Saturday, May 18, 2024

الثقافة و الجهل ؟

لمن الغلبة ، الثقافة أم الجهل كامل سلمان صراع الثقافة والجهل صراع تأريخي عميق ، صراع لا ينتهي إلا بسقوط أحدهما ، صراع بدأ منذ اليوم الأول لوجود الإنسان على سطح هذا الكوكب ، طبعاً هذا الصراع كان ومازال في الأغلب ينتهي لصالح الجهل ولكن بالمقابل نرى الحياة تسير مع الثقافة والعلم والوعي ، أين اللغز ؟ اللغز واضح ولا لبس فيه ،، أي إنتصار للثقافة أو العلم في أية بقعة من بقاع الأرض ، فأن ثمرة هذا الإنتصار ونتائجه تصل إلى جميع بقاع الأرض وتصل لكل مكان يعيش فيه الإنسان ولجميع الأجيال فيكون كالنهر الجاري في منفعته وعطاءه ، بينما إذا إنتصر الجهل على الثقافة في أي مكان فلا ينتشر تأثير ذلك الإنتصار لأن الجهل ليس له ثمر لتصل فائدته إلى البقاع الأخرى من الأرض ، لذلك فأن انتصاراً واحداً للثقافة يساوي ألف انتصاراً للجهل ، ففي كل مكان نرى إنتصارات كثيرة للجهل ولكن بالنتيجة الحياة تسير مع الثقافة والعلم وأكبر دليل على ذلك هو التطور المذهل الذي يقدمه العلم للناس ، الجهل بطبيعته يخشى الثقافة ويخشى العلم حاله حال الظلام الذي يخشى النور ، لهذا السبب يبحث الجهل عن دهاليز يختبىء بها للتخلص من المواجهات المباشرة مع العلم ، فيلتجأ للإختباء خلف الدين وخلف رموز الدين وخلف التعصب القومي والطائفي والعنصري وخلف الشعارات الثورية والحماسة العشائرية وغيرها ، فمن خلال كل هذه العناوين يستطيع الجهل الحفاظ على نفسه والوصول إلى عقول الناس . الجهل يسعى من خلال كل هذه العناوين في القضاء على الثقافة والعلم ، وللجهل طريقة واحدة وهي الطريقة الكلاسيكية المعروفة الموروثة عند رموز الجهل وذلك بقتل واغتيال رموز الثقافة والعلم ، لذلك عندما يستبيح اهل الضلالة والجهل المدن الآمنة فأن أول شيء يفعلونه هي عمليات إغتيال وقتل الكفاءات والأساتذة والأطباء والكوادر العلمية بمختلف الاختصاصات مما ينتج عنه اختلال التوازن المجتمعي وهرب المتبقي منهم والهجرة إلى أرض الله الواسعة ، وهذا إنتصار يحسب للجهل وأهل الجهل ، ويصحب ذلك انعدام الخدمات وانعدام الرعاية الصحية وإنتهاء التعليم وضياع فرص العمل ، مما يؤدي إلى إنتشار الرذيلة واختفاء الفضيلة وتعم الحياة الظلم والفوضى ومنظمات الجريمة فتتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق بسبب اكتساح الجهلاء للمرافق الحيوية في الدولة ، بالمقابل فأن أهل الثقافة والعلم عندما يريدون الإنتقام من الجهل وأهل الجهل لا يحتاجون إلى قتل احد ، بل يعملون على قتل الجهل نفسه من خلال نشر الوعي ونشر الثقافة والعلم ، وتوفير الخدمات وتوفير الرعاية الصحية والتعليم ، فيكون ذلك كفيلاً بالقضاء على الظلمات بإيقاد النور في وسط الظلام ، والنور كفيل بإزاحة الظلام ، هذا الفارق الكبير بين طريقة اهل الثقافة والعلم من ناحية واهل الضلالة والجهل من ناحية ثانية تجعل الأجيال تتفاخر بعلماءها ومثقفيها ، تصوروا ملايين الجهلة الذين حاربوا الثقافة والعلم رحلوا عن الحياة ولا أحد يذكرهم أو يعرف عنهم أي شيء ، فأصبحوا نسياً منسيا ، بينما شخص واحد مثل غاليلو الذي حارب الجهل بقي ذكراه لمئات السنين يمجده التأريخ ويثني على ما قدمه من معارف وعلوم للأجيال . في كل معركة نلاحظ انتصاراً لأهل الجهل على أهل العلم فأننا نلاحظ الضحايا جلهم من اصحاب الثقافة والعلم أو من الأبرياء ، ولكن رغم تلك الإنتصارات التي يحققها الجهلاء بعد مدة من الزمن نلاحظ أن المدن والشوارع تخلد بأسماء الضحايا من أهل الثقافة والمعرفة . ولم نسمع أي تخليد لأي واحد من رموز الجهل . . kamil.salman@gmail.com

No comments:

Post a Comment