صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Saturday, November 30, 2024
قصيدة القصائد للجواهري : يا غريب الدار :
قصيدة القصائد للجواهري :
هي قصيدة يا غريب الدار
من لِهَمٍ لا يُجارى
ولآهاتٍ حَيارى
ولمطويّ على الجمرِ
سِراراً وجِهاراً
طالباً ثأراً لدى الدهرِ
الذي يطلُبُ ثارا
مَنْ لناءٍ عاف أهلاً
وصِحاباً، وديارا
تَخِذَ الغربة دارا
إذ رأى الذُلَّ إسارا
إذ رأى العيشَ مداراةَ
زنيمٍ لا يُدارى
من لِستينَ انْطوَتْ مثل
دمِ العبد جُبارا
سُوقِطت رجماً كما يرمي
الملبّون الجِمارا
يا غريبَ الدار لم يُخْلِ
من البهجةِ دارا
لم يدعْ طيفاً يواسي
مقلةً إلا أزارا
يمنح الشجوَ الثكالى
وشذا الحبِ العذارى
يا نديماً يعصر الخمرةَ
ليلاً ونهارا
ويُساقي من دمِ القلبِ
أخا الهمِ عُقارا
تأخذ النشوة منه
ثم تنساهُ السُكارى
يا أخا الفطرةِ مجبولاً
على الخيرِ انفطارا
وأخا البسمةِ ضاهتْ
بسمةَ الفجرِ افترارا
مسحت عن أوجهٍ عاثَ
بها البؤسُ اغبرارا
تحتها من غُصصٍ
ما يوسعُ القلبَ انفجارا
يا جواداً شاب كهلاً
فَرْطَ ما خاضَ المغارا
يا سَبوحاً عانق الموجةَ
مدّاً وانحسارا
لم يُغازلْ ساحلاً منها
ولا خافَ القرارا
يا دجيَّ العيشِ إن يَخْبُ
دجى الناسِ أنارا
يا وديعاً ينفض الموتَ
بنعليه غبارا
يا بنَ "ستّينَ" يعدُّ
العمرَ للروح إطارا
غمرةُ خُضْها كما
خُضتَ ابن "عشرينَ" غِمارا
يا غريبَ الدارِ ناغِ الشعرَ
يَمحَضْكَ الحِوارا
النديمُ السمحُ إنْ
راوغَ ندمانٌ وجارا
أحرفٌ عِشتَ وإياهن
عُسْراً ويَسارا
أنت والهمُ اعتسافاً
وطِماحاً تتبارى
أبداً تقدَحُها قدحَكَ
في الزَندِ الشرارا
يا غريبَ الدارِ كم نبعٍ
تطامى ثُمَّ غارا
غيرَ نبعٍ كلَّما
فجَّرته دارَ فدارى
يا غريب الدار لا تأْ
سَوإن ضِقْتَ اصطبارا
خُلِقتْ عيناك كي
تعترفا النومَ غِرارا
وضميرٌ راح من
جسمك يمتصُ اعتصارا
كنت منه مثلما المِعصمُ
إذْ يشكو السِوارا
كان من خَلقِك خلقاً
فهو لا يقوى فِرارا
كان كالمِحوَرِ
ما طابقتِ الدورة دارا
يا غريب الدار
والأيامُ كالناسِ تُدارى
وبناتُ الدهرِ يغلِبْنَ
بني الدهرِ ابتكارا
خيرُ ما عندك ما
تحسَبُ شرّاً مستطارا
أنْ تذوَّبتَ انسجاماً
في الرزايا وانصهارا
ثمناً تدفع عن معركةٍ
خُضتَ انتصارا
ديةُ الثائرِ أن
يحتملَ النفْعَ المُثارا
يا غريبَ الدارِ ما فخرُ
المنيبينَ اضطرارا
ما افتخارُ العُود أنْ
تَلوي به الريح انكسارا
والهَشيمِ اليَبْسِ أنْ
شبَّتْ به النارُ أُوارا
الرجولات اعتزازٌ
يتحدَّى الإغترارا
والمغاويرُ يجدِّونَ
مدى الدهرِ مَغارا
يا غريبَ الدارِ وجهاً
ولساناً، واقتدارا
ومُزيرَ الناسِ أطيافاً
وإنْ شطَّ مَزارا
قَرَّ في ضحضاحةٍ كالسيل
ينصَبُّ انحداراً
لا تُشِعْ في النفسِ خُذلا
ناً وحَوِّلهُ انتصارا
لو تشاءُ الحقَ لاستوفى
بك الرِيحُ الخَسارا
أَحْصِ ما ساقَطْتَ من
مُثمرةِ تَرضَ الثُمارا
أنتَ شِئتَ البؤسَ نُعمىً
ورُبى الجنَّاتِ نارا
كنتَ حرباً والليالي
واللذاذاتِ الكِثارا
شئتَ أن تُحرَمَ من
دنيا، ترضَّتْك مِرارا
شئتَ أن تهوَى الذي
غَيْرُك سَمّاهُ انتحارا
شئتَ كيما تمنحَ الثورةَ
رُوحاً أن تُثارا
اختياراً شئتَ ما الناسُ
يشاؤون اضطرارا
كنتَ، لولا ذمةٌ، تملِك
في الأمرِ الخِيارا
عبَّدوا دربَك نَهْجاً
فتعمَّدْتَ العِثارا
وتصوَّرت الرجولاتِ
على الضُرِّ اقتصارا
لم تكنْ فذَا ولا كانَ
لك البؤسُ احتكارا
أنت من بؤسِ الملايينِ
تُخِيِّرتَ اختيارا
كنت للمَقرورِ ناراً
ولضِلِّيلٍ صُوارا
كنت عن جيلٍ تبنتْكَ
رزاياه شِعارا
لو خَلا من صورةٍ
أنتَ عليها لاستعارا
يا غريبَ الدار مَنسياً
وقد شعَّ ادِّكارا
عاش والناسَ كما عاشَ
غريمانِ ضِرارا
ذنبُه أنْ كان لا يُلقي
على النفس سِتارا
إنَّه عاش ابتكارا
ويعيشون اجترارا
زمناً حتى إذا الموتُ
طواه فتوارى
واستبدَّتْ ظلمةُ القبرِ
به.. عاد مَنارا
أسرجوا "الاكليلَ" غارا
يستجِدُّون فَخارا
ويُضيفونَ إلى عارٍ
من الخِسَّةِ عارا
يا غريبَ الدارِ لم تَكْفَلْ
له الأوطانُ دارا
يا "لبغدادَ" من التاريخِ
هُزءاً واحتقارا
عندما يرفع عن ضيمٍ
أنالتهُ السِتارا
حَّلأتْهُ ومَرَت للوغدِ
أخلافاً غِزارا
واصطفت بُوماً وأجْلَتْ
عن ضِفافَيها كَنارا
وأقامتْ من دمٍ كلَّلهُ
الحقدُ، جدارا
وأجالت أعيناً حُولاً
من الغيظِ ازورارا
وأرتهُ الضحكةَ الصفراءَ
عن خُبثٍ توارى
فهي كالشوهاء ألقتْ،
تستر القبحَ، الخِمارا
واستجاشت زمر البغي
نُفاياتٍ خُشارا
شَرَهُ الأحقادِ كالجوعانِ
يشتمُّ القُتارا
كلُّ مهتوكٍ يرى في
هتكِهِ ستراً دثارا
يا لأجنادِ السفالاتِ
انحطاطاً وانحدارا
وجدت فرصتَها في
ضَيْعةِ القَوم الغَيارى
يا غريبَ الدارِ يا من
ضَرَبَ البِيدَ قِمارا
ليس عاراً أنْ تَوَلِّي
من مسفّينَ فِرارا
دَعْ مَباءاتٍ وأجلا
فاً وبيئينَ تِجارا
جافِهِمْ كالنَسرِ إذ
يأنَفُ دِيداناً صِغارا
خلقةٌ صُبَّتْ على
الفَجرةِ دعها والفِجارا
ونفوس جُبلت طينتُها
خِزياً وعارا
خَلِّها يستلُ منها
الحقدُ صُلْباً وفَقارا
خَلِّ مسعوراً وما استكلب
.. لا تَشْفِ السُعارا
وذبيح الإحَن السوداءِ
دعه والشفارا
أنت لا تقدر أن تزرعَ
في العُور احوارا
وقتَادُ الشَوك لا يحصده
الجاني عَمارا
وجَنَى حنظَلَةٍ لا يمنعُ
الشُهْدَ اشتيارا
يا صليب العود يأبى
حين يُلوى الإنكسارا
تُطمع العاصف فيه
رقَّة النبع اخضرارا
يا غريب الدار
ما سِيّانِ دعوَى وافتخارا
كاشف نفساً كما يلتمع
النجمُ ازدهارا
ومداجون، يَضبِون
وِجاراَ فوِجارا
بعد الدربانِ غاياً
وطموحاً، واختبارا
ولقد أحسنتَ إذ شئت
الأشق الإختيارا
يا غريبَ الدارِ في
قافلةٍ سارت وسارا
لمصيرٍ واحدٍ ثم
تناست أين صارا
سامحِ القومَ انتصافاً
واختلِق منك اعتذارا
علّهم مثلَكَ في مُفترَقِ
الدربِ حَيارى
سِرْ وإياهم على دربِ
المشقاتِ سِفارا
فإذا ما عاصفُ الدهرِ
بكم ألوَى وجارا
فكن الأوثقَ عهداً
وكُن الأوفى ذِمارا
قل لهم إنّك قد طِحْتَ
وإياهم نِشارا
مثلما الزهرُ أطارتهُ
عصوفٌ فاستطارا
أو فلا لومٌ، ولا عذرٌ
ولا قولٌ يُمارى
سِرْ على نهجِكِ كالخرّبِتِ
بالنجمِ استنارا
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment