Monday, October 20, 2025

كيف تصل لله ؟

كيف تصل لله ؟ أو كيف تصبح عارفاً ؟ رغم وجود المقولة المشهورة بين العرفاء بكون (الطرق إلى الله بقدر أنفاس الخلائق), إلّا أن الفلسفة الكونية العزيزية برهنت بوجود قواعد رصينة و محددة لطي المراحل و الأسس التي تضمن إرتباط الإنسان بربه, و سنشير لذلك بعد عرض بعض المقدمات اللازمة لهضم الموضوع إن شاء الله. و ألبداية هي معرفة النفس ثمّ فلسفة الأخلاص و الصدق في الحياة و آلدِّين و كل الوجود : في بلاد الأسلام و العالم الأسلامي و غيرها من البلاد شرقاً و غرباً ؛ تجد الكثير من دعاة الأسلام و الأنسانية و المسلمين و المصلين و حتى المؤمنين في الأحزاب و الأديان الأخرى كل حسب مذهبه و دينه و ععيدته بإعتبار لكل منها حالات و مراتب كـ (الأسلام و الأيمان و التقوى التي فيها درجات و معايير أيضاً, لكن ذلك الأيمان يكون شكلياً و نظرياً عادة ما, و لا ينفع حتى قليلاً في الوجود بسبب قوة المغريات و الأهواء و ضعف النفوس, لذا أكثرهم إن لم يكن كلهم يتعرض للزلات و الحرام و عمل المنكر و الشرك بآلله .. خصوصا مع شهوة التسلط و تملك الأموال و نيل الشهوات المادية الأخرى كآلنساء و الولدان التي هي المعيار في ميزان يوم الفصل و الحساب .. يوم القيامة إن خيراً فخير وإن شراً فشر, و السبب في بقاء البشر و هم يخوضون كل عمرهم في الفساد و الكذب والغيبة متذبذبين بين هذا و ذاك؛ هو فقدان الأخلاص و الصدق في وجودهم و إيمانهم .. لفقدانهم ألمفتاح (السِّر) الذي وحده يفتح أمام الأنسان الآفاق و يحفظ العلاقة بآلخالق, ذلك السّر العظيم الذي ناله الكثير من أولياء الله كآلأنبياء و المرسلين و الأئمة و بلعم بن باعور و الخضر و سلمان و غيرهم! ذلك السّر العظيم يُؤَمّن و يَحفظ إرتباط العاشق الخفي و العميق بآلله تعالى, و لا شيئ يُحقق ذلك المستوى سوى عشق و حب الله الشديد .. بحيث لا يضاهيه أيّ حُب آخر في قلبه. ورد في تفسير ألعياشي عن (مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه) : [إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل: فيما النجاة غداً؟ فقال : (النجاة أن لا تخادعوا الله فيخدعكم فإنه من يخادع الله يخدعه، ويخلع منه الإيمان ونفسه يخدع لو يشعر), فقيل : فكيف يخادع الله؟ قال: يعمل بما أمر الله ثم يريد به غيره, فاتقوا الرئاء فإنه شرك بالله، إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء : يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، حبط عملك، وبطل أجرك، ولا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممّن كنت تعمل له]ٍ. و صّفة (الرياء) هي من أبرز و أوضح و أجلّ صفة للسياسيين و كما نشهدها في سياسيّ و حكام اليوم كما الأمس و منهم ساسة العراق المتحاصصين اليوم و مرتزقتهم مع عامة الناس الذين يتبعونهم بغباء مفرط لأجل الرواتب و المناصب و الإئتلافات بعيدا عن المعارف الكونية و الأسرار الإلهية. خلاصة الموضوع : المؤمن هو من يتعامل بآلقلب و يجعل الصّدق عنواناً لسلوكه و تعامله, و يلزم هذا أن (يجعل بينه و بين الله و أوليائه سرّاً أو أسراراً) لا يطلع عليها أحد, لمعزته بحبيبه و تعلقه بتلك الأسرار التي هي آلحبل الواصل بينه و بين الله و أحباؤوه و تلك الحالة لا تتحقق إلّا بآلأخلاص له تعالى, و الأخلاص نفسه سرّ يقذفه الله في قلب مَنْ يُحبّ و لا يتحقق إلا بمحبة و عشق الله العزيز دون كل العشوق المجازية من حولنا خصوصا الدّولار الذي بات هو الرّب الأوحد للناس للأسف و كما مكتوب على وجه تلك العملة عبارة : [In God We trast] نحن نؤمن بآلله . وأخرج ابن أبي شيبة و المروزي في زوائد الزهد وأبو الشيخ بن حبان عن مكحول قال : [بلغني أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما أخلص عبد لله أربعين صباحاً إلا ظهرت (سرت) ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه]. كما ورد بنفس السياق في الأحاديث القدسية التي تعادل الآيات القرآنية و تختصّ بآلأسرار ما بين الرسول(ص) و ربه جلّ و علا. و عليك أيها الساعي أن تُوطّن نفسك على حقيقة عظيمة و مجربة و هي : [إنّ عشق و ولاية عليّ (ع) كفيلة و ضامنه لتحقيق الهدف المنشود في حال – عشقتهُ بصدق و سِرتَ على نهجه - لتحقيق حالة العرفان و الحكمة بوجودنا]. و الحقيقة أنا الذي جرّبت هذا الأمر منذ طفولتي و بكل براءة و صدق ؛ لا أدري جوهر العلة في هذا التضمين الوجودي في تحقيق العرفان !؟ و بذلك يكون الوصول لدرجة العرفان و الحكمة بشقيّه ممكنة بل و محيرة و قد حيّرت فعلاً فصولها و أسفارها أرباب العلم و الفلسفة و أساطين الفقه ! إنّ مبادئ (الفلسفة الكونية العزيزية) هو الضامن و آلدليل عبر أقصر وأنقى و أرقى منهجٍ كونيّ للوصول إلى الله و عشقه تعالى عبر المحطات الكونية التالية أو مدن العشق السبعة و هي : [الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الإستغناء – الحيرة – الفقر والفناء] و يمكن إختصار كل هذا المقال بسبعة مراتب وجودية : [قارئ – مثقف – كاتب – مُفكّر – فيلسوف – فيلسوف كونيّ – عارف حكيم]. و لعبور تلك آلمحطات تحتاج إلى الصبر و التوسل بآلله و تحمل أذى الناس لكونهم جهلاء و متوحشين و يفتقدون إلى الحلم و الصبر, لذلك سرعان ما يجرحون و يحكمون بغير ما أنزل الله, لكن عليك بآلصبر و التحمل و أنت تواجههم .. و إلا فأنهم يفسدون عليك الهدف الذي صممت لتحقيقه لأنه ليس سهلاً .. فأنت قد تصبح مهندسا أو طبيباً أو رائد فضاء أو فقيه و مرجع ؛ لكنك لا يمكن أن تصبح عارفاً إلا بعد عبور كل تلك المحطات و التي أساسها ترجع إى تحديدات النيشابور أو أبو سعيد أبو الخير أو الشيخ الأكبر كل عبر تحديداته العرفانية التي أقصرها هو ما حدده الشهيد محمد باقر الصدر بجعلها محطتين فقط هما : معرفة الله ثم حبّه! و معرفة الله تحتاج لمعرفة النفس كشرط أساسي, و هنا تكمن العقدة و الأنطلاق نحو عالم الوجود ألمُحيّر الذي لا يكشفه إلا العرفاء و هم بعدد الأصابع عبر التأريخ و في كل عصر و مصر.! عزيز حميد مجيد., عارف حكيم