صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Friday, March 29, 2024
البلاء للمبتلي ذنب آبائهم .. هذا بلا أبوك يا عقاب !
هذا بلا أبوك يا عقاب
و(البلا) هنا يعني: البلاء أو المصيبة. . أما (عقاب) فهو شخصية بدوية افتراضية. يخاطبها الذين فقدوا صبرهم كي يبثوا إليه شكواهم، أو للتعبير عن بلواهم أو البلاء الذي أصاب شعوبهم.
وعبارة (هذا بلا أبوك يا عقاب) من الامثال الشعبية المتداولة في الشرق، وتتناسب مع الكثير من المواقف السياسية والاجتماعية التي عصفت بنا، وتسببت في تخلفنا عن بقية الشعوب والأمم. .
البارحة تذكرت هذا المثل البدوي عندما كنت اقرأ فتاوى اطلقتها مؤخراً مجموعة من وعّاظ السلاطين الذين ابتليت بهم الأمة منذ قرون وقرون. فبصرف النظر عن كل ما قالوه في تبرير أخطاء الأمراء والسلاطين في الأزمنة الغابرة، جاءنا الآن من يضيف الرياح القوية للمهزلة، ويحذر الناس من انتقاد تصرفات الرؤساء حتى لو كانت خارجة عن المألوف، وخادشة للحياء، ومخلة بالشرف، ومتناقضة مع الاعراف والسنن والشرائع، وحتى لو كانت متقاطعة مع القيم والمبادئ. .
تقول الفتوى الجديدة: (أنه لو خرج الحاكم الفاسق على الهواء مباشرة يزني بمومس، ويشرب الخمر لمدة نصف ساعة يومياً فلا يجوز الخروج عليه). .
وقال آخر: (لو أن الحاكم فعل كل معصية دون الشرك وأتى بقراب الأرض معاصي زنا ربا خمر قتل … إلخ مما هو دون الكفر فإنه لايجوز الخروج عليه). .
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الواسطية / الشرح الثاني / الشريط 18): (لو فرضنا أن الأمير فاجر وفاسق كل ليلة مع مومس فإننا نرى وجوب الجهاد معه، ولا نعصي الله فيه). .
وأكد الشيخ عبد العزيز الريس في فتوى أخرى: (أنه ينبغي التحدث بأسلوب يؤلف قلوب الناس على الحاكم حتى ولو كان يزني كل يوم نصف ساعة أمام التليفزيون). .
تخيل ان يخرج لنا زعيم من زعماء العرب عارياً تماماً (من غير هدوم) على شاشة التلفاز صباح كل يوم ليقدم لنا استعراضاً حياً وبالمباشر عن ارتكابه المعاصي بالصوت والصورة، بينما لا يحق لنا الاعتراض أو الطعن بنزاهته أو التشكيك باستقامته، أما إذا تجاوز استعراضه الاباحي مدة نصف ساعة، فيحق لنا عندئذ الاستعانة بالرموت كونترول لتغيير القناة والبحث عن محطة اباحية أخرى لمتابعة استعراضات رؤساء الأمة في التعري والخلاعة. ويتعين علينا بعد هذه الفتاوى إعلان الولاء المطلق للسلطة الحاكمة، والطاعة الكاملة للحكام، والدفاع عن مواقفهم وسياساتهم مهما كانت، والذود عن هفواتهم ونزواتهم ورغباتهم السادية والسيادية. .
لا شك ان هذه الفتاوى الاباحية يرفضها العقل والمنطق، لأنها تنسف كل الاحاديث التي جاءت بها الديانات لمحاربة المنكر. .
واللافت للنظر ان الذين اطلقوا هذه الفتاوى ماانفكوا يرددون على مسامعنا هذه الحكاية: (قال الخليفة: أيها الناس من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقومه ـ فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا، فقال الخليفة: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج الخليفة بسيفه). ويختصرونها أحياناً، فيقولون: (وقال أمير المؤمنين: إذا أصبت فأعينوني، وإذا أخطأت فقوموني). .
انا شخصيا لا أنتقد هؤلاء المنافقين، الذين يتظاهرون بالورع والتقوى، ويزعمون انهم سائرون على خطى السلف الصالح، لكنني أناشد الرؤساء والملوك والامراء بضرورة التصدي لهم، لأنهم اساءوا إلى الزعماء أنفسهم، ولأنهم شوهوا صورتنا أمام الشعوب والأمم. ولابد من إعلان البراءة من هؤلاء المنافقين. وهذا واجب أصحاب المروءات في التصدي لأهل الخداع والنفاق. فإن شر النفاق ما داخلته أسباب الفضيلة، وشر المنافقين قومٌ لم يستطيعوا أن يكونوا فضلاء بالحق، فصاروا فضلاء بشيء جعلوه يشبه الحق. .
وللحديث بقية. . .
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment