Sunday, October 27, 2024

العراق الجديد :

أدمن حزب البعث على حكم العراق بالقبضة الحديدية، وفجأة خسر هذا الحكم، لذلك لا يبالي من أجل استعادة حكمه أن يدمر العراق بكامله، وقد قال صدام حسين عندما اغتصبوا السلطة عام 1968، "أن الذي يحكم العراق من بعده سيلقاه أرضاً بلا بشر". وقد كسب البعثيون خلال 35 سنة من حكمهم الجائر خبرة واسعة ليس في التدمير والتفجير فحسب، بل وفي تضليل الرأي العام وبمختلف الوسائل الشيطانية الخبيثة، وذلك برسم صورة كارثية عن العراق الجديد والمبالغة في السلبيات، واختلاق المزيد منها بنشر الأكاذيب والافتراءات وتصوير الحالة وكأن عهد البعث كان جنة النعيم، والعراق الجديد هو الجحيم بعينه، ولا أمل مطلقاً في الخلاص من هذا الجحيم إلا بعودة حكم البعث!! ومع الأسف الشديد انطلت هذه الافتراءات والأكاذيب على الكثير من الناس الطيبين، فصدقوا كلما تنشره ماكنة البعث الإعلامية وأعداء العراق الجديد. بل وصار البعض يتضايق حتى من الأخبار الجيدة عن العراق، فإذا ما ذكرت بعض الأخبار المفرحة عن العراق اتهموك بأنك تدافع عن الحكومة وأنك صرت من مثقفي السلطة!!! ففي رأيهم يجب تأييد وترويج كل ما ينشر من سلبيات وافتراءات. لقد استفاد البعثيون وغيرهم من أعداء العراق من تفشي هذه النزعة السلبية بين العراقيين فراحوا يلفقون المزيد من الأكاذيب ضد العراق الجديد، مما ساعدهم على تشويه صورة العراق وتهييج الرأي العام ورفد تنظيمات الإرهاب. الوطنية والعداء للحكومة كما ذكرت في مناسبات سابقة، أنه نظراً لمعاناة الشعب العراقي من مظالم حكوماته المتعاقبة عبر قرون، صار العداء للسلطة جزءً مهماً من مورثه الاجتماعي، مستقراً في عقله الباطن، إلى حد أن صار العداء للحكومة والوطنية شرطان متلازمان ووجهان لعملة واحدة. بل وصار عند البعض أنه حتى لو قدمت الحكومة أعمالاً جيدة لخدمة الشعب، فالمطلوب من المثقف أن يفسرها سلباً ويجرد الحكومة من كل فضيلة ويحولها إلى رذيلة، وإذا ما أثنى المثقف على الحكومة فهذا يعني أنه تم تدجينه وصار مثقف السلطة. نعم، النقد من أهم واجبات المثقف، ولكن يجب على المثقف أن لا يفقد الرؤية فيرى كل شيء بالمنظار الأسود. علينا كمثقفين أن ننتقد أخطاء المسؤولين نقداً بناءً و بلا تردد، وأن نضع البدائل الصائبة، وفي نفس الوقت يجب علينا أن نشيد بالأعمال الجيدة، وإلا أحرقنا الأخضر بسعر اليابس، وساوينا بين الخير والشر. وهذه النزعة تحمل في طياتها مخاطر تدمير الذات. إن سبب سخط معظم الأخيار من العراقيين الديمقراطيين على السلطة الحالية هو كون معظم أعضاء الحكومة من الأحزاب الإسلامية، وأن هناك معممين يمارسون السياسة...الخ. نسي هؤلاء الأخوة سامحهم الله، أن هذه المرحلة حتمية لا بد منها، وأن هذا المد الإسلامي هو موجة تجتاح العالم الإسلامي كله، والتخندق الطائفي في العراق هو لأن في العراق سنة وشيعة، وهو رد فعل للاضطهاد الطائفي الذي مارسه نظام البعث الجائر. كما ونسي هؤلاء أن الإسلاميين وغير الإسلاميين في السلطة، شئنا أم أبينا، جاؤوا عن طريق انتخابات حرة وعادلة شهد بنزاهتها مراقبون دوليون. إن سبب سخط هؤلاء على ما تحقق لحد الآن هو أنهم على عجلة من أمرهم، يريدون القفز بالعراق من نظام البعث الجائر المتخلف إلى ديمقراطية ناضجة بمستوى الدول الغربية المتقدمة بين عشية وضحاها، وهذا مستحيل. ذكرنا مراراً، أن الديمقراطية لا تولد متكاملة، بل تبدأ ببعض الحقوق ثم تنمو تدريجياً، أي أنها عملية تراكمية تستغرق وقتاً. والمهم هنا أن العراق تحرر من أكبر عقبة كأداء أمام الديمقراطية، فرحلة الألف ميل بدأت بالخطوة الأولى وتبعتها خطوات، والواجب علينا رعاية ما تحقق لحد الآن، والنضال من أجل تكامله لا هدمه، وكل من سار على الدرب وصل. ــــــــــــــــــــ تقرير مع صور للملتقى http://www.hdriraq.com/modules.php?name=News&file=article&sid=2353

No comments:

Post a Comment