هكذا كُنّا و سَنَبقى!
قلنا ونعود نقول و نُكرّر؛ بأنّ مشكلة العراق ليست
إقتصادية ولا سياسية ولا مالية ولا علمية ولا خارجية ولا حدودية ولا إستعمارية
بسبب دول الجوار أو أمريكا و غيرها وكما يعتقد العراقييون, بما فيهم الأحزاب التي
وصل عددها لأكثر من400 حزب و فرقة و مليشيا؛ بل مشكلة العراق داخلية متجذّرة في
أعماق النفوس بسبب دِين و فكر و ثقافة و تربية وأدب العراقي و عشائريته المقيتة,
بآلطبع هذا الكلام لا يُرضي الأحزاب و أهل المواقع و العشائر والمقالات السندويجية
- الأسفنجية الرنانة .. لأنهم جزء أصيل من هذا الواقع الجاهلي الأليم الداميّ الذي
و للأسف سيستمر بسببهم, فهكذا كان العراق و سيبقى, و هكذا نحن شئنا أم أبينا ما لم
يَتُب أهل العراق كلّه جملةً و تفصيلاً خصوصا المدّعين للدين و السياسة و العلم!
على ما إرتكبوه من الفساد على طول الخط بدءاً
بالأجداد ثمّ الأبناء والاحفاد؛ من قتل و نهب و فساد بدءاً بقتل هابيل كأول مظلوم
على أرض العراق ثم أبناؤوه ثم عليّ ثمّ الحسن ثم الحُسين ثم الصدر وو.... حتى آخر
شهيد قتل يوم أمس لأنه كان يكتب الحقّ!
كم كبير وكثير من المقالات والمنشورات التي ملأت
المواقع والمحافل والصفحات، عن الذكرى المشؤومة لانقلاب ٨ شباط، وعن جرائم الحرس
القومي، وبشاعاته التي نشرها في العراق وحتى دول الجوار، فكانت بغداد ومدن أخرى
تعيش الرعب من ذكر اسم الحرس القومي ثم (البعث الصدامي) فيما بعد, حيث كانت الحرب
و القتل و التعذيب و التهجير و الظلم ديدنهم, و هكذا حتى وصل العراق لما هو عليه
الآن!؟
ألعراقي يقتل القتيل ويمشي وراء جنازته بل و يلطم
امام تابوته.
ألحب عنده عملية جنسية لكنه يقلب الدنيا بكونه محب و
عاشق و وو.
يخرب و يحطم العلاقات الشخصية, لكنه يدعوا للصداقة
والوئام بآلكلام.
يكذب و يذم الكاذبين ..
يسرق و يلعن الفاسدين
ينتقد السياسة و يموت طرباً لو حصل على منصب ليضرب
ضربة العمر ..
يتكلم ويكتب "مُثقفهم" عن الحضارة والقانون
نقلا عن حكيم و لا يذكر إسمه حتى بإشارة ويغطي عليه بتلاعبه في النصوص.
يعتبر الفلوس (وسخ دنيا), لكنه يقتل الأنسان – بل
شعبا بكامله – للحصول عليها.
ينتقد الأحزاب و آلأفعال و المناصب لكن لو ثُنيت له
الوسادة لفعل ما هو الأسوء!
يتظاهر بآلدين حدّ الأجتهاد والمرجعية والعبادة
واللحية والسبحة والزيارة و حتى اللطم و ضرب القامات؛ لكنه لو قَدَرَ لأجل المال
لقتل ألف عليّ و حسن و حسين و صدر بدم بارد .. ثم يتظاهر بإعطاء الخمس و الزكاة و
مساعدة الفقراءٍ للتغطية على ذلك!
وهكذا نحن و ما زلنا .. نترحم مثلاً على الزعيم عبد
الكريم قاسم و غيره، ونذكر وطنيته واخلاصه ونزاهته وإنسانيته، وندين الذين تآمروا
عليه ونشروا حمامات الدّم والخوف والتعذيب في العراق, لكننا نزيح و نُشرّد
المخلصين اليوم و نقتل المفكريين والأعلاميين والفلاسفة و نقطع أرزاقهم ومرتبهم
خوفا من مزاحمتنا على المنصب و الحكم وننتخب القتلة من جديد لسهولة ادامة الفساد.
نشعر بالأسى على الماضي، ونحاول أن نستعيد الذكرى،
لكي لا ننسى، ولكي تعرف الأجيال مجرمي الأمس, لكننا في الحقيقة ننتقد المقال
الهادف حتى مبادئ الفلسفة الكونية.
نفعل كل هذا، وفي نفس الوقت، نصرف النظر عن أكبر
مفارقة موجعة نعيشها اليوم، فرئيس وزراءنا عادل عبد المهدي البعثي القديم مثلاً
كان عضواً في الحرس القومي البعثي و شارك في إراقة دماء الأبرياء بلا رحمة و اليوم
يتظاهر بآلدِّين والوطنية و يصفق له وينتخبه الجميع خصوصا أهل المواقع و المنابر و
الأعلام و قادة الأحزاب.
فلماذا ندين الفساد و الجرائم، وأحد أفراد تلك
المليشيا الدّمويّة يُدير شؤون العراق بحكومةٍ مُعظم قادتها و نوابها و وزرائها
فاسدون و أبناء ...؟
لا جواب معقول مُقنع، سوى إننا عراقيون و هكذا كنا و
سنكون بسبب فساد عقائدنا و أفكارنا و ثقافتنا و حضارتنا حتى يوم القيامة ما لم
يظهر المصلح الكبير.
الفيلسوف الكونيّ
الفيلسوف الكونيّ
No comments:
Post a Comment