Monday, January 27, 2014

مع بدء العام ألميلادي ألجديد 2014؛ خطابٌ لكل عراقي!


سلام من آلله على آلجّميع .. و بعد
رغم علميّ بأنّكم لا تقرؤن .. و إذا قرأتم لا تُدركون .. و إذا أدركتم لا تُؤمنون .. و إذا آمنتم لا تعملون؛ لكنّي سأظل أكتبُ و أكتبُ و أكتبُ بما فضّل آلله عليّ من آلخير آلكثير, فهي رسالتي في آلحياة و عهدي مع آلله تعالى و مع آلشّهداء آلصّادقين حتّى ظهور آلأمام أو آللقاء بآلمحبوب ألأزلي ألذّي أترقّب لقائه ساعة بعد أخرى!

 و قد كتبتُ آلكثير من كنوز آلمعرفة لكم و آلحمد لله و لا أزال, حتّى طرحتُ ما فيه آلنّجاة و كلّ آلخير و آلمُستقبل و آلنّور و سأنثر عليكم المزيد إن شاء الله .. و كانتْ لها صدىً في كلّ مكان في آلعالم, و سيكون له وقعٌ أكبر في آلمُستقبل بعد تطوّر آلعلم و آلعقل ألبشريّ!

هي حرقةٌ و حيرةٌ كبرى و محنة ما بعدها محنة؛ حين يسمعكَ آلغريب و حتّى آلأعداء و لا يسمعكَ من يرتبط بك بصلة رحمٍ أو قرابةٍ أو صداقةٍ و معرفةٍ, ناهيك عَمَّنْ زرعوا آلأشواك – خصوصاً ألمعارف منهم - لحقدهم في طريق ألورد ألّذي عبّدْناهُ للأنسانيّة.

و يُؤسفني أنّ أقواماً أُخَر و غُرباء كُثر .. و في أكثر آلبلاد شرقاً و غرباً قد تأثّروا و إستفادوا من مقولاتنا و كتاباتنا, إلّا أنتم يا أهلي و أقربائي للأسف ألشّديد رَدَدْتُمُ علينا سلباً بعد ما قدّمنا ما قدّمنا من آلذي كان ..
فيا أسفي و يا حزني عليكم جميعاً يا أبناء جلدتي و عمومتي و وطني ألمذبوح بأيديّ أبنائهِ قبلَ غيرهم من آلمستكبرين و معهم آلسّلفيين آلسّاديّون!

أقدّرُ عمق آلمحنة آلّتي أحاطت بكُم .. حتّى شملتكُم جميعاً, بعدما تشبّثتم بأنفسكم ألأمارة بآلسّوء قبل غيرها و فيما بينكم .. كما تَتَشَبّثْ ألعنكبوت بِبيتها حينَ تهجم عليها آلّلوابس .. أنّهُ مدارٌ قهريّ يَلتفّ حولَ من لا يُقدّر آلحياة و ما بعدها و لا يشكر آلخالق .. بلْ بعضكم نسجهُ بإحكامٍ و عنادٍ ليجعلها طوقاً على رقبته مُعلناً بغباءٍ و عنفٍ ألحرب بكلّ معانيه على نفسهِ أولاً ثمّ على مَنْ يُحيط به حتّى على زوجتهِ و أبنائهِ و أرحامهِ ..

مُشكلتكم بآلأساس يا أهليّ و أبناء وطنيّ؛
لم تكُنْ ماديّةٌ كما إدّعيْتُم ..
أو محاصرة إقتصاديّة كما طبّل آلبعثيون آلجّهلاء ألجّبناء آلمُجرمين ..
أو عسكريّة كما إدّعى منْ إدّعى ..
بل كلّ ذلك كانتْ نتائج لا أكثر!

فها هي إيران ألأسلام جارتكم آلتي هجمتم عليها و كُلّكم يصيحُ خلف "صدّام ألخبيث" بأعلى صوته(يا حُوم إتبعْ لو جرّينه)! و ها هي إلى يومنا هذا محاصرة إقتصاديّاً و عسكريّاً و سياسيّاً و علميّاً و إعلامياً و منذ أربعين عاماً!
لكن هل فَعَلَ شعبهُ بنفسهِ مِثلما فَعلتُم بأنفسكم!؟
أم بآلعكس زادتْ تلكَ آلمحن من تآلفهم و تراحمهم و توادّهم و وحدتهم و تعلّقهم بآلله و بخط آلأسلام ألأصيل!؟

مُشكلتكم يا أهليّ لمْ تكُن حتّى سياسيّة أبداً!
و لا حتّى أمنيّة!
و لا علميّة!
و لا بعثيّة!
بل مشكلتكم كانتْ معرفيّة بحتة, و لا تزال؛
مُشكلتكم كانتْ من أيديكم .. و من أنفسكم .. و من فِعالكم و مواقفكم و بُعدكم عن تعاليم آلأسلام و آلأنسانيّة!
أتذكّر جيّداً و كأنّها آلبارحة .. يومَ كُنا نُواجه ألبعث ألجّاهل أللئيم بقلوبنا و ألسنتنا و أيدينا و بكلّ ما أوتينا من قوّة و حيلة .. في حرب غير متكافئة؛ و كُنْتم تشهَدونَ – معظم الشعب مع مرجعياتكم بإستثناء أستاذنا و أمامنا الصدر الأول - من آلجّهة ألأخرى .. حينَ كانَ بعضكم يدسُّ ألسُّمَ آلزّعاف في بقايا آلعسل ألّذي إستأثرهُ آلغاصبون(ألبدو) من كدّ آلصّالحين و حُقوقهم بغيرِ هدىً و لا كتابٍ مُبين, مُحاولاً هذا آلبعض تسميم آلجّميع لقتلهم و خلط ألأمور ظنّاً منهم أنّ الأمور ستستقيم لهُم وحدهم!
 فهلْ حصدوا في آلنّهاية شئياً!؟
لقد رحل آلطيبون لبارئهم
و تَفرّق آلأحبة .. و غاب آلصّالحون
و قُتِلَ آلشّهداء و إمتلأت أرض آلعراق بمقابرهم .. فهل رَبِحَ أحدكم من بعدهم شيئاً!؟
لقد خَسرتُم كثيراً ..
بلْ خَسِرَ آلجّميع كلّ شيئ .. خصوصا ألّذينَ بدؤوا بآلظلم و كتابةِ ألتّقارير و آلحرب على آلمؤمنين(كل غيبة تعادل "تقرير")!؟

و ما كانوا يعلمون .. و لا يعلمونَ آلآن بسبب جهلهم و ضيق ألأفق آلمعرفيّ عندهم بعد ما مات حتّى ذلك آلدِّين ألتقليدي ألموروث ألذي تأسسَ على بقايا فقهٍ مُتحجرٍ أكلَ و شربَ عليه ألزّمن حتّى خُبثتْ نُفوس معظم الناس و سرائرهم؛
و ما زالوا يجهلون بأنّ خرق تلك آلسّفينة من داخلها - و هي أساساً كانتْ تَتَعرّض للغرق لأمواجٍ عاتية قاهرةٍ عصيّة على آلمقاومة - يعني غرق آلجّميع, و لم يكن كلّ ذلك لولا ركونكم للجّهل بكلّ أبعاده و مناحيه ألذي أناخ بكلكلهِ عليكم حتّى يومنا هذا!

فبعد عشر سنوات من إزاحة كابوس ألبعث ألجاهل ألجّبان تحوّل آلحال من سيئٍ إلى أسوءٍ, حتّى وصلَ آلأمر مرتبةً عَجَزَتْ معها كلّ ألجّوامع و آلجّامعات و آلمرجعيّات آلصالحة من إنقاذكم و حلّ عقدكم ألمُعقدة و خصامكم و دعاواكم ألمتشعبة و "كَوماتكم" ألجاهليّة ألعشائريّة على آللاشيئ .. بلْ حتّى حلّ عقدة واحدة لأرتباط بعضها ببعض مع آلنسيج ألكوني الذي لا تعرفون عنه حتى أبجدياتها .. و كُنتم من حيث لا تشعرون دعماً و سنداً و وقوداً يحترق للظالمين لتدمير آلمؤمنين و آلفقراء و آلمساكين .. بعضكم ضدّ بعضكم .. بلْ حتّى ضدَّ أنفسكم, ليشمل آلمسخ جميعكم بنسبٍ مُتفاوتةٍ!

فبينما كانتْ ألأمور تسري بظاهرها و باطنها على غير طبيعتها أيّام آلبعث ألهجين و مغامراتهم ألطائشة بمشاركةِ عموم آلشّعب من آلجهة آلأخرى إن لم نقل كلهم .. كُنتم يا أهلي فيما بينكم تقتلونَ أنفسكم و يَسْتَحْقِر بعضكم بعضاً و يكتب بعضكم على آلبعض ألآخر تقاريرَ آلشؤم و آلخُبث و آلحَسد و آلخيانة و آلموت, مُحاولين إنهاء آلآخر إرضاءاً للطاغية و أعوانهِ ألجبناء ألجّهلاء ألبُلداء أو لأنفسكم, و هكذا نشأت و تشابكتْ المعارك و لا يدري آلناظر لها مَنْ ضدّ مَنْ؟
و لماذا؟

أ رأيتم قوماً في كلّ التأريخ يُحاول بعضهُ قتلَ بعضه إرضاءاً لهوى نفوسهم و لدنيا طواغيتهم ألظالمين ألبُلداء!؟

 بينما آلظالمون ألأشدّاء في آلمُقابل و من فوق؛ يُخطّطون و ما يزال؛ لمسخِ آخر ألأصول و قلعِ بقايا آلأخلاق  ألّتي حاول آلبعض من آلشهداء و آلمُؤمنين ألدفاع عنها و ألحفاظ عليها دون جدوى في وسط شعبٍ غاضب على نفسه, حتى كَتَبَ على نفسه ألفناء بكلّ إختيارٍ و إصرارٍ!؟

و ما علمتم بعظمة تلك آلمحنة و لا حتّى بعواقبها .. و لا زلتم تجهلون و تنتقلون من جهلٍ إلى جهلٍ .. رغم قلّة آلحيلة و آلحول و آلحريّة و آلرّزق و آلولد و آلّتي تُحتّم عليكُم هذه ألحالات .. و على كلّ ذي عقلٍ؛ ألتّعاون و آلتآلف و آلتّواضعَ و آلأيمان و شدّ ألأزر فيما بينكم للنّجاة و آلخلاص على آلأقل .. بلْ ما زال آلحسدُ و آلنّميمة و آلضغينة و آلسّخيمة و كتابة التّقارير ألظالمة, أيّ(ألغيبة و آلبهتان) فيما بينكم تنخُرُ أوساطكم, حتّى صار ديدنكم و سُنّةً جاريةً بينكم على قدمٍٍ و ساقٍ بجانب ألأرهاب ألّذي إشتركتُم فيه جميعاً و لو بدرجاتٍ مختلفةٍ, بدءاً بإرهاب ألزّوجة آلمُستضعفة و آلأبناء و آلأرحام و آلأشقّاء إلى مساحات و مديات أوسع فأوسع ليستمرّ آلفوضى و آلظلم و الفساد بينكم إلى يوم ألقيامة على ما يبدو!

لماذا لمْ يُفكّرَ أحدُكم بأنّكُم من شجرةٍ واحدةٍ .. و مَثَلَكُم كمثلِ ألجّسد آلواحد  كما قال آلرّسول(ص) ألذي تُصلّون عليه بألسنتكم أحياناً و تلطمون على حفيده آلحسين(ع) آلذي قتله آباؤكم: [ مَثَل ألمؤمنين في توادّهم و تراحمهم كمَثَلَ الجّسد إذا إشتكى منهُ عضوٌ تداعى لهُ سائر الجّسد بآلسّهر و آلحُمى], مع إنّكم أبناءُ أرحام و منْ عائلة واحدةٍ و من أبٍ واحدٍ أو أمٍ واحدةٍ!

بلْ فعلتم بعكس ذلك آلحديث ألشّريف بآلضّبط و لا يزال؛ لا يُفرّحكُم و لا يُؤنسكُم و لا يُسعدكُم في آلحياة إلّا عندما ترون صديقاً أو قريباً أو جارّاً لكم أو صلةِ رحمٍ يُصاب بأذىً أو محنةٍ أو عذابٍ أو مصيبةٍ!
سبحان الله على نفوسكم السقيمة الشيطانية هذه!؟

أيّة حياة كئيبة بائسة ظالمةٍ هذه آلّتي تحيونها!؟
أيّة مخلوقاتٍ عجيبةٍ هجينةٍ ممسوخةٍ أنتُم!؟
أ هذه حياةٌ أم موتٌ أصفرٌ بطيئ!؟
أم هو آلجّهنم آلحقيقيّ ألّذي وعد آلله تعالى به آلظالمين على لسان ألأمام آلحسين(ع) و لسان آلأمام آلصّدرالأوّل(قدس), كلّ ذلك بسبب زول آلرّحمة من قلوبكم!؟
فماذا يبقى من الأنسان حين تزول آلرّحمة من قلبه؟
و آلله آلعظيم إنّ غابة للحيوانات أفضل بكثير منكم!؟

أنتُم ليسَ فقط .. لا تُدركون عُشرَ معشار فلسفة آلحياة .. بلْ تجهلون حتّى أبجديّاتها!
مساجدكُم – أكثرها – تُخَرّج آلأرهابيين و آلحاقدينَ و آلظالمينَ و العاليين و آلمتظاهرين بآلدين و العمامة بغير حقّ و علم, يقتلون الحسين(ع) كل مرّة على منابرهم من أجل علوهم و مآربهم الدّنيوية!
جامعاتكم – أكثرها – تُخَرّج ألجُّهلاء و آلنّفعيين و آلأنانيين و آلأنتهازيين لا يحملون سوى ورقة تخرج مزوّرة!
حوزاتكم – أكثرها تُخرّج ألظالمين و آلمنافقين ألّذين يستحمرون آلبُسطاء و آلسُّذّج بغطاء أهل ألبيت(ع) من أجل ظهورهم و منافعهم و إعلامهم الأصفر و طبع كتبهم ألسّطحيّة ألمُتحجّرة و إشباع شهواتهم و رفاه أبنائهم و تضخيم أرصدتهم في لندن و سويسرا و أسواق ألماركات ألعالميّة .. كما شَهدَ بذلك أصهارهم و أبنائهم و حساباتهم ألمليارية, و ركوبهم آلطائرات الخاصّة آلتي لا يفعلها سوى مجرميّ العالم من آلدرجة آلأولى!؟

و إلا كيف يمكن أن يصدق المرء بأنّ مرجعٍ شيعي كبير توفى نهاية القرن الماضي و ترك أموال الخمس و الزكاة لأبنائه في لندن و سويسرا و كأنها إرث شخصي ليتلاعبوا به من أجل شهواتهم و عقاراتهم و آليوم أحفاده يستغلونها في صرفها على كروشهم و ما تحتها في كابريهات أوربا!

إئتلافاتكم و أحزابكم ألسّياسية و آلدّينية – لا تُخَرّج سوى فطاحل في آلنفاق و الكذب و آلنّهب و آلسّرقات و آلتزوير و آلظهور .. أقلّها و أوضحها تلك آلرّواتب ألكبيرة و آلمُخصّصات ألشهرية ألّتي لم أرى لها مثيلاً لا في آلشّرق و لا في آلغرب .. لا في آلزّمن آلقديم و لا في آلحديث!
حيث يسرق كلّ مسؤول عراقي ما يعادل رواتب 200 عائلة عراقية بضربة واحدة كل شهر بحسب قانون بريمر و قوانين أسيادهم في آلغرب!

من منكُم بَحَثَ و إستفهمَ إلى آلآن جوابَ "آلأسئلة  آلسّتة" ألّتي كثيراً ما سألناها في كتاباتنا و موضوعاتنا آلتي ملئت ألآفاق و آلعوالم منذ ما يقرب عن نصف قرنٍ!؟
هل تعرفون تلك آلأسئلة!؟
من منكُم يعرفها!؟
مُجرّد معرفتها!؟

كم من "علماؤكم" و "أساتذة جامعاتكم" إستطاعَ آلأجابة عليها أو تحليلها على الأقل!؟
 
أينَ أنتُم و فلسفة ألوجود و حقيقة ألمحبّة و آلأيثار و آلصّبر و التّضحية و آلتّواضع في سبيل آلخير و آلفقراء و عمل ألمعروف و آثار آلعشق و ألسّلام و آلصّلح و آلصّفاء بين آلنّاس أو على آلأقل بينكم و بين أرحامكم و عوائلكم و ذويكم!؟

كلٌّ منكم دكتاتوراً في بيته و على أبنائه و زوجته .. زوجاته!

لماذا عُدّتم تطربون بكلٍّ جهلٍ و شهوةٍ لصوتِ ألعشيرة آلظالم و آلعصبيّة و آلجّهل و آلتّعنت لأحزابكم العميلة و كأنّكم أصْبَحتُم تعيشون زمن ألجاهليّة ألأولى .. بلْ و بأسوءِ صورةٍ منها!؟
لماذا تنكرون صوتَ ألحّق آلّذي أبيتُم مُجرّد سماعه .. ناهيكَ عن فهمه و وعيه و إعمالهُ!؟
بلْ بعضكم مِمّن تعلّم آلكتابة و آلقراءة و آلفقه آلمتحجّر و آلهندسة و آلطب ينتقدّ بشدّةٍ قول آلحقّ و ينكر آلمُحكمات و يلهثُ وراء آلمُتشابهات لتفريغ سمومه و أنانيتهُ ألمقيتة و أهدافه آلشّريرة .. فما زال يُكرّر و بكل تعنّتٍ خصوصا مراجعهم؛ [يا ليتنا كُنا معكم فنفوزَ فوزاً عظيماً]!
بمعنىً آخر؛ إسقاط كلّ آلقيم و آلمسؤوليات عن أنفسهم قبال دعوة آلأمام ألحسين(ع), لكن بإسلوب شيطاني بارع عبر اللعب بآلكلمات, ليكرّر قتل الأمام آلحسين(ع) و على منبره من أجل منافعه الشخصية و كرشه و ما دونه بقليل!؟

أينَ أنتُم و قيم آلتضحية آلتي أرادها آلأمام الحسين(ع) و تحملّ أذى آلأرحام لو أخطأ أحدهم بغير عمدٍ أو سهوٍ!؟
أين أنتم و آلتواضع للحق و المستحقين؟
لماذا تبخسونَ آلنّاس أشياؤهم و تُعادون بلْ تُحاربون و تقتلون لو قَدَرْتُم أهل آلحقّ أو مَنْ أنْعمَ الله عليه ببعض ألرّزق, إن لم تتمكنوا من أخذ أمواله بآلتذلل و  النفاق!

بل تهبّون للتّخريب و آلفساد و آلفتنة و  آلتّزوير و آلكذب و آلنّميمة و حتّى آلسّحر و آلشّعوذة!؟
خصوصاً إذا  كان آلمُقابل مستوراً في آلحياة أو أنعمَ الله عليه ببعض آلخير آلحلال و ليس كلّه!؟
هل تعرفون معنى آلسِّحر و ما يفعله الله بصاحبهِ !؟
و كيفَ أنّ الله تعالى يلقي صاحبتهُ من شَعْرِ رأسها و ثديّها بنار جهنّم كما نُقل ذلك عن آلرّسول بعد رحلة المعراج!؟

لا أدري كيفَ و منْ أينَ كَسَبْتُم كلّ هذا آلجهل و آلأنحراف و آلكفر و آلنّفاق!؟
مَنْ آلّذي فَتَحَ طُرق آلموت هذه أمامكم فسلكتموها بغير عقل و تدبيرٍ!؟
هل جهنم يختلف عمّا أنتمْ فيه؟

أن هذا هو طريق جهنّم بعينه يا أهل وطني و يا أرحامي .. فأبتعدوا عنهُ إن إستطعتم .. و لا تقربوه, و توبوا إلى آلله !؟
إنّهُ يبدأ بكذبةٍ صغيرةٍ .. بلْ بِهُمّزةٍ و لُمّزةٍ .. و رُبّما بمجرّدِ نظرةٍ مُخيفةٍ و الله, أو كلمةٍ شاردةٍ بقصدٍ أو غير قصدٍ!
فأحذروا .. و إتّقوا آلله .. و لا تكونوا مع الظالمين!
هذّبوا طباعكم .. حسّنوا أخلاقكم .. تواضعوا في أقوالكم و حركاتكم .. إبتعدوا عن ألكذب و آلتّزوير و آلظلم و آلبهتان .. لا تركنوا إلى آلذين ظلموا .. و قولوا آلحقّ و لو على أنفسكم!
لماذا لا تُريدون آلحياة و آلسّعادة و طريق ألمحبّة و آلخير و آلوئام و آلعشق!؟
إنْ أردتم النّجاة في آلحياة و ممّا أنتم فيه؛ فما عليكم إلّا أنْ تُنبذوا كلّ أفاكٍ مُغتابٍ مُريبٍ أثيمٍ خؤونٍ!
و إذا جائكم يوماً مَنْ يَنمَّ إليكم بتودّدٍ على آلآخرين فإحذروهُ .. و لا تسمعوهُ, لأنّهُ يُريد آلفتنة و آلخلاف بينكم من أجل سلطانه!
بل قولوا لهُ .. أنتَ آلنّمام تَنمُ لنا آليوم و غداً ستنَّمُ علينا, لأنّك لا تستحي من آلله و لا منّا نحنُ!
قولوا له: نحن بحاجة إلى كلمةٍ طيبةٍ و علاقةِ محبّةٍ و تواصلٍ فيما بيننا, يكفينا آلخصام و الفرقة آلتي ما أبقت لنا شيئاً!
نحنُ نُريد كلمة خيرٍ و بناءٍ و معرفةٍ و إنتاجٍ و قبل كل هذا إبتسامة صادقة بوجه مهموم مظلوم على الأقل .. لا غير!

وإذا سمعتُم بمظلومٍ يئنُّ من آلجّراح أو من محنةٍ .. حاولوا مساعدتهِ فعدمهُ يعني وقوع آلظلم, أو على آلأقل عدم إضافة جرحٍ جديدٍ لجروحهِ كما فعل آلظالمون بأهلِ آلبيت(ع) أو منْ تبعهم!

لا تفرحوا بمظلوميّة آلمظلوم و محنتهِ كما ألفتكُم بسبب أنفسكم ألمريضة .. فما أصابَ آلمظلومونَ آليوم؛ قد يُصيبكم غذاً أو بعدَ حين .. و ستُواجهون لو أصررتم عاجلاً أو آجلاً ما هو أكثر منهُ شدّةً و بلاءا .. و لا أحد يسأل عنكُم بآلمقابل, فكيفما تدين تُدان, و تلكَ سنّة آلحياة!

لا يُمكن أنْ يحيا مُجتمعٌ أو قومٌ أو قبيلةٌ أو حتّى عائلةٍ صغيرةٍ يأكل ألأبناء فيه بعضهم بعضاً!؟
لا يُمكن أن يستقيم أمر قوم لا يفقهون سُنن ألحياة و طرق ألمحبة و آلعشق و (آلأسفار آلسّبعة)!؟
و تلك سُنّة الحياة .. بل سُنّة ألتأريخ و وعد آلمرسلين .. و طريق آلعدالة آلألهيّة آلّذي لا تعرفون شيئاً عنه للأسف أيّها آلعراقيّون .. لأنّكم قضيتم آلعمر كلّهُ بآلتّفاهات و آلحروب و الخُزعبلات و آلتّنابز بآلألقاب و آلدّس و التّخريب و كتابة ألتقارير بعضكم على بعض,(لا تنس بأنّ "ألغيبة" تعني كتابة تقرير)؛ يعني (قتل نفس)!
هل سألتُم أنفسكم يوماً:
ماذا خلّف آلبائسون حين كتبوا آلتّقارير و ظلموا آلنّاس و تنابزوا بآلألقاب!؟
أين آلمُتكبرون!؟
أين الصّداميون!؟
أينَ مَنْ كان قبلهم يظلمون!؟
أينَ مَنْ جاء بعدهم يسرقون!؟
كلّهم ذهبوا وسيذهب آلبّاقون .. ليُواجهوا ربٍّ حكيمٍ عادلٍ جبّارٍ قويّ لا تفوتهُ حتّى آلهمسة و الّلمّزة و آلنّظرة و ما تُخفي آلصّدور, ناهيك عن آلظلم و آلقتل و آلكذب و آلنّفاق و آلسّرقات!؟
و يا ليتكم تفقهون يا أهلي ما معنى نظرةٍ مُخيفةٍ .. مُجرّد نظرةٍ مُخيفةٍ بعصبيةٍ من إنسانٍ شرّيرٍ لأنسانٍ آمن!؟
إنّها قد تُسبّب لهُ و لكُم و للآخرين محنٌ و مشكلاتٌ و تبعاتٌ .. إحداها تجرّ آلأخرى إلى يوم آلقيامة!؟
لذلك حطموا كلّ ثقافة ألماضي آلّذي ورثتموهُ .. ثمّ توبوا و تَطهّروا .. و إعملوا آلصّالحات, و تعلموا العلم و آلفقه ألصّحيح!
ليُمكنكم آلأنطلاق إلى حياة جديدة آمنةٍ تختلفُ كلّياً عمّا كُنْتُم عليه سابقاً و حتّى آلآن .. و هذه هي آلبداية ألصّحيحة لحياةٍ سليمةٍ سعيدة!
سامحوا كلّ مَنْ تتصوّرون بأنّهُ أخطأ في حقّكم أو إعتدى عليكم ..
لا تَشُكّوا في نسائكم و بناتكم و لا تظلموهم لأنها ستنعكس على الأبناء و الأجيال ..
نساؤكم من أنفسكم .. هُنّ لباسٌ لكم .. فهل تعرفون آلتفسير  الصحيح لهذا المعنى!؟
لا تُصرفوا آلعمر بمراقبتهن و كأنّهن مُتّهمات من آلأساس, لأنّ هذا من فعل الشيطان و وساوسه!
و ستُسبّب إنقلابهن و ثورتهن آلتي لا تستطيع كلّ جيوش العالم من مقاومتها لو قامت!؟
لا سبيل للحياة و آلمحبة و آلسّعادة و آلوفرة غير آلسّماح و آلمغفرة .. بعضكم لبعض مهما كانت ألأسباب و هي بسيطة في النهاية ..
فآلعفو و السّماحة هي آلمقدمات الصحيحة آلتي وحدها تسنح لكم مُتّسعاً من آلزّمن و  طريقاً سوياً مُعبّداً لتكملوا من خلاله شوط الحياة بسهولةٍ و يسرٍ و بشكلٍ جميلٍ لا يُوصف و بسرعةٍ قياسيّةٍ و بزمن برزخي ..
أرجوكم جرّبوا ذلك و لو مرّةً ..
لأنّكم لا تعيشون سوى مرّة .. و من آلحيف أنْ تعيشوا في جهنم آلشّك و العنف و آلأرهاب و آلدّكتاتوريّة و ضيق الأفق!؟
فقد جرّبتم غيرها كما آباؤكم حينَ تعدّدت آلهتهم و أوّلها أنفسهم .. و ما كانتْ لها جدوى سوى آلمآسي و آلمحن و آلبلاء و آلخصام و آلقهر و آلفقر – ألمعرفي خصوصاً – و في آلنّهاية ألموت بذّلةٍ و حسرةٍ!

فلا تنهو أعماركم بآلقيل و آلقال و  آلحسد و آلبُغض و آلغيبة و آلشّك و آلدّسائس ألّتي تضرّكم من قبل أنْ تضرّ غيّركم .. فأنّها لا تخدم سوى أعوان آلشّيطان من آلأعداء و  آلمنافقين و آلمُنحرفين بآلدّرجة الأولى .. و لا تتركوا آلأمر بآلمعروف و آلنّهي عن ألمنكر بِشرطها و شروطها بعد هذا .. فيتسلط عليكم شراركم و منْ لا يرحمكم!
و لا حول و لا قوّة إلا بآلله ألعليّ ألعظيم.                                                  المخلص لكم : عزيز



 

 

 

 

 

ألثقافة العربية؛ بين آلانغلاق و آلأنفتاح!


لأنحطاط ألثقافة ألعربيّة؛ أسبابٌ نجهلها أو نتجاهلها, و سبب آلتجهيل هو أننا أصبحنا لا نهتم للأمر, بل همّنا آلأول و آلأخير إنحسر في سَوْق كلّ شيئ حتى آلعلم – بآلطبع ألشهادة – و ليس آلعلم ألحقيقيّ حيث لا وجود له.. بإتّجاه نيل ألمناصب ألعشائريّة و آلسّياسيّة و الأداريّة, و بآلتّالي تسطحت آلأفكار و أصبحتْ ألأكثرية لا تفقه شيئاً من الحياة!

(حكمة بليغة) كانت ختام مباحثنا في (فنّ ألكتابة و آلخطابة) قبل أيّام, لم أجدها في ثقافتنا ألعربية -آلمُنحطة .. بل وجدتها في سلوكنا بشكل عمليّ حيث كمؤشر للظلال في واقعنا و سلوكنا الثقافي و تعاملنا الأجتماعيّ في واقعنا أليوم!
و هي:

IF YOU CAN’T FIND SOME THING TO LIVE FOR, THEN YOU BEST FIND SOME THING TO DIE FOR.
[إنْ لم تقدر على إيجاد شيئ تعيش لأجلهِ, فآلأفضل ألبحث عن شيئ تموت لأجلهِ!]

هذه آلحكمة اللطيفة رغم أنها تدفعنا و تحثّنا بقوّة لطلب ألعلم و آلأبداع و آلأجتهاد ألحقيقيّ في مجالات الحياة .. أو الموت بدونها؛ إلّا أننا نرى بأنّ العرب لم يلتزموا سوى بالشطر ألثاني فيه للأسف و لسوء العاقبة, بسبب فقدان ثقافة الحياة و التمدن من وجودهم!

و ما يفعله داعش و آلسلفييّن اليوم هو: لكونهم لا يمتلكون شيئاً من العلم و التقوى و الفنّ كي يعيشوا لأجله في آلحياة بسبب عقيدتهم التكفيرية المنحرفة!

و رغم إن آلأسباب التي أدّت لما نحن عليه عموماً مجهولة للكثيرين, خصوصا لو قارنا وضعنا مع أوضاع آلكثير من الشعوب و الأمم .. إلّا أنّه من آلمُمكن الكشف على الأقل عن ملامحها و آلأعتراف بأنّ روّاد أدبنا ألعربيّ – ألأسلاميّ – ألقديم و آلمُعاصر منذُ "ألمُعلّقات ألعشر" و حتّى يومنا هذا و تألق آلآيات ألعظام من جانب و داعش والقاعدة في آلجانب آلآخر .. ألذين لم يُحقّقوا شيئاً, بل حرّفوا رسالتنا الأسلامية – آلأنسانيّة و صاغوها بحسب منافعهم و عقولهم ألضّيقة!!

لذلك طغتْ ألفوضى و آلغرور و آلأنا و آلعُنف و آلحرب و لغة ألأستغلال و آلقوّة و آلمؤآمرة و آلهجوم و آلقتل و آلقنص و آلذّبح و آلعشائريّة على علاقاتنا و ثقافتنا و تأريخنا, و لعلّ آلأنقلابات و آلمذابح و آلكَومات آلتي تكرّرتْ و تتكرّرُ كلّ يوم في حاضر بلادنا خصوصاً في آلعراق و آلشّام و آلخليج و مغرب آلوطن و مشرقه خير دليل على هذا آلنّتاج ألمعكوس من آلفكر ألأستغلالي ألجاهليّ ألمُتوحّش الذي تركه السابقون و عمّقه الحاضرون حتّى تعمّم و إنتشر على كلّ صعيدس و في كلّ مكانٍ في بلادنا ألعربيّة.

و بإجراء مقارنةٍ أوليّةٍ بين أدبنا و أدبيّاتِ ألثّقافات ألأخرى كآلفارسيّة و آلصّينيّة و آلهنديّة و الأنكليزيّة و حتّى آلبربريّة نرى أنّ هناك فوارق كبيرة بينهما في آلمنشأ و آلمنحى, و رغم أنّ إختلاف آلثقافات شيئٌ طبيعيّ تعود لعوامل عدّة ليس محلّ بحثنا هنا .. لكنّ آلمعيار ألأساسيّ ألمُشترك ألّذي يُميّزها عن بعضها؛ هو مدى قرب و تناغم تلك آلثقافات مع قلب و وجود ألأنسان و بآلتالي سوقها في عمليّة ألبناء ألحضاريّ و آلأنسانيّ ألّتي باتتْ آليوم ألمعيار ألأوّل في تقييم ألشّعوب, و يأتي آلدّين(ألأخلاق) ثمّ آلأدب في مقدّمة ألعوامل آلتي تُشكّل و تؤطر ثقافة من آلثقافات.

(ألأدبُ ألحقيقيّ) هو ذلك آلذي يستطيع أنْ يستنهض كوامن ألأبعاد ألأنسانيّة و مشاعر آلمحبة و آلتواضع و آلأخلاص في وجود و ضمير ألأنسان و آلمجتمع لنشر آلأمن و تفعيل آلكرم للتوجه بآلتوازي نحو معرفة أسرار ألوجود و فلسفة خلق ألأنسان من أجل بناء الحضارة الأنسانية.

و إنّ (آلأدبَ ألأسمى) ألّذي يتقدّم و يرتقي على (آلأدب ألحقيقيّ)؛ هو ذلكَ آلأدب ألّذي يُحقّقُ "الآدميّة" في وجود آلمجتمع بغضّ ألنّظر عن القومية و آلجنسية و آلمذهب و آلدّين و آللغة, و هذا آلنّوع من آلأدب ألأسمى هو آلذي سيكون رائداً في حركة آلمُجتمع ألبشريّ كَكُل عاجلاً أو آجلاً, و هو آلذي سيُنهي نتيجة ألمعركة ألدائرة في صراع ألحضارات بين آلأمم آلتي وراء كلٍّ منها ثقافة مُعيّنة و خصوصيات تكوينة معقّدة!

لا خير في أمّة تسير بلا بصيرة و أخلاق و أدبٍ هادفٍ لتحقيق ألعدالة و آلمساواة و مكارم الأخلاق لبناء ذات الأنسان و إحياؤه من أجل كشف أسرار آلحياة و الأرض و التكنولوجيا!

- ما فائدة ألسّياسة .. بلْ كلّ حكومات ألأرض ألتي هي نتاج آلفكر "ألبشريّ" في نهاية ألمطاف .. حين لاتهدف لما أشرنا .. بل بآلعكس تكون سبباً للخصام و آلحروب و آلأستغلال و آلتّرفع و آلطبقيّة!؟
- ما فائدة آلأدب حين يكون مصدراً للعنف و آلتّسلط و آلقسوة و نبذ حقوق آلأنسان و آلمرأة و آلأطفال!؟
- ما فائدة ألدِّين حين يكون سبباً لتفريق شمل ألأمّة و تقسيمها إلى مذاهب و كيانات و أحزاب!؟
- ما فائدة مؤسسات ألدولة و قوانينها؛ حين تكون بؤراً للظلم و آلتّميز ألكبير في آلحقوق و آلمُخصصات و آلحمايات و آلحقوق ألطبيعيّة!؟

لم أعد أستسيغ تلك آلمقولة ألصّفراء من آلطفيليين و أهل ألبدع و آلنفاق و آلمصالح الخاصة .. [بكون آلدِّين طاهرُ و صحيح و لا إشكال فيه أو عليه .. لكنّ آلمشكلة في آلمُعتنقين لهُ]!؟

و سؤآلنا آلأول للقائلين بذلك, هو:

أيّ دين هذا؟
ما هي خصوصياته؟
هل تعرفه يا من تُعرّفهُ؟
أين آلدّليل في معرفتك؟
بل نقول بآلعكس .. من حيث أن أكثر من مليار مسلم من ذوي اللحايا و الدشاديش الطويلة يلتزمون بدينٍ جاف متحجرٍ يأمر بآلظلم و القسوة و التنفر و الأنتقام تكفير الناس و يسعون من خلال خلاياهم في داعش و النصرة والقاعة و من ورائهم الوهابية من تدمير كل القواعد الأنسانية و الاسلامية في العالم!
هذا هو واقع الدِّين الذي عرفه آلناس اليوم في بلادنا العربية!

لا شكّ إنّ آلدّين نظيفٌ و طاهرٌ حين نزلَ من آلسّماء كماء آلزّلال .. لكنّه و بعد ما إختلط بطين ألأرض و آلأنفس تغيير لونه و طعمه و رائحته, و لم يعد ذلك آلدِّين آلحق حقاً كما آمن به آلأمام عليّ(ع) و طبّقهُ بكلّ حذافيره!

و بما أنّه لم يعد وجود حقيقيّ للدِّين من دون آلمتديّنيين ألمُتمسكين به من حيث أنّ آلأسلام ألذي هو خاتم ألأديان محفوفٌ بآلمسلمين, و هكذا بقية آلأفكار و آلعقائد, لذلك يتجسّد آلفكر من خلال ألحاملين له و المُدّعين إليه على أرض ألواقع!

من هنا و بعد آلحقب التأريخية ألسّوداء آلتي خلّفتها الحكومات ألظالمة التي إدعت الأسلام و منذ وفاة الرسول(ص)؛ تكرّرت آلدّعوات لقراءة جديدة له و أعادة جذريّة في ألأسس المعرفية للأسلام و بآلذات (أصول ألعقائد) الأسلاميّة ألّتي لا تقليد فيها و هي على آلأكثر خمسة(1), و آلسّعي لمعرفة آلآداب و آلقيم آلأخلاقيّة ألّتي أراد آلقرآن بيانها, بإعتباره ألكتاب ألخاتم ألّذي قرّره ألباري تعالى لهداية آلناس نحو آلتواضع و الأستقامة و المحبة و آلأنصاف و العدالة لتحقيق حالة الآدمية فيهم لا غير!

لا جدوى و لا هدف في أصدار فتاوى مكرّرة في"آلعبادات" و "المعاملات" ألفقهية ألمُتحجّرة إنْ لم تُحقّق في آلمُقلَّد أولاً ثم آلمُقلِّد ثانياً؛ حالة ألتّواضع و آلعدالة و آلأستقامة معاً وهيهات ذلك, لكون العبادات المجردة الخالية من الروح و الحركة لا أثر لها في قلب الأنسان, و لا يُمكن أن تكون مؤثراً و فاعلاً خصوصاً حين يتعلق الأمر بموارد و خيرات و أموال و كرامة ألأمة ألتي يشترك فيها آلجّميع بآلتّساوي!

بمعنى لا يجوز إطلاقاً أن يتمتع ألفقيه أو ألحاكم أو المسؤول ألتّابع بحقوقٍ مضاعفةٍ و إمتيازات إستثنائية بآلمقارنة مع حقوق العامل أو المقاتل أو أيّ كان من أبناء الوطن الواحد على الأقل .. إن لم نقل كلّ آلأمّة!
و لنا في حكومة آلأمام عليّ(ع) بآلأمس مثلاً على ذلك و كذلك في حكومة الدولة الاسلامية المعاصرة اليوم مثالاً حياً لكلّ المعاصرين.

من هنا يُمكن لأيّ عقلٍ بسيط أنْ يكتشف بسهولة حالة ألنفاق – ألّتي هي أسوء صفة في آلأنسان – و آلتي قد يتصّف بها سياسيونا أو مراجعنا أو حُكّامنا ألمُدّعين للدِّين و ذلك بمقارنة أوضاعهم الأقتصادية و الأجتماعية مع آلرّعيّة (ألأمّة) في آلجانب ألمقابل .. حيث إن مقدار الظلم يكون كبيراً بقدر آلفوارق ألطبقيّة و آلأجتماعيّة و آلأقتصاديّة ألجليّة بين آلطرفين!

لا يكون ألأديب أديباً و من ثم فقيهاً فمرجعاً فإنساناً و من ثمّ أماماً للأمّة ما لمْ تتحقّق في وجوده حالة ألآدميّة, و هذا هو آلمعيار الألهي ألذي أشار له تعالى حين كرّم بني (آدم) و لم يقل بني(بشر) أو بني(انسان) ثمّ سخّر له كلّ شيئ(2) بجعله أكرم آلمخلوقات و خليفة له في آلأرض, فهل يا تُرى تحقّقت آلآدمية في وجود من يدّعي آلدِّين و آلمرجعيّة و هم يعيشون في عالم يختلف كلّياً عما يعيشه معظم أبناء الأمة الأسلامية و على كلّ صعيد خصوصاً ألمادي و المعنوي و آلعلميّ, بحيث إبتكروا بأنفسهم مصطلحات تشمئزّ منها نفس كل أنسان و ليس آلآدمي فقط, و أبسطها إطلاق صفة آلخواص و (آية الله) على أنفسهم و صفة العوام(ألجهلاء) ألّذين ليس لهم نصيب من آلعلم بنظرهم, يضاف لذلك أرصدتهم المليونية في بنوك اليهود!!؟؟

لذلك كلّه لا مرجعيّة حقيقيّة للأسلام العلوي ما لم يصل دعاتها مرحلة ألآدمية كما كان آلصّدر ألأول(قدس) و آلأمام ألخميني(قدس) و من تابعهم من أحفاد سلمان الفارسيّ(ألمحمدي) كآلفيلسوف بهشتي و مطهري و شريعتي ألذين تحقّقت في وجودهم حالة آلآدمية!

و قدْ بيّنّا في "مقالاتنا" ألسّابقة و بحسب تقريرات الله سبحانه و تعالى و كما جاء في كتابه العزيز .. الفرق ألمعنوي ألوجودي بين كل فئة و صنف, حيث هناك فوارق كبيرة بين:

ألبشريّ(ألبشر),
ألأنسانيّ(الأنسان),
ألآدميّ(آدم),

بل يعتقد بعض العرفاء الكبار من أمثال السيد عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم بأن بلوغ مرحلة الآدمية شيئ غير ممكن(3)!

و لعلّ قائلٍ يقول – خصوصاً ألمتعصبين ألدّينيين ذوات ألبعد الواحد في آلتعامل و آلتّعاطي في الحياة؛
(بأنّ ألأسلام و بآلذّات (ألقرآن) و (نهج ألبلاغة) هما أمّ و مصدر ألآداب و آلبلاغة في آلوجود, و لا حاجة لنا بغيرهما, و كما أكّد و أفتى بذلك ألخليفة ألثّاني عمر بن آلخطاب, حين قال بعد فتح بلاد فارس في معرض جوابه على إسْتفتاء قائد جيش المسلمين .. حول مصير ألمكتبة ألمركزيّة للأمبراطوريّة ألفارسيّة ألتي غنموها بعد آلحرب!؟

فكان جواب عمر على ذلك آلسؤآل هو:

[هناك أحتمالان؛ أمّا أنْ تكونَ تلك آلكُتب موافقةً لرأينا أو مخالفة, فلو كانتْ تُخالف رأيْنا فلا حاجةَ لنا بها, و إنْ كانت مُوافقةً لرأينا فحسبنا كتاب الله, و في كلتا آلحالتين لا حاجة لنا بها و عليكَ بإحراقها جميعاً و آلسلام]!

هذه آلنّظرة آلضّيقة و آلثّقافة آلجّاهليّة سبّبتْ تحجيم عقول أكثر ألعرب و ألمسلمين شرقاً و غرباً و أسّست لثقافةٍ منحطةٍ وعصبيّات مقيتة مختلفة تغلغلتْ و إمتدّت في عقول ألعرب و ألسّلفيين بشكلٍ خاصّ و أدّت بآلتّاليّ إلى ما نحن عليه أليوم, من تمرّد على كلّ آلقيم و آلآداب و آلعلوم و آلتّجارب آلأنسانيّة و آلعلاقات ألأجتماعيّة بحيث باتَ هضم حقوق ألنّاس عندنا ليس فقد شيئاً عاديّاً بلْ يتقرب القائمين بها إلى الله بتصورهم!

أمّا آلمرأة في ثقافتنا فما تزال عورةً و يهضم حقوقها بشكلٍ سافرٍ, بينما تُعتبر رمز آلجّمال و محور آلمحبة و آلوئام ليس فقط داخل ألعائلة بلْ في كلّ ألمجتمع .. بلْ تُمثّل بوجودها و دورها (كلّ آلمجتمع) بحسب ألتّعبير ألأدبيّ ألرّاقيّ لأمام ألأمّة ألرّاحل ألخُمينيّ ألعظيم(قدس) حين قال: [إذا كان آلرّجل نصف آلمجتمع فأنّ آلمرأة هي كلّ آلمجتمع].

و آلعجيب أنّ ألمُدّعين آلجّهلاء من آلشّيعة و آلسُّنة و على رأسهم ألسّاسة و آلحاكمون و آلفقهاء و بسبب ما أشرنا لهُ؛ يأكلون آلحرام و يهدرون حقوق آلناّس و يدعون بجانب هذا بألسنتهم و بلا حياءٍ للقرآن و لمذهب أهل ألبيت(ع) و نصرة الدّين و حقوق الناس .. ناسين أو مُتناسين بأنّ الله تعالى يمقت آلذين يقولون ما لا يفعلون, و يغضب و ينتقم من آلذين يعملون بعكس ما يقولون!

أمّا آلمذاهب الأسلاميّة الأخرى فأنّها وصلتْ حداً إعتبرتْ معها تفجير و قتل و ذبح ألآدمي ألذي أكرمه الله تعالى لمجرد آلرأي؛ قربةً لله و كأنّهم يذبحون آلكبش أو آلدّجاج!

لا خلاف بين أهل ألبصيرة و "أهل ألقلوب" بأنّ آلقرآن و سنّة آلرّسول(ص) و أهل بيته ألكرام(ع) قد جمعا معاً أسرار ألوجود و آلقيامة و ما بعدهما, أيّ علم ما كان و ما سيكون, و هذا شيئ صحيح لختمية ألرّسالة؛

لكن مَنْ فسّر آلقرآن أو نهج ألبلاغة على حقيقتها .. و كما هو آلمطلوب في آلمنهج آلألهيّ ألأصيل!؟

لا أحد حتّى يومنا هذا تمكّن من ذلك .. بلْ آلمُصيبة إنّ (حوزتنا ألصّامتة) ألّتي تدّعي خط "ألرّسالة ألأسلاميّة ألأصيلة" قد أجرمتْ بحقّ ألقُرآن الذي هو الثقل آلأكبر و أهل ألبيت(ع) الثقل الأصغر ..مُدعية الزهد و آلأستغناء في الظاهر بينما تمتلك أرصدةً و نساءً و أبناءً و أحفادً و تسميات كاذبة لا يمتلكها سوى شيوخ الوهابية في الخليج, خصوصاً إذا علمنا بأنّ "آيات الله ألعظام" في النجف الأشرف بحسب إطلاق ألقاعدين ألجّهلاء عليهم تسمية "آلمرجع الأعلى"؛ إعتبروا بأنّ من يجهد نفسهُ لتفسير ألقرآن يكونُ بمثابة ألمُضحيّ بنفسه بلا عوض .. أيّ لم يستفد من وجوده طبقاً لإسلامهم, و كما يظهر ذلك من خلال مباحثات ألشيخ ألفيلسوف ألمطهري مع آية الله العظمى السيد الخوئي أثناء زيارته للنجف في نهاية الستينات و تعبير آلأخير بحقّ آلعلامة ألفيلسوف الطباطبائي صاحب تفسير الميزان(4).

إذن الأدب ألحقيقيّ أيها آلأخوة؛ هو آلأدب ألّذي يُحيّ قلوب و ضمائر ألنّاس و ينشر ألمحبة و آلوئام و الأنسجام و آلأدب أينما كان و من أيّ إنسانٍ مبدعٍ و بأيّة لغةٍ كانَتْ ..

فيا أيّها آلناس؛ إنفتحوا على آداب ألأمم و ثقافاتها و خوضوا آلأسفار, خصوصاً في آلأدب ألفارسيّ و آلأنكليزيّ ثم آلصيني و آلهنديّ(5) و غيرها!

لأنّ ألمثقف لا يكون مثقفاً .. و آلأديب لا يكون أديباً .. ما لم يُقارن ألآداب بعد معرفة لغتها و فنونها و آلياتها و أهدافها و بآلتالي كشف علّة تباين آلثّقافات و غاياتها آلسامية!

فمن من أساتذتنا و فقهائنا التقليديون يعرف ذلك!؟

أمّا (آلمُفكر) و (آلفقيه) ألحقيقيّ ألمُخلص .. فلا نتكلّم عنه, حيث لا وجود لهما في أمّة ألعرب ألنّائمة للأسف, و لا جدوى آلآن للتحدث عنهم و عن خصوصياتهم, و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم!
عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أصول الدين: التوحيد – العدل – النبوة – ألأمامة – ألمعاد!
و لا تتحقق في وجود الأنسان تلك الأصول ما لم يتجنب التقليد أولاً, ثم يبدأ بآلسفر لعبور المحطات السبعة:
الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الأستغناء – الحيرة – الفقر و آلفناء
(2)[و لقد كرّمنا بني آدم و حملناهم في آلبرّ و آلبحر و رزقناهم من آلطيّبات و فضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا] سورة ألأسراء / 70.
(3) يُحكى أن آية الله العظمى السيد عبد الكريم الحائري مؤسس ألحوزة العلمية في قم قبل أكثر من قرن .. قد أعطى لأحد تلامذته بعض المال للزواج, و كان طالبٌ آخر قد سمع بتلك آلمساعدة, فذهب هو آلآخر إلى السيد و طلب منه بعض المال, لكن السيد إعتذر قائلاً له؛ لا أملك شيئاً آلآن, فأنزعج الطالب من ذلك, و كرّر سؤآله في فترة لاحقة و لكن دون جدوى, و ما كان من الطالب إلا أن بدأ بطعن السيد كلّما رآه في مكان خاص أو عام بآلقول: [ عالم شدن جه آسان إنسان شدن جه مشكل] و تعني: [ من السهل أن تكون عالماً و من الصعب أنْ تكون إنساناً], ممّا يعني بأنك يا "سيد عبد الكريم", أيها العالم الذي ترأس هذه الحوزة لست بإنسانٍ .. بل شيئ دون ذلك.
و في أحد الأيام و بينما كان السيد يمرّ من السوق لحقه ذلك الطالب و كرّر جملته المشهورة تلك(من السهل أن تكون عالماً و من الصعب أن تكون إنساناً], فناداه آلسيد عبد الكريم الحائري, و همس في أذنه قائلاً:
دعني أصحّح لك العبارة: [من آلسّهل أن تكون عالماً و يستحيل أن تكون إنساناً].
و إعلم بعد هذا بأنّ مرحلة الأنسانية .. هي المرحلة التي تسبق مرحلة (ألآدمية), فتفكّر أيها الأنسان .. حالك الذي فيه؛ متى تصبح إنساناً و ليس شيئاً آخر بحسب تقريرات العلماء الصالحين كما أسلفنا!!؟؟
(4) راجع "ألمحاضرات ألعشرة" لآية الله ألفيلسوف مرتضى ألمُطهري, بآلفارسيّة.
(5) تصور كمْ هبط و أنْحطّ مستوى آلعلم و آلأدب و ألثقافة ألعراقيّة و آلعربيّة؛ حيث ما زالوا يستخدمون صفة "الهندي" على آلبلهاء و الصادقين ألبسطاء كصفة لذمّهم و تحقيرهم, بينما الحديث يقول: (اكثر أهل الجنة من البلهاء), يُضاف لذلك بأنّ آلهنود تطوروا و سبقونا في كلّ شيئ رغم عدم إمتلاكهم للخيرات و للموارد الطبيعية كما نحن, و من هذا يُمكنك تُقيّم وضعنا آلثقافي و العلمي ألمبتذل و ما وصلنا إليه على أرض الواقع.

Monday, December 20, 2010

مأساة الحسين (ع) بين جفاء الشيعة و ظلم السنة

مأساة الحُسين
بين جفاء الشـــيعة و ظلم السُـــنّة
مقدمة المأساة :ـ

قبل عالم الذّر .. بستة آلاف عام ..أبْرمَ الباري ميثاقاً مع الحُسين (ع) ليكون قدر الكون الذي سيتحدى به رب العباد أصل الشر الذي سيظهر في الكائنات حتى الملائكة بسبب رئيسهم ألشيطان الّلعين و الذي سيُخلع من منصبه, عندما يَعترض و من معهُ على خلق آدم لاحقاً : (قالوا أ تجعلُ فيها من يُفسد فيها و يَسفك الدّماء و نحن نسبّح بحمدك و نقدّس لك)؟ فكان فصل الخطاب الألهي مباشرةً مع أؤلئك المُعترضين على خلق أبونا آدم (ع) ألذي سقط في الأمتحان ليكون إيذاناً بالبلاء والمحنة للأسف (فعصى آدم ربه فغوى), و لولا توبته لكان من الخاسرين - و كان فصل الخطاب آية إحتوتْ الكثير من آلأسرار الغامضة : (إنّي أعلمُ ما لا تعلمون).

فما الذي كان يعلمه الله؟ و ما هي أصل القصة (ألمحنة) التي ما عرف لا الشيعة و لا السنة ناهيك عن أصحاب الكتب السماوية – تفاصيلها و أسرارها الموثقة؟

بعد أنْ أتمّ الباري تعالى خلق أهل الكساء ألخمسة كما إستنبطنا من الروايات و آلأحاديث والقرآن الكريم, قال تعالى للحسين (ع) : أريد تجلّياً في هذا الوجود العظيم بظهورٍ يليق بوجهي و مقامي فيه, لردم الشر الذي بدأ الشيطان يكتنفه ! فهل لك يا شُبّير (ألحسين) أنْ تكون لها؟

أجاب الحسين (ع) غير مبالياً و بكل بساطة : سمعاً و طاعة .. إنّه من دواعي الفخر و آلأعتزاز أنْ أكون أنا الذي منْ سيتحمل تلك الأمانة التي تبدو أنّها عظيمة جدّاً! لكن منْ أنا مُقابل عظمتك يا خالقي و ربيّ حتى تستشيرني بالرّفض أو القبول؟
ثمّ أنهُ معيَ منْ هم أولى بهذا الأمر العظيم كجديّ و أبي و أميّ و أخي, فلماذا وقع التقدير علينا؟

و ما هذا الأمر الذي يحتاج كلّ هذه المُقدمات و آلأذن و آلتحضير و أنت القاهر فوق الخلق و الكائنات و الوجود؟

أجابَ تعالى : سأخلق بشراً من صلصالٍ من حمأ مسنون, و سيكون هناك مراتب و أحداث و محن, و الكثير منهم سَيَكْفرون و يستكبرون, لأنّ الذي يُقدسني حتى هذه اللحظة ذو شأن عظيم, هو رئيس ملائكتي , و قد عبدني أربعة آلاف عام و ما يزال, إلاّ أنه سيختار طريقاً آخر لأستكباره مُتأملاً نيل ما ليس من حقّه, بعدما أصيب بالعُجْب, و هو ماردٌ أقسمَ على غواية العباد إنتقاماً, لأني شئْتُ أنْ أجعلكم خلفائي في هذا الوجود بعدما أثْبَتّم صدقكم و وفائكم لي من قبل, لذلك سيسعى بكلّ كيده كي يعلو عليكم و على أتباعكم, مُحاولاً إثبات موقفه تكبّراً و علواً أمام إرادتي, و ستكون أنت يا حُسين من يتصدى لهذه الأمانة العظيمة لإثبات حقيّ بمشيئتي, و سيأتي دورك بعد خيانة القوم لجدّك و أبيك و أمك الزهراء و أخيك شبر (ألحسن), حيث سينقلب القوم على أعقابهم, لكن يومك سيكون غريباً على أهل السموات و الأرض, و وحدك من سيتحمل أمانتي و صورتي الحقيقة للأجيال في الوجود بعد شهادتك الكونية المباركة, لتكون مثلاً أعلى للأنسان الكامل ألذي وحده سيعرف سرّ الوجود عبر الأزمان و آلأكوان, و ليس هذا فقط بل ستكون مفسراً لآياتي حيث سيعلم الكائنات تفسير : { إني اعلم ما لا تعلمون} و لا يبقى بعد ذلك من لا يعرف السرّ و المعنى!
قال الحسين (ع) ما آلأمر يا معبودي ؟ و قد شغل وجودك وجودي, و هواك هواي , فهل لي الخيار مقابل خيارك و أنا العاشق المتيم؟
و هل سينقلب الكون بعد إنقلاب القوم على أعقابهم بعد رحيل جدّي ألذي هو أمينك و حبيبك و خاتم رُسلك و أنبيائك ؟
قال تعالى : نعم هو كذلك لكنّك ستكون ناجياً و حائلاً عن وقوع هذا الأمر العظيم ؟
قال الحسين (ع) إذن و الله فُزْتُ فوزاً عظيماً.
قال تعالى هو كذلك , لكنك ستقتل و يقطع رأسك ثمناً لذلك!
قال : و عزتك و جلالك إنها أهون ما يكون عليّ ما دام في رضاك!
ثم أعقب تعالى : لكن يا حسين ؛ ليس هذا فقط , و إنما أصحابك الأوفياء و أهل بيتك الأبرار و هم خير البرية سيقتلون أمامك بإبشع صورة .. هنا أعقب الحسين بالقول : و هل ذلك سيكون يا إلهي برضاهم أيضاً أم مُجبرون عليه؟
قال تعالى : بل بكامل رضاهم و إختيارهم, ثم قال تعالى : لكن يا حسين؛ لا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ ! بل سَيَقِتِلُ القومُ إخوتكَ و أوّلهم قمر الكونين أبا الفضل العباس.
قال الحسين: لقد عرفت هذا فقد أخبرني للتّو أبي, و كأنهُ يُواسيني, و تَعَهّدَ بأنْ يكون أخي العباس من خيرة الأصلاب قوياً شهماً ليدافع عني في تلك الواقعة.
فقال تعالى : نعم و هو كذلك.
ثم قال تعالى : يا حُسين عَلَيّ أنْ أُخبركَ بشئ مَهيب و إنْ كانَ يحزّ في نفسي قوله؛ لكني أنا الله المَلكُ الحقّ المُبين و عليّ بيانه و هو :إنّ فصول المحنة لا تكتمل حتى يستشهد أصغر جنديّ معك لتكون واقعة الطف و هو إبنك الرضيع عبد الله.
هنا نَظرَ الحُسين و قد تمالك وجوده المقدس شيئاً من التوجس و التّرقب قائلاً : يا إلهي أ وَ يكونُ ذلك حقاً, لأنّ الطفل في كلّ المقايس و الأحوال لا ذنبَ عليه؟
قال تعالى : إيّ و عزّتي و جلالي, بلْ إنّ أعوان الشيطان سيُقطّعونَ جسدكَ إرباً إرباً و سَيَسْبُونَ حرَمك و عيالك, و سَيَلْقونَ منْ بعدكَ الكثير من الأذي و الغربة و الذلة؟ لأنّ تلك الشهادة ستفصح عن الحق, و هي العَلَمُ الذي سترفعها من بعدكَ أختك زينب.
قال الحسين (ع) رضاً برضاك صبراً على قضائك لا معبودَ سواك .. إقضِ ما أنتَ قاضٍ, ستجدني إنشاء الله من الصّابرين.
و هكذا قضى الله أمراً كان مقضياً

فصول ألمأساة :ـ
سلام على روحكِ الطاهرة يا أمّاه ..و أنا أعيدُ ذكراكِ مع عاشوراء الحسين (ع) .. ما زالت همساتك الحزينة تُراودني, و دموعك تتلئلأ لناظري .. يا من علّمتيني حُبّ الحُسين .. ذلك الحُبّ الحزين .. ألذي سَكَنَ قلبي و كبر معي, ليصير قدري ألذي إحتواني بلا إختيار, حتى أسال مدامعي, و أقرح جفوني, و كم لطمتُ على رأسي و صدري و لعنت الظالمين الذين فصلوا ذلك الرأس الشريف المقدس عن جسده الطاهر أيام عاشوراء من كلّ سنة.

تصوّرت طويلاً أن تلك المأساة وقعت مرةً لتخلد أبداً مع التأريخ في موسم محرم الحرام من كلّ عام و كفى ! و هكذا تعاملنا مع تلك القضية الكبيرة بلّ السّر الأعظم الذي كان سبباً لحفظ الأسلام على الأقل في الأطار الفكري .. و كثيراً ما سألتُ أصحاب المنابر من المُعمّمين الذين كانوا يأتوننا من النجف الأشرف خلال الستينيات و بداية السبعينات من القرن الماضي لأحياء عاشوراء سنوياً بالطرق التقليدية التي إعتادوا عليها - سألتهم عن سبب تكرار مقولة؛ {يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً؟}, و هل نحن الآن خسرنا لأننا لم ندرك الواقعة؟ لكن دون جواب.

لتتحول أكبر قضية في الكون بسبب ذلك التعاطي الخاطئ والمستمر لحدّ الآن مع مرور الزمن إلى مُجرّد مراسم روتينية حتّى تَحكّمَ فيها الطغاة الحاكمين لمآربهم, مُستغلين عواطف الناس الغرائزية و حُبّهم و أندفاعهم نحو آلحُسين (ع) لتثبيت سلطانهم.

كان بيتنا القديم يتحول إلى مأتم و عزاء لأكثر من عشرة أيام ليكون ملتقىً لجميع أهل محلّتنا نُوزّع خلالهُ الدارجين و الشاي و الطعام و السكائر, ثم تعود الحياة لمجاريها بمجرد إنتهاء عشاء الليلة الحادية عشر من شهرِ محرّم الحرام, و التي سُميت بعشاء آلغرباء - كفصلٍ أخير لفاجعة كربلاء, و قد يتذكر الكثير من الأخوة كيف إن رجال الأمن كانوا يجبرون القائمين على تلك المآتم و الحسينيات من تمجيد الطاغية, و منع الشباب دون سن الثامنة عشر في بغداد و ربما المُحافظات من المشاركة في العزاء بحُجّة الحفاظ على هدوء و نظم المكان و قدسية المراسيم.
و هكذا تعاطينا مع أكبر قضية في الوجود بحدود ذلك الأطار التقليدي, حتى سنّ السادسة عشرة على تلك الوتيرة سنوياً, و لم نكنْ نعي حقيقة شهادة الحسين (ع) و أبعاد تلك النهضة الفاصلة بين خط الكفر و خط الايمان .. بين الحق و الباطل .. ألحرية و العبودية - ألتكبر و التواضع بكل معانيها التي ما تزال غامضة في الحوزات و الأوساط رغم مرور القرون عليها.

إسْتمرّ الطواغيت بإستغلال الأنسان مستخدمين ذلك ألنهج التقليدي لأستحمار الناس و تخديرهم للتسلط عليهم, بينما كان يفترض بالنظام الأسلامي - كونهُ شاملاً و كاملاً لجميع مناحي الحياة - أنْ يتقدّم على بقية الأنظمة الوضعية التي كرّست الفساد و الظلم و الأستغلال في آلأرض !

إنّها قضية حياة و موت .. فإمّا أنْ نكونَ مع الحُسين أو لا نكون, و والله حين وَعَيْتُ موقف الحسين (ع) رأيتهُ و كأنّه يعيش معنا حيّاً, و لا يتحسّس ذلك إلاّ الأنسان المُؤمن الصّدوق, حيث تتكرّر تفاصيل عاشوراء معنا كلّ يوم عبر مواقفنا في الحياة .. بل في كل ساعة من خلال تعاملنا و تعاطينا مع مبادئ نهضة الحسين (ع) و تأثيره في واقعنا العملي, و لست مبالغاً إنْ قلت كل لحظة من لحظات حياتنا و في تفاصيل تحركنا و معيشتنا و صدقنا مع الآخرين؛
فالثبات على الصدق مع الذات في زمن الدّجل و الكذب رغم ما يُكلّفنا .. موقفٌ حُسيني بإمتياز ..
و تحمّل أذى الآخرين (ألزوجة \ ألزوج) و الحفاظ على أجواء العائلة و المُقرّبين لتنشئة جيل صالح واعي موقفٌ بطولي و شجاع ..
و مُداراة الناس و السعي لخدمتهم و التواضع لهم, خصوصاً للمُحتاجين و المرضى و أهل الفكر منهم هو موقف بطوليّ مُتقدّم يدلّ على كثرة الثمر الذي يحملهُ فاعله ..
و تعديل نظرتنا للمرأة و التعامل معها أخلاقياً و إنسانياً, كما تعامل معها الحسين (ع) و ذبّ عنها حتى في أصعب و أشد المواقف حراجةً .. يُمثّل قمة التمسك والثبات على المبادئ التي ضحى بنفسه (ع) من أجلها. .
.. و إنّ حفظ صلة الرّحم, و الدفاع عن المظلومين حيثما كانوا و بمجرد سماعنا للظليمة و محاولتنا لأسترداد ذلك الحق المُضيّع بلك الوسائل و الأساليب المُمكنة.. ثمّ السعي لتغيّر المُنكر و إبداله بالمعروف ..
و الحكم بما أنزل الله تعالى بين العباد هو إيثارٌ لا يرقى لمستواهُ شئ ..
و الصبر على الطاعة و المعصية عند تعرضنا لهما ..
و طلب العلم للأصلاح لا للتظاهر و الفخر .. هي غاية رسالة الحسين (ع) ..
و لا تقلّ عن شهادة و موقف أصحاب الحسين (ع) .. بل شهادة و موقف الحسين (ع) نفسه مع فارق العصمة و درجة الأيثار, و لا تَعِيَها إلاّ أذنٌ واعية.

فيا شيعة الحسين .. إن إمامنا المظلوم لم يستشهد لمآرب آنية أو بسبب مواقف عسكرية أو خلافات سياسية بحتة كانت وليدة وقتها كما تصوّر الخطباء و العلماء التقليديون, و لا طمعاً بالخلافة .. إلاّ لإقامة العدل بين الناس, و لا للتظاهر بالعصمة و السيادة و الأمامة إلاّ كونها حقٌ إلهيّ لا دخلَ و لا حقّ للبشر فيها من ناخِبينّ و وجهاء و شيوخ و أحزاب و غيرها .. و إنّ شهادته (ع) كانت علامةً و إنذارٌ لمسألتين أساسيتين يمكننا حصرهما بالتالي :ـ
وعي فلسفة و غاية أحكام الأسلام و تطبيقاتها في واقعنا المعاش على المستوى الشخصي و الأجتماعي أولاً .. و ثانياً رفض الظالمين و آلمتسلطين بالمحاصصة و الأكثرية و الأقلية و الديمقراطية و التكنوقراطية و الملكية و الليبرالية و المصالحة و الوطنية و المهادنة و التكتلات , فجميعها ليس فقط لا تعبر عن حقييقة العدالة و روح الأسلام الحسينيّ .. بلْ تُدلّلُ معالمها و وقائعها التي شهدنا عليها -على ألوان الأنتهازية و التكبر و التسلط و التلاعب بحقوق و أموال الناس عموماً و الفقراء خصوصاً لصالح طبقة الأثرياء و آلأرستقراطيين و الليبراليين و أصحاب الجاه و الخطوط المائلة.

أمّا مسألة الأرتباط بالمُستكبرين فهذا موضوع لا مجال له في قاموس الشرفاء و مُحبيّ الحُسين (ع), حتى لو أقامواالمراثي و العزاء أو تبرّعوا بشئ من المال, بل يُعتبر إصطفافاً مع الظلم رغم كلّ المُدّعيات التي قد يدّعونها كالانتساب للشهداء أو لشيعة الحسين (ع) أو للحسين (ع) نفسه, فذلك كلّه لا يؤدي سوى لتكريس مأساة الحسين (ع), حيث يستحيل أنْ يكون أمثال هؤلاء الحاكمون إنسانييون و منصفون في تعاملهم مع حقوق و كرامة الأكثرية المُستضعفة من الناس بسبب تناقض مواقفهم و لقمة الحرام التي تغلغلت في خلاياهم, و الأموال التي إستثمروها بأسمائهم و بأسماء ذويهم و مُقربيهم, و آلأهم من كل هذا هو عدم إمتلاكهم لرأيهم بسبب تحكم الآخرين به!
كلّ هذا لأنّ مفهوم السياسة و الحكم في فكر الأحزاب السياسية الوضعية و حتى الدينية التي لا ترتبط بولاية الفقيه في دولنا هو؛ أنْ تَهدم وطنك و تسرق الناس كي تبني وضعك و بيتك و حزبك, و كلّنا شاهدين اليوم على أمثلةٍ واقعيةٍ واضحةٍ في إثنان و عشرين دولة عربية مسلمة بالأضافة إلى ثلاثين دولة إسلامية أخرى في بقاع الأرض, بإستثناء الدولة الأسلامية.
الأمام الحسين (ع) كما الأمام علي (ع) أراد الحرية و العدل و الرّفاه و آلمُساواة بين للناس كونهم كأسنان المشط متساوين في الخلق و الأنسانية و الحقوق و لا فرق بين عالم و أمي و عامل و فلاح و تاجر و كاسب و رئيس و مرؤس, لذلك فالحسيني أبداً لا يوافق و لا يُوالي الظالمين الذين يتعاملون بالطبقية و الحزبية و المحسوبية و المنسوبية رغم إنّ شعاراتهم و دين دولهم قد تكون الأسلام في الظاهر - كما هو حال عراقنا اليوم و جميع الدّول العربية - لكمّ الأفواه و إسكات صوت دعاة الحق ألذين يُريدون تطبيق أحكام الاسلام تحت عباءة المرجعية الصالحة ألممتدة من ولاية ائمة الحق من أهل بيت الرسول (ص).

و هكذا فُعِلَ بعد السقوط بأهل العراق ألذين كان أكثرهم يتلّهفُ - خصوصاً ألدّعاة الواعيين - لتطبيق هدف و سرّ ثورة الأمام الحسين(ع) - كي يكون الأسلام دين الدولة بحق .. أحكاماً و تطبيقات و ليس بالشكل و الشعار و الأدّعاء فقط , بل من خلال تفاصيل البنود و المواصفات التي ترد في مواد الدستور الثابت و من خلال سلوك و حياة و أخلاق المتصدين, خصوصاً فيما يتعلق بشخصية و مواصفات الحاكم و القائمين على السلطات الثلاث أو آلأربع (القضاء, ألأجراء, ألتشريع, ألأعلام) و نوع العلاقة بينها و بين وليّ الفقيه و صيغ العمل بينهما, و موقع الأنتخابات و مواصفات المُنْتَخَبين و المشرفين على الدوائر و الوزارات بالأضافة إلى القائد العام للنظام الجمهوري الجديد, و الذي من المُفترض حسب مفهوم آلأمام ألحسين (ع) أن يكون للمعصوم في زمن الحضور و لولي الفقيه ألذي يمثل ألأمام المعصوم في زمن الغيبة, لكنْ لمْ يحصلْ حتّى أقلّ منْ هذا في عراق الحُسين (ع), و الغريب إنّ المرجعيّة نفسها مع إحترامنا لها رجعت إلى عادتها القديمة بينما أثبتت الأمّة وفائها و إستعدادها للتضحية و الوقوف بجانبها على الرغم من جهلها الواضح برسالة الحسين(ع) .. مُضافاً لها ألمواقف الظاهرية الأيجابية للكثير من المسؤولين في النظام الجديد و زياراتهم المنتظمة لها, لكنها إكتفتْ في بداية السقوط بإصدار مجموعة من الفتاوى الإنشائية ألتي إنحصرت مضامينها في (ضبط النفس وحرمة قتل المسلم و الصبر و التأنّي في المواقف التي قد تُتّخذْ) .

و لم تتعرّض مرجعيتنا العتيدة في موقفها إلى تفاصيل القوانين و الأحكام المصيرية و المواقف الشرعية من آلأحداث و المحن التي تعرّض لها البلاد, و من أهمّ بنود القانون الأساسي كأمور القضاء و الولاية و الفدرالية و حقوق و كرامة الناس و التي هي الأهمّ و فوق كلّ شئ, حتىّ بقتْ الكتل السياسية في الحكومة نفسها تتأرجح حسب هواها و تراوح مكانها في إنتخاب و تشكيل الحكومة على مدى عام كامل لأنتخاب المتصدين فيها بين المحاصصة و الاغلبية و التكنوقراط بينما المرجعية لم تُحرّك ساكناً لأنّ حقوقها و رواتبها كانت مُستمرّة و مضمونة , ممّا سبّبت ضياع المليارات (ستون مليار دولار) من أموال فقراء الأمة, لتذهب أكثرها في جيوب أعضاء البرلمان و الحكومة التي لم تقدم ما كان مأمولاً منها, في مقابل تلك الأموال الحرام الكثيرة مع إحترامنا لبعض المخلصين فيها, كما إنّ المرجعية التي تدّعي إمتثالها لخط الحسين (ع) نفسها لم تتّخذ موقفاً واضحاً إلى الآن و لم تتدخل و لم تنطق بحرف مقابل ما يتعرض له كرامة البلاد و العباد في بلد الحسين (ع) إلى الإهانة و الظلم والفساد بسبب أهواء المتسلطين و التدخلات الأجنيبة و عوامل الضغط الخارجي و الدولي و الاقليمي, لتكون بذلك أنها لم تحكم بما انزل الله .. {و منْ لمْ يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون .. هم الظالمون .. هم الفاسقون} (المائدة : 44 و 45 و 47).

لقد إتّخذ المصلحون الثائرون أمثال ألأمام الخميني (رض) و الشهيد ألمظلوم الفيلسوف محمد باقر الصدر (قدس) و معهم الآلاف من المؤمنين الرساليين و المفكرين و العلماء الذين إستشهدوا -إتخذوا الولاية سبيلاً و نهجاً في الحياة بإعتبارها صمام الأمان لإجراء العدالة و آلأصلاح, و هي آلأولى و المقدمة على كلّ العبادات التقليدية الأخرى حسب الرواية المشهورة عن الأمام الصادق(ع):{بُني الأسلام على خمس ؛ على الصوم والصلاة والحج والخمس والولاية و ما نودي بشئ مثلما الولاية} يعني في حالة عدم تَحَكّم الولاية في حياتنا الأجتماعية بكل تفصيل فلا أهمية و لا معنى و لا إعتبار للصوم و الصلاة و الحج و الخمس و العبادات الشخصية و المراثي الحسينية , كما أن حديث زرارة(رض) و حديث أبي خديحة(رض) ألمشهورتان و المقبولتان لدى جميع العلماء - هما ألحكمُ الفصل بين خطابنا و بين خطاب الآخرين من الذين إتخذوا الأسلام شكلاً بلا مضمون , ليكون غطاءاً لمآربهم و شهواتهم و أنانيتهم و تحزّبهم و نهبهم للحقوق للأسف, خارج ولاية المرجعية الدينية المباشرة لأدراة و توجيه عملهم بما يرضى الله تعالى لضمان سيرهم على خطى الحسين (ع), كي يُحصروا بموقفهم هذا جهلاً أو تجاهلاً مبادئ الدين الأسلامي ألف سنة أُخر بين جدران المساجد و بيوت الحوزة التقليدية التي أكل عليها الدهر و شرب, بالطبع هذا الخطاب التقليدي للمرجعية الدينية قد أفرح بالضمن - من باب تحصيل حاصل - إخواننا (الدعاة) عموماً و العلمانيين خصوصاً كي تتفرغ الساحة لهم تماماً ليفعلوا الحلال و الحرام كيفما شاؤوا و حسب أهوائهم و مصالحهم, بعيداً عن الرقابة الشرعية ألألهية ألمتمثلة بمرجع تقيّ شجاع مقتدر فوق رؤوسهم ليحكم بينهم بالحق كوليّ للفقيه, يُوجه و يُحاسب المسؤولين وأعضاء الحكومة و كلّ من تُسول له نفسه مباشرةً أو عن طريق مُمثّلين أتقياء في كلّ المؤسسات و الوزارات و الهيئات العليا في الدولة لخدمة الناس بما يضمن كرامتهم و عيشهم.

أنه لَمِنَ المُؤسف جدّاً جدّاً أنْ يُسنّ دستوراً لعراق الحسين عليه السلام مكوناً من أكثر من مائة و خمسين بنداً لتحديد مصير الأمة المنكوبة فيه و هو لا يحتوي على بندٍ إسلاميّ واحد .. و المصيبة الكبرى و التناقض الفاضح هو التصويت على أنّ الدّين الرّسمي للدولة هو الأسلام كما فعل الشاه المقبور و قادة الدول الأسلامية والعربية و صدام المجرم من قبل!

إن ما ورد في مقالنا هو إمتثالٌ لخطاب الأمام الحسين (ع) و موقفه .. و الذي لا يلتزم و لا يرعى علماء المسلمين التقليديون من أحاديثه - جهلاً أو جُبناً أو تثاقلاً- سوى ما يُوافق مصالحهم و فتاواهم و يؤمن مصادر رزقهم و حياتهم في إطار العبادات و المعاملات الشخصية بحدودها الضيّقة, ليبقى المسلمين مُشردين و مُشتّتين و في العراق بشكل خاص بحيث يكون جاهزاً لكلّ الأحتمالات و المحن لاستمرار تسلط المتكبرين و المجرمين و آلأنتهازيين عليه.

أمّا إخواننا السنة فأن معظمهم ليس فقط لا يعرفون أصل القصة إلى الآن و الفرق بين الأمام الحسين بن علي (ع) ألمظلوم و بين يزيد بن معاوية الظالم, بل الأمرّ من كلّ هذا يقولون : { سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين }, و إنّ المتشددين منهم كالطالبان يقولون سيدنا يزيد بن معاوية المظلوم الغير معروف حقهُ, و لهذا فأننا إنْ لم نعي ثم نجسد مبادئ الحسين (ع) الأصلاحية بعد معرفة حقيقتهِ ؛ فأن المأساة ستستمر بين جفاء الشيعة و ظلم السنة . و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
عن رابطة الكتاب و المثقّفين ألمغتربيــــــن
عزيز الخزرجي
ALMA1113@HOTMAIL.COM

Sunday, September 19, 2010

ألأسوء الذي سيواجه العراق بعد الأرهاب _ الباحث عزيز الخزرجي

ألاسوء الذي سيواجه العراق بعد الأرهاب

ألعراق لا يمكن أن يمتلك إقتصاداً حقيقيّاً مُنتجاً .. و بما أنّ ألاقتصاد يُؤثّر بعمق في السياسة لذلك أيضاً لا يُمكن للعراق إذا لم يُحْدثُ فيه ثورةٌ فكريّةٌ و ثقافيّةٌ أصيلة أنْ يمتلك سياسةً مُستقلة , و كذا في الجانب العسكري و العلمي و الأجتماعي الذي هو الأهم !
كيف و من حوّل إقتصاد آلعراق إلى إقتصادٍ ماليٍّ إمتصاصي؟
بحلول نهاية آلحرب العالمية الثانية كان المطبخ آلامريكي قد فرغ من إتمام خططه للمنطقة آلكبرى آلتي رُسم لها أنْ تقودَ آلعالمَ إلى الاقتصاد العالمي ألمُعَولَم . فقد أوجدت تلك آلخطط ألمؤسسات آلدولية آلسياسية كـ (آلأمم آلمتحدة) و آلمالية كـ (صندوق آلنقد الدولي) و (ألبنك آلدولي) و آلعسكرية كـ (حلف آلناتو) وآلأعلامية كـ (سي إن إن) و الـ (بي بي سي) لقيادة إمبراطورية أميركية تحلّ محلّ الامبراطورية البريطانية آلعجوزة . و تضمنت الخطط أن تمارس هذه آلأمبراطورية ألنفوذ آلامريكي الأمبريالي من خلال أنظمة دفاعية و إبداعية خلاقة و غير منظورة ظلت تخضع للتعديلات و الاضافات و التغييرات و آلاساليب الادارية الجديدة . و هكذا فأن الهدف آلاستراتيجي لخلق إقتصاد عالمي برعاية رأسمالية أمريكية لم يشهد تغييراُ على الاطلاق, و بعد إنتصار آلسياسة الغربية بقيادة الولايات آلمتحدة في الغرب, كانت كلّ من أوربا , أليابان و أجزاء كثيرة من آلعالم تئن مضرجة بدمائها من وطأة الحرب و الدمار الشديد. أما آلاتحاد السوفياتي فهي الأخرى تعرضت للدمار و الابادة في بناها آلتحتية . و كانت أمريكا آلوحيدة في موقف يُسمح لها بفرض ألنظام آلجديد آلذي إرتأته لفترة ما بعد آلحرب آلعالمية الثانية , و لو على الأقل بقدر ما يعني هذا الأمر حلفاؤها من جهة , و المنطقة آلكبرى (ألكَراند إيريه) من جهة أخرى. فأذا كان صحيحاً أن سحب القروض آلأمريكية المُقدمة إلى ألمانيا عام 1928م تسبّب في تباطؤ و تراجع إقتصادي كان واحداً من الأسباب آلتي أدت إلى ظهور هتلر, و كذلك إذا كانت الصراعات الداخلية في صفوف الرأسماليين قد جرّت الأقتصادات آلعالمية إلى نفق الركود و الكساد - فأنّ الولايات المتحدة قد صمّمت أن تحُول دون تكرار مثل هذه آلأحداث و أنْ تتولّى بنفسها قيادة نظام رأسمالي عالمي . كما أنّ قارة أوربية مُوحّدة سيسهّل على الولايات آلمتحدة إدارة الرأسمالية العالمية, حيث ذلك يبقيها تدور في فلك آلولايات المتحدة و تضطلع بالدور الذي تعهد به إليها آلولايات آلمتحدة على نحو مُحدّد . و منذ ذلك آلحين بدأت أمريكا تقدم جرعات الحياة إلى أوربا و دول آسيا لأنتشالها من وحْل آلمأساة التي حلّت بها , فقد وافق الكونغرس عام 1948م على خطة مارشال لأعادة الأنتعاش إلى القارة الأوربية . و تمّت المُوافقة على حقيبة مساعدات. حيث تدعو خطة مارشال إلى إلغاء سريع للقيود و آلقوانين آلتي تعيق النمو آلاقتصادي , و لم تمضي سوى ثلاثة أو أربعة عقود حتى توحّدت أوربا عندما وحّدت سياستها و البرامج آلاقتصادية و المالية بتوحيد عُملتها و ستراتيجيتها آلعسكرية من خلال الأحلاف و القواعد آلعسكرية, بالتوافق مع سياسة الأرادة الامريكية.
بعد أنْ تمّ إعادة إعمار أوربا بسبب آلمساعدة آلأمريكية آلتي بلغت 71 مليار دولار وضعت قيد التخصيص و ترتّبت الأوضاع في أكثر المواقع التي كانت تُعَدّ قلقة بالنسبة لأمريكا كروسيا آلتي قطعت أمريكا عنها عمليات التمويل التأجيري بعد فترة قصيرة, حيث عدّ آلخبراء ذلك بمثابة رسالة تحذير , بانّ نظاماً لفترة ما بعد آلحرب آلعالمية الثانية يجري تجديده و تحديده و ضخ دماء جديدة داخله. و آلولايات المتحدة هي وحدها القادرة التي تُقدّم جرعات الحياة هذه, و بعدها باتتْ عمليّة إعمار أوربا أولوية أمريكية, و كانت لخطة مارشال ألدّور آلكبير عندما ألغت بسرعة ألقيود و القوانين آلتي تعيق النمو آلاقتصادي, بالضبط كما تحاول الأن بعض آلأصوات في أمريكا و الحكومة العراقية برفع آلبند آلسابع من قرارات الأمم المتحدة, و إلغاء القوانين التي تُعيق النمو آلأقتصادي و تسهيل مُشاركات آلشركات آلعالمية بالعمل في آلعراق دون قيد أو شرط. لكن آلمُشكلة آلكبيرة آلتي نُعاني منها و بالعكس من أوضاع أوربا تماماً هي عدم وجود برنامج عمل و نهج واضح و أيادي أمينة و مُخلصة لتمريرها على الأقل على أمل تجاوز آلمحن العديدة التي خلّفتها الحروب و السياسات البعثية الظالمة السابقة بحق العراق و العراقيين , و هذا يعود إلى آلطبيعة الديمغرافية و السايكلوجية و التأريخية للعراقيين و إلى طبيعة التعاون و آلتعامل من قبل آلغرب مع الأحداث خصوصاً ألتعاطي مع الحركات آلأسلامية العراقية و هاجس آلثورة , الاسلامية في إيران و المنظقة و آلتي أصبحت المُعادلة آلأصعب أمام أمريكا و حكومات آلغرب التابعة لها يضاف لكل ذلك التدخل العربي الأقليمي في شؤون العراق الداخلية, و محاولة آلتأثير لأشراك البعثيين في الحكم .
أن حالةالعراق اليوم تشبه إلى حدٍ كبيرٍ - بغض آلنظر عمّا أسلفنا من خصوصيات - حالة أوربا و اليابان و روسيا أنذلك بعد الحرب العالمية الثانية مع فارق أساسي هو أن آلعراق يحوي حركةً أسلاميةً أصيلةً لم تتقدّم بعد إلى ساحة الصراع بشكل جديّ . . و أنما تُحاول التأسيس لعمل أساسي عبر بناء الثلة الواعية آلتي سوف تلتزم سياسة آلنفس الطويل لتتساقط بشكل طبيعي ألكثير من القوى التي تقدّمت للسلطة بقوة المال و التزوير - بإستثناء المُخلصين منهم - منذ آلأطاحة بالنظام آلعراقي البائد بعد أن جرّبت حظها في آلحكم و السياسة, و هذا الأمر تنبّه لهُ و أشار إليهِ مُبكراً و بوضوح مرجع السياسة الأمريكية الكبير هنري كيسنجر ألذي أبدى تخوفهُ آلوحيد أمام بُوش الإبن من تلك الحالة عندما كان يُريد أنْ يحصل على الأذن آلنهائي للهجوم قبل دخول قوات الحلفاء للعراق بليلة واحدة , أيّ في آلسابع من نيسان عام 2003م , هذا بجانب بروز ألدولة الإسلامية في إيران كقوة عظمى ثانية - بعد تفكك روسيا , خصوصاً بعد إنتصارها في الحرب المفروضة عام 1988م رغم تكالب معظم آلدّول العربية و الأستكبارية عليها بتخطيط من أمريكا و الغرب , ثم أنتصارها في برنامج الملف النووي قبل أشهر مضت في آلأجتماع الاخير لهيئة الأمم آلمتحدة و الذي عدّه آلخبراء آلحدث الأكبر في تأريخ المنطقة و آلعالم بعد حدوث الثورة الأسلامية عام 1979م.

بعد عام 2003م إنقلبت آلأوضاع و تغير النظام العراقي ألذي عُدّ أسوءُ نظام في آلعراق و ربّما في تاريخ البشرية على آلاطلاق - واجه العراقيون في خضم أوضاع جديدة و قلقة .. صفحة الأرهاب بأبشع صورها و بمرآى و مسمعٍ من أمريكا آلتي حكمت و تواجدت على الأرض كونها هي المسؤولة عن آلأوضاع القائمة قانونياً, فقد تمّ آلأعداد و التنسيق لصفحة آلأرهاب قبل دخول قوات الحلفاء بعشر سنين ,فقد أشار طارق عزيز ألمنسق للسياسة الأمريكية في العراق في مقابلة مع "لاري كنك" في شبكة (سي إنْ إنْ) العالمية بتأريخ 27 حزيران عام 1996م بقوله : (إننا قد أعددنا كافة المُقدمات و آلمُستلزمات الضرورية لمواجهة الوضع آلمُرتقب عند دخول قوات الحلفاء إلى العراق بدءاً بالقوات العسكرية و آلمُفخخات و الأحزمة الناسفة و آلانتحاريين و أساليب أخرى سنعلن عنها في وقتها و سوف ندمر كل شئ) والجدير بالذكر إن أمريكا مهّدت للأنتحاريين العرب بعد إعطائها الضوء الأخضر للسعودية بالسعي إلى تقويض الشيعة و تدميرهم .

إنّ ذلك الإعتراف آلصريح و آلشفاف لطارق عزيز بالمناسبة و في قلب العاصمة الأمريكية يكفي لإدانة البعثيين و الحكومات العربية في مُجمل العمليات آلأنتحارية و آلتخريب آلذي حصل في العراق بعد عام 2003م بالتنسيق مع المرتزقة آلعرب و إلى يومنا هذا ! لذلك كان آلإرهاب هي آلصفحة القاسية آلمؤلمة جداً للعراقيين, لكنها ليست آلأسوء آلتي نخرت ما تبقى في العراق و أهل العراق عندما إستشهد و تعوق بسببها آلملايين من العراقيين آلابرياء , و يا ليت آلبعث الهجين و مَنْ تعاون معهُ إستخدم تلك آلأموال و المُفخخات و الأحزمة الناسفة و و و … إلخ ضد قوات الإحتلال حسب إدّعائها ؟ حيث دلّت أدق آلإحصائيات بأنّ نسبة آلشهداء العراقيين والذين أكثرهم من المدنيين هي ألف مواطن مقابل أمريكي واحد , و هكذا ختم هذا الحزب الأرهابي آخر أنفاسه في صفحة آلتأريخ آلأسود للعراق , و من الغرابة أن يمدّ آلبعض من الذين يدّعون السياسة في آلحكومة و البرلمان بعد هذا أيديهم  إلى البعثين الذين أنفسهم و دّعوا ساحة العراق بجرائمهم آلأرهابية بلا عودة , تلك هي قصة شعب حزين مغلوبٌ على أمره قد سكت عن آلظلم طويلاً و ربّما تعاون مع الظالمين البعثيين في ظروف قاهرة ليذوق ألواناُ و أشكالاً من البلاء و آلجوع و المرض و الموت.
لكن ذلك آلأرهاب آلذي سيزول - عاجلاً أو آجلاً رغم كل آثاره و قسوته – سوف لن يكون آلأسوء في وضع العراق آلجديد و مستقبله كما تصوّر آلكثيرون , فهناك ما هو ألأسوء منه بعد حصول العراق على قرض مقداره 1,8 مليار دولار, و هو قابل للزيادة بلا شك من صندوق النقد الدّولي بتأريخ 29 9 2009م لمساعدته على الخروج من الأنكماش آلإقتصادي بسبب هبوط أسعار النفط ألذي سبب عجزاً كبيراً في آلمُوازنة السنوية, حيث بلغ 19 مليار دولار هذا آلعام(2009) , فدخول آلعراق تحت طائلة الديون قصة محزنة لها بداية و آثار و ليست لها نهاية , لأنه سيسبب بقاء الأقتصاد العراقي إقتصاداً مالياً أمتصاصياً.
فقد نقل موقع " داو جونز " الإقتصادي عن مستشار البنك المركزي العراقي مظهر قاسم قوله : على هامش اجتماع بين العراق وصندوق النقد الدولي عُقد في العاصمة الأردنية “ عمّان “ إجتماع لتوقيع القرض , الغرض من المال هو دعم السيولة و تحسين النمو في الاقتصاد العراقي .
قد يبدوا الموضوع غريباً لدى آلكثيرين بل و حتى لدى أصحاب الرأي و آلأختصاص لعدم معرفتهم الكاملة بحقيقة هذا الصندوق و قوانينه و تعامله و أرباحه و أسباب تأسيسه عام 1944م, و هي نفس سنة تأسيس هيئة الأمم آلمتحدة , و كيفية إنقضاضه على مقدرات الدّول خصوصاً آلآسيوية ! لذا سنحاول بيان تلك آلحقائق آلخطيرة التي تبدو أنّها خافيةً على جميع أعضاء "حكومتنا آلوطنية" إبتداءاً برئيس الجمهورية و حتى آخر موظف في وزارة المالية و الإقتصاد ؟
لالقاء الضوء على هذه المحنة آلجديدة آلخطيرة في أبعادها و آثارها لا بُدّ لنا من عرض دقيق لسياسة هذا الصندوق و كيفية آلأطاحة بالمضاربين في الأسواق المالية العالمية , لتوليد " آلأحداث الصحيّة النافعة " من وراء تلك الأزمات آلتي تساعد على تهدئة و كبح جماح آلأسواق حتى يظلّ التضحم قيد السيطرة في آلدول الغربية و خصوصاً في الولايات آلمتحدة الأمريكية.

ألمعادلة الخطيرة:
أموال عالمية مضاربة + مموّلون ذوو دمٍ بارد = كوارث إنسانيّة عالميّة

لتوضيح المُعادلة أعلاه , و آلتي ستنطبق علينا مستقبلاً حسب توقعاتنا , أو بالأحرى بدأت تنطبق علينا بالفعل ! لا بد لنا من دراسةِ حالاتٍ واقعية كنماذج تُبينّ كيفية تبديل إقتصاديات دُول آلعالم آلمالي إلى إقتصاديات أمتصاصية كالدّول آلآسيوية و دول أمريكا آلجنوبية كالمكسيك و آلبرازيل و غيرها لتكون مُؤشراتٌ على ذلك .
لقد حقّقت آلولايات المتحدة بوسائل الأموال المضاربة ما عجزت عن تحقيقه بإستعمال آلوسائل آلدبلوماسية أو القوة العسكرية .
يوعز آلاقتصاديون العالميون بأنّ آلأسباب الرئيسية للأزمات التي أبتليت بها آلاسواق الآسيوية ما كان ناجماً عن الاقراض غير آلمتعقل لهذه آلدول و الذي قدّمته المؤسسات آلمالية آلمستحدثة حيث إكتسبت قدرة جديدة على خلق العرض آلنقدي آلوفير ممّا يستدعي معه خلق طلب مقابل على هذه الأموال , و لما كانت هذه آلشركات على يقين بأن أموالها ستعود إليها , سواءاً أ كانت تلك آلقروض منتجة أم لم تكن ؟ عن طريق صندوق آلنقد الدّولي و آلنفوذ آلأمريكي عند آللزوم , فأنها لم تتّخذ جانب آلتعقل و لم تحاول أن تكون حصيفةً في إقراضها , إذ أنّ لدى صندوق النقد الدولي و المؤسسات الأخرى التابعة و النفوذ آلأمريكي آلطاغي من الضخامة و القدرة ما يكفي لضمان إستعاذة هذه الأموال المقرضة بأساليب عديدة . إنها مثل عملية "المرابين" في المافيا , حيث يتمّ وضع آلطُعم لعملائهم لإغرائهم بالإقتراض من أموال آلمافيا آلقذرة , و عندما يحين موعد آلسداد , فأن المُحصّلين من ذوي آلعضلات من رجال المافيا قادرون على ضمان جمعْ الدّيون مع فوائدها .
ففي كلّ مرّة يتكوّن لدى النظام المالي آلعالمي فائض ضحم مفاجئ من السيولة النقدية , تتكرّر آلدّورة ذاتها . ففي غضون آلعقود الثلاثة أو الأربعة المنصرمة حدثت دورتان مُماثلتان , كانت آلاولى عشية آلهزة النفطية و ما نتج عنها من آلبترو دولارات آلفائضة . و قد أستخدم آلغرب أسلوباً ذكياً في أستعادتها, كلّ قارة حسب آجوائها و مُعادلاتها آلجيوسياسية و الأمنية و العسكرية و الأقتصادية و طبيعة نوع آلأنظمة الحاكمة فيها , خصوصاً في آسيا آلتي تزامن وضعها مع حدوث الثورة الإسلامية التي قلبت الموازين في العالم و في منطقة آلخليج آلتي تضم أكثر من 82% من مخزون النفط العالمي , حيث إختلقت حروب الخليج آلمدمرة بقيادة صدام حسين آلذي أعتبره أقسى و أغبى عميل في التأريخ آلبشري و بإسناد من حكام الخليج الذين صرفوا تريليونات من الدولارات لشراء الأسلحة بعد أنْ أرهبتهم أمريكا والغرب من قوة إيران و ثورتها , حيث أوصلوا المنطقة إلى أدنى معدلٍ و أضعف نقطة في آلمنحنى الاقتصادي و السياسي و العسكري و آلبشري لتصبح آلمنطقة برمتها مهياةً للتدخلات الأجنبية و لقمةً سائغة لكلّ من هبّ و دبّ . حتىّ انّ دُولاً مثل آلكويت و السعودية و غيرها و آلعراق طبعاً في مقدمتهم أصبحت مدينة بالمليارات بسبب تلك آلحروب و الأنقلابات و السياسات الخاطئة, فجاء دور صندوق النقد الدولي لتستدين تلك الدول .
كما قدمت صندوق آلنقد آلدولي آلأغراآت .. لأغواء دول أمريكا آللاتينية لتطلب جانباً من العرض آلنقدي آلجديد آلذي وفّرته البنوك و تلقت تشجيعاً بأن تقترض من الأموال ما يفوق إمكانياتها و طاقاتها على السداد .

أما آلدّورة الثانية فقد جاءت في أعقاب آلعرض النقدي آلجديد خلال آلتسعينات , و هذه آلمرة أكلت الطعم و وقعت في آلمصيدة آلدول آلأسيوية حيث أستدرجت لِتستدين من العرض آلنقدي آلجديد . و كانت وظيفة إجماع واشنطن مع المؤسسات المالية و النفوذ آلامريكي في كلتا آلحالتين ؛ آلعمل على ضمان أن يسترد الممّولون آلعالميون أموالهم بصرف آلنظر عن آلنتائج المدمرة على السيادة آلوطنية و آلظلم الاجتماعي آلذي سيتحمله و يرزح تحت نيره جمهور الفقراء و المستضعفين و آلذي لا شأن له , لا من قريب و لا من بعيد بتلك آلاتفاقيات , بسبب آلدّكتاتوريات آلغبيّة الحاكمة في أوساطها , حيث تشيير الأحصائيات بوجود أكثر من مليار أنسان يعيشون تحت خط الفقر في العالم, القسم الاكبر منهم يعيشون في اسيا و أفريقيا و أمريكا الجنوبية نتيجة تلك السياسات . إن هذا آلعدد آلمخيف لا علم لهم أساساً حتى بالعرض آلنقدي أو آلطلب عليه , و ألذي لم يَجْنِ في المقام الاول أيّة منافع من لعبة آلأموال هذه . أمّا آللاّعبون فهم آلأعضاء آلمحليون من طبقة الواحد بالمائة * في تلك الدّول بالتواطؤ مع آلممّولين الدّوليين , و كلا آلطرفين سيخرج رابحاً , أما آلفقر و البؤس و التقشف , فأنها ستكون من نصيب عامة الشعب (99%) الذين كانوا و ما زالوا يُقدّمون كقرابين على مذبح آلألعاب آلمالية آلعالمية هذه .
إن تلك آلأموال آلعالمية آلتي جناها صندوق النقد آلدّولي أدّت لئن تُؤسّس بها و بمساعدة مراكز القرار في واشنطن و نيويورك بورصة نيويورك بعد أن جُهّزت بأحسن التقنيات و عمليات “كيب كانفيرال” آلقاعدة التي تَطلقُ منها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ألصواريخ و أقمارها آلأصطناعية إلى الفضاء الخارجي , منها لعمليات “وول ستريت” و تعني لهم ما تعنية آللغة اليونانية بالنسبة للصينيين . فقد بدأت سلالة جديدة من المُحترفين بالقدوم إلى “وول ستريت” خلال عقد آلتسعينات لأجل مزاوجة آلعلم و التكنولوجيا مع لعبة المال - أمثال كروبرت ميرتون و مايرون سكولز الحائزان على جائزة نوبل و اللّذان أشتركا مع فيشر بلاك في إختراع طريقة آلسعر الأمثل واضعين بذلك الدّعامات آلاساسية لهذا العالم المالي الجديد . و قد طوّر هؤلاء نظام مراجحة جديد و متطور وُصِف بأنّهُ مُحايد تجاه السوق ؛ أي إنّه يُحقق آلفائدة و يكسب عندما تكون الأسعار مُتجهةً نحو آلأرتفاع , أو بالعكس يحُقّق الأرباح أيضاً عندما تتّجه الأسعار نحو الأنخفاض, و على أثر ذلك تشكّل صندوقاً آخر سموّهُ بـ (إدارة رؤوس آلأموال طويلة الأجل) عام 1994م برئاسة جون ميري ويدز , و بحلول عام 1997م ضاعفت صندوق النقد آلدولي رأس مالها ثلاث مرات . من آلوسائل الأعلامية و النفسية آلمستخدمة , أن آلأعلام يحاول بطرقٍ ذكيّة أعتبار قروض صندوق النقد الدّولي ذريعةً للانقاذ و إجراءاً ضرورياً للحيلولة دون مزيد ٍ من آلتدهور آلمالي على الصعيد العالمي , و بذلك إدّعى القائمين على آلصندوق بأنّ عقودها بلغت أكثر من تريليون و نصف دولار .
إن جميع الوسائل المستخدمة تقوم على المُضاربة و التلاعب و تقع خارج دائرة الإقتصاد الحقيقيّ و المُنتج . و على النقيض فأن هذه الوسائل جزءٌ من إقتصاد طفيلي تساعد على إمتصاص ثروات الآخرين و نهب إقتصادهم .
إن هؤلاء المضاربين مجرمين , لأن آلممُولين الدّوليين يقومون بخلق دورات و أزمات ُتمكّنهم فيما بعد أن يجنوا منافعها لمصلحتهم . و يوجدون فقاعات إقتصادية كبرى - ربما تدعم بحركات سياسية أو عسكرية أو إرهابية - ُيمكنهم أن " يفجروها" لمصلحتهم ساعة آلصفر , و لعل آلملف النووي الأيراني يُعتبر أكبر مصداقٍ على ذلك, خصوصاً عندما أوحو بأنّ إيران تريد أن تصبح قوة نووية للسيطرة على دول الخليج فسارعت دول الخليج لشراء الاسلحة والمعدات تمهيداً لمواجهة ذلك الخطر المزعوم . حيث ناوروا على آلايرانيين ما يقرب من عشر سنوات و إلى الآن في محاولةٍ لضرب عدة عصافير بهذا الحجر منها لأختراق صف الثورة الاسلامية و إجهاضها و كذلك بيع الأسلحة بأسعار خيالية و آلأهم من كل ذلك التدخل المباشر في منطقة الخليج والدول الأسلامية.
أن المصائب و الرزايا آلإجتماعية آلتي تمنى بها المجتمعات البشرية و التي تنتج بسبب مُمارساتهم لا تقضّ مضاجعهم و لا تجد صدىً في نفوسهم و عقولهم و ضمائرهم , فهم مُنهمكون دائماً بجمع الأموال حتى لو تسبب ضياع شعوبٍ بكاملها, و يصفون الحكومات آلتي قد تقف بوجههم أحياناً بأنهّا حُكومات ضالة مُتخلفة تعويقية تضع العراقيل و العوائق في وجه التجارة الحُرة .

إن عالم التمويل آلذي لا تحدّه حدوداً أنسانية عادلة و لا قوانين منصفة هو عالم مُرعب يبزّ فيه النفوذ المطلق للمُتداولين و مدراء الصناديق - نفوذ و صلاحيات آلبنوك المركزية و السياسيين والتكنوقراطيين ... و فيما يضغط آلمتداولون على أزرار حواسيبهم آلضخمة و يدمجون آلفيزياء بالرياضيات و المال بالتكنولوجيا لخلق وسائل و آليات بالغة التعقيد - فأن الأسواق المالية ستنقلب أكثر كفاية و مُخاطرة على نحو بالغ القسوة و الضراوة لم تشهده من قبل .

أن التقلبات المالية ستصبح حقيقة هذه الحياة .. بَيْدَ أنّ تكلفة الوقوف في وجه قوة طاغية مُستكبرة تُقدّر أمكانياتها مجتمعةً بتريليونات الدّولارات تصبح أمراً عسير الإحتمال لو لم يفكر المخلصون بإتباع منهج قويم و بدعم الثورة الأسلامية التي حملت راية الدفاع عن المستضعفين ضد المستكبرين .

إنّ رفض ممارسة اللعبة و التجاوب مع المتداولين قد يُخضع دولةٍ مّا أو إقتصادٍ ما إلى أسعار فائدة باهضةآلتكلفة, أو إيقاف إستثمارات في الأسهم في عمليات الخصخصة و المطلوبة لتدعيم الأنتاجية و خلق فرص عمل جديدة ... لقد أوجد هؤلاء الممُولون آلعالميون نظاماً مالياً عالمياً هُم فيه الكاسبون وحدهم على سبيل الحصر , و كلّ ما عداهم مُدان و ملعون إذا فازوا , و مُدان ملعون إذا لم يفوزوا !
أن آلتعاون و التنسيق آلذي حصل بين آلمُمولين و طبقة آلتكنوقراط آلناشئة حديثاً , شكّلت و أسّست علاقة متينة أصبحت بمقتضاها آلقررات و المسائل المهمة على الصعدين السياسي و المالي و من ثم العسكري إذا تطلب الأمر ذلك - تُتّخذ وراء الكواليس في معزل عن مناقشة الجمهور و آلناخبين. و قد حلّت التكنوقراطية - ألفنيّة , محلّ الدّيمقراطية, و هذه بدورها تحولت إلى عملية ميكانيكية حيث بات بالأمكان , من خلال سلطة الأعلام المدعومة بتكنولوجيا متطورة , و آلمال و آلتسويق , أن يُباع على الجمهور ألمنتجات التي تُصنّعَها فئةُ الواحد بالمائة, و يمكن تغليف هذه المنتجات بطريقة مهنية عالية آلجودة و آلهيئة , و من آلأمثلة القريبة آلناصعة على ذلك قانون السكائر في يونيو - حزيران 1998م و الحرب آلخاطفة التي شنّتها ضدّه الشركات ؛ شركات التبغ , و التي تمكّنت آلأخيرة نتيجة لها - من تغليف مصالحها كما لو كانت مسألة حكومية تتعلق بأستيفاء آلضرائب و إنفاقها و ليست مسألة صحة عامة تتعلق بعموم الناس و مصير البشرية جمعاء.

أن مجلس آلاحتياطي آلفيدرالي آلذي لم يكن لها أية قوة شرعية خارج آلولايات آلمتحدة آلأمريكية فأنّه يبلغ الآن من آلقوة حدّاً يجعل قراراتهُ ذات أثرٍ فوري عظيم على إقتصاديات آلدّول الأخرى في العالم . فلو قرّر آلمجلس - أن يرفع مُعدلات آلفائدة آلحالية للسيطرة على النمو آلأقتصادي آلأمريكي فأن ذلك سيطيح بالين الياباني و يُسبب آلتخفيض على عُملات الدّول الاسيوية , و يُعمّق الكساد و الركود في روسيا و معظم دول آسيا و حتى معظم دول أمريكا آلجنوبية و العكس صحيح . بل بات هذا آلمجلس يُملي آلسياسة آلنقدية آلعالمية . و بطبيعة الأمر فهو ُيمليها أولاً و أخيراً لصالح الاقتصاد الأمريكي . ممّا يُؤثّر مُباشرة على وسائل آلعيش و الرفاه للدول الأخرى, و من ذلك أسعار الأسهم و تقويم العُملات و بصورة عملية أوْجُه و مناحي آلاقتصاد كافة في آلدّول الأخرى آلتي يجري إخضاعها لقراراتٍ يتمّ إتخاذها خارج حُدودها, و ليست مسؤولة تجاهها بأي شكلٍ من الأشكال , و بالتالي يُعتبر تدخلاً سافراً في شؤون آلدّول الأخرى .

إن هذا النظام آلعالمي تأسّس بشكلٍ لا يخدم سوى أقتصاد آلطرف الأمريكي ثمّ الغربي آلذي يمتلك كلّ عناصر القوة و آلمال و التكنولوجيا و العُملاء و آلأعلام, لتُمْنى مُعظم إقتصادات دول آلعالم الأخرى بالدّورات التي كان يُفترض أن يقع ضحيتها آلاقتصاد آلامريكي آلمحلي, و هذا على الأقل ُيمثّل أحد ألأسباب آلتي تُعزى إليها مواطن القوة في آلأقتصاد آلجديد للولايات المتحدة .

أما تجربة المكسيك آلتي وضعت كما يقول المثل السياسي (جميع عنبها في سلّة الأمريكان)فهي قصة محزنة أخرى, لهذا قال آلرئيس المكسيكي بورفيريو ديز " مسكينة هي المكسيك ... لبعدها عن آلله ... و قربها من الولايات المتحدة ", إنها تجربة واضحة و مؤلمة أيضاً بسبب ما خلفتها سياسة حكومتها آلتي لم تعتني بتطلعات الأمة و إرادتها , بل خضعت للسياسة المالية آلتي فرضها صندوق النقد الدّولي و الولايات المتحدة, و أسوء من ذلك , و بالاضافة إليه ؛ فأن تلك الشروط أجبرت المكسيك على المرور بركود إقتصادي قاسٍ بالإضافة إلى ما لزم من التخفيض في الواردات . رغم أن آلمكسيك قد أممّت شركات النفط الأمريكية عام 1939م , و أصبحت شركة النفط المكسيكية "بيمكس" ألمالكة و القائمة على إدارة صناعة آلنفط و الغاز منذ ذلك الحين , و بالمقابل فقد فرضت حقيبة الانقاذ آلتي أدرجت تفاصيلها آلولايات المتحدة و صندوق آلنقد الدولي عام 1995م شروطاً تلتزم آلمكسيك بموجبه و ذلك بِرَهْن كافة ألايرادات النفطية و إيداعها كضمان لدى بنك آلأحتياط آلفيدرالي في نيويورك . و رفض مسؤولوا وزارة الخزانة آلامريكية كفاية توقيع وزير آلمالية آلمكسيكي عل صك الرهن , فطلبوا توقيع شركة “بيمكس” أيضاً , و أضطرت آلمكسيك ببيع مرافق القطاع العام آلمكسيكي كمجمعات صناعة البتروكيمياويات و الغاز و غيرها .

كلّ ذلك كان ثمار هجرة آلأموال آلعالمية بسبب آلمضاربة , لأنّ مُعدّلات آلفائدة في آلولايات المتحدة متدنيّة و في المكسيك مُرتفعة , فقد كان في ذلك فرصة ذهبية لمُدراء صناديق الأموال الأمريكيين للقيام بأعمال آلمراجحة حيث يقترضون الأموال في الولايات المتحدة و يستثمرونها في المكسيك ليملئُوا جيوبهم بهوامش آلربح الكبيرة. و هكذا إقتحم آلأمريكيون سوق المال المكسيكي بالضربة القاضية . و كانت الطامة الكبرى يوم جاءت التقديرات أن الحاجة ماسة لمبلغ 50 مليار دولار تقريباً لوقف الهبوط المريع للبيزو - ألعملة المكسيكية ! لتدخل آلمكسيك بسبب ذلك القرض مرحلة آلخضوع آلتام و الفناء الأقتصادي .
لقد جرى نفس الشئ في العراق خلال تسعينيات القرن الماضي, فقد فُرِض على آلحكومة العراقية البائدة إيداع رصيد مبيعات آلنفط آلعراقي من آلدُولار أيضاً في بنوك أمريكية في نيويورك لتمويل مشتريات العراق من الغذاء و الدّواء تحت شروط قاسية لا تعرف الرّحمة إلى قلوب واضعيها سبيلاً . و قد كان العراق من أوائل الدّول آلتي أمّمَت شركات آلنفط آلغربية في الشرق الاوسط أيضاً , لكن إعتماد العراق على واردات النفط فقط في إقتصادها جعله غير قادرٍ على مُواجهة آلحصار آلذي دمّرَ آلإنسان آلعراقي و جميع البنى التحتية فيه.

لقد كان آلأقتصاد العراقي كما هو حال الأقتصاد المكسيكي إقتصادٌ ماليّ أمتصاصي و غير مُنتج , لذلك لم يحدث أيّ نموٍ إقتصادي فيه لأسباب عديدة يأتي في مُقدمتها آلأعتماد آلكامل على النفط أساساً حيث كان يمثل بحدود 98% من وارداته . إلى جانب آِلسياسات الخاطئة على الصعيد الأداري و الفني في هيكلية الحكومة بسبب آلنهج آلدكتاتوري آلبعثي ألذي بذر أموالاً طائلة كهبات و عطيات لحكومات و فئات ظالمة لشراء ذممهم, حيث إنها ليس فقط لم تقف و لم تقدم للشعب العراقي شيئاً لا في الرخاء ولا في السلم بل ساندت ذلك النظام ضد تطلعات الشعب, و كذلك أستخدام جميع الفائض آلنقدي من قبل النظام البائد في شراء الأسلحة آلتقليدية ليتمّ حرقها في حروب خاسرة معلومة النتائج.

إن مُداولات صندوق آلنقد الدّولي لم تقتصر على الدّول التي أشرنا لها فقط , بل هناك وقائع أخرى قاسية شبيهة بما ذكرنا عندما شجّعوا عمليات الإقتراض غير آلمدروس في آسيا , حيث كان بأمكان أيّة دولةٍ أو بنكٍ أو شركةٍ أن تحصل على القروض مقابل فارق طفيف زيادةً عمّا تدفعهُ حكومة الولايات المتحدة . و تمّ التخلي عن إختبار آلجدارة آلائتمانيّة و ملاءة آلعُملاء آلذّين تُقدّم لهم القروض. فقد تدخلت هذه آلمرّة بجعل آلُمستثمرين الأجانب ألقيام بتسوية ما حلّ مِنْ إضطرابٍ و فوضى من خلال إعادة هيكلية آلبنوك و الشركات بالشكل الذي يتلائم مع مصالحهم و هكذا أصبح آلمستثمرون العالميّون الذين لعبوا دوراً رئيسياً في خلق الازمات هُم المسؤولونَ في إيجاد الحلول لها .

و آلأوضح من كلّ ما ذكرنا من آلأمثلة ؛ أنّ سوهارتو قد إستلم مقاليد السلطة في بلاده في آلستينات بمساعدة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي أي) من خلال أنقلاب مسلح خلفت ضحايا تتراوح بين  500000 - 1000000مواطن أندونيسي إتهم بعضهم بالشيوعية و بمؤيدي آلرئيس المخلوع أحمد سوكارنو آلذي آثَرَ الأبتعاد عن كلا طرفي الحرب الباردة . حيث كان يعتقد أن النمط آلغربي للديمقراطية أدنى درجة من آلدّيمقراطية الموجهة آلتي يُؤمن بها على أساس آلثقافة القومية و الوطنية و آلاسلامية , و بعد أن تربّع سُوهارتو على قمّة السُلطة في بلاده لأكثر من ثلاثينَ عاماً إستقبل وفداً أمريكاً رفيع المستوى يترأسهم وزير الدفاع كوهين ؛ أبلغوه أن إستقرار أندونيسيا كان أمراً حيوياً بالنسبة للأمن آلقومي للولايات المتحدة, و أن كلينتون قد إتصل به ليبلغه ؛ " إن هذا الإستقرار مرهونٌ بإنصياع سُوهارتو إلى الوصفة بالغة القسوة آلتي قدّمها صندوق آلنقد آلدّولي , و إعتبارها من المسلمات كما لو كانت مُرسلة من السماء ."(1)

في نهاية هذا آلبحث ألمُكثّف يبدوا أن هذه آلعولمة غير آلمسؤولة كانت سبباً في إختيار عنوان "العولمة المسؤولة " كعنوان لمنتدى دافوس في سويسرا عام 1999م. فالإندماجات الأخيرة بين آلشركات خلال آلسنوات الاخيرة و آلآثار العالمية لأحداث آلثورة الإسلامية في إيران و ما رافقتها من آلصحوة الأسلامية آلتي رافقتها و التي أذهلت الشرق و الغرب و كذلك أحداث روسيا و البرازيل, بالأضافة إلى آلأنعكاسات و التبعات التي رافقت التدخل الأمريكي في أفغانستان و العراق و حقيقة أنعدام أهمية آلحدود حسب النظرة الغربية بين آلدول كلّها إشارات بأنّ حقيقة العولمة تخطت كونها عملية مراحل بعيدة المدى إذ أصبحت حالة واقعة حسب تصريح "كلوب شواب" مؤسس منتدى دافوس , حيث يقول : " أمّا لماذا العولمة المسؤولة ؟ ففي عالم تلاشت فيه حدود آلدّول, أصبحَ لزاماً إيجاد حُدودٍ عالمية بديلة تتمثل في أيجاد آلآليات التنظيمية و آلادارية, و القانونية و الاجرائية لتلافي آلآثار آلخبيثة لثورة آلعولمة" .

إن مركز إقتصاد آلعولمة آليوروأمريكي آلأطلسي من دول آلعالم آلأخرى يأخذ آلعرق و آلنفط و آلخبراء و ساعات العمل و المعادن , و يبادلهم إياها بأرقام و أوهام في دفاتر بنوكه أو ذاكرات كامبيوتراته , فيتمّ تبادل المحسوس و الحقائق بالأرقام و الأوهام , و كم هي سهلةٌ تبديد آلأوهام و تغيير آلأرقام كما بيّنته الأيام ؟

و أخيراً إن أمريكا لا تُحارب من أجل آلدّيمقراطية في آلعراق أو افغانستان , لأنّه ليست هناك ديمقراطية في العالم العربي أساساً , بل و في العالم الغربي أيضاً كما أشرنا ! و بالتالي فأنها لا تحُارب من أجل آلمظلومين, و إن الولايات المتحدة إنمّا تحركت نحو أفغانستان ثمّ العراق بعد أن إختلقت و رتّبت بمهارةٍ فائقة أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 لتُسيطر أو تُحَجّم على الأقل من قُدرة و فاعليّة آلثورة الأسلامية و إمتداداتها آلطبيعية على المدى المنظور بعد أن عجز حُكام آلعرب و في مقدمتهم آل سعود و صدام و نهيان من صدّها, و ليس هذا فقط بل أوصلوا آلمنطقة إلى أدنى نقطة في آلمنحني الأقتصاديّ و السياسيّ و العسكريّ و آلأمنيّ و في كلّ جانب و قضية , ليأتي الغرب بنفسه للسيطرة على أهم و أقدس منطقة في العالم, كلّ ذلك كما لا يُخفى على أحد هو للقضاء على المدّ الأسلامي أو على الأقل لتحجيمه و بالتالي للسيطرة على ثروة آلنفط آلتي تمُثل ما يقرب من 83% من ثروة العالم و إحتياطيّه في منطقة الخليج , و هو آلوقود آلأساسي للصناعة العالمية , و يعني في مفهوم الغرب " آلفرق بين آلحياة الأقتصادية و بين الإندثار" حسب تعبير إيه إم روزنثال - من صحيفة آلهيرالد تريبون بتأريخ آلسابع و العشرين من آب عام 1990م عندما مهّدت القوات الأمريكية في حينها عبر عاصفة الصحراء للتمهيد لفتحها الكبير ألذي تمّ في نيسان عام 2003م.

د . عزيز آلخزرجي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مجموعة الواحد بالمئة هي آلطبقة التي تسيطر على مقدرات الامم آليوم , ففي أمريكا تسيطر تلك آلطبقة على 48% من آلدخل آلقومي آلأمريكي و آلبقية بالمقابل تتوزع على جميع آفراد آلشعب .
.(1)صحيفة نيوز ويك - العدد آلصادر بتأريخ آلثاني من شباط عام 1998م

Thursday, September 09, 2010

تداعياتُ الخلطُ الفكريّ في العقلِ العربيّ

تداعياتُ الخلطُ الفكريّ في العقلِ العربيّ

في مقالٍ للكاتب الشابندر بعنوان “ الفلاسفة يشنّون حملة على المُتكلمين” بَدى بوضوحٍ إختلاط الأمر على كاتبنا عندما فَصَلَ علمُ الكلام ِعن الفلسفةِ , و قدْ كرّر هذا الخطأ من قبله مُعظم الكتّاب البارزين العرب و كأنّهُم لمْ يتوضّح لديهم و لدى الأخ الشابندر بشكلٍ جليّ معنى علمُ الكلام كما ظهرَ في مقدّمة مقالهِ آلآنف الذكر بَعْدَ أنْ سَرّدَ عباراتٌ غير مُتناسقة و غير مفهومة في معرض طرحه للموضوع, و لعلّ هذا الأشكال صاحبَ أيضاً مُعظم الدارسين في الحوزة العلميّة خصوصاً “ألنجفية” ألتي أهملت في مناهجها إلى حدٍ بعيد موضوع الفلسفة أو علم الكلام, و نحن نُعَذّر الكاتب في تعاطيهِ معَ الموضوع كون الأخ الشابندر خرّيج تلك المدارس الدّينيّة التقليدية في النجف الأشرف. لذلك رأيتُ من واجبي الأشارة لهذا المفهوم كي نتجاوز تلك الأشكالية و الخبط العشوائي و السّرد الغير ألعلمي و المنطقي, آملين أن لا تنطلي عليه أو على القرآء الكرام مثل هذه المُوضوعات الفكريّة الخطيرة و الهامّة خُصوصاً في وضع ساحتنا العراقيّة التي إختلطت فيها ألأوراق و آلمواقف و في الجانب الفكري بشكلٍ خاصٍ, كون الفكر هو المُولد لكلّ شئ في وجود الأنسان, هذا إذا سمحْنا لأنفسنا ألقول بأنّ في العراق فكرٌ إنسانيّ .. و مُفكرٌ إنسانيّ.
منْ أهمّ الأمور التي علينا فهمها إبتداءً هي أنّ الفلسفة ظهرتْ قبلَ علم الكلام ألمنسوب لأئمة المُسلمين* و بالذّات عُلماء المُعتزلة بإعتبارهم أوّل من أسّسوا لهذا العلم و سُمّي فيما بعد بالفلسفة الأسلامية, بعد أنْ نظّرَ لهُ عُلماءَ مُعاصرين أمثال جمال الدّين الأفغاني و علي شريعتي و عبد الكريم سروش و محمد باقرالصدر حيث تتقدّم الفلسفةُ الأكاديميةُ و علم المنطق آلأرسطوي - الذي ما زال يُدَرّسُ كأساسٍ و منهجٍ في الحوزة العلمية رغم بُعد الفترة الزمنية – و يتقدّم على عِلم ِالكلام آلأسلامي بأكثر من ألفي عام قبلَ الميلاد, حيثُ يعودُ تأريخهُ إلى زمنِ ما قبل أفلاطون و سُقراط و أفْلوطين و أبيقور, و قبلهم جميعاً إلى أوغسطين و مُعاصريه. و عندما تغلْغَلَتْ تلكَ الفلسفة اليونانية ألعريقة في الأوساط الأسلامية بعد ترجمة المقالات ألفلسفية اليونانيّة إبان العهد الأموي و العباسي تصدّى الأئمة الأطهار (ع)للأمر ببياناتهم و أحاديثهم و كذلك ألمُعتزلة عندما بدؤا يُؤسّسون لِمدرستهم الأصوليّة قواعد كلاميّة (فلسفية) كحالةٍ توافقية أو كردٍّ أحياناً على آلأحداث و الوقائع الفكرية التي رافقتْ واقعة صفّين المأساوية و على الكثير من المُتعرّضينَ و المُعْترضينَ لِمنهجِ أهلُ البيت (ع) ألّذين حملوا راية الفكر الأسلامي بأناتٍ و صبرٍ رغمَ كلّ ما لاقوهُ منَ الأذى و القتلِ و التّشريدِ, و كانَ الأمويّون و مِنْ بعْدهمُ العباسيّون من أوائل من تصدّوا و واجهوا المَنْهجُ الأسلاميّ الأصيل, عندما حاولوا تسْيّسَ الفلسفة حسب المفهوم الأوربي ألثيوقراطي قديماً والميكافيلي جديداً .. أو علم الكلام حسب التّفسيرُ الأسلامي ألمُعتزلي .. و كذلك آلتّوسّل بِكلِّ جَديدٍ و مُمْكنٍ منْ أجلِ مُحاربةِ خطّ أهلُ البيت (ع) مِنْ أجْلِ السّلطة التي إغتصبوها بالمكر و الخداع.
و في العصر الحديث يُعْتبرُ الفيلسوف مُحمد باقر الصدر (قدس) ألذي إستشهد على يد المجرم صدام رائد الفلسفة الأسلامية الحديثة بجميعِ أبعادها و إسقاطاتها في مجالات علم الأجتماع و السياسة و آلأقتصاد, بعد تأسيساتٍ نظرّيةٍ قيّمةٍ و سابقةٍ من العلّامة السّبزواري (قدس) و منْ قبلهِ المُلا صدرا الشيرازي و إبن سينا و الكندي , مضافاً لها ألتمهيداتٌ ألعمليةٌ و على أرض الواقع لنظرية الدّولة العصرية الأسلامية بقيادة الأمام الخميني (قدس) و جمعٌ من تلامذتهِ كالفيلسوف مرتضى المُطهري.

هذا ما أردّتُ الأشارة إليه آملاً أنْ يتوضّحَ المَفْهُومان لدى الكاتب و القارئ العربي. و لنا موقفٌ آخر منْ آراء الفيلسوف أبو نصر الفارابي, يطولُ الحديث عنه. و النّاسُ في كلِّ مكانٍ و زمانٍ أحرارٌ في مُعتقداتهم و مواقفهم و آرائهم.

لكنْ لا يَصحّ إلاّ الصّحيح.

عزيز الخزرجي
Alma1113@hotmail.com


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
أعتقد بأن الأمام علي (ع) هو أوّل من أسّس لهذا العلم بدليل نصوصِ و حِكَمِ نهج البلاغة, على الرّغم منْ عدم وجود تصريح واضح فيه عن الموضوع, إلاّ أنّ بلاغة الكلام و النظريات الفلسفية الواردة في ذلك النهج القويم لدليلٌ قويّ على ما نعتقدهُ, لكنّ المسألة فيها نظر على أيّ حال.

Tuesday, September 07, 2010

كلّ شئ في وجودي هو للأنسان!

بداية أشكر آلأخ حيدر على مُداخلته و مُتابعته التي تنمّ على وعْيهّ و إدراكه الواسع و كذلك إهتمامه بالفكر ألذي هو كلّ شئ في وجود الأنسان ..(بل هو الأنسان بعينه), و بإعتقادي أيضاً أنّنا قد نظلم بَعضنا بعَضاً أحياناً عند إصْدارنا الأحكام الجزافية القاطعة و آلأحكام الغير الدّقيقة و التي لا تستندُ إلى دليلٍ أو برهانٍ واضحٍ, و أحيطكم علماً يا أعزائي بأنني حالياً بصدد دراسة أكاديمية يختصّ جانباً كبيراً منها بالعوامل و التأثيرات المُتبادلة بين التربية و التكنولوجيا, حيث أسعى جاهداً أن أكونَ مُنصفاً في أحكامي و تقيمي فيما يخصّ ألغرب الذي إسْتَنَدَ و إتّكأ على التكنولوجيا التي لا يُمكن العيش بدونهِ و لا بأسَ بذلك .. إلا أننّي أخالف ما أراه في الواقع حيث أصبح الأنسان فيه ضحية هذا الأتجاه , أيّ بَدَلَ أنْ يكونَ التكنولوجيا في خدمة الأنسان صار الأنسان في خدمته للأسف, و سَعْيّ كانَ دائماً و أبداً هو الدّفاع عن هذا الأنسان الذي أحبّهُ و أضحي من أجلهِ لأنهُ مِنْ صُلبَ رساتي في الحياة, لذلكَ أحاول أنْ أحافظ و أدافعَ على قيم الأنسان و مُثُلَه ُو وجُودَهُ آلمُتمثل بالكرامة و الأخلاق, و لستُ مُستعداً و لا يُمكن أنْ أقبل يوماً مّا ألمظالم آلتي حلّت بالأنسان الذي كرمه الله تعالى لأجل المال و التكنولوجيا التي يتحكّمُ بها للأسف مجموعة الثلثمائة عضو و المُتمثلة بـ"ألمنظمة الأقتصادية العالميّة" و التي لا تنظر و لا تهتمّ بالدرجة الأولى إلاّ لمصالحها و منافعها المادية! فما فائدة أنْ يربح الأنسان أموال الدّنيا(لو قُدّر لهُ و هو محال في هذا الوضع) و لكن بالمقابل يَخسرَ نفسهُ و كرامتهُ و ربّما آخرته؟ هذا بإختصار مُجمل أفكاري حول الأتجاه الليبرالي في التعامل مع المُشكلة الأجتماعية المعاصرة. ارجو أن أكون قد وضحت موقفي من آلأشكال الوارد أعلاه, و قد يكون لنا حديثٌ مُفصّل آخرْ حَوْلَ الموضوع بإذنهِ تعالى.
مرةً أخرى أشكرُ جميع الأخوة القرّاء على مُتابعاتهم القيّمة و التي ترشدني دائماً إلى مواطن كثيرة في عالم آلمعرفة آللامتناهي .
من أجل فكرٍ إنساني واضح لنيل سعادة الدارينز
عزيز الخزرجي
Alma1113@hotmail.com

Friday, September 03, 2010

موجز أطروحة ماجستير - ألاستاذ المفكر عزيز الخزرجي

Research Proposal
خطة آلبحث
أطروحة آلماجستير .. عزيز حميد الخزرجي
طالـب دراســـة الماجســتير في علـم النفـس
ألأســـتاذ المُشرف آلبروفسور عليّ التميمي
ـــــــــــ ألجامعة الهولندية الحُرة ــــــــــ

دورُ طبيعةُ العلاقاتُ آلزوجيّة بيـــنَ الأبويـن
في نشوءِ المُشكلاتِ آلسلوكيّة لـدى الأطقال
Paternal and maternal instincts, develops problematic behavior
in children




مُلخّص الدّراسة : Abstract
ركّزنا في البحث على جُذور و عوارض آلمشاكل آلزوجية و إنعكاساتها علي آلأبناء و المجتمع , مع سايكولوجية آلزواج و آلهـــدف منه كونها أهمّ مُؤسّسة إجتماعية و نفسية و أخلاقيّة و حضاريّة تُحدّد سعادة آلمُجتمع أو شقاءهُ , لأنّ آلمعرفة آلواعية من شأنهِ تحقيـــــــــقُ آلأنسجام آلأيجابي في آلعائلة كونها آلنبع آلرئيسي لتغذية آلطفل بالمحبة و آلوفاء و آلعشق و آلتحمل و آلتعاون و درء كافة آلأنحرافــات و آلمشكلات آلسلوكيّة لدى آلأبناء ليكونوا عناصر للخير و آلبناء و آلعلاقات آلودّية وآلأزدهار بين جميع بني آلبشر بما فيهم آلآبـــــــــاء أنفسهم .
لقد وَقَفْتُ على عصّارة أهمّ آلدّراسات آلسابقة , بالأضافة إلى دراسةِ دورِ آلعامل الدينيّ و آلنظام آلسياسيّ و طُرق تخليص آلعمليـــــــــة آلتربوية من هيمنة سلطة أصحاب ألمنظمة الاقتصادية العالمية , و ذلك بالعمل على مُستويين : ألأول ؛ آلمشاركة آلفعالة في آلانتخـابات آلسياسية و آللجان آلمحلية لضمان إنتخاب آلأفضل . ألثاني : دراسة تأثير طبيعة آلمناهج آلتربوية خصوصاً في آلمراحل آلأولية , حيـث تشير آلدّلالات إلى تحوّل آلخرّيجين بسببها إلى آلاتٍ مُتحركةٍ (ربوتات) في آلمُجتمع , بعد صيرورة آلآباء و آلمُربّين إلى مُوظفين شُــــبه رسمييّن لتأهيل أبنائهم طبقاً للمواصفاتِ آلمُعدة من قبل آلليبراليين Liberalism آلذين وصلوا إلى سدّة الحكم و مراكز آلقرار بفعل آلمال الذي سـخّر آلأعلام لفوزهم في آلأنتخابات. هذا بجانب مجموعة آلعوامل آلمُسببة للتفكك آلأجتماعي و آلمشكلات السلوكية للأطفال.
أما الدراسات المماثلة فأنها لم تكن بالعمق والشمولية آلتي ذهبنا إليه , آملاً أن يكون هذا البحث أساساً منهجياً للمجتمع الانساني الحديث آلذي شابه آلكثير من الانحراف والظلم آلاجتماعي بشكل بدى معه آلجميع يتطلعون إلى ظهور آلمنقذ آلمنتظر للخلاص , و الدراســـة هي حصيلة أكثرَ من ألفِ كتابٍ و بحثٍ و مقالٍ في هذا المجال.
د

فُصولُ آلبحث : Sections

يتكوّن آلبحث من سبعةِ فصولٍ :
آلأوّل : ضم القسم آلاول منه بعد آلمقدمة مشكلة آلبحث و أهميته و أهدافه و حدوده و آلمصطلحات آلواردة فيه.
ألثاني : ضمّ آلقسم آلأول منهُ آلخلفيّة آلنظريّة و آلدّراسات آلسّابقة معَ آلأشارةِ إلى أهمّ آلمُؤشرات آلتي وقفت عليها كــــــدلالات من تلك آلدراسات بالأضافة إلى آلمفاهيم ذات آلعلاقة , و رغم أن معظم علماء آلنفس تصوّروا بأن دراسة آلطفولة قد إستوفت حقها أوْ تكــــــاد , لكنّ آلحقائق آلتي وقفنا عليها دلّت على أنّ آلقضية تواجه بشكل مخيف إنحرافاً كبيراً لأسباب منها تأثير القوى آلمهيمنة على المناهج ؛ عدم مناسبة البحوث مع الفطرة الانسانية؛ عدم جذريتها لتستوفي آلموضوع . والقسم آلثاني من هذا الفصل شمل تربية الأبناء و و مدى أثر التوافق الزواجي في نشأتهم و أنواع الاسر ثم موقف الأسلام من الموضوع.
ألثالث : شمل التربية والتعليم في عصر المعلومات, مع مشكلات و متطلبات التأقلم مع عصر المعلومات و أثر التكنولوجيا على حيـــــاة الأسرة, و أخيراً آلأثر المُتبادل بين التكنولوجيا و التربية.
ألرابع : شمل الدّراسات السّابقة معَ مُؤشرات و دلالات منها, ثمّ التعليق عليها, و ختمْناها ببعضِ الفروضِ الهامة جداً.
ألخامس : شمل منهج الدّراسة و المجتمع الأحصائي مع العينة و أدوات الدراسة و خطواتها ثم الاساليب الأحصائية المستخدمة فيها.
ألسادس : تركز على نتائج آلبحث و تفسيرها و آلأستنتاجات , و ختمناها بتوصيات و مقترحات, بما فيها تأسيس وزارة خاصّــــة تُعنى بالقوانين وآلقضايا آلمتعلقة بسايكولوجية آلزواج وآلطلاق و أبعادهما. مع تقريرات صريحة لمعايير آلاختيار آلمطلوبة لتقويم آلعمليـة التربوية ثم مسيرة آلبشرية .
آلسابع : ضّم آلمصادر آلعربية و آلأجنبية بالأضافة إلى آلملاحق.

ألمُقدمة : Introduction

آلنظام آلأجتماعي آلعالمي يندر بعواقب وخيمة , بعد تراكم حروب القرن آلماضي و صراع آلآيدلوجيات , و لم يكن كل ذلك بسبب حــالات سياسية أو عسكرية أو أقتصادية طارئة لغباء هذا الرئيس أو مغامرة ذاك القائد , وإنما آلبداية آلمحزنة للألفية آلثالثة , وآلارقام آلهائلــة من آلجرائم و آلطلاق و آلأدمان على المخدرات و آلامراض آلمختلفة , و جميعها نتجت بســــبب نظــام آلعولمـة (Globalization) و آلتخطيط آلمســـبق لجعـل آلعالم مَتْجَراً صغيراً يتحكمون به , ليولّد كل تلك آلمآسي . حتى تجرّد آلبشر من آلعواطف و آلرحمة و آلإيثار و روح آلتحمل و آلسماحة آلتي أثرت بالصميم في إبعاد آلانسان عن رسالته .. أنما أصل كل ذلك يرجع إلى آلنهج آلخاطئ للعلاقات آلأنسانية و في مقدمتها ألعلاقات آلزوجية نتيجة أساليب آلتربية آلخاطئة و تأثيرات آلأجندة آلخبيثة التي سيطرت على آلعالم.
أن العقيدة آلمعرفية (Epistemology) لم يَعُدْ يُحسبُ لها حساب في فكر آلانسان و نظرته للوجود كأساس للعملية آلتربوية ضمن شبكة علاقات إجتماعية تسودها آلوئام و آلمحبة و آلأيثار ليصبح الأله الواحد آلهة شتىّ تجمعها و تفرقها "الدولار" , و لا يمكـــن ذلك ما لمْ يُدوّن منهجاً رصيناً مدعوماً رسمياً لتربية آلأبناء و تأهيلهم لتحمّل مسؤولية آلرّسالة آلأنسانية . و من هنــــا يتبيّـــن آلجـــانب آلأهم في أطروحتنا , بتقديم علاجات جذرية لمأساة آلبشرية أيضاً , بعد وقوفنا على أهمّ عوامل تلك آلأنتكاسة . و آلهاجس آلأكبر الذي يُقلقنا هــــو مدى قدرتنا على تحقيق آلنظام آلأمثل بوصول آلفلاسفة و آلمتخصصين آلتربويين إلى قيادة آلهرم آلسياسي بدل آلأجنـــــــدات آلعامـــــلة لمصلحة آلرأسماليين , لضمان تنفيذ آلبرامج آلمطلوبة؟

أهمية آلبحث: Value of Research

من خلال معرفتنا لمشكلة آلبحث يتبين أهميتهُ , فهناك عوامل عديدة تُقوّم شخصية آلطفل و تُشكل إتجاههُ آلرّوحي وآلقلبيّ أهمّها : ألبُعد آلغيبي و دور آلأبوين و آلأصدقاء و آلمدرسة . وآلأعلام آلمُوجه من آلنظام آلسياسي آلمسير من قبل أصحاب المال والشركات. مع كــــلّ ذلك يبقى عامل آلوالدين من بين جميع آلعوامل له آلأثر آلأكبر في تكوين شخصّية آلطفل سلباً أو إيجاباً , قياساً إلى آلعوامل آلأخــــــرى و آلتي تتداخل معه لتؤدي إلى إيجاد حالة من الأزدواجية لدى أكثر الأبناء في حال إختلاف آلعقائد خصوصاً في النظم و آلاعراف الحاكمة . لذلك جاء بحثنا ليقرّر طبيعة آلعلاقة بين آلأبوين و آلعوامل آلمؤثرة فيها. و آلمنهج آلأمثل آلذي نتطلع إليه .
أما آلدافع آلآخر في تأكيدنا لدور آلأبوين هو كون مسؤولية آلوالدين و مرتبتهم في آلوجود تأتي بالدرجة آلثانية في آلأهمية بعد آلخـــالق
هـ

سبحانهُ , ضمن عملية آلأستخلاف آلألهي في آلأرض و كما جاء في القرآن : (و قضى ربك ألّا تعبدوا إلّا إياهُ و بالوالدين إحسانا) , لذلك يتوجّب إستيعاب هذه آلمكانة آلتي في طريقها إلى آلزوال للأسف, و إلاّ فأنّ عملية آلتكامل الأنساني لتحقيق حياة دافئة سعيدة بإعتبارها آلغاية من آلخلق ستصاب بالعقم و آلخلل آلحتمي .. و آلمزيد من آلكوارث و آلمحن , و عندها لا آلتكنولوجيا و لا المال و لا آلديمقراطيـة و لا كلّ أسلحة آلعالم آلمتطورة بإمكانها ألحدّ من آلتدمير آلماديّ و المعنوى في البشرية , هذا إن لم تكن هي السبب في وجودهــــــــا! و سوف لن يُزيدنا حينئذٍ إلا بُعداً عن آلهدف آلذي لخصناهُ بالتكامل آلأنساني و سعادة آلبشرية .
لقد نسفت آلعولمة الحديثة أيّ إعتبار للوالدين و تربية الأنسان عبر سياسة إفقار آلفقير و إغناء آلغني ليُســيطر بحــــدود 300 شخص على ثروات مليارين من آلبشر آلجائعين. في ظلّ هذا الوضع كيف يُمكن للوالدين أن يُؤديا رسالتهم تجاه أبنائهم ؟ هــــذا إذا فرضــــــــنا أستيعابهما لمسؤوليتهما و إنعتاقهما من أسر آلمناهج الخاطئة و آلسياسات آلظالمة آلتي أثقلت كاهل آلبشرية !

ألبحوث آلسابقة و مناقشتها : Previous study

وقفنا على 1000 بحث ذات علاقة بالشخصية آلأنسانية و أساليب آلتربية و تأثير آلوالدين على الأطفال ! و آلقسم آلأعظم كانت دراسات غربية . و بما أنّ آلجانب آلأساسي يتعلّق بعالم آلنفس آلغير متناهي و آلمجهول حسب قول ألكســـيس كارل و دايل كار نيجي و آخرين ؛ فأنّ مجمل تلك آلبحوث إهْتمّت بدراسة آلظواهر و آلنتائج أكثر من آلبواطن وآلجذور و أسرار و ماهية آلأنسان دون وضع آلحل الناجع . فكيف يُمكن للعقل أن يُحدّد قوانين إجتماعية و تربوية للأنسان آلذي إنطوى فيه آلعالم آلأكبر غير خالقهِ ؟ و سنعرض خلاصــة لأهم تلك المباحث و آلمؤلفات ذات العلاقة بالأضافة إلى آلنهج آلتربوي في آلفكر آلأسلامي .

أهداف آلبحث : The Aim
أولاً- بيان و توضيح سيكولوجية الزواج و آلهدف منه , بجعله مؤسسة إجتماعية و نفسية و أخلاقية و حضارية تقـــوم على أســــــس آلمحبة والأحترام و آلتفاهم متحرّراً من هيمنة أصحاب آلنفوذ والشركات , مؤسسة تضمن حياة مادية و معنوية كريمة دافئة هانئة لتوفر للأولاد مأمناً و عشاً غنياً بالمحبة و آلتعاطف و آلتوجيه لأعدادهم إلى بناء مجتمع أنساني خالي من آلأستغلال و آلعنف و آلحرب.
ثانياً- ألتعرف على طبيعة العلاقة آلزوجية و أساليب المعاملة بين آلام والأب و إنعكاساتها في نشوء المشكلات آلسلوكية لدى آلأطفال .
ثالثاً- ألتعرف على جذور و أسباب نشأة آلمشكلات آلزوجيــــة , كونها متنوعـــة و متشــعبة بإمتداداتها , فقد كتب الطبيب آلانكليزي " مودسلي " منذ منتصف آلقرن آلتاسع عشر يقول : { أن آلنفس هي التظاهر الأسمى و آلأعلى في تطوّر الطبيعة لذلك يجب أن تكون آلموضوع آلاصعب و آلاكثر تعقيداً في دراسة الأنسان .. و حتى تكون آلدراسة مُثمرة يتطلّب تقدماً كبيراً و تطوراً لعدّة علوم أخرى }.
رابعاً- ألتطلع إلى تحقيق نظام إجتماعي عالميّ عادل نضمن من خلاله سياسة إقتصادية عادلة و قيم مجتمعية و أخلاقية تناسب فطرة و غرائز آلأنسان , لما لهُ من تأثير في ترشيد آلعمليّة آلتربوية لتحقيق آلتكامل آلمنشود و درْءِ آلمُشكلات آلسلوكية .
خامساً- ألتعرف على الفروق بين آلذكور و آلأناث في مُستوى إنعكاس آلمشكلات آلزوجيّة على سلوكهم .
سادساً- بيان معالم آلمنهج التربوي آلأسلامي مقارنةً بالمناهج آلأخرى.
سابعاً – تاسيس وزارة خاصة تعنى بالزواج و آلإعداد التربوي في المجتمع .

ألعينة : Sample
20 (فتى و فتاة) من آلمجتمع العراقي و آلعربي.
10 (آباء) و (10) أمهات من آلمجتمع العراقي والعربي.
إجراء تحقيق شفاف مع عيّنات من مجتمعنا العراقي و آلعربي , لمعرفة الحقائق بسبب طبيعة آلشخصية آلعراقية ذات الطابع الأنطوائي و ليس سهلاً آلخجول ألمُتكتم, و تحفظهم من إعطاء المعلومات الدقيقة و الصحيحة , فالتطرف و الغلو و الأنطواء هي السمة البـــارزة في مجتمعنا بسبب آلظروف آلعصيبة ألمؤلمة و الضغوط آلتي تولدت بسبب الدكتاتورية المتطبعة في الشخصية العراقية و العربية.
و



أدوات آلبحث : The Objectives
أولاً- مقياس أساليب آلمعاملة الوالدية .
ثانياً- مقياس آلانحراف آلسلوكي لدى آلأطفال و آلآباء .
ثالثاً- ألبطاقة آلشخصية و آلمعلومات المطلوبة عن آلازواج والابناء .
رابعاً- قياس وضع و مستوى سلوك آلأطفال قبل و بعد آلانحراف .
خامساً- قياس مستوى و حيثيّات آلسلوك آلشخصي و ظروف نشأة آلوالدين قبل آلزواج و وضعهم بعد آلزواج .
سادساً- مقياس مستوى توكيد آلذات لدى آلأطفال آلذين تم آلانفصال بين والديهم .
سابعاً- آلمستوى المعيشي و آلتحصيلي للأبوين .
ثامناً- مستوى إلتزام الأبوين بالدين .

نتائج آلدراسة : The Conclusion
اولاً- وجدت علاقة إيجابية دالة بين آلأزواج آلمتنافرين و آلأبناء آلمجرمين .
ثانياً- و جدت علاقة إرتباطية موجبة و دالة إحصائياً بين آلتعامل الوالدي آلجاف (سحب آلحب) مع آلاطفال آلذكور و آلاناث , و حالات آلأنحراف لدى آلأطفال .
ثالثاً- وجدت علاقة إرتباطية سالبة دالة بين إسلوب التربية (التوجيه والارشاد) للأم و آلسلوك آلانحرافي للأطفال .
رابعاً- وجدت علاقة إرتباطية موجبة دالة إحصائياً بين ( آلاسلوب آلعقابي) للوالدين و آلسلوك آلانحرافي للأطفال .
خامساً- لم توجد فروق دالة إحصائياً بين آلذكور و آلأناث , و إن تنوعت أوجه آلأنحراف.
سادساً- وجود إسلوبان أكثر أسهاماً في تباين درجة آلأنحراف لدى آلأبناء (ذكور و أناث) هما :
ألجفاء ( إسلوب سحب آلحب ).
التوجيه وآلأرشاد لدى آلوالدين.
سابعاً- وجود علاقة إرتباطية موجبة بين آلأنظمة آلسياسية آلدكتاتورية و مستوى الانحراف والكآبة بين الزوجين من جهة و إنعكاساتها على آلابناء.
ثامناً- وجود علاقة إرتباطية موجبة بين صعوبات و ضعف آلمستوى المعيشي و إنحراف آلابناء .

ألتوصيات : Recommendations
على مستوى الوقاية من آلانحراف نوصي بما يلي :
أولاً- إيجاد برامج توعية للزوجين قبل وبعد آلزواج كجزء ملازم لرسالتهم في الحياة للوقاية من كلّ انحراف مُمْكن , و عـــــدم آلأختصار على الحالات آلخاصة و آلمرضية, فالمعارف من شأنها زيادة آلوعي و البصيرة لتشخيص آلأهداف, و بالتالي حلّ آلمُشـــــــكلات آلتي لا تخلو منها عائلة من آلعوائل.
ثانياً- تقوية أواصر آلمحبة و آلعشق بين آلزوجين و إظهارها أمام آلأبناء و تجنب إظهار آلغضب أو أي خلاف من قبل آلزوجين أمامهم مهما كانت آلأسباب بإعتبارهما نموذجان و مسؤولان لتوفير آلأمن و آلأحتياجات آلأساسية آلبيولوجية كالطعام وآلشراب و وسائل آلراحة , أو آلسايكلوجية كالحنان و آلحب والإحساس بآلأمان و آلأستقرار فمن خلالهما تتكون آلشخصية آلناجحة آلمعطاءة.
ثالثاً- آلعناية بالجانب آلاخلاقي وآلروحي و زرع حب آلتدين والحكمة و الأدب و آلانبياء و الفلاسفة في وجودهم لما له من تأثير في تقويم سلوكهم و ثباتهم على آلحق .
رابعاً- ألحفاظ على آلعلاقات آلطيبة من قبل آلوالدين مع آلابناء عبر إسلوب آلارشاد وآلتوجيه آلمقترن بالمحبة آلمعتدلة آلصادقة .
خامساً – تعرّف آلزوجين على فلسفة و أهداف آلزواج , و آلغاية من آلإنجاب, و ضرورة توفّر آلأمكانات اللازمة لتحقيق زواج ناجح .
سادساً- تأسيس وزارة خاصة تعنى بقضايا آلزواج و آلعلاقات آلاجتماعية و نشأة آلأطفال مدعومة من قبل آلدولة و قرارات هيئة آلأمم آلمتحدة لترشيد آلعملية آلتربوية مادياً و معنوياً , و تكون آلوزارة مُلزمة بكافة إتفاقيات آلامم المتّحدة و حقوق آلطفل لعام 1989م , و إتفاقيات 1990م و آلبروتوكول آلأختباري لأتفاقية حقوق آلطفل في آيار عام 2000م.
س

سابعاً- تدوين لائحة قانونية من قبل آلمختصّين , تتضمن آلوصايا و آلواجبات آلمتعلقة بقضايا آلزواج و آلعلاقات آلاجتماعية و حماية آلأطفال , و تُلزم آلوزارة آلمختصّة بتنفيذها كقانون بعد آلمصادقة عليها من قبل آلبرلمان.
ثامناً- ألمشاركة آلفعالة في آلأنتخابات لضمان وصول آلفلاسفة و أهل آلخبرة من آلمربين و آلسايكلوجين بالدرجة الأولى لقيادة آلدولة , فالملاحظ أن آلمتنفذين و أصحاب المصالح و المال يسعون دائماً لأيصال آلتكنوقراطين الأثرياء ألمتخصصين في إدارة المال و آلأعمال إلى قيادة آلمواقع آلرئاسية في آلحكومة لضمان مصالحهم و منافعهم المادية مُستخدمين آلأعلام لتوجيه آلرأي العام من دون آلأخذ بنظر آلإعتبار مصلحة و سلامة و و رفاه آلمجتمع كغاية في آلنظام آلإجتماعي آلحاكم .
على آلمستوى آلعلاجي نوصي :
أولاً – بإيجاد دورات و لقاآت و موادّ دراسية في المناهج التربوية منذ المرحلة الأعدادية و حتى سني الجامعة لدراية مقومات الزواج الناجح, والمؤثرات الايجابية والسلبية على العائلة و تربية الابناء, مع تعميم أحكام الكتب السماوية خصوصاً ألمنهج الإسلامي في الأعداد و التربية بإعتبارهِ المنهج الأحكم في هداية الانسان و تكامله.
أولاً- نوصي آلاخصائين آلنفسيين و آلتربويين آلأجتماعيين بضرورة إشراك آلآباء و آلأمهات في علاج آلحالات آلسلوكية آلشــــاذة آلتي تظهر بوادرها منذ آلبداية على أبنائهم .
ثانياً- تركيز آلعلاج في نمط حياة آلمريض ألذي يتشكل من أهداف آلفرد آلشعورية و آللاشعورية في آلسنوات آلأولي من حياة آلطفـــل و أساليب تحقيقها و أدواتها. لأنّ أكثر آلمشاكل آلسلوكية ناجمة عن إفتراضات خاطئة لدى آلمريض. يقوم آلعلاج بتصحيحها, حيث يحـاول آلمعالج توجيه آلمريض بتمرينه على آلتعبير آلمباشرعمّا يجري بداخله في جوّ حرّ مُريح, و إعادة بناء تصورهُ لأسلوب حياتــه بإعــادة آلثقة إليه بنفسه.
ثالثاً- مساعدة آلمريض للتخلص من آلصراع آلسلبي بسبب آلأفكار آلخاطئة آلمترسبة و مواجهته للحياة بإسلوب جديد.
رابعاً- محاولة ربط آلمريض بالمراكز و آلمؤسسات آلدينية و المرشدين لبناء علاقات إجتماعية مع أقرانهِ آلأسوياء.
خامساً – إعداد المزيد من الدراسات حول الموضوعات التي من شأنها تقوية سبل العلاقة بين الزوجين من جانب و بينهم و بين الأبناء من جانب آخر ليعمّ الخير في كلّ المجتمع آلأنساني.



ألطالب :عزيز حميد آلخزرجي
الأستاذ المشرف : ألبروفسور على آلتميمي
عميد الجامعة : البروفسور علي التميمي

هل في العراق حقاً من ينادي بالعدالة و قضايا الفكر الأنساني؟

هل في العراق حقاً من ينادي بالعدالة و قضايا الأنسان؟
البحث حول العدالة الانتقالية في العراق الجديد
 و تشكيل الفكر العراقي الجديد
 وصلتنا دعوة من مجموعة من المختصين و المشرفين على القضايا التربوية و الفكرية في العراق للتمهيد إلى تطبيق العدالة ألانتقالية فيه, و كان تعليقنا كالآتي

أشكركم على دعوتكم لأحياء العدالة و الفكر الأنساني في العراق الجديد, فمشْروعكم هذا يَتَقَدّمُ و يَدْخُلُ ضمنَ الأعمال الستراتيجية الكُبرى على مُستوى الفكر و العلم في آلعالم و الوجود كله.. و أشدّ على أيديكم
لكن لا بُدّ لي منَ القول و بصراحة :ـ


أنّهُ منَ الصّعب التّحدّث عن القيم و العدالةِ في عراقٍ تربّى فيهِ الأنسانُ على مدى جيلين للأسف على ثقافة القتل و الإرهاب و آلأحتيال و الدّجل و الكذب و النفاق و العربدة و التزوير و ثقافة آلتكبر و الدكتاتورية!
فمنْ غير المُمكن و بمجموعةٍ من البُحوث ألمنقوشة و التي أكثرها قدْ لا تنسجم مع واقعنا - منْ غير المُمْكنِ أنْ تُغيير ذلكَ البناء الرّوحيّ و الأخلاقيّ و العقائدي آلفاسد للشّخْصيّة العراقيّة بِسهولة , لأنّ مَعرفةُ العدالة و وعي مفاهيمها الحقّة و طُرق إعمالها للوصول إلى مكارمِ الأخلاق بحاجةٍ إلى أكثر من جيلٍ لتعميمها أولاً ! أمّا تحقيق مكارم الأخلاق فبحاجةٍ كذلك إلى أكثرِ من جيلٍ و إلى إمكاناتٍ معنويّةٍ و علميّةٍ و ماديّةٍ كبيرة و إلى مجموعة قيادية مثقفة و قادرة لتحقيق الأمر .


لذلكَ يتطلب آلأمر إبتداءاً منْ (وزارة التعليم و التربية و وزارة التعليم العالي و المؤسسات التعليمية و التربويّة و معها وسائل الأعلام و المراكز الدّينية) وضع برامج أولية تمهيديّة للبدء بهذا المشروع السّتراتيجي : كتعريف الأنسان و الأخلاق و القيم و المبادئ الأنسانية الأولية و ...إلخ, و الأبتعاد عن الظلم و التعصب و التكبر و الجاهلية التي يتّصف بها أكثر أهلنا في العراق, بما فيهم المسؤولين في آلنظام الجديد , حتى يتمّ من خلالها تعريف العراقيّ بمعنى الإنسان و الفرق بينهُ و بينَ الحيوان ! كي نُحقّقٌ و نبني القاعدة القوية و الأنطلاقة الصحيحة آلأولى في منهجنا ألجديد !

فما فائدة أن يَتَخَرّجَ العراقيّ مُهندساً أو طبيباً أو مَرْجعاً و هوُ لا يَعرفُ تلكَ الفروق و نعني الفروق ألجَوْهريّة و ليستْ العرضية؟


بعدها نبدأ بالمرْحلة الأبتدائية في فهم مُحتوى الأنسانية كحبِّ الخير و آلصّدق و التّواضع و المَحبّة و غيرها , ثمّ ألمَرحلةُ التاليةِ كحبِ الأدبِ و النّثرِ و الشّعرِ و العرفانِ و الحكمةِ و آلحياةِ, جنباً إلى جنب مع الدّروس الأختصاصية في الطب و التكنولوجيا .

هذا بَعْدَ أنْ نكونَ قد تجاوزنا ألحالة الدينية ألجافة التقليدية آلتي ما خدمت العراق و لا الأمّة يوماً مّا في حياتها و محنها, فما فائدة أنْ يكونَ أحدٌنا مَرْجعاً أو آيةً عُظمى بعد خمسين أو ستين عاماً لكنّهُ لا يفهمُ تلك الفروق “آلجوهرية”؟ و آلتّي بِفُقْدانها يفقدُ معها الأنسانُ إنسانيتهُ و يُحقّقُ أنانيتهُ بأبْشعِ صورةٍ كريهةٍ, بحيث لا يَحسّ بمظلوميةِ مُواطنهِ أوْ أخيهِ الأنسانِ؟
أو ما يجري حولهُ في المُجتمع آلأنسانيّ منْ تطوراتٍ أو مظالمٍ؟

ليأتي دور آلمراحل آلتكاملية آلعالية العملية في طريق المعرفة الألهية, و التّوحيد العملي و النبوة العملية و الأمامة العملية للبدء بالمراحل الأخيرة كتوليد المعرفةِ و العلمِ, و إستشراف المُستقبل, و غيرها, كلّ ذلك لتحقيق الكمال الأنساني ألذي يُعْتبرُ آلغايةُ من خلقِ الأنسان, و الوصول إلى المَعشوق الحقيقيّ بعد تجاوز كل “العشوق” المجازية في آلأرض, و الذي أعتقد أنّه لا يوجد في عراق آليوم مَنْ يُمكنهُ إعطاء هذا المفهوم حتى مُجرّد تعريفاً دقيقاً و صحيحاً حسب قرائتي لِواقعهِ و خباياهُ, ,ناهيك عن تطبيقهِ ثمّ تَعْميمهِ و نشرهِ كواجبٍ غائيٍ في الوجود.


مرة أخرى أتمنى لكم أيّها المُضحّون من القلب ألمُوفقيّة لإجراءِ العدالةِ الأنتقاليةِ في العراقِ .. ِلكنْ عليكمُ أنْ تُحدّدوا بدايةً ألثوابت المفقودة أصلاً في واقع العراق الدّامي و قبلَ كلّ شئٍ كشرطٍ للنجاح, لأنّنا بغير ذلكَ سَنُكرّرُ و نُديمُ الفوضى التّي نحنُ فيها, و التّي توارثناها عبر تأريخٍ مليئ بالمآسي منذُ حمورابي آلظالم و حتى يومنا هذا, و إلّا فبماذا يُفَسّرْ عندما يكون المَسْؤولون في الخط الأول و الثاني في حكومة العراق الجديدة المُنتخبة - و فيهم من ينتمي إلى أشرفِ حزبٍ .. كانَ يُسمّى بـ(حزب الدّعوة) و الذي عَرَفَتْهُ الساحةُ العراقيةُ و آلأسلاميّة بحزبِ الشّهداء آلعظام - يكون المَسْؤولين فيهِ من الكاذبين و السّارقين و المُحتالين و المُتكبرين و عديمي الأخلاق و الضمير!

فماذا يُمكنكَ أنْ تتوقعَ منَ آلآخرين في عراق البعث آلزنيم .. من الذّين ينتمونَ إلى ذلك التأريخ الأسود و إلى الأحزاب الوضعية آلجديدة آلتي أجْرَتْ مياهاً مُلوّثَةً كثيرةً في نهرِ الفكر العراقي؟


فهلْ في العراقِ حقاً بَعْدَ هذا .. مَنْ يُفكّرُ و يُنادي بالعدالةِ و قضايا آلفكر الأنسانيّ؟
ألباحث و المفكر
عزيز الخزرجي