Saturday, November 25, 2023

تأثير الثقافة على تشكي لالاتجاهات الفكرية

تأثير (الثقافة) على تشكيل ألأتجاهات الفكريّة : ألعنوان الآخر و الأنسب لهذا آلموضوع هو : دور الثقافة في توحيد ألعالم : يقول (باؤلو كويلو) : [إنّنا نحاول دوماً تفسير الأمور وفق ما نُريد، لا وفق ما هي عليه]. و من هنا تنشأ المواجهات و الأختلافات و الخصام حتى داخل الأسرة .. بل داخل الشخص الواحد, و هي(الأزدواجية) نفسها, لأنّ كل طرف يُريد أن يجرّ النار لقرصه لا لبيان الحقيقة و الأنتصار لها, لهذا لا نتيجة و لا إتحاد و لا مجبة و لا تطور و لا إنتاج فكري يظهر في مثل تلك الأوساط,ُ و بنظري هذه المسألة تُعبّر بوضوح و دقة عن أوضاع الأحزاب و السياسيين في مختلف شعوب و مجتمعات العالم و ما نشهده من حروب و مؤآمرات و قتل و سجن ووو .. ما هي إلا نتائج و مردودات و اقعية عن ذلك آلعمى و الغباء المُقدس المتغلغل بعمق أحزابهم التي يكفرون غيرها حتى لو كانت منزلة من السماء, لأنهم بكل إختصار؛ غير مثقفين ولا يقرؤون سوى الأخبار .. و لا يتداولون سوى عيوب الآخرين و الغيبة و الكذب و البهتان لترتاح نفوسهم المريضة .. لذا يبقون جهلاء يعبدون النفس و يعملون بخلاف رأي الفلاسفة و المفكرين و الأدباء و فوقهم الأنبياء الذين أرادوا عدالة السماء .. لذلك لا قرار .. و لا وئام ولا أمان ولا سعادة .. بل تنشأ و تظهر بدلها المظالم و الفساد و الطبقية و كما هو حال بلادنا اليوم. ثقافة الأنسان لا و لن تتكامل لو بقي يُؤمن و يتعبّد بمذهب أو دين واحد بعيداً عن مقارنة معتقده مع الأديان و العقائد الأخرى, لذا لا تتكامل المفاهيم و الرؤى الكونية عنده إلّا بعد آلأطلاع على جميع المدارس الفكريّة و الفلسفيّة و العناوين الكبيرة ألعلميّة والتكنولوجيّة و أوضاع المجتمعات الأخرى بضمنها معرفة جواب (الأربعون سؤآل) مع ترجمة أهم المعتقدات و النظريّات الفكريّة للمذاهب و للأقوام و الحضارات السّامية و الأنظمة العلمانيّة و الوجوديّة و الأسلاميّة .. و هذا يحتاج أيضاً إلى مترجمين أكفاء للقيام بترجمة شكل و روح تلك النصوص و النظريات و الأفكار و الثقافات والفلسفات من و إلى اللغات المختلفة , و إنعكاس هذا الأمر سيكون له دوراً كبيراً في توسيع آفاق و رؤية الأنسان و العلاقات الأنسانية و نشر الوعي و الأنفتاح الفكري و المعرفي على العالم و بآلتالي توسيع آفاق و مديات السعادة و التقدم و البناء الحضاري. إن تحقّق تلك الحالة - أيّ ألرؤية الكونيّة للوجود - في حاملها تجعله مُتمكناً و قادراً على مناقشة و مطارحة الجميع و بيان نقاط القوة و آلضعف بثقة في كل منها لأنه يفترض أن يكون مُلمّاً بها نتيجة أسفاره و معارفه الكونيّة التي بدونها ينهزم بسهولة أمام الرأي الآخر .. و [العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس], كما يقولون. و الحكمة تقول : [إذا كنت لا تستطيع الصمود أمام الرأي الآخر فإبحث عن دِين آخر]. لذا فإن ترجمة النصوص و المبادئ و الكتابات على الصُعد المختلفة أمانة عظيمة تتعلق بها مصير الأنسان و سعادته و آخرته, حيث لها دور ريادي في تشكيل ثقافة الأنسان و تثوير الفكر و توسيع المعارف و بآلتالي دفع عجلة التقدم الحضاري للأمام لتحقيق العدالة و السّعادة الأنسانيّة .. و الترجمة ألعلميّة - الأدبيّة - الفلسفيّة لها دور أكبر في التأثير و تشكيل ثقافة و فكر الشعوب و تقريب بعضها من بعض للتعاون و التعارف , لأن الأنسان عدوّ ما جهل .. و الله تعالى يقولأيضاً : [يَا أيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ] سورة الحُجرات/ آية(13). لذا يجب أنْ تتّسم الترجمة الأدبيّة و العلميّة و الفلسفيّة بمقدار كبير من الأهميّة , لأنك تتعامل مع العقل و الروح معاً لتشكيل ماهية الأنسان؟ إذا كان الهدف من تأليف الكتب و كتابة القصص و الرويات و الحِكم و إبداع النظريات الفلسفيّة ؛ هو أطلاع القراء على سلسلة من المعارف و التجارب و وجهات النظر ؛ فانّ النّص الأدبي والفكريّ المترجم يضطلع بدور حاسم و كبير في تحقيق ذلك، فمن خلال الأعمال المترجمة يتمكن القاريء من الترحال الى أماكن و آفاق مختلفة و يُجرب أنماط حياة متنوعة و بآلتالي يجري مقارنات مختلفة دون ان يغادر الكرسي الذي يجلس عليه.. بمعنى يُوفر للقارء الكثير من الزمكاني و المال ووو ... إلخ و بمقدور القُّراء أن يُحطّوا الرّحال في العوالم المختلفة التي يصوغها كُتّاب القصة و الرواية الأجانب .. فضلاً عن تجسيد دواعي قلقهم و المشاكل العويصة التي يتطرّقون اليها و مسراتهم و مشكلاتهم. و إن تصوّر و وعي الأعمال الفكرية و الأدبيّة و الثقافية عموماً المترجمة يكشف لنا أوجه الشبه والأختلاف الثقافيّة مع ما آمنا به مسبقاً .. بشكل يشجع على تقمّص وجهات النظر الجديدة و التفكير بها و مقارنتها من الزوايا المختلفة وإستخلاص المفيد و المناسب منها. والأدب الأجنبي لا يتيح لنا الفرصة للأطلاع على الأفكار المختلفة فحسب .. أنما يساعد أيضا و باستمرار على تعزيز تنوع الأجناس الأدبية و فن السرد القصصي. ترى هل يمكن للواحد منا أن يتصوّر عالماً خاليا من التحف الأدبيّة الواقعية المستندة للتحليل النفسي التي أدرجها قلم (فيودور دوستوفسكي) Fyodor Dostoyevsky أو بمعزل عن الحكايات الواقعية الساحرة للروائي الكولومبي (غابرييل غارسيا ماركيز) Gabriel Garcia Marqez أو بمنأى عن تأملات العلاقات الأنسانية التي صاغتها (ألينا فيرانتي) Alena Ferrante؟ و فوقهم جميعاً ما كتبتها العارفة ألأمريكية ديكنيسن!؟ أن مثل تلك الأعمال الرائعة تحفز تفكير القُرّاء و توسّعه كما أنها تلهم الكُتاب في مختلف أرجاء العالم لتوسيع آفاق كتاباتهم — وهو أمر لا بد ان يكون واسعاً و غير محدود للغاية دون الترجمات الأدبية. الترجمة الأدبية تتيح للمؤلفين الوصول الى الجمهور العالمي و إلى تقريب الثقافات و انماط الحياة . لا شك أننا نعيش في عصر العولمة حيث يزداد أهتمام القراء كثيراً بالقصص و الأخبار و وجهات النظر المختلفة حول الأحداث، كما بدأت الأسواق في البلدان الناطقة باللغة الأنكليزية تهتم كثيرا بالقصص التي تدور في أماكن خارج تلك البلدان و بالعكس, و إن الأنترنيت و السّتلايت و أجهزة الأتصالات الأخرى تلعب دوراً هاماً في ذلك لتثوير حوار الحضارات لا خصامها و نزاعها!؟ من الأكتشافات الهامة التي رافقت الأنترنيت هي قضية الترجمة التي يقوم بها الحاسوب بين جميع اللغات .. لكنها مازالت غير متكاملة الأبعاد من ناحية الجودة و الدقة و التعبير .. و تحتاج للمزيد من العمل و البحث لتطويرها ليتحقق عملية الأسراع و النقل فيما بين ثقافات العالم أجمع. نقطة هامة للغاية بشأن الترجمة إضافة لما أوردنا ؛ لا تتحقق الترجمة المثالية الدقيقة ما لم يكن المترجم متبحراً في اللغتين, كي ينقل المغزى و المفهوم و روح المعنى الذي أراده الكاتب بدقة و أمانة. نتمنى من أصحاب اللغات أن يقوموا بدورهم و إتحادهم لترجمة ليس الكتب الأدبيّة فحسب .. بل حتى الكتب العلمية و الفلسفية المختلفة .. و ليتهم يشكلون لجاناً متمرسة لتحقيق هذا المطلب الهام جدّاً و الذي يتحققه يكون الفاعل قد وصل درجة الثقافة و هي المرحلة الثانية في مسير المراتب الوجودية السّبعة و هي : قارئ - مثقف - كاتب - مفكّر - فيلسوف - فيلسوف كوني - عارف حكيم . العارف الحكيم عزيز الخزرجي و أخيراً الغير المثقف هو الذي يكسر القلوب بكل بساطة : لا تكسر قلوب الناس بل حطمهم و إجعلهم يتوسلون ، ثم أشعل سيجار

الفيلسوف روجيه غارودي

الفيلسوف روجيه غارودي: شهادته قصّة مؤسفة لكل ذي لب : هذا الفيلسوف أراد أن يزور مدينة النجف للّقاء بـمحمد باقر الصدر , و عند وصوله مطار بغداد بعد رحلته للعراق أواسط عام 1979م, سأل المسؤولين عن محمد باقر الصدر , فأنكروا وجود شخصية بهذا الإسم , و رغم تأكيده و إصراره على وجوده لأنه حصل على عنوانه من تلميذ لهُ في جامعة السوربون يعرفه شخصياً و من مدينة النجف نفسها و بيّن لهم مؤلفات عديدة كفلسفتنا و إقتصادنا وووو ... ألخ .. لكن مخابرات صدام أصرّوا على نفي وجود شخصية بهذا الإسم في العراق كله و ليس في النجف فقط, فطلب منهم أن يأخذوه لمدينة آلنجف بحسب العنوان الذي كان يحمله من تلميذه العراقي .. و بآلفعل توجّهوا به إلى مدينة النجف وقتها.. لكن المخابرات الصدامية سبقتهم بآلتنسيق مع فرعهم في النجف و كذلك مع المحافظ لتهيئة مجموعة من المعممين(رجال الدين) الفاسدين و ما أكثرهم هناك كي يلتقوا به و يثبتوا له عدم وجود مثل الشخص المطلوب .. و هكذا حالوا دون لقائه بآلفيلسوف (محمد باقر الصدر) و (أخته العلوية) المظلومة .. فرجع إلى فرنسا مهموماً كئيباً على حال العراق و العراقيين و متأسفاً من وجود نظام لا يعرف قيمة للعلم و المعرفة وأناس يلبسون باس الدين و يكذبون لأجل الرواتب الحرام بآلضبط كما نشهد أمثالهم اليوم من مرتزقة الأحزاب و الدمج و وووو .. و إليكم فيدو مع تقرير مختصر عن حياة و وفاة هذا الفيلسوف العظيم المظلوم أيضاً كمحمد باقر الصدر و اخته .. إنه رئيس قسم الفلسفة في جامعة السوربون و زميل الفيلسوف هنري كاربون اللذين تركا كل العقائد و الأديان كلها و إتّخذا الأسلام نهجا لهما .. وقد ألّف أكثر من مائة كتاب أشهرها (هذه وصيتي للقرن 21) و واقعية بلا ضباب مع مجموعة كتب عن دولة (الكيان ...) وسط العالم العربي و الذي بسببها تمّ محاكمته في فرنسا وسجنه مع وقف التنفيذ مع غرامة مالية وصلت لربع مليون فرنك فرنسي بسبب مؤلفاته التي بيّنَ فيها كيفية المتاجرة بضحايا الحرب العالمية الاولى من قبل البعض .. و مؤلفاته الأخرى .. و هكذا يبقى الفلاسفة كهذا الفيلسوف منبوذاً و مُحارباً من قبل الحكومات و الطبقات السياسية الجاهلية .. لأنّ المُفكر و الفيلسوف و أتباعهم لا يشاركون الطبقة السياسيّة في فسادهم ونهبهم لاموال الفقراء .. بل و ينتقدونهم و يكشفون خططهم و فسادهم, لهذا عادة ما يُطاردون و يُقتلون الفلاسفة و المفكرين و يحاصرونهم و عوائلهم و مريديهم حتى في لقمة العيش .. بينما هم(الطبقة السياسية) و مرتزقتهم الفاسدين الذيليين الطفيليين يعيشون الرفاه مع الرواتب المسروقة بآلحيلة و الحرام و الكذب لأنهم لا يؤمنون بآلله و يوم الحساب .. إنما بآلهة حسب مخيّلاتهم السوداء نتمنى لكم مشاهدة مفيدة للغاية عبر الرابط التالي: https://www.bing.com/videos/riverview/relatedvideo?q=%d9%87%d8%b0%d9%87+%d9%88%d8%b5%d9%8a%d8%aa%d9%8a+%d9%84%d9%84%d9%82%d8%b1%d9%86+21+%d8%b1%d9%88%d8%ac%d9%8a%d9%87+%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d9%88%d8%af%d9%8a&mid=4A05885668F9CA8718C64A05885668F9CA8718C6&FORM=VIRE ألعارف الحكيم :عزيز حميد الخزرجي

الأنتخابات .. صكوك غفران جديدة

الإنتخابات..صكوك غفران جديدة إلغاء مجالس المحافظات كانت على قائمة مطالب المتظاهرين في إنتفاضة تشرين التي إنطلقت عام ٢٠١٩ لِتُسقط حكومة عادل عبد المهدي وتُلغى معها تلك المجالس، لكن مكر السلطة ودهائها جعلها تنتظر وتتحيَن الفرصة لتُعيد إحيائها في إنتخابات محلية جديدة في الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٣، ومن سخريات ما يحدث في العراق إن بعض الجموع التي خرجت تتظاهر مطالبة بإلغاء تلك المجالس تتسابق اليوم في قوائم إنتخابية للدخول إلى ماراثون السباق الإنتخابي، فهل هناك وصف لهذه المهزلة السياسية؟. يتصور الكثير من الفاعلين السياسيين إن مُعضلتهم مع إقتراب المواسم الإنتخابية هي بعناوين وتحالفات جديدة قادرة على تغيير رأي المواطن عن أدائهم وإلغاء فكرة إنهم هم المشكلة، ذلك هو الفرق الشاسع بين قناعتهم والواقع الذي يكتبه فشلهم على الأرض حتى أصبحت الإنتخابات في مفهوم أولئك عبارة عن صفقة تتقاسمها الأطراف السياسية ظناً منها الخروج من الأزمة الكبيرة في الممارسات الفاشلة التي صنعتها كرة الثلج حتى ظلّت تتدحرج لأكثر من عقدين كان من نتائجها إنهيار الدولة وتأسيس ثقافة الفساد بإعتباره بنداً مقدساً خاب من تحرش به. ولابد من الإعتراف إن الإنتخابات التي تكررت مناسباتها أثبتت أن لا ديمقراطية في العراق بقدر وجود نظام سياسي يصعب فهمه، فقد إكتشفنا متأخرين أن الديمقراطية بمفهومهم هي التساوي بين الرابحين والخاسرين على حدٍ سواء وبخلافه سيتعرض النظام السياسي إلى خطر الإنهيار كما كانوا يعلنون عنه في أدبياتهم. الإنتخابات القادمة المحلية مناسبة لتجديد المواقع التي تشغلها القوى السياسية وتغيير في الأدوار وسوق كبير لعرض البضاعة الرديئة التي لا يُجيد بيعها سوى من أحسن تزويقها بكلامه المعسول وبعناوين جديدة تُغري المتفرجين، ويبدو أن الطبقة السياسية لم تفهم الدرس جيداً بدليل أنها ذاهبة بالإنسداد السياسي إلى منتهاه بتكرار خديعة إيهام الجمهور بالقادم الأفضل، هي بالأحرى “صحة صدور” للعملية السياسية في محاولة لإنعاشها. إن ما تريد إيصاله إلى عقولنا تلك الإنتخابات التي تتقاتل الأحزاب والكتل فيما بينها رسالة مفادها تحديد حجوم الفاعلين السياسيين داخل المنظومة السياسية وتحديد حصص كل من يشارك في إقتسام الكعكة على رأي إحدى النائبات في البرلمان العراقي دون أن يسمح الجدار الحديدي للنظام بدخول فاعلين جُدد إلى العمل السياسي. ما يجري في أيام الإنتخابات أقل ما توصف به مناسبات لكشف المستور وتعرية نظام سياسي أوصلوه إلى حضيض الإنهيار والفوضى ولازالوا يدّعون أنهم في القمة بعد أن صدّعوا رؤوس الجمهور بأحاديثهم عن بناء البلد وإعماره، ومكافحة الفساد والفقر، وإيجاد فرص عمل، وفتح المصانع في حين يخبرنا الواقع بلداً خرباً وقاعاً صفصفاً. خلاصة الحديث أن المنظومة السياسية تحاول أن تعالج مشكلاتها كالمثل الذي يقول “ينفخ بقربة مخرومة” بمعنى أنه يحاول أن يحل الأزمة ويتغاضى عن جذورها ومسبباتها، بل ويسعى أن يسير موازياً للأزمة محاولاً تحاشيها أو الإقتراب منها. ها هي أيام المواسم الإنتخابية قد إقتربت ونزلت معها بوسترات وملصقات الأحزاب والشخصيات والكتل السياسية إلى الشارع والمرافق العامة لإعادة تحديثهم وإنتاجهم مرة أخرى وكأنهم لم يضيعوا بلداً، وسيادة لم تنتهك، وشعباً لم يقتل وكأن الذاكرة قد نست ما حدث ويحدث من خيبة أمل لشعب فقد الثقة والرجاء بهم. الكاتب سمير داود حنوش
ومن المعروف إن أضعف الإيمان هو اللاعمل والتعلل بتمنيات القلب والخوف من القول باللسان , وما يجري في واقع الأمة أن ترمي ما يجب أن تقوم به على الرب. فعلينا أن ندعو , نستغيث , نطالب , نناشد ندين , نتوسل وغيرها الكثير من المفردات الإستضعافية , التي نطارد بها السراب. والعالم المفترس يغرز أنيابه وينشب مخالبه في قلوب الأجيال , ويحيل الأبدان إلى جثث متعفنة تأنف منها الكلاب السائبة. عالم تندلق من فوهات عدوانيته أبشع القذائف وأرعب النيران , وأيادينا مبسوطة وعيوننا متوجهة صوب السماء: أللهم أنصر , إرحم , إجعلها بردا وسلاما , أللهم إحفظ!! فهل أن الله يعين العجزة ويتصرف نيابة عنهم , وهو القائل :” وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة….” و”إن تنصروه ينصركم…” النصر بالعمل والجد والإجتهاد وإعمال العقول , والتكاتف والإعتصام بالإرادة المشتركة والأهداف الواضحة. أما أن تتحول دول الأمة إلى شذر مذر , وكينونات متصارعة , قادتها يتحاملون على بعضهم , ويستدعون أعداءهم للنيل من أخيهم , فأن الله ينكرنا , ولن يكون معنا. فما نقوله محض هراء , وتجنّي على الحقائق والمعاني الساميات. إن الله مع الذين أعقلوا وتوكلوا , ووفروا العزيمة والإرادة القوية القادرة على إستحضار النصر الكبير. “فلا يكفي أن نؤمن , بل علينا أن نمارس إيماننا”!!

Thursday, November 23, 2023

السعادة و المستقبل بات في عدم :

السعادة و المستقبل بات في عدم : عند مرورك بشوارع و مدن و ساحات العراق و أبنيتها حتى تلك الأثرية منها ؛ يكفيك أن ترفع رأسك و بنظرة عامة خاطفة لترى جميعها مع وجوه العراقيين حزينة - كئيبة و كالحة و كأنّها تبكي و في عسر و ضيق شديدين تنتظر الفرج الفوري .. !؟ لكن كيف و من أين يأتيهم الفرج و وجوه الفساد قائمة و تتكرّر كلّ مرّة .. بل و تزيد !؟ تزيد و تتوسع جنباً إلى جنب مع الجّهل المقدس الذي بدأ يتشعّب كآلأنشطار الذري في كل حدب و صوب برعاية الطبقة السياسية الجاهلة و المدارس المهملة و المهدمة والجامعات المتخلفة التي لا تتقن و لا تُلقّن سوى السطحيات و الشحطات و أساليب السرقة و اللغف و الأباطيل و المؤآمرات لـ (خمط) ما أمكن من أموال النقد كلّ مرّة من جيوب الفقراء و المتقاعدين و عموم فقراء الشعب طبقاً لطبقة سياسية همّها الأول و الأخير تحاصص الحكم لأجل ذلك!؟ و سياسة البنك العراقي و دعمها للحولات الرخيصة بمئات الملايين كل يوم خير دليل على ذلك الهدم و الخراب النقدي .. لأنّ معظمها ترجع لحسابات و مصارف احزابهم الضالة المضلّة أو لصالح الدول التي تدخلها تلك الأموال عن طريق الحوالات التي أكثرها غير صحيحة!؟ هل من شريف يسأل الحكومة السائرة على نهج ألعلمنة البعثية الهجينة ؛ عن ميزانية و تخصيصات هذه السنة 2023م التي أوشكت على النهاية بعد شهر تقريباً!؟ كم كانت تلك التخصيصات؟ و لماذا لم تُطلق و لم يعلن عنها؟ من لغفها جملة و تفصيلا!؟ و أين المشاريع التي وعد البعثي المدعو السوداني بإتمامها!؟ و أين رست قضيّة الدولار مقابل الدينار !؟ ولماذا في تصاعد مستمر!؟ أين الماء الصافي النقي و أين الكهرباء و الخدمات و الشوارع المبلطة و الصحة (1)؟ هل بنوا مصنعا واحداً أو شركة إنتاجية بعد عقدين و صرف ترليوني دولار!؟ و الأهم أيضاً ؛ أين حقوق المتقاعدين المهدورة منذ عقود .. حيث لا يكفيهم الراتب لإسبوع واحد و لا يغطي حتى دوائهم و علاجهم و إحتياجاتهم الخاصة معدومة تماماً .. بينما مرتزقة ألأحزاب و أزلام النظام الصدامي و فدائييه يستلمون الملايين كل شهر كتكريم لهم!؟ إلى أين يسير هذا البلد المنهك المدمّر بقيادة حفنة من السياسيين العملاء الجهلاء الذين لا يعادون إلّا الحقّ و أهله و العدالة العلوية و المنظرين لها بشكل خاص .. و الفكر و الفلسفة و أهلها , الفلسفة التي هي أعلى من العلم و التكنولوجيا و الأعمار!؟ لكن من منهم يفهم و يعني أو حتى يدرك معنى العلم ناهيك عن الفلسفة!؟ فكيف يمكن أن يتقدم البلد و (دعاة اليوم) من غير دعوة و فكر .. بل و يُعادون أهله .. بعد ما كانوا هم الأمل!؟ هل تتوقعون التقدم و الخلاص على أيدي البدو و المعدان - مع إحترامي للروح التي بين جنبيهم - أن يقوموا بذلك!؟ المشكلة أنّ العراقيّ و ليس الطبقات السياسيّة الضالة وحدها - بسبب سياسة التعليم و التربية المدرسية والجامعية و الدينية - لا يعرفون الفرق بين العلم و الثقافة ؛ بين الجمال و القبح ؛ بين الفكر و الفلسفة, و حتى الغاية من تلك الأختصاصات!؟ ناهيك عن الفلسفة الكونيّة التي هي ختام الفلسفة في الوجود!؟ وهكذا فقدوا و ظلّوا الطريقين : لا هم باتوا عملاء على وجه للحفاظ على ودّ من أتى بهم على ظهر الدبابة الأمريكية ليستقروا بوضع مُعيّن وأمان ليُسعدوا الشعب؟ و لا هم باتوا مخلصين و أوفياء للأمة و لمبادئها و لهداية الناس و نجاتهم من الغرق والفساد!؟ بل تسببوا في خراب البلاد و العباد .. ألشيئ الوحيد الذي حقّقوه؛ هو جمع وسرقة الأموال و الرّواتب لجيوبهم ولمرتزقتهم للأسف. لذلك لا سعادة ولا مستقبل بات في الأفق .. بل في عدم!؟ و هذا النكوص و الفشل و الجهل المقدس إنّما تكرّسَ بسبب ألأفلاس الفكري للسياسيين و مرتزقتهم .. كما باقي آلدول للأسف و لِلُقمة الحرام التي تشرّبت بها خلايا أبدانهم و خرّبت أرواحهم و نواياهم حتى مسخت قلوبهم و وجدانهم و مسحت ضمائرهم من هياكلهم المدنسة و كروشهم المُتدلية العفنة التي وحدها باتت تكبر و تتوسّع يوماً بعد آخر .. العارف الحكيم عزيز الخزرجي

Tuesday, November 21, 2023

بلد العميان : رواية قصيرة عبقرية وملهمة بقلم هربرت جورج ويلز، وقد نشرت لأول مرة في عدد أبريل 1904 من مجلة ستراند، وأدرج عام 1911 في مجموعة من القصص القصيرة لويلز بعنوان بلد العميان وقصص أخرى، وهي إحدى أشهر قصص ويلز القصيرة، وتحتل مكانة بارزة في الأدب الذي يتعامل مع العمى. أحداث القصة :- فر مجموعة من المهاجرين بأنفسهم من السلطات عبر جبال الإنديز ، ولكن حدثت انهيارات صخرية كبيرة في جبال الإنديز عزلت هؤلاء القوم في وادٍ بعيد عن بقية العالم ، فعاشوا به إلى أن انتشر فيهم مرضٌ غريب أصابهم جميعًا بالعمى ، وقد فسروا ذلك بكثرة الخطايا التي ارتكبوها . وهكذا ظل هؤلاء القوم يعيشون جيلًا بعد جيلًا في ذلك الوادي البعيد، وهم يتوارثون العمى ويورثونه إلى أبنائهم ، إلى أن ساقت الأقدار المستكشف البريطاني نيونز ، وهو خبير في تسلق الجبال كان في رحلة استكشافية مع مجموعة من الأصدقاء ، ولكن لسوء حظه انزلقت قدمه وسقط من أعلى إلى ذلك الوادي النائي. حتى ظن أصحابه أنه مات ، فلم يكونوا على علم بوجود وادي العميان الأسطوري ، لكنه لم يمت وسقط على وسادة من الثلج أنقذت حياته ، وحينما بدأ المستكشف الغريب المشي في ذلك الوادي رأى مدينة مبنية بشكل غريب ، يخلو من التنظيم وألوان بيوتها فاقعة ومتعددة ، وتخلو من أي نوافذ فتعجب من ذلك . واكتشف أن تلك المدينة التي يسير بها هي مدينة للعميان ، فأخذ يخبرهم عن نفسه ومدينته التي جاء منها، وأن الناس فيها مبصرون فتعجبوا ماذا يقصد بالبصر ، فحاول إفهامهم ولكن دون جدوى، ظنوا أنه مجذوب يهذي حدثهم كثيرًا عن جمال الدنيا وتنوع الألوان وحاول وصفها لهم ، ولكنهم لم يستمعوا له واتهموه بالجنون . وبعد أن فشلت كل محاولاته بإقناعهم أنه الأفضل ، ويمتلك ما لا يمتلكون قرر الهرب ولكن فشل فعاد إليهم معتذرًا وأنكر كل ما قاله عن البصر حتى يسامحوه ويسمحوا له بالعيش معهم ، فصفحوا عنه بعد أن قاموا بجلده ثم كلفوه ببعض الأعمال. وفي هذا الوقت بدأ قلبه ينبض بالحب لفتاة جميلة من العميان ، لكن على عكس نظرته كانت نظرة العميان ، فقد كان يعتبرونها قبيحة جدًا لأن أنفها مدبب وأهدابها طويلة ، وحينما تقدم الشاب للزواج من والدها وقع الأب في حيرة ، أيزوجها من ذلك المجذوب الذي يعد في مرتبة أقل منهم جميعًا، أم يترك ابنته القبيحة دون زواج ! لذا طلب رأي الحكماء في ذلك ، فجاء رأيهم قاطعًا أن الفتى لديه عضوين غريبين بوجهه يقعان فوق أنفه ، هو يسميهما العينين وهما من أتلفا عقله ، لذا يجب نزعهما حتى يصير الفتى كاملًا عاقلًا مثلهم ، وبعدها يمكنه أن يتزوج الفتاة . بالطبع رفض الفتى أن يضحي بعينيه في البداية وملأ الدنيا صراخًا ، ولكن الفتاة التي تحبه ارتمت بين أحضانه وأخذت ترجوه أن يفعل ، وهكذا أصبح العمى هو شرط الزواج واكتمال المواطنة في ذلك المجتمع النائي . فرضخ الشاب وخرج لأخر مرة يودع العالم الساحر بجماله ، وأنهاره الزرقاء ووديانه الخضراء ، وسطوع شمسه الصفراء ولكنه توقف لبرهة، كيف يفقد هذا كله من أجل فتاة .. كيف ولماذا أقنعوه أن البصر شيء لا قيمة له برغم أن هذا خطأ اتجه إلي حاجز الجبال حيث توجد مدخنة حجرية تتجه لأعلي، وقرر أن يتسلقها وعندما غربت الشمس كان بعيدا جدا عن بلد العميان. نزفت كفاه وتمزقت ثيابه لكنه كان يبتسم، ورفع عينيه وراح يرمق النجوم وأخذ يفكر في كل شيء فانتصر بداخله حب الحياة وقرر الهرب للمرة الأخيرة ، وبالفعل استطاع فعل ذلك ونجا بنفسه بعيدًا عن مدينة العميان. هربرت جورج ويلز 📖 بلد العميان

Sunday, November 19, 2023

يصف تاريخ الكون (بالإنجليزية: chronology of the universe) تاريخ نشأة الكون ومستقبله وفقا لنظرية الانفجار الكبير. قُدّر بدء المراحل الأولى من وجود الكون قبل 13.8 مليار سنة مع عدم يقين يبلغ نحو 21 مليون سنة ونسبة ضمان 68 ٪. المراحل الخمسة لتاريخ الكون من المناسب تقسيم تاريخ الكون منذ نشأته إلى خمسة أقسام. وغير واضح فيما إذا كان هناك زمنًا يسبق هذا التأريخ. الكون المبكر جدًا أول جزء من الثانية (واحد من التريليون من الثانية) من الزمن الكوني. ويتضمن حقبة بلانك، والتي قد لا تنطبق عليها قوانين الفيزياء المستخدمة حاليًا؛ ظهور القوى الأساسية الأربعة أولها الجاذبية، ومن ثم القوى النووية القوية والضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية؛ وتمدد الفضاء والتبريد الفائق للكون الحار الذي بقيت حرارته هائلة بسبب الانتفاخ الكوني والذي يقال أنه ناتج من القوى النووية القوية والكهرومغناطيسية. ويعتقد بأن التموجات الخفيفة في الكون في هذه المرحلة كانت أساس تشكل الهياكل الكبيرة في وقت لاحق. توجد مراحل مختلفة لهذه الفترة من الكون المبكر. إذ أن الأجزاء الأقدم تقع خارج نطاق البحث في الفيزياء الجزيئية ولكن يمكن اكتشافها بوسائل أخرى. الكون المبكر ودام نحو 377,000 سنة. ومبدئيًاً ظهرت العديد من الجزيئات غير الذرية في هذه المرحلة. وتتضمن هذه الجزيئات كميات متساوية من المادة والمادة المضادة، لذلك تفنى معظمها بسرعة مخلّفةً بقايا صغيرة من المادة في الكون. وفي ثانية واحدة، تتجزأ النيوترونات والتي تشكل الخلفية النيوترونية الكونية. وإذا وُجد ثقب أسود فإنها تتشكل أيضًاً بنحو الثانية حسب الزمن الكوني. وتظهر الجزيئات الذرية المركبة -من ضمنها النيوترونات والبروتونات- وبحدود الدقيقتين تصبح الظروف مناسبة من أجل التراكب النووي: تندمج نسبة 25% من البروتونات وكل النيوترونات مشكلة عناصر أثقل مثل الديوتيريوم مبدأيًا والذي يندمج مشكلاً هيليوم. وخلال 20 دقيقة لا يكون الكون حارًا بما يكفي من أجل الاندماج ولكن تعتبر حرارته مناسبة من أجل تواجد الذرات المعتدلة أو لكي تنتقل الفوتونات لمسافات بعيدة. وبذلك تكون البلازما غير الشفافة. وبحدود 47,000 سنة حين برد الكون بدأ سلوكه بالاقتصار على المادة أكثر من الإشعاع. وبعد نحو 10,000 سنة تشكل أول جزء وهو هيدريد الهيليوم. (ولاحقًاً تفاعل كل من الهيدروجين وهيدريد الهيليوم ليشكلان الهيدروجين الجزيئي وهو الوقود الذي احتاجته أوائل النجوم). وبعد نحو 377,000 سنة أصبح الكون باردًاً كفاية لتتشكل الذرات المعتدلة وكنتيجة لذلك أيضًاً أصبحت شفافة للمرة الأولى. ووصلت الذرات المتشكلة حديثاً- بشكل رئيسي الهيدروجين والهيليوم مع آثار من الليثيوم - بسرعة إلى أدنى مستوى طاقي لها (مستوى الخمول) بعد إطلاق الفوتونات (انفصال الفوتون) ولا تزال هذه الفوتونات تمثل الخلفية الكونية من الأمواج الميكروية (CBM). وهذا هو أقدم تصور لدينا عن الكون. العصور المظلمة وظهور الهياكل الكبيرة من 377,000 وحتى نحو 1 مليار سنة. بعد إعادة التركيب والانفصال كان الكون شفافًاً ولكن انهارت الغيوم الهيدروجينية ببطء لتشكل نجومًاً ومجرات، لذلك لم يمكن هناك مصادر للضوء. والفوتونات الوحيدة في الكون (الإشعاع الكهرومغنطيسي أو الضوء) كانت تلك المنبعثة أثناء الانفصال (وهي مرئية اليوم وتمثل الخلفية الكونية من الأمواج الميكروية) وتطلق انبعاثات راديوية عادة من ذرات الهيدروجين. وملأت الفوتونات المنفصلة الكون ببريق برتقالي فاتح رائع في البداية وتحولت تدريجيًاً إلى أطوال موجات غير مرئية بعد نحو 3 ملايين سنة، تاركة الكون من دون ضوء مرئي. وتعرف هذه الفترة بالعصور المظلمة. بين الفترة من 10 إلى 17 مليون سنة كانت درجة حرارة الكون مناسبة لتشكل الماء السائل (273-373 k). وكانت هناك تكهنات فيما إذا قد تشكلت كواكب صخرية أو ظهرت الحياة الفعلية لفترة وجيزة، تبعًا للحسابات الإحصائية فإن جزء صغير من الكون كان يمكن أن يتميز بظروف مختلفة عن الأجزاء الأخرى واكتسب الحرارة المناسبة من الكون ككل. في وقت ما بين الفترة من 200 إلى 500 مليون سنة تشكلت الأجيال الأولى من النجوم والمجرات (ما تزال الأبحاث جارية لتحديد التوقيت الدقيق) ونشأت الهياكل الكبيرة المبكرة تدريجيًاً والتي تشكل المادة المظلمة على هيئة رغوة والتي بدأت بالفعل في التجمع في جميع أنحاء الكون. الأجيال الأولى من النجوم لم تتم مراقبتها بعد من الناحية الفلكية. قد تكون ضخمة (بما يعادل 100 إلى 300 ضعف حجم الشمس) وغير معدنية وعاشت لفترات قصيرة جدًا مقارنة بمعظم النجوم التي نراها اليوم، لذلك فإنها عادةً تستهلك الهيدروجين وتنفجر بعد ملايين السنين متحولة إلى مستعر أعظم ازدواجي عالي الطاقة وغير مستقر. تشير نظريات أخرى إلى أن الأجيال الأولى ربما تضمنت نجومًا صغيرة لا يزال بعضها يحترق حتى اليوم. في كلتا الحالتين شكّلت هذه الأجيال المبكرة من المستعرات الأعظمية معظم العناصر اليومية التي نراها من حولنا اليوم ومدّت الكون بالطاقة. ظهرت مع مرور الوقت مجموعات وعناقيد المجرات. في مرحلة ما أدت الفوتونات ذات الطاقة العالية من النجوم القديمة والمجرات القزمية وربما النجوم البعيدة إلى ظهور فترة من إعادة التأيين التي بدأت تدريجيًا بين الفترة من 250 إلى 500 مليون سنة واُستكملت بنحو 700 إلى 900 مليون سنة وتضاءلت بعد نحو مليار سنة (التوقيت الدقيق ما زال قيد الدراسة). تحول الكون تدريجيًاً إلى الكون الذي نراه حولنا اليوم ولم تنته العصور المظلمة بالكامل إلا بعد نحو مليار سنة. الكون الذي نعرفه اليوم ظهر منذ مليار سنة وقد يمتد إلى 12.8 مليار سنة وسيبقى على هذه الحال لمليارات السنين. بدأ القرص الرقيق لمجرتنا بالتشكل منذ 5 مليارات سنة (8.8 مليار سنة) وتشكل نظامنا الشمسي منذ نحو 9.2 مليار سنة (4.6 مليار سنة) وظهرت آثار الحياة الأولى على الأرض منذ 10.3 مليار سنة (3.5 مليار سنة). منذ نحو 9.8 مليار سنة من الزمن الكوني بدأ التوسع البطيء للفضاء بالتسارع تدريجيًاً تحت تأثير الطاقة المظلمة والتي قد تكون حقلًا قياسيًا في جميع أنحاء الكون. يتم فهم الكون في الوقت الحاضر بشكل جيد ولكن بعد نحو 100 مليار سنة من الزمن الكوني (نحو 86 مليار سنة في المستقبل) فإن حالات عدم اليقين في المعرفة الحالية تعني أننا أقل ثقة في المسار الذي سيتخذه الكون. المستقبل البعيد في وقت ما سينتهي عصر الكون الحالي أو ما يسمى Stelliferous Era إذ لن تولد النجوم بعدها وسيعني امتداد الكون أن الكون الذي يمكن ملاحظته يصبح مقتصرًا على المجرات المحلية. هناك سيناريوهات مختلفة للمستقبل البعيد والمصير النهائي للكون. إن المعرفة الأكثر دقة لكوننا الحالي ستسمح بفهم هذه الأمور بشكل أفضل. الانفجار الكبير يعتمد النموذج القياسي لعلم الكون على نموذج الزمكان الذي يطلق عليه مقياس فريدمان- ليمايتر- روبرتسون ووكر (FLRW). يوفر المقياس حساب المسافة بين الأجسام ومقياس FLRW هو الحل الدقيق لمعادلات حقل أينشتاين مع افترض أن بعض الخصائص الأساسية للفضاء مثل التجانس وتوحد الخواص صحيحة. يتوافق مقياس FLRW مع أدلة أخرى جازمة ما يدل على أن الكون قد توسّع منذ الانفجار الكبير. إذا افترضنا أن معادلات مقياس FLRW صالحة طوال فترة العودة إلى بداية الكون فيمكننا متابعتها في الوقت المناسب إلى درجة تشير فيها المعادلات إلى أن جميع المسافات بين الأجسام في الكون كانت صفرية أو متناهية في الصغر. (هذا لا يعني بالضرورة أن الكون كان صغيرًا لحظة الانفجار الكبير، على الرغم من أنه يمثل بالفعل أحد الاحتمالات.) يوفر هذا نموذجًا للكون الذي يطابق جميع الملاحظات المادية الحالية بشكل وثيق للغاية. وتسمى هذه الفترة الأولى من التسلسل الزمني للكون بـ «الانفجار الكبير». لا يحاول النموذج القياسي لعلم الكون شرح سبب بدء الكون وهذا يفسر فقط كيف تطور الكون ماديًا فور حدوث تلك اللحظة. المراجع The بلانك in 2015 published the estimate of 13.799 ± 0.021 billion years ago (68% confidence interval). See Table 4 on page 31 of pdf. Planck Collaboration (2016). "Planck 2015 results. XIII. Cosmological parameters". مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية. ج. 594 ع. 13: A13. arXiv:1502.01589. Bibcode:2016A&A...594A..13P. DOI:10.1051/0004-6361/201525830. "The Universe Adventure - The Plank Epoch". universeadventure.org. مؤرشف من الأصل في 2019-04-03. اطلع عليه بتاريخ 2019-09-18.

فلسفتنا الكونية ختام الفلسفة :

فلسفتنا ألكونيّة ختام الفلسفة «الفلسفة» هي كل وجود اليوناني القديم، الذي ترجم فكره و أولويات حياته بناءً عليها؛ فقد أرجع كل شيء إليها .. كما أنه لم يُبدِع في شيء مثلما أبدع في الفلسفة و الأدب, و قد قدّمت لنا (الفلسفة اليونانية) أعظم الفلاسفة على الإطلاق؛ فهم الذين وضعوا بذرة الفلسفة للعصر الحديث مُستلهمين من النصوص السّماوية التي أتى بها الأنبياء و المرسلين في زمنهم بإعتقادي! فقد وضع أؤلئك العظام المبادئ الأولى للفلسفة حول الأنسان و الوجود و الهدف من الحياة، و لكنهم أيضاً لم يأتوا بها من العدم؛ فثَمَّة نصوص مقدسة في فترة تأريخية مفقودة لم يُشر لها من قبلهم ربما بسبب السلطات الحاكمة, إضافة لإرهاصات كانت بمثابة المنطلق و بصيص نور حوَّلَهُ فلاسفة اليونان إلى شعلة حملوها ليضيئوا بها شمس الحضارة الإنسانيَّة.وهو ما التقفَه الفلاسفة المسلمون و الأوروبيون على حدٍّ سواء فيما بعد؛ ليستكملوا مسيرة العلم التي لا تنتهي أبداً ! و قد حدَّدت (الفلسفة الكونية العزيزيّة) الأُطُر الأساسية التي قامت عليها الفلسفة اليونانية منذ فجر التاريخ، و حتى انتهاء دور الفلسفة اليونانية، ليبدأ طَوْرٌ جديد من الفلسفة الإسكندرية و المدرسية و بآلتالي لتصبح قواعد و محدذدات فلسفتنا ؛ ختام الفلسفة في الوجود بفضل الله و مننه. إذن (الفلسفة الكونية ألعزيزية) التي حدّدت فلسفة الوجود و أصول وقواعد نيل السعادة و الفلاح و الخلود في الوجود؛ هي التي تُحقّق هدفك و تُغنيك عن كلّ ما أورده الفلاسفة و أنتجه الفكر الأنسانيّ من آدم حتى الخاتم و إلى يومنا هذا, و إن ما أصاب العراق من مآسي عبر التأريخ و إلى يومنا هذا من فساد و نهب و تسلط و مليشيات و تفرقة و تشتت بسبب الأحزاب المتحاصصة التي همّها الوحيد هو الأرتزاق و سرقة أموال الفقراء مقابل هدم الوطن و المواطن .. و فلسفتنا الكونية التي هي ختام الفلسفة في الوجود طريق الخلاص نحو السعادة و الخلود الأبدي. و أبداً لن يموت الذي أحيا قلبه بآلعشق .. إنّه مؤكدٌ خلودنا في هذا الوجود. ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد.

Saturday, November 18, 2023

علم الكونيات .. مقدمة

علم الكونيات: مقدمة قصيرة جدًّا الفصل السادس الكون والمادة هل الكون محدود أم غير محدود؟ هل سينتهي الانفجار العظيم بانسحاق عظيم؟ هل المكان منحنٍ حقًّا؟ كم مقدار المادة الموجودة في الكون؟ وما الشكل الذي تتخذه هذه المادة؟ من المؤكد أن المرء يتمنى أن تمدنا الدراسة الناجحة للكون بإجابة أسئلة أساسية كهذه. وهذه الإجابة تعتمد على نحو جوهري على رقم يُعرف باسم أوميجا ورمزه . لطالما عانى العلماء من مشكلة صعوبة قياس باستخدام المشاهدات الكونية من حولنا، ولم يحققوا في هذا إلا نجاحًا محدودًا. والتقدم الكبير الحادث الآن في تطوير وتطبيق التكنولوجيات الجديدة يقترح إمكانية تحديد قيمة بدقة في غضون السنوات القليلة القادمة. لكن الأمر ليس بهذه البساطة؛ إذ إن أحدث المشاهدات توحي بأن قيمة قد لا تحمل في نهاية المطاف كل الأجوبة. إلا أن قضية ليست مبنية بالكامل على المشاهدات؛ لأن القيمة الدقيقة التي تمتلكها هذه الكمية تحمل أدلة مهمة بشأن المراحل المبكرة للغاية من الانفجار العظيم، وبشأن بنية الكون على النطاق الواسع للغاية. لماذا إذن بهذه الأهمية، ولماذا يصعب تحديد قيمتها إلى هذه الدرجة؟ البحث عن أوميجا لفهم دور في علم الكونيات، من المهم أولًا أن نتذكر الكيفية التي رَبطتْ بها نظرية النسبية لأينشتاين بين الخواص الهندسية للزمكان (على غرار الانحناء والتمدد) وبين الخصائص الفيزيائية للمادة (على غرار الكثافة وحالة الحركة). وكما شرحتُ في الفصل الثالث فإن تطبيق هذه النظرية في علم الكونيات يوضحه على نحو مبسط استحداث «المبدأ الكوني». وفي نهاية المطاف، فإن تطور الكون بأسره محكوم بمعادلة واحدة بسيطة، تُعرف الآن باسم معادلة فريدمان. يمكن التفكير في معادلة فريدمان بوصفها تعبيرًا عن قانون حفظ الطاقة على مستوى الكون ككلٍّ. والطاقة لها العديد من الصور المختلفة في الطبيعة، لكنه في سياقنا هذا ثمة نوعان فقط من الطاقة هما المَعْنِيَّان. يحمل الجسم المتحرك، كالرصاصة مثلًا، نوعًا من الطاقة يسمى «طاقة الحركة»، وهي تعتمد على كتلته وسرعته. من الجلي أنه بما أن الكون آخِذ في التمدد، فإن كل المجرات آخذة في التباعد بعضها عن بعضٍ؛ ومن ثم يحتوي الكون مقدارًا كبيرًا من طاقة الحركة. الصورة الأخرى من الطاقة هي «طاقة الوضع»، وهي أصعب قليلًا في فهمها. فكلما تحرك جسم ما وتفاعل عن طريق نوع ما من القوة، كان بإمكانه أن يكتسب طاقة الوضع أو يفقدها. على سبيل المثال، تخيل أن هناك ثقلًا معلقًا بطرف قطعة خيط متدلية. يصنع هذا بندولًا بسيطًا. إذا رفعت الثقل، فإنه سيكتسب طاقة وضع؛ لأنك بهذا تقاوم الجاذبية كي ترفعه. وإذا أطلقتَ الثقل فسيبدأ البندول في التأرجح. عندئذٍ سيكتسب الثقل طاقة حركة، ومع سقوطه سيفقد طاقة الوضع التي يمتلكها. تنتقل الطاقة بين النوعين في هذه العملية، لكن الطاقة الإجمالية تظل محفوظة. وسيتأرجح الثقل نحو النقطة السفلية من قوسه؛ حيث لا يمتلك أي طاقة وضع، لكنه سيظل يتحرك. وفي الواقع سيرسم الثقل دائرة كاملة، بحيث يعود في النهاية إلى النقطة العليا من قوسه، التي عندها يتوقف (لحظيًّا) قبل أن يبدأ دورة جديدة من التأرجح. وفي النقطة العليا، لا يملك الثقل طاقة حركة، بل يملك طاقة وضع تكون في أقصى درجاتها. وأيًّا كان موضع الثقل، تظل طاقة المنظومة كلها ثابتة. وهذا هو قانون حفظ الطاقة. في السياق الكوني، تعتمد طاقة الحركة — على نحو بالغ — على معدل التمدد؛ أي على ثابت هابل. وتعتمد طاقة الوضع على كثافة الكون؛ أي على مقدار المادة الموجود في كل وحدة حجم للكون. لكن للأسف هذه الكمية غير معروفة بدقة إطلاقًا؛ بل هي في الواقع مشكوك فيها أكثر من ثابت هابل. لكن إذا عرفنا متوسط كثافة المادة وقيمة ثابت هابل، فسيمكننا حساب طاقة الكون الإجمالية. ويجب أن تكون هذه الطاقة ثابتة مع مرور الزمن، بما يتوافق مع قانون حفظ الطاقة (أو في هذا السياق، معادلة فريدمان). وبتنحية الصعوبات الفنية الناجمة عن تدخل النسبية العامة جانبًا، يمكننا الآن أن نناقش تطور الكون على نحو إجمالي مستخدمين أمثلة مألوفة مأخوذة من فيزياء المرحلة الثانوية. على سبيل المثال، تدبَّر مشكلة إطلاق مركبة من الأرض إلى الفضاء. في هذه الحالة تكون الكتلة المسئولة عن طاقة الوضع الجذبية للمركبة هي كوكب الأرض. وتتحدد طاقة الحركة الخاصة بالمركبة بواسطة قوة الصاروخ المستخدم. فإذا زودنا المركبة بصاروخ متواضع وحسب، بحيث لا يتحرك بسرعة كبيرة عند الإطلاق، فستكون طاقة الحركة صغيرة، وقد لا تكفي لجعل الصاروخ يُفلِت من جاذبية الأرض. وبهذا يرتفع الصاروخ قليلًا ثم يهبط مجددًا. من منظور الطاقة، ما حدث هو أن الصاروخ استنفد طاقة الحركة التي يملكها، والتي استُهلكتْ بثمن باهظ عند الإطلاق، ثم دفع الثمن على صورة طاقة وضع كبيرة تتناسب مع ارتفاعه المتزايد. وإذا استخدمنا صاروخًا أكبر، فسيعلو إلى ارتفاع أكبر قبل أن يهوي مجددًا إلى الأرض. وفي النهاية سنعثر على صاروخ كبير بما يكفي بحيث يمد المركبة بالطاقة الكافية؛ كي تفلت تمامًا من قبضة مجال الجاذبية الأرضية. وعادةً ما يُطلق على سرعة الإطلاق الحرجة في هذه الحالة اسم «سرعة الإفلات»؛ وإذا زادت سرعة الصاروخ عن سرعة الإفلات فسيواصل حركته إلى الأبد، وإذا قلَّتْ عنها فسيهوي إلى الأرض. في السياق الفلكي الصورة مشابهة، لكن الكمية الحرجة ليست سرعة الصاروخ (المشابهة لثابت هابل، ومن ثم تكون معروفة، على الأقل من حيث المبدأ)، وإنما كتلة كوكب الأرض (أو في حالة الكون ككلٍّ، كثافة المادة). ومن ثم يكون من المفيد للغاية التفكير في الكثافة الحرجة للمادة، عوضًا عن السرعة الحرجة. فإذا تجاوزت الكثافة الفعلية للمادة الكثافة الحرجة، فسينهار الكون في نهاية المطاف على ذاته؛ إذ ستكون طاقة الجاذبية الخاصة به كافية لأن تبطئ التمدد ثم توقفه، وفي النهاية تعكس مساره إلى أن ينهار الكون على نفسه. وإذا كانت الكثافة أقل من القيمة الحرجة، فسيواصل الكون تمدده إلى الأبد. يتضح أن الكثافة الحرجة صغيرة للغاية، وهي أيضًا تعتمد على ثابت هابل، لكن في نطاق ذرة هيدروجين واحدة لكل متر مكعب. وأغلب الفيزيائيين التجريبيين سيَعُدُّون المادة التي لها مثل هذا المقدار المنخفض من الكثافة مثالًا جيدًا للغاية على الفراغ! الآن، على الأقل، يمكننا تقديم القيمة أوميجا ؛ فهي ببساطة نسبة الكثافة الفعلية للمادة في الكون إلى القيمة الحرجة التي تمثل الحدَّ الفاصل بين التمدد السرمدي والانهيار الحتمي. تمثل القيمة الحد الفاصل، وإذا كانت فهذا يعني تمدد الكون بلا نهاية، أما القيمة فتشير إلى انهيار الكون على ذاته في انسحاق عظيم. وبغضِّ النظر عن القيمة الدقيقة لأوميجا، فإن تأثير المادة دائمًا هو إبطاء تمدد الكون، ومن ثم تتنبأ هذه النماذج دائمًا بإبطاء تمدد الكون، لكن سيأتي المزيد عن هذا لاحقًا. fig16 شكل ٦-١: نماذج فريدمان. بالإضافة إلى امتلاكها خيارات عديدة بشأن المكان المنحني، تستطيع نماذج فريدمان أيضًا أن تسير على نحو مختلف مع تطورها عبر الزمن. إذا كانت قيمة أكبر من واحد فسيتوقف التمدد في نهاية المطاف وينهار الكون على نفسه. أما إذا كانت أقل من واحد، فسيتمدد الكون إلى الأبد. وبين هاتين القيمتين يوجد نموذج الكون المنبسط الذي تكون فيه قيمة مضبوطة تمامًا بحيث تساوي واحدًا صحيحًا. لكن الاستمرارية طويلة المدى للتمدد الكوني ليست هي القضية الوحيدة التي يعتمد حلها على قيمة ؛ فهذه الحجج المبنية على أفكار الطاقة البسيطة الناتجة عن فيزياء نيوتن ليست القصةَ كلها. ففي نظرية النسبية العامة لأينشتاين، يحدد إجمالي الطاقة-الكثافة الانحناءَ العام للمكان، كما أوضحتُ في الفصل الثالث. ينتج المكان ذو الانحناء السالب في النماذج التي تقل فيها قيمة عن واحد، ويُوصف أي نموذج ذي انحناء سالب بأنه نموذج لكون مفتوح. بينما يظهر النموذج ذو الانحناء الموجب (الكون المغلق) إذا زادت قيمة عن الواحد. وفيما بين الاثنين، يوجد النموذج الكلاسيكي الوسيط الذي فيه تساوي قيمة الواحد الصحيح تمامًا، ولهذا النموذج هندسة منبسطة تنطبق فيها قوانين إقليدس. كم سنشعر بالراحة لو اكتشفنا أن الكون اختار أبسط هذه الخيارات! إن الكمية تحدد كلًّا من هندسة المكان على المستويات الكونية، والمصير النهائي للكون كذلك، بَيْدَ أنه من المهم أن نشدد على أن قيمة لا يتنبأ بها نموذج الانفجار العظيم على الإطلاق. قد تبدو النظرية التي تفشل في الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي تدور حول وكأنها نظرية عديمة القيمة إلى حدٍّ بعيد، لكن هذا النقد في الواقع ليس منصفًا. فكما أوضحتُ من قبل فإن الانفجار العظيم «نموذج»، وليس نظرية كاملة. وبوصفه نموذجًا فهو يتسم بالاتساق رياضيًّا أو عند مقارنته بالمشاهدات، بَيْدَ أنه ليس تامًّا. وفي هذا السياق يعني هذا أن متغير «حر» شأنها شأن ثابت هابل. بتعبير آخر: المعادلات الرياضية الخاصة بنظرية الانفجار العظيم تصف تطور الكون، لكن من أجل أن نحسب مثالًا محددًا نحتاج إلى توفير مجموعة من الظروف المبدئية كي تكون نقطة انطلاق لنا. وبما أن الأسس الرياضية التي ينبني عليها النموذج تنهار عند بدايات الكون المبكرة، فليس لدينا وسيلة لتثبيت الظروف المبدئية على نحو نظري. إن نظرية فريدمان محددة بدرجة جيدة، بغض النظر عن قيم أوميجا وثابت هابل، وكل ما في الأمر أن كوننا تصادف أنه بُني وفق توليفة عددية معينة من هذه الكميات. ومن ثم فإن كل ما يسعنا فعله هو استخدام البيانات الرصدية للخروج باستنتاجات بشأن المتغيرات الكونية؛ إذ إن هذه المتغيرات يستحيل، على الأقل في ضوء المعارف الحالية وداخل الإطار القياسي للانفجار العظيم، أن تُستنتَج عن طريق التفكير المنطقي وحده. وعلى الجانب الآخر، ثمة فرصة لاستخدام المشاهدات الكونية الحالية؛ كي نعرف أحوال الكون في مراحله المبكرة للغاية. البحث عن رقمين أُدرِكتْ أهمية تحديد المتغيرات الكونية في وقت مبكر من تاريخ علم الكونيات. وفي الواقع، كتب الفلكي البارز آلان سانديج (الذي أجرى دراساته البحثية العليا تحت إشراف هابل) ذات مرة ورقة بحثية بعنوان «علم الكونيات: البحث عن رقمين». وبعدها بعقدين، ما زلنا نجهل قيمة هذين الرقمين، ولفهم السبب وراء ذلك علينا أن نفهم الأنواع المختلفة للمشاهدات التي يمكنها أن تعرِّفنا بقيمة ، ونوعية النتائج التي أنتجتها. فهناك أنواع مختلفة من المشاهدات، لكن من الممكن تجميعها في أربع فئات رئيسة. أولًا: هناك الاختبارات الكلاسيكية المَعْنِية بدراسة الكون. وفكرة هذه الاختبارات هي استخدام المشاهدات الخاصة بكل جِرم بعيد؛ من أجل قياس انحناء المكان، أو المعدل الذي يتباطأ به تمدُّد الكون. وأبسط هذه الاختبارات يتضمن مقارنة أعمار الأجرام السماوية (وخاصة النجوم الموجودة في منظومات العناقيد الكروية) بالعمر الذي تتنبأ به النظرية الكونية. ناقشتُ هذا الأمر في الفصل الرابع؛ لأنه إذا لم يكن تمدد الكون آخذًا في التباطؤ؛ فإن العمر المُتنبَّأ به يعتمد بدرجة وثيقة على ثابت هابل أكثر مما يعتمد على قيمة ، وعلى أي حال فإن أعمار النجوم القديمة ليست معروفة بأي درجة كبيرة من الثقة؛ لذا لا يفيد هذا الاختبار كثيرًا في تحديد قيمة في الوقت الحاضر. تتضمن الاختبارات الكلاسيكية الأخرى خصائص المصادر البعيدة للغاية؛ كي نتحقق على نحو مباشر من معدل التباطؤ أو الهندسة المكانية للكون. بعض هذه الأساليب كان هابل هو رائدها، بينما نقَّحها سانديج ببراعة. بَيْدَ أنها لم تكن محل تفضيل في ستينيات القرن العشرين وسبعينياته؛ لأنه في ذلك الوقت لم يكن معروفًا أن الكون إجمالًا يتمدد وحسب، بل إن الأجرام الموجودة داخله آخذة في التطور بسرعة. وبما أنه على المرء أن يستكشف مسافات بعيدة للغاية من أجل قياس التأثيرات الهندسية الطفيفة للغاية لانحناء المكان، فإنه في واقع الأمر ينظر لا محالة إلى الأجرام السماوية كما كانت حين غادرها الضوء في رحلته نحونا. ومن الممكن أن يكون هذا الوقت كبيرًا للغاية؛ يصل في المعتاد إلى أكثرَ مِن ثمانين بالمائة من عمر الكون في المشاهدات الكونية. فلا يوجد ما يضمن أن يكون سطوع الأجرام البعيدة المستخدمة أو أحجامها لهما الخصائص عينها التي للنجوم القريبة؛ وذلك بسبب إمكانية أن تكون هذه الخصائص قد تغيرت مع مرور الزمن. في واقع الأمر، تُستخدم الاختبارات الكونية الكلاسيكية في الوقت الحاضر بالأساس بهدف دراسة تطور الخصائص، لا اختبارِ المناحي الرئيسة لعلم الكونيات. ومع ذلك ثمة استثناء حديث مهم؛ إذ أسفر استخدام انفجارات المستعرات العظمى (السوبرنوفا) بوصفها مصادر ضوئية قياسية عن نتائج رائعة تقترح فيما يبدو أن الكون لا يتباطأ في التمدد على الإطلاق. وسأتحدث بمزيد من التفصيل عن هذا الأمر في نهاية هذا الفصل. بعد ذلك هناك الحجج المبنية على نظرية التخليق النووي. وكما أوضحتُ في الفصل الخامس؛ يُعَدُّ الاتفاق بين الوفرة المرصودة للعناصر من جهة، وبين التنبؤات الخاصة بحسابات الاندماج النووي في المراحل المبكرة من عمر الكون من جهة أخرى؛ أحدَ ركائز الأدلة الأساسية الداعمة لنظرية الانفجار العظيم. بَيْدَ أن هذا الاتفاق لا يسري إلا إذا كانت كثافة المادة قليلة للغاية؛ أي لا تزيد عن نسبة مئوية ضئيلة من الكتلة الحرجة المطلوبة كي يكون المكان منبسطًا. كان هذا معروفًا لسنوات عدة، ومن الوهلة الأولى يبدو أنه يقدم إجابة بسيطة للغاية لكل الأسئلة التي طرحْتُها. ومع ذلك، هناك شرط بسيط مقيِّد؛ إذ إن حدَّ «النسبة المئوية الضئيلة» ينطبق فقط على المادة التي يمكنها المشاركة في التفاعلات النووية. فربما كان الكون مليئًا بخلفية من الجسيمات الخاملة العاجزة عن التأثير في عملية تخليق العناصر الخفيفة. يسمى نوع المادة الذي يشارك في التفاعلات النووية باسم المادة «الباريونية»، وهو يتألف من جسيمين أساسيين؛ البروتونات والنيوترونات. وقد اقترح فيزيائيو الجسيمات أنه ربما أُنتجت أنواع أخرى غير باريونية من المادة داخل الأتون المتَّقِد للكون المبكر. وعلى الأقل بعضٌ من هذه الجسيمات ربما ظل باقيًا إلى الآن، وربما يؤلف ولو جزءًا من المادة المظلمة. ومن ثم ربما يتضمن بعضٌ من المادة المكونة للكون نوعًا ما من الجسيمات العجيبة غير الباريونية. وقد لا تكون المادة العادية — التي نتكون منها — أكثر من لطخة صغيرة على ثوب المادة الكونية الشاسعة التي لم تتحدد طبيعتها بعد. وهذا يضيف بُعدًا آخر إلى المبدأ الكوبرنيكي؛ فنحن لم نعد في مركز الكون وحسب، بل إننا حتى لا نتكون من المادة عينها التي يتكون منها السواد الأعظم من الكون. الفئة الثالثة من الأدلة مبنية على حجج فيزيائية فلكية. والفارق بين هذه الحجج وبين القياسات الكونية في جوهرها، التي ناقشناها سابقًا، هو أنها تنظر إلى الأجرام المنفردة بدلًا من خصائص المكان الفاصل بينها. ففي الواقع، نحن نحاول هنا أن نحدد كثافة الكون عن طريق وزن العناصر المكونة له واحدًا تلو الآخر. على سبيل المثال، يمكننا أن نحاول استخدام آليات الحركة الداخلية للمجرات من أجل حساب كتلتها، وذلك بافتراض أن الجاذبية تحافظ على دوران القرص المجرِّيِّ بالطريقة عينها تقريبًا التي تهيمن بها جاذبية الشمس على حركة كوكب الأرض حول الشمس. فمن الممكن حساب كتلة الشمس من واقع سرعة كوكب الأرض في مداره، ومن الممكن إجراء عملية حسابية مشابهة من أجل المجرات؛ إذ إن السرعات المدارية للنجوم داخل المجرات تتحدد بواسطة الكتلة الإجمالية للمجرة التي تمارِس على النجوم قوة جذب. ومن الممكن بسط المبدأ عينه ليشمل العناقيد المجرية، بل والمنظومات الأكبر حجمًا من هذا. وتشير هذه العمليات البحثية على نحو مقنع للغاية إلى احتواء المجرات على مادة أكثر بكثير من تلك التي نراها بأعيننا على صورة نجوم كشمسنا. وهذه هي المادة المظلمة الشهيرة التي لا يمكننا أن نراها، وإنما يمكننا الاستدلال على وجودها من واقع تأثيرها الجذبي. fig17 شكل ٦-٢: عنقود الهلبة المجرِّي. هذا مثال للعناقيد المجرية الثرية. وباستثناء النجوم المنفردة (كتلك الواقعة في يمين الصورة) فإن جميع الأجرام في هذه الصورة هي جميعها مجرات يحتويها عنقود مجري عملاق. العناقيد المجرية الضخمة كهذا نادرة نسبيًّا، لكنها تحتوي على مقدار ضخم للغاية من الكتلة، تصل إلى ١٠٠ مليون مليون مرة قدر كتلة الشمس. fig18 شكل ٦-٣: عنقود الهلبة المجرِّي بالأشعة السينية. بالإضافة إلى المئات العديدة من المجرات التي تظهر في الصورة السابقة، تحتوي العناقيد المجرية كعنقود الهلبة على غاز حار للغاية يمكن تبيُّنه من خلال الإشعاع السيني الذي يطلقه. هذه الصورة التُقطتْ بواسطة القمر الصناعي «روسات». fig19 شكل ٦-٤: عدسة الجاذبية. يمكن قياس أوزان العناقيد الثرية عن طريق رصد التشوهات التي تصيب الضوء الصادر من المجرات الموجودة في الخلفية بينما يمر عبر العنقود المجري. في هذا المثال الجميل للعنقود المجري «أبيل ٢٢١٨» نرى الضوء القادم من الخلفية، وقد تركز في نمط معقَّد من الأقواس بينما يعمل العنقود المجري كعدسة عملاقة. هذه الملامح تكشف عن مقدار الكتلة الذي يحتويه العنقود المجري. العناقيد المجرِّية الثرية — تلك المنظومات البالغ قطرها أكثر من مليون سنة ضوئية، وتتكون من تجميعات هائلة من المجرات — تحتوي أيضًا قدرًا من المادة أكبرَ مما يُعزى إلى المجرات المنفردة الموجودة داخلها. إن مقدار المادة المحدد غير واضح، لكن ثمة أدلة قوية للغاية على أنه يوجد ما يكفي من المادة داخل المنظومات العنقودية الغنية بما يقترح أن قيمة أوميجا تصل إلى ٠٫١، بل وربما تزيد عن ٠٫٣. بل وتوحي أدلة غير حاسمة آتية من آليات حركة البِنَى الأكبر — العناقيد المجرية الفائقة التي يصل حجمها إلى عشرات ملايين السنوات الضوئية — بأن المزيد من المادة المظلمة يكمن في الفضاء الواقع بين العناقيد المجرية. هذه الحجج القائمة على آليات الحركة اختُبرت هي الأخرى حديثًا، وتأكَّدت من واقع مشاهدات مستقلة لتأثير عدسة الجاذبية الذي تتسبب فيه العناقيد المجرية، ومن واقع قياسات خصائص الغاز الحار للغاية المُطلِق للأشعة السينية التي يتخللها. ومن المثير للاهتمام أن نسبة المادة الباريونية داخل العناقيد المجرية مقارنةً بكتلتها الإجمالية تبدو أكبر بكثير من القيمة العامة التي تسمح بها عملية التخليق النووي لو أن هناك كثافة حرجة للمادة إجمالًا. تعني هذه الظاهرة المسماة «الكارثة الباريونية» أنه إما أن الكثافة الإجمالية للمادة أقل كثيرًا من القيمة الحرجة أو أن ثمة عملية مجهولة ما ربما أدت إلى تركيز المادة الباريونية في عناقيد. أخيرًا، لدينا خيوط قائمة على محاولات فهم أصل البنية الكونية؛ أي الكيفية التي صار بها الكون على ما هو عليه من تكتُّل وعدم انتظام في ظل الاتساق والتجانس العام اللذين يفرضهما المبدأ الكوني. في الفصل التالي سأناقش بمزيد من التفصيل الفكرة الكامنة وراء الكيفية التي يُعتَقَد أن هذا حدث بها في نموذج الانفجار العظيم. في رأيي، المبادئ الأساسية مفهومة على نحو طيب نسبيًّا، أما التفاصيل فهي معقدة للغاية وعُرضة لكل أنواع عدم اليقين والتحيز. ولقد صِيغَتْ نماذجُ، ويمكن أن تُصاغ نماذج أخرى، يبدو أنها تتلاءم مع كل البيانات المتاحة، وفيها تقترب قيمة للغاية من الواحد الصحيح. لكن صِيغَت نماذج أخرى تحمل فيها قيمة تقل كثيرًا عن هذا الرقم. وقد يبدو هذا أمرًا محبطًا، لكن من المرجح أن ييسر هذا النوع من الدراسات الطريق نحو التحديد الناجح لقيمة . وإذا أمكن عمل المزيد من القياسات التفصيلية للملامح الظاهرة على إشعاع الخلفية الميكروني، فستخبرنا خصائص هذه الملامح على الفور بما يجب أن تكون عليه كثافة المادة. وكمكافأة إضافية، سوف تحدد أيضًا ثابت هابل، متجاوِزة كل العمل المُمِل الخاص بسُلم المسافات الكوني. ونأمُل فقط أن تتمكن الأقمار الصناعية المخطط لها أن تقوم بذلك — وهي «مسبار قياس تباين الأشعة الكونية» و«مرصد بلانك الفضائي» — من الانطلاق بنجاح في السنوات القليلة القادمة. وقد بيَّنتْ تجارب المناطيد الحديثة أن هذا يبدو أمرًا قابلًا للتحقيق، وسأناقشه بالتفصيل في الفصل السابع. يمكننا تلخيص حالة الأدلة بأن نقترح أن الأغلبية العظمى من علماء الكونيات يتقبلون على الأرجح أن قيمة لا يمكن أن تقل عن ٠٫٢، وحتى هذه القيمة الضئيلة تتطلب أن تكون أغلب المادة الموجودة في الكون مادةً مظلمة. وهذا يعني أيضًا أن بعض المادة على الأقل يجب أن يكون في صورة بروتونات ونيوترونات (باريونات)، يكمن فيها السواد الأعظم من كتلة المادة المألوفة لدينا في خبرتنا اليومية. بعبارة أخرى، لا بد من وجود مادة مظلمة غير باريونية. أغلب علماء الكونيات يرون أن قيمة تبلغ ٠٫٣، وهو ما يبدو متسقًا مع معظم الأدلة الرصدية. وقد زعم البعض أن الأدلة تؤيد أن قيمة الكثافة تقترب من القيمة الحرجة؛ ومن ثم من الممكن أن تكون قيمة مقاربة للغاية من الواحد الصحيح. ويرجع هذا في جزء منه إلى تراكم الأدلة الفلكية المؤيدة لوجود المادة المظلمة، ويرجع أيضًا إلى أن الإدراك النظري بأن المادة غير الباريونية ربما أُنتجت في الطاقات العالية للغاية للانفجار العظيم. الحبل الكوني المشدود إن الجدل الكبير نسبيًّا حول قيمة يتسبب فيه جزئيًّا حالات الخلاف الناجمة عن صعوبة تقييم مدى موثوقية ودقة الأدلة الرصدية (المتعارضة أحيانًا). وأقوى الحجج المؤيدة لأن تكون ﻟ قيمة عالية (أي تقارب الواحد الصحيح) مبنية على حجج نظرية، لا رصديةٍ. وقد يميل المرء إلى رفض مثل هذه الحجج بوصفها محض تحيزات، بَيْدَ أنها تضرب بجذورها في ذلك اللغز العميق الكامن في نظرية الانفجار العظيم، ذلك اللغز الذي يأخذه علماء الكونيات على محمل الجِدِّ الشديد. ولفهم طبيعة هذا اللغز، تخيل أنك تقف خارج حجرة مغلقة بإحكام. إن محتويات الحجرة محجوبة عنك، خلا نافذة صغيرة. يقال لك إنك تستطيع فتح النافذة في أي وقت تشاء، لكن لمرة واحدة فقط، ولفترة وجيزة من الوقت. ويقال لك إن الحجرة خالية، عدا حبل مشدود معلق في منتصفها على ارتفاع نحو مترين عن الأرض، ورجل بدأ في وقت غير محدد من الماضي السير على الحبل المشدود. أنت تعلم أيضًا أنه إذا وقع الرجل، فإنه سيظل على الأرض إلى أن تفتح النافذة. وإذا لم يقع، فسيواصل السير على الحبل المشدود إلى أن تراه. ما الذي تتوقع رؤيته عندما تفتح النافذة؟ إنَّ توقُّعَكَ أن تجد الرجل على الحبل أو على الأرض يعتمد على معلومات ليست بحوزتك. فإذا كان هذا الرجل لاعب سيرك، فسيكون قادرًا على المشي جيئة وذهابًا على الحبل لساعات دون أن يسقط. من ناحية أخرى، إذا لم يكن الرجل متخصصًا في هذا المجال (شأنه في ذلك شأن أغلبنا) فلن يطول وقت بقائه على الحبل. ومع ذلك ثمة شيء بديهي؛ وهو أنه إذا وقع الرجل، فسيستغرق وقتًا وجيزًا للغاية في السقوط من الحبل إلى الأرض. ومن ثم ستندهش للغاية إذا اختلستَ النظر من النافذة وتصادف أنك رأيتَه وهو يقع من الحبل إلى الأرض. فمن المنطقي، على أساس ما نعرفه من معلومات عن الموقف، أن نتوقع أن يكون الرجل إما على الحبل أو على الأرض حين ننظر، لكن إذا نظرتَ ووجدته في منتصف السقوط، فستخلص إلى أن ثمة ما يريب في الأمر. قد لا يبدو هذا المثال وثيق الصلة بقيمة ، لكن وجه الشبه سيصير واضحًا حين ندرك أن ليست لها قيمة ثابتة مع مرور الزمن. ففي نماذج فريدمان القياسية، تتطور ، وهذا يحدث بطريقة غريبة للغاية. ففي أوقات قريبة غير محددة من الانفجار العظيم، تُوصَف هذه النماذج كلها بواسطة قيمة قريبة اعتباطيًّا من الواحد الصحيح. بتعبير آخر، إذا نظرت إلى الشكل (٦-١) فستجد أنه بغض النظر عن شكل المنحنيات الثلاثة في الأوقات اللاحقة، فإنها جميعًا تقترب أكثر وأكثر بعضها من بعض قرب البداية، وتحديدًا تقترب كلها من خط «الكون المنبسط». ومع مرور الوقت، فإن النماذج التي فيها قيمة تزيد قليلًا عن الواحد الصحيح في المراحل المبكرة تكتسب قيمًا أكبر وأكبر ﻟ ، بحيث تزيد القيم كثيرًا عن الواحد الصحيح حين تنهار مجددًا على نفسها. والأكوان التي تبدأ بقيم ﻟ أقل من الواحد الصحيح تتمدد في نهاية المطاف أسرع بكثير عن النموذج المنبسط، ثم تكون لها قيم تقترب للغاية من الصفر. في الحالة الأخيرة، وهي الأقرب من واقعنا في ضوء المؤشرات العديدة التي تقضي بأن قيمة تقل عن الواحد الصحيح، فإن الانتقال من قيمة مقاربة للواحد الصحيح إلى قيمة مقاربة للصفر يكون انتقالًا سريعًا للغاية. الآن يمكننا أن نرى المشكلة. فإذا كانت قيمة تبلغ، مثلًا ٠٫٣، إذن فهي كانت في المراحل المبكرة للغاية من تاريخ الكون تقترب كثيرًا من الواحد الصحيح، لكنها أقل من تلك القيمة بمقدار ضئيل. في الواقع، هو مقدار ضئيل للغاية حقًّا. فعند زمن بلانك على سبيل المثال (أي بعد ١٠−٤٣ ثانية من الانفجار العظيم) كان لا بد أن يكون الفارق بين قيمة وبين الواحد الصحيح فارقًا ضئيلًا يقع عند العلامة العشرية الستين. ومع مرور الوقت، اقتربت ببطء من حالة الكثافة الحرجة، ولم تبدأ في التحرك بسرعة إلا في الماضي القريب. وفي المستقبل القريب للغاية ستقترب بشدة من الصفر. لكن في الوقت الحالي، يبدو الأمر وكأننا لمحنا الرجل الذي يمشي على الحبل وهو في منتصف السقوط تمامًا. وأقل ما يوصف به هذا الأمر هو أنه يبدو باعثًا على الدهشة. صارت هذه المفارقة تُعرف باسم «مشكلة الانبساط الكوني»، وهي نابعة من عدم اكتمال نظرية الانفجار العظيم القياسية. وقد تسبب كِبَر حجم المشكلة في جعل العديد من العلماء يقتنعون بأنها تحتاج إلى حلٍّ كبير. وبدا أن السبيل الوحيد لحل هذه المعضلة هو أن يكون كوننا بالفعل مؤدِّيَ سيركٍ محترفًا، وهذا إذا تمادينا في التشبيه إلى حد المبالغة. من الجلي أن قيمة ليست قريبة من الصفر؛ لأن لدينا أدلة قوية على أن حدها الأدنى لا يقل عن ٢٠ بالمائة. وهذا يستبعد خيار الرجل الواقع على الأرض. ومن ثم لا بد أن تكون قيمة مقارِبة بشدة للواحد الصحيح، وأن شيئًا ما حدث في الأزمنة الأولى بحيث جرى اختيار هذه القيمة على نحو دقيق للغاية. التضخم والانبساط يُزعَم أن الحدث الذي تسبب في هذا هو التضخم الكوني، وهو فرضيةٌ أولُ مَن طرحها آلان جوث عام ١٩٨١ بشأن المراحل المبكرة للغاية من نموذج الانفجار العظيم. ويتضمن التضخم تغيرًا عجيبًا في خصائص المادة عند الطاقات العالية للغاية يُعرف باسم «التحول الطوري». قابلنا بالفعل مثالًا على التحول الطوري؛ إذ يحدث أحد التحولات الطورية في النموذج القياسي بعد مرور جزء على المليون من الثانية على الانفجار العظيم، وهو مرتبط بالتفاعلات بين الكواركات. فعند درجات الحرارة المنخفضة، تظل الكواركات حبيسة الهادرونات، بينما عند درجات الحرارة العالية تكوِّن الكواركات بلازما الكواركات-الجلوونات. وفيما بين الحالتين تحدث عملية تحول طوري. وفي العديد من النظريات الموحدة، من الممكن أن يكون هناك العديد من التحولات الطورية على درجات حرارة أعلى من ذلك، وكلها تمثِّل تغيرات في شكل وخصائص المادة والطاقة في الكون. وفي ظل ظروف معينة، يمكن أن يكون التحول الطوري مصحوبًا بظهور الطاقة في الفضاء الخاوي، وهذه الطاقة تسمى «طاقة الفراغ». وإذا حدث هذا، يبدأ الكون في التمدد بسرعة أكبر بكثير من تمدده وفق نماذج فريدمان. وهذا هو التضخم الكوني. كان للتضخم تأثير عظيم في النظرية الكونية على مر العشرين عامًا الماضية. وفي هذا السياق، أهم شيء بشأنه هو أن مرحلة التمدد الجامح — التي تكون قصيرة الأمد — تقلب في واقع الأمر الكيفية التي من شأن أن تتغير بها في ظروف مغايرة مع مرور الزمن؛ رأسًا على عقب. فحين يبدأ التضخم، تُدفَع قيمة بقوة نحو الواحد الصحيح، بدلًا من أن تبتعد عنه كما يحدث في الحالات الموصوفة أعلاه. فالتضخم يكون أشبه بحبال التأمين التي تعيد الشخص الذي يمشي على الحبل إليه كلما بدا أنه سيسقط. ومن الطرق اليسيرة لفهم كيفية حدوث هذا الأمر الاستعانة بالارتباط الذي أرسيتُه بالفعل بين قيمة وبين انحناء المكان. تذكَّرْ أن المكان المنبسط يتوافق مع الكتلة الحرجة، ومن ثم يتوافق مع قيمة التي تساوي الواحد الصحيح. وإذا اختلفت قيمة عن هذه القيمة السحرية فعندئذٍ قد يكون المكان منحنيًا. وإذا أخذ المرء بالونًا شديد الانحناء ونفخه حتى يصل إلى حجم هائل — لِنَقُلْ مثلًا حجم كوكب الأرض — عندها سيبدو سطحه وكأنه منبسط. في علم كونيات التضخم، يبدأ البالون وعَرْضُه لا يتجاوز كسرًا بسيطًا من السنتيمتر، وينتهي به الحال وهو أكبر من الكون القابل للرصد. وإذا صحت نظرية التضخم، فحريٌّ بنا أن نتوقع أننا نعيش في كون منبسط للغاية بالفعل. من ناحية أخرى، حتى إذا تبيَّن أن قيمة تقترب للغاية من الواحد الصحيح، فلن يُثبِت هذا بالضرورة أن التضخم وقع بالفعل. فلربما أدَّتْ آلية أخرى — قد تكون ذات صلة بظواهر الجاذبية الكمية — إلى تعليم كوننا كيف يمشي على الحبل المشدود. هذه الأفكار النظرية مهمة للغاية، بَيْدَ أنها لا تستطيع وحدها حسم القضية. ففي نهاية المطاف، وسواء أحب المنظِّرون هذا أم لم يحبوه، علينا تقبُّل حقيقة أن علم الكونيات صار علمًا تجريبيًّا قائمًا على المشاهدات. فربما نملك أسبابًا نظرية تجعلنا نشك في أن قيمة ينبغي أن تكون قريبة للغاية من الواحد الصحيح، لكن المشاهدات الفعلية هي صاحبة الكلمة العليا في نهاية المطاف. المفاجأة السؤال الذي يُطِلُّ برأسه من بين كل هذا هو: إذا كانت قيمة ، كما يبدو مبدئيًّا، أقل بكثير من الواحد الصحيح، فهل علينا إذن التخلي عن فكرة التضخم الكوني؟ والجواب هو: «ليس بالضرورة.» فعلى سبيل المثال هناك بعض نماذج للتضخم بُنيت بحيث تنتج كونًا مفتوحًا سالب الانحناء، وإن كان الكثير من علماء الكونيات لا يحبون هذه النماذج، وتبدو في نظرهم مصطنعة. ما هو أهم من ذلك أن ثمة مؤشرات الآن على أن الارتباط بين وبين هندسة المكان قد يكون أقل صراحة مما اعتُقد مسبقًا. فبعد سنوات عدة من التخبط والارتباك، بدأت الاختبارات الكونية الكلاسيكية التي ذكرتُها من قبل في العودة مجددًا على نحو قوي. وقد عكف فريقان دوليان من الفلكيين على دراسة خصائص نوع محدد من النجوم المتفجرة؛ المستعرات العظمى من النوع (١أ). يمثل انفجار المستعر الأعظم نهاية درامية لحياة أي نجم ضخم. والمستعرات العظمى من بين أكثر الظواهر المعروفة في علم الفلك إثارة للذهول. فانفجار المستعر الأعظم أشد سطوعًا من الشمس بمليار مرة، ويمكن أن يفوق سطوع مجرة بأكملها لأسابيع عديدة. وقد رُصدت المُستَعِرات العظمى على مر التاريخ المدَوَّن، وقد أدى مستعر أعظم رُصِد وسُجِّل عام ١٠٥٤ إلى نشوء سديم السرطان، وهو سحابة من الغبار والحطام يقع داخلها نجم يدور حول نفسه في سرعة شديدة، يُسمى نجمًا نابضًا. وقد رصد عالم الفلك الدانماركي العظيم تيكو براهي مستعرًا أعظم عام ١٥٧٢، وآخِر حدث مماثل شوهد في مجرتنا يرجع تاريخه إلى عام ١٦٠٤، وعُرف وقتها بنجم كبلر. ورغم أن المعدل المعتاد لحدوث هذه الانفجارات في مجرة درب التبانة يبدو أنه نحوُ انفجارٍ واحد أو انفجارين في القرن أو نحو ذلك، وهذا استنادًا إلى السجلات التاريخية، فإنه لم يُرصد أي انفجار على مدار نحو ٤٠٠ عام. لكن في عام ١٩٨٧ انفجر مستعر أعظم بالفعل، في سحابة ماجلان الكبرى، وكان من الممكن رؤيته بالعين المجردة. هناك نوعان مختلفان من المستعرات العظمى، يسمَّيَان النوع ١ والنوع ٢. وتكشف قياسات التحليل الطيفي عن وجود الهيدروجين في المستعرات العظمى من النوع ٢، لكن هذا العنصر غير موجود في المستعرات العظمى من النوع ١. ويُعتقد أن المستعرات العظمى من النوع ٢ نشأت مباشرة من انفجارات النجوم الضخمة التي تنهار قلوبها على نفسها بحيث تصير أشبه بأثر ميت، بينما تُلفَظ طبقاتها الخارجية في الفضاء. والمرحلة الأخيرة لهذا الانفجار تُخَلِّف إما نجمًا نيوترونيًّا وإما ثقبًا أسود. قد تَنْتج المستعرات العظمى من النوع ٢ من انهيار نجوم ذات كتل مختلفة، ومن ثم يوجد تفاوت كبير في خصائصها من نجم لآخر. تنقسم المستعرات العظمى من النوع ١ إلى الأنواع (١أ) و(١ب) و(١ج)، اعتمادًا على تفاصيل شكلها وطيفها. والمستعرات العظمى من النوع (١أ) تثير الاهتمام على نحو خاص؛ إذ إن لها ذروة سطوع واحدة؛ بسبب أنه يُعتقد أنها ناتجة عن نفس نوع الانفجار. والنموذج المعتاد لهذه الأحداث يتمثل في مراكمة قزم أبيض للكتلة عن طريق اكتسابها من نجم آخر ملازم له. وحين تتجاوز كتلة القزم الأبيض حدًّا حرجًا للكتلة يُسمى «كتلة شاندراسيخار» (حوالي ١٫٤ مرة قدر كتلة الشمس)، تنفجر أجزاؤه الخارجية، بينما تنهار أجزاؤه الداخلية على نفسها. وبما أن الكتلة الداخلة في الانفجار تكون مقاربة على الدوام للكتلة الحرجة، فَيُتوقَّع أن ينتج عن هذه الأجرام دائمًا تحرير القدر عينه من الطاقة. وانتظام خصائص المستعرات العظمى من النوع (١أ) يعني أنها واعدة للغاية من حيث إمكانية استخدامها في اختبار انحناء الزمكان وتباطؤ معدل تمدد الكون. مكَّنت التقنيات الجديدة علماء الفلك من البحث عن (والعثور على) المستعرات العظمى من النوع (١أ) في مجرات بإزاحة حمراء تقارب الواحد الصحيح. (تذكَّر أن هذا يعني أن الكون تمدد بمعامل قدره اثنان خلال الوقت الذي قطعه الضوء من المستعر الأعظم إلينا.) ويمكن لمقارنة السطوع المرصود للمستعرات العظمى البعيدة بتلك القريبة أن تُمِدَّنا بتخمين تقريبي لمقدار بُعدها عنا. وهذا بدوره من شأنه أن يُخبرنا بالمعدل الذي كان الكون يتباطأ به خلال الزمن الذي استغرقه الضوء في الوصول إلينا. المشكلة أن هذه المستعرات العظمى أشد خفوتًا مما ينبغي لها أن تكون عليه لو أن تمدُّد الكون آخِذٌ في التباطؤ. فالكون لا يتباطأ حقًّا في تمدده، وإنما يتسارع. هذه المشاهدات تقلب التوصيف القياسي لعلم الكونيات الذي تجسده معادلات فريدمان رأسًا على عقب. فمن المفترض بكل هذه النماذج أن يكون فيها الكون متباطئًا. وحتى نماذج فريدمان التي تكون فيها قيمة منخفضة، والتي يكون فيها التباطؤ طفيفًا للغاية بسبب كثافتها المنخفضة؛ ليس من المفترض بها أن تتسارع. والنماذج ذات الكثافة الحرجة التي يفضلها التضخم فيما يبدو ينبغي لها أن تمر بتباطؤ شديد. فما الخطأ الذي وقع؟ أم تُراها أعجوبة أينشتاين الكبرى؟ لا تزال مشاهدات المستعرات العظمى التي تحدثتُ عنها محل خلاف، لكن يبدو أنها تشير بالتأكيد إلى أن ثمة حاجة إلى تغيير جذري في النظرية الكونية. من ناحية أخرى، هناك علاج جاهز لتلك المشكلة يرجع إلى وقت أينشتاين نفسه. في الفصل الثالث ذكرتُ كيف غيَّر أينشتاين نظريته الأصلية للجاذبية عن طريق استحداث ثابت كوني. وكانت الأسباب التي دعتْه لهذا الفعل — الذي نَدِم عليه فيما بعد — هي أنه أراد صياغة نظرية يمكنها وصف كون ساكن (أي غير متمدد). وقد غيَّر ثابِتُه الكوني قانونَ الجاذبية بحيث يمنع المكان من التمدد أو الانكماش على السواء. وفي السياق الحديث، من الممكن استحداث الثابت الكوني بحيث يصير قانون الجاذبية طاردًا على النطاقات الكبيرة. وإذا حدث هذا، فإن نزعة قوة الجذب التثاقلية للمادة إلى إبطاء الكون ستتغلب عليها قوة طرد كونية تجعل الكون يتسارع في تمدده. بطبيعة الحال يتطلب هذا الحل أن يتقبل المرء فكرة أن الثابت الكوني لم يكن فكرة سيئة في المقام الأول. لكن النظريات الحديثة تمنحنا أيضًا فهمًا جديدًا للكيفية التي يمكن أن يحدث بها هذا. في نظرية أينشتاين الأصلية، ظهر الثابت الكوني في المعادلات الرياضية؛ كي يصف الجاذبية وانحناء الزمكان. وقد كان في حقيقة الأمر تعديلًا لقانون الجاذبية. لكن كان بإمكان أينشتاين بالمثل أن يكتب هذا الحد على الجانب الآخر من معادلاته، في جزء النظرية الذي يصف المادة. وعلى الجانب الآخر من معادلات أينشتاين، يظهر الثابت الكوني الشهير بوصفه حدًّا يصف كثافة الطاقة في الفراغ. قد تبدو فكرة الفراغ الذي يتمتع بطاقةٍ فكرةً عجيبةً، لكننا تناولناها بالفعل في موضع سابق من هذا الفصل. وهذه الطاقة هي المطلوبة تحديدًا من أجل التسبب في التضخم. في النُّسَخ المبكرة من نظرية التضخم الكوني، تختفي طاقة الفراغ التي حررها التحول الطوري البدائي بعد انقضاء فترة التمدد المفرط العابرة. لكن ربما ظل قدرٌ ضئيل من هذه الطاقة باقيًا إلى الآن، وهذه هي الطاقة التي جعلتْ قوة الجاذبية قوة طرد بدلًا من أن تكون قوة جذب. إن الفكرة التي تقضي بأن طاقة الفراغ هذه قد تكون هي المسبِّبةَ للتسارع تمكِّننا أيضًا من التوفيق بين نظرية التضخم والأدلة، على أن قيمة ربما تكون أقل كثيرًا من القيمة التي كانت ستمتلكها لو كان المكان منبسطًا. فبينما تعمل طاقة الفراغ على نحو معاكس؛ من حيث إنها تجعل الجاذبية قوة طاردة بدلًا من أن تكون قوة جاذبة، فإنها على الأقل تحني المكان بالطريقة عينها التي تحنيه بها المادة العادية. وإذا كان الكون به كلٌّ من المادة وطاقة الفراغ فعندئذٍ يمكن أن يكون المكان منبسطًا دون وجود للتباطؤ الذي يفرضه أي نموذج اعتيادي من نماذج فريدمان. ما زلنا لا نعرف يقينًا هل الكون يتسارع في تمدده أم لا، أو هل ثمة وجود لطاقة الفراغ أم ليس لها وجود، أو نعلم حتى القيمة الدقيقة ﻟ . بَيْدَ أن هذه الأفكار أثارتْ نشاطًا كبيرًا على مدار السنوات القليلة الماضية في الجانبين النظري والتجريبي. وهناك جيل جديد من القياسات الآتية في الطريق التي يمكنها — إذا نجحتْ — أن تجيب عن كل هذه الأسئلة. وسأناقش هذه القياسات في الفصل التالي.

Thursday, November 16, 2023

لتعليم و ممارسة القيم في الفلسفة الكونية :

تعليم و ممارسة القيم في الفلسفة الكونية : : The Importance of Teaching Values and Skills المحاور التالية تؤكد و تستند عليها الفلسفة الكونية كأساس لبناء الأنسان الجديد .. المنتج بدل الطفيلي المستهلك و الأنتهازي خصوصاً ما نشهده في بلادنا و بشكل خاص في الطبقة السياسية المجرمة التي تسرق بلصوصية لم نشهدها عبر كل التأريخ البشري: طبعا قبل التدرج في بيانها لا بُدّ أن يعرف السالك (الدارس) بأنّ الحياة له أبعاد كثيرة يمكن إجمالها ببعدين أساسيين هما : المادة : و هي الحاضنة و الحاملة الكلية الحاملة لجوهر الأنسان ويصح أيضا في المخلوقات الأخرى, من حيث كونها لها ظاهر و باطن. و الروح : و هي الجوهر(الأصل) الذي يتكامل فيها و معها البعد الكونيّ للمخلوق و يصح هذا كمعيار لجميع المخلوقات الموجودة في الكون. و هذا هو الأساس في الفلسفة الكونية للوصل إلى الغاية و تحتاج إلى : 1. تدريس القيم والاتجاهات في العملية التعليمية التعلمية 2. معرفة أهمية تدريس القيم و أبعادها 3. تصنيف أنماط القيم لسبرانجر (Spranger) 4. تدريس القيم والاتجاهات للطالبيين سواءاً في المدارس و الجامعات أو عبر المنتديات الفكرية و الثقافية. 5. تدريس المهارات و الوسائل و المناهج المساعدة لتحقيق المطلوب. 6. استراتيجيات و مناهج تدريس المهارات. 7. التدريب على المهارات. 8. إجراءات عامّة عند تدريس المهارات للطلبة. ملاحظة : يجب ملاحظة المصادر المعتمدة في معرفة و تحقيق ما ورد أعلاه. و نحن إذ نضع بين أيديكم هذا المقال بعنوان ؛ دور و أهمية تدريس القيم والمهارات التي تحمل في طياته استراتيجيات و طرق تدريس فاعلة تمكنكم من إدارة المنتديات الفكرية أو تدريس الطلاب عبر المراحل المختلفة بفاعلية و بآلتالي المساهمة في تحقيق النتاجات على اختلافها في المناهج بالإضافة إلى بناء شخصيّة كونيّة متّزنة و قوية لأعضاء المنتديات بعناوين مختلفة و للطلبة و الطالبيين عموماً للوصول إلى الهدف .. ولا بد من توفر مؤهلات و في نفس الوقت قوّة المعرفة النفسية للتواضع أمام الخلق و آلخالق للأعضاء الطالبيين للحق و الجمال و السعادة الأبدية. في البداية تأملوا! - ماذا لو إتحدت ثلاث قوى كبيرة أو أكثر بدلًا من قوّة واحدة لإنجاز مهمة معينة؟ - ماذا لو اتحد العقل مع الإرادة والشغف للقيام بعمل ما؟ - ماذا لو كان العمل المنتج أو المنجز هو حصيلة تكامل بين المعرفة والاتجاه والمهارة؟ هذا المقال سيساعدكم على التدريس في ميدان التعليم (education) بشكل متكامل، ولكن كيف يتحقق ذلك؟ سبق و أن تعرفتم على تدريس بنية تعليمية معرفية ومفاهيمية للمادة الدراسية .. أما مقال؛ كيف تدرسون؟ فإنه يُسلّط الضوء على مجموعة من مناهج و طرق التدريس التي تساعد المعلم على تحقيق النتاج الوجداني والحسّ ألحركي من خلال تدريس القيم والمهارات للطلبة في الأماكن المخصصة بشكل فاعل و هكذا يتمّ تقديم منهج تعليمي متكامل و أكثر ديمومة للطلبة الدارسين ممّا يمكنهم من الدراسة بثقة و بذلك يتم دعم عملية التعليم والتعلم بشكل ملحوظ. ما رأيكم أن نبدأ رحلتنا بتعلم و تعليم القيم و الاتجاهات في ميدان التربية والتعليم نظراً لأهمّيتها البالغة لكل من المجتمع والمدرسة؟ تدريس القيم والاتجاهات في العملية التعليمية و التدريسية. في البداية يجب أن نعرف ؛ ما المقصود بالقيم والاتجاهات؟ يُعرّف التربويون القيم و الإتجاهات كما يلي: الاتجاهات : نزعة أو ميل للقيام بردة فعل إيجابي أو سلبي أو محايد نحو الأشخاص أو الأفعال أو القيم أو الأفكار أو المعلومات أو الأحداث أو الموجودات عموماً. القيم : المعتقدات التي يحملها الفرد نحو الأشياء والمعاني وأوجه النشاط المختلفة التي تعمل على توجيه رغبات الأفراد واتجاهاتهم نحو هذه الأنشطة و الفعاليات، لذلك مفهوم القيم هام للغاية (important) في تحديد السلوك المقبول والمرفوض والصواب والخطأ و المنهج و الفوضى. أهمية تدريس القيم : تساعد على زرع وبناء القيم المطلوبة ومظاهرها السلوكية، لكي لا تتأثر بالتغييرات التي تطال المعايير التربوية والاجتماعية التي تعمل على تعديلها أو تشويهها. تُقلل من مراحل اختلاف تقدير السلوكيات الجيدة عن غيرها لدى الأفراد فما كان متعارفاً عليه في فترة زمنية ما بأنه سلبي قد يصبح في فترة ما إيجابيًا والعكس صحيح. تدعم اهمية دور العقائد و النظام السياسي و الأسرة على القيام بدورها الرئيس في ترسيخ القيم للأبناء و ما ينتج عنها من مظاهر سلوكية مناسبة في حياة ذويهم. دور النظام السياسي و التعليمي و الأسري أصبح ضرورة خصوصا عندما تتناسق و تتكامل .. لأنها تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية لدعم المجتمع المدني و تسهيل مهمته في غرس القيم إلأنسانية - الإسلامية و الاجتماعية بين أفراده و معايير ترسيخها و اللالتزام بها. تصنيف أنماط القيم لسبرانجر (Spranger). القيم النظرية : تعكس القيم النظرية معرفة و اهتمام الأفراد بالعلم والمعرفة واكتشاف الحقائق والسعي وراء القوانين التي تحكم الأشياء بقصد معرفتها. القيم الاقتصادية: تتضمن اهتمام الأفراد على المستوى الاقتصادي والمادي وميلهم إلى النافع والعملي والسعي إلى ممارسة ما يُمكنهم من تحقيق الأهداف عن طريق الإنتاج و استثمار الأموال و بناء المهارات. القيم الجمالية: تعكس اهتمام الأفراد وميلهم إلى معرفة الجميل من ناحية الشكل أو التوافق و الأنسجام(الهارمونيك) لذلك ينظر الأفراد إلى العالم المحيط بهم نظرة تقدير من ناحية التكوين و التنسيق و التوافق الشكلي. القيم الاجتماعية: تتضمن القيم الاجتماعية الجانب الخاص باهتمام الأفراد وميلهم إلى غيرهم من الناس فهم يحبون ويميلون إلى مساعدة غيرهم والحرص على مساندتهم. القيم السياسية: تعكس اهتمام الأفراد وميلهم للحصول على القوة وتفضيل السلوك القيادي وتوجيه الآخرين و ممارسة القوة و السيطرة ومعالجة المشكلات العامة. القيم الدينية: تعكس اهتمام الأفراد بالمعايير الدينية المطلقة والتفكير في الأمور الميتافيزيقية كأصل الحياة ومصير الإنسان بواسطة بحث الأفراد عن حقائق الوجود وأسرار الكون. تدريس القيم والاتجاهات للطلبة : لنفرض أنكم تتجولون في الساحة المدرسية ورأيتم بعض النفايات ملقاة على الأرض، هنا سرعان ما تقومون بإزالتها و وضعها في سلة المهملات. الردود الإيجابيّة للفطرة السليمة : برأيكم لو شاهد طلبتكم هذا الموقف بشكل متكرر منكم، ما هي القيم والأخلاق والمبادئ التي سيتعلمونها من سلوككم؟ وما اهمية (importance) ذلك؟ بالتأكيد كمعلمين (teachers) ستعززون لديهم قيم النظافة والتعاون و حتى التواضع، وستتمكنون بذلك من نقل وغرس هذه القيم بسهولة ضمن المنظومة الأخلاقية القيَمية لطلبتكم و هذا من شأنه أن يعود على الافراد و المجتمع بالنفع. أنّنا تتطلع إلى تنشئة مجتمع سليم بإعداد جيل مهيئ لتحمل المسؤوليية, جيل يمتلك منظومة قيمية تضمّ أهم الأخلاق و المثل و القيم .. لذلك قمنا بإعداد البرامج الرئيسية في الفلسفة الكونية .. التي تدعم عملية التعليم و التعلم فهي تساهم في تربية و تنشئة شخصيّات متزنة بمواصفات كونيّة تُكتسب من خلال زرع وغرس مجموعة من القيم كالصدق، الصبر، التعاون، حب الآخرين، التواضع و غيرها من قيم اجتماعية أو دينية بهدف تعريف الطالب بها لتطبيها و الالتزام بها عملياً في حياته. والآن، نقدم لكم بعض الطرق التي يمكنكم توظيفها لتعليم الناس و الطلبة خصوصاً؛ القيم والاتجاهات .. سواءً في البيت أو الجامعة و المدرسة أو المساجد و دور العبادة .. والمساهمة في غرس هذه القيم (values) ضمن المنظومة الأخلاقية الكونية للمعنيين: القدوة الحسنة التعزيز الإيجابي لعب الأدوار المحاكاة المناقشة المناظرة البحث والاستقصاء مشاهدة الأفلام الوثائقية قراءة قصص التفكير الناقد معرفة الجمال و تأثير المحبة بعد فهمها على حياة الأنسان عموماً . أعزاءنا المعلمين يمكنكم اختيار ما يناسبكم من هذه الطرق و تحديد أسلوب خاص بكم وفقا لقدرات و حاجات طلبتكم، أو المواقف التعليمية التي تمرون فيها أنتم و آلمتعلمين، فإنه لا توجد طريقة معينة لتدريس القيم كتلك التي نتعلمها من خلال الممارسة العملية. تدريس المهارات : لننتقل معكم في هذا المقال إلى الحديث عن الجزء الذي يمثل أساس تأدية المهمات بشكل عملي وتطبيقي من قبل الطلبة بالشكل الفردي أو الجماعي ألا وهو الجزء المتعلق بتنمية وتدريس المهارات بشكل عام. في البداية ما المقصود بالمهارة؟ المهارة: القيام بالعمل بسرعة و دقة و إتقان. أنواع المهارات ثلاثة : المهارات العقلية. المهارات النفس حركية. المهارات الاجتماعية. و تشمل: تَقَبُّل النقد. فهم مشاعر الآخرين. المهارات في العلوم الإنسانية. بعد التعرف على أنواع المهارات ينبغي عليكم الآن التعرف على استراتيجيات التدريس الأكثر استخدامًا عند بناء وتدريس المهارات وهي كالآتي: استراتيجيات تدريس المهارات. أولًا: استراتيجية الأجزاء. تدريس الطلبة الأجزاء التي تتكون منها المهارة وتدريبهم على كل جزء لوحده. ثانيًا: استراتيجية الكل. تدريس الطلبة على المهارة كوحدة واحدة بدلًا من التركيز على تدريس كل جزء لوحده، وتوجيه الطلبة إلى التسلسل في الأجزاء المكونة للمهارة. التدرب على المهارات : أعزاءنا الكونيون ؛ لنتأمل أيّ لعبة رياضية .. هل يكتفي المدرب بتعريف اللاعبين على اللعبة بشكلها العام و توليد الشغف لديهم للعبها لتحقيق نجاح باهر في كل من البطولات المحلية والعالمية وتدأية مهارات اللعبة الرياضية بفاعلية؟ بالطبع لا .. أبداً .. السّر في تدريس المهارات يكمن في مصطلح التدريب .. ثم التدريب .. ثم التدريب .. لأن الإتقان والدقة والسرعة تعدّ من شروط تعلم المهارات واكتسابها وتعليمه .. وتدريب الطلبة على مهارة ما فعليًا سيزيد ثقتهم بأنفسهم ويؤكد على مدى اكتساب المهارة واتقانها ويزيد من دافعية الطلبة للتعلم خاصة عند التنويع بالأنشطة التدريبية المقدمة والبعد عن تقديمها نفسها في كل مرة. لتحقيق تدريب فعال عليكم أخذ النقاط الآتية بعين الاعتبار: تقديم التغذية الراجعة للطلبة ؛ تزويد الطلبة بالتغذية الراجعة البنّاءة أي تزويدهم بالمعلومات الصحيحة التي توضح لهم مستوى أدائهم للمهارة ضمن مادة دراسية معينة ليتسنى لهم مقارنة أدائهم الحقيقي بالأداء القياسي للمهارة، ومن المهم في النظام التعليمي أن يكون لدى المعلم أو المعلمة الكفايات الخاصة بتقديم التغذية الراجعة للطلبة لأنها تساهم في تطور وتحسين اداء الطلبة خلال عملية التعليم و التعلم بشكل ملحوظ. تعزيز الطلبة أي مكافأة الطلبة و الدارسين على سلوك ما وتكمن أهميتها في ظهور ذلك السلوك مرة أخرى في ظروف مماثلة، ولا بد من أن يكون التعزيز فوري عند ظهور السلوك المرغوب، وهنا يختار المعلم أو المعلمة نوع المكافأة المناسب للطلبة. التدريب المُنظّ : يجب على المعلمين عند تدريب الطلبة في الصف أن يأخذوا بعين الاعتبار توزيع التدريب على فترات متقاربة مما يساعد الطلبة على التذكر والبناء على معرفتهم السابقة، وعدم تقديم المهارت المراد التدرب عليها دفعة واحدة بل الحرص على تجزئتها على أجزاء أو أقسام محددة للوقوف على نقاط الضعف وتقويتها بهدف تطوير وإتقان المهارات. التنويع في التدريب المُقدّم للطلبة : من المهم أن يختار المعلمون وينوعوا في أساليب التدريب المُقدّمة للتعليم لأن التدريب الذي يستمر بنفس الأسلوب يؤدي إلى الملل، وأهمية التنويع تكمن في إتقان الطلبة للمهارة لأنه تدريب مكرر ويمكن التنويع في التدريب عن طريق استخدام الألعاب وطرح الأسئلة ومن المهم إعداد ملف خاص بالأنشطة المستخدمة في تدريب الطلبة من قبل المعلمين والمعلمات بما يتناسب مع المنهج المقدم للرجوع إليه عند الحاجة وبكل سهولة. إجراءات عامة عند تدريس المهارات للطلبة : يقوم المعلمون عند تعليمهم المهارة بمجموعة من الإجراءات ومنها: التقديم للمهارة: يعني العرض الواضح أو التقديم للمبادئ الإرشادية والتعليمات التي تُساعد الطلبة على توضيح ماذا سيفعلون وكيف سيفعلونه، وقد توضح هذه التعليمات سلسلة الخطوات التي يجب عليهم التعرف عليها لاتباعها. التفسير: يقصد به مساعدة الطلبة على فهم المبادئ والإرشادات، وإعادة صياغتها بلغة أبسط وأوضح حيث أنها تلعب دور مهم في جعل الطلبة قادرين على تنفيذها والقيام بها، وفي بعض الأحيان يحتاج المعلمون إلى مراجعة الطلبة لبعض المعلومات الواردة في المادة الدراسية السابقة الضرورية لاكتساب المهارة الحالية. التبرير: يعني الاهتمام بالتأكيد على مجموعة من المبادئ الإرشادية التي تُعطي النتيجة الصحيحة، وقد يكون التبرير من خلال التأكد من صحة النتيجة بالوسائل الأخرى. التدريب: يقصد به التطوير من قدرات الطلبة على إتمام العمل بسرعة ودقة. في النهاية تدريس طلبتكم و تعليمهم لن يكون بالمهمة الشاقة بالنسبة لكم لأن تدريس كل من القيم والاتجاهات والمهارات أصبح واضح المعالم والتفاصيل فاستراتيجيات وطرق تدريس كل منها أصبح بين إيديكم، كما يمكنكم توظيف هذه الاستراتيجيات بما يتناسب مع قدرات طلبتكم وحاجاتهم وما يتناسب مع أهداف التعليم ونتاجات التعلم الخاصة بكم وبطلبتكم لتكون رحلة تعلمهم مفيدة ؛ فاعلة وناجحة. ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد

Wednesday, November 15, 2023

ماذا فعل المعتصم : حين إستغاثته إمرأة سجينة في عمورية؟

ماذا فعل امير المؤمنين المعتصم بالروم وكلبهم؟ بقلم: أ. د. سامي الموسوي لم يعد الكذب والدجل يمرره السفهاء والدجالون بسهولة لان العالم تغير واصبح كل شيء في متناول الايدي. كان شياطين الانس ولحد بداية التسعينات يكذبون على مواطنيهم والعالم فيشعلون نيران الحروب الامريكية الغربية الصهيونية (الذيولية). اما اليوم فلم يعد ذلك ممكنا لان حبل الكذب صار قصيرا والحقيقية في متناول اليد ولا يمكن حجبها. أمريكا والغرب كذبوا على شعوبهم بخصوص العرب و فلسطين والإسلام والمسلمين منذ اكثر من مئة عام وخصوصا بعد تأسيس الكيان الصهيوني اللقيط. وكانت اكبر واقذر والعن كذبة هي كذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية التي تسببت باحتلال العراق وقتل رئيسه رغم انه كان اسير حرب حسب المعاهدات الدولية و لاترال قواتهم تحتل العراق حينها. انهم اقل من يوصفوا بالهمج الرعاع مفتعلي الحروب قاتلي الأطفال مشيعي الفساد المتسببين بالفقر والجهل وقهر الشعوب. لعنهم الله والملائكة والناس اجمعين الى يوم الدين لعن عاد وثمود وقوم لوط واكبر، لعنا يذيقهم مر الهوان في الدنيا والاخرة ويرديهم من حيث لا يحتسبوا. انهم يعلمون جيدا ان الكيان الصهيوني اللقيط سوف يزول حتما لان ذلك قرار اقره الله في القران الكريم ومهما فعلوا فان ذلك لن يغير من الامر شيئا. هذا الكيان اللقيط الذي تسبب بجميع المآسي التي مرت على الامة العربية وتمزيقها بدسائس وحروب وتنصيب حكومات واسقاط أخرى سوف يزول وكلما تمادى في غيه وحروبه ودسائسه فانه يعمق القبر الذي سوف يقبر به. اين (وامعتصماه) وانتم ترون بأم اعينكم النساء يعتدى عليها والأطفال وهم يصرخون (وين العرب)؟ هذا المعتصم البطل الذي يستحق لقب امير المؤمنين قدم اليه رجل من جهة الروم ناقلا له حادثة شاهدها (نقل ليس كما نراه اليوم بوضوح) قائلا للمعتصم: (يا أمير المؤمنين، كنت بعمورية فرأيت امرأة عربية (عربية عربية عربية) في السوق مهيبة جليلة تسحل إلى السجن فصاحت في لهفة: وامعتصماه وامعتصماه). فأرسل المعتصم رسالة إلى أمير عمورية الرومي جاء فيها: (من أمير المؤمنين إلى كلب الروم (نعم كلب الروم)، أخرج المرأة من السجن وإلا أتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندي. فلم يستجب الأمير الرومي (كلب الروم) فانطلق المعتصم بجيش جرار لمحاصرة عمورية ودكها فمضى إليها، فلما استعصت عليه قال: اجعلوا النار في المجانيق وارموا الحصون رميا متتابعا ففعلوا، فاستسلمت ودخل المعتصم عمورية فبحث عن المرأة فلما حضرت قال لها: هل أجابك المعتصم قالت نعم. كان عند العرب حتى قبل الإسلام نخوة ورجولة فهذا (أبو جهل) عندما بيّت كفار قريش النية على اغتيال النبي محمد صلى الله عليه وسلم، اختاروا من كل قبيلة رجلاً، حتى يتوزع دمه الطاهر على قبائل عدة، فتعجز قريش عن الأخذ بثأره، وهي وحيدة، فرابطوا عند باب داره طوال الليل بانتظار أن يخرج لصلاة الفجر. كانوا قادرين على تسوّر منزل النبي، ولكنهم لم يفعلوا، ليس خشية منه، ولكن ستراً لبنات الرسول والنساء، حتى أن أحدهم اقترح اقتحام بيت النبوة، فغضب أبو جهل و رد عليه معنفاً: أتريد أن تقول العرب عنا أنا تسورنا الحيطان وهتكنا ستر نسائنا؟ فلو كان هذا أبو جهل موجودا اليوم هو وكفار قريش ماذا سيعملون لو انهم رءوا أمرأه عربية او طفلا يقتل سواء في بغداد او جرائم أبو غريب او فلسطين؟ ان النخوة والرجولة العربية فيهم سوف تدفعهم لما دفعت اليه المعتصم فكلاب الروم هم نفس الكلاب التي كانت في عمورية التي دكها المعتصم بجيشه الجرار وبحث عن المرأة العربية ليتأكد انه استجاب لها. فمتى تهتز الشوارب ومتى يثأر للكرامة العربية؟

هل حقّاً ألعمالة محظورة ؟

هل حقّاً العمالة محظورة!؟ في الحقيقة ؛ إن ما فعله الحلبوسي مجرّد شخطة قلم لعنه الله .. بحسب ما أشارت الأخبار و أوردت بأنّ طرد الحلبوسي من رئاسة مجلس النواب بإجماع الأكثرية بسبب تواطئه بآلعمل لصالح شركة إسرائيلية !؟ و لو كان هذا الأمر - و هو منبوذ - صحيح حقاً فآلأولى بآلنواب أن يطردوا جميع ممثلي الأطار التنسيقي وكل من تحاصص معهم على الفساد .. لأنهم ليسوا فقط مخرّبين و عملاء من خلال قنواتهم الرئيسية و الرسميّة ؛ بل كانوا و ما زالوا يلهثون على العمالة و يتوسّلون على أعتاب الأساتذة الكبار في العالم الذين أتو بهم على ظهر الدبابة الأمريكية .. و أرادوهم مجرد عبيد حسب الطلب! لقد توضح ذلك الأمر من خلال إصرار و توسل البعثي العتيد قديماً و الداعية الميمون حديثاً .. المدعو السوداني رئيس الوزراء العراقي, حيث ما زال يتوسل للقاء ببايدن الذي رفض لقائه حتى أثناء زيارته لواشنطن و لم يحترم السوداني حتى أثناء المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما, حيث أغلق السيد بايدن الخط بوجهه و لم يُودعه حتى بشكل عادي! و الشخص الثاني الغاطس بآلعمالة العملية حتى قمّة رأسه هو عليّ العلاق رئيس البنك المركزي الذي ليس فقط لم يُعارض تلك المسألة بل كان سبّاقاً للعمالة طوال تواجده كرئيس للبنك المركزي بحيث وقّع قبل أيام عدّة إتفاقيات مع الأجانب الكبار .. لترضية الدّول العربية و الجارة منها خصوصاً و التي قتلت حكوماتها الداعشية مئات الآلاف من العراقيين على مدى أكثر من عقدين و للآن يستنزفون العراق نقداً و نفطاً و تجارةً كآلأردن و الإمارات و تركيا و غيرها! حيث بات (البنك المركزي العراقي) الآن مجرّد وسيلة و دائرة لتسهيل أمور تصدير عملة الدولار و المتاجرة بها حسب التوصيات من صُنّاع القرار و كذلك إخضاع الدينار العراقي لموازينهم و بآلتالي لهيمنة الحكومات التي ذكرناها, و التي صارت هي التي تحدّد الحوّالات المصرفية و قيمته و قيمة الصرف و الموازنات الأخرى! لهذا يجب ليس فقط إقالة و طرد رئيس الوزراء السوداني و رئيس البنك المركزي و رئيسهم الأكبر المالكي و عصابته الذين لعقوا كثيراً أعتاب الكبار حتى وقعوا (الأتفاقية الستراتيجية) ؛ بل و إعدامهم لأنهم إستغلوا حقوق العراقيين بشكل سيئ للغاية و دمروا إقتصاد و مستقبل العراق للأبد .. لقد هدروا بحدود (ترليوني دولار أمريكي) .. أكرر (ترليوني دولار) .. و لم يؤسسوا شركة واحدة في العراق .. بل لم يبنوا مستشفى نموذجياً واجداً ولا حتى مدرسة أو جامعة معتبرة .. لا والله حتى طريقا واحداً معبداً بحسب المواصفات الدولية !!؟؟ لذا فأنّ ما فعله الحلبوسي مجرد [(ض.ر.ط.ة) بسوق الصفافير] أو مجرد شخطة قلم بآلقياس مع أفعال العتاوي الأكبر منه .. كآلذين أشرنا لهم .. لذا نطالب المحكمة الأتحادية و الشعب العراقي كله بإنزال القصاص العادل بهؤلاء المجرمين ألمنافقين المتلبسين بلباس التقوى و الدّعوة للولاية و الإسلام و الوطنية ووو .... إلخ من المصطلحات التي كفر بها العراقيّ من ورائهم جملة و تفصيلا, خصوصا بعد تأئيّد المرجعية لفسادهم الذي أدى إلى خراب الوطن مادياً و المواطن مادياً و أخلاقياً. و أُكاد أُقسم بأن كل عراقي بات توّاقاً للعَمالة بعد ما رآى المُدّعين للدِّين و الجهاد و الوطن من أكبر عملاء التأريخ !؟ العارف الحكيم : عزيز حميد مجيد.

رسالة إلى رئيس المتقاعدين العراقيين :

إلى رئيس المتقاعدين العراقيين : إلى الأخ علي البصري : إلى كل من يعنيه الأمر أعانهم الله لنصرة المتقاعدين الفقراء المحتاجين المتعففين المظلومين : سلام عليكم و بعد : إنّ المشكلة و المحنة العراقية القائمة والمستمرة ترتبط بأساس نظام البناء الأقتصادي و المالي و الحقوقي و التحاصصي في البلد .. لأن قوانينها مبنية على الخراب و آلخطأ و آلحرام بسبب الجهل الذي ما زال يسيطر و بقوة على المسؤوليين و الحاكمين نتجية الثقافات الحزبية المتخلفة .. فتسببت في تعميق الفوارق الطبقية و الحقوقية و المالية و الأجتماعية .. و بآلتالي تشتت المجتمع و تفريق شمله و وحدته .. في العراق اليوم طبقات تعيش كآلملوك كآلمتحاصصين الرؤوساء و الوزراء و النواب و المرتزقة من حولهم و منهم بشكل خاصمسؤولي النظام السابق بضمنهم حمايته و فدائي صدام و جماعة رفحا و مرتزقة الأحزاب المتحاصصة أضافة لجيوش من المتقاعدين العرب و الأجانب يأخذون رواتب أكثر حتى من المتقاعد العراقي .. و في مقابل هؤلاء هناك جماعات أخرى بآلملايين تعيش الفقر والمذلة و المرض و الجوع و العوز وووووو .. من العراقيين و بآلذات المتقاعدين منهم الذين صرفوا شبابهم لبناء العراق و تحملوا ما تحملوا من العناء بسبب الحكام الذين كانوا زمن البعث يسرقون الناس بقوة السلاح و الأرهاب و القتل و ا لسجن .. و اليوم يسرقون أيضا من قبل المتحاصصين بقوة المليشيات و غطاء الديمقراطية العراقية الفاسدة. لذلك لا حل إلا بتغيير جذري لهذا النظام الفاسد المبني على قوانين الشيطان الرجيم .. والحقيقة إن التغيير الجذري كاد أن يقع وفي هذه الأيام ؛ لكن الذي فعله الأطار التنسيقي للنهب و الظلم و بعد ما أحسّوا بذلك؛ سارعوا لتوقيع إتفاقيات العار الخطيرة مع الجانب الآخر بخصوص ضخ الدولارات العراقية للدول المعنية كآلأردن و الأمارات و غيرها بحسب تفاصيل و مراد السيد الأكبر .. و هكذا التجارة و الإستيراد .. و قد فصلنا الكلام بذلك في الأيام القليلة الماضية. العارف الحكيم عزيز حميد الخزرجي

Monday, November 06, 2023

كيف ننتخب الأصلح؟

كيف ننتخب الأصلح !؟ قبل بيان الموضوع .. نقدم لكم المحاورة التالية مع الأخ الأستاذ حسام إبراهيم الذي مدح صديقه الدكتور الفيلي المحترم و المرشح الآن لعضوية محافظة بغداد لـ (الكوتا) للمجتمع الفيلي, وفقه الله لكل الخير و آلفوز لتكون كمقدمة لهذا الموضوع الهام و المصير ي .. حيث بدأنا الحوار و كما هو منشور على صفحة (الحرية للكورد الفيليية)؛ بدأنا بسؤآل واضح و بسيط .. تعقيباً على مداخلته معلناً عن مناصرته و مدحه للدكتور طالب محمد كريم حفظه الله, وهو: [ما هي نظريته (نظرية الدكتور طالب محمد كريم) في مجال فلسفة الحكم و إدارة الدولة و الحقوق الطبيعية]؟ فأجاب بآلآتي : [فلسفة أدارة الحكم في معرفتها العميقة و تأتي من خلال أن تكون مواطناً ومن رحم المعاناة ومن تلك الأزقة التي فيها آلآلآف القصص وتشعر بذلك وتكون مسؤولا وتشعر بذلك أيضاً] تحياتي. أجبته بآلتالي : ألاخ حسام إبراهيم ؛ ما هكذا تورد الأبل يا عزيزي حسام .. و للأسف طرحنا ثلاثة أسئلة لكن بلا جواب ؛ فكيف يمكن أن يفلح العراق مع هذا الجّهل بعناوين الأمور!؟ فجوابه كما هو واضح أعلاه : غير واضح و غير علميّ و لا يخص سؤآلنا الذي ضمّ ثلاثة أسئلة في سؤآل واحد!؟ فسألته أخيراً مستنكراً : الأخ حسام إبراهيم بعد السلام : أقول : لا حول و لا قوة إلّا بآلله ..!؟ إن الأوضاع المعقدة الفاسدة في العراق لا تُحل ولا تُعالج بـ (إننا ...) و (سوف...) و (سنجعل العراق جنة ...) و غيرها ممّا قاله من سبق الجدد الآن .. و هو الفاسد الجعفري كما أقرانه المتحاصصين .. كما كلّ الفاسدين الذين حكموا عقدين و ما زالوا يتحاصصون حقوق الفقراء مع سبق الاصرار بقوة الحديد و النار كما كان يفعل صدام .. و إذا كان الحال من سيئ إلى أسوء كما تفضلت بنفسك؛ فكيف يكون التغيير نحو الأحسن بآلتدريج يا ترى!؟ لهذا و بسبب جهل (الناخِب) و (المُنتخَب) بحقوق الأنسان و العراق .. بسبب تلك الثقافة المنحطة السائدة - حاشاكم يا أخي - يتّجه العراقيون إلى المزيد من الفقر و التبعية و المرض والجهل و التخلف و العنف و حتى القتل .. و كما أثبتنا ذلك سابقاً .. و للأسف . فهل تدري يا عزيزي حسام و يا كل الناس كم إحتوش و كسب (حزب الدّعوة) و قيادته من المال الحرام ... خلال أقل من عقدين و هو الحزب الذي كان يُشرف العراق بشهدائه طبعأً لا بهؤلاء المرتزقة الفاسدين !؟ بمعنى ؛ كم سرقوا من أموال الفقراء و كانوا يدّعون الإسلام ؛ بينما كان أفضل حزب يدعو للأسلام والعدالة بحسب الظاهر .. و كان الدّعاة اللملوم - طبعا دعاة اليوم الفاسدين على الأطلاق - لا دعاة الأمس خصوصا الشهداء الأكارم حيث لم يبق حتى من أصدقائهم إلا بعدد الأصابع و الذين تمّ تهميشهم .. بسبب المرتزقة من دعاة اليوم الذين جُلّهم - إن لم أقل كلهم - كانوا بعثية و عسكرية و هتلية شيوعية و منافقين متقلبين مع هذا الحزب و غيره و هذه المؤسسة البعثية و تلك المؤسسة العسكرية و الأمنية و المخابراتية و الجيش الشعبي و غيره ..!؟ لقد إستطاع أن يكسب أكثر من 100 مليار دولار محفوظة كصندوق لمالية الحزب بإشراف المالكي .. يعني أكثر من خزينة البنك المركزي العراقي والذي يعادل خزينة عدة دول!؟ ثمّ أَ تدري ماذا يفعل المالكي و معه بعض اللصوص و المرتزقة(اللكَلكَية) بتلك الأموال الحرام !؟ إنهم يتاجرون بها و يتم تشغيلها لاجل كسب الأرباح الحرام !؟ ولا نذكر السابقين منهم الذين جاؤوا في غفلة بداية السقوط ونهبوا مئات الملايين بسرعة البرق و بتفنن .. و بعضهم لغف مليارات الدولارات كآلفاسد حسين الشهرستاني و آلجعفري و العسكري و المطلبي و الخزاعي و البياتي و الركابي والعلاق وووو غيرهم مِمّن لم يصلي لله ركعتان بإخلاص لا في جوف النهار و لا في الليل ولا في ا لخفاء ولا في العلن !؟ فقط يكفيك أن تعرف بأنّ قيمة بيت الجعفري في لندن الآن عاصمة بريطانيا يُعادل 100 مليون دولار أمريكي إضافة إلى ثلاث رواتب تقاعدية ما زال يستلمها و لا يعترف لا بفتوى القرآن ولا بفتوى المرجعية التي نصّت بأن أموال الدولة لا يمكن تحاصصها و سرقتها بأي وجه كان لكنه و جميع المتحاصصين مصرّين على أكل الحرام , و لذلك إختفوا و نأووا بأنفسهم بعيدا عن العيون و كأنهم حققوا حلم و أهداف حزب الدعوة ...!؟ أ لا لعنة الله عليكم جميعأً .. و على مَنْ علّمكم هذا الدين و الشرع الشيطاني!؟ وما زال الجعفري و أمثاله يسكنون قصورهم في أمريكا و كندا و أوربا يتقدمهم المالكي و هو يسكن أفضل قصر ببغداد و يأكل ما لذّ و طاب من الموائد التي يحلم بها ملوك الخليج و السلاطين مع حمايات و جكسارات يحلم بها فقراء العراق!؟ أما العسكري والمطلبي و الخزاعي و الركابي (ابو مجاهد) و المستشارين معهم من المتقاعدين الأعلاميين و السياسيين والقانونيين كهذا القاضي و ذاك و كأبو إدريس و ألسيد علي الموسوي و علي البياتي و أمثالهم ؛ فقد سرق كل منهم كمخصصات و رواتب و هبات فقط؛ ما يعادل عشرات الملايين من الدولارات ثم راتب تقاعدي يكفي لعشرات العوائل على الاقل كل شهر و هربوا إلى حيث كانوا مقيمين و هؤلاء أيضا حققوا أهدافهم "الإسلامية المقدسة" التي كانوا يدّعونها لعنة الله عليهم!؟ و أَ تدري يا أخي و كل العراقيين : بأنّ المالكي نفسه و مَنْ حوله من ذويه و مقربيّه و المرتزقة الذين يشرفون على تلك المليارات الحزبية و عقاراتهم المليونية ؛ ماذا يفعلون في كل إنتخابات قامت و تُقام للآن!؟ أنهم يقومون بضخ المئات من الملايين من الدنانير لمرشحيهم لتغرير الناس الذين لا يدركون حتى - فلسفة الأنتخابات و الهدف من الحكم و معنى السياسة ناهيك عن (الأسئلة الأربعون) - لأجل فوز مرشّحيهم!؟ حيث يدعمون كلّ مرشح و كلّ من يتقدّم للأنتخابات بحدود نصف مليار دينار من تلك الاموال لكل واحد منهم ويُشترط عليه إرجاعها كضرائب وإشتراكات وغيرها .. يعني أرباح وضرائب مضافة بعد الفوز!؟ بتعبير آخر : يعني لعبة دينهم و السياسة و جمع الأموال صارت تجارة رابحة من أموال الحرام !! فأيّ إسلام و نظام و سياسة هذه التي يدّعيها هؤلاء الفاسدين العظامة و هم يستغلون حقوق و جيوب الفقراء و لقمتهم و سكنهم و تعليمهم و صحتهم و رفاههم و مدنيتهم و خيرات وطنهم لأجل تقوية أنفسهم و أحزابهم العاهرة التي لا و لم تُحقق سوى أهدافهم و أهداف الأجنبي!؟ و أي دولة يريدون تشكيلها ؟ و لمن؟ و إذا كانت الاحزاب و (حزب الدّعوة) - طبعا أقصد دعاة اليوم - لانّ المالكي نفسه لم يكن عضواً رسميّاً أيام الستينات ولا حتى السبعينات .. و لم يبرز إسمه في العراق بأيّ عمل جهادي ناهيك عن الفكري الذي لا يعرف حتى الآن معناه و فلسفته .. إنما تعاطف مع المتعاطفين في قريته (طوريج) المحدودة نهاية السبعينات و بعد إنتصار الثورة الأسلامية مع بعض المتدينين .. و لم يكن له أي دور في العمل الجهادي أو التنظيمي أو المالي كما في المجالات الأخرى كآلثقافية و الفكرية و الأعلامية ضد نظام الجهل الصدامي؛ بل أساسا لا هو ولا أمثاله يعرفون معنى الفكر!؟ المهم هذا المالكي و عصابته العشائرية(المعدانية) و رفاقه الحرامية قد أفسدوا حزب الدعوة والعراق .. و غيّروا حتى إسمه و لقب الحزب من (الأسلاميّة) إلى (العلمانية) , كي يبعدوا عنهم الملامة و لكي لا يدينهم أحد على سلوكهم و بآلتالي ليحلّلوا الفساد و سرقة الناس .. بل و إعتبارها جهاداً في سبيل الله لذرّ الرماد في عيون العراقيين البسطاء الذين أساساً لا يعرفون المقايس أو الأعتبارات التي على أساسها يتمّ إنتخاب المرشح الأصلح لخدمة الناس لا لخدمة حزب أو فئة أو عشيرة .. فكل أعمالهم كانت و لا زالت جهاداً في سبيل أنفسهم و عوائلهم و عشيرتهم و كروشهم و كروش أبنائهم و أحفادهم الذين أصبحوا من أثرى العراقيين داخل و خارج العراق ..!؟ فكيف الحال مع الآخرين من الجانب الآخر الذي لا يدعي الأسـلام و لا القيم!؟ فهل يمكننا بعد تلك الجرائم و الفساد و النهب و التحاصص الذي إرتكب بإسم (الأسلام) و بإسم الله و الدّين و الوطن و الدعوة؛ أن نعتب على غيرهم من غير الأسلاميين .. مثلاً نعتب على القومجية (القوميين) أو العلمجيّة (العلمانيين) و الدمقرطية (الديمقراطيين) و الليبرجية (الليبراليين) و الوطنجية (الوطنيين) و الملكية و أمثالهم و غيرهم من المدّعين الذين يسرقون و يتحاصصون و يتحالفون و يتناكرون و يتجسسون بشكل عادي و ليس فقط بشكل علنيّ كحق طبيعي و قانوني لهم ؛ بل و يتفاخرون بفسادهم و يعتبرونها تضحيات و خدمة جهادية .. و فوقها يتحاصصون أموال الناس و الميزانية كل عام من خلال وزاراتهم و مناصبهم و مؤسساتهم التي يتقاسمونها و كأنها طابوا بإسمائهم .. بل و يفتخرون بذلك؟ ترليوني(2 ترليون) دولار أمريكي - أكرّر ترليوني دولار أمريكي هدرت و سرقت لجيوبهم أو ذهبت لهذه الدولة و تلك ؛ و لم يبنوا بها مدرسة أو مستشفى نموذجي واحد للفقراء!!؟ خلاصة ما أريد قوله و الجرح كبير و قد قلتها كثيراً في محاضراتنا و كتبنا و مباحثنا و مقالاتنا هي : والله العظيم أستحي اليوم أن أقول كنت أدعوا للأسلام أو أميناً عاما للحركة الأسلامية قاطبة خلال السبعينات و ما بعده حتى بداية الثمانينات, بسبب فعال و مواقف هؤلاء المعدان المرتزقة!؟ بل أنا في حيرة الآن : إن كان هناك متسع للبدء ببناء الثلة المؤمنة الجديدة لكنس هؤلاء الفاسدين و إقامة نظام الأسلام و العدل بعيدا عن الفوارق الطبقية و الحقوقية و الأجتماعية و المالية !؟ و يحتاج الأمر الكثير .. الكثير بسبب هؤلاء المنافقين .. لأن دحض الكفر و كشفه ليس صعباً .. بل سهل و قد فعلناه في العراق عقوداً ؛ لكن الصعب و العقبة الكأداء هو كيف نواجه المنافقين الذين يحللون الحرام و يحرمون الحلال مع الكذب الصريح بكل صدق!؟ [لا بد أن نفهم أو يفهم المرشح على الأقل جواب الأسئلة الستة و هو فرع (سؤآل واحد) من 40 سؤآلاً كونياً (1) لمن يريد أن يُثقّف نفسه على الأقل و يعرف معنى وجوده و معنى الحياة ثم الحكم و السياسة و التزاوج و التعايش السلمي لتحقيق العدالة و المساواة لأجل تحقيق السعادة للجميع لا لفئة أو طبقة واحدة كما هو المعتاد في بلاد العالم اليوم للأسف .. و تلك (المعرفة) واجبة أن يعرفها حتى المُنتَخِبْ و ليس المُنتَخَب فقط!؟ والمشكلة أنه بغير التحرك لأنقاذ العراق بتغيير ثقافته الفاسدة الآن فإنه لا مستقبل ولا حياة آمنة و عادلة و مساواة في الحقوق و الفرص و الأمكانات بعد .. بل سيستمر الوضع كما هو الآن و تزداد ألفوارق و آلمظالم والفساد و آلخراب و هدر للمليارات و الترليونات .. بسبب الفوارق الطبقية و الحقوقية و الأجتماعية و السياسية و الحزبية القائمة قانونياً و بشكل عادي .. والتي و للأسف تزيد يوما بعد آخر و بشكل مضطرد .. ! و إن إنتخاب الأصلح لا يتمّ إلا بعد معرفة جواب تلك الأسئلة الأربعون(1) أدناه. و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم. العارف الحكيم عزيز حميد مجيد: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) للأطلاع على (الأربعين سؤآل) عبر الرابط التالي : https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=807435

Tuesday, October 31, 2023

أسرار العشق - الحلقة الثانية

أسرارُ آلعشق – ألحَلقةُ آلثالثة : و هي دراسة معمّقة عن حقيقة البشر و الخلق و الهدف من الحياة : بقلم : ألعارف ألحكيم عزيز الخزرجي منذ آلصّغر كنتُ أبحث عن حُبٍّ حقيقيّ أزلي يُخفّف عني قسوة المحيطين و آلام الحياة و يُخرجني من وسط المآساة التي احاطت بنا و تلك الغربة التي أحسستها منذ ولادتي و التي بدت و كأنّها ستمتد و لا تنتهي حتى الموت .. كنت أبحث عن حبٌّ كيفما كان يُعيد لي توازني ألذي فقدته في عالم ممتلئ بآلقسوة و العنف و الرّياء و النفاق و (النهيلزم) و عبادة الذات بأعطية عديدة و منها غطاء الأسلام! حُبٌّ صادق لعلّه يُحقّق لي ولو أبجدية معنى الوجود و يُمكّننيّ من خلاله إرواء عطشي ألرّوحي للأصل الذي إنقطعت عنه بإرادتي أو بغيرها – لا أعلم حقيقةً – لسرٍّ مكنون في صعوبة فهم تفسير و قبول شهادتي على نفسي لدخول هذه الحياة بعد ما عجزتْ كتب الفقه و الأدب و الشعر و غيرها من تفسير ذلك .. فأنا روح شفافة للغاية لم تلطخها عبث الآخرين و قسوتهم؟ فجهدت نفسي باحثاً عن ذات الحُبّ الكونيّ الذي فقدته و الناس لأنقطاعي عن الاصل بسبب الأقدار و آلهجر و بعض النفوس الشيطانيّة من حولي .. وكل البشر يحوي شيئاً أو كلاً من الشيطان بذاته! و حين رأيتهُ – أيّ حُبيّ ألمجازيّ و أنا بعد لم أبلغ الحلم – في غفلة من ذلك الزّمن الذي لا يُمحى؛ ثبتَ لي حقائق كثيرة بعد أسفارٍ أرضيّة مريرة لا يقوى عليها أكثر البشر .. كشفتُ أنّ هذا النوع من العشق ألمجازي لا يستجيب و لا يمحي الغربة لانه عاجز عن إرواء و ملأ الفراغ الكبير الذي بدى مُمتداً في قلبي إلى اللانهاية في هذا الوجود الغير المتناهي الذي أعتقد بأنّ له نهاية بعكس ما إعتقده و لم يتأكد منه (ألبرت آينشتاين) !؟ و حقاً كان كذلك .. ففي المحطة الأولى لأسفار عبر مدن العشق الأرضية (1) بعد ما تحطّم كلّ شيئ و خاب ظنّي و أملي من خير الناس مع الأرض, حين رأيتُ بأن الحُبّ رخيصٌ جدّاً و لعله أرخص شيئ لدى هذا البشر الخائن الظالم الجهول ! لذلك يئست .. من الوصول للآخرة .. لمدينة السلام الأبدية و أنا حيّ أُرزق بعد ما رأيت المحبوب قد إنغمر بحبّ مخلوق بشريّ أرضيّ آخر أنْستهُ ببساطة كل ساعات و أيام و أزمان العشرة و كلمات الحُبّ و كأن شيئا لم يكن .. فأحسست بأننيّ كنتُ مُخطئاً و مغبوناً في نفس الوقت و حقيّ ضائع على الدوام .. فتهت و تحيّرت بعد ما علمت بفقدان العدالة في الأرض .. و بدأت أكرّر قصيدة (محمد صالح بحر العلوم) ؛ (أين حقيّ)(2) . و طالما رددّت قولهُ آلحكيم بجانب قصيدة أبو ماضي الذي ما علم من أين أتى و إلى أين أتى و مع من و إلى أين سيرجع .. بعنوان(لست أدري)! و كل العلماء و حتى الفلاسفة و العرفاء ؛ ما علموا حقيقة هذا الوجود إلا مَ، رحم ربيّ .. و هكذا كان .. حتى صرتُ أحنّ للقائه وجهاً لوجه, لأسمع إحدى قصائد العارف محمد بحر العلوم و آلتي مطلع : رحتُ أستفسر من عقلي و هل يُدرك عقلي .. محنة الكون التي إستعصت على العالم قبلي. أ لِأجل الكون أسعى أنا أم يسعى لأجلي؟ و إن كان لكلّ فيه حقّ .. أين حقيّ !؟ و هكذا كنتُ أحاول جاهداً منذ الصغر وصول مدينة العشق الأبديّة للخلود فيها أبداً بعيداً عن هذا الخلق و هذا العالم الغريب .. و أنا أبحث عن حبٌّ لا تؤثر فيه قوى الطبيعة و مادّياتها و نفوس هذا البشر المُلوّث بجذور آلخسّة و الخيانة و البخل و الحسد الذي هو علة العلل في فساد الدّنيا .. و بينما كنت أبحث في كل مكان و خيال عن الحقيقة ؛ تهتُ في آلكثير من المتاهات و المجاهيل و الطرقات .. و واجهتني الكثير من الأخطار و المهالك التي نجوت منها, لكنها تركت في وجودي جروحاً و في جسدي كدمات ما زالت ظاهرة .. ربما كانت ذلك إرادة الله بآلأصل .. تلك الأرادة القاهرة لكل الأرادات الفرعية .. بمعنى نحن مُسيّرون بحسب عقيدة المرجئة و إن كان لنا الخيار و الحكم في تحديد المواقف بحسب إعتقاد المعتزلة أو لا هذا و لا ذاك بل هو أمر بين أمرين بحسب إعتقاد مدرسة أهل البيت(ع) ..!!؟ على أي حال ربما كانت احصيلة هي إرادة الله في النهاية أن أبقائي لهذا آليوم كي أسطر هذه الملاحم العرفانية في مبادئ (الفلسفة الكونية), لتكون منهجاً لنجاة آلتائهين و ما أكثرهم في هذا العصر الفاسد .. بعد ما تاهو في دهاليز العشوق المجازيّة التي حطمت وجدانهم و آمالهم حتى مسختهم من دون أن يعلموا بعد ما جرى عليهم عملية الأستدراج ثم المسخ و حتى الإستبدال . شُعراء و علماء كثيرون من مختلف ألبلاد و آلأمصار, ظهروا و خلّفُوا تُراثاً غنيّاً و دواويين شعريّة مُعبّرة و خالدة و حتّى روايات و حكايات دالة عن آلعشق و آلعرفان وعن جانب أو جوانب ألحياة ألماديّة وآلمعنويّة! إلّا أنّ هُناك من بين أؤلئكَ آلرّجال ألألهيّين ألّذين برعوا حتى في العلوم الغريبة(3) بجانب التقوى و الزهد و الأسفار الكونيّة و العلوم ألأدبيّة و آلتّقليديّة و ألصُّوفيّة – ألعرفانيّة – ألفلسفيّة .. و قد ظهر بينهم شخصيّات قليلة فذة – عرفانيّة – أخلاقيّة إستثنائية وصلوا القمّة حتى درجة (العارف الحكيم)(4) بإبداعهم و نظرتهم آلعميقة لفلسفة الحياة و للوجود, فخلَّدتهم فوانين الكون, و يُمكن رؤية و إستشفاف عمق الأدب وآلجّمال و آلبُعد آلكونيّ في آثارهم تلك آلتي تركوها للناس الذين لم يعودوا يقرؤون للأسف .. بينما القراءة و المطالعة المفيدة للفكر لا للأخبار هي المرحلة الأولى للبدء بمسير الإجتهاد لنيل درجة العارف الحكيم .. لذلك صارت (القراءة) هي الحل الفصل لنجاة هذا البشر الذي غرّه جهاز الموبايل و أمثاله لقراءة الأخبار و آلصور بعيدا عن الفكر و البحث الجاد في قضايا الوجود و الخلود التي باتت من حصة العارف الحكيم فقط لكثرة الجهل و الأخبار التافهة عن هذا الحزب و السياسي المجرم و ذاك الشيطان و هذا الفاسد .. فإبتعدوا عن نهج ألخلود .. بحيث باتت آراء أخرى هي السائدة بقيادة الشيطان تخالف تماماً نهجنا و هذا التقييم, حيث تتهم تلك الآراء نهجنا بآلأنحراف و حتى الزندقة لقصورهم في العلم و المعرفة بمعرفة المعرفة! لذلك لم يتوقف الهجوم عند حدّ .. بل إتهموا العرفاء و الحكماء بالفساد الأخلاقي! و إختلفت ألتّقيمات ألأدبيّة و الدّينية و العرفانيّة بحقّهم من ناقد عنيف يقابله مادح مُحبّ حدّ التقديس ؛ و من مدرسة إلهيّة لأخرى إلحاديّة أو شيطانية؛ أو عقائدية, لأخرى وجودية .. و هكذا ! و السبب هو إصابة آلنُّخب الثقافية و حتى العلماء الأحاديين بنظرتهم و المدعين للدِّين؛ بآلأميّة الفكريّة و الأنا و الحسد الذي هو سيّد الأسباب! من أؤلئك العرفاء العظام بعد آلرّسل و أهل البيت(ع) هم (محمد باقر الصّدر و الأمام الراحل و السلطان شاه آبادي و الحكيم محمد حسين الطباطبائي), سبقهم جمعٌ آخر لكنهم معدودين من أمثال سقراط و أفلاطون و أرسطو و محي الدّين بن عربي و فريد الدين العطار ألنيشابوري و الحسين بن منصور الحلاج و أبا يزيد البسطاميّ و إبراهيم الأدهم سلطان نيشابور و جَلالُ ألدِّين ألرُّوميّ و شمس التبريزي و آلسّهروردي القتيل و غيرهم كثير, لك الذي برز في ميدان العرفان و الحِكم بعد الأمام الراحل و الصّدر الأوّل هو شمس التبريزي و صاحبه جلال الدين ألرّومي قبل أكثر من 800 عام .. فمن هو تلك الشخصيّة التي برزت أكثر فأكثر مع تقدم الزمن!؟ وسنتحدث عن هذا آلشّاعر ألعارف جَلال ألدِّين ألرُّوميّ, لأنّ قصته غريبة حقّاً و قد فصلنا الكلام عنه في كتابنا (حقيقة جلال الدين الرومي)(5)! فما هي حقيقتهُ و سرّهُ؟ و كذلك : ألمُعجزة آلّتي سبّبت تعلّقهِ بشمس آلدِّين ألتّبريزيّ: و ألأثر آلـذي تركهُ على آلطـرق ألصُّوفيّة ألشّـرقيّة ؟ و لمـاذا تأخّـر آلعرب و حتى آلعَـالَـم في معرفتـــــه ؟ و ما آلأثر ألذي تركه في أوساط ألمُثقفين والأدباء ؟ و مدى مصـداقيّته في تقرير أقواله وملاحظاتـــه ؟ و كيف إختتمت حياته, و ما هو موقف ألنّاس منه ؟ وأخيراً ألأدب ألفلسفيّ في قواعد ألعشق ألأربعون. ألتفاصيل لمن يريد معرفة عالم مرموز بآلأسرار : إنّ مجرّد الولوج في ذلك العالم ألمرموز إبتداءاً ؛ يشعر الأنسان معه بآلتهيب و الوجل و آلتريّث و الأغتراب, حيث يعتريه حالة غريبة يحسّ معها بأنه كآلسّابح في محيط مترامي من الجّمال و الورع و الجلال و النشوة و الولج في العشق و العرفان .. مع إحساسٍ رائع يداخلك ممزوج بهيبة و أمان! و أنت تغوض هذا العالم اللامتناهي تشفق على نفسك و تتواضع بلا إرادة و بكل كيانك وسط ذلك الوجود الجديد الذي لم يسبق أنْ خضته من قبل, و تشعر كم أنك تافه و ضئيل و جاهل بمعلوماتك و مدّعياتك قبل ولوجك في هذا الكون السّحيق! إنه لأعجب من العجب, أنّك و لمجرد الأبحار ثمّ التحليق في هذا الفضاء الرّحب المُتناهي لا كما جهله (آلبرت آينشتاين) ؛ تشعر أن روح الفضاء و ذاك المحيط المترامي حاضرة في وجودك, و هذا الجّمال و العظمة لا يمكن أن يُوصف .. لأنّ كشف الجّمال يحتاج لجمال يتحدث عنه و يكشفه! يعني؛ بعد أن يُنوَّر تلك الهالة من الأجواء العجيبة أسرارنا و ضمائرنا يميل صاحبه إلى الهدوء و السكون و الصّمت بشكل طبيعي, لذلك كثيراً ما يكون العارف ألنائل لتلك آلدرجة من الكرامات مستورة في العالم, لأنه قلّما يظهرها أمام الناس و حتى أمام المؤمنين الذين لا أساس و لا مقدمات و لا خبر عندهم عن عوالم القلب و الوجدان الذي يمثل الله في وجودنا .. بل و يفتخرون(انصاف المعرفة و العلم و الثقافة) – لجهلهم – و إعتقادهم بمدىً عقليّ محدود .. بآلقياس مع آلمدى آلكونيّ! لأنه قد يرى بعض المسافات الظاهريّة في أفقه المحدود من غير التأمل في أعماق الأشياء و الوجود لعدم إمتلاكه للبصيرة التي تموت بمجرد موت الوجدان الذي هو منبع المنابع ! و هذا الأمر لا علاقة له بآلمذاهب و الدين و العقائد .. إنّما هي علوم و أسرار يتوصل لها العقل الباطن(البصيرة) .. لا الظاهر .. الذي و كما أشرنا آنفاً يفتخر به الناس و العلماء و الفقهاء السطحيين. لهذا محمد باقر الصدر أو الأمام الراحل أو قبلهم الأنبياء و الرسل السماويون و كذا الأرضيون كسقراط و إسبينوزا و أفلاطون قد نُسُوا و لم يعد لهم ذكر .. و هذا مولانا آلرّومي ألذي مرّ على ميلاده 800 عام و قبله أهل البيت(ع) و ألأنبياء العظماء(ع) و بعده أؤلئك الذين أشرنا لهم آنفاً ؛ ما زالوا مجهولين كآلأوصياء .. كما الكثيرين من أقرانهم و على رأسهم أئمة الهدى, و سيبقون مستورين عن العالم و العرفان ما لم يفتح الأنسان ألعارف قلبه الباطن ليُبصر حقائق هذا الوجود العظيم! لكن لماذا لا يستطيع البشر و حتى الأنسان الذي يعلو على البشر بدرجة(6) .. أن يكشف حقيقة هؤلاء و يسير بطريقهم !؟ هل لأننا سطحيون ….! ؟ هل لأننا تمسكنا بآلدّنيا؟ هل لأننا لسنا عاشـقين؟ أم عشقنا لكن المجازي منه ؟ هل لأننا لسنا مُتيّميـن بآلعشق الحقيقي ؟ هل قطعنا حبال الوصل مع المعشوق لقتلنا الوجدان؟ هل لأننا نجهل العلوم و الفنّ ألعميق .. كقوانين الأفئدة؟ قد يكون إجتماع كل تلك النقاط هي السب في إنحراف جيمع البشرية اليوم! بإختصار علينا معرفة الأربعين سؤآلاً .. لندخل معترك العلم و المعرفة في هذا العالم الممسوخ(2). و إلا فأننا سنبقى نحوم خارج و دون المدار الآدمي و الأنساني و حتى البشري الذي يُعرف بمدار الحيوانية في فلسفتنا, فنحرم أنفسنا من لذائذ المعرفة و الأدب و العرفان و العلم و بآلتالي عمل الخير .. بل و نبقى بدونها طفيلييون لآخر العمر و بذلك لا نرى الجنة أبدأً .. بعكس عالم العرفان الذي يؤدي بصاحبه إلى نيل السعادة في الدارين .. حتى في الآخرة تره يمتنع عن ملذات الجنة و يبقى مشدوداً لعظمة الباري .. و لا تنفع حتى شكوى الملائكة الموكلين بخدمتهم لله .. حين يشتكون له : يا إلهي هؤلاء لا يطلبون منا شيئا ً.. فما نعمل!؟ فيقول الباري : إتركوهم .. هؤلاء هم حصّتي أنا! قال إقبال اللاهوري معظماً مقامه – أيّ مقام الرّوميّ – بعد رؤيته في المنام: صيّر الرّومي طيني جوهراً . . من غباري شاد كوناً آخراً و قال بعض العرفاء كالنورسيّ في آلرّوميّ: [علّمني الرّومي أنّ ألف حكيم أحنوا رؤوسهم للتفكير لا يُضاهون كليماً واحداً كآلرّومي]. و قد أكدّ هذا المعنى عارفاً آخر هو (أبو سعيد أبو الخير) على لسان ألحكيم (إبن سينا), الذي قال عن مكانته: [ما نراه نحن بفكرنا يراهُ أبو سعيد بعينه] و قد وردت عن قصّة مشهورة عن إبن سينا الفيلسوف العارف. إنّ ما يكتبه العارف الحكيم هو آلذي يخلد .. بل لا يشيخون أبداً, إنّهم شُبّان دائمأً و كلماتهم تحي حياة الأنسان و المجتمعات... لأن الحقّ تجلّى أمامهم في الوجود, بمشيئة الله الذي قال : [سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ](7). هذه الدّرجات العلا لا يصلها إلا مَنْ سار على نهج الحقّ المُبين و أدّى الحقوق و صدق مع ذاته و مع الله و لم يكذب في صغيرة و لا كبرة و طبّق شرع الأسلام! أما الذين يُسقطون آلأحكام ألشّرعيّة بدعوى أنّهم وصلوا ؛ فإنهم كاذبون, و كما قال عارف حكيم: إسألوا هؤلاء المدّعين: أَ عَرَفتُم ما عَرفهُ آلرّسول(ص)؟ فإن قالوا : نعم, فقد كذّبوا! و إن قالوا لا, فهذا إقرار بوجوب إتّباع نهجه و أحكامه حتى يتسنى لكم فيما بعد وصول درجة العرفان .. فبدون تطبيق أحكام الشرع لا يمكن إطلاقاً وصول تلك المرتبة السامية الخالدة في عالم السلام و الأمان! سألوا (با يزيد البسطامي) بعد ما قال شيئاً عجيباً مُعَظّماً نفسهُ بصراحة هو : (سبحاني ما أعظم شأني)!؟ فسألوه بإستنكار : أيُّكُما أعظم يا أبا يزيد : أَ مُحمد بن عبد الله الذي قال؛ (سبحان الله و بحمده …) .. أم أنتَ يا أبا يزيد البسطامي الذي تقول ؛ (سبحانيّ ما أعظم شأني)!؟ قال با يزيد مُبيّناً علّة ذلك : ]لأنّ رسول الله على عظمته و شأنه إنّما كان يقول : [سبحان الله و بحمده .. و أنا أقول بحسب شأني ؛ سبحاني سبحاني ما أعظم شأني]!؟ لكون الرسول(ص) قد وصل مقام التوحيد فصار حبيباً لله فكان يُسبّحه تعالى بعد ما عرفهُ عين و حقّ و علم اليقين, أمّا أنا (با يزيد) فما زلت مشغولاً بنفسيّ و لم أصل الذي وصله الرسول(ص)!؟ ألعاشقون لا يسمحون بدخول حُبّ شيئ في وجودهم إلّا بمقدار رضا الله, فكلما دخل في قلبكَ حُبّ شيئ ؛ خرج شيئاً من حُبّ الله منه. لهذا قالوا : [إن علماً لا يصل بك لله؛ ألجّهل منه أفضل]. لذلك فآلواصلون يعبدون الله حقّ عبادته بإخلاص و صدق, و يقولون؛ إسألوا المشعوذين الذين حرّروا أنفسهم من العبادة و الألتزام بدعوى كونهم قد وصلوا الحقّ, بينما يمهدون بتلك المقولات الشيطانية ليجعلوا كل حرام مباح!؟ أَ عَرَفتم ما عَرَفَ محمد(ص) و أهل بيته و أصحابه من الحـــقّ؟ فإن قالوا نعم؛ فقد كفروا فإحصروهم, لأن بقائهم إفساد للأمّة. و إن قالوا لا؛ فهم زنادقة .. يُريدون التّحرر من الفرائض و العبادة و الألتزام لنيل الشهوات و عمل كل ما تهواه نفوسهم بال قيود! و هناك مقام للمعشوق و مقام للعاشق: ألمعشوق ؛ له هيبة و سلطان عليك. و العاشق ؛ له ثلاث مراتب هي ؛ أعلى – أوسط – أدنى! و تَحُد مقامات العاشقين ثلاث خطوط حدودية : ألخط الأول : خطٌّ أقرأه أنا و تقرؤونه أنتم. ألخط ألثاني : خطٌ أقرؤوه أنا ولا تقرؤونه أنتم. ألخطّ الثالث: و خطٌّ لا أفهمه أنا و لا أنتم, إنه ما وراء الحقيقة تختصّ بآلذّات المقدسة. فالحَلّاج(ألحُسين بن منصور) المُلقّب بـ (شهيد العشق الإلهي) قد وصل بداية المقام العاشر .. لأنهُ يختلف عن العالمين. و كذلك (أبا يزيد البسطاني) قد وصل مرتبة (الأتحاد) كما تدلل القصص على ذلك! و أما شمس التبريزي فقد وصل أعلى مقام .. إنه ملك أصحاب المقامات الثلاثة, و سنتحدث عن الحلاج في الحلقة القادمة إن شاء الله بآلتفصيل. ألعارف الحكيم ؛ عزيز حميد الخزرجي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) كما للكون أسفار و أزمان .. فللأرض أسفار و أزمان أيضاً, و أوّل من أشار لها مجموعة من العلماء كآلشيخ الأكبر و الأنصاري و الشاه آبادي والأمام الراحل و النيشابور و غيرهم, ونشير هنا إلى أسفار العارف الحكيم (العطار ألنيشابوري) و هي سبعة : [ألطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الإستغناء – الحيرة – الفقر و الفناء]. https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=4244(2) (3) ألعلوم الغريبة كثيرة منها: علم الجفر ؛ علم السّيميا ؛ علم ألسّحر و قراءة المستقبل و غيرها. (4) ألدّرجات أو المراتب العلميّة الكونيّة ألعزيزية, هي كآلتالي : [قارئ – مثقّف – مفكّر – فيلسوف – فيلسوف كونيّ – عارف حكيم]. https://www.noor-book.com/en/ebook-%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D9%87-(5) %D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84- %D8%A7%D9%84%D8%AF-%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1-%D9%88%D9%85%D9%8A-pdf (6) ألمراتب الكونيّة للبشر حسب الفلسفة الكونية العزيزية هي : [(البشرية) ؛ وهي المرتبة الأولى, حيث يصطف فيها البشرية مع الحيوانية . (الأنسانية) ؛ و هي المرتبة الأرقى الثانية, حيث يتحلى بآلقيم و الأخلاق. (آلآدميّة) ؛ و هي المرتبة العظيمة التي معها يصل المخلوق فيها المرحلة الآدمية و يحصل على درجة التواضع التي يستحق معها الخلافة الألهية. للتفاصيل راجع كتابنا:[أسفارٌ في أسرار الوجود] المُجلّد الرابع. (7) سورة فصّلت / 53.