حول إمكانيّة إعادة بناء الدّعوة – القسم الثاني:
حزب الدعوة أصبح اليوم في آخر القائمة الأسلامية - الشيعية في العراق بعد ما كان يتصدر القوائم بلا منافس ببركة دماء الشهداء و تأريخه الممتد لسبعين عاماً .. و السبب في هذا الأنحطاط هو الفساد العلني الذي ركنه خارج "العملية السياسية" كما يسمّونها .. و لم يتسبب بدمارها سوى الجعفري و البياتي و الحلي و عبد الحليم والعلاق و الخزاعي و جواد جميل(حسن السّنيد) و سعد المطلبي و كلّ الجّهلاء الغير مثقفين ممّن تصدّى لقيادته و تمثيله و أسوأهم هو المدعو (سامي العسكري) الفاسد ألذي لا يعرف حتى تعريفاً صحيحا للأسلام, خصوصا بعد 2003م و قبله, ليحصل على عضوية البرلمان الفاسد أساسا بسبب الدستور العراقي الفاسد أيضا و البعيد عن العدالة خصوصا في مسألة الحقوق, و لأن هؤلاء الذين إنخرطوا في حزب الدعوة و حتى قيادته؛ كانوا إمّا ضمن خلايا البعث و أعرف بعضهم أو كان ينتمي للحزب الشيوعي أو التنظيمات الأخرى, و أنا شخصيا أعرف تفاصيل عنهم ثم إنتموا للحزب لمعرفتهم بمدى شعبيته وإمتداداته في الوسط العراقي .. وإنّ خروجي من حزب الدعوة منذ عام 1982م كان بسبب رؤيتي لتلك الوجوده التي كانت تمشي و تجلس و تتكلم بإسلوب و نمط بعثي - صدامي بعيد عن أخلاق و تواضع المؤمنيين رغم محاولتهم التصبغ بصبغة الله, و قد نبهتهم و قلت لهم و الحلي و أبو سعدي و الجعفري و حتى أبو بلال و عبيس و إسعيّد و غيرهم يشهدون حين قلت لهم: قيادة الدعوة للأمس القريب كانت بأيدينا في شوارع بغداد و قلب العاصمة وفي الكاظمية التي فجّرنا فيها أكبر مظاهرة كادت أن تسقط النظام لولا خيانة ("آية الله" العظمى حسين الصدر) وهكذا باقي المحافظات .. و أنتم لم نسمع بكم و لا بأسمائكم و لا بكناكم و لا بفعالية واحدة حتى إعلامية بسيطة منكم داخل بغداد أو أية محافظة عراقية أخرى ولا هم يحزنون .. فمتى صرتم دعاةً وقوق ذلك قياديين .. بل و وصلتم للقيادة العامة .. ثمّ مَنْ أوصلكم لقيادة الدعوة و كل كوادر الدّعوة (المائة) في العراق قد إستشهدوا بعد شهادة (قبضة الهدى) خصوصا خلال عام 1980م بعد نجاح الثورة و خرج خيرة العلماء من قيادته كآلسّبيتي وآلكوراني وأبو عقيل ثم الحائري الذي تم طرده .. يا للعجب .. و آخرهم الشيخ الآصفي و أكثر من هذا إيلاماً؛ حذف المجلس الفقهي الذي كان يتقدّم على القيادة العامة في الهيكل التنظيمي, و لم يبق من كوادر الدعوة في العراق سوى أربع أو خمسة من الدعاة .. أي أقل من عشرة أعضاء في أحسن الأحوال يدعون لله حقا و لا يخافون لومة لائم و هم يجوبون العراق طولاً و عرضاً و لا من ناصر أو معين ينصرهم أو حتى يأويهم و كانت لهم قصة مع الله كتبناها بآلدّم و الدموع بحيث لم نشهدها في التأريخ .. ثمّ إستشهد من تلك العشرة الباقين سبعة أعضاء منهم و لم يبق في العراق بعدهم سوى 2 أو 3 أو 4 من الدعاة فقط .. فأين كنتم أيها المُدّعون العملاء أنذاك؟
هل كنتم في الكويت؟
أم في لندن"الأسلام"!؟
أم في إيران الشاه!؟
أنا أشك بدعوتكم و حتى صلاتكم و صدقكم لعدم مصداقيتكم .. خصوصا مع الله و ولايته (ولاية الفقيه) التي كنتم تنكرونها علنا بل كفرّه مرجعكم الأعلى حين ساند شاه إيران بآلدموع و الدعاء والدم حتى إنتصار الثورة رغما عنكم ..
و هكذا تفاقمت الأحداث بعد عام 1979م ثم 1981 و 1982م و كم حاولت أصلاحهم و ردهم عن غييهم .. لكنهم لم يكونوا مثقفين و لا مؤمنين حقيقيين بل كانوا تقليديين و كانت تنقصهم حتى الثقافة العقائدية و الحركية و مصلحة الأسلام العليا و موقع الثورة و خطها الثوري بآلنسبة لأهداف الدعوة التي إنقلبت و إختلطت و لم يكن حتى الجعفري و أمثاله حينها و للآن يعرفون ترتيبها .. وموقعها المرحلي و أين يعيشون الآن طبقا لتلك المنهجية ..!؟
للأسف صديقنا أبو إسراء لم يكن هو الآخر له وجود سوى أني عرفته فيما بعد أواسط الثمانينات في بيت (الجهادية) بآلقرب من مبنى الاتحاد الأسلامي بشارع أراسته في ساحة فردوسي بطهران .. يعني بصراحة لم يكن هو الآخر في قيادة الدّعوة أيام المواجهات الكبرى الدامية مع نظام صدام .. لكنه كان أكثر إتزانا و خلقا و أدباً من الآخرين .. هذه للتأريخ ..
و حين إلتقيته في دمشق لآخر مرة في المركز الأعلامي و كان الجعفري موجودا هناك بآلصدفة لأنه كان يقيم في لندن(الولاية) و(الحماية) مع باقي الشلة كآلربيعي و المطلبي و نهر العلوم .. و أتذكر كان عباس البياتي موجوداً بآلمناسبة؛ طرحت عليهم سؤآلا و كان ذلك في عام 1995م, يبدو أنهم لم يستوعبوه .. و هو:
[أخوان بحسب قرائتي للساحة و(المنطقة الكبرى) - لكوني إعلامياً و باحثاً كما تعلمون - فإن العراق مقبل على تغيير جذري و حقيقي لكن لا من الداخل طبعا .. بل بتأثير خارجي و هجوم عسكري من الخارج بفعل تحالف دولي أقرّته أمريكا و لندن .. طيب ما هوموقفكم و برنامجكم للحكم بعد سقوط الصنم!؟
و هل أنتم أساسا تملكون برنامجاً بديلاً !؟
سكت الجميع و لم أسمع حراكاً أو شيئا إلا من الأخ السيد النوري الذي كان موجوداً برفقتنا هو الآخر وحاضرا في المركز بقوله:
[نعم .. لدينا برنامج],
قلت له على الفور أين هو لو كان حقاً!؟
هنا أنزعج و سكت مع الجميع .. و إلتفتُّ للسيد الجعفري و عبيس و غيرهم لا أتذكر .. وقد حنوا رؤوسهم خجلاً .. و ألسيد أبو إسراء تعصب قليلاً .. ولم يكن له رأي ولا أي جواب سوى إبداء إمتعاضة لم أفهم معناها .. و تلك كانت قيادة الدعوة و فهمها في أدق و أخطر قضية لم يكونوا حتى قد سمعوا بها .. ناهيك عن أن يكونوا فاعلين للتعامل معها!!!!
و ختمت الموقف بآلقول: [العراق سيُقابل بعد السقوط مع هذا الوضع المؤسف الفوضى و التيه و الدمار الكامل].
فأن كنتم أنتم .. لا تملكون برنامجاً و دستوراً و نظاماً و منهجاً للحكم و تدّعون ما تدّعون .. فمن يمكن أن يكون له ذلك بعد؟
لذلك قرأت سورة الفاتحة منذ ذلك الحين على العراق و مستقبله الأسود الذي نعيش بداياته الآن و المشتكى لله.
و هكذا وقعت الواقعة .. و شهدنا كيف كسح تيار الجّهل و الغرور ليس العراق .. بل كلّ (دعاة اليوم) الذين إنخرطوا جميعا في الحزب في ليلة و ضحاها طمعاً بآلحصول على مال و منصب و جاه و راتب و قد حصلوا .. لكن مقابل خراب و دمار الدّعوة و المدّعين الحقيقيين و العراق و العراقيين ..
و لنا كلام خاص و خاصّ جدّاً .. ربما سآخذه للقبر لأواجه الله تعالى به .. لأنه الوحيد الذي يعرف سرّ الأسرار و ما تُخفي الصدور في عالم مليئ بآلفوضى و بآلنفاق و الدجل و الكذب و التكبر الفارغ لأجل حطام الدنيا ..
و العاقبة للمتقين
No comments:
Post a Comment