM