Friday, October 05, 2018

أخيراً .. أظهر العراقيون هويتهم الحقيقيّة:
لا تُحدّثني عن آلحضارة وآلتأريخ والثروة وعن سرجون وحمورابي ونبوخذ نصر و صدام ومن تبعه للآن لتحمير الناس: فهؤلاء المجرمين كانوا من مدرسة واحدة, هي مدرسة الشيطان اللعين وإنّ إدّعوا ما إدّعوا من الوطنية و الأسلام والأنسانية والدّعوة لله مستمدّين نهجهم و قصورهم من الحضارات التي بُنيت على جماجم الفقراء وحقوق المستضعفين لرغبات وشهواتهم ورفاههم!
لا تُحدّني بكونكم أوّل من علّمَ الناس الكتابة؛ فأنتم بحديثكم هذا مُخطئون ومذنبين كما أخطأتم في إنتخابكم للظالمين لفقدان الفكر.

حتى ألكتابة المسمارية التي تدّعون بأنها ظهرت في العراق قبل 5000 سنة(1) خطأ كبير و وصمة عار على جبين من إدعى ذلك, لأنّ حقيقة تأريخها وأصلها على الأرض يعود إلى ما يقرب من 10000 عام حين حمل معه آدم(ع) ثم نوح  دعاءاً هامّاً من الله مكتوباً بآللغة الآرامية ليحميه من المخاطر على الأرض(2) و لغباء القوم لم يكتشفوا ذلك حتى تمّ العثور على تلك اللوحة التي كان يضعها نوح(ع) في مقدمة سفينته في جزيرة قاف في وادي أرارات بروسيا من بقايا السفينة عام1951م لتنكشف الحقيقة للعالم, و هذا يعني تخلفكم إلى حدٍّ بعيد في الكتابة ثمّ الفكر وليس العكس كما تصور الأكاديميون بآلخطأ(3).

العراقيون حين قبلوا بعادل عبد المهدي حاكماً جديدا عليهم خلفاً للحاكم الأنكليزي السابق السيد العبادي و أمثاله؛ إنّما قبلوا بشبيه صدام و عودة نظام البعث بآلكامل و لكن بثوب آخر و عنوان جديد مطرّز بالديمقراطية و الانتخابات وآلآمال الكاذبة..

فبعد كل الذي كان؛ هل هذا مستوى العراقيين حقاً بحيث لا يروق ولا يطيب لهم سوى الظالمين كالبكر و صدام ومهدي وأمثالهم؟
هل نسى أو تناسى العراقيون – وفي مقدّمتهم الأكاديميون و المثقفين والأعلاميين - ما جرى عليهم بسبب ثقافتهم التي أنتجت هؤلاء الظالمين؟ فكيف يمكن أن تُسعدوا و أنتم لا تعرفون السّعادة و الأسفار التي توصلكم لمدينة العشق الأبدية!؟

لماذا لا تقرؤون؟ لماذا لا تبحثون؟ لماذا لا تُبدعون؛ لماذا لا تُحقّقون ممّن يستحقون قراءة فكرهم لتفهموا حقيقة الدِّين والغاية من الحياة و الخلق و آلفلسفة والثقافة والوجود ناهيك عن مبادئ الفلسفة الكونية التي لم يفهمها سوى مفكرين بعدد الأصابع(4)؟

للأسف يبدو أن ما طرحناه و بيّناه تفصيلاً في مقالات سابقة بشأن الأميّة الفكرية؛ هي حقيقة ما زالت تنخر أعماق العراقيين, والعلة تكمن في الثقافة والتربية المدرسية والعشائرية والحزبية الفاضحة التي لم تُعلهم سوى التسلط والنفاق والغيبة والتكبر والعنف و كيفية القتل والسطو على الجار و النهب و الأنتهازية, حيث تأكد هذا حين جعلوا السلطة(الحكم) غنيمة للراتب و للثراء و بناء القصور بدلاً من بناء الوطن و العدالة ليسعد الجميع في ظل نظام حقوقيّ يتساوى الجميع بظله في الرواتب والمخصصات و الأمكانات لتحقيق السعادة و الكرامة الأنسانية.

و هذا لا يتحقق ما لم يتوب و يصصح كلّ عراقي نيّتهُ أوّلاً ثمّ أفكاره التي تعلمها في المدرسة والبيت والعشيرة و الحزب - ايّ حزب؛ إسلامي؛ قومي؛ أممي؛ أو غير .. بعد ما ثبت إصابة العراقيّ خصوصاً السياسيين منهم؛ بالأميّة الفكريّة خصوصاً في الجانب الأنسانيّ الكونيّ, وهذا النّمط الفكري شلّ العقول وأمات القلوب بحيث جعلتهم لا يُفرّقون بين الحقّ والباطل سوى إتقان الفساد والميل لنصرة ألباطل القويّ بحزبه وعشيرته .. حتى أظهرتُم بإنتخابهم للباطل هويتكم الفكرية القديمة - الجديدة الحقيقيّة للناس بدل الطابع الظاهري الخادع بكونكم مسلمون وحسينين, ومهما دعوتُم فأنّ دعائكم في ضلال, ولا حول ولا قوة إلا بآلله.
الفيلسوف الكوني/عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يعتقد العالم بأن أول المخطوطات اللوحية ترجع لسنة 3000 ق.م. وهذه الكتابة سبقت ظهور الأبجدية منذ 1500 سنة وظلت سائدة حتي القرن الأول ميلادي, و هذا خطأ فضيع و مقصود كما أشرنا في المتن لأسباب دينية جوهرية للأسف لا مجال لبيانها هنا, حيث إدّعوا بأن تلك الكتابات ظهرت أولا جنوب وادي الرافدين بالعراق لدي السومريين للتعبير بها عن اللغة السومرية وكانت ملائمة لكتابة اللغة الأكادية والتي كان يتكلمها البابليون والآشوريون, بعدها تم اختراع الكتابة التصويرية في بلاد ما بين النهرين قبل العام 3000 قبل الميلاد حيث كانت تدون بالنقش علي ألواح من الطين أو المعادن أو الشمع وغيرها من المواد وتطورت الكتابة من استعمال الصور إلى استعمال الأنماط المنحوتة بالمسامير والتي تعرف بالكتابة المسمارية, وأول كتابة تمّ التعرف عليها هي الكتابة السومرية والتي لا تمت بصلة إلى أيّة لغة معاصرة, وبحلول عام 2400 قبل الميلاد تم اعتماد الخط المسماري لكتابة اللغة الأكدية، كما استعمل نفس الخط في كتابة اللغة الآشورية واللغة البابلية، وهي كلها لغات سامية مثل اللغتين العربية والعبرية و تواصل استعمال الخط المسماري للكتابة في لغات البلاد المجاورة لبلاد ما بين النهرين مثل لغة الحيثيين واللغة الفارسية القديمة، وكانت تستعمل إلى نهاية القرن الأول الميلادي.
(2) للتفاصيل راجعوا همساتنا الكونية. الموضوع الخاص بسفينة نوح و إكتشاف مقام أهل البيت(ع).
(3) لمعرفة التفاصيل, راجع:  
http://www.alkawthartv.com/news/112932
(4) هذا ما تبيّن لي من خلال تعليقات عديدة على مقال نشرته يوم أمس بعنوان:[تخلفنا لغياب الفكر], مدعين بأنها تفلسف لا معنى له.

Tuesday, October 02, 2018

تخلّفنا لغياب (الفكر):
لماذا فقد العالم هدفهُ في هذا الوجود؟
لا تحدثني عن ثروة وثورة الأوطان؛
لا تُحدّثني عن تأريخ ألأوطان؛
لا تُحدّثني عن شعراء و أدباء ألأوطان:
لا تُحدّثني عن حضارة أيّ وطن؛
لا تُحدّثني عن دين أو مذهب وطن؛
لا تُحدّثني عن مساحة أو سكان أو جغرافيا أو طبيعة وطن؛
لا تُحدّثني عن دين وصفات أيّ وطن .. فقد يكون لكل محور منها مكانة لا تتعدى سوى الأستمتاع ساعة معها في كل العمر؛ لكن لا قيمة حقيقية لكل ما ذكرت و ألناس فيها مشحونين بالحقد والعنصرية والحزبية والجهل والمؤآمرت بعيداً عن التفكر و التواضع حتى و هم داخل معابدهم و كنائسهم و مساجدهم حيث يكيد ويتآمر و يستغيب بعضهم بعضا !
نيجيريا من أكثر الدّول غنى بالثروات والمعادن ومن أكبر دول العالم المصدرة للبترول .. لكن أنظر لحالها و وضعها ..
والسبب أن الإنسان فيه مُشبّع بالأحقاد العرقيّة ومحمّل بالصراعات و التّنفر و بكل الصفات إلا المحبة و التواضع!
ألعراق الذي كان يُعتبر من أغنى الدّول؛ لكن الأنسان فيه لا يتحمّل حتى نفسه لتعاظم الأنا والجّهل والحزبية والتعصب القبليّ,

فيما سنغافورة البلد الذي بكى رئيسه لأنسانيّته و تواضعه ذات يوم وهو يشارك شعبه لقمة  العيش .. تألّم و بكى, لأنه رئيس بلد لا توجد فيه مياه للشرب! لكنه اليوم ولأخلاص حكوماتهم يتقدّمون على اليابان في مستوى دخل الفرد !؟
في عصرنا الحالي؛ ألشعوب والبلدان المُتخلفة كدولنا هي التي مازالت تنظر لباطن الأرض؛ ما الذي ستخرجه كي تعيش!؟
في الوقت الذي أصبح الإنسان بحدّ ذاته في البلاد المستقرة؛ هو الرأسمال للاستثمار الأنجح والأكثر ربحاً و نتاجاً بوجود مدراء مخلصين يقودهم مُفكّر كونيّ, هذا بغض النظر عن مَنْ يستفيد بآلدرجة الأولى من تلك الثروة المنتجة لوجود (المنظمة الأقتصادية العالمية) ومقرّها (دافوس) التي تسرق بلا رحمة جهود الكادحين مقابل ضمان الحد الأدنى من  المعيشة, وهذه مسألة أخرى لا محلّ لذكرها هنا, ألمهم أن تلك الدول على الأقل آمنة و المواطن فيها يستطيع العيش بأمان.
هل فكرت وأنت تشتري جوال (كلكسي) أو (أيفون) كم يحتاج هذا (التلفون) من الثروات الطبيعية ؟
ستجده لا يكلف سوى أقلّ من دولار واحد من الثروات الطبيعية المستخدمة من التراب!
جرامات بسيطة من الحديد وقطعة زجاج صغيرة وقليل من البلاستيك المستخرج من المواد الخام
ولكنك تشتريه بمئات بل آلاف الدولارات مع إشتراك سنوي تتجاوز قيمته مئات براميل النفط والغاز  الذي نعيش عليه بلا جهد أو عمل في الجهة الأخرى, والسبب إحتوائه على ثروة فكريّة تقنية وإدارة علمية متطورة من عقول بشرية؟
هل تعلم أن إنسانا واحدا مثل (بل غيتس) مؤسس شركة مايكروسوفت يربح في الثانية الواحدة 226 دولاراً ..
يعني أنه يعادل ما يملكه اليمن ودول الخليج من إحتياطي للثروات؟ و كلها مجتمعة لا تستطيع مجاراة شركة لتقنية حاسوب؛ فكيف بآلمركبات الفضائية والصواريخ والطائرات العملاقة وآلمحطات النووية!؟
هل تعلم أن أثرياء العالم لم يعودوا أصحاب حقول النفط والثروات الطبيعية وإنما أصحاب تطبيقات بسيطة على هاتفك؟
هل تعلم أن أرباح شركة مثل (سامسونج) في عام واحد 327 مليار دولار؟
نحتاج لمئة سنة لنجمع مثل هذا المبلغ من الناتج المحلي طبعا بدون فساد, و هذا مستحيل بسبب عقائدنا و ديننا الفاسد!؟
أيها الواهم ألمتبجّح ألمُتبختر بأنّ لديك ثروة ستجعلك في غنى عن كل شيئ دون الحاجة إلى عقلك؛
دع عنك أوهامك هذه .. فلا ثروة تنفع مع عقلية الثور والحمار و التكبر!
هُزمت (ألمانيا) في الحرب العالمية الثانية .. لكنها في عقود قليلة, أصبحت الدولة الأولى في العالم من جميع النواحي!
هُزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية .. لكنها بأقل من خمسين عاماً انتقمت من العالم بالعلم والتقنية الراقية!
و كذا دول النمور الآسيوية, وصلت القمة و هي لا تملك شيئا .. بل مجرد جزر عائمة وسط البحار و المحيطات!
وبقي الأغبياء يسألونك عن دينك ومذهبك و حزبك .. أو من أي قبيلة و عشيرة أنت.. و لأية مرجعية تنتمي؟
بل و فوق كل هذا؛ حُكّامنا يفتخرون بأنهم حيتان .. يبتلعون كل شيئ حتى حقّ الله و من خلق, و تخلّفنا هذا ليس إلّا لفقدان الفكر بجانب الوجدان, والأمَرّ من كلّ ذلك؛ أنّهُ لو صادف بروز مفكّر حقيقي أو ربما فيلسوف في هذا الوسط؛ فأنّ الحُكّام وأحزابهم سرعان ما يُحاصرونهُ ويتّهمونه تمهيداً لسجنه وقتله ولو لم يقدروا فأنهم يشرّدوه ويجوعوه حتى الموت.
لذلك حين تريد أن تصف أو تُمجّد وطناً؛ صف مدى محبة و تواضع و كرامة أهلها و أخلاقها .. بحسب منظومة الفلسفة الكونية ألتي تبحث في منابع تغذية جذور وأعماق الوجود الأنساني فيه و هو العقل الباطن الذي يتعدى قوته أضعافاً مضاعفة قوة العقل الظاهر.
لذلك فأنّ تخلّفنا هو لفقدان الفكر التي تبعه فقدان الكرامة, لكن لا هذا الفكر المتعلق بالعقل الظاهر؛ بل فقدنا العقل الباطن الذي يعتمد (الكَوانتوم) للتفاعل مع مكونات الطبيعة ليتعدّى مدار العلوم الأجتماعيّة و الطبيعيّة بحسب (الفلسفة الكونية العزيزية) لتفعيل تلك القوة الكامنة العظيمة في وجودنا لتحقيق (فلسفة الوجود), فلا التّفرد بالتكنولوجيا تنفع وتُسعد .. ولا التّفرد بآلدّين لوحده تنقذنا, لا بدّ من الأستخدام المزدوج للأنتاج والمحبة لتحقيق السعادة ألأبدية.
الفيلسوف الكوني/عزيز الخزرجي

Thursday, September 27, 2018


هدف (الفلسفة الكونية العزيزية):
تهدف فلسفتنا الكونيّة إلى بيان ألأسس ألنظريّة المعرفيّة لتحديد و رسم ماهية القوانين و الدّساتير على أساس المساواة والعدل وحفظ الكرامة الأنسانيّة المهدورة بدل الدساتير الحالية التي تهدف تحقيق منافع الحاكمين على حساب اخلاق وحقوق وكرامة الناس, وآلغاية النهائية من فلسفتنا هو: إنقاذ العالم وتحويله لمجتمع (آدَميّ) مُسالم مُؤدّب؛ مُحبّ؛ مُتسامح؛ كريم, ويتطلب هذا تجاوز ألحالة الحيوانيّة التي وصلها الناس بسبب الأنا إلى الحالة البشريّة ثمّ الأنسانيّة كمقدمات لتَحَقُّق الحالة (الآدميّة) التي معها يتحقق آلخلاص من الظلم والفوارق الطبقية والحقوقية وحالة التكبر والمسخ التي تعرّضوا لها لفقدانهم ألنظام الأجتماعيّ الأمثل ألمُستند على القوانين العادلة المستنبطة من (ألفلسفة الكونيّة العزيزية) لضبط الوضع الأجتماعيّ والأقتصاديّ والسّياسيّ والعلميّ والماليّ والتربوي والحقوقي المحكوم حالياً بقوانين (المنظمة الأقتصاديّة العالميّة) لصالح المستكبرين ومَنْ حولهم عن طريق محو الأخلاق والقيم الكونية, لأنّ معرفة الناس بواقعهم وحقوقهم وكرامتهم وسبب وجودهم ومصيرهم؛ تُعينهم على آلوقوف بوجه الأستغلال وآلظُّلم الذي تُنفّذهُ ألأحزاب في الحكومات التابعة في دول العالم ألـ 256, لذا نُهيب بالمثقفين والأعلامييّن والأكاديمييّن ألذين إبهرتهم أيضاً الرواتب والأمتيازات للأسف وباتوا ليس فقط لا يسعون لتغيير الواقع بل يأملون الفوز بالمناصب  لتكرار نفس الفجائع والمصائب؛ لذا نرجو ونتمنى ألأرتقاء لمستوى الآدميّة لدرك (فلسفتنا الكونيّة) وآلسَّعي لتحقيقها تمهيداً لدولة ألمُنقذ ألموعود.
الفيلسوف الكوني/عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للأطلاع على مبادئ و أسس (الفلسفة الكونيّة العزيزيّة)؛ إقرأ سلسلة مباحثنا بعنوان: [فلسفة الفلسفة الكونيّة], مع المقالات المتعلقة و كذلك سلسلة مباحثنا بعنوان: [محنة الفكر الأنساني].

Tuesday, September 18, 2018

مفهوم ألثّقافة
حَقيقةُ آلثّقافة في ألفلسفة ألكونيّة و كيف تكون مُفكّراً؟
أفضل تعريف للثّقافة, هو ما قالهُ (إدوار هريو)(1)؛ [ألثقافة هي ما يبقى في الفكر بعد ما ينسى الأنسان كلّ شيء], خصوصاً عند الغضب, و لو وضعنا تعريف (أرسطو) الذي قال, [التفكير مستحيل من دون صور],بجانب تعريف (هريو), أعتقد بأننا نُقدّم صورة أوضح و أجمل للثقافة!

ذلك أنّ الصّورة تتميّز بقدرة التسلل لوجود الأنسان و الإقامة الطويلة في الذاكرة و ربّما يؤدي بعد التمحيص و الموائمة إلى الأستقرار ألأبدي في القلب ليكون جزءاً من هواهُ وعقيدتهُ و عشقه، فقد ينسى أحدنا كلاماً أو خطاباً أو محاضرة سمعها, أو كتاباً قرأه قبل عشرين عام و هذا هو حال الناس .. لكنهُ بالتأكيد لن ينسى بسهولة مشهداً بصرياًّ أو صوراً مرئية تملأ عينيّه و وجوده خصوصاً أذا أحبّها و تعلّق بها, لا سيما تلك التي تحفل بجرعة عالية من آلجّمال و الجاذبية و الأناقة و الدّهشة و آلأثارة التي تملأ الروح و الحواس بآلبهجة و الأمل!

و من الناحية العلميّة, فأنّ آلصّورة تشغل حيّزاً أكبر و أوضح في الذاكرة, كما في الحاسبات الأليكترونيّة حيث إن الصورة تشغل مساحات أوسع كلّما كان مقدار(الميكابكسل) عالية, رغم إن سعة التخزين كبيرة في حافظة الأنسان حيث تصل إلى معدل 30 مليون (كَيكَأ بايت) لكن لا يتمّ إستغلال سوى 3% منها في أفضل الأحوال, لذلك فأنّ المساحات الكبيرة التي تشغلها الصور والتوافه و الجدل في وجودنا تبقى فاعلة و ممتدة و مؤثرة لمدد أطول كذكريات خالدة قد تُرافقنا لآخر العمر و قد تمتدّ لما بعده, لو آمنا بأنّ عمر الأنسان الفكريّ - الظاهر و الباطن منه - ليس محدوداً بزمان أو مكان و كما يعتقد الناس بآلخطأ!
من هذه الحقيقة العلمية أرجو من الشباب الساعين للثقافة الرصينة وألّذين يأملون أنْ يكونوا مثقفين و ربما مفكريين؛ عليهم الحذر من ملأ عقولهم بآلصور والمواد التافهة ألضّارّة كآلصور وآلأفلام الجّنسية وآلجدال والخصام واللجاجة لأنها تقلل من فرصة التثقيف و تشغل مساحات من الحافظة وتٌبعدهم عن التّدبر و آلتّفكر ممّا يسبب ضعفها, وعليهم ملئها بآلمفاهيم المعرفية والفلسفية في إطار علم (الكَوانتوم) بدل ذلك حتى تكون مَلَكَة في وجودهم و مقدمة لطرق باب الفلسفة!

و لو وضعنا تعريفاً آخر لـ (أرسطو) بجانب التعريفين ألسّابقين؛ [بكون التّفكير مستحيل من دون صور], نكون قد أتممنا ألمفهوم ألحقيقي للثقافة و حقيقة الفكر(2) لدرجة الكمال ألّذي من خلاله يتكامل وعينا ونظرتنا(3) لحقائق الوجود, و بآلتالي نكون قد قدَّمّنا صورة جامعة وكاملة لأهم و أخطر مسألة في وجود الأنسان بعد (القلب)(4) الذي يُشكّل جوهره الحقيقي أو ما يعبر عنه علماء النفس بآلوجدان أو الضمير أو العقل الباطن الذي يواجه أخطار جمّة في هذا العصر بسبب الأستغلال و الحرب و العنف و النفاق .. فتأثّر و تعرّض وجود الأنسان وأسفاره و عاقبته على طول الخط للخطر!

ولذلك أكدّ الخالق تعالى على العناية والأهتمام بآلضمير أو(القلب) أو(الوجدان) وتسخيره للمحبة كونها الأساس والمعيار للفلاح والفوز العظيم لنيل السعادة في الدارين فيما لو تطهّر وتعبّأ بآلمثل والقيم والطيّبات ليكون منتجاً فاعلاً للفكر والخير والأصلاح على كل صعيد, أو العكس من ذلك يكون معياراً للخراب وآلشّر وآلشقاء والأتكالية وآلنّفاق لمنافع ماديّة محدودة سرعان ما تنتهي بموت الأنسان الحتميّ بينما المثقف المفكر يبقى حيّاً خالدً بآلفكر وفي كل الظروف والأزمان والأكوان.
الفيلسوف الكوني/عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دوللو، لويس: الثقافة الفردية و الثقافة الجماهيرية؛ ترجمة خير الدين عبد الصّمد؛ ط1, دمشق، 1993 ص 67.
(2) يتشكل الفكر الأنساني من مجموعة مؤثرات؛ الأبوين؛ ألبيئة؛ المدرسة؛ ألمذهب؛ النظام السياسي؛ ألدِّين؛ الذات؛ العناية الألهية؛ ألأقدار.
(3) ألوعي كلمةٌ تدلُّ على ضمِّ شيء, و في قواميس اللغة العربية؛ وَعَيْتُ العِلْمَ, أعِيهِ وَعْياً، و وعَى الشيء و الحديث يَعِيه وَعْياً و أَوْعاه: حَفِظَه و فَهِمَه و قَبِلَه، فهو واعٍ، و فلان أَوْعَى من فلان أَي أَحْفَظُ وأ َفْهَمُ. و في الحديث رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: (( نَضَّر الله امرأً سمع مَقالَتي فوَعاها، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوعى من سامِع))، و الوَعِيُّ بمعنى الحافِظُ الكَيِّسُ الفَقِيه, و عليه لا وعي دون علم فكلما ازداد المرء علماً و فهماً ازداد وعياً, و آلواعي يدرك الأمور على حقيقتها لا كما يدركها العاقل المجرّد, عن طريق الحواس الخمسة, بل بنظري أن العقل يعتبر حاسة جامعة بجانب الحواس الأنسانية, تعمل كضابط لأهل(القلوب), لمعرفة المزيد؛ راجع بحثنا الموسع بعنوان: [أسفارٌ في أسرار الوجود], و الوعي عند علماء النفس؛ يمثل الحالة العقلية ألتي يتميز بها الأنسان بملكات المحاكمة المنطقية – الذاتية[ الإحساس بالذات) (subjectivity)، و الإدراك الذاتي (self-awareness)] والحالة الشعورية (sentience) والحكمة أو العقلانية (sentience) والقدرة على الإدراك الحسي (perception) للعلاقة بين الكيان الشخصي و المحيط الطبيعي له, خلاصة تعريف الوعي: هو ما يُكوّن لدى الإنسان من أفكار ونظرات ومفاهيم عن الحياة والطبيعة والوجود.
(4) (القلب), هو العقل الباطن أو ما يعبر عنه بـ(آلضّمير), أو (الوجدان), الذي يمثل حقيقة الأنسان و جوهره.


Monday, September 17, 2018

ألحدُّ آلفاصل بين آلسّياسة و آلأسلام:

للفساد العظيم و الكارثة الكبرى التي ألمّت بالعراق كنتيجة طبيعية لفساد نظام صدام ومن حكم بعده بثقافة إسلامية حركية تقليدية هجينة متحزبين على دين قشريّ سطحيّ تمّ تطبيقه مع إستلام الحكم من قبل الأمريكان و من تحاصص معهم بعد 2003م؛ لهذا رأينا من الواجب بيان الحدّ الفاصل بين الدِّين و السياسة والعلاقة بينهما, و هو في الحقيقة تعليق على مداخلة طارئة لأحد الأخوة في موقع (صرخة واسط) و (بدرة حبيبتي) لتعميم الفائدة و بيان هذه القضية الهامة الغامضة للجميع.

فرق كبير بين السياسة الأسلاميّة العلويّة و السّياسة العلمانيّة الرأسماليّة المتبعة اليوم من قبل أكثر حكومات العالم بعناوين مختلفة كآلجمهورية و الأشتراكية و الملكية و الفيدرالية و الكونفدرالية و الديمقراطية و غيرها, و أستطيع إختصار الموضوع أو لنقل بيان الحدّ الفاصل بين سياسة الدِّين و السياسة المعروفة و المتّبعة حالياً في العالم بآلتالي:
(ألدِّين) ألذي هو الأسلام و يشمل أيضا كل الأديان السّماويّة بأشرعتها المختلفة كما بيّنا سابقاً يعتمد الأخلاق كأصل و أساس في متبنياتها المبدئية و رسم علاقاتها و مواقفها على كل صعيد خصوصا مسألة الحقوق و الكرامة الأنسانية التي تتحقق من خلال العدالة و المساواة في الحقوق و الفرص و الرواتب, بينما بقية النظريات الوضعية في الأنظمة السياسية الحاكمة في بلاد العالم البالغ عددها 255 دولة بما فيها الانظمة الرأسمالية؛ لا تُعير للأخلاق و القيم الأنسانية العليا تلك الأهمية القصوى إلا بمقدار ما يدخل في مصلحة (المنظمة الأقتصادية العالمية) ألتي تُسيطر على كل حكومات العالم و منابع القدرة بآلفساد و القوة ..
و السبب في ذلك هو أن هدف الأسلام (الدِّين) ينحصر بتحقيق وإستكمال مبادئ الأخلاق وصولاً لمكارم الأخلاق التي معها تتحقق السعادة و الحياة الطيبة وهي العلة الغائية للرسالات السماوية .. بيد أنّ هناك مراحل أخرى توصِلنا لأهداف أكبر وأسمى لكننا نكتفي بهذا العرض ولا نبحث في تلك العوالم ألكونيّة لأنها بحوث عالية تتعلق بالعرفان والكون و فلسفة الخلق!

و السؤآل ما هي الأخلاق؟
هل هي مجموعة صفات شخصية حميدة يتحلى بها المسلم كسلوك و كفي؟
أم هناك أبعاد أسمى و أكمل و أشمل من ذلك التعريف الضيّق, بل الضيق جداً بآلقياس مع حجم التضحيات و عدد الأنبياء و الأوصياء الذين أرسلهم الله تعالى و كلّفهم بتبليغ هذا الأمر العظيم و إستشهدوا جميعا بلا نتيجة واضحة وقوية؟
و الحقيقة إنّ الأخلاق عنوان كبير و واسع يضم كلّ الأصول الأسلاميّة خصوصاً العدالة الكونية و المساواة بين الجميع, و بمراجعة مقالنا الموسوم بـ [وجود الله رهين الأخلاق] يختصر لك هذا المعنى, و يوضح جانبا هامّاً من الجواب ..عبر الرابط التالي:
و كذلك يمكنكم الأطلاع على كتابنا الموسوم بـ [ألسياسة و الأخلاق؛ مَنْ يحكمُ مَنْ؟].
ألفيلسوف الكونيّ/عزيز الخزرجي

Monday, September 10, 2018

كيف خان العبادي ألعراق؟
أهم النقاط المركزية التي طرحها محافظ البصرة كاشفاً خيانة العبادي و سرقته لأموال ميزانية أهل البصرة وكذلك أموال الحشد الشعبي كما بيّن ذلك المهندس و منها إفشاله لمشروع الماء و التخصيصات التي منعها رئيس الوزراء وفوق ذلك صرفها كرواتب لمستشاريه وأعضاء حزبه و المكاتب الخاصة و جماعة رفحا الذين دافعوا عن صدام حتى آخر طلقة ثم صاروا مجاهدين فجأة في ليلة و ضحاها و غيرهم من العاطلين الأميين والحيلولة دون تأسيس آلبنى التحتية التي ترتبط بمصير الوطن و المواطن, و لذلك أقسمتُ وقتها في بيان سابق بدم الصدر المظلوم و بقوة الله و قلمي الكونيّ الذي يُمثل الفكر الأنساني كلّه؛ بأسقاط تلك الحكومة الفاسدة الغير شرعية ولا قانونية لأنه جاء للحكم بموافقة البعثيين وغيرهم .. كما أسقطت الحكومات السابقة ولا مكان بيننا للدُّعاة المزيفيين و أقرانهم البعثيين من حيث لا خير يُؤمل في عراق يحكمه الأميّون على نهج الأمويين: و لا سبيل للنجاة إلا بإنتخاب المفكر أو الفيلسوف.
https://www.youtube.com/watch?v=Fat6HIhkIKA

Sunday, September 09, 2018

ألفيلسوف الكوني/عزيز ألخزرجي
alma1113@hotmail.com
ماذا يجب أنْ يحصل في العالم بعد ليظهر المنقذ؟
إنظر كيف يحصل بعض البشر على لقمتهم .. بينما حكومات العالم كحكومة العراق الفاسدة و مراجعهم بقيادة المنظمة الأقتصادية العالمية و من يخدمهم من الأقنان و العبيد و الأعلاميين المصابين بآلأميّة الفكريّة و القلبيّة - يعني عميان بقلوبهم - لا يكدّون ولا يحملون أدنى همّ لرزقهم و كرامتهم وسيادتهم المهدورة ولا يعرفون ما يفعلوا بأموالهم وبنوكهم وشركاتهم وأراضيهم حتى في أفريقيا نفسها ..
فمتى يظهر المنقذ للخلاص من ظلم الحكومات الشيطانية ومن تسبّب بإنتخابهم؟
ملاحظة: والله حتى في بلاد الغرب اليوم و بعكس الشائع ليس سهلاً أن تحصل على لقمة خبز بآلحلال و بسهولة وبكرامة وشرف, ألعامة يواجهون معركة قاسية.
https://www.youtube.com/watch?v=B9cEDH1LfFg&t=28s
‫-;---;--لايصدق - 2 من الرجال يأخذون فريسة من فهد‬-;---;--‎ - YouTube
www.youtube.com
عندما يأخذ الإنسان فريسة من بين فكي فهد عندما يأخذ الانسان فريسة من فكي نمر When the man takes the prey ...

Saturday, September 08, 2018



هل تحكم العدالة في العراق؟
https://plus.google.com/collection/89BCZE

Wednesday, September 05, 2018


بإنتصار البصرة المنكوبة.. سينتصر العراق
رغم إن إستمرار المظاهرات يعني رفض و عدم شرعية الحكومة لكنها لا تؤثر على الحيتان الممسوخة ما لم يُنفذ البرنامج الثوري المدرج أدناه, بعد مقدمة هامة:
رغم الصعوبات القاهرة و قلة المواد الغذائية و سوء الأحوال المناخية و إنعدام المياه الصالحة للشرب و إنقطاع الكهرباء و الخدمات بسبب إنسحاب الدولة و عجزها عن إيجاد حل للبصرة التي أعلنت مؤسسات محلية آخرها نقابة المحامين و دولية وعالمية منكوبيتها؛ رغم كل هذا تأججت المظاهرات و المواجهات مجددا هذا اليوم الأربعاء، بين قوات الأمن العراقية التي أعادت إستخدام أساليب صدام القمعية حيث استخدمت الرصاص الحي ضد متظاهرين في مدينة البصرة التي شهدت يوم امس الثلاثاء مقتل ستة متظاهرين في مواجهات مماثلة.
حيث افاد مصدري امني لـ(دجلة) نيوز‘ باصابة عدد من المتظاهرين وتسجيل حالات اختناق باستخدام الغاز المسيل للدموع نتيجة تجدد التظاهرات.
وقال المصدر إن ‘ تظاهرات البصرة تجددت، عصر اليوم، مرة اخرى بعد أن شهدت فتورا نسبيا مساء يوم امس الثلاثاء‘.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن ‘التظاهرات شهدت اصابة عدد من المواطنين وحالات اختناق باستخدام الغاز المسيل للدموع نتيجة اصطدام المتظاهرين مع القوات الامنية التي منعهتم من الاقتراب لعدد من الاماكن.
من جانب آخر السياسيون المتحاصصون منشغلين بكيفية الفوز بآلمناصب و الأمتيازات عن طريق المحاور و اللوبيات و الأئتلافات بدعم و توجيه من الخارج, حيث تدعي كل جهة فوزها بأغلبية المقاعد المطلوبة للكتلة الأكبر .. بينما شعب العراق خصوصا البصرة يحترق و يتظاهر معلناً عدم شرعية الحكومة بسبب فسادهم و نهبهم للأموال و الحقوق و الرواتب و لا حول و لا قوة إلا بآلله.

حكمة: المظاهرات الشعبية تعني رفض ألحكومة و بطلانها.
لذلك نوصي أهل البصرة المنكوبين و كل أهل العراق و بآلأخص المتظاهرين الشجعان بآلخطوات الثورية التالية .. كضرورة قصوى لتحقيق المطالب المشروعة و نجاتكم من الموت المحتم الذي يلوح في أفق مدنكم ومياهكم و أرضكم و سمائكم:

اخوتي الأعزاء: إن تظاهراتكم في الشوارع فقط رغم إنها تعتبر تحديّاً كبيراَ للظلم و درساً للفاسدين الطغاة .. لكن لا  و لم تجدي نفعاً ولن تترك أثراً ولا تُحرّك ساكناً باتجاه الأقتصاص من المسؤولين و حكومتهم المتحاصصة .. الذين ماتت ضمائرهم و مُسخت قلوبهم وإمتلأت بطونهم بلقمة الحرام وعلت قصورهم و مشاريعهم الخاصة على مدى 15 عاماً, لذا عليكم إتباع النقاط المهمة والحساسة التالية التي تؤثر و بآلصميم على جميع المسؤولين الذين يتاجرون بهذا البلد و شعبه بلا رحمة وحساب وكتاب إلا التمركز في المناصب للربح السريع على حساب مستقبلكم و مستقبل أبنائكم و أجيالكم المسكينة.
و الحل الثوري الأمثل هو قيام المتظاهرين بـ:

1- التجمع وإغلاق منفذ ميناء ام قصر 

2- التجمع وإغلاق منفذ ميناء ابو فلوس 
 3- التجمع وإغلاق شركة نفط الجنوب 
 4- إيقاف تصدير النفط

و أقسم بآلله أنكم ستجدون جميع السياسيين راكعين أمامكم يُقبّلون احذيتكم وحتى الرئيس الأمريكي والدول العظمى ستتدخل لحل أزماتكم.
 و إن المظاهرات في الشوارع فقط في هذه الظروف لا تجدي نفعا كثيراً بل تؤثر على الشباب وتتطور الى أمور لا تُحمد عقباها بدون حلول لأنكم أمام حيتان فساد لا يهمها سوى بطونها و جيوبها بالبقاء في السلطة التي ستدفعهم لقتلكم وإسالة مدامعكم و إدامة حزنكم كما يفعلون الآن. و بإنتصر البصرة سينتصر العراق كله. 

ملاحظة هامّة ذات علاقة: للعلم و لعلكم تعلمون: بانّ جميع التجارة المستوردة التي تدخل العراق عن طريق الموانئ البصرية تابعة للمسؤليين والوزراء ورؤساء الكتل والأحزاب الفاسدة, حتى إيرادات النفط أيضاً تذهب الى جيوبهم من خلال تلك النوافذ؛ لذلك عليكم تنفيذ ذلك و الله من ورائكم و هو خير ناصر و معين. و دمتم للحقّ ألمُضيّع في عراق المآسي و الظلم و المحاصصة. 
عزيز الخزرجي/فيلسوف كوني

Sunday, September 02, 2018

هل يحكم الدّعاة ثانيةً – القسم الثاني والأخير
عرضنا في القسم الأول و بأدلّة قاطعة و مشهودة بأنّ (حزب الدعوة الأسلامية) و لأسباب جوهرية؛ منها عدم إمتلاكهم لعقيدة صحيحة  واضحة و لبرنامج علميّ يعتمد على الفكر والفلسفة لأدارة الدولة وآلحكم لخدمة الناس لفقدان المفكر القائد في أوساطهم بل و بغضهم و عدائهم للفكر و الفلسفة وبآلمقابل خضوعهم للأدارة الأمريكية و إعتمادهم على سياسة الغرب في تولي الأمور بدل ولاية الله و أهل آلبيت(ع), ليسبب هذا الأنحراف الكبير و الخطير فساداً عظيماً شهده العالم كله من خلال هدر و سرقة أموال الناس و صرف رواتب بآلجملة و بغير حق لهذا و ذاك بلا وجه حقّ كآلبعثيين و آلصّداميين و العسكريين و من إدعى إنتمائه للمجاهدين و الدعوة وغيرهم من المتمرسين على النفاق من الذين خدموا في الجيش و دافعوا عن صدام ضد المجاهدين و دولة الأسلام و لآخر لحظة و غيرها من الأسباب التي واحدة منها تكفي لمحاكمتهم و الأقتصاص منهم لإعادة أموال الناس التي ما زالوا يتمتعون بها من دون خدمة أو مقابل, و لا يمكن أن تسعفهم دعوة البعض بالأنسحاب و التخلي عن مفاصل الحكم لأنقاذ ماء وجه الدعوة, لأن مشكلتهم ليست مرحلية؛ بل يتجلى بإختصار في تطبعهم على النمط الصدامي في التعامل والسلوك بعيداً عن النمط الأسلامي كآلأدب و التواضع و المحبة و آلأخلاق الأسلامية بسبب أدائهم للخدمة العسكرية الألزامية ألصدامية التي علّمتهم و الناس – على التكبر والخيانة و العبودية و ألوان الظلم و الوحشية و العنف و القتل و الرفض لمجرد خدمتهم فيه لأربعين يوماً – حيث تطبّعوا على الظلم و إطاعة الظالم كأساس معروف عن هذا الجيش الذي هجم و قتل الجيران و حتى الشعب العراقي الأعزل.

و في هذه الحلقة سنعرض المقدمات التي أدت لهذا المصير الأسود الذي ضاع بسببه الحقّ و دماء الشهداء و حقوق عوائلهم و على رأسهم نهج الأمام الفيلسوف الصدر حين قدّم "الدعاة" أسوء صورة و اداء عن حقيقة الدّعوة الأسلامية التي كان جميع الناس يحترمها لأخلاص الثلة الأولى التي ضحت في سبيل الله لا أمريكا .. بعكس اليوم الذي أصبح الناس يمقتونها و لهذا خسروا كل شيئ سوى الرواتب والأموال التي سرقوها و البيوت و القصور التي حصلوا عليها و أودعوها في بنوك الغرب بعد أن لم تسعها بنوك الشرق فلعنة الله على كل من يدعي إنتمائه لهؤلاء القراصنة الذين لا يتقنون سوى الخداع و اللعب بآلكلمات و التكبر والغيبة و الكذب و النفاق و العمالة و السرقة, و إليكم تفاصيل و مقدمات تلك المحنة الكبيرة التي حطمت آمال الناس البسطاء الذين عقدوا الأمل عليها لتطبيق العدالة بعد ما كانوا يتصوّرون عنها شيئا آخر.

ألدّعوة بعد تجربة الحكم خلال 15 عاماً:
كيفَ إنْعَكَسَتْ صورة ألدّعوة في أذهان ألنّاس بعد تجربة الحكم الظالمة؟

لا أقول كما قلتُ في مقالات سابقة بأنّ (دُعاة أليوم) أو (دعاة السّلطة) ألظالمين ألجّهلاء فكريّاً قد وجّهوا (طلقة الرّحمة) وبلا رحمة لحزب آلدّعوة فقط؛ بعد ما سبّبوا عكس صورة قبيحة و سيئة للغاية عنها وإستنزافها بآلكامل لجيوبهم ومنافعهم الخاصة و عكس صورة ظالمة و قاسية و مخيفة عنها .. بدل إستنزاف أنفسهم – أيّ الدّعاة - للدّعوة لله و لعباد الله كأساس و هدف مركزي في الحزب بإرساء العدالة و المساواة و نشر المحبة كهدف نهائي؛ بل  بآلأضافة لذلك سوَّدوا و كرّهوا نهج أهل آلبيت و وجه آلشّيعة في العراق و العالم .. بعد إستهلاكه من قبل المنافقين ألمتلبسين بظاهر آلدّعوة نتيجة تمرّسهم و مردهم على النفاق و البهتان و الغيبة  و الكذب و سرقة أموال ألناس و التلاعب بآلكلمات و تحديد المواقف بحسب التعاليم الغربية بعيدا ًعن نهج المفكريين و فوقهم الفيلسوف الكوني!

 و بتحقق هذا الأمر على أرض الواقع؛ تحققّ السّقوط ألأخلاقي و الأدبي  ألذي سيَّرهم عبيداً أذلاء (للمنظمة الأقتصادية العالميّة) حدّ التسابق للعمالة عن سيدهم الأكبر أمريكا, للحدّ الذي أعلن رئيس الحكومة بأنهُ يفتخر بكونه خادماً أمريكا بتطبيق سياستها حدّ القبول بآلأنضمام لتلك المنظمة التي لا يعرف لا هو و لا العراقيون - لجهلهم بآلقضية - شيئاً عن تأريخها و مؤسّسها و أهدافها العالمية, لذلك سكتوا و فرحوا لأعلانهم بما فيهم وسائل إعلامهم الرسمية, لأنهم لجهلهم لم يسمعوا شيئا عنها رغم إني بيّنت لهم وللعالم حقيقتها في مقالات و بحوث عديدة و بعدة لغات, لكن من يفهم و من يقرأ و قد إمتلأت بطونهم بآلحرام و عقولهم بآلامية الفكرية!؟


لم يتوقف الأمر على هذا فقط؛ بل إتفقوا مع قتلة مؤسس الحزب الفيلسوف(الصدر) من فدائي صدام و البعثثين و العسكريين الكبار بضمنهم مخابرات صدام و خصّصوا لهم الرّواتب و آلأكراميات و الحقوق و التقاعد و آلضّمان و بلا حياء لكسبهم و بقائهم في الحكم لأدامة سرقة الناس بآلقانون الدّيمقراطي المُفصّل على مقاس جيوبهم و منافع تلك (المنظمة) المجرمة و أخيرأً رهن العراق أرضاً و شعباً و مستقبلاً للغرب في إعلانهم الرسمي!

إن الذي يحزّ في النفس أكثر؛ هو أنّ هؤلاء ألمنافقين من (دعاة اليوم) كانوا يدّعون أمام الناس في المراكز و المساجد تعلّقهم بآلحقّ و خدمة الناس بآلكلام طبعاً بينما هم يسيرون على خطى الظالمين و يضربون في الخفاء الرواتب الحرام بلا حساب و كتاب, للضحك عليهم و تغريرهم بآلنفاق و الكذب و آلتزوير بغطاء ألأنتماء للصّدر و الدّعوة المرحومة, و اللطيف أنك لو كنت تسألهم أبسط سؤآل عن (الدّعوة ) و مبادئ الأسلام الكونيّة و عن سبب محنتها كما أوردناها في سلسلة بحوث(فلسفة الفلسفة الكونية) و (محنة الفكر الأنساني) و أختصارها قصيدة (محمد صالح بحر العلوم) و جوابنا بآلمضمون على تلك القصيدة؛ لما إستطاعوا آلجواب, بل إيكال الأمر إلى النت بكونها تحوي كل شيئ, بل ينتظرون الجواب من فمك كآلأفعى كي يشتروه منك على الفور خلسةً لبيعه عليك في نفس الوقت بكل صفاقة و بلا خجل أو حياء أو أدب!

في مقابل هذه الصورة بل الصّور الكثيرة ألمؤلمة المحزنة التي برزت الآن و عرفها الناس خصوصاً داخل العراق بعد خراب البلاد و العباد؛ فإنه لا يختلف عراقيان اليوم بكون (حزب ألدَّعوة) ألحقيقي المرحوم كان يختلف من السماء إلى الأرض عن حزب آلدّعوة العلماني الشائع اليوم الذي شكّله هؤلاء المنافقين الجهلاء برئاسة العبادي والجعفري ووو غيرهم من منافقي و عرابي الأنكليز للحكم و الفساد و النهب, لهذا هناك مفاجآت كثيرة ستظهر هذه المرة و سوف لن ينخدع العراقيون بكون مواقف الدّعاة العلمانيين المخزية؛ إنما كانت لها أسباب و تبريرات و غيره من الكلام الفارغ الذي لا واقع و لا دليل عليه سوى الفساد و العمالة و سرقة الملايين و المليارات من قبلهم.

و لكن مع كل هذا الوضع المأساوي والسقوط الكبير الذي تجسد في نهج دعاة الأنكلوأميركان - من الحيتان و السلابيح آلتي تعتبر نفسها من الأحياء و ألتي فعلت و تفعل كل شيئ بآلحرام في سبيل شهواتها و أرصدتها؛ بقيت الصّورة الحقيقيّة للدّعوة و آلدّعاة الشهداء من آلداخل ناصعة لكنها خافية و مختلفة تماماً عن صورة هؤلاء القرود الممسوخة ألذين يتغيّرون كآلحرباء و لا يملكون ضميرا أو وجداناً أو خُلقاً أو ديناً .. سوى جثامين و رئة يتنفسون بها الكذب بظاهر إسلاميّ مُزيّن بصور و نهج الصدر و الشهداء لإستحمار الناس و تبرير فسادهم, لذلك بقي النصف الآخر المخفي من هذا الكوكب الذي قصر عمره و لم يُعرف حقيقته سوى إثنان أو ثلاثة أو أربعة من آلدّعاة القدامى المنزوين شرق الأرض و غربها كآلفيلسوف الكوني الوحيد في هذا الوجود بعد رفضه للظلم ليعيش بلا عنوان و لا حقوق و لا حتى راتب عادي لتمشية أموره كأبسط الناس.

و بما أنّ (الأسلام محفوف بآلمسلمين فأنّ الدّعوة محفوفة بآلدّعاة أيضا) لذلك تصور الناس الذين كشفوا حقيقة هؤلاء المتلبسين بأن (حزب الدعوة) حزب تافه بتفاهة هؤلاء المدعين الحاليين الذين أختارهم الغرب لأنهم أنسب الناس لحكم العراق .. فمن من الممكن أن يكون أفضل من المنافق!؟

لذلك وبسبب هذا الفساد العظيم من قبل (دعاة اليوم الفاسقين) الذي لم يشهده تأريخ  الشيعة حتى في زمن العباسيين الذي يعتبره المؤرخون من أسوء العصور الأسلاميّة على الأطلاق؛ فإنّ الأمّة تبرّأت من كلّ السياسيين الذين حكموا العراق بعد 2003م و الذين ما زالوا يأملون الفوز بآلحكم و الغنائم من جديد و بأية خدعة أو وسيلة ممكنة!

لذلك و بسبب هذا التناقض الكبير بين الزمنين؛ زمن الدعاة الشهداء .. و زمن الدّعاة الفاسقين اليوم "الورثة" .. فأنّني لم أتفاجأ حِين قَلَبوا - أيّ دعاة اليوم - حتى إسم (حزب الدّعوة الأسلامية) إلى (حزب الدّعوة العلمانية) و نفذوا وإستهلكوا كل شيئ لأرضاء الشيطان من أجل جيوبهم وتسلطهم و كذلك تبرير عمليات الفساد المشهورة في أوساطهم بلا حياء أو خجل كأنهم خشب مسندة, حتى ثارت الأمة بوجوهم و رموهم في مزبلة التأريخ!!

هذا رغم إنّ الأسلام الحقيقي لم يَعُد خافياً على أهل القلوب .. لا أهل الأبدان و الكروش خصوصاً بعد إنتصار الثورة .. حيث بيّنهُ الباري تعالى في نهج القرآن الموضوعيّ و ليس التجزيئيّ مجملاً و كذلك في نهج الرسول و أئمة أهل البيت الموضوعيّ لا التجزيئي مفصلاً, ذلك أنّ التفاسير التجزيئية التي ما زالت فاعلة للثّقلين هي السّبب في فساد و أنحراف المسلمين و تعميق الطائفيّة و الدكتاتورية و الظلم في أوساطهم بعد ما تمّ تفسير النصوص بحسب هوى المغرضين و المُفسرين و المراجع أو الحكام و بآلتالي تشويه الأسلام وتغييره لأجل دكاكين و جيوب ألرؤساء و الحاكمين و أحزابهم منذ وفاة الرسول و للآن
!

هذه المقدمة ألمكثّفة هي عناوين كُليّة و هامّة وأساسيّة لموضوعات مصيرية يجب إلقاء الضوء عليها و بحثّتها بعمق بعد ما عرضتّها بواقعية في دراسات و بحوث و مقالات كثيرة على مستوى العالم, يُمكن مراجعتها لمعرفة الأسلام الذي تشوّه كما اليهودية و المسيحيّة وآلتي سببت كلّ هذه المآسي ليس لبلادنا بل في كلّ العالم, لكن الذي أردتُ التركيز  و الجواب عليه في هذا المقال من خلال تلك المقدمة هو آلسّؤآل التالي:

هل (حزب الدّعوة) و المتحاصصين معه من البعثيين القتلة و القومجية المجرمين و غيرهم بعد كلّ الذي كان؛ بإمكانهم و بنيّتهم تطبيق الأسلام أو الوطنية على الأقل لتحقيق العدالة في العراق أو حتى في مدينة صغيرة!؟

الجواب يحتاج لإستقراء دقيق و نظرة ثاقبة لأوضاع الناس من جهة و لنهج ثقافة آلدّعوة و أخلاق آلدُّعاة من الدّاخل, للوقوف على الحقيقة الخافية لكن بعد مدخل هامّ؛

منذ أنّ تأسست (الدعوة) عام 1958م لازمتها معظلة أساسية كانت  السبب في محنها وتدني شعبيتها و اخيراً موتها للأبد كما نشهد اليوم, رغم أن الفيلسوف محمد باقر الصّدر هو أوّل من بيّن و حدّد إسم و عمل و هدف الدّعوةّ بشكل عام في نشرة خاصّة بعنوان (حول الأسم و العمل التنظيمي) على ما أتذكر, لكنهُ لم يُحدّد التفاصيل فيها أو في النشرات اللاحقة, و الأخطر فقدان الدّعوة إلى ألمنهج الأخلاقي أو تفاصيل و شكل الحكم و الولاية و آلغاية و الأهداف التي تسعى لتحقيقها من وراء الدّعوة لله, فآلصّفة الأسلاميّة التي كانت عنوانها العام هي نفسها بقيت عامّة و مجهولة المعالم لتنعكس سلباً عليهم بعد إستلام السلطة في 2003م, بل (المرحلية) نفسها تصدّعت و تمّ تجاوزها لعوامل خارجية, وتلك الأخطاء الجوهرية لا يتحمل وزرها آلمؤسس (رض) الذي كان وقتها و ليوم شهادته منشغلاً و لوحده في توحيد الأمة و في مسائل أكبر بكثير من الدّعوة عبر قيادة الصراع الفكري العالميّ المرير مع نهجين مُعاديين؛ أحدهما أخطر من الآخر توحّدت في جبهتين لتقويض و محو آلأسلام الحقيقيّ الذي ما زال يجهله الدّعاة حتى هذه اللحظة كما غيرهم في بلدان الأسلام المنكوبة:

النهج الأول؛ كان فلسفياً يُمثل أعداء الدِّين من آلخارج, حاول إثبات الوجود لدحض نظريّاتهم و آرائهم الألحاديّة و سعيهم لفصل آلدِّين عن ألسّياسة.

و النهج الثاني؛ يُمثل نهج بعض مُدَّعي مرجعية الدِّين الذين حاولوا حصر الدِّين ببيوتهم و جدران حوزاتهم, حيث حاول (قدس) معالجة هذا الأتجاه الخطير أيضاً بعرض آلنظام الأقتصاديّ و ألأجتماعيّ و السياسي و التربوي و التكنولوجي و أسس و فلسفة الحكومة الأسلامية آلتي بقيت مجهولة المعالم هي الأخرى بسبب الثقافة المرجعية التقليدية التي حَجّمَت الأسلام كلّه بآلمسائل العبادية الشخصيّة  و آلتراكمات التأريخية و آلفقهيّة المتحجّرة التي كانت و ما زالت تزداد يوما بعد آخر, فنتج عن هذا المخاض ولادة نهج حركيّ في الوسط الشيعي العراقي باسم (الدّعوة) مُقتبس من سيرة الرّسول عبر أربعة مراحل[التكوين؛ المواجهة؛ السلطة؛ ثم الدّعوة للأسلام] ولم يختلف هذا النهج كثيراً عن نهج آلأخوان المسلمين الذي سبق الدعوة بآلظهور عام 1932م في مصر على يد حسن البنا, و كذلك حزب التحرير و غيرهما, لكنه (قدس) لم يُبيّن تفصيلاً أيّ شكل أو نظام للحكم الأسلامي يقصده, و هذه كانت و لا زالت مشكلة عويصة و محل خلاف حتى بين مراجع الدِّين, بإستثناء ما عرضه من بنود عامّة قبيل شهادته و ختمها ببيان مختصر حول شكل آلحكومة في الجمهورية الأسلامية كجواب على سؤآل من بعض طلاّبه اللبنانيين بعد نجاح الثورة عام 1979م, حيث طُبع في كُرّاس صغير لا يتعدى وريقات أشار بإختصار لكيفية عمل السّلطات الثلاث وموقع و دور (الولي) المرشد في إدارة الدولة, و من جانب آخر لم نلحظ أيّ بحث أخلاقيّ أو تربوي أو عرفاني مُعمّق في ثقافة الدّعوة المحدودة أساساً سوى ما كتبه الشهيد حسين معن عن: [الأعداد الرّوحي] في مؤلف صغير يُفيد ألمؤمنين بمستوى طلاب المتوسطة.

تصوّر إلى أين هبط المستوى آلثقافي و الأخلاقي لحزب الدّعوة مع هذا الجّفاف ألرّوحي و التربوي و الأخلاقي و آلتّحجر الفكريّ؛ حتى مع وجود الأمام  الراحل في أوساطهم لعقدين قدَّم خلالهما محاضرات معمقة عن الفكر الأسلامي كل يوم في النجف, بجانب صدى نهضته الفكرية المُمتدة لعقود ثُمَّ آلثورة سنة1979م ثمّ تأسيس آلدولة فيما بعد؛ لكن الدّعاة كما غيرهم من العراقيين و بسبب الأمية الفكرية وألتّحجر و فقدانهم للبصيرة الأستراتيجية لم يستوعبوا حتى قواعد و أولويات القضية الأسلامية المعاصرة و روح الفكر الأسلامي, بل كانت تلك آلثورة و أسبابها و منطلقاتها مفاجئة لهم رغم أن المؤسس(الصدر) هو الآخر بيّنَ أبعاد و أسباب المحنة في العراق و حقيقة الثورة الأسلامية لهم بعبارات قويّة و بليغة للغاية منها: [لقد حقّقت الثورة رسالة كلّ الأنبياء]و[ذُبوا في الأمام الخميني كما ذاب هو في الأسلام] وغيرها, لكنهم بقوا يجهلون أبعادها ألعقائدية العالمية و جذورها في آلعمق الأسلامي(الثقلين) و بعضهم فسرها بحسب هواه و عقله الصغير!

لهذا نرى تذبذب (الدُّعاة) و هبوط مستواهم الفكري و الأخلاقي في متبنّياتهم و مواقفهم قبل و بعد إستلام الحكم مع المتحاصصين الفاسدين من البعثيين و القومجية و العشائرية بسبب تلك الثقافة السّطحية التي جسّدتها البيانات و النشرات الدّاخلية التي صُدرت بعد 1980 وإلى اليوم, حيث لم تكن ترتقى حتى لمستوى المؤمنين العاديين ناهيك عن الحركيين و قضايا المرحلة, و كانت أقرب إلى تقارير خبرية عن الواقع و لم تعكس فكراً  أو فلسفة أو عقيدة حيّة بإستثناء كُتيّب واحد و لبعض الحدود و في جانب واحد من جوانب الأسلام كتبه المرحوم ألسيد (أبو عقيل) بعنوان (القيادة في الأسلام), و في الحقيقة كان ترجمة لما كتبه رواد الثورة الأسلامية كآلخميني في الحكومة الأسلامية و آلمطهري في مؤلفاته و آلشيخ منتظري الذي كتب مُجلّدان كبيران بعنوان(ولاية الفقيه) كما الفيلسوف المطهري الذين جميعهم إستمدوا مصادرهم من أحمد النراقي و السبزواري في كتاب البيع و غيرهما من الذين بحثوا مسألة القيادة في الأسلام تفصيلاً .. بآلأضافة لمؤلفات و خطب آلسيد ألخميني و الخامنئي و آية الله الأبراهيمي و غيرهم من المراجع العظام الذين سبقوا الأخ المرحوم (أبو عقيل) بعقود و قرون من الزمن!

إنّ أهمّ أصل في حركة سياسية علمانية أو دينية  أو غيرها؛ هو (الهدف) و آلأصول(ألأخلاقية) التي تُبنى عليها مجمل البرامج و القواعد و الوسائل المعرفيّة و الثقافية و الفكريّة العامّة المتكاملة لتحقيق الهدف .. فكلما كانت واضحة و رصينة؛ كان تأثيرها و تحقيقها أسرع و مردودها أكبر بخسائر و جهود و زمن اقل و الحال أن هذا الأمر لم يكن بيّناً و واضحاً ألبتّه للدُّعاة بجانب فقدانهم لحلقة ألأرتباط بحيويّة مع آلسّماء ليكون بمقدور الأعضاء آلمنتمين الذين يتعاهدون للعمل الحركيّ الحزبيّ معرفة الأسس و الوسائل لتحقيق الهدف الأسمى المنشود من خلال ألنّصوص ثمّ آلآليات الشرعية للعمل بثقة عالية و آلسعي و التضحية بأعز ما يملك العضو  لتحقيق آلهدف المقدس المنشود للفوز بحُسن العاقبة(النصر أو الشهادة) ضمن منهج التنظيم خصوصا إذا كان الجهاد في أجواء صعبة و خطيرة و مُكهربة للغاية كما كان في العراق, و الحال أنّ تلك الأمور خصوصا (الهدف) لم يكن واضحاً و بقيت مجهولة المعالم للآن! و لو سألتَ آلدّعاة حتى هذا اليوم؛ (ما هو الهدف الذي تؤمنون به و تريدون تحقيقه)؟ لما كان بمقدورهم الجواب, و قد يكون أفضل جواب بكلمة (نريد الأسلام)! و لكن أيّ إسلام؟ هنا بيت القصيد المفقود مِمّا يكشف سطحيّة الثقافة ألدّعوية و فقدان القيم و إختلاط الأفكار التي يحملها الدّاعية في عقله!

فكيف يُمكن أن نُغيّر آلشعب و الأمّة مع هذا المستوى الفكريّ الضحل و الوضع المأساوي ألذي سبّب بآلفعل نتائج عكسية خطيرة بين الناس وصل حد رفضهم و إنتخابهم من جديد!؟

تناقشت مرّة مع المرحوم عزّ الدّين سليم (أبو ياسين) أيّام عملنا في وحدة إعلام المجلس الأعلى لسنوات طويلة بداية الثمانينات؛ حول مسألة التنظيم و الثقافة و المسيرة في الدّعوة, و أثبتتُ لهُ عقلاً و شرعاً بأنّ فكر و ثقافة(الدَّعوة) و بعكس ما أُشيع؛ لا يحوي ثقافة رصينة و فكرة متكاملة عن الأسلام و النظام و منها مسألة الولاية و عدم فهم الدعاة لحقيقة ولاية الفقيه, و قدّمت له دراسة مفصلة وقتها كنتُ قد كتبتها بدمّي و دموعي, و قلت له هذه حصيلة تجربتي و أبحاثي بشأن التنظيم و العمل الحركي في الأسلام, و لمجرّد أنْ قرأ المقدمة و بعض الصّفحات الأخرى رجاني لأُعيره البحث لأيام فقط كي يطلع عليه تفصيلا لأنهُ غنيٌّ و هام للغاية كما قال؛ [قلتُ له هذا طلب كبير و أخاف أن يُفتقد, لذا أنا متردّد بأعطيه .. لأني لا أملك نسخة أخرى و أخاف فقدها و هي أعز ما كتبت بهذا الشأن, لكنه ألحّ عليّ و عاهدني بعد آلقسم بآلله أن يرجعها لي كأمانة في غضون أيام معدودات, قلتُ لهُ؛ طيّب سأعطيكها, لكن تذكر بأنّ هذه النسخة تمثل سنوات عزيزة و عزيزة جداً من عمري .. بشرط أن ترجعها لي و إلا فأني لن أسامحك و سأقاضيك يوم القيامة بثمنها
قال : لا مانع من ذلك .. إتفقنا!

و سلمته البحث الذي كان يتجاوز المائة صفحة, لكنه للأسف لم يفي بوعده و سأطالبهُ بها يوم القيامة, لأنه كان يمثل إضاآت كثيرة حول آلدعوة و العمل الحزبي في الأسلام , على أي حال .. هذا هو حال الدعوة و الدّعاة كأسوء خلف لأحسن سلف للأسف.

و لعلّ أهمّ و أعقد الأسباب التي أدّت لخسارة الكثير من آلدُّعاة ألمثقفين نسبياً و إنشقاقهم أيّام الدكتاتوريّة بعد سوقهم من بيوتهم و محلّاتهم و دوائرهم للسجون من قبل الأمن و المخابرات من دون إرتكاب خطأ أو جرم أو تقديم خدمة معينة يستحق ذلك؛ هو عدم وضوح تلك الأصول مع(ألهدف) الذي ما زال مجهولاً أو معلّقاً و كأنّهُ أهمل للأبد, هذا بجانب أسباب أخرى أضيفت لذلك بعد إسقاط صدام من قبل الأمريكان, منها؛ إنشغالهم بآلسّلطة و الحكم تحت ظل المستكبرين لأجل الأموال و الرّواتب و كأنّ الغاية من التنظيم الحزبي كلّه .. هو إستلام الحكم كفرصة لكسب المال و ضرب (ضربة العمر) كما يقول المثل العراقي, و علّة العلل في كلّ هذا التحجيم و الأنحراف الخطير الذي تسبّب بهدر حرمة دماء الشهداء وجهود العاملين؛ هو إفتقار الدّعوة و آلدّعاة للعلماء و للمفكريين الحقيقيين و كذلك عدم إنفتاحهم على أفكار العلماء و الفلاسفة الآخرين ألّذين قدّموا نتاجا فكرياً ثريّاً للأنسانيّة كان يمكن الأستفادة منه و إستثماره بصدق بعد الأعتراف بفضل أصحابها بذكرهم و إحترامهم على الأقل, لكن آلذي لاحظته و كان يحدث على الدوام و لحد هذه اللحظة, هو حالة التكبر على العلم و الفكر و تجاهل حرمة و حقوق المفكرين فلو كنت مثلا تُقدّم لهم فكرة أو نهج إقتصادي أو فلسفي أو خطة ستراتيجية أو حتى ن!
 ظريّة هامّة عن مفكّرٍ أو عالمٍ أو فيلسوفٍ, كان أوّل تعليقهم هو: (نعرف ذلك من قبل)وعندما كنت تريد نقاشه ؛ كان يتعصب و يثور! و لذلك و بسبب هذا آلجّهل و التكبر و الأنغلاق و هبوط المستوى الفكري و آلأخلاقي و العقائدي للمُتصدّين في الحزب؛ فقد تسبّبوا في خسارة الدّعوة و الدّعاة و حتى حرمة الشهداء معاً بآلأضافة إلى خسارة آلشعب الذي كان يهوى الدّعوة في السابق و يحترمها لسمعتها و تأريخها, كل هذا مقابل أرباح آنية لجيوب الرؤوساء ثم الأعضاء, و إنّ آلدُّعاة الحقيقيين الذين إمتحن الله قلوبهم و الذين تحسسوا هذه المحنة الفكريّة في القيادات الغير الكفوءة بعد الثورة الأسلاميّة قد أنسحبوا بعد هزّات و مؤثرات خارجية غيّرت معالم و شخصية و حتى عنوان الدّعوة و مكانتها في قلوب الجماهير, لتتوالى الأنقسامات و حالة التشرذم في أوساطهم خصوصا ًبعد ما حذفوا فقيه الدّعوة(السيد الحائري) من الهرم التنظيمي بآلأضافة لحذف مجلس الفقهاء كليّةً تاركين الأمور للدّعاة الذين أكثرهم و لحد الآن لا يعرف (الخرطات التسعة) ناهيك عن تأريخ و أبجديات الفكر الأسلامي في إنتخاب الموقف الأمثل قبال الأحداث عند تعارض الأدلة الشرعيّة من فقيه لآخر مع قرارات الحزب, و كان هذا الوضع هو قمّة الفلتان و الفوضى الفكريّة و التنظيمية والسقوط الأخلاقي و العقادي والتنظيمي و آلأداري
 الذي خلخل كيان و هيكلية الدّعوة والدّعاة معاً وأدّت في النهاية إلى خسارة ألحكم في العراق الجديد و فقدان شعبية الدّعوة بسبب تصرفات دعاة السلطة المفلسين فكرياً و أخلاقياً و أدبياً .. من الذين تسبّبوا هضم حقوق الناس لتزداد وتتراكم المصائب و السلبيات  و الشهداء و المآسي التي طفت على السطح بقوة بعد 2003م: لأنّ الشهداء و وإخوتهم الذين تركوا التنظيم كانوا بمثابة الخميرة  و ألذخيرة الضامنة لسلامة المسيرة و تقويمها ثمّ ترجمتها عملياً عبر حكم العراق الذي خُلي اليوم من الطيّبين و المجاهدين الحقيقيين و كما شهد الواعون على قلتهم و إنزوائهم ذلك, حيث حلّ بدلهم (دعاة اليوم) الذين أفسدوا أو كانوا فاسدين ثمّ أصبحوا بشكل طبيعي رموزاً للفساد بلا حياء للأسف و سبباً لذهاب حرمة و كرامة دماء الشهداء العظام الذين سيق بهم للموت من قبل الصداميين أفراداً و جماعات لمجرد أنهم كانوا مؤمنين بالله بصدق لا أكثر!

من المواقف الظالمة التي شهدتها شخصياً بعد هجرتي من العراق عام 1980م؛ هو أنّ الدّاعية الحقيقيّ عندما كان ينتقد أو يُريد قطع إرتباطه بآلحزب بعد ما كان ييأس من آلأصلاح و تغيير الوجوة الكالحة لأقلمتهم مع نهج الأسلام و الثورة الأسلاميّة التي أوصى بها مؤسس الدّعوة(الصدر) نفسه كوصية أخيرة .. شاهدتُ و للأسف و بَدَلَ أن يُنصتوا لموقفه و لكلمة الحق أو يدرسوا أسباب النقد أو الأنسحابات و الأستقالات؛ كانوا يمقتونهم يتهمونهم و يُكفّرونهم حدّ إقامة  المحاكم و الأستجوابات بحقّه و كما فعل ذلك معي وليد الحلي, و لو كانت(القيادة) تٌحاول تفهّم و وعي أسباب الأنشقاقات و الأستقالات على الأقل؛ لما كانت الدّعوة تواجه آليوم كل هذا الفساد و هذا آلمصير الأسود المحزن و المأساوي, حيث لم يبقى فيها سوى النّفعيّ والطفيلي و المنافق من الذين (تعرّبوا بعد آلهجرة) بعد ما ماتت ضمائرهم بسبب لقمة الحرام ليعلنوا أخيراً و بفخر بأنّ (حزب الدعوة الأسلامية) قد تبدّل لـ(حزب الدّعوة العلمانيّة) و تناصر أمريكا بل أصبح شريكاً للظالمين, و هكذا وبعد إنتشار فساد الدّعاة بين الناس و كأنه ثقافة متأصلة بنهجم, أعلنوا في الوقت الضائع مع  قرب إنتخاب رئيس الوزراء الجديد؛ بأنّ ["آلدّعاة" ليس لهم الحقّ بترشيح أنفسهم باسم الدّعوة و إنما كاشخاص يُمثلون أنفسهم لحفظ ما بقي من إعتبار للدّعوة بعد أن أستهلكوه و سوّدوا وجهها لمنافع مالية خاصة و أهداف ضيّقة]!
و إن الترقيع الجديد الذي دعى له الأخ "المؤمن" بعزل الدعوة عن السلطة أو غيره
من التراقيع هي الأخرى لا ولن تُجدي شيئاً بعد خراب البلاد والعباد و سرقة أموال العراق على مدى 15 عاماً بل جعله مدينا بمئات المليارات للأجانب؟

إن الذي أراه ؛ هو أنّ (دعاة السّلطة) ألمُتـعجرفين و مَنْ تعلّق بهم من آلجّهلاء و المنافقين في الخارج لأجل المال و المنصب و آلشهرة لا لأجل ألله تعالى؛ قد وجّهوا طلقة ألرّحمة لرأس حزب الدّعوة الذي كان يمرّ بغيبوبة كاملة و لا تَنفع التراقيع و العمليات الجانبية - المقطعية لأن الإصابة خطيرة و في المخ و سيطول وقوف الفاعليين الممسوخين أمام الله و الشهداء الذين ضحوا لأجل نشر (العدالة و آلمساواة) لتحقيق (للسعادة) لتوحيد الله في دولة كريمة لا لأجل نهب المال العام وسط شعب مغضوبٌ عليه من  السّماء و الأرض بسبب الذنوب و الفوضى العقائدية, و لا أمل في ردّ الأعتبار للحزب ثانية و كما كان قبل 2003م إلا إذا ما أعلن الدّعاة المنافقين توبتهم بشجاعة .. ثمّ إرجاع المليارات التي نهبوها لأجل قصورهم و ذويهم للفقراء لإعمار و إصلاح الأمور و تشكيل حكومة عادلة  يتساوى بظلّها الجميع في الحقوق و الأمتيازات بعيداً عن هيمنة المستكبرين .. و(آلمُلك يومئذٍ لله يحكم بينهم فآلذين آمنوا وعملوا الصّالحات في جنات آلنعيم وآلذين كفروا و كذبوا بآياتنا فأؤلئك لهم عذاب مهين) صدق الله العلي العظيم, لكن متى تاب منافق في التأريخ حتى يتوب دعاة اليوم الممسوخين !؟

و آلذي يحزُّ في نفسيّ؛ أنّ هذا آلحزب عندما لم يبق من أعضائه داخل العراق عام 1980م سوى بعدد الأصابع, لكنه إستطاع أن يُعيد بناء نفسه من جديد بوجود تلك الثّلة المؤمنة ألمخلصة القليلة بحسب علمي حين إستلمتُ قيادة العراق بعد شهادة الشهيد الكبير محمد فوزي و صحبه, بسبب الأخلاص و حب الله, و لم يكن وجود أو حتى ذكر لأسم من الأسماء التي برزت بعد فترة إيران أو سقوط النظام الصدامي, خصوصا شخص العبادي الذي 
ليس فقط لم يكن له نشاط جهادي؛ بل لم يكن له ذكر وسط الدّعاة!

أمّا آليوم فإنّ العالم شهد العكس تماماً؛ فعلى الرّغم من إزدياد عدد ألدُّعاة الذين بلغ عددهم عشرات الآلاف بعد أن كانوا بعدد الأصابع بعد إعدامهم يضاف لذلك إستلامهم للحكم و السلطة و الرّواتب و المليارات و الحمايات و الدّعم المستمر من جهات و دول عديدة؛ لكنهم نقلوا صورة مخزية مقززة و رديئة و خسّيسة و خبيثة عن الدّعوة و عن نهج أهل البيت(ع), بسبب الفساد و فقدان الجّودة و الأخلاص في نوعيّاتهم و نواياهم, لهذا ماتت آلدّعوة مع الدّعاة و إنقلبت صورتها آلجميلة في أذهان الناس قبحاً بحيث أصبحت مبعثاً للأسى وآلأسف و لم يعد لها لا طعمٌ و لا لون ولا رائحة سوى طعم و رائحة الخيانة و الفساد و القهر و الظلم بكل ألوانه و أنـواعه و لا حول و لا قوّة إلا بآلله العلي العظيم و بإنتخاب المفكر والفيلسوف الكونيّ..
الفيلسوف الكونيّ/عزيز ألخزرجيّ