ألطبابة الكونيّة أو أسفار ألرّوح
بعض أسفار ألعرفاء ألحكماء :
بقلم عزيز
حميد مجيد
قلنا في مباحث سابقة و كتب و مقالات عدّيدة .. في باب معرفة الأنسان؛ [عدم وجود خط
فاصل مرسوم بين البدن و الفكر و الرّوح] و إنّما تتداخل بعضها ببعض لأداء وظائف
معينة في نظام معقد لا يعرف كنهه و قوانينه إلا الخالق تعالى , لعدم قدرة أيّ منها
العمل على إنفراد بدون الآخر و بدون الطاقة الكونيّة التي نحن بسبب حفظها و بيانها,
فآلجّميع يعمل ضمن نظام معقد مشترك لأداء وظائف خاصة تنتهي إمّا بعمل الخير أو
الشرّ, و بذلك فإنّ ردود أفعال أي شخص مقابل الوقائع تُبيّن شخصية أو جزء من شخصية
الفاعل.
شخصيّت أيّ إنسان تتكوّن من
قسمين أساسيين؛
- العقل الواعي أو الظاهر.
conscious mind,
العقل أللاواعي أو الباطن.- unconscious mind,
كبعد ثالث في تشكيل
الشخصيّة. Conscienceو آخرين أضافوا
(الوجدان)
و المشكلة أن البشر حتى المتعلمين و المثقفين و المفكريين و الأكاديميين عادة ما
يتميّزون بشخصيّتين في حياتهم و تعاملهم اليوميّ بحسب الظاهر و هما؛
الأولى : الشخصية الظاهريـة و يسعى صاحبها الظهور بمظهر حسن و لائق و مقدّس أمام
الناس للتستر على ذاته.
ألثانية : ألشخصيّة الحقيقيّـة : و هي التي يخفيها صاحبها خلف الأولى و لا تظهر
إلا عند الأمتحان أو فلتات اللسان.
و علة هذا النفاق هو عدم سعيه لكشف ذاته و معرفته و بآلتالي ألسعي و الجهاد لتطهيرها
من الخبائث ليعيش كما هو و بإرتياح أمام الناس و خلفهم و في كل الاحوال.
فآلعقل ألواعي أو ألظاهر مسؤول عن كلّ
نشاط فكريّ و عقليّ و إداركيّ, حيث يعي الشخص كلّ تلك الفعاليات بشكل مباشر و في
مجال و موضوع محدود و معروف له قواعد رياضيّة و حسابيّة و منطقيّة, و تخضع لإرادة
و سيطرة الفاعل.
أما العقل الغير الواعي أو الظاهر(الباطن) و يصطف معه الضمير المكون لشخصية
الأنسان ألسالك؛ يتحقق كلّ عمليّة تفكير أو تقرير بلا سيطرة أو تفكير مُركّز لسعة
المساحات المتحركة التي تشمل الموضوع و التي تصل لمدار الكون كلّه لوحدة الوجود,
لذلك من الصعب وعي جميع الفعاليّات و الجزئيّات .. حيث أنّ التقريرات و المواقف
ألنّاتجة من هذا آلمنطلق يكون عميقاً و هامّاً و مصيرياً, لهذا فإنّ العقل الظاهر
ليس بمقدوره حلّ مثل تلك المعضلات, بل العقل الباطن اللاواعي الذي يكتنز المعارف
الكثيرة كمركز للبصيرة, و لهذا فإن عبادة الله الصادقة لا تتحقق في وجودنا ما لم
نعي حقيقة الآية القرآنية التي تقول : [ما خلقت الجن و الأنس إلّا ليعبدون .. يعني
ليعرفون كما يقول الأمام الصادق(ع)], فآلمعرفة هي المحرك لتفعيل العقل الباطن الذي
يُحدد النوايا و الأعمال و المصير من خلال ثلاثة أركان معرفيّة واجبة هي (ألجّمال)
و (آلعلم) و (عمل الخير)!
و لو فقدنا أيٍّ من تلك الأسس الكونيّة التي تُحدّد سعادة الأنسان في الوجود
بتوفيق الله و رعايته؛ فإنّ آلعناء و آلشقاء و المحن ستحكم حياتنا التي تتحول إلى
عبث و تكرار مملّ و كما هو حال البشر اليوم للأسف!
فآلجمال : لا يتحدّد بآلقواعد و الألوان الصريحة التي أشيعت منذ أزمان؛ إنّما
الجّمال عبارة عن ألوان وحالات غير صريحة يختبئ ورائها عوالم شفافة و مسحة لا
يراها سوى من تسلّح بالمعارف ألمُمتدة في أعماق الوجود و المخلوقات و يحتاج هذه النظرة
الكاشفة إلى رؤية جميلة لا عينيين جميلتين؛ رؤية عميقة تخترق الظواهر نحو بواطن
النفوس والمخلوقات.
و العلم : هو العلم الذي يجعل الكّوانتوم أهم معادلة في تحديد المسار أو الكشف
العلمي, وبدون الكَوانتوم يبقى العلم محدوداً بقوانين نيوتن و كوبرنيكوس و غاليلو
.. و لعل آينشتاين هو أوّل من أشار لهذا العلم قبل قرن تقريباً, حيث صرّح بأننا لا
يمكن أن نحقق المزيد في مجال العلم ما لم نستخدم قوانين الكَوانتوم التي تضفي
بُعداً كونياً على الموضوع المراد بحثه.
فمثلاً الأيمان بآلله يحتاج إلكثير من البحث و التحقيق و الصبر ليتحقق علم اليقين
ثم عين اليقين ثمّ حقّ اليقين, بحيث لو كُشف له الغطاء ما إزداد صاحبه يقيناً
بعدها.
و عمل الخير : هو آلعمل الذي لا يستفيد صاحبه (عامله) من أيّة منفعة ماديّة أو
معنوية أو مصلحة إجتماعية للظهور أمام الناس أو أمام شخص معيّن .. بمعنى يكون
خالصا لوجه الله تعالى المعشوق الأزلي ولا ينتظر عامله أية نتيجة من المنتفع بذلك
العمل, فآلمعروف في هذا المجال؛ هو أنّ كل عملِ معروف إنما يكون معظمه لدوافع
مادية أو شهوية أو سلطوية وإن كان أحياناً يتحقق باسم الله و أوليائه في الظاهر, بينما
الحقيقة غير ذلك في نفس فاعله للأسف لهذا فإن الصدقات و أعمال الخير لا تنفع
عموماً فاعليها لأنها لا تكون خالصة لوجه الله ويشوبه جماح النفوس و المنة و الأذى
و غيرها.
إنّ العرفاء ألحُكماء قد حدّدوا لنا طرقاً و مسالك للوصول إلى تلك المعرفة اليقينيّة
التي معها يتحقق المطلوب, و أبرزها:
- أسفار الشيخ (إبن عربيّ) : الذي لقبه الأمام
الرّاحل(رض) بآلشيخ الأكبر, حيث حدّد 27 مرحلة بحسب رسالات الأنبياء الذين ذكرهم
الباري في القرآن الكريم بآلأسم, حيث يجب دركها لتحقيق المطلوب و الهدف من الحياة
الدّنيا و كما جاءت تفاصيل ذلك في كتابه المعروف (فصوص الحكم)(1), حيث يقول عن
قصّة (الكتاب)؛ بأنّ الرسول(ص) هو الذي علّمني في آلرّؤيا ذلك و أمرني بكتابته, و
يبدأ بـ :
ألفصّ الأوّل؛ حكمة إلهية في كلمة آدميّة .. و ينتهي بـرسولنا الخاتم بتسلسل 27 وهي (حكمة فرديّة في كلمة محمديّة), ثمّ؛
ألفصّ الثاني؛ حكمة نفثيّةٌ في كلمة شيثيّة.
و هكذا تتوالي الفصوص كما عرضناها أدناه حتى آلفصّ الأخير ..
حيث ينتهي كلّ فصّ بحكمة ألكلمة التي تُنسب إليها, فإختصر الشيخ الأكبر على ما
ذكرنا من هذه الحكم في ذلك الكتاب على حدّ ما ثبت في امّ الكتاب بحسب تقريره, الذي
يدعي بأنه أورده بحسب ما رسمه له الرسول الكريم(ص) و إمتثل لوصيته.
1- ألفصّ الأوّل؛ حكمة إلهية في كلمة
آدميّة .. و ينتهي بـرسولنا الخاتم بتسلسل 27 بـ (حكمة فرديّة في كلمة محمديّة).
2- ألفصّ الثاني؛ حكمة نفثيّةٌ في كلمة شيثيّة .. و هكذا تتوالي المراحل بحسب
ألأنبياء تبركاً بأسمائهم الواردة في القرآن.
و فصّ كل حكمة تتبع صفة ألكلمة المنسوبة لها, فإختصر الشيخ الأكبر على ما ذكرنا من
هذه الحكم في هذا الكتاب على حدّ ما ثبت في امّ الكتاب بحسب رؤياه, و يدّعي بأنه
أوردها إمتثالاً لما سمعه و رسمه له الرسول الكريم(ص).
- أسفار ألملا صدرا : و هو صاحب الأسفار ألأربعة(2)
و التي ضمّـت الحكمة المتعالية و تتحقّق بعد تحقق أربعة مراتب, هي :
1- سير آلخلق إلى الحقّ؛ و هو آلسّير و السّعي لطلب المعشوق الحقيقي بديلاً عن
العشوق المجازية بالتجرد عن الماديات.
2- سيّر بآلحقّ في الحقّ؛ و هو السّير عبر أسفار الأنسان لمعرفة الحقّ بشكلٍ مُبرهن
و مشهود ليكون مؤهلاً لهداية الناس.
3- سيّر من الحقّ إلى الخلق بآلحق؛ و هي العودة إلى الخلق بعد معرفة الحقّ بشكل
واضح و مبرهن.
4- سيّرٌ في الحقّ بآلحقّ؛ و هو الذوبان في المعشوق و الرجوع بعد نهاية الأسفار
الكونية التي لا ينالها إلا ذو حظ عظيم.
بإختصار شديد لقد عرض بوضوح (الحكمة آلمتعالية) عبر الأسفار العقلية الأربعة, و
كان صدر الدّين محمد الشيرازي (1572-1640م) بحقّ عارفاً حكيماً جمع أسفاره الأربعة
العظيمة في 9 مجلّدات.
- أسفار فريد آلدّين العطار النيشابوري : و يتحدّد أسفارهُ
بسبعة مراحل جمعها في كتابه المشهور بين
العرفاء بمدن أو أسفار العطار ألسّبعة, و
هي:
ألطلب – العشق – ألمعرفة – ألتوحيد – ألتوحيد – ألأستغناء – الحيرة - ثم الفقر و
الفناء,
و لمعرفة حقيقة و تفاصيل كلّ مرحلة(مدينة)؛ راجعوا كتابنا الموسوم بـ [ألأسفار الكونية
السّبعة] للتفاصيل(3).
- أسفار ألشيخ ألخواجة عبد الله الأنصاري(4), و قد حدّدها
بإثنين و خمسين مرتبة تيمّناً بعدد الركات اليومية و نوافلها والمعروفة بصلاة 52
أو 51 بإعتبار ركعتيّ (الوتيرة) بواحدة لأنها تُؤدّى جلوساً, و ليس سهلا أن يُداوم
الطالب على النوافل اليومية.
- أسفار ألحكيم محمد باقر الصدر : حيث حدّد مراحل السّفر بثلاثة شروط هي:
- معرفة الله - ألتوحيد – ثمّ حُبّ الله(5).
و لكل مرحلة تفاصيل و شروط خصوصاً ألتوحيد الذي إقترنه بآلمعرفة و طبقه عملياً و لم
يتنازل لواغيت و لم يرهبه أساليبهم بل واجههم بصلابة على عكس الآخرين الذين ذهبوا
بأرجلهم على أعتاب قصورهم, حيث إعتبر(رض) مُجرّد الأبتسامة بوجه الظالم شِركٌ
بآلله تعالى ناهيك عن زيارتهم أو أفعال الذين باعوا دينهم بمنصب أو براتب حرام!
و لمعرفة نهجه الكونيّ الذي جدّد به نهج و دين الحوزة التقليدية؛ لا بد من دراسة سيرته
و مسيرته و كتبه حتى شهادته و أخته المظلومة بنت الهدى فكانا بحق حسين العصر و
زينب العصر.
و لكل إنسان نهج و طريق للسفر و معرفة الله, لأن (الطرق إلى الله بقدر أنفاس
الخلائق) كما يقول الحديث ألقدسيّ الشريف, لكن الحقائق الكبيرة التي أوردناها لا تتحقق
مضامينها في الأنسان السالك؛ ما لم يتجاوز آلذات و يخلص لله سبحانه من خلال إخلاصه
للخلق دون أية توقعات منهم كما يحب لنفسه و صدقه مع الذّات, و ليس سهلاً أن تكون
صادقاً مع ذاتك, لأنه يحتاج إلى قتل الذات و هدم اللذات بداخلك لتُصانع وجهاً
واحداً هو الله من دون كلّ الوجوه لأجل المنافع و المطامع, و لم أرَ هذا المستوى
يتجسد حتى بين مراجع الدِّين إلا عند نوادر مثل أستاذنا الشهيد الصدر الفيلسوف و
الشيخ عبد الله الأنصاري و روح الله و الشهداء الذين صدقوا مع الله و مع أنفسهم و
تسلحوا بالنهج الذي يستند على الولاية .. ليكون خليفة الله في الأرض بحقّ, و لهذا
فإنّ الحكماء العرفاء يحدّدون معايير خاصّة للسائرين تتجاوز أن يكون قدّيساً و إنساناً
حرّاً و له ملكات فقط, فلا بد أن يكون
متصلاً بآلله عن طريق ولاية محمد المهدي الذي هو خاتم الأولياء و الأنبياء!
نتيجة البحث؛ هي أنّ الأسفار تؤدي إلى سريان
صفات الحقّ تعالى في الأنسان بإستثناء ألصّفات الثبوتية الذاتية ليكتمل من
كل الوجوه ليصبح خليفة الله ويعود إلى الأصل الذي تفرّق عنه فتحقق وحدة الوجود بعد
ما يتمثل الحق في صور الموجودات, و يمكننا التعبير عن حقيقة وحدة الوجود من خلال صورتين: الأولى؛ لو رأينا الحقّ ظاهراً
فإننا نرى الخلق قد تستر فيه, و لو رأينا الخلق ظاهراً فإن الحقّ يكون مستوراً و
مخفياً فيه, بمعنى وجود علاقة موحدة و متداخلة بين الحقّ و الخلق, بإستثناء
آلصّفات الذاتية الثلاثة(6) التي تختصّ بآلحقّ تعالى, و من هنا أثبتنا خطأ و نفاق مذهب
واصل بن عطاء تلميذ البصري الذي إبتدع مذهب التفويض بخلاف إستاذه الذي كان يؤمن
بآلجبر, و قد إستغل سلاطين بني أمية هذا المذهب لمنافعهم الشخصية السلطوية, بكون حكمهم
مفروض الطاعة و لا يجوز القيام ضدهم و الأيمان بآلقلب يجزي و يستوجب الجنة, و صفات
الله .. بل القرآن كله مخلوق ولا إصالة له, بمعنى أنها قابلة للتغيير و لا يلزم
التمسك و العمل بها, لأنها قابلة للتغيير و قد تنقلب بأمر الله تعالى , هذه
العقائد الفاسدة هي السبب في تحريف مسار الأمة و عن هدفها للوصول إلى الحق, و إن
الله تعالى لا يمكن أن يكون له وجود في الأرض و الكون ما لم يتصف المخلوق بصفاته!
و إعتقد (كانت)
في فلسفته، بأنّ [المعرفة نتاج العلاقة بين الذّهن والأحساس في زمكاني مُعَيَّن]،
لذلك إتّخذتْ فلسفتهِ من (العقل والأدراك) أصلاً لكلّ الفلسفة على مذهب (هيوم) إلى
يومنا هذا وحاول تطبيق الأشياء عليها وليس العكس كما ادّعى الفلاسفة من قبله و
ربما من بعده، و بذلك أبْطَلَ البراهين التقليديّة التي ما زالَ بعض العُلماء
يعتقدون بها، مُعتبراً كُلّ الأدلة الواردة حول إثبات (الله)و من ثم الوصول إليه
ليست تامّة وليست حُجّة، ومن المستحيل (إثبات أصل الذات – الدّليل الوجوديّ –
الذّهنيّ أو بقاء النفس أو الأختيار)؛ عن طريق الأستدلال العقليّ، لذا حين لا يكون
الذّهن و الوجود دليل كافٍ على الله، فلا بُدّ من وجود دليل ثالث وهو الأخلاق!
فما هي الأخلاق التي تكون مقدمة للتّدين و لوجود
الله؟
هذا سؤآل صعب .. و ليس بآلأمكان الأجابة عليه
بسطر أو كتاب أو حتى مجلدات, بل يحتاج لمعرفة و دراسة الهدف من الرسالات و روح
القرآن بآلذات, و الغاية من بعث الرسالات بآلأساس, و دراسة العِلل الأربعة للوجود
ككل, و هي : العلة (الشكلية و الفاعلية و المادية و الغائية) .. للتفاصيل راجع (فلسفتنا
الكونية).
لذلك لا تتحقق الأسفار في وجود السالك ما لم يتحلى و يتصف
بالفضائل و آلأخلاق الحسنة – بعد التّجرّد من الخبائث والتّحلي بالطيّبات لنكون
مُتديّنيّن، وهذا يعني بطلان إدّعاء الدِّين مِنْ أيِّ كان حتى لو كان شعباً أو
مرجعاً دينيّاً وهو لم يُهذّب أخلاقهُ – ألعملية – و سيرته و رزقه بعد تطهير ذاته
من النّفاق والكذب والنّميمة والفساد والتكبر و لقمة الحرام و المناصب الحرام، و بالتّالي
و بحسب نظر هذا الفيلسوف الكبير يُعتبر كلّ مُتديّن لم يُزكيّ نفسه و لم يعرف
حدودهُ و روح ارسالات السّماويّة – كلّ الرّسالات لا فرق – خارج عن التّديّن و الدِّين!
و مجمل هذه الفلسفة تتوافق مع
النّبأ العظيم على لسان الخاتم (ص)؛ [إنّما بُعثّتُ لأتمّمَ مكارم الأخلاق].
هكذا اعتقد (كانت) بأنّ
الأخلاق(7) هي التي تصنع الدِّين و تعكس وجود الله تعالى، والعقل العمليّ(8) هو الذي
يصنع الأخلاق و التي بها يكون الله موجوداً على الأرض من خلال الملتزمين بها و
الدّاعين لها!
خلاصة نظريّة هذا الفيلسوف هي:
[بدون اعْمالِ الأخلاق في الحياة يغدو كلّ ما يتظاهر به ويدّعيه أو يُمارسه
الأنسان في مرضاة الرّب زَعْمَاً دينيّاً وعبوديّةً كاذبة ومُفتعلة]، و هذا هو حال
المُدّعين اليوم.
و سنُين
مستقبلاً في فصول هذا آلكتاب شروط تحرير الطاقة آلخفيّة و تنميتها في الأنسان و
كيفيّة إستخدامها في الطبابة العرفانيّة بحسب قوانين ألفلسفة الكونيّة .. إن كان
في العمر بقيّة إن شاء الله, لنُبيّن للناس كيفية تجاوز ألدِّين القشري السائد
اليوم.
ألعارف الحكيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (محي الدِّين بن عربي 1165- 1240م), فصوص الحكم – منظمة الطباعة و النشر,
إيران/طهران, 2000م, ط2 ص 530 و 531.
(2) راجع الأسفار الأربعة لصدر الدين محمد الشيرازي. (1572 – 1640م), دار إحياء
التراث الإسلامي 9 أجزاء.
(3) راجع: كتاب الأسفار الكونية السبعة في الرابط أدناه, لمعرفة كيف إن الوصال مع
المعشوق لا يتحقق بسهولة :
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%81%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86%D9%8A-%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3-%D8%A8%D8%B9%D9%87-pdf
(4) (الأنصاري, عبد
الله 1640م-1572م), كتاب منازل السائرين, دار الكتب العلمية, 1988م. ط1.
(5) ورد مضمون تلك المراحل في كتاب المدرسة الإسلامية.
(6) و هي؛ (العلم و البقاء و القدرة).
(7) لأخلاق؛ هي دراسة معياريّة للخير والشّر تهتمّ
بالقيم المُثلى، وتصلُ بالإنسان إلى الارتقاء عن السّلوك الغريزي بمحض إرادته
ألحرّة؛ بعكس الّذين قالوا؛ بأنّ الأخلاق ترتبط بما يُحدّدهُ ويفرضهُ الآخرون،
وترى أنّها تخصّ الإنسان وحده، ومصدرها ضميره ووعيه، ويعتقد أفلاطون بأنّ الأخلاق
تتمثّل في كبح شهوات الإنسان، والتّسامي فوق مطالب الجسد بالالتفات إلى النفس
والرّوح وتوجيههما لتحصيل الخير والمعرفة ومحاربة الجهل، أمّا (الأخلاق) بنظر
الأنبياء وأئمة المسلمين (ع)، فإنّها تُوجه عقل وروح الأنسان لأن تحفظ في النهاية
الكرامة الأنسانية، من خلال القول والفعل والنيّة، ولهذا يمكن إعتبار تعريف (أفلاطون)
ثمّ (كانت) و(شوبنهاور) وغيرهم: بأنها خلاصة ما جاء به العرفاء والأئمة والأنبياء
وهي (إتمام مكارم الأخلاق)، لكن مع فاصل الزمن بين الفئتين.
(8) العقل النظري والعقل العملي، مصطلحان يُستخدمان في بعض العلوم؛ فالعقل العمليّ
في اصطلاح المناطقة هو المعبَّر عنه (بالحسن والقبح) عند المتكلّمين، والمعبَّر
عنه (بالخير والشرّ) عند الفلاسفة، والمعبَّر عنه (بالفضيلة والرّذيلة) في اصطلاح
علماء وأئمة الأخلاق، أما المراد من العقل النظري فهو العقل المُدرك للواقعيات التي
ليس لها تأثير في مقام العمل إلاّ بتوسّط مقدّمة اخرى، كإدراك العقل لوجود الله،
فإنَّ هذا الإدراك لا يستتبع أثراً عملياً دون توسّط مقدّمة اخرى كإدراك حقّ
المولويّة وانَّ آلله هو المولى الجدير بالطاعة، والمراد من العقل العمليّ هو
المُدرك لما ينبغي فعله وايقاعه أو تركه والتحفّظ عن ايقاعه، فالعدل مثلا ممّا يُدرك
العقل حُسنهُ وانبغاء فعله والظلم ممّا يُدرك العقل قبحه وانبغاء تركه، وهذا ما
يُعبِّر عن إنّ (حسن العدل وقبح الظلم) من مُدركات أو بديهيات العقل العملي وذلك
لأنَّ المُمَيّز للعقل العمليّ هو نوع المدرَك فلمَّا كان المُدرك من قبيل ما
ينبغي فعله أو تركه فهذا يعني انَّه مدرك بالعقل العمليّ هذا ما هو متداول في
تعريف العقل العملي، وجاء السيد الصدر بصياغة اخرى لتعريف العقل العملي وحاصلها؛
إنَّ العقل العملي هو ما يكون لمُدركه تأثير عملي مباشر دون الحاجة لتوسّط مقدّمة
خارجيّة.
No comments:
Post a Comment