صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Friday, December 19, 2025
بيان الفلاسفة لعام 2026م :
بيانُ آلفلاسفة الكونيّ لعام 2026م :
أصل البيان الكونيّ لهذا العام؛ يتركز على بيان المنهج العلميّ و كيفيّة رسم القوانين و ملامح النظريات المتعلقة بآلأنتاج والبناء حسب قوانين الجمال أولاً, و لتحقيق الأعمار والتنمية البشريّة ثانياً, لتقويم الحياة و الحضارة بآلأستعمار و منشأها ألأخلاق التي هي عماد السعادة كهدف ضمني و التي دُمّرت للأسف بسبب تسلط الجهلاء, و أستبدلت بآلشقاء والعناء و الظلم على يد الأنظمة والأحزاب والحكومات الفاسدة و المتعجرفة التي تسلّطت و تحاول البقاء بكل الوسائل الميكافيللية, و يتطلب هذا إبقاء الناس في الجّهل, بآلسلاح و المال والنفاق كي يسهل سرقاتهم ونهبهم و تسلطهم, لأنّ (آلشعب المُغفّل أكبر رأسمال للحاكم), و آلنظام الذي يتجاهل و يجهل بسبب نظرته الأحادية الضيقة؛ أهمّية القوانين العادلة و النّظم العالمية لتحديد المواصفات الفنية و الأدارية و الصناعية والزراعية و الفضائية و المناخية و الأنتاجية و كل ما يهم إنسان العصر و مردوداتها الإيجابية لبناء البلد و تحقيق الهدف المنشود و آلمفقود أساساً في الحياة العامة و في برامج الحكومات و الوزارات و المؤسسات خاصة, و منها لإستغلال الطاقة و الموارد السخية التي أنعمها الله علينا في الأرض و آلوجود بآلشكل المطلوب و المؤثر في جذب المستهلكين و الزبائن داخليا و خارجيا!
إنه من عجائب آلدّنيا و من الحيرة و الغرابة و أنت تنظر لأنظمة العالم و حكومات بلادنا خاصة و هي تخطب كل ساعة و يوم و تُعلن بأنها تريد البناء و خدمة الناس و الأكتفاء الذاتي و إسعاد الناس والوصول للفضاء, بينما لا تمتلك أيّ قوانين أو مواصفات نوعية هادفة وعادلة و فنية جذابة و مدعومة بالعلم و الشرع ومقبولة إنسانياً لإتخاذها منهجا لتحقيق الأهداف التي يعلنوها و يتشدّقون بها كذباً ليستمر بقائهم لنهب الفقراء بلا رحمة و دين! طبعاً و للتأ ريخ و كما هو معلوم؛ قد نظّمت حكومات الغرب جميع القوانين المتعلقة بذلك بعد أن جلسوا و تباحثوا و قرّروا القوانين المناسبة حسب المواصفات الفنية و الجمالية و إلتزموا بها و طبّقوها بصدق فرفع الله شأنهم, بعد ما قرّروا قوانين حتى لجمع القمامة و الفضلات من البيوت و المعامل و لكل أمر مدنيّ و حقوقي و إلتزم بها الجميع سواءاً كان رئيسا أو وزيراً أو عاملا أو فلاحاً, و قسّموها هندسياً ليتم خزنها و إعادة تكريرها و الأستفادة من القمامة(الدوارة) بإعادة تصنيعها كل نوع في مجاله الصناعي و الزراعي و التكنولوجي إضافة إلى أن العملية بذاتها تحقق (الأستدامة) و الحفاظ على الجو و المناخ والمياه بعدم تلويثها و تسميمها خصوصا من الفضلات الذرية, طبعاً لتحقيق ذلك يُخصّصون بكل عمارة سكنية أو المصانع والمعامل حاويات منفصلة و ملونة لكلّ نوع منها؛ ليتم إنتخابها والأستفادة منها بسهولة و يسر, كما يُولون أهميّة خاصّة من ناحية الشكل و الجمال والمظهر لتعبئة و حفظ و إظهار المواد الغذائية و الأدوات و الوسائل المصنّعة بوضعها في العلب و الكراتين مع الصور الدالة على تلك المنتوجات الغذائية و الصناعية و الأليكترونية و الصحية و الأدوية و غيرها لتظهر بشكل فني لائق و جذاب و جميل للغاية لتنافس البضائع و المنتوجات الأخرى ليقتنيها الزبون و بآلتالي لتحقيق الربح التجاري ضمنياً, لذلك يختارون صوراً و بوسترات غاية في الجّمال و بألوان زاهية تجذب الزبائن بقوة و بلا إختيار, لأن الجمال هو الوجه الأول في تلطيف و تحسين الحياة و تقبلها, لبعث النشوة و السعادة في قلب المستهلك أيضاً.
هناك مسألة هامّة تخدم الناس بآلدرجة الأولى أتمنى على الشركات العالمية خصوصاً صناعة السيارات و العدد والأجهزة المختلفة المستخدمة في البناء و النقل و الطرق؛ أن تنتبه لتوحيد الأستندرد (المواصفات) و عدم تنويعها و تكثيرها ليتمكن المستخدم من إستخدامها في كل الظروف و الأحزال عند إستبدال جهاز أو قطعة من ماكنة أو سيارة أو عدة من العدد, إضافة إلى تحقيق الأستدامة المناخية, حيث إن توحيد الصناعات طبق ما أشرنا يؤدي إلى عدم حاجتنا لأنتاج المزيد من العدد و الآلات و الأجهزة و الوسائل و بآلتالي يقل إنبعاث الغازات و الكاربون في الجو من المعامل الصناعية!
لهذا فإن الأولوية التي يجب أن تعطى في هذا الوسط هي للتنمية آلبشرية و إعدادها أوّلاً: فآلقوى (الأنسانية) بمثابة الداينمو المحرك لتأسيس تلك الأنظمة و القوانين الفاعلة و الملونة ذات المواصفات المختلفة و الكاملة للإستخدام البشري و الحيواني و التكنولوجي و غيرها للبدء بحياة سليمة سعيدة و آمنة و خالية من العنف و الأفرازات المضرّة كآلتلوث و هدر هذا المصدر الهام من الطاقة, بحيث أنّ الدول المتطورة بدأت تستخدم الفضلات و مواد القمامة في صناعة الطاقة و حفظ المحيط بدلاً من تدميرها أو رميها لتُلوّث المياة و البيئة و قتل الأحياء.
فحين تواجه الشعوب بظل حكوماتها الجاهليّة و التي ترفع شعارات كبيرة هادفة, لا تفهم حتى مغزاها و معناها كآلعراق أو الأردن أولاً؛
فأنّ مثل تلك البلدان ستُواجه أزمات و مشاكل اقتصادية وإجتماعية معقدة و خطيرة قد تؤدي للفوضى و الخراب بفترة قياسية, لتؤثر مباشرةً على مفاصل الحياة المدنية و الاجتماعية و العائلية .. لدرجة تعرض حياة البشرية لإفرازات خطيرة و سامّة تتبعها الأمراض و العاهات المزمنة و التي تسبب شقائها و هلاكها لأن منفعة الشعار ترجع للحكام و المتسلطين لا للمواطن, من حيث إن أعطاء الأهمية للوطن من دون آلمواطن عبث و تضليل, فبناء الوطن يجب أن تعود منافعها و أعمارها للمواطن قبل المسؤول و ليس العكس؛ لذلك لن يكون أمام المجتمعات المتحضرة ولو قليلاً؛ سوى التوجه نحو (التنمية المستدامة و العادلة) حتى في كيفية الإستفادة من الفضلات و محتويات القمامة, و لا يتحقّق ذلك بحكومات حزبية مغرضة لمصلحة رؤسائهم و كياناتهم و عشائرهم أو دكتاتورهم الحاكم و من حوله؛ إنما بحكومات وطنية مخلصة و نزيهة تعمل حسب القانون لمعالجة تلك الأزمات والمشاكل التي تُعانيها؛ بمنظومات علمية مدروسة و مجرّبة عالمياً بحسب قوانين تحقق المطلوب, عبر مؤسسات فعالة طبق المواصفات الفنية في (التنمية المستدامة) تتزامن إلى جانب ذلك نشر التوعية (الاجتماعية) و(السياسية) و(الاقتصادية) و (الفنية) على حدّ سواء عبر وسائل الأعلام الرّسميّة و غير الرسميّة على آلمستوى المحلي والإقليمي والدولي؛ لجعل النشاط الأنتاجي و (التنمية البشريّة و الزراعية و الصناعية و العمرانية) ناجحة و مفيدة على كل صعيد, و بآلتالي تصبح حقيقة واقعة لإسعاد كل أبناء المجتمعات البشرية و بكل دول العالم بصورة (مستدامة) لأنها تربط بين القوى المختلفة (الأمن المجتمعي) و(التنمية) على كل مستويات و أصعدة الحياة؛ لإستدامة أنشطة الحياة اليومية و آلمستقبلية و تجديدها في حال الأمكان عبر عمليات (الفيدبك) حيث يتعلق بمدى فاعلية الجامعات و المراكز و المعاهد التحقيقية من جانب و النظام الحاكم من الجانب الآخر!
هذا مع آلأخذ بنظر الاعتبار حقوق الإنسان الاجتماعيّة والصّحّيّة البدنيّة و النفسيّة والروحيّة والبيئيّة في حال تنفيذ مخطط أو مشروع جديد و أساسي, وكذلك البعد الاقتصادي؛ وعلى نحو يتمّ معه معالجة مسبّبات (الفقر و الشقاء و الأمراض) والأنحرافات الأخلاقيّة و إنتشار الفساد .. لمعالجتها والقضاء عليها, ليتمّ بآلتالي مكافحة الفقر و المجاعة والأزمات الرّوحيّة و النفسيّة وصراعات المعيشة و التوازن في توزيع المنتوجات و الثروات والحقوق بشكل صحيح و عادل لا يؤدي إلى تعميق الفوارق الطبقية و الأجتماعيّة التي هي من أخطر العوامل المدمرة التي تُهدّد إستقرار البلاد و أمن العباد و رفاهية الشعب.
ويتمّ ذلك؛ من خلال تحسين سبل الحصول على الخدمات الاجتماعيّة والأغذية والرعاية الصحيّة والتعليم الجيد والتربية الصحيحة و مكافحة الفقر و الأوبئة والأمراض و تعزيز المساواة بين الجنسين إلى جانب مدّ خطوط السكك الحديدية و الشوارع النظيفة الفاعلة و الحدائق العامة و الوطنية المجهزة, ليكون في متناول الناس جميعاً بإسعار رمزية بعيدا عن الفوارق الطبقية و الحزبية و الأجتماعية,
و وجود تكافئ الفرص وتمكين الجميع من العمل و الأنتاج و فرض القانون وتنظيم حماية حقوق العمل والعمال بالقوانين التي تنظم مشاريع الاستثمارات والشركات و حماية البيئة و منع التصحر وتأمين الحصول على المياه الصالحة للشرب إلى جانب وجود مصادر الطاقة كآلكهرباء و الغاز و غيرها.
ولا تظهر حقيقة الأنتاج القومي و الاستثمارالمالي و الأنسانيّ و الأداري المستدام بين ليلة وضحاها؛ إنما تحتاج لعقود و عقول و قوانين و إخلاص و متابعة علمية و فنية مستمرة, لأنها تتأثر بأبعاد و متون المناهج المرسومة والأدارة الحديثة القائمة, لذلك و بأيدي الصالحين المخلصين من العلماء المطهرين الذين يقدمون مصلحة الناس على مصالحهم , بعيداً عن أيدي السياسيين الفاسدين الذين عادة ما يقرّرون قوانين تضمن بآلدرجة الأولى منافعهم الشخصية ثم آلآخرين , و تكون غير ثابتة, فكثيرا ما شهدنا و نشاهد أن الرئيس الفلاني قرّر القضاء على النظام الفلاني أو قام بتغيير مشروع معيّن؛ لكنه سرعان ما يظهر في اليوم الثاني أو أحيانا بعد ساعة ليغيير رأيه (رأسا على عقب) و كأنه يلعب (التنس)! لتتوالى الخسارات المختلفة بسبب الجهل و الغباء و الأنتصار لهوى آلنفس لا لمصلحة الناس و رضا الله تعالى!؟
هذا الأنقلاب و الفوضى و آلتخبط السياسيّ و المالي و الأقتصادي؛ لا يكون إلّا من قبل السّاسة و الأحزاب التي تفتقر للعلوم و الفن و التجربة و الأخلاص للعقيدة السليمة, فيعرضون البلاد و العباد لخسائر فادحة و مدمرة قد تنهي مسيرة البلد وتجعله في آخر مصاف البلدان لتبدء من جديد و لتتكرر المآسي نتيجة تلك المغامرات الصّبيانيّة, و هذا ما شهدناه في عدة حقب في بعض البلاد, كآلعراق وسوريا في زمن صدام و الأسد و غيرهم و قبلهم بظل عدّة حكومات جاءت و رحلت غير مأسوف عليها, و ما نشهده الآن من خراب و دمار على يد الأحزاب الجاهلية المتحاصصة في العراق يبكى الصخر الجلمود, أنظمة و أحزاب تتسيّد, لكن أكبرها لا تملك ليس فيلسوفا أو مفكراً؛ بل حتى مثقفاً بين صفوفها, لأن أكثرهم مرتزقة و منافقين, لهذا لم نرى أي نجاح بظلهم , بل تسبّبوا بهدر ألأموال و الأزمان و الأمكانات البشرية و الطبيعية, لأنهم لا يعرفون ما يفعلون بتلك الأموال الكبيرة جداً, و التي كانت تكفي لبناء قارة كاملة لا دولة واحدة كآلعراق!
أَ تَذَكَّر أثناء تدريسي في الجامعة؛ سألني بعض الطلبة :
[لماذا العراق الغنّي جدّاً الذي لو تحفر أرضه قليلاً لنتج كل المحاصيل و الثمرات الجيدة و المرغوبة, و لو قمت بحفره بشكل أعمق قليلاً لرأيت الآثار الكثيرة من مخلفات الحضارات السابقة, ولو غمّقت الحفر أكثر لأخرجت (الذهب الأسود) بغزارة]!؟
أجبته بعد ما أخذ الدوار رأسي و الخجل محيايَ:
(نعم ما قلته صحيح و السبب .. لأنّ بلادنا الحاكم فيه يهدم وطنه ليبني داره, و أنتم الحاكم في بلدكم يفعل العكس)!
نعم ذلك هو حقيقة وضعنا, لأنّ أركان التنمية و الأستثمار لا تتحقّق؛ إلّا من خلال تكامل و إنسجام البعد الاجتماعي؛ والبعد الأقتصادي؛ و البعد التكنولوجي إضافة إلى المقومات الحضاريّة التي بعضها واقعية ولا بد منها, كآلمعاملات الطبيعية, و مصادر الطاقة, و المصادر الأقتصادية و التراث الفكري و التقدم العلمي والتأريخ و المراكز التأريخية و الدينية.
و في هذا البيان ألمصيري, وفي هذا العام 2026م, يُعتبر الأهمّ من كلّ ما ورد من بيانات و دساتير لدولنا و الدول التي ظهرت أو تجدّدت؛ أودّ تذكيركم و أنتم الشهود مع المجموعة المليونيّة المثقفة عبر موقع عدّة كـ (الحوار المتمدن) الذي وصل عدد القرّاء المثقفين و المفكرين فيه - بضمنهم مجموعة كبيرة من الأساتذة و رؤوساء الجامعات وحكام الدول و الوزراء و النواب - وصل لأكثر من 5 ملايين مثقف و أكاديمي و أستاذ جامعي مشارك, كرقم قياسي في صحراء عالمنا الثقافيّ القاحلة, بل و المنحرفة المنافقة – أودّ تنبيهكم بأننا نمتلك أصول القوانين و الأحكام و بدقة, خصوصا بعد إعلان (الفلسفة الكونية العزيزية) ليمثل مركز الثقل الفكري و الفلسفي و الثقافي والأجتماعي في كل العالم, لدراسته و تطبيقه كي لا نخسر ما تبقى من العمر!
إنّه ليس من السهل أن تصل و تُقرّر مثل هذا البيان, و تجمع مثل هذا الرقم على موقع فكريّ و فلسفيّ كآلحور و غيره, لأنّ أصحاب الفكر الحقيقيون قليلون في هذا الورى أولاً, و لكون الفكر يتّصف بطبيعته بآلجمود و التعقيد .. و يحتاج آلكثير من الوعي و العقل و الصّبر و الحكمة لأقحامه و هضمه والوقوف على مضمونه ألمُمّل عادة لصعوبة فهمه بآلقياس مثلاً مع لوحة فنية أو تمثال جميل أو قصيدة شعرية عن الحُب, لهذا يُعدُّ عظيماً حين يحصل الباحث عن الفكر وعلى مثل هذا (الموقع), وعلى ذلك العدد الكبير من القّراء المثقفين و على جوائز عديدة تمّ الحصول عليها, و منها : (جائزة إبن رشد للفكر).
و أنّ موقعنا الشخصيّ فيه؛ قد حصل على أكثر من 3 ملايين زائر مثقف و مُفكّر و أستاذ جامعي و هو رقم كبير جدَاً, و لا يُصدّق بسهولة في هذا العصر الذي لم يعد القارئ فيه لا يحب إلّا سماع الأخبار و قراءة المقالات الخبرية الرئيسية, لهذا أقول بكل جرأة: أن هذا الفخر, لا ينال نصفه أكبر حزب أو تجمع سياسيّ أو حكومة في العالم!
المهم هو أنّ هؤلاء جميعاً يشهدون إلى جانب عشرات الآلاف من المُثقفين الكبار و المُفكّرين و الفلاسفة في مواقع التواصل ألأجتماعي؛
يشهدون بأنّ كُتب المفكرين و كُتبنا و بآلأخص(فلسفتنا الكونيّة) في مقدّمتها, إضافة لمقالاتنا الكثيرة - اليومية – تقريباً و التي وصلت لأكثر من عشرة آلاف مقال و على مدى عقود حرصنا فيها لنكتب و ننشر و نُحلّل بإستمرار يومياً و بفاعلية عن الفكر و الفلسفة و التأريخ و الحضارات لبناء الفكر المفقود الذي وحده يُمثل حقيقة الأنسان الجوهريّة لا ظاهرهُ و لباسه و لون بشرته, هذا أضافة لكونه مسبّب الأسباب في بناء الحضارة و المدنية و بآلتالي نيل السعادة الأبدية, و لكشف ألقضايا السلبيّة وآلمؤآمرات و نقد الظواهر الفاسدة العديدة بسبب طبيعة البشر التي دمّرت الأنسان و المجتمعات كالفساد و السرقة و قضايا فرض أحكام المذاهب و الأديان القديمة و الحديثة و الأفكار الحزبية الضيقة, و إستبدالها بـمبادئ (الفلسفة الكونية) كختام للفلسفة! لكن المشكلة الوحيدة التي نعاني منها؛ ندرة الكفاآت المتميزة التي بإمكانها فتح المنتديات و المراكز الثقافية و الفكرية لهداية الناس و توعيتهم على فساد الأنظمة و الأحزاب التي يفتقدون إلى المقومات الأساسية لتغيير العالم!
نعم .. يعتبر كشف فساد الحكومات و عفاريت و حيتان الأحزاب و الكيانات المتحاصصة المنافقة التي تدعي الفهم و العدالة و الوطنية و القومية و آلوصاية الدّينية لخدمة الناس كذباً و بآلباطل؛ عملاً كونياً خصوصاً لو كان الفاعل عصامياً و نزيهاً رفض الأصطفاف معهم ليكون ضمن المنافقين المرتزقة و يأكل لقمة و رواتب الحرام كما هم الآن!
فكشف نقاق و فساد تلك آلمجموعات التي تدّعي كذباً بأنهم مواليين مثلاً للأحرار و العلماء كآلشهيد الفيلسوف محمد باقر الصدر أو الأمام الراحل أو مجموعاتنا التنظيمية كقبضة الهدى و شهداء الحركة الإسلامية وغيرهم بينما لم يلتقوا بأحدهم حتى مرة واحدة .. بل لم يكونوا يعرفوهم حتى من بعيد إلا بعد ما كتبنا عنهم و نشرنا صور بعضهم!
إنّ المقصود من أكاذيب هؤلاء الأدعياء المرتزقة الذين ساندوا تلك الأنظمة التي حاربت الشهداء و أعدمتهم ؛ هو العكس تماماً, لتغرير الناس و تحميرهم لسرقتهم و هضم حقوقهم و الحصول على الرواتب الحرام التي مسختهم, بحيث لم يعودوا يدركوا الحق ولا آية من آيات الله .. بل تبرؤا منها مدّعين بأنهم علمانيون و بعيدون عن الأسلام و لا علاقة لهم بآلدعوة لله ليشرعوا فسادهم!
لذا يعتبر كشف حقيقة هؤلاء الذين حلّوا محل الشياطين و الفجار؛ كشفاً عظيماً لإيقاف فسادهم أوّلاً, ثم إصلاح شؤون الأمّة بتحقيق العدالة ثانياً, ولا يتحقق هذا, إلّا بإثبات و تطبيق مبادئنا على ارض الواقع بآلعلم و بالفلسفة التي هي فوق العلم لتحصين المجتمع و الأخلاق من فساد و خراب أؤلئك الفاسدين (الساختجية) لقدرتهم على الدخول و الإنخراط مع الجهات المقتدرة لأنهم أتباع الشيطان الذي قال لرب ا, و من أسيادهم الكبار .. أؤلئك الذين يُديرون إقتصاد و بنوك و شركات العالم الكبيرة خاصة و الذين يسرقون الأموال و الصفقات و منابع القدرة والطاقة والأساطيل بالخيانات و الظلم و الحروب بحقّ الشعوب المحكومة بأنظمة و حكومات و مليشيات عميلة و خائنة و منافقة تُخرّب أوطانها و تُجوّع شعوبها لمصالح المستكبرين لتبني بيوتها و بيوت مقرّبيها مع تأسيس إمبراطوريات مالية و سرقة الأراضي و القصور و غيرها مقابل أوطانها التي يبقون شعوبها مغفلة و ضائعة لا تفهم من الحياة شيئا سوى اللهوث لتأمين لقمة خبز أو سقف لهم, و هم يتصورون بأن الحكومات و الأفراد الحاكمين يتفضّلون عليهم بذلك من كدّ أيدهم .. هذا .. ليبقى المفكر و الفيلسوف فوقه يُعاني الأمرين و الغربة في أوساطهم .. من جهة الحاكم و من جهة المحكوم الذي لغبائه و ضمور وعيه يأبى إطاعته(المفكر و الفيلسوف) رغم سعيهما الواضح لمواجهة ظلم تلك الأحزاب والحكومات لتحقيق مصالح المحكومين و الشعب عامّة!
و لكوننا و كل الفلاسفة و المفكرين؛ أمناء الفقه و الفكر و الفلسفة في هذا العالم المُسيطر عليه من قبل المستكبرين و أذنابهم؛
نعتقد و نعلن؛ بأنّ كلّ ذلك الظلم و الفساد الواقع و المستمر رغم عظيم أمرها و مخاطرها على الأنسان و الطبيعة و المصير والأجيال القادمة المسكينة التي دمّر هؤلاء المنافقين حقوقهم بهدر الثروات و الطاقات التي خصصها الله تعالى لهم بغير حق؛
لكن رغم ذلك ؛ فإن آثارها و إعمارها و تجديد بنائها بقوانين راقية و جميلة؛ و ليس مستحيلاً أو صعباً, أو لها ثقل أو وزن كبير في مسير الصالحين, أو يصعب حلّها في معاييرنا الكونيّة, لكون بلادنا و العالم غنية بآلمبدعين من جانب و بآلثروات و منابع الطاقة بفضل الله من الجانب الآخر, و العراق خصوصاً بلد غنيّ جدّاً كما أسلفنا بثرواته النفطية و حضاراته الممتدة و مراكزها الدينية و السياحية؛ لذلك فأنه كما أكثر البلدان .. يمكن أعادة بنائها بمجرد إزاحة ألأنظمة الفاسدة التي تُدار من قبل الدجالين و أحزابهم العاريّة المجرمة التي أوّل ما فعلت؛ بنت بيوتها و عروشها و كروشها و بنوكها و إمبراطورياتها الماليّة من دم الفقراء و حقوق الشهداء و خرّبت بآلمقابل أوطانها على حساب الفقراء و باقي المواطنين بعكس مبادئ العدالة و الأسلام الحقيقيّ الذي هو آلآخر تشوّه و بعد ما كان يؤكد بأنّ الهدف من الحكم هو كما طبقه الأمام عليّ(ع) الذي كان يحكم 50 دولة بحساب الوقت لكنه كان يتمتع براتب و حقوق مثل أي مواطن آخر و لم يكن يملك حتى بيتاً وقد طبق هذا الحكم الزعيم عبد الكريم قاسم أيضا, و شعارهم هو؛
[جئتكم بقميصي هذا ؛ إن خرجت بغيرها منكم فأنا لكم خائن]!
فتلك هي الحكومة الكونية لأجل العدالة و المساواة و محو الطبقية قبل كل شيئ لأنّه و بحسب الحكمة الكونية؛
[لا يُسعد شعبٌ فيه شقيّ واحد, فكيف إذا كان الشعب كله يشقى؟], خصوصاً بعدما (نزل الفأس بالرأس) و أصبحت دولنا مستعمرات ذليلة صغيرة و متفرقة و ضعيفة بسبب تواطئ رؤوس الفاسدين الذين سفّهوا القيم و الأسلام والشيوعية والولاية الكونيّة العالمية للحقّ, لنيل مآربهم الحزبية و الشخصية المحدودة داخل شخصياتهم و أحزابهم و عشائرهم للأسف.
لكن رغم كلّ ذلك, فأن (بقاء الحال من المحال) فطبيعة الكون و الخلق هكذا .. تتغيير كل ثانية ولا تبقى على لون واحد, خصوصاً مع وجود الفلاسفة و المفكرين الذين يعملون كأضواء في الطريق, و إنّ كلّ التدمير المادي و الخراب المعماري و الصناعيّ يُمكن معالجته و إصلاحه بفترة وجيزة بعد إستبدالهم بحكومات عادلة, خصوصاً مع التقدم التكنولوجيّ الحاصل في عصر النانوتكنولوجي و الذكاء الصناعي ومنظومات الأستندارد المثاليّة التي توصلت لها الكثير من الدول ككندا و أمريكا!
نعم تلك المفاسد و الهدم و الخراب كله يُمكن علاجه بحركة أعمار مدروسة لأنك ستتعامل مع مواد شبه جامدة تتحكم فيها آلآلات و المكائن من دون وجود مقاومة أو عقبة كأداء كما هو حالة النفس و غرائزها في الأنسان .. لكن الكارثة العظمى و الأزمة الكونيّة التي تقلقنا مقابل ذلك في هذا الوسط و آلذي يصعب حلّها حقا بسهولة .. لأنها ستبقى و تمتد و تؤثر بآلعمق بنظرنا في مصير الأجيال القادمة .. هي:
فساد العقول والقلوب والأخلاق والقيم و بآلتالي فقدان الثقة التي تسبّب بها طلاب الدّنيا في الأحزاب والحاكمين من النواب والقضاة الفاسدين بين الناس!
و الذي يصعب حلّه حقّاً, لأنّ المسألة تتعلق بإصلاح البشر و النفوس مع الأجساد التي تحمل الرّوح و الأرادة المتداخلة معها في نسيج معقد للغاية لا يفهم العالم كما لم يفهم ألكسيس كارل عواملها و قوها و مسبباتها للآن, بما فيها (علاقة المخ مثلاً مع القلب) أو علاقة (المخ والقلب) مع الإرادة, وعلاقة الجيمع مع تصميم الذات و المكامن المختلفة التي لم يعرفها البشر للآن و مصادر الطاقة التي تتغذى بها و كيفيتها و منها مبعث (الفولتية) التي تولدها جانبا من القلب لعمل نبضات القلب, لأن المشكلة ليست مادّية صرفة أو آلة أو بناء يُمكن ترميمه و التحكم به كيفما نشاء و نريد, لأنّ كينونتها محددة بروح و غريزة تقتصر هدفها في تلك المكونات المادية على أداء عمل معين .. سواء كان حجراً أو شجراً أو مخلوقات أخرى فيكون التعامل معها ليس معقداً بل يسهل تطويعها و إستخدامها حسب متطلبات البشر الذي سخر الله تعالى له كل الوجود ضمن محددات و و قوانين لو تمّ تطبيقها لإستُكمل جمالها و فائدتها!
فالأموال و الحقوق و الأراضي المغتصبة وحتى شكل الأبنية و الشوارع المبنية القبيحة, رغم إنها محنة بذاتها حقّاً .. لكن يمكن علاجها و ترميمها و إعادة بنائها من جديد سريعاً و بشكل جميل و حتى إعادتها لمستحقيها الأصليين, بل و يمكننا حتى الوصول و الصعود للفضاء و لأقطار السموات و الأرض لكونها ممكنة, و أموال النفط وحدها كافية لتحقيق ذلك.
نعم .. كل ذلك الفساد و النهب و المظالم وخراب الشوارع و البيوت و المصانع و الموارد و الماء و القوانين التي قنّنها المدّعون يمكن تعديلها وتصويبها بما يرضى الله و عباده؛
و ليست خطيرة أو عصية عن الحلّ في حساباتنا الحاليّة وحتى المستقبلية طبق المعايير الكونيّة الجميلة و العادلة, فجميعها ممكنة الحلّ و بفترة قياسية دون تلك الطامة و الكارثة الكبرى المتعلقة بأخلاق و إستقامة هذا البشر الذي يجب أن يتخلص قبل كل شيئ من العقبات النفسية و الروحية التي عشعشت بداخله, و هي ليست سهلة أبداً !
ليعيش الأنسان – الآدمي - و الناس جميعاً في الأمن و الرّفاه و بظلّ قوانين الحقّ و العدالة الكونيّة و المساواة .. في حياة خالية من الطبقيّة و الفوارق المادية و الحقوقية والاجتماعية الكبيرة!؟
نعم كل هذا الخراب؛ سهل و ممكن التصحيح بفضل الوعي و التكنولوجيا و النانوتكنولوجي و العقل الصناعي إلى جانب الإبداع الأنساني الذي يجب أن يُثوَّر و يستثمر لينمو الحياة و القيم و الخير أيضاً ...
لكن الطامة الكبرى و المصيبة العظمى التي خلّفتها الحكومات و الأحزاب الجاهليّة المتحاصصة و الناهبة لقوت الفقراء, هي: إصلاح و تغيير المباني الأخلاقية و المنضومة الأجتماعية التي عمّقت الفسادو الفوارق الطبقية في بلادنا و في الأمم المغلوبة بسبب الحكومات و مجالس البرلمان و المحافظات التي وجدت لا لمنفعة الناس بآلدرجة الأولي؛ إنما لأنفسهم قبل كل شيئ, ليتسبّبوا بإستنزاف المال العام, و خراب البلاد و العباد وإخضاعهم للقوى الكبرى مسببين الكارثة العظمى التي لا حلّ لها
بسهولة, حتى بعقد أو عقود بل و قرون, لأنّها تحتاج لقوى خارقة و لسلسلة من الأنبياء مع أمر و تسديد إلهي مباشر و جيوش فنّية و عسكرية عظيمة حتى يتمّ تغيير تلك الكارثة العظيمة و هي أخلاق و أدب وقيم و سلوك هذا البشر في كل العالم و العراق خاصة لأنهم لم يعودوا بشراً نتيجة فساد ونفاق المدّعين للإسلام و الدعوة و الوطنية وووو....إلخ.
ذلك أن أكثرهم قد مُسخوا خصوصاً قادتهم و رؤوسائهم إلى ذئاب و خنازير و كلاب و حيوانات متوحشة همّها بطونها و ما تحتها بقليل ومن بقايا الدينصورات التي يجب أن تنقرض سريعاً قبل أن تقرض و تخرب ما تبقى من خيرات الله على الأرض - مع إحترامي للأخيار الذين تنزّهوا عن مخالطة و مشاركة هؤلاء الحاكمين الأشرار في فعالهم و فسادهم بنهب المال العام الحرام و الرّواتب المليونية التي لم يشهد التأريخ بمثلها حتى في زمن فرعون لمرتزقة الأحزاب و الجيش العراقي كجماعة رفحا و مجموعات الأمن و المخابرات الصدامية بمن فيهم ضباط الدّمج – و الذين شرّعوا الكذب والنفاق وحتى التحالف مع القتلة وغيرهم من قبل المتحاصصين!
لقد وقعت هذه العاقبة السوداء بسبب فقدان الأيمان بآلله و بالسلام و الأمن و العدالة و التفكير السليم المنطقي, فتحقّقت حالة ألمسخ و فقدان الحياء بعد إنتشار لقمة الحرام و الغيبة و الكذب و النفاق و التكبر و السّفسطة بينهم و بين الناس نتيجة إنعكاس الثقافات الحزبية الشكلية و الظاهرية التي غرّروا بها عامّة الشعوب و الأمم التي بات الناس مع ذلك الوضع يلهثون لتأمين لقمة خبز فقط و سكن عشوائي كيفما كان, بحيث لو وجدت إنسانا سوياً نظيف القلب و اليد و الروح و البطن بينهم و يندر ذلك؛ لأصابك العجب و الذّهول في هذا الوسط, حتى أصبح الناس يكرهون الفكر و المفكرين الذين يُذكّرونهم بآلحقيقة التي تؤلمهم!
جذور كل تلك المآسي و الكوارث الكونيّة بإختصار شديد؛ هي (حبّ الدّنيا و الركون للراحة و للشهوات) من قبل النفس الأمارة التي هي المصيبة و العقبة الكأداء التي حذّرنا الله منها في مجموعة من الآيات و سور خاصة و كاملة وردت في خاتم الكتب السّماوية كما أكّدها و برهنها عظماء الفلاسفة و المفكرين عبر التأريخ, من خلال ألتأكيد على بناء النفس و التخلص من الحالة البشرية و الأنتقال للحالة الأنسانية و من ثم الحالة الآدمية التي معها فقط تستقرّ الأمور حسب رضى الله, لقد دمر هذا البشر ألملعون عبر مجمل الثقافات الشكلية و المفاهيم الحزبية الضيقة التي بثها حُكّام الفساد بعيداً عن القيم و آلمثل لتشويه الفكر و إبعاد الناس عن مرام الله و أنبيائه و الصالحين من الشهداء لتضعيف بصيرتهم ليبقوا كآلعميان, و بآلتالي ليسهل على الحكام و الرؤوساء تشويه الحقّ, لتمكينهم من كنز الذهب و الفضة و الرواتب الحرام و كما هو الواقع الآن للأسف حتى بدأ الكفار يُكفّرون الشيعة و خط آل البيت(ع)!
نعم هنا تكمن عمق المأساة والمصيبة و الكارثة الكونية العصيّة على الحلّ و التي باتت كقوانين ثابتة تشبه قوانين الأنظمة الدكتاتورية السابقة كنظام البعث و نظام عارف و أمثالهم!؟
و إن تلك الأهداف الكونية التي أشرنا لها؛ لا تتمّ ولا تتكامل كما لا تتحقق إطلاقاً؛ إلّا حين يتمّ التكامل بين (الأبعاد الاقتصادية والبيئية و الحضارية) و بين (الأبعاد الاجتماعية والروحية والنفسية), بشرط محاكمة هؤلاء الفاسدين الـ 5000 في بلادنا والذين دمروا مذهب أهل البيت(ع) و مهّدوا للظالم و المنافق للحكم, رغم إدّعائهم و تسترهم بكونهم يناصرون دولة الأسلام للتغطية على فسادهم.
فـ(البعد الاجتماعي)؛ يعمل على تحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة و تعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية؛ حيث يهدف إلى توفير فرص متساوية للجميع في الحياة و في كل المجالات بلا تفرقة أو واسطة, لتعزيز حقوق و كرامة الإنسان.. والتنمية البشرية.
و(البعد الاجتماعي)؛ يهتم بالتعليم والصحة؛ والتمكين الاقتصادي؛ وتوفير فرص العمل اللائقة لأفراد المجتمع؛ والمساواة بين الجنسين؛ والعدالة الاجتماعي بين كافة الناس.
أما (البعد الاقتصادي)؛ فإنه يهدف إلى تعزيز (النمو الاقتصادي) الشامل؛ والعادل؛ والمستدام؛ مع تحسين البنية التحتية لكل مؤسسات الدولة وتعزيز الصناعات.. وتشجيع الاستثمار في التكنولوجيا الصديقة للبيئة؛ وتحسين الإدارة المالية؛ و ذلك من اجل خلق فرص عمل مستدامة وتحقيق التقدم الاقتصادي للأفراد والمجتمع؛ ليتم تحسين رفاهية الإنسان؛ والعدالة؛ والمساواة؛ من خلال توفير فرص متكافئة؛ وتلبية الاحتياجات الأساسية؛ وحماية حقوق الإنسان, وتلك الإبعاد إجمالاً - كما قلنا - لا تتم إلا حين يتم التكامل بين (الأبعاد الاقتصادية
والبيئية و الحضارية) وبين (الأبعاد الاجتماعية والبيئية)، بمعنى ضرورة الحفاظ على (صحة البيئة) و( التنوع البيولوجي) و(استدامة الموارد الطبيعية)؛ ليتم تحقيق توازن بين (نشاطات الإنسان) و(الأنظمة البيئية) المحيطة، ليتم اخذ بنظر الاعتبار التغيرات المناخية وحماية الغابات والمحيطات.. وإدارة المياه.. والطاقة المستدامة؛ ليتم المحافظة على البيئة ومنع تدهورها لضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
اما (البعد التكنولوجي) فهو يعزز مفهوم (التنمية المستدامة) من الناحية التقنية؛ نظرا لما يتحقق من تطورات مهمة في أداء المؤسسات الخاصة وتعزيز أنشطة البحث لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل تؤدي لتقليل البطالة وتحسين المعيشية للإفراد.
وجل هذه الإبعاد؛ لابد إن تتكامل بعضها مع البعض من أجل تحقيق أهداف (التنمية المستدامة) وهذه الإبعاد لا تكتمل أركانها في المجتمع إلا بعد أمد ليس بالقصير؛ لان الاستثمار في الإنسان مشروع مستدام لا تظهر نتائجه بين ليلة وضحاها؛ ولكن يضع الأسس لمجتمع قوي قادر على الصمود أمام الأزمات و الغزوات والتحديات المستقبلية، فالمواطن المتعلم و المتفكر والمتمكن هو وحده القادر على المساهمة في بناء مجتمع متماسك واقتصاد قوي، لان (التنمية) تحتاج إلى متابعة.. وصبر.. وتنفيذ صارم، لان عملية (التنمية المستدامة) تعتمد على حالة من التكامل بين (الإطار الاقتصادي الذي يعمل على تلبية متطلبات المجتمعات) وبين (الإطار السلوكي الذي ينظم حركة أنشطة أفراد تلك المجتمعات)، وهنا لابد من التمييز بين (النمو) و(التنمية).
فـ(النمو) يشير أساسا إلى زيادة الناتج القومي دون حدوث تغييرات ملحوظة في الجوانب الاقتصادية.. والاجتماعية.. والسياسية.. والثقافية، بينما تعني (التنمية)، بالإضافة إلى نمو الناتج القومي، حدوث تغييرات جوهرية وواسعة في هذه المجالات بمعنى إن عملية (التنمية المستدامة) بوصفها نشاطا بشريا تتطلب الإعداد البشري الجيد والتأهيل السليم للمجتمع ممثلا في أفراده؛ والذي يعتمد على (السمات الثقافية) وهي بين مجموعة السمات التي يتصف بها نشاط تلك المجتمعات بـ(الوعي) في حياتهم اليومية بشكل عام؛ وفي نشاطهم الاقتصادي بصفة خاصة.
ألثقافة والسلوك الإنساني يرتبطان إرتباطا وثيقاً بالعملية الاقتصاديّة والأنتاجية, والتنمية المستدامة تعتبر مقدمة للنظام الأجتماعيّ الأمثل.
فـ(التأهيل البشري) لا بد أن يحمل الخصائص والسمات الحضارية والثقافية؛ بمعنى إن (الثقافة) و(السلوك الإنسان) يرتبطان ارتباطا كاملا بـ(العملية الاقتصادية)؛ ولا بد من التسليم بذلك، فالسمات الثقافية والسلوكية للمجتمع تتدرج في تأثيرها وتأثرها مع الحياة (الاقتصادية)؛ ولما كانت هذه السمات قابله للاكتساب والتعلم بين الأفراد؛ فهي بالطبع قابله للاستمرار والانتشار.
فثقافة المجتمع هي مجموع ثقافات أفراده، و(ثقافة الأفراد)؛ هي نتاج ثقافة المجتمع، و مدى تأثيرها و تفعيلها يعود لسلوك الحاكم وهذا الأمر يُفسّر أهمّية (الكفاءة) و (المعرفة) البشرية للحاكم و المسؤول الصالح أولاً, بالنظر إلى أنّ عملية (التنمية المستدامة)؛ كونها عمل بشري يتأثر في مداخلاته ومخرجاته؛ بسمات ثقافة المجتمعات وسلوكيات أفرادها؛ لأنّ أهمّية الكفاءة.. والمعرفة البشرية التي هي هدف الخلق؛ ترجع إلى عملية (التنمية المستدامة) و إلى حالة التحول التدريجي للنظام الاقتصادي نحو (اقتصاد معرفيّ) قائم على المعلومات والبيانات ومع استمرار هذا التأهيل تنشأ أجيالا تتسم بالإدراك.. والمعرفة.. والإبداع؛ وهذه السمات تشكل ما يسمى بـ(الشخصية) و تُعبر عنها.
إنّ بناء (الإنسان) يقوم على بناء الشخص و(الشخصية) على مبادئ تمّت تأكيدها من قبل أهل العلم و الفلاسفة و الأنبياء قبلهم؛ بمعنى أن عملية بناء (الإنسان) تتلاقي مع مفهوم بناء الشخصية المؤهلة لحمل الأمانة حسب التصنيف الكوني؛ كونها ترتبط بسماته الصحية الجسدية والعقلية والثقافية والنفسية والاجتماعية و الفكرية، فـ(الإنسان) بناؤه من بناء شخصيته؛ و(شخصيّة الفرد) تنمو وتتطور في جوانبها المختلفة، داخل الإطار الثقافي الذي تنشأ فيه وتعيش بداخله، و تتفاعل معه حتى تتكامل و تكتسب الأنماط الفكرية والسلوكية التي تسهل تكيّف الفرد داخل المجتمع وتنظيم علاقاته بمحيطه الاجتماعي العام، ولا شك في أن (الثقافة) مسؤولة عن الجزء الأكبر من إعداد الشخصية؛ حيث أن جميع العوامل الموجودة في البيئة الاجتماعية والجغرافية تؤثر في تحديد شخصية الفرد من خلال تعامله مع أفراد
المجتمع المحيط و جغرافية البيئة التي يعيش فيها .. و في ظل أجواء الكل يشعر بالمسؤولية اتجاه مجتمعه؛ وهذا ما يأخذهم الأمر إلى بناء أسس (الديمقراطية الهادفة لا المستهدفة و الجارية الآن للآسف) ليتمتعوا بها؛ لان كل أفراد المجتمع يسعون إلى تحسين ظروفهم المعيشية والصّحيّة؛ فالرفاهية الاقتصادية تُعد ركيزة أساسية لـ(الديمقراطيّة) الحقيقية لثبات المجتمع و الحكومة معاً، و لهذا نجد أن الدول المتقدمة إقتصاديا قد شهدت (ديمقراطية هادفة إلى حدٍّ ما) قبل غيرها على الرغم من تخلفها في جانب بناء الأنسان الروحي السّوي، لأن (التنمية المستدامة) تعتبر مقدّمة للديمقراطية الهادفة و حقوق الإنسان، فلا يمكن أيجاد (ديمقراطية حقيقية) بغياب مستوى معيشي جيّد للإنسان، لذلك فإنّ العلاقة بين (التنمية) و(حقوق الإنسان) هي علاقة قويّة تعزّز قدرات الشعب و الأمة، إذ أنه بدون تنمية علمية متكافئة تعزز من العنصر البشري و العناصر الأنتاجية و التنمية الصحيحة يستحيل بناء مجتمع آمن و سعيد, تحقق البناء الحضاري الكوني المطلوبة, لأنه يساهم في تحقيق التماسك الأجتماعي و التنمية المستدامة و كل ما من شأنه تقدم و رفاه و سعادة الشعب أو الأمة الواحدة!
ومن هنا نقول: بأنّ إدارة و توجيه (العنصر البشريّ) من أهمّ العناصر الفاعلة لتطوير (الإنتاجيّة) و(التنمية) التي يُمكن أن تساهم في تحقيق التقدم التكنولوجيّ و (التنمية المستدامة)، وهذا الأمر لن يؤدي دوره بدون تدريب و تأهيل من قبل المختصين و الأعتماد على العقل الصناعي, رغم إن البعض يعتقد بأن كشف العقل الصناعي سيسبب الأستغناء عن الأيدي العاملة؛ لكن رفع معدلات (التنمية المستدامة) و (قدرة الأبداع) سيحقق نمو الطاقة الإنتاجية والاستثمار في الأصول المادية والمعنوية مثل الابتكار .. والتعليم و التدريب على القراءة ونيل المعرفة لخوض غمار العالم و أسرار هذا الوجود العريق و العميق، إلى جانب ضمان استمرار التنمية الاجتماعيّة والبيئية والسّياسيّة والاقتصاديّة على حدّ سواء، وهذه الأمور لا تتكامل إلّا على أساس (المساواة) وقدرة الإنسان على الإنتاج مع إدارة سليمة، بمعنى (تكافؤ الفرص) دون تميز مع آلأخذ بنظر الاعتبار؛ عدم إلحاق الضّرر بالأجيال اللاحقة، إن تعزز (التنمية) و قدرة الإنسان على تحقيق ذاته يصبح هدفا و وسيلة في آن واحد، لذلك تعبّر (التنمية الشاملة المستدامة) عن مفهوم (الاستقرار)؛ حيث تتمتع بقدرتها على التواصل والاستمرار؛ فهي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بحقوق الأجيال القادمة؛ وتعتمد على أعمدة أساسية تتمثل في الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ممّا يساهم في تعزيز الرفاهية بين الأجيال، حيث تهدف إلى تعزيز الأرض ومواردها الطبيعية والقدرات البشرية و إدارتها؛ وهذا ما يتطلب إلى تلبية احتياجات السكان وتحسين مستوى معيشتهم،. وتحسين الظروف الصحية والوقاية من الإمراض المعدية ومكافحة الأوبئة، لان كل ذلك يعد أحد أسباب الأزمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
لذلك من الضروري إدارة البيئة والحفاظ عليها بشكل سليم لضمان الاستفادة المستدامة من جميع الموارد الطبيعية دون إهدار أي قسم منها, فنحن لا نستفيد من إستخراج النفط و بيعه سوى من منتوجين هما النفط و البرافين و العاز بشكل جزئي!؟
ولا يتم ذلك بشكل كامل؛ إلّا من خلال وضع وتفعيل التشريعات والقوانين البيئية والتنموية البشرية و التكنولوجية من خلال دعم (التعليم) و(المعرفة) و الدورات لأكتساب التكنولوجيا من الدول المتقدمة واستثمار القدرات باستخدام (التكنولوجيا النظيفة) والتي تعدّ ضرورية, خاصة في ظل المشاريع التي تؤثر سلبا على البيئة؛ وهذا الأمر يتطلب توفير البيانات المعرفية ؛ البيئية والتنموية والصحية والجسدية, والتي جلها تعتبر من أهم المحركات الأساسية للفرد داخل المجتمع وقدرته على التعليم والتعلم واكتساب مهارات جديدة تدفعه لزيادة الإنتاج وتحقيق معدلات أفضل في (التنمية)، فهناك علاقة تبادلية بين (الصحة) و(التنمية الاقتصادية)؛ فلا تنمية اقتصادية دون تحسين الأوضاع التعلمية و الصحية و النفسية للفرد و المجتمع، وعلى النحو الآخر فإن الصحة تساهم في التنمية الاقتصادية, لان (آلتنمية المستدامة) تجعل الإنسان منطلقها وغايتها، وهي تنمية لا تولّد فقط نمواً اقتصاديا فحسب؛ لكنها أيضا .. توزع منافعها بالتساوي، وتعيد بناء بيئة تنموية مستدامة بدلاً من تدميرها، وهدفها ليس فقط (الزيادة في الإنتاج) وإنما (تمكين الإنسان) من العيش في حياة أفضل وأطول و أرقى؛ لان حاجات الإنسان ليس كلها مادية؛ بل كذلك روحية و نفسية و معنوية واجتماعية، منها تتحقق بالتعليم و التدريب والثقافة.
لذلك يتطلب الأمر؛ التركيز لتوعيـة المجتمع بالمشكلات والمخـاطر البيئيـة التـي تحـدث، فـ(التوعيـة) تحفز الأفراد بالشعور بالمسؤولية اتجاه أهمية التنمية من اجل الحفاظ على البيئة؛ وتحـث الإفراد علـى إيجـاد حلـول لأعداد وتنفيـذ ومتابعة البرامج والمشاريع والسياسات التنموية المستدامة؛ وعـن طريـق التركيـز علــى مجالات وجوانــب (النمــو) وكيفيــة تحقيـق (النمــو الجيــد) بما يخدم المجتمــع اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً و روحيا؛ ليكون أمره مقبول و بشكل (ديمقراطي) بعد إن يتمّ تنسيق الجهود الوطنية الهادفة لحماية (البيئة) عبر ثلاث محاور:
ألأول : وضع إستراتيجية وطنية للوعي؛
ألثاني : التعليم؛ بالاتصال البيئي و نقل واستخدام وتوفير المعلومات البيئية.
الثالث: اتخاذ كل الإجراءات و التدابير اللازمة لهذه الغاية.
لأن الهدف الأساسي من إصدار (التشريعات البيئية كما الأنتاجية و الصناعية و الزراعية) و التصديق على الاتفاقيات البيئية الدولية, والإقليمية؛ والمحلية؛ و وضع الخطط الخاصة بـ(التنمية المستدامة)؛ هو تطوير التجانس بين الاقتصاد والبيئة والعوامل الاجتماعية؛ ومنها (حماية البيئة) و(نظافــة البيئــة) باعتبارهما أســس ترتبط بحيــاة الإنسان، و إن (حمايــة البيئــة) تــؤدي إلــى ترقيــة التنميــة الوطنيــة
المســتدامة بتحسين شروط المعيشة؛ و العمل؛ و الأنتاج, وعلى ضمان إطار معيشي سليم يحقق تنمية مستدامة لجميع المجتمع, لا لطبقة دون آخرى و كما هو واقع الحال الآن للأسف.
إن بيان ماهية و فلسفة البيان الكوني يتعلق بجميع شؤون الحركة الأجتماعية و التنموية على كل صعيد, لذا سنشير في هذا البيان السريع؛ لبيان ماهية (البيان الكوني) الذي نصدره بداية كل عام لتسهيل مواكبة العالم و مشاركة من يرى القدرة في عقله فيه, لتنوير الناس وهدفه الذي يتلخّص؛ بالتمهيد لتحقيق السعادة عبر المنقذ الذي آلمنا إفتقاده طويلاً والله, بعد تقويض الشّر والحروب والفساد الذي ينتشر كل آن!
الحقيقة؛ إنّ (البيان الكوني) الذي يصدر كلّ عام من قبل فلاسفة العالم؛ هو منهج أساسيّ لحلّ و دعم مجمل القضايا خصوصاً المصيريّة التي تواجه البشر والدول والحكومات و الناس عامّة قبل ما يكون نقداً أو خلطاً للدِّين في السياسة لأغراض شخصيّة اوحزبيّة و فئوية ضيّقة, أو حزباً يريد تشكيل حكومة محدودة الأهداف و كما هو السائد اليوم في معظم بلدان العالم, وقد سبق أن أثبتنا ذلك من خلال العديد من آلبيانات و المقالات السابقة تحت عنوان (ألبيان الكوني للفلاسفة للأعوام السابقة), حيث بيّنا فيها أهم القضايا المصيرية التي يواجهها العالم لخلاص و تنوير الناس على الحقيقة الضائعة نتيجة الثقافات و السياسات الحزبية و المذهبية المحدودة و غيرها!
حيث يجب التأكيد على(القضايا المصيرية وآلكرامة الأنسانية المهدورة نتيجة الظلم و الطبقية) لحلها بمحو مسبباتها وسلبياتها وتكثيف إيجابياتها حسب الأنظمة والمناهج الكونية – العلميّة لكون الأنسان هو الأساس و المحور, و يمكنكم مراجعة تلك البيانات والوقوف عليها بدقة عبر عشرات المواقع في صفحات النت وفي (موقع نور) و (فولة بوك) وغيرها, ولم نؤكد على النقد المجرد بلا حلّ أو عنوان ودليل, وإن ورد نقداً أو إشارة لمسألة مصيريّة فلأجل التنبيه لها مع الحلّ الكوني و عدم تركه بلا حلول و كما يفعل الكثير من الكتاب للأسف!
أما (حشر الدِّين في السياسة و الديمقراطية) بشكل مغرض,كأن يكون لإبراز بعض الأحزاب و الساسة أنفسهم بأنهم مؤمنون و يخافون الله, فهذا أبعد ما يكن عن بياناتنا الكونيّة, خصوصا و الشعوب وعت ما جرى عليها منذ النهضة الاوربية قبل أكثر من 3 قرون, وإن أشرنا لها في بيان معين؛ فقبل تلك الإشارة نبذنا السّياسة الواقعية المتبعة اليوم حسب توصيات (ميكيافيللي) وغيره من مناصري الرأسمالية و الحكم الواحد الأحادي الجانب؛ هذا لأعتقادنا بأن كل مشاكل العالم هي نتيجة تلك السياسات ألرأسمالية المغرضة التي يسعى العاملون فيها للثراء و التسلط على الناس بغير العدالة و الحق و السعادة كما في الجماعات الدينية الفاسدة, و يمكنكم الوقوف على ذلك بمراجعة تلك البيانات التي صدرت سابقاً.
إننا نعتقد بأن الأصل الأول للسياسة العادلة التي نعنيها لأدارة العالم و البلاد أو حتى مؤسسة صغيرة بل حتى إدارة بيت صغير؛ هي العدالة في الحقوق و الأموال التي تخرج من طرف المسؤول أو الدّولة القائمة .. لا من جهة أموال الشعب أو الأمّة المعنية, فتلك الأموال التي تخرج من طرف الدولة ليست مجهولة المالك كما أشاع الفاسدون العلمانيون و الإسلاميون للأسف لسرقتها و التصرف بها حسب هواهم بعيداً عن الناس, ليتم هضم حقوقهم و كما فعلها و يفعلها الحاكمون في العراق و على غرار البلاد الأسلامية و العربية وغيرها .. إنما بآلعكس تماماً؛
كل المنابع الأقتصادية و الثروات الوطنية؛ هي أموال لها ملايين .. بل مليار مالك و مالك , و ليس لأحد الحق بالتفرد و التصرف بها حسب مصالحه الشخصية و الحزبية أو الفئوية و كما يفعلون!
إنما ملك الناس بجميع أديانهم و معتقداتهم, و ليس من حقّ شخص أو حزب واحد أو مجموعة متحاصصة أو كيان أو حكومة دولة معينة التصرف بها, و كما هو السائد في العراق و أكثر البلاد بشكل فاضح نتيجة الحاكمين و هكذا في البلاد العربية و الأسلامية و غيرها.
إذن بياننا الكوني؛ هو منهج كونيّ يضم أهم القضايا الكونية - المصيرية التي يجب معرفتها و عرضها و تثقيف الناس و تشويق الحكومات للعمل بها عبر كل الوسائل الممكنة؛ حكومية ؛ وزارية ؛ جامعية ؛ مراكز عبادية ؛ منتديات ثقافية و فكرية و حتى مقاهي ثقافية, لبث الوعي و الفكر لتحقيق العدالة و محو الفوارق الطبقية والأجتماعية و الحقوقية التي سببت الشقاء و الفساد و الظلم حتى تبرأ الشيطان منها.
تلك هي خلاصة الأسس و المفاصل التي نسعى و مجموعة من الفلاسفة و المفكرين و المثقفين حول العالم لعلاجها .. و نتمنى من آلجميع أن يتّحد المثقفون و المفكرون و الفلاسفة في كل منطقة بهذا الأصل؛ لنصرة آلحق بالمشاركة و التفاعل و البقاء على حالكم الذي أنتم عليه فآلحرية هي الأصل في الأختيار الذي وهبه الله للجميع حتى للحيوانات و الأشجار والطيور وكل المخلوقات كل حسب عالمه وكينونته
و إن لا ؛
فنرجوا إن أحببتم المساهمة في طرح أهم قضية أو مبدأ تعتقدون بوجوب عرضه لتعريف العالم به في هذه السنة الجديدة 2026م لتحقيق سعادة للبشرية بدل الشقاء و الحروب و الكراهية التي يعانونها الآن إلّا بذلك و بإذن الله.
و بآلضمن أشكر الجميع لوعيهم و تبنيهم لعملية التغيير الكونية التي نسعى لها و تحتاج التحقيق لإنتشار الجهل و الظلم و اللهوث لتحقيق مطامح محدودة حول البطن و ما دونه من قبل معظم الناس للأسف!
ولا يتحقق مضمون هذه الرسالة العظيمة بآلمكر و التعصب و القوة أو من خلال مقالات وبيانات وتواريخ عبر الأعلام وصفحات الفيس فقط؛
إنما يتحقق الهدف بشكل فاعل من خلال تشكيل المجالس والمنتديات الفكرية والجامعية و الأكاديمية من قبل المفكرين و المثقفين بشكل دوري وممنهج من قبل كل من له إمكانية ثقافية و فكرية عالية و عبر كل المنصّات حتى منصّة البيت و هو أضعف الأيمان أيها الأعزاء الهادفين في حياتكم, و لأنكم لستم بشراً مجرّدين همكم ملأ البطن بآلحلال أوالحرام وتفريغه ليلاً, بل أنتم قادة الفكر في البشرية, و تحملون.
همّ ثقل جواهر الفكر و الفلسفة التي سطرها أسياد الفكر و أساطين العلم و الفلسفة من النّخبة المُميّزة, لهذا فعملكم هو عمل الأنبياء العظام؛
و ليس عمل هندسي أو طبي أو زراعي أو صناعي , بل أعظم من كل ذلك بإمتياز حتى من عمل الحكومات لهداية الناس و الطليعة المثقفة و نجاة الناس عبر الفكر والوعي و بآلتالي ضمان سلامة آفاق المستقبل لتقليل العنف والحروب والصراعات على الأقل بعد إختلاط الحقّ مع الباطل وتمرّد الحكومات على حقوق الناس, لأن فلسفة الحكم باتت عند آلجميع هي لضرب الرواتب الحصص حيث ما أمكن ..
لذا سعينا و سهرنا و جاهدنا كثيراً للتمهيد إلى تطبيق آلعدالة آلتي تتطلب أوّل ما تتطلب؛ إتحاد المثقفيّن و الأعلاميين مع آلمفكرين وهكذا مع الفلاسفة الذين منبع الحكمة و إنتاج الفكر و صمام الأمان لتحديد خارطة طريق لمسار السلام والسعادة العالمية عبر (الهيئة العليا لفلاسفة ألأمم المتحدة).
لتكون مؤسسة ضامنة لنشر العدالة, حيث نأمل بتأسيسها عاجلاً, لترشيد أسس النظام العالمي و تحديد القوانين العادلة لإتمام المهمة الكونيّة - الأنسانية بأفضل وجه - لتلافي وقوع الظلم من الحكومات و الأحزاب بجميع مسمّياتها لجهلها بفلسفة الحكم علما أن هناك لجنة ضمن تشكيلات الأمم المتحدة تضم مختصين عديدين لدراسة الأحداث و الوقائع و تحديد حلول أولية لها, لكنها ليست مستقلة و تتبع مصادر التمويل و الدعم عادة, فليس بمقدور من يمتلك مجرد شهادة جامعيّة أو حزباً سياسيّاً أو حكومة مركزية؛ أن يصبح رئيسا أو مسؤولاً أو عضو برلمان أو وزير أو رئيس ناجح هادف حسب عقله الصغير أو عقول عامة الناس .. وهو يسعى لمصالحه بآلدرجة الأولى, بل لا بُدّ و أنْ يكون صاحب ضمير و مثقف أكاديمياً و دينياً و فلسفياً بإعتبار الدِّين عِرق دساس و فاعل لا يمحى بسهولة و يتدخل في كل تفاصيل القرارات, و يا ليت المسؤول و الرئيس يكن مُفكرأً أو فيلسوفاً كما أكّد أفلاطون وأرسطو و غيرهم على ذلك, وإلاّ فهو الفساد والجّهل الذي سيستمر لتدمير العالم و جعله غابة للوحوش لأنّ :
[ألجّهل أصل كلّ شرّ] فما يجري في بلادنا و العالم سببه الجّهل و قلّة الوعي و الطامة الكبرى أن الناس أو ربما أنصاف المثقفين يعتبرون كل من تخرج من معهد أو جامعة وحده القادر على إدارة المؤسسات والحكومات و من هنا يبدأ الفساد والفشل لأن الشهداة مهنة لأداء عمل!
و سبب هذا التفكير الساذج و الخطير هو؛ عزوف الناس عن القراءة والوعي, خصوصاً (بعد ما رآى"الناس" بأن المُدّعين تركوا العمل بما علموا), و بتعبير أدق خصوصا للشعوب التي رأت مدعي الدين و الأحزاب فيه يسرقون بلا حياء و هم يدعون الأيمان, ليؤدي ذلك إلى إنتشار الجّهل و الفساد و سقوط الأخلاق وإنتشار الطبقية مع إستمرار تسلط الأشرار و الطواغيب على مقدّرات البلاد لتتفاقم المحن والظلامات وتتعقد الحياة و الفوضى و الحروب و العنف و الشقاء ليواجه العالم أزمات حقيقيّة كما هو حالنا, حيث يوجد مليار من البشر يعيشون في خط الفقر مع 50 مليون منهم يعيشون تحته, بينما خيرات الدّنيا الحالية تكفي لإشباع ثلاثة أضعاف نفوس العالم.
ألحلّ الجذري لذلك؛ له مخرج واحد, هو : نشر ألفكر و المعايير الفلسفيّة الكونيّة إلى جانب (الأصول ألإبراهيميّة العشرة) التي وردت في الكتب السماوية الثلاث؛ (القرآن و الإنجيل و التواراة) و التي تحدّثنا عنها في بيان العام الماضي 2025م كأساس لتحديد القوانين العادلة المطلوبة لتلافي الطبقيّة و بغيرها؛ فإالشّعوب ليس فقط لا تُحقّق ألحدّ الأدنى من فلسفة وجودها و سعادتها؛ بل ستُواجه الفساد و المردودات
السّلبية - العكسيّة و ألوان الشقاء و البلاء و كما هو الواقع في معظم بلدان العالم الثالث و الرابع و الخامس, و ممّا يزيد الطين بلّة هي المنابر التقليديّة و الأعلامية الأهلية و الحكوميّة المحدودة, لخدمة أهداف أدّت إلى تشويه ألقيم و الوعي لعموم الناس لينتقل العالم من سيئ إلى أسوء, و يكفي متابعة حلقة حوارية من الحلقات الأعلامية العديدة التي تعرض يومياً موضوعات تقريرية أكثرها عبر الشاشات لترى إلى جانب ذلك مدى فساد و إنحطاط الأدب و الأخلاق في أوساط من يدّعون الدّين و الثقافة و الأدب و العلم و الأعلام!؟
ناهيك عن إنحطاط و سقوط أخلاق عامّة الناس بدرجات متفاوتة, هذا رغم التطور التكنولوجي و النانوي والذكاء الصناعي و حتى القيم في الغرب, فآلبيان الكوني لهذه السنة المباركة يحثّ على تحديد القوانين و المواصفات الفنية على كل صعيد و أختصاص حسب المواصفات العالمية, و ذلك بآلبحث المقارن بين الدساتير و المواصفات الفنية لأهم دول العالم كآليابان و أمريكا و ألمانيا و كندا و إستخراج الأمثل من بينها للعمل على متونها و تفعيل قوانينها و يجب توحيد (المواصفات) ليسهل و يسرع من عملية الإستدامة بين الصناعات المختلفة, لأن إختلاف الأستندارد في المفاصل الرئيسية تكون مكلفة و تبطئ من عملية الأنتاج و الأدامة, و هذا الأمر موجه لجميع أنظمة و شركات العالم لتوحيد أمرها لفعل ذلك كي لا يكون مكلفا للمستهلك و المواطن المستفيد من ذلك المنتوج, هذا إلى جانب تفعيل المشتركات الأنسانية التي ستحل الكثير من المشاكل الخلافية و الاخلاقية و يغني العمل المشترك في مواجهات تيارات الإلحاد و الفساد و الطبقية و الجهل الذي هو أساس كل شرّ و بغيرها سيستمر إنتشار الفساد والجهل و تدمير العالم لغياب الضمير و الوجدان و العدل والأيمان بآلغيب.
فيما مضى عرضنا أهم المحاور التي كنا قد أشرنا لها سابقا في مجال البناء و الإنتاج, لكنها ما زالت معلّقة و مجمدة من قبل الحكومات المتسلطة بآلمال السلاح الحرام لأنحرافها و جهلها و نواياها المغرضة, لذلك لم تنفذ ما ورد في مضمونها؛ لذا أشرنا لها سريعاً و أكّدنا عليها مرّة أخرى ببيان تفاصيل هامّة لتطبيقها بسهولة و يسر.. و تجذر الإشارة إلى أنّنا طرحنا أيضا سؤآلاً محوريّاً في بيان العام الماضي كان مضمونه:
[كيفَ يُمكن بهذا الوضع الكارثيّ إستقامة الدول بل العالم كله بتطبيق وتمويه العدالة بدل الظلم لإنهاء الحروب والفوضى والفوارق الطبقية؟].
بل حدث العكس للأسف؛ بأن تضاعفت و تفاقمت الأوضاع بهذا الشأن, ففي العراق وحده وصل عدد (الترليونية) الدولارية لأكثر من 50 شخصاً, و عدد المليونيرية لأكثر من 500 مليونيراً خصوصاً المنتمين للأحزاب الدّينية و الوطنية و العلمانية وحتى الحوزوية, بإستثناء الحزب الشيوعي و هنا المفارقة, فآلكافر بنظرن تبيّن أكثر نزاهة و أمناً و إيماناً من المدّعين بآلدين و الدعوة و النزاهة؛ سواءاً الشيعة منهم أو السنة أو غيرهم للأسف, و كأنهم إستخدموا الدِّين و المذهب و الدعوة غطاءاً للثراء و لمآربهم الشيطانية ليخربوا بآلمقابل كل شيئ و أزالوا الثقة بين الناس, و بين الحكومة و الناس من جهة أخرى, بحيث بات الدولار هو الرب الحاكم بين الجميع, لهذا إستطاع الساسة والمتحزبين شراء ألأصوات في الإنتخابات بآلمال الحرام بسهولة, بسبب الجوع المنتشر بين الفقراء إلى جانب الجهل المسيطر على الجميع!
و لكون (الجهل أصل كلّ شر)ّ و كما إتفقنا كنبأ من المعصوم(ع)؛ فأنّ حلّ مضمون ذلك السؤآل الذي عرضناه؛ لا يمكن أن يتحقق ما دام آلرّؤساء و المُشرّعون وآلقضاة والمسؤوليين والوزراء و النواب والمحافظين والمُدراء و المحافظين وحتى تصرفات بعض "آيات الله" بآلحقوق الشخصية والاموال لعوائلهم بغير عدل؛ فقد رفع الله الرحمة عن شعوبنا, إضافة إلى أنهم لا يعرفون حقيقة الوجود ولا حقيقة الله ولا الفكر ولا روح الدّين والثقافة وفلسفة الحياة و علة الخلق و دور المحبة والمعرفة في تحقيق مراد الله من الخلق, لأنهم الحكام و القضاة و المسؤوليين؛ تجاوزوا كل الحدود, بحيث بدؤوا يُكفّرون أهلها و يخنقون أصوات المفكرين و الأعلاميين الأحرار و الفلاسفة, كما لا يريدون أساساً مجرّد معرفة الحق و تلك الأسئلة؛ لذلك فإن الظلم و الفوارق الحقوقية و الطبقية سيشاع حتماً بسبب ذلك مع شيوع أكل لقمة الحرام والفوارق الطبقية والحقوقية والأجتماعية ليستمر بناء القصور وبناء الأمبراطوريات المالية من دم الفقراء وتبريرها بِألف دليل و دليل جاهز و بلا حياء أو ضمير (لأكلِ الدّنيا بآلدِّين) و باسم الله والوطن والشهداء وقائدهم الشهيد المظلوم محمد باقر الصدر والفلاسفة)!؟
و لذلك - أيّ للأسباب أعلاه - لا يُمكن للناس أن يهتدوا و يستقيموا بطريق الحقّ و الوحدة بعد الكثرة لتطبيق العدالة و آلتمهيد لظهور آلمنقذ الموعود الذي لا يحتاج سوى لـ 313 مؤمن صادق في هذا الواقع الأليم الذي تعجّب منه حتى الكفار و الشياطين, و كما صرّح بذلك رئيس أكبر دولة في العالم قبل شهر واحد من صدور هذا البيان مع عامة الجماهير التي شهدت فساد الأحزاب و المتأسلمين و الوطنيين!؟
إننا نعتقد بأنّ العلّة وجوهر المشكلة تكمن في آلذات الأنسانيّة و آلتكوين المعقد للبشر آلذي أصرّ ليبقى على بشريته من دون الأنتقال لفضاء الحرية و التخلص من 33 صفة سلبية ترافق البشر منذ ولادته على الأرض ولا يَثر عليها ليُمحيها للتخلص من الحالة البشرية تمهيداً للبدء بالتنمية البشرية و المدنية و الصناعية والزراعية التي لا بد و أن نصل للمرحلة الآدمية التي معها تبدء التنمية و الرقي و بناء الحضارة.
ألمشكلة آلتّكوينيّة للبشر هي في الأصل المُرّ المكوّن من صلصال من حمأ مسنون لها صفات سلبيّة عجيبة و غريبة إستقرت في أعماق ذلك آلموجود الذي يكتنف الجهل و التناقض و التباين في سلوكه و فكره و نهجه و هو يتكأ على ذاته السيئة التي تختلق الأعذار و المبررات للأنتصار لها دائماً, لذلك هناك محنة كبيرة مع هذا المخلوق الغريب المجهول, فآلدّيانات لم تفلح في ترويضه رغم إنّ الباري أرسل أكثر من 124 ألف نبيّ مع الأوصياء و الأئمة و الشهداء لهدايته دون جدوى و كما نرى نتائج ذلك في كل البلاد و العباد!
و هكذا دساتير أنظمة الدول و الأمبراطوريات القائمة لحد اليوم سواءاً الديمقرطية منها أو التوليتارية, بل برهنت بأنها عاجزة عن تحقيق ذلك, بل ما حقّقتها للآن هو دعم الفاسدين للسيطرة على مقدرات الشعوب والأمم لمنفعة الطبقة الأقتصاديّة الحاكمة و آلمتحاصصين الذين يحاصرون ألأنسان خصوصاً المثقف والمفكر منهم بدم بارد!
محنة البشر تكمن في أنّ الشّر أصل متجذّر لا يتجزأ من وجوده و يلد مع فطرته عليه أن يتخلص منها و هو الأمتحان الذي على أساسه يدخل الجنة أو النار .. لهذا حين إعترض الشيطان و الملائكة على خلقه و كان إعتراضا وجيهاً, لكنه تعالى لم يُصرّح بجواب صريح !
و لقداستهم و عبوديتهم الصادقة الطاهرة؛ سكتوا و قبلوا بذلك الجواب المبهم عندما قال لهم تعالى : [إني أعلم ما لا تعلمون], فهل هو أسماء اهل البيت(ع) و صاحب الأمر(ع), أم إنه أسماء المخلوقات؟.
و هكذا لم يعلم الملائكة ولا غيرهم سبب خلق هذا البشر "المذنب" الذي بات مصدراً للظلم والفساد و إستضعاف الفقراء و تعميق الطبقيّة ليفسد العالم بميله للجهل و الشهوات و نبذ المعرفة التي هي السبب الرئيسي لخلق الأنسان, حيث ورد عن الأنبياء كنص في بيان مراد الآية التي أشارت إلى ؛ [ما خلقت الجن و الأنس إلا ليعبدون] بكون المراد من العبادة المعرفة لا غير ,. [ما خلقت الجن و الأنس إلا ليعرفون]!
إذن (المعرفة) يتضمن جواباً قريباً جدّا من مراد الله تعالى!؟ بآلتأكيد الجواب ليس سهلاً, لو عرفنا بأنّ الدرس ألبليغ والسّر الخافي لقصة يوسف؛ يتركّز حول معنى (العشق الحقيقيّ) و فرقه عن (العشق المجازيّ) الذي من الصّعب جداً تجاوزه كشرط للدخول في الحقيقي).
بطلة القصة عاشقة صابرة بإسم زليخا التي ملكت إمبراطورية عظيمة و جيشاً عرمراً .. و محنتها تتلخص في أنها لم تلتقي بمعشوقها بعد وقوع الحادثة المشينة داخل قصرها سببها الجمال الظاهري و الباطني للنبي يوسف(ع), بل و إنها هدرت ماء وجهها و صارحت كل نساء الأعيان وحتى العالم كله بشجاعتها و بصدق و بلا أقنعة أو حياء من فضيحتها, لأنها كانت تبحث عن عشقها الحقيقيّ عن طريق ذاتها و عقلها الباطن بعد إنقطاعها و الناس عن الأصل, و حين إبتُليت بأكبر فرعون حكم الأرض, بعد هبوط أبيها من الجنة, و إبتليت بهذه الدنيا اللعينة كما نحن الآن وسط أناس يعبدون كل شيئ إلّا الله! يعبدون المناصب و الدولار و الشهوات و الأصنام التي لا تعد و لا تحصى اليوم بعد ما كانت محصورة على (اللات و العزى و سواع و يعوق و نسرا) .. نعم يعبدون كل شيئ إلا الله, لفقدهم العشق الحقيقي و إبتلائهم بآلعشوق المجازية, حقا إنها اليوم نهاية الدّنيا بعد ما ضجر و تمرّد حتى الشيطان من فعال هذا البشر اللعين المنافق, و بعد ما باتت الاحزاب التي تدعي إسم الله و حزب الله و دعوة الله و التّديّن للأسف ؛ تفعل ما لا يرضاه حتى الكفار و المعاندين شرقا و غرباً و فوقهم آلشّيطان نفسه!!
و إلّا هل هناك مَنْ له حتى القليل من آلعقل أن يُصدّق بأنّ تلك الأحزاب خرّبت أخلاق عباد الله و ذاك القليل من الأدب الذي تبقى معهم؛ ليبدء و سرقتهم .. بل وفوق ذلك مزقوا حياة الشباب بتجارة المخدرات و الكبتاكون و الحشيشة من قبل حزب الله لتسديد أجور "جهادهم" ضدّ العدو, و هكذا حطموا مستقبل الأجيال القادمة !؟
أية دنيا زائفه ؟ و أيُّ مجاهدين هؤلاء الذين لا يعرفون الحق و الباطل و حتى سبب وجودهم و كيفية تحقيق السلام و الرضا و المحبة بين الناس!؟
و أيّة شعوب منحطة فكرياً و دينياً و ثقافياً و أخلاقيّاً إنسلخت عن حقيقتها فإنمسخت .. حتى باتت تتبرع بقوت أطفالها لدعم أؤلئك الفاسدين المنافقين بإسم الله و حزب الله و عين الله و دعوة الله ووووو... إلخ!؟
إنهم أناس قد يعرف بعضهم كل شيئ إلا الحُب و فرقه عن العشق الحقيقي و تلك قصة أخرى أشرنا لها و هكذا الصدق و فرقه عن الكذب الذي يُفقِد صاحبه النزاهة و الأمانة و الوفاء لمجرد ما يتناول من أول لقمة حرام !؟
بعد ما إتّحد البشر مع قائدهم آلشيطان للحصول على مرامهم عبر الرئاسة و الحُكم والدّولار والشّهوات والتسلط بسرقة الناس و ظلمهم, بحيث قيل : (إنّ الشيطان و ربما (الكثير من الرؤساء التابعين له) قد إستقالوا من مناصبهم و ممّا تعهدوه] أمام الله تعالى بعد حسده و تكبّره ورفض السجود لآدم ثمّ إخراجه من الجنة, و بعد ما رآى حال وفعال وعجاب ما فعله هذا البشر الذي يستميت للأنتصار لذاته دون الحقّ و عدم سعيه للتخلص من (الأنا) و التحرر في عالم الوجود الرحب و الحكومات, التي تستقتل على الكراسي و المناصب للمال الحرام!؟
فهل من سبيل للتخلص من ذلك المصير أو تحجيمه على الأقل ببث المعرفة للقضاء على الجهل الذي وحده سبب كل شيئ؟؟
إن كتابنا الموسوم بـ: (ألمشكلة التكوينية للبشر) و (محنة الفكر الإنساني), و المنشور على (موقع نور كتاب) و كذلك تقريرات الفيلسوف شوبنهاور لكونه (فيلسوف الذات)؛ خير مجال و وسيلة للتعرف على هذا البشر الذي يجب عليه أن يسعى لعبور حالته البشريّة بالتخلص من 33 صفة مشينة للعيش كإنسان سويّ له مميزات إيجابية للتعامل مع الناس, تمهيداً لوصول الحالة الآدميّة التي تجعله عبداً مؤمناً متواضعاً و متّقيا و عارفاً محباً لله و للخير, ساعيا لهداية البشر نحو معرفة الله و عمل الخير فقط!
وقبل معرفة الذات الأنسانية ومتعلقاته, عليه أن يعرف؛ تفاصيل محنة البشر؛ بمراجعة كتابنا الموسوم بـ[محنة الفكر الأنسانيٍ] في (موقع نور) و غيره.
دعوني أذكّركم ببحث واحد من تلك آلقصة تتعلّق بآلسيدة زليخا .. تلك المرأة الملكة الفاتنة زوجة العزيز التي أحبّها يوسف و أحبّت يوسف (ع) حباً عجيباً مَلَكَ قلبها و وجودها بحيث ضحت بكل شيئ بآلمنصب و المكانة و السمعة والمال و المجوهرات وووو ....، حتى كان ذكره - ذكر يوسف - لا يفارقها، و صورته على الدوام لا تغيب عن مخيلتها.
لكنها حين قطعت أشواطاً في الحب المجازي؛ أدركتْ أنّ حُبّ يوسف لم يكن حقيقياً .. بل كان حجاباً بينها و بين الله، عندها قلبت ذلك الحُبّ إلى حبٍّ لله وحده, و إتّخذت جانباً من قصرها تعبد الله تعالى تاركة كلّ شيئ في الحياة، حتى أصبحت تعبد الله بعشقٍ يفوق عشقها ليوسف و للمُلك و المال و المنصب بمراتب عديدة.
رُوِيَ أنّها لما بلغت من العمر عتيًّا و أصبح يوسف ملكاً على معظم بقاع الأرض، كانت هي أنذاك قد فقدت كلّ شيء و تركت ما كانت عليها من الفخامة و الحشم و الخدم, و رفضت حتى مقابلة يوسف يوم زارها في باب غرفتها المعزولة لأنها كانت مشغولة بعبادة الله فعظم الأمر في نفس يوسف, متسائلا مع نفسه عن السبب الذي إمتنعت (زليخا) من إستقبالها, و في النهاية رجع خائباً لقصره، و حدث أن رأتْ زليخا يوسف في موكبه الفخم ذات مرة و قد بات ملكاً لمصر و توابعها، فقابلته و هي في طريقها قائلة :
[الحمد لله الذي جعل الملوك عبيداً بمعصيتهم، و جعل العبيد ملوكاً بطاعتهم]!؟
فسألها يُوسف: (كيف حالك يا زليخا)؟
فأجابته بعيونٍ ثاقبة و قلب مطمئن، و ضمير ممتلئ بحُب الله و عشقه قائلةً:
(يا يُوسف، لا تسلني عن حُبّ آلدّنيا و ما فيها، فقد نزع الله حتى حُبّك من قلبي، و ملأهُ بحُبهِ الذي أشعر معه فقط بآلراحة).
و آلآن أيّها الإخوة في كل الأرض: هل أدركتم سرّ هذا التحوّل من العشق المجازي – المادي - الدّولاري المحدود .. إلى العشق الكونيّ الحقيقيّ الذي وحده يُغنينا و يسعدنا؟
اليوم و في زمننا هذا رأيتُ العجب العُجاب من تصرّفات المدعين للمعرفة و لعشق الله تعالى!؟
رأيت كيف ينافق المؤمن و يستغيب لكنه يلوي عنقه أمام الطغاة لأجل منصب وراتب و جاه!؟
رأيت كيف يذل المؤمن الرخيص نفسه أمام الطغاة لأجل الدّولار و المنصب والمال الحرام!؟
بل و رأيت كيف ينافق و يحتال لتخريب العلاقات بين الأهل و الأصدقاء و يستميت لذلك!؟
شهدتُ بنفسي كيف إنّ البعض مِمّن يدّعي الدِّين و الجّهاد و الصلاة و التأريخ و التعبد لله؛ رأيتهم كيف حنوا رؤوسهم وهم يُذلّون أنفسهم للحصول على منصب أو مسؤولية أو مدير أو وزير و هو يبحث على واسطة أو تعريف ليجمع الأموال الحرام بكلّ ذلّة و خيانة لأهل الحقّ و على حساب الحقّ و قوت الفقراء!؟
رأيتُ و ياليتني لم أرَ الكثير مِمّن تصوّروا أنهم صاروا مُميّزين و قادة و وزراء أو رؤوساء فأصابهم الغرور و آلخيلاء و ثارت شهواتهم ليتكبّروا و يفتخروا بآلأموال و آلمُمتلكات الحرام التي حصلوا عليها!؟
و أقسم لو أنّ هؤلاء كانوا قرؤوا ولو صفحات من تواريخ أؤلئك العظام؛ لما سمحوا لأنفسهم أن يشربوا قدح ماء إضافي لأنه ليس من حقهم, ولكن كلا و ألف كلا .. فآلعدو الأوحد لهؤلاء و أمثالهم هو الفكر و الثقافة و العرفان بشكل خاص, لهذا لا توفيق لهم بمثل تلك الشهادات الكونية ..
فهذه (زليخا) التي كانتْ تَرى (يُوسف الصديق) مَلَكَاً لا مَلِكاً فقط و أجمل خلق الله و أعقلهم بينما نفسها كانت ملكة مصر و زوجة فرعونها؛ رأت في نهاية المطاف ربما لصدقها؛ أنّ حُبّ الله أجمل من كلّ جمالٍ تراه العين؛ لهُ لذّة خاصّة لا يتحسّسها المؤمنون التقليديون .. إلا العاشق المُتيم.
لقد علّمَنا العرفاء عبر التأريخ؛ دروساً عظيمة كآلأئمة العظام كعلي و إبناه الحسن و الحسين عليهم السلام, و كآلسّلطان بايزيد البسطامي وشمس آلدين التبريزي والسّهروردي وإبن سينا و الحسين بن منصور وقبلهم الخضر(ع) و بعده ألأنبياء و الأئمة و الفلاسفة والكثير ممّن عاصرناهم كباقر الصدر الذي نجهل حقيقته و تأريخه بسبب طُلاب الدّنيا الذين داسوا على قِيَمِهِ و مبادئه الكونيّة, بل و وقفوا ضد نهجه.
فمتى يفهم الناس و العراقيين خصوصاً و منهم المسؤوليين؛ هذه الحقائق الكبرى التي حدثت قبل مئات و آلاف السنين و هم للآن لم يقرؤوا و لم يفهموا ولم يعووا حتى صفحة من الملاحم الكونية العظيمة التي أتى بها و طبقها من عاصرنا من العرفاء والفلاسفة في هذا الزمن ؟
فبدون نهجهم سيتحوّل الجميع إلى هارون و نبوخذنصر والحجاج وقارون و صدام و نهيان و حمدان و برزان ووو!؟
كم من الوقت و الزمان نحتاج لندرك أبعاد و أسرار تلك القصص العرفانية الربانيّة التي وحدها تمثل سفينة النجاة في دُنيانا و آخرتنا, لنُعلّمَ أبنائنا و أحفادنا عليها!؟
وهل ما أحاط بنا من المآسي و المحن و الفوارق الطبقية و الحقوقية و آلأجتماعية؛ هو بسبب عزوفنا و الناس عن القراءة و التفكّر, و لهوثنا على جمع المال و لقمة الحرام وآلتسلط بكل وسيلة ممكنة؛ و واسطة مذلة؛ و نفاق ؛ و تملّق و كذب, و هو لا يعلم لماذا يجمع المال, وفوقها في النهاية يُواجهون الذل والهوان والهزائم تاركين كلّ شيئ ليرجعوا إلى أصلهم كما أتوا عراة نادمين محمّلين بأعباء ما إقترفوا من الظلم بدار الذنوب؟
فتوبوا أيها الناس توبة نصوحة لتفلحوا قبل الموت الذي سيُلاقيكم, فآلملك لله يحكم بينكم فآلذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم.
لقد كنا نتأمل وكما عرضنا في بيان الفلاسفة لعام 2025م, أن يتحسّن وضع العالم عبر الخطط و البرامج التي عرضناها؛ لكن ساء حالهم أكثر فاكثر, بحيث وصلت حد الحروب و الفساد العلني و كادت أن تتحول لحرب عالمية و التي بنظرنا تأجلت لتشبّ خلال الربع الثاني للألفية الثانية, من خلال علامات واضحة, و منها إنقلاب المتأسلمون الذين يدّعون النزاهة و الزهد و الجهاد إلى مخلوقات خطيرة بسبب النفاق و الكذب و الفساد عموماً و الذي بات منهجاً بل فناً و تطوراً .. أو هكذا حاولوا تربية شعوبهم ليتطبعوا عليها, بل و يقاتلوا لأجلها بكل غباء و بشكل محيّر بات الفلاسفة الحقيقيون حيارى أمام ذلك التوحش الغير مسبوق الذي أدّى إلى تشويه الفطرة البشرية!
في عالمنا المعاصر و نتيجة فساد أكثر الحكام و جهلهم بقضايا الأدارة و المفاهيم الأنسانية و الحيوانية و الكونية عموماً؛ بدأت البشرية تواجه تحدّيات غير مسبوقة تهدد كوكب الأرض وحياة الإنسان و الحجر و الشجر والأحياء على حد سواء و على كافة الأصعدة؛
الاقتصاديّة والبيئيّة والاجتماعيّة لتُشكّل شبكة معقدة من المشكلات و التناقضات التي تحتاج إلى وعي و قوانين و عقول وتكاتف دولي عاجل لعلاجها و حلها قبلما تتفاقم أكثر يوما بعد آخر.
ومع تطور التكنولوجيا و توسع الاتصالات وهبوط قيمة الأنسان، لم تعد الأزمات محصورة في مناطق محدودة، بل طالت الجميع بدرجات متفاوتة.
وتتصدر القضايا الإنسانية مثل الفقر والتغير المناخي والأوبئة والحروب هذا المشهد القاتم، بينما تبرز مشكلات أخرى لا تقل خطورة مثل التمييز العنصري والعنف ضد الحيوانات، ممّا يتطلب التوقف والتفكير في سلوكياتنا وخياراتنا اليومية، وفيما يلي عرض لأهمّ
إثني عشر مشكلة عالمية نعيشها اليوم بإيجاز مكثف و تحتاج لتصويب قوانين عادلة لحلّها و تطويرها و هي:
ألفقر:
الفقر لا يزال الجرح الأكبر في جسد العالم حتى البلاد الغنية نتيجة القوانين الظالمة التي لم تُراعى فيها العدالة و المساواة و حقوق الأنسان حيث يفتقر الملايين وفي أغنى الدول كآلعراق لأبسط مقومات الحياة وسط غلاء متزايد في الأسعار بسبب الفوارق الطبقية.
التغيرات المناخية:
الحرائق، وذوبان الجليد، والطقس المتطرّف و التصحّر، كلها دلائل على الكارثة التي نعيشها بفعل سلوك الإنسان وتجاهله لحقوق
ألطبيعة و بشكل حاد, و سببها الغازات و التلوث و الكيمياويات المحطمة لحركة الطبيعة و مُخلّفات الحروب الشبه نووية.
الأمراض:
الوباء ليس مجرّد حالة طبية بل أزمة عالمية تُظهر هشاشة أنظمتنا الصحية وعدم استعدادنا للمفاجآت البيولوجية والحروب والإرهاب
والعنف والصراعات لا تجلب سوى الدمار الذي يدفع الأبرياء ثمنه في عالم يفترض أن يتّسع للجميع بمعتقداتهم وثقافاتهم وقوانينهم.
إساءة معاملة الحيوانات:
الحيوانات ليست كائنات بلا إحساس أو أهمّية, بل لها وظيفة لكنها ضحيه لجهلنا وتقاعسنا بالدفاع عنها قانونياً و ضد الاستغلال.
التلوث:
البيئة تختنق نتيجة نفاياتنا وعبثنا؛ ما يُهدد مستقبل الحياة و الأجيال القادمة على كوكب الأرض إذا لم نتدارك الأمر بتصويب القوانين.
العنصرية:
التمييز على أساس اللون أو العرق والمذهب؛ لا يزال متجذراً في كل المجتمعات البشرية، ويتسبب بمعاناة لا مبرر لها على الإطلاق.
مخدرات:
أخطر ما يمكن أن يواجهه البشر, هو الأبتلاء بآلمخدرات فعلاجه صعب للغاية و مرادف لمرض التوحد ويجب علاجه بآلعلم والفانون.
الاغتصاب:
جريمة تمزق النفس البشرية و تترك ندوباً لا تُمحى، وتتطلب قوانين أكثر صرامة و تعاطفاً حقيقياً مع الضحايا والنّتائج المصاحبة.
تعاطي المخدّرات:
الإدمان على الحشيشة والترياق و الكبتون؛ يسرق العقول ويدمر الأسر ويغرق المجتمعات في دوامة من الانهيار النفسي والاجتماعي.
الإحتباس الحراري:
ألشتاء يختفي؛ الجليد يذوب؛ حرارة الأرض ترتفع, و التصحر يتوسع ممّا يجعل الكوكب غير قابل للعيش فيه في المستقبل القريب.
الفوارق الطبقية:
بسبب الفوارق الحقوقية والطبقية في أنظمة الحكومة القائمة بين شعوب العالم نتيجة تسلط الأحزاب الظالمة بجميع عناوينها وأهدافها!
إلّا أننا و بعد جردٍ و دراسات مراكز الرصد والتحليل و بعض الجامعات المعروفة, توصلنا إلى أن هناك خمس قضايا رئيسية مدمرة من بين تلك العوامل العشرة أعلاه ستُدمّر البشرية حضارياً و مدنيّاً و وجوديّاً, وتلك العوامل الخمسة المدمرة, هي:
القضيّة الأولى:
ألفقر وما يرتبط به من إفرازات بسبب الدساتير و القوانين التي يتمّ تصويبها من قبل المنظمة المسيطرة على إقتصاد و سياسة و منابع القدرة في العالم، و يكفي أن نعلم أنّه على الرغم من التطور التكنولوجي العالمي الحاصل ما زال قرابة 10 % من سكان العالم يعيشون في فقر مدقع, و حالة يرثى لها, مع دخل يقل عن دولارين في اليوم!
"Extreme poverty" ، كما يعيش حوالي 26 % من سكان العالم، أو حوالي 1.5 مليار شخص، في حالة فقر معتدل "Moderate poverty" ويُعرَّف (الفقر المعتدل) بأنه العيش على ما بين (1.90 دولار و 3.20) دولارات في اليوم. و يُمكن ملاحظة أثر الفقر في مستوى الحياة لدى معظم شعوب الدّول الأشدّ فقراً مثل بوروندي؛ جمهوريّة أفريقيا الوسطى؛ جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة؛ الصومال؛ موزمبيق؛ النيجر؛ ليبيريا؛ تشاد؛ أفغانستان؛ باكستان؛ ملاوي و غيرها.
القضيّة الثانية:
إنعدام الأمن الغذائي والذي تُعرّفه (منظمة الصحة العالميّة) بوجود نقص مستمرّ أو غير منتظم في الوصول إلى الغذاء الكافي لضمان حياة صحيّة سليمة، وهنا يُلاحظ على الصعيد العالمي، أن حوالي 300 مليون شخص في 60 دولة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، و يأتي على رأس أسباب تفاقم الفقر ومعه انعدام الأمن الغذائي؛ كثرة النزاعات المسلحة، والتغير المناخي، و التصحر والأزمات الاقتصاديّة و الفساد المالي.
القضيّة الثالثة:
الاستعداد والاستجابة لأوبئة محتملة في المستقبل، وقد نشّط هذا الهاجس ما حصل من أزمات كبرى بسبب أزمة كوفيد - 19 ""كورونا"، هذه الأزمة فرضت على الدول الشروع في تعزيز النظم الصحيّة، و تطوير أنظمة مراقبة قويّة للأمراض، و كذلك العناية بسلاسل إمداد الغذاء والأدوية ونحو ذلك.
القضيّة الرابعة:
الأمن السيبراني وهذا المهدّد هو الأخطر على مجتمعات المستقبل، و يتطلّب هذا المجال البدْء فوراً بتعزيز التدابير الأمنيّة التقنيّة، والتعاون الدولي وبناء شبكات محليّة متينة وآمنة ضمن خطط استراتيجيّة تتضمّن استجابة واضحة ومرنة للحوادث السيبرانيّة.
القضيّة الخامسة:
ارتفاع مستوى التوتّرات الجيوسياسيّة، وستكون هذه التوتّرات نتيجةً وسبباً؛ صنعته القضايا والعوامل السابقة، يُضاف لذلك ما يُمكن أن يحصل من تغييرات في موازين القِوَى العالميّة و منها الصراع في الشرق الأوسط، إذ من المرجّح أن تتزايد طموحات القِوَى العالميّة الجديدة ما يجبر الدول (الكبرى) على مراجعة وتقييم تحالفاتها وقدراتها الاقتصاديّة والعسكريّة لتشكيل شرق أوسط جديد و كما حدّد أساسه الخبير العالمي كيسنجر في السبعينات، كما يُمكن أن تشهد مناطق مثل أفريقيا وأمريكا الجنوبيّة صعود قِوَى إقليميّة ذات تأثير جيوسياسي كبير بسبب النمو الاقتصادي والفراغ الجيوسياسي؛ ما يُشكّل فرصاً وتحدّيات لدول وشعوب أخرى.
والحكمة التالية تُلخص و تدلل بوضوح على تفاقم الأزمات والقضايا المتشابكة التي طرحناها لفقدان الوعي, وهي :
[الحمقى وحدهم لا يرون الحقيقة.. إلّا بعد أن تشتعل الحرائق].
لذلك و لكي نكون قادرين على مواجهة تلك الأخطار التي ستواجهنا, لا بد أن نرتقى لمستوى الأنسان الكوني المسلح بآلوعي الفلسفي لمقاومة الشّر و الأحداث و الكوارث العظيمة التي أشرنا لها في عشر نقاط مركزية, فهذا البشرمهما كان قوياً و ثرياً و رئيسا لا يستطيع مقاومة ذلك ناهيك عن علاجها, لكن من هو هذا الأنسان الكونيّ الكامل!؟
ألأنسان الكامل؟
الأنسان الكوني الكامل؛ هو ذلك الذي يُؤمن بآلغيب كما يراه لقوة بصيرته و عمق إيمانه و تقواه التي تكلمنا عنها في بياناتنا الكونية السابقة, و لا يقتصر معارفه و يكتفي بما يشهده عبر حواسه الظاهرية المحدودة, إنما هو في سفر دائم لأعماق هذا الوجود لكشف أسراره و مكامنه ليشخص القضايا الغامضة و يقيّم الأمور عبر الموازيين الكونية الشاملة ليحدد لها النظريات و القوانين التي تُهدي البشر نحو الخير بعكس القوانين و الدساتير الموضوعة في بلادنا و العالم و التي تزيد الطين بلة و الأوضاع خراباً و فساداً, بل قوانين تختصر كل ما أبدعه العلماء و العرفاء من قَبْل بحيث يتعدى قوانين أرسطو و أفلاطون و بودا و كنفشيوس و نيوتن و كوبرنيكوس و إبن حيان و آلبرت آينشتاين و قوانين الفقهاء بحيث تتوائم مع الخوارزميات و أكثر قليلاً .. و لا يستطيع أيّ كان من تفعيل ذلك مهما أوتي من علم و قوة و بصيرة؛ إنّما هو بإختصار؛ ذلك الذي يرى و يُحب لأخيهِ (إمّا في الدّين أو الخَلق) ما يُحبه و يتمناه لنفسه, و بكلّ تواضع فطري غير مصطنع و بشكل طبيعي, أنه ؛ الشخص الذي نصفه بآلمتواضع, لأنه تَأَدَّمَ بعد رياضات وجهد كبير!
و مثله مثل الأمام عليّ(ع) الذي وصفه النبي الخاتم(ص) بأبي تراب, بمعنى أنّه تساوى مع أديم الأرض, لا كتفسير بعض الفقهاء؛ بكونه (ع) كان يستخدم التراب ليصنع وسادته, و هذا تفسير مجحف و بعيد عن الحقيقة؛ فعليّ العظيم حين يصفه النبي الخاتم بهذا الشكل لا يعني تلك البساطة و الشكلية و الظاهرية كونه كان ينام على وسادة من تراب, إنما الأمر أعظم و أعمق تحليلاً و أطول مدىَ! و العارف الكبير الذي قال : (سبحاني ما أعظم شأنيّ) قال له صاحبه؛ (يا هذا .. الرسول(ص) على عظمته قال: سبحان الله العظيم, و أنت تقول: "سبحانيّ ما أعظم شأنيّ")!
أجاب ذلك العارف الكبير : (إنّ الرسول"ص" قد تحرّر من نفسه و وصل لله تعالى, و أنا ما زلت أسير نفسي لذلك أعظمها)!
أن آلآدمي هو ذاك الذي سهر الليالي و تحمل ما تحمل من آلأذى و شظف العيش و المعاناة و ظلم الجهلاء حتى حطم حالته البشرية ليرتقى و ينتقل إلى الحالة الأنسانية ثمّ آلآدمية بعد ذلك, و هي أرقى درجة يصبح فيه آلأنسان آدمياً كاملاً, و هو ما حققه الأنبياء و الأئمة ليصبحوا أنبياء الله, ومَنْ وصل من الصالحين لمرتبتهم فيما بعد, فليس سهلاً أن تكون آدمياً, خصوصا في هذا العصر الممسوخ, قد تبقى من البشر, و قد تصل المرحلة الأنسانيّة, لكن نيل آلآدميّة شيئ آخر إنها آخر مراحل الأرتقاء الكونيّ.
وبحسب ما وردنا عن النبأ العظيم بكون معرفة النفس من أهم المعارف .. فمن (عرف نفسه عرف ربه) و معرفة الرّب تعني معرفة القيم و أحياء الضمير و الحكمة .. منذ ذلك الوقت و قبله بقليل و بعد تحقيقات الفيلسوف (ألكسيس كارل) و (دايل كار نيجي) وغيرهم توسّع آفاق البشر, ثمّ تعلّم طرق الأنتقال من عصر إلى عصر و مرحلة بعد أخرى بسبب طبيعة العقل و حاجات كل مرحلة جديدة لتحقيق عالم متحضر و مسالم و متمدن و حر بعد عبوره لعدة مراحل تأريخية لعالم أفضل, كآلمرحلة البدائية والجليدية و الحجرية ثم الرعي و البداوة ثمّ مرحلة الزراعة ثم الرينوسانس و غيرها والتي قسّمناها كلّيا لستة عصور في مؤلّفاتنا الفكرية – الفلسفية, وكان حدوث الطوفان زمن نوح مرحلة فاصلة, ليبدا من تبقى من الأحياء على سفينة نوح حياة جديدة عبر آلعصور المختلفة حتى عصر Post Factual Era الزراعة والأستقرار ثم عصر التمدن ثمّ عصرنا هذا الذي نعيشه الآن؛ [عصر ما بعد المعلومات]
الذي عبرنا ربعه الأول بعد هذا العام 2026م, لكن للأسف عبرناه بآلحروب و القتل و ظلم الحكومات بخنق أصوات الأحرار الذين هم أمراء الحكمة و الكلام و الفلسفة,و ذلك نتيجة الجهل و حبّ الأنا و العصبية الحزبية و القبلية!
لقد ورد في تأريخ (أخوان الصفا و خلّان الوفا) و قصصهم المثيرة ومواقفهم الفريدة وتراثهم الزاخر وثقافتهم الواسعة؛ ورد صفات الأنسان المثقف؛ بكونه ذلك الأنسان الكامل الذي يتّصف بآلصفات التالية حسب ما ورد تصنيفه في الرسالة (22) من منهجهم:
[هنديّ البصيرة؛ شاميّ السيرة؛ صوفيّ النسك؛ مسيحيّ الطريقة؛ عبراني المنهج ؛ عراقي الآداب؛ عربيّ الدِّين؛ فارسيّ النّسب].
تلك الصفات .. هي التي تُميّز المثقفين العمالقة في ثقافة و أدبيّات (أخوان الصفا و خلان الوفا), الذين يتحلّون بآلأخلاق و العلم و السيرة الحسنة والقلوب الطيبة والأيمان والضبط وآلصبر والأستقامة التي لا تعرف الحقد والذين خلي بلادنا والعراق منهم للأسف.
و تجدر الأشارة إلى أن (الفلسفة الكونيّة) قسّمت المثقفين و عموم الناس ضمن معادلة متوالية منطقيّة و فلسفيّة حسب التالي :
الأول : قارئ؛ و هي أدنى درجة في مسلك المثقفين.
الثاني : مُثقف؛ يعرف أهمّيّة السّعادة بشكل كلي وما يدور حوله من قضايا تتعلق بواقعه و واقع البلاد ألأخرى.
الثالث : كاتب؛ يُمكنه تصوّر وكتابة مقالات أو إشارات تتعلق بواقعه أو مجمل الأحداث الأساسية المعنية.
الرابع : مفكر؛ يمكنه أن يدرك و يعي و يُعلق أيضا على مواضيع مع الأستدلال على الوقائع و الأحداث.
الخامس : فيلسوف؛ يُمكنه أن يُحلّل الوقائع بدقة تقريباً و يُنظّر للحلول الممكنة مع تقييم الأمور والأحداث بشكل عام.
السادس : فيلسوف كوني؛ يُمكنه أن ينظر للأحداث و القضايا المصيرية حسب المنظور والمعقول والمنقول لتحديد الستراتيجيات.
الســابع : عارف حكيم؛ تثمثل فيه كلّ الصفات الواردة في النقاط الستة أعلاه, إضافة لتوقعاته الدقيقة التي يندر أن تخالف الواقع المستقبلي المنظور أو الحقيقة, لقوة البصيرة التي يمتلكها, و تكون عادة ما دقيقة, ومثل هؤلاء قد لا تجد منهم سوى عارف كل قرن.
و هناك التسميات الرائجة الآن في الأعلان و التي نسمعها عن وصف بعض الشخصيات التي يتم وصفهم بعالم أو بمفكر سياسي أو مفكر أقتصادي أو أديب أو باحث أو آية الله و غيرها؛ فإنّها بنظرنا تشمل جزءاً أو جانباً من المعنى الفلسفي الحقيقي العميق للموصوف, و لا يشملهم صفة المُفكر العام أو الفيلسوف الكوني أو العارف الحكيم بحسب الوارد في السلسلة الكونية التي تُحدّد مواصفات محوريّة كونية عامّة مسددة من الله تعالى, تتجاوز مجرّد أن يكون الموصوف بها مختصّاً معيناً بفرع من فروع العلم أو الأجتماع أو التربية أو النفس كآلسياسي أو الأقتصادي أو التربوي و الطبي و الهندسي أو الأدبي وغيرها لأجل جزء أو جانب من الحياة لتأمين المعيشة كتحصيل حاصل؛
لأن جميع تلك التخصصات تكون فروعاً منبثقة من الفلسفة والعرفان الذي هو فوق العلم, أو (الفلسفة الكونية) كختام للفلسفة, أو العرفانية الحكيمية, و التي تشمل مدارات كونية واسعة تتجاوز مجرد إختصاص معيّن, و كما هو السائد في الجامعات الأكاديمية التي تعطي شهادة دكتوراه أو ألـ(بوست دكتورين) التي تتعدى الدكتوراه في إختصاص معيّن من مجالات الحياة التي قد لا تُحصى!
هذا التصنيف يُبيّن لنا أيضا؛ بان صاحب الشهادة لا يمكنه أن يكون مؤهلاً لتحمل مسؤولية في المجتمع, لأنه مثقف(نصف ردن), و لكونه صاحب شهادة أكاديمية في إختصاص معيّن كآلكهرباء أو الكيمياء أو الزراعة أو الدين؛ فأنه لا يمكن أن يقود مؤسسة أو حكومة أو مجتمعاً كرئيس أو قائد أو إمام, بل لا بد و أن يكون مالكاً لتلك الشهادة إلى جانب الأمانة و النزاهة و (الآدمية) لتحكم العدالة!!
من جانب آخر؛ حتى صاحب (البوست دكتورين) و بحسب قواعد الفلسفة الكونية؛ ليس بآلضرورة أن يكون هذا المختص إنساناً كاملاً و كما يتصوّر الناس والساسة والمتحزبين بسبب الجهل, ما لم يكن نزيهاً و متواضعاً إلى جانب (الكفاءة و الأمانة) لأن الأنسان الكامل كونيّ في نطرته و صاحب بصيرة ممتدة عبر كل الوجود, و أن الفساد المنتشر و الظلم في عالم اليوم هو بسبب هذا النقص!
وهذا الموضوع (التقيم) يفيدنا أيضاً في قضية معرفة الناس بآلحق و تقييم المؤهلين لتسنم المناصب و الدّرجات الوظيفيّة التي للآن لا يوجد لها قانون عادل(إستندار) كما المسائل الأخرى الأنتاجية و الصناعية .. يستند عليه الشعب أو العالم حتى لدى (هيئة الأمم المتحدة), لهداية العالم حيث تفتقد الموازين العلمية و آلفكرية و الفلسفية ألرصينة بشأنها! لهذا إعتمدنا التعريفات اللازمة التي وردت في (الفلسفة الكونية) والتي هي (ختام) و خلاصة القواعد الفكريّة لتحقيقها, ليكون دليل (الرجل المناسب في المكان المناسب) لبناء عالم سعيد و متّزن و عادل و رصين لا يبرز فيه الفساد وآلظلم و الفوارق الطبقية والحقوقية وكما حلّ بعالمنا اليوم, وبآلأخص في بلادنا التي إعتمدت على النظام (التكنوقراطي) الفئوي و الحزبي, أو على الأنظمة (المائتين) و التي وردت مفصلا فيً كتابنا الموسوم بـ :[الجذور الفلسفية للنظريات السّياسيّة] و التي جميع مناهجها و نظريّاتها لا تُقدّم المطلوب تحقيقه من آلحكومات القائمة حسب قياساتنا الكونية, و الواقع هو الدليل فآلشهادة الجامعيّة أو الحوزوية وحدها تُقدم لنا (أنصاف مثقفين) و حتى لو كان صاحبها عبقري, فلا تتحقق العدالة كما يعتقد أصحابها وأنصاف المثقفين!
ولأنهم مثقفين (نص ردن), يكون ضررهم أكبر من نفعهم في عوائلهم وحتى في المجتمع الذي يتحكمون فيه لأعتقادهم أنهم هم القادة الحقيقين, بينما القائد الحقيقي من أهم صفاته الصدق و تقديم مصلحة الناس على نفسه و كما أوردنا ذلك من قبل بعكس ما هو الواقع الآن في بلادنا, حيث لا ضمير يتحكم بين المسؤول و المواطن, ضمير ملطخ بأنواع الذنوب و المعاصي و معلق بكافة حبائل الشيطان و أعوانه, بإختصار المسؤول الحقيقيّ هو أن يكون عاشقاً يسعى لتحقيق السعادة بين الناس و داخل بيته, يقول الفيلسوف (كوتة)
الألماني :
[السعيد هو ذلك الذي يجد السعادة في بيته ملكاً كان أو فلاحاً]!
و الرئيس و المسؤول الذي يسبب الفوارق الطبقية و المجاعة و نقص الخدمات و الصحة و التعليم و العلاج داخل المجتمع – يعني داخل كل بيت - لا يمكن أن يحقق السعادة لا في مجتمعه ولا بداخل بيته .. فماذا نحتاج لنحقق السّعادة إذن!؟
هل السعادة تتحقق بآلعشق !؟
و ما السبيل لنكون عُشّاقاً !؟
هل معرفة الجّمال شرط لذلك؟
ألسبيل للعشق الحقيقي!
هام جدّاً؛ معرفة الفرق بين العشق الحقيقي و العشق المجازي, لأنّ أيّ عمل مع جهل الهدف كمن يسبح في آلمحيط الأطلنتي!
و أن تكون صادقاً و نزيهاً من الكذب فذلك إنتصار عظيم, و أن تُحب لأخيك ما تحب لنفسك؛ و يتطلب أن تتطهّر من الداخل لتقاوم المغريات و ضرر و مكر المحيطين, لأن نزاهتك يُحدّدها مدى صدقك مع ذاتك و ذوبانك مع آلمعشوق الأزلي .. وأن تكون صالحاً و مثمراً وسط الناس لا عالة عليهم تستنزفهم كما حكوماتنا التنابل و مجالس العالم المنحط ؛ عليك أن تكون حقيقيّاً بدون أقنعة و أغطية و رتوش؛ نظيفاً بلا تلوث و أوساخ و أدران؛ طاهراً من الداخل؛ قلبك و عقلك متحدان على هوى واحد و حُب واحد .. لا يتغيير حتى لو عرضت الدنيا كلها لك؛ و يتطلب كل ذلك أمراً واحداً, هو أن تكون صادقاً مع نفسك و ذاتك؛
لكن هذا كله لا يعني أنك معصوم عن الخطأ ولا تخلو من الأخطاء و العثرات فنحن البشر خُلقنا من طين لازب من صلصال من حمأ مسنون, يعني أخس وأعفن طينة في الوجود, فهل هناك شيئ مقدس في هذا البشر إلا روحه!؟
و كل ذلك ليس مهماً؛ إنما الأهم أن تتحمل مسؤولية و تبعات أخطائك و حسناتك و طبيعتك على ما هي .. كما تحمل الأم جنينها .. بحنوّ لا بإنكار؛ و بمسؤولية لا بندم؛ أن تكون عارفاً ؛ طاهراً و نظيفاً من الداخل, يعني :
أن تعيش كما أنت بلا تصنّع أو تحايل أو إظهار نفسك بغير حقيقتك و ما أنت عليه في هواءك الشخصيّ لنيل مآرب معينة, بل المقسوم لك تصلك من دون الحاجة إلى الضغط على نفسك لتظهر بشكل تعتقد أنه يرضي من يهمّك جلب رضاه .. أو تستخدم قناع أو رائحة عطر مستعارة؛ أن تدخل العلاقات كما يدخل الضوء نافذة بلا مواربة؛ كما يدخل طفل إلى حضن أمّه دون خوف من الطرد أو الشبهة.
في أعماق كل كائن يتقن الصّمت بكرامة؛ هناك نهر صغير يجري .. لا يسمعه أحد!
لكنك إن اقتربت من عين منبعه؛ شعرت برقرقة النقاء!
هؤلاء لا يفسرون؛ لا يُدافعون عن أنفسهم؛ لا يبرّرون إختياراتهم الخاطئة؛ لا يتعصّبون لمواقفهم المشينة؛ لا يقلقون من المستقبل, لأنهم لم يصطنعوا شيئاً ليخفوه .. بل أساساً لا يحتاجون ذلك لأنّ قولهم و قلوبهم ثابثة كظاهرهم الذي مثل باطنهم.
لم يلبسوا عباءة غيرهم ليقلقوا بشأن خلعها أو كشفها! هم أنفسهم .. تأبى قلوبهم التلوين و التبدل و التقلب!
في زمننا؛ يُقاس فيه الإنسان بعدد أقنعته؛ بعدد دراهمه؛ بعدد بدلاته؛ بلون بشرته؛ و لون عينه؛ بجماله الظاهري, يصبح النقاء فضيحة و إعجوبة، و يبدو الصدق حماقة, و يُظنّ العفويّ طيّباً ساذجاً و جنوناً أو غير متعلم!
لكن الحقيقة، كما قال (كيرك غارد الدنماركي1855): [إن الطهارة هي أن تريد شيئاً واحداً لا شريك له؛ أن تكون مخلصاً لذاتك لا لأدوارك؛ لحقيقة صوتك لا لأصداء ما يُنتظر منك أن تقول, فالداخل النظيف لا يحتاج إلى جهد للتأثير، لأن الحضور النقي هو نفسه بيان وجود, و ما يخرج من القلب يدخل القلب مباشرة بإنسيابيّة طبيعية].
هل جرّبت أن تجلس مع شخص لا يُشعرك بآلغربة .. أو لا يزيد غربتك غربة على الأقل؛ أو يُشعرك أنك في إختبار؛ لا يُحصي عليك زلّة؛ لا يُربكك بعيونه الفاحصة؛ ولا يجعل حضورك إمتحاناً أخلاقياً؛ ولا يتحدثون كثيراً عن الحب أو الحرية!؟
هؤلاء البشر لا يمدحون أنفسهم ؛ بل يسعون لخلق فرصة للتعرف على أنفسهم و على أسرار الوجود ..
الأخلاق؛ أو عن ذوات أنفسهم, لكنهم يعيشونها في تفاصيلهم الصغيرة؛ في طريقة تقديم فنجان الشاي او القهوة؛ في نظرة الترحاب الهادئة، في تركك تغادر دون إحراج؛ دون أن يُحمّلوك وزر الوداع, أو أحساسك بأنهم قدّموا لك الصدقات أو حتى المحبة, لتحرزهم من إبطال كل ما هو حسن و جميل.. فآلمعرفة و الحب و التواضع و التفكر درجات عظيمة تتأسّس عليها مدى وعي الأنسان و حبه , لا يدركها إلا من خاضها و فعلها بصدق لوجه الله أو لوجه العشق الحقيقي لا فرق بينهما ...
ولأن العشق الحقيقي لو أردناه ينتصر لأنه الباقي بعكس المجازي الزائل, لمجرد عرض جديد من مظاهر الدنيا المجازية؛
فعلينا أن نكون صادقين أولاً في زمن الزيف والنفاق والخداع هذا, لأنّ (الصدق أوّل فصل في كتاب الحكمة) و بدونه لا قيمة ولا وزن لمخلوق حتى لو كان رئيس أعظم دولة, ما لم يقوم بتجهيز نفسه لعبور المحطات الكونية السبعة .. و الحديث المقدس يؤكد ما عرضناه بآلقول : [من أصلح سريرته؛ أصلح الله علانيّته].
و المحطات الكونية السبعة حسب النيشابوري هي :
[الطلب؛ العشق؛ المعرفة؛ التوحيد؛ ألأستغناء؛ الحيرة؛ الفقر والفناء].
و تختلف تلك الدرجات(المحطات) من عارف لآخر حسب تجربة و إدراك كل واحد منهم, فآلشيخ الأنصاري على سبيل المثال يحدّده عبر 52 مرحلة بعدد الصلوات الواجبة و ا لمستحبة, و الشيخ الأكبر (إبن عربي) يحددها عبر 26 مرحلة, و الأمام الراحل حدّدها بلا حدود, حيث إعتبر كل موقف و كل قضية في حياة المؤمن هي محطة إلهية في محضر الله يجب التعامل معها بكل حذر و تقوى, أما الصدر الأول فقد حدّدها عبر مرحلتين فقط, فهو العارف الفيلسوف الصادق مع ذاته و مع الناس و مع الله,و كانت له قدرة فائقة في تحديد و بيان الأمور, حيث حدّدها بآلتالي :
أوّلاً : معرفة الله ..
ثانياً : حُبّ الله(عشقه).
و هكذا بقية العرفاء كل حسب معارفه و مداركه, و هم قلّة طبعاً في هذا الورى!
معايير الجّمال في تحديد و رسم القوانين عبر الفلسفة الكونيّة:
يتبين من خلال الطروحات العامة السابقة أن هناك معايير و مواصفات أساسية لتحديد الجمال, و قد سبق أن عرضنا بعض المقدمات و القوانين عن حقيقة تحديد الجمال و ماهيته و كيفية إستثماره في الفلسفة الكونية و كذلك في مقالات مختلفة, وهنا سنقدم لكم معلومات أخرى في إطار الفلسفة و رأي الفلاسفة و ختام النظريات التي حدّدناها في آلفلسفة الكونية العزيزية لأدارة شؤون الناس و تحقيق غاياتهم التي يجب أن تنتهي بآلسّعادة و الصفاء لا بالعناء و الشقاء و العنف و التحايل و الواسطات و الفوارق الطبقية و الحقوقية و بالحرب و كما هو واقع الحال اليوم للأسف.
إن الفلسفة تساعدنا في إكمال ذلك, حيث تشير إلى أنه علم يرتبط بدراسة طبيعة الإنسان و الأخلاق و علاقتهم مع بعضهم البعض من جهة, وعلاقاتهم بآلوجود من جهة أخرى, و رغبتهم في (معرفة المعرفة) لكشف الممكن من خفايا الوجود و أسراره للتعامل معها بآلشكل اللائق الذي يُحقق أهدافهم في تحقيق معنى الوجود و الخلق لا أن نكون سبباً للتجهيل و التعقيد و العناء و كما يفعله وعاظ المنابر و بآلتالي يجب أن نقرب و نبين أقصر الطرق لتحقيق سعادتهم.
و كلمة (فلسفة) هي كلمة يونانية المنشأ كما تعرفون, مشتقة من جزئين، (فيلو) و تعني (المحب)، و(سوفيا) وتعني (الحكمة), وبالتالي، تعني الكلمة (المحب للحكمة) أو (الجمال) كما في الفلسفة الكونية, و يعادلها في الأسلام (علم الكلام) كما ورد في مناظرات المعتزلة و الأشاعرة و مدارسهم المختلفة إبان فترة حكم الأمام عليّ(ع), و أصل كل ذلك يعود لكتاب الله والنصوص التي وردت في أحاديث العظام.
حيث تمّ تعريف الفلسفة بطرق مختلفة عبر التاريخ؛
في البداية ظهرت السفسطة من قبل مجموعة من السفهاء، ثمّ تمّ الرّد عليها بالفلسفة التي ركّزت على القيم والفضيلة و التفكير و البحث في منشأ الوجود والخالق و مكونات الكون و الهدف من وجودها و خلقها!
ثمّ حلت الفلسفة للرد على السفسطة, لتبدء المدارس الفلسفية بآلظهور من قبل الفلاسفة الأقدماء ثم مرحلة أرسطو و سقرطا و افلاطون, و إستمرت حتى العصور الوسطى ثم عبرت لتصل لعصرنا الحالي هذا في الألفية الثالثة.
ولكن حتى بعد ظهور آلفلسفة التي خدمت الأديان و العقائد و وجود الله, لكنه و للأسف تمّ إتهامها أيضا بالتضليل للإنسان و الحياة عموماً و مخالفتها للعقائد الدينية المطروحة من قبل فقهاء الجهل في بعض "الحوزات العلمية" و من بعض المراجع حتى قبل عقدين؛ حتى نهاية القرن العشرين الماضي, حيث تمّ تغير تعريفها و مسارها بعض الشيئ, حين هبّ فلاسفة عظام كالفيلسوف الحكيم محمد حسين الطباطبائي مؤلف تفسير الميزان و محمد باقر الصدر, و الفيلسوف الفقيه جوادي الآملي و غيرهم, سبقهم في هذا المضمار الشهيد السهروردي و الملا صدرا وغيرهم بقرون, حتى وصلنا اليوم إلى مرحلة متطورة بدأت الفلسفة تظهر وكأنها عماد العقائد و حافظها!
و الحقيقة ؛ بدأ التغيير منذ أيام سقراط بآلتزامن مع النصوص السّماوية التي نزلت في ذلك العهد, حتى أصبحت الفلسفة نوعاً من التفكير و البحث في طبيعة الإنسان و إيمانه بالخالق و إثبات وجوده بواسطة العقل, و التوصّل إلى نظريات جديدة لكشف المعارف و الأسرار, رافقها تطور خطير أيضا؛ حيث تمّ و للأسف حذف الكثير من الملاحم و القصص التي عاشها الأنبياء القدماء, بعد ما نسبها الملوك لأنفسهم و جعلوها بمثابة ملاحم و قصص خارقة تخصّهم كملحمة كَلكَامش, لتعظيم شؤونهم, لذلك فقدنا الكثير من الحقائق التأريخية و الفلسفيّة.
تعتمد الفلسفة على العقل و المنطق و الدّليل لتأسيس قاعدة علمية للبحث في المجهول على القضايا التي تهم الأنسان كآلأحلام و الوجود وغيرها, و بما أنه أساساً لا يوجد تعريف محدّد للفلسفة بذاتها؛ لذا يمكن تعريفها على أنها :
(المعرفة و حب الاستطلاع و الرغبة في اكتشاف أسرار الحياة و الوجود من حولنا) لتحديد قوانين و دساتير أكثر عدلاً و توازناً, و بآلتالي تلتقي الفلسفة مع جوهر المفهوم الألهي في قضية خلق الأنسان مع الوجود.
لذلك سعينا لتثبيت أسس الفلسفة و قوانينها بنظرية خاتمة أسميناها بـ :
(نظرية الفلسفة الكونيّة العزيزيّة) كختام للفلسفة و القواعد الأخلاقية عامة, و التي منها حدّدنا تعاريف أساسيّة للمسائل المصيرية التي ترتكز عليها الحياة و القيم و العلاقات و السعادة و الجمال و إرتباطنا بأصل الوجود, بل و سبب وجودنا و دور الجَّمال في تأثيرها!
فمثلا ً.. تعريف الجّمال الذي تنوع فيه آراء الفلاسفة سواءاً المشتقة من النصوص أو الإبداعية, قد حدّدناها في الفلسفة الكونيّة بكون أصله يرجع إلى الكلمة اليونانيّة، التي تشير إلى العلم المتعلّق بالإحساس و آلتعرف على الأشياء من خلال الحواس الظاهرية, و يُطلق عليه أيضًا اسم (الإستاطيقا) و (فلسفة الفنّ).
بينما تعريفنا للجَّمال تَحدّد من خلال أبعاد أخرى تتعدّى مجرد الحواس و الماديات و الشكليات إلى مسائل أعمق تتعلق بآلبصيرة و الغيب و غموض الأنسان و تكوينه العاطفي - المادي و المستقبل المجهول و الغامض خصوصاً في قضية الموت و الآخرة و قبلها مجيئنا لهذا العالم!
و قد قدّم (هربرت ريد) تعريفًا للجَّمال يعتبره أساس ( في وحدة العلاقات الشكلية بين الأشياء التي تدركها حواسنا), أو ما يعبر عنه: بالهارمونيك .. أو التناسب, بيد أن هناك تعاريف أعمق للجمال الذي فسروه بحسب الظاهر؛ و هي جمال الأحداث التي تلتقي لتنتج ظواهر أخرى لا دخل للأنسان بها .
في الماضي، كان الجَّمال فرعاً من فروع الفلسفة، حتى جاء الفيلسوف (بومكارتن) و فرَّق بين (علم الجّمال) و (باقي المعارف), و قد إعتمد على تعاريف الفلاسفة القدماء و فلاسفة العصر الوسيط لتدوينها.
حيث يشير تاريخ علم الجَّمال إلى أنّ فلسفة الجَّمال؛ كانت في الأصل مرتبطة بنظريات الكون و اللاهوت و الغيب, و مع ذلك، اقتربت عبر التاريخ من نظريات المعرفة والأخلاق و التقوى.
عموماً نشأ علم الجَّمال مع نشوء الفلسفة قبل آلاف السنين .. زمن الفلاسفة القدماء في اليونان كسقراط و أفلاطون و أوغسطين و فيثاغورس و غيرهم، و لا يمكن فصل (الجمال) عنها(الفلسفة)؛ حيث يستمد أصوله من المذاهب و المدارس الفلسفيّة الأولى التي ظهرت في عهد الفلاسفة السبعة الأقدمين زمن اليونان, لكن البعض يُعتبر علم الجّمال علماً نشأ حديثًا بعد فترة طويلة من التأمل الفلسفيّ و مروره بآلمراحل (الفلسفية الستة) التي حدّدتها (الفلسفة الكونية العزيزية)، و الحقيقة التي لا يمكن تغييره على أيّ حال؛ يُعتبر علم قديم و لكنه حديث في نشأته كموضوع أساسيّ يرتبط بحياة الأنسان و الكون و الوجود و السعادة، حيث لم يتمّ التعرّف عليه بشكل مستقل في الأصل, إلا بشكل عام خلال القرون الوسطى، و تمّ التركيز عليه مؤخراً خلال القرنين الماضين نظراً لدوره في تحديد الخير و الحقيقة و تحقيق آللذة.
تاريخياً, ظهرت نظريّات الجّمال لدى الفلاسفة بأشكال مختلفة حدّدناها في ستة مراحل ضمن أساس من أسس (الفلسفة الكونية العزيزية), إعتماداً على الفلسفة الفيثاغورية، حيث تميّزت بفكرة الثنائية بين (الوجود المعقول) و (الوجود المحسوس)، و قد صاغوا الأفكار الفلسفيّة بصيغة رياضيّة لكون الرياضيات أم العلوم و آلذي أبدع فيه الكثير من الفلاسفة مثل فيثاغورس و أوغسطين, أما (نظرية جورجياس)؛ فتركز على دور الجَّمال الفني في إحساس الإنسان و اللذة الحسّيّة التي يوفرها!
أما سقراط، بدوره، فقد أولى اهتمامًا أكبر لجَمال النفس و الأخلاق والرّوح و الفكر بدلاً من الجّمال الظاهري - الحسيّ، و أعتبر أنّ الجّمال هو ما يحقق الفائدة الأخلاقيّة و الأدبيّة قبل كل شيئ, و يخدم الحياة الإنسانية بشكل مؤثر للإرتقاء بها في سُلّم المعارف و الحياة الآمنة الهادئة, و تظهر نظرية سقراط الحكيم من خلال قصة لطيفة مفادها:
(وقف شاب أنيق يرتدي بدلة جديدة و حذاءاً جذّاباً أمامه, يتظاهر ببدلته و يعرض حذائه بخيلاء أمامه, فإنتبه له "سقراط" و قال :
يا هذا؛ تكلّم لكي أراك), و هو يعني إن ملابسك و حذائك الجذيد و أموالك لا تعني لي شيئا؛ إنما فكرك الذي تمله هو الذي يقيّمك.
أما أفلاطون, فقد ربط الجَّمال بالحُب الإلهي و رأى أنّ الفنون تستمد جمالها من محاكاتها للطبيعة و تأثيرها في رقي الأنسان، و لكنه اعتبر هذه المحاكاة ناقصة لأنها تحاول الوصول إلى العالم المثالي, و هكذا إعتقد أكثر العرفاء فيما بعد كآلشيخ الأكبر إبن عربي و با يزيد البسطامي و الحسين بن منصور الحلاج و غيرهم, و قد عبروا عنه بآلفناء و الاتحاد, و الذي كفّرهم فقهاء الدّين ولا زال الجدل قائما في ذلك.
و قد إعتمدت (فلسفتنا الكونيّة) في جانب هامّ منه كأساس على هذه النظريّة الكونيّة التي وحدها عكست الحقيقة الأخلاقية الألهية سواءاً على الخلق أو العلاقات بين مكونات الوجود أو المصير عبر القضاء و القدر, أو تحديد القوانين لتنظيم أمور المجتمع, لأنّ أصل كلّ الوجود بما فيها المجرّات و الأكوان هي ليست ماديّة صرفة و ملموسة ليتمّ تقنينها كما يعتقد أهل العلم و التكنولوجيا نتيجة نظرتهم الأحادية المحدودة؛ إنما منشأها و حقيقتها حتى المادية التي نشهدها؛ منشأها ذرّي أو (غبار) حسب المصطلح اللاهوتي و لو حلّلنا حتى مركبات الذرة المعروفة من نواتها و ما حولها؛ فأنّ أصل مكوّنات عناصرها العلمية المعروفة الـ 23 عنصر هي غير ماديّة أصلاً لتعرفها حواسنا, و بآلتالي لمعرفة طرق التعامل معها؛ لكونها غير ماديّة, و هذه مسألة كبيرة و هامة و في غاية الحسّاسيّة و الخطورة لو أردنا أن نتعامل معها إقتصاديّاً أو إجتماعيّاً أو سياسيّاً لتحديد قوانينها بشكل عادل و دقيق و صحيح للصناعات الذّرية أو لتنظيم الدساتير المثاليّة لإدارة حياة الناس و المجتمعات عبر (مقياس قانون الجّمال) ليكون مقبولاً و مثمراً لدى الجميع.
و لعلّ هذا الأمر المفقود حالياً في دساتير أكثر دول العالم و في دساتير بلادنا خصوصاً و منها (قوانين المعايير الفنّية) أو (القضائيّة) أو (التشريعيّة) و غيرها, لرأيناها هي السبب في مأساة و محنة الأنسان و ظاهرة العنف و الفوارق الطبقية و الحقوقية والأجتماعية لجهل المنظرين بأسرارها؛ و أخيراً :
في مطلع بوابة الاختيار؛ في لحظةٍ ما .. قد تكون مصيرية من العمر، و عند بوابة الأختيار, يقف الإنسان كمن يقف على حافة جبل أو جسرٍ مُعلق بين ضفتين؛ ضفةٍ يعرفها حدَّ الملل، و أخرى لا يعرف عنها سوى أنها ممكنة في إنعطافة قوية ممتلئة بآلمفاجئات!
وظيفة جديدة تلوّح من بعيد؛ فكرة زواج تُربك القلب؛ طفل يُعيد ترتيب الحياة من جذورها؛ طريق دراسة؛ هجرة؛ أو حتى قرار بالبقاء في جهنم من جهنمات آلدنيا من حولنا كما نحن!
لحظات تبدو عادية في ظاهرها، لكنها في العمق؛ زلازل صغيرة تُعيد تشكيل الخرائط الداخلية للروح .. و منها لعموم الكون من حيث لا يدري ليكون إمّا فاعل خير يمتد عبر مصيره المرسوم .. أو فاعل شرّ يمتد أيضا عبر مصيره الحتمي المرسوم مسبقاً!
العلم يقول لنا: بلا مجاملة، إننا نُبالغ كثيراً حين نظن أنّ القرار وليد العقل وحده!
ما يحدث داخل الرأس لحظة الاختيار أقرب إلى معركة صامتة بين الذاكرة والعاطفة؛ بين الخوف والرغبة؛ بين ما تربّينا عليه وما نحلم أن نكونه!
الدماغ، في تلك اللحظة، ليس قاضياً عادلًا بقدر ما هو ساحة مزدحمة بالإشارات المتضاربة التي في كثير من حالاتها تجعل الرأس يدور و يدور ...
يشرح علماء الأعصاب أن مراكز التخطيط في المقدمة من الدماغ لا تعمل لوحدها، بل تتشابك مع مناطق المشاعر كأصابع متداخلة و ممتدة بشكل غريب يصعب تفسيره مع القلب و الحاسة السابعة!
الخلل البسيط في هذا التوازن قد يصنع منا متسرعاً يندم سريعاً؛ أو متردداً يدفن عمره في الانتظار.
القرار ببساطة؛ ليس معادلة رياضية، بل وصفة عاطفية معقّدة بقدر الجهل المتجذّر الذي عليه البشر.
وحين يدخل التوتر على الخط، يصبح المشهد أكثر ارتباكاً و تعقيداً.
الخوف يشعل أضواء الطوارئ في الدماغ و في كل كيان الأنسان، فيُعيد برمجة الأولويات!
السلامة قبل الحلم؛ والثبات قبل المغامرة, لهذا يتمسك كثيرون بوظائف تسرق أعمارهم، أو بعلاقات تُنهك أرواحهم، فقط لأن المجهول، مهما بدا واعداً، يظل أكثر رعباً من ألمٍ اعتادوه.
منطق البسطاء هنا قاسٍ وصادق؛ الذي نعرفه، و لو كان موجعاً، أرحم من الذي لا نعرفه.
العقل البشري، كما يصفه الباحثون، مُدرَّب بالفطرة على تجنُّب المجهول و الغيب عموماً، لا على ملاحقة الاحتمال, التطور لا يُجيد الاستئذان؛ بل يقتحم حياتنا عبر قرارات جريئة، غالبًا ما تُتخذ بتدخلات معقدة من عوالم أخرى ونحن نرتجف!
المفارقة أن النجاة التي نبحث عنها في الأمان والإستقرار؛ لا تتحقق أحياناً إلا بالقفز خارجه!؟
تُظهر الصّور الحديثة للدماغ؛ أن (القرار) يمرّ بثلاث محطات:
أولًا : جمع المعلومات؛
ثانياً : ميزان العاطفة الذي لا يرحم؛
ثالثاً : لحظة التنفيذ التي تُنهي الجدل وتبدأ الحكاية؛
لكن المثير حقاً أن بعض العادات البسيطة، كالتأمل أو الكتابة اليومية، تُعيد ترتيب هذا المشهد من الداخل.
من يكتب أفكاره، كأنه يفرغ الضجيج من رأسه على الورق، فيرى الطريق أقل تشويشاً، وأوضح ملامح؟
تجارب حديثة أثبتت أن تدريباً قصيراً على التفكير التأملي؛ قادر على تحسين جودة القرارات بشكل ملحوظ، كأن الإنسان حين يتعلم الإصغاء لنفسه بصدق؛ يخفّف من صراخه الداخلي، و يُحسن التمييز بين ما يخافه حقًا وبين ما يتوهّمه.
ولم يعد القرار شأناً فردياً, بل في زمن الأزمات؛ يتحوّل القرار إلى عدوى.
الناس تقلّد قبل أن تفهم، وتخاف معًا قبل أن تسأل. في الجائحة، لم تكن الفيروسات وحدها هي التي تنتشر، بل القرارات أيضاً:
هلعٌ جماعي، سلوكيات متشابهة، وخيارات تُتخذ بدافع الخوف لا بدافع المعرفة. القطيع يسير حين تخفت البوصلة.
وربما أجمل ما في هذه الحيرة المزمنة التي ترافق مفترقات الطرق، أنها دليل حياة و منطلق لسعادة حقيقية.
لو كنّا آلات، لاخترنا بلا تردد. لكننا نفكّر؛ نتلعثم؛ نرتبك؛ نخاف؛ ثمّ نمد أيدينا إلى قرارٍ لا نعرف إن كان نجاة أم درساً مؤلماً!؟
نحن نختار، لا لأننا نملك اليقين، بل لأننا لا نملك رفاهية البقاء خارج الإختيار.
وفي النهاية، قد نكسب، و قد نخسر، و قد نربح, و قد لا يكون أيّ منها كهواء في شبك و عبث في عبث!؟
الخسارة نفسها تتحقق على هيئة حكمة متأخرة.
هكذا تسير الحياة بلا هوادة و بلا هدف معيّن للبشر الذي ترك التزكية و التوجه نحو آلجمال و آلحقّ: قرارٌ وراء قرار؛ وخطوة تهزّ ما بعدها؛ وقلبُ عراقيٌّ عنيد و متواضع في نفس الوقت، يعرف الحياء و الحُبّ جيّداً و الطريق للمعشوق مهما إشتدّ ظلامه، لا يُفتح إلا بخطوة مدروسة؛ خطوة واحدة, و كما قالوا :[خطوة الألف ميل تبدأ بواحدة].
هذا شعار كل مثقف و مفكر و فيلسوف هادف يحمل همّ التغيير و يسعى لتجميع الناس وتوعيتهم على حقوقهم و حقوق الآخرين و كل المخلوقات على الأقل ...
فهل من معين لفتح و تعبيد آلطرق و آلآفاق بتثوير المنتديات الفكرية و الثقافية و الجامعية و الأكاديمية و الحوزوية الأهلية و الرسمية منها و كل وسيلة شرعية ممكنة: لنتثقف و لنتعلم التفكير الأيجابيّ ومبغى الفلسفة الكونية و أجوبة (الأربعين سؤآل) أوّلاً وعلى الأقل, ثمّ الأسئلة التالية؛
كيف نُفكّر؟
لماذا نفكر؟
ما الهدف الذي نريد تحقيقه من حياة نمرّ بها مرة واحدة؛ واحدة فقط, خصوصىاً في هذا العصر العصيب المحكوم بغير العدالة!؟
وهل تسريع عملية القراءة و الفهم و الوعي بسرعة أكبر هام, و ضروري!؟
و بآلتالي تثوير و تفعيل العدالة و السعادة لنربط الأرض بآلسماء و بالجنة !؟
ع/ فلاسفة العالم : عزيز حميد مجيد
Subscribe to:
Comments (Atom)