Tuesday, October 08, 2024

دور الحلم في تقويم الحياة :

دور الحلم في تقويم الحياة ربما كانت سعة الصدر من اهم علامات الرجل المهذب الذي تثقف بمختلف الاداب والعلوم، كما هي ايضا من اهم شروط الحضارة. فالرجل الذي غذا نفسه وثقفها ووقف على آراء المتقدمين والمتأخرين لا يسعه ان يتعصب لفكره سوى الفكرة القائلة بحرية الرأي. فهو يستطيع ان يتحمل كل نقد ويتسامح فيه لانه قد وقف على آراء الكثيرين المختلفين، وقدر وجهات نظرهم وعرف حسناتها كما عرف سيئاتها، اما الرجل الجاهل فيتعصب لرأي او فكرة ويحتد في الدفاع عنها لانه قاصر على الوقوف على وجهات النظر التي تخالفه. وسعة الصدر ايضا من الشروط اللازمة للحضارة وهي هنا تسمى التسامح، فليست تقوم في العالم حضارة بلا تسامح، وذلك لان الامة بطبيعتها تنقسم في الاراء والمذاهب وطوائف متباينة، فإذا لم تتسامح هذه الطوائف وإذا لم ترضى لغيرها بالوجود كما ترضى لنفسها به، فإن التعصب يدفع الى التناحر الذي قد ينتهي بحرباهلية فيها فناء الامة وحضارتها. وهنا يجدر بنا ان نقول ان الاحرار يقصدون من هذه اللفظة السخاء وسعة الصدر، كما يقصدون منها الحرية وعدم الضن بالاصلاح على الطبقات الفقيرة. فالرجل الحر الذي يطلب الحرية ليس هو الذي يطلب الحرية لنفسه فقط وهو ايضا ذلك الذي يحس بالاريحية وشماء النفس وسعة الصدر. ومثل هذا الرجل ضروري لكل هيئة اجتماعية راقية وقد انتهى الناس من التعصب الديني وعرفوا ان التسامح في العقيدة الدينية هو خير ضمان للسلم والامن بعد ان قضوا مئات السنين في الحروب الدينية التي لم ترد احدا عن عقيدتهولكن بللت الارض بالدماء وزادت الاحقاد والضغائن واخرت الامم ودمرت الحضارة. الرجل المثقف يقبل التنقيح والابدال ولكنه عند الرجل الجاهل عقيدة راسخة لا تقوم على عقل ورؤية. فلتكن دعوتنا الى التسامح وسعة الصدر للتعدد ولتكن ادواتنا التي نتوسل بها الى ذلك زيادة المعرفة ونشر الثقافة بين الناس حتى لا يقتصروا على وجهة واحدة في الرأي تتجمد في نفوسهم فتصير عقسدة راسخة، بل بالعمل على اضعاف روح التعصب حتى لا يرون ما للشخص فقط بل يرون ما عليه ايضا.

No comments:

Post a Comment