Thursday, December 12, 2024

بيان الفلاسفة لعام2025م :

بيانُ الفلاسفة لعام 2025 م إستقراءٌ للماضيّ و آفاق ألمستقبل تأليف ألفيلسوف الكونيّ : عزيز حميد الخزرجي بسم الله الرحمن الرحيم In the name of God, the most gracious, the most merciful قال تعالى في القرآن الكريم: [ بقيّة الله خير لكم إن كنتم مؤمنين و ما أنا عليكم بحفيظ ]. هود: 86 What remains from Allah is better for you, if you are believers, And I am not a guardian over you. Hud: 86 ألمُقدّمة المقدمة : توضيح و جيز حول البيان: بإطمئنان و ببلاغة عالية وبأدلة فلسفيّة و واقعية نقول : [ألجّهل أصل كل شرّ]ألأمام علي بن أبي طالب, فما يجري في بلادنا و العالم هو بسبب الجهل و قلّة الوعي بآلدّرجة الأولى و الذي يتزامن مع تسلط الأشرار و الطواغيب على مقاليد الأمور فتتفاقم الأحداث و تتعقد الحياة و ينتشر الفوضى و الحرب و العنف ليواجه العالم أزمات حقيقيّة, بحيث إن 200 مليون هربوا من بين 135 دولة بحثاً عن الدواء و الغذاء و الاستقرار, مع وجود 900 مليون يعيشون في خط الفقر, رغم إن خيرات الدّنيا تكفي لثلاثة أضعاف نفوس عالم اليوم, و العراق الذي هو أرض السواد؛ أبرز مثال على ذلك, فبآلرّغم أنّها من أغنى دولة العالم, إن لم يكن الأغنى, لكن فيها بحدود 11 مليون يعيشون تحت خط الفقر و عامّة الشعب يعيش النقص في الدواء و العلاج و التعليم و آلخدمات إلى جانب العنف و الفساد الذي لم يعد له حدود مع سيطرة كل دول العالم بشكل من الأشكال عليه! إنّ الحلّ الكونيّ لهذه المعضلة البشريّة القائمة و المستعصيّة منذ الأزل على الأرض, يكون : بنشر ألفكر و المعايير الفلسفيّة الكونيّة ضمن الأصول الإبراهيمية العشرة لتحديد القوانين المطلوبة لتُميّز المخلوقات الخير و الشر؛ الحُبّ و الكراهيّة؛ العبوديّة و التّحرر؛ لقمة الحلال عن الحرام؛ التوحيد و الشرك؛ جوهر الدِّين؛ و غيرها عبر آلمساجد الفاعلة و آلمُنتديات ألفكريّة و آلدّروس الجّامعيّة و الدّينية, لأنّ إستمرار الوضع بظلّ و إدارة الحكومات الفاسدة و مراكز التسلط و المنظمات العالميّة التابعة للمنظمة الأقتصادية؛ فإن الشعوب ليس فقط لا تُحقق الحدّ الأدنى من الفلسفة الغائيّة من وجودها, بل ستواجه المردودات العكسيّة و الشقاء بسبب المنابر التقليديّة و الأعلامية الحكوميّة, لتحقيق أهدافها الخاصة المعاكسة لمعايير العدالة و حقوق الشعوب و الأمم, و التي أدّت إلى تعميق الفوارق الطبقيّة و تشويه ألقيم و الوعي و الحياة مع العيش الذليل لعموم الناس, و بآلتالي فقدان ألرّاحة و المحبّة و الرّحمة حتى بين مُدّعيه الذين إتّجهوا نحو قوى الشرّ و النفاق لتحقيق منافع مادّية آنية لينتقل العالم من سيئ إلى الأسوء بدل الأحسن, خصوصاً بعد التطور العلمي و التكنولوجي و النانوي بفضل الذكاء الصناعي الذي حلّ محل البشر للإستغناء عنهم ! و الذي يحزّ في النفس في هذا الوضع المأساوي, هو ؛ بقاء (الجّماهير) على جهلها و عدم معرفتها بحقيقة الحياة و فلسفة الحقوق الطبيعيّة التي تعني بكلّ بساطة؛ أن الحاكم و المسؤول و الرئيس هو خادم له (للمواطن) و ليس آمر عليه ليسرقه و يتعالى عليه .. وليس للحاكم و الرئيس الحق في إستغلال منصبه لتعيين ذويه و مقرّبيه, أو للثراء والفساد وهضم حقّ المواطن والعامل , الذي حقّه لا يختلف عن حقّ أيّ مسؤول أو مواطن , و هذا هو النظام الذي يريده الله للناس خصوصاً المدّعين للأسلام والجهاد وكما جاء بيانه من الله تعالى وهو أصدق القائلين في القرآن الكريم, حيث قال في سورة الحشر /7: [ مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ]. لكن ألمُحَيّر و العجيب بجانب ذلك أمام هذا العدد الكبير من المسلمين المدّعين للأيمان و الذين يقاسون العذاب ؛ هو أننا لو طرحنا قضيّة ظهور المنقذ ألموعود و حاجته إلى المُمهدات لأنقاذهم, و منها وجود مناصرين بعدد 313 مؤمن مخلص واعي - بعدد جيش بدر, الذين بفقدهم حجبوه عن الظهور؛ نعم لو دعوناهم لَمَاَ وجدناهم يسمعون و ينصرون, ليظهر و يُرينا معجزته العظيمة في التوراة/العهد القديم و في الأنجيل في سِفر إشعيا/الفصل 53, القسم العاشر, و الذي بكشفه ينبهر العالم و يؤمن به الغرب قبل الشرق المكثور بآلمآسي بسبب حكامه و أحزابه الظالمين و جيوش المنافقين!؟ لقد ورد في الكافي/ م8/275/220 عن أبي بصير عن ألأمام الصادق (ع) في حديث متواتر , قال: [الناس طبقات ثلاث: طبقة منّا و نحن منهم؛ و طبقة يتزيّنون بنا؛ و طبقة يأكل بعضهم بعضاً بنا]. ذاك هو حال الشرق الأوسط و بلاد المسلمين التي تتعرّض للتغيير والتبدل و الفوضى و آلأنقلابات بعد إستسلام "حزب الله و أمل و الدّعوة و بدر و قادة الفصائل و العصائب الإسلاميّة في العراق و الشام و أمثالهم في الجيوش" التي قادتها قد نهبوا أموال الناس باسم آلجهاد و الدِّين لبناء قصورهم و رفاه ذويهم و أبنائهم و مرتزقتهم! ثمّ يحلفون أمام الملأ كذباً و زوراً؛ بأنّهم مفلسون و مدينون بسبب فقرهم وعوزهم لتستمّر المآسي في العالم!؟ و هذا البيان يكشف النهج الأمثل للخلاص! نَصّ آلبيان نصّ البيان الكونيّ : نَصّ آلبَيان الكونيّ لِسَـنة 2025 م و محوره الوصايا العشر: و ختامه يختصّ بالمُنقذ ألمهديّ ألمنتظر لتطبيق المنهج الإبراهيمي بآلمعجزة المكنونة في التوراه : لعلّ العدالة و السلام يسـود في الأرض بظهوره المبارك عبر الوصايا العشرة المشتركة بين الأديان السّماوية الرئيسية, بعد إنحراف جميع الرسالات التي نزلت على الأرض نتيجة التفاسير المنحرفة! ألوصايا آلعَشر الوصايا العشر بين جوهر الفلسفة الكونيّة و آلدّيانات السّماويّة : تتفق الفلسفة الكونيّة في جوهرها مع ما إتَّفقت عليها الأديان السّماويّة الأبراهيميّة ألمنشأ و النسب؛ و هي مبادئ أساسيّة مُشتركة دلّت عليها القواعد العقليّة مع النقليّة التي توافق عليها أيضا الفطرة الأنسانيّة السليمة بل و حتى بعض الحيوانيّة الأليفة كمشتركات مقبولة و مطلوبة لدى جميع المخلوقات تقريباً, و من تلك المُشتركات الأساسيّة؛ و الوصايا العشرة في اللغة العبرية؛ (עֲשֶׂרֶת הַדִּבְּרוֹת) و في التراث اليهوديّ و المسيحيّ و الإسلاميّ هي نفسها في الأديان السماوية الأخرى, خصوصاً في القرآن كختام لها و هي: 1- أنا الرّبُ إلهُكَ لا تَعْبُدْ غَيْري, و يعني التوحيد كأساس مشترك بين جميع الديانات. 2- لَا يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي, بمعنى لا تشرك بآلله, ولا تنتظر الخير إلّا منه. لَا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلَا صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ, لَا تَسْجُدْ لَهُنَّ وَ لَا تَعْبُدْهُنَّ. 3- لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بآلباطل، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا. 4- اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ و (الجمعة) و (الأحد) لِتُقَدِّسَهُ كيوم مبارك. 5- أكْرِمْ أَبَاكَ وَ أُمَّكَ لِتَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ بإذن الرَّبُّ إِلهُكَ. 6- لَا تَقْتُلْ. 7- لا تَزْنِ. 8- لا تَسْرِقْ. 9- لَا تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبك شَهَادَةَ زُورٍ. 10- لَا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ؛ لَا تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ؛ وَلَا عَبْدَهُ؛ وَلَا أَمَتَهُ؛ وَلَا ثَوْرَهُ؛ وَلَا حِمَارَهُ؛ وَلَا شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ, يعني الأرزاق مقسّمة من الله لعباده, و هناك حِكَمٌ و إسرار في تفاوت ألعطاء الرّباني في الأرزاق. هذا و إتفقت (فلسفتنا الكونيّة) مع مبادئ تلك آلأصول ألمشتركة التي وردت في الكتب السماوية أيضاً و التي وصلتنا من أنبياء أولي العزم كآلألواح و زبور داؤود و الأنجيل و التوراة و القرآن و غيرها من آلنعم كآلأحاديث القدسية التي أكّدت على العدالة و مجيئ المنقذ, مع ملاحظة أساسيّة, تُعتبر مركزية و لولب كلّ الوصايا و آلأصول, بكون الأرض لا يُمكن أن تبقى إلى ما لا نهاية سائبة و جيفةً و مرتع للكلاب من طلاب الدّنيا الذين قتلوا الأنبياء و المصلحين و زالوا يَقتلون الفلاسفة و المفكرين و الأخيار, لنشر الفساد و الدّمار و الحرب والنفاق في كل عصر و مصر ليسهل على المفسدين سرقة أموالهم و إخضاع رقاب الناس لسلطانهم كعبيد لهم مع منابع الطاقة و المياه في الأرض! لذلك لا بد من ظهور ألمنقذٍ للتخلّص من هذه الطبقة و هذا الفساد و الشّرور بإذن الله ليملأ المنقذ بعد القضاء على الزمرة الفرعونيّة – القارونية, ألعالمية (لِيَملأ آلأرض قسطاً و عدلاً بعد ما مُلئت جوراً). من هنا فإنّ إبراز المشتركات بين (الأديان الأبراهيميّة) مع (الفلسفة الكونيّة العزيزيّة) كختام للفلسفة المبنيّة على العقل والنقل و المنطق و التجربة؛ من شأنه إنهاء الحروب و حلّ جميع مشاكل العالم التي منشأها الأديان التي أدلجت و فُسّرت بآلخطأ, فبات واجباً أساسيّاً و حتميّاً علينا في عصرنا هذا لبيان الحقيقة و تحديد الدساتير المدنيّة المطلوبة .. بعد ما (يُقرّرَ الأنسان إلقاء كلمة محبّة بدلاً من حجر و شرّ)؛ ليكون الحقّ و العدل هو الحاكم و الضامن الذي يحقّق السّلام و السّعادة بعد إتمام حلّ المشاكل الخلافيّة بين الأديان والناس بآلحكمة و المنطق و العدل الذي هو المعيار و القانون الذي سيُطبّقه ألمهدي المُنقذ ألمُنتظَر/ألمُنتَظِر لمواجهة تيارات الألحاد و الفساد الذي ينتشر بقوة يوماً بعد آخر أكثر فأكثر, لأن أطماع الفاسدين لا حدود لها لعدم إيمانهم بأن هذه الحياة وسيلة ستنقضي, و إن الأموال و العقارات لا تُجمع إلّا بآلبخل و الحرام كما يقول العليّ الأعلى, و أحدهما أسوء من الآخر و له عذاب شديد و وقفات أمام الحقّ يوم القيامة. فإبراهيم(ع) توخّى مُنذ أوّل خطوة أصول الفلسفة المبنيّة على الجدل العقليّ الذي أساسه المنهج التشكيكيّ / النقدي الذي أكّده بآلمناسبة (ديكارت) و(لوك) و آخرين بعد مرور أكثر من 3500عام على الثورة الفكرية الإبراهيمية .. التي كشفت الكثير من المعضلات المعرفيّة المتعلقة بقضايا الفكر و التمدن و الحضارة و الحرية, وكيفية إعمالها في الواقع, حين شرع النّبي إبراهيم(ع) مواجهة الجهل و الطاغوت بدعوته لهداية المكونات و الشرائح المختلفة بمجتمعه في قصّة ذكرتها الرسالات السّماوية و خاتمها القرآن الكريم! حيث عرض(ع) الحقّ بمنهج وجيز و بليغ في مختلف المراحل التي مرَّ بحياته و التي مثّلت الجّوانب المختلفة لمنهج رسالته عند دعوته لنمرود الحكومة و ألفئات الأجتماعيّة المختلفة للأيمان بآلحقّ و العدالة و ترك عبادة الآلهة التي لا حول ولا قوة لها، و ذلك بأقلمة خطابه الحكيم مع كُلّ فئة لتتماشى مع مستويات تفكيرها و تصوراتها من منطلق(كلّم الناس على قدر عقولهم). فالقرآن الكريم من خلال القصص الإبراهيميّ يُؤسس للتواصل ألمنهجيّ - الجدليّ كإستراتيجية لبناء المَلَكَةَ ألحجاجيّة ممّا يسمح بالوصول إلى الحقيقة, فالحَجَاج في التّصور القرآنيّ مُتأصل في التكوين ألأنطولوجيّ للإنسان [وَ كَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا]، و هو الطريق الذي يسمح بالوصول إلى المعرفة، ثمّ الحقيقة المطلقة التي تتطلّب فتح الباب أمام الاختلاف على مصراعيهما و الإعتراف بوجود الآخر و ليس إلغائهُ أو إقصائهُ أو حتى قتله, لأن الناس إما أخ لك في الدّين أو نظيرٌ لك في الخلق، و من جهة أخرى إعتبار أنّ هنالك مناهج مختلفة للوصول إلى المعرفة/الحقيقة والتي يمكن إستنباط الأقوم من بينها لسعادة البشرية. فإبراهيم(ع)، بعد المرحلة التكوينيّة الأولى، و هي مرحلة (بناء الفكرة) التي سمحت له بالوصول إلى تجاوز فكرة (التجسيد الماديّ للإله)، و من بعدها التأكد من قدرته/مشيئته المطلقة من خلال طلب مشاهدة عمليّة إحياء الموتى، فإنّهُ سيصل مرحلة لا تقلّ أهمّية عن الأولى، و هي مرحلة (الدفاع عن الفكرة), فبعد إثباته لوجود إله مطلق يفوق بعظمته و قدرته جميع الآلهة(الفاقدة للقدرة/المشيئة المطلقة)، سيصل إبراهيم العالم النسبيّ لمقارعة الأفكار و المعتقدات بأفكار و معتقدات أخرى - إلى عالم المساءلة النقديّة و آلمجادلة العقليّة. و تجربة إبراهيم تمتد إلى مجال الظواهر الفلسفيّة الاجتماعيّة و السّياسيّة و الأقتصاديّةّ و غيرها كمنهج ستراتيجيّ يُمكن إعتماده لحلّ المشاكل المستعصيّة في العالم على كل صعيد, خصوصاً مسألة العدالة و الحقوق! لهذا إحتلّت (ألوصايا العشر) مكانة مركزيّة في العقيدة الإبراهيميّة و لدى أهلها في (العهدين/القديم و الجديد) كحزمة واحدة لا تنفصل بعضها عن بعض, فكان القدّيسون يدعون المؤمنين للالتزام بها بعد أن يكونوا قد تمثّلوها و حقّقوها في ذواتهم و سلوكهم, و في القصص التوراتيّ كما الأنجيليّ و القرآنيّ؛ صدى لتلك الوصايا المشتركة بين النّص و العقل الفلسفيّ و بين الأديان أيضاً, إضافة للفلسفة الكونيّة العزيزيّة كختام للفلسفة و نتاج عصارة آلفكر مذ قرّر الأنسان إلإيمان بآلحوار و المنطق و أخلاقياته الأدبيّة و البحث العلمي, فقد جاء في سورة (الأعراف : 142-145) : [و واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً و أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً و قالَ مُوسى لأَخِيهِ هارُونَ إخْلُفْنِي فِي قَوْمِي و أَصْلِحْ و لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) و لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا و كَلَّمَهُ رَبُّهُ, قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي و لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا و خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ و أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قالَ يا مُوسى إِنِّي إصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي و بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ و كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) و كَتَبْنا لَهُ فِي الأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً و تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ و أْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ]. ونجد في موضعين منه، في الآيات من 151 - 153 من سورة الأنعام و في الآيات من 22 - 39 من سورة الإسراء، و صايا تشبه تماماً وصايا التّوراة العشرة، فتوافقها من جهة العدد و إن اختلفت من جهة المضمون و الترتيب, و ينتهز السياق القرآنيّ فرصة الحديث عن التحريم و التحليل للدّعوة إلى ما حرّم الله في وصايا عشر, تمسّ العقيدة و الأموال و الأنفس و الصّدق و المُعاملة و تجنب الفواحش و العدل و الوفاء بالعهد لينتهي الأمر إلى دعوة باتّباع الصراط المستقيم و تجنّب ما سواه: [أَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ](سورة الأنعام/ 153). وفي موضع آخر حسّاس و جذري يُحذّرنا الله تعالى من الظلم و التعدي على حقوق الآخرين على كل المستويات خصوصاً ألرّوحية و المالية و المادّية و الزوجية و الأجتماعية و كل ما يتعلّق بكرامة و حقوق الخلق أجمع, و (آلانسان حرّ ما لم يضرّ), حتى لو كان المقابل مخالفاً لما نؤمن به أو حتى لو كان ملحداً. و تجدر الأشارة إلى أنّ هناك نصوص أخرى وردت عن طريق أحاديث الأنبياء و الأئمة إلى جانب تلك النصوص المقدسة في الكتب السماوية بنفس المستوى مع توضيحات تفصيلية و شروح واضحة للنصوص التي وردت في الكتب السماوية, ممّا سهّل أمر معرفتها و وعيها لتطبيقها, لكنها في ذات الوقت عقّد الكثير من جوانبها, بسبب التفاسير و الشروح التي غيّرت مسار تلك النصوص المقدسة بسبب تدخل السلاطين و الحكومات لتجييرها لأنفسهم و منافعهم و مصالح حكمهم و بقائهم في الكرسي للأسف, و ما زالت تأثيرات تلك التفاسير المغرضة و إنعكاساتها السّلبية واضحة في نهج معظم حكام الأرض .. إن لم نقل كلّهم للأسف الشديد ممّا تسبب بآلعنف و الفوضى و الفوارق الطبقية و الأجتماعية و تفرقة الناس و الشعوب و الأقوام و الأمم. فآلحُروب الأثنية و القومية و المذهبية و الدّينية القائمة اليوم خير شاهد على ذلك, و كلّها باطلة و ظالمة بما فيها حرب الحكومات مع الشعوب المهضومة لإخضاعهم و سرقة أموالهم بذرائع شتى, لأنّ أهدافها (الحكومات) ليست مًقدّسة و ليست للحقّ أو نصرة المستضعفين و تحكيم العدالة على الأقل؛ إنما تقوم تلك الحروب لأجل الإرتزاق و التسلط على أقوات شعوبهم و اقوات الأمم و الأقوام آلأخرى ألمستضعفة عادة. و هذا الواقع هو ما تجسد اليوم في الحروب القائمة داخل بلادنا المسماة بـ (الأسلامية) و (القومية) و (الوطنية) و غيرها, بينما هي بعيدة عن جوهر الوطن و القومية و الأسلام, و هكذا خارج بلادنا في كحرب أوكرانيا و أمريكا و روسيا, ولا تتمسّك الحكومات و الناس فيها؛ إلّا بآلمظاهر و الشكليات التي تتفق و أهوائهم و مستوى أطماعهم و أفكارهم المتدنّية, بحيث إنّ أيّ منهم يتسلط على الناس يسرقهم و يخونهم و يقتلهم بلا رحمة و ضمير و هذا ما يتجسد اليوم جلياً في العراق و بلاد العربان و الدّيلم و العجم و الترك و في الشرق و الغرب .. حيث الفوارق الطبقيّة و الحقوقية وصلت أشدّها, و الدّليل و العلامة الواضحة الدالة على ذلك؛ هي أنّهم يُكذّبون بكلّ صدق ولا يستحون, و الكاذب أبداً لا يُمكن أن يكون أميناً و نزيهاً أو رحيماً, و مصداق هذا واضح و جليّ في جميع حكومات دول العالم التي تحكم بغير ما أنزل الله لمنافعهم و قصورهم و لذّاتهم تحيط بهم جيوش المرتزقة الذين تعبوا و مسخوا للحصول على لقمة العيش خارج مدار الحكومات! بل و الأمرّ من هذا إنّ الجبابرة و الملوك لم يكتفوا بذلك, بل وَصَلَ فسادهم لسرقة جهود و مآثر و قصص الأنبياء و الرّسل في أزمانهم بتنسيبها لأنفسهم فبطولات و مواقف سيدنا نوح(ع) و (داوود) و موسى و عيسى مثلاً تمّ تنسيبها لسلاطين عصورهم لتكون ملاحم لهم كَآلملك كِلكامش و نبوخذنصر و سرجون و و الفراعنة الذين وصل بهم الأمر ليعتبروا أنفسهم آلهة بدل الله تعالى! لهذا لا نملك الحقائق و التفاصيل التي جرت في حياة و تأريخ الأنبياء, و لم يصلنا منهم إلا القليل و النادر بسبب ذلك التحريف و التزّييف للأسف, حيث تمّ تزيف الحقائق و الحوادث و التأريخ بشكل قبيح و خبيث, و للآن تفعل الحكومات و الأحزاب القائمة ذلك بلا حياء أو خوف من الحقّ لإثبات وجودهم حيث ينسبون لأنفسهم الكثير من الألقاب و المواقف و آلبطولات و آلنزاهة, بينما هم أبعد ما يكونوا عنها, و بآلمقابل يمنعون نشر الحقائق عن بطولات المعارضين لحكمهم و سلطتهم, بل و تنسيبها لأنفسهم و كما وثّقنا ذلك بوضوح عبر نشر تصريحات بعض آلحكام المتحاصصين, حين أعلنوا أمام الشعب في الأعلام بأنهم فقراء و لم يسرقوا أموال الشعب .. بل بعضهم تطاول أكثر و تمادى في ذلك بآلقول؛ أنه فقير و مَدين للكثير بآلمال ولا يملك حتى أموالاً كافيه لزواج أبنائه!؟ و الكاذب أبداً لا يؤمن بآلله, و كما وصلنا بيانه من خاتم الرسل في قوله الفصل : [المؤمن قد يسرق و يزني و يرتكب المحرمات, لكنه لا يكذب]. و كم قصّة و قصّة و موقف دُفن مع أهل الحقّ الذين سجنوهم و عذّبوهم و تمّ إعدامهم من قبل الحاكمين لإدامة تسلطهم و التلذذ بنعيم هذه الدّنيا الزائلة حتماً!؟ دور الوصايا العشر في تقويم الوحدة و تحقيق العدالة : | دور الوصايا العشر في تقويم الوحدة و تحقيق العدالة : أنّ الوصايا ألزبوريّة - ألتوراتيّة - ألإنجيليّة أو ألقرآنيّة المشتركة .. الخاتمة؛ إستطاعت أن تُقدّم للإنسانيّة رغم كل ذلك التزوير و التبديل في نصوص فقرات قصيرة نسبيّاً ما تعجز عنه كلّ التشريعات و آلنّظم التي قامت أو ما زالت .. لتنظيم و إدارة حياتها! فالنّسخة الإبراهيميّة التوراتيّة التي هي الأصل و الأساس الذي ينطبق على الرسائل السماوية؛ قد عَرّفت مع الأناجيل تغييرات تنسجم مع ذلك العصر و مع القيم التي جاء بها المسيح(ع) ثمّ أدركت مرحلة الإكتمال و التّمام مع النسّخة القرآنيّة التي بشّرتنا بـ (بقية الله), إذ فيها ما يصحّح بعض عقائد بني إسرائيل التي تمّ التلاعب بها و ما يُوجّه سلوكهم في التّوراة و آلأنجيل, و ما يعيد الإنسان إلى الله و يجعل حياة الناس تقوم على المحبة والتواضع والبذل و العدل, فكانت منظومة من الضوابط و القوانين الثابتة موجّهة لحياة البشر توجيهاً صارماً لا يجد له المتلقي تبريراً ولا حرجاً في عدم الأخذ به, و كانت النّسخة القرآنية أقرب (لمنهج تربويّ علميّ يدرك تلك الوصايا و يسعى لتذكّرها و ذكرها و التّذكير بها قولاً و فعلاً للتّقوى التي تُمكنّ أصحابها من الأستقامة في صراط الله). والسؤآل الكبير الأهمّ هو : هل إنّ البشر اليوم بظلّ الأنظمة القائمة في البلاد سائرون على النهج الأبراهيميّ ألمختوم بإمامة ألمنقذ المهدي ألمنتظر؟ و هل يعرفون الله حقّ معرفته أساساً, بمن فيهم المدّعين لدِين الله الرؤوف الرحمن الرّحيم ألمُحبّ لخلقه؟ أم منكرون له عملياً و يقرّونه سانياً فقط لتغرير الناس البسطاء, و لذلك يفعلون الشّر والخبائث و سرقة الأموال لنصرة أهوائهم و شهواتهم التي تسبّبت حتى في إستقالة (آلشيطان) بعد ما رآى أفعال هذا البشر ألملعون الممسوخ ضميره و الناكر لوجود الله عمليّاً في حياته و سلوكه !؟ نعترف بأنّ تفسير القرآن الذي يجمع كلّ مبادئ الكتب السماوية الأساسيّة مع تفاصيل كثيرة, و في مقدّمتها (الوصايا العشر) و متعلّقاتها, إضافة للنصوص المقدسة و للأسف قد تمّ تحريفها و صياغتها حسب آراء و ميول المفسّرين كلّ حسب هواه و مذهبه بحسب رضا الحكام و السلاطين و على رأسها هوى و مصلحة الحاكمين المزورين الذين تسلطوا بآلمكر و الحيلة و المحاصصة و المؤآمرة و القوة فتضاربت التفاسير و القوانين و الأهداف فيها بشكل واضح, بحيث باتت تلك الوسائل جزءأً من السياسة السائدة في عالم اليوم. تلك السياسات التي إستخدموا في سبيل تمريرها حتى الديمقراطية المزيفة – المستهدفة - لا الديمقراطيّة الحقيقيّة الهادفة التي يتشارك فيها عامّة الناس بآلحق لا بآلأموال الحرام و شراء الآراء, و بمجرد ذكر و توقيع ورقة بآللون البنفسجي يوم الانتخابات ..و كأن فلسفة الانتخابات هي المشاركة لإدلاء صوت أو وضع علامة على مرشح مدفوع الثمن من اللوبيات الحاكمة! لا .. الانتخابات ليست ذلك .. ليست مجرد إدلاء رأي في صناديق الأقتراع ؛ إنما الديمقراطية الهادفة هي مشاركة الناخب و جميع المواطنيين بآلأموال و الحقوق و الفرص و الأمتيازات التي يسرقها عادة الفائز و من وراءه من الحكام المأجورين بعد الانتخابات بلا ضمير و وجدان !! لأن الظلم و تلك الوسائل القذرة و غيرها؛ تُسبب بآلتالي تشتّت قوى الأمة و تفريق الناس و تشتيت شملهم لإهمالهم تطبيق جوهر الدّين والغاية الكونيّة منها والتي تتلخص بـ (آلمبادئ العشرة) ألمشتركة بين الأديان التي تؤكد على التعاون و المحبة وآلأحسان و الإيثار و العدالة في توزيع الثروات خاصة, و تلك وحدها تُحقق رضا الله تعالى, و الذي معه فقط يتحقق سعادة الأنسان و سبب وجودنا في المجتمع و بين الناس, و ليس – تحقيق السعادة و الهدف من خلقنا - يتحقق مع المنافع التي يحصل عليها الحكام خاصة دون الناس و التي تُحقق في النهاية رضا و منافع السلطان و الحكام و الشيطان و أصحاب الأموال القارونيين بآلعكس من الهدف الحقيقيّ. إنّ تطبيق المبادئ الإبراهيميّة التي بيَّنا عددها و ملامحها هو الهدف نفسه الذي يسعى لتطبيقه مبادئ (الفلسفة الكونيّة) في هذا العصر و في كلّ عصر و مصر و تمثل خلاصة و نتائج ثمرة تلك (الوصايا) و النشاط العقليّ المعرفيّ في جميع مجالات الحياة الرّوحيّة و الاجتماعيّة و الأقتصاديّة و الأنتاجيّة و الأبداعيّة و غيرها من التي بإهمالها سبّبت محننا و تخلفنا و مآسينا و لو كان الناس فهموا و وعوا الحقيقة مع المعايير التي تحدّد قيمة الأنسان؛ لكانت الحياة اليوم أكثر نضجاً و أمناً و إستقراراً و ثمراً للمخلوقات, حيث [يصعب, بل من المستحيل أن يُسعد شعباً أو أمّة أو حتى بلدة .. لا بل عائلة صغيرة و فيها شقيّ واحد, فكيف الحال إذا كان الشعب أو الأمة أو العائلة كلها تشقى بسبب القهر والفوارق الطبقية و إنتشار الجّهل وآلكراهية و الظلم و إهمال القيم و المعرفة]ّ؟ إن الحلّ الكونيّ لهذه المعضلة البشريّة القائمة و المستعصيّة منذ الأزل في الأرض, يكون : بنشر ألفكر و المعايير الفلسفيّة الكونية ضمن الأصول الإبراهيمية العشرة لتميّز المخلوقات و في مقدمتها الأنسان الخير و الشرّ؛ الحُبّ و الكراهية؛ العبودية و التحرر؛ لقمة الحلال عن لقمة الحرام؛ التوحيد و الشرك؛ جوهر الدِّين؛ و غيرها عبر آلمساجد و آلمُنتديات ألفكريّة و الجّامعيّة و الدّينية, لأنّ بقائها بظلّ و إدارة الحكومات الفاسدة و مراكز التسلط و المنظمات العالميّة التابعة للمنظمة الأقتصادية؛ فإن الشعوب ليس فقط لا تُحقق الحد الأدنى من الفلسفة الغائيّة من وجودها, بل إضافة لذلك تُسبب المردودات العكسيّة بسبب المنابر التقليديّة و الأعلامية الحكوميّة, لتحقيق أهدافها الخاصة المعاكسة لمعايير العدالة و حقوق الشعوب و الأمم, و التي أدّت على طول الخط إلى تعميق الفوارق الطبقيّة و تشويه الوعي و الحياة و العيش الذليل لعموم الناس, و بآلتالي فقدان المحبّة و التّدين حتى بين مُدّعيه الذين إتّجهوا نحو قوى الشرّ و النفاق لتحقيق منافع مادّية آنية ليتّجه العالم نحو الأسوء بدل الأحسن, خصوصاً بعد التطور العلمي و التكنولوجي و النانوي بفضل الذكاء الصناعي الذي حلّ محل الذكاء البشري! فما هو الذكاء البشري الذي ألمح له كبار علماء و فلاسفة العالم كآينشتاين وغيره!؟ ألذّكاء الصّناعي : ألذّكاء الصّناعي : نقف اليوم على أعتاب ثورة نوعيّة خطيرة يقودها الذكاء الاصطناعي الخالي من الضّمير و المحبة و البصيرة، لفرمتة الأشياء لتكون فرصةً و تهديداُ في نفس الوقت؛ فرصةً لو تمّ إستغلالها في طريق الخير و الصلاح لسعادة و رفاه المجتمع, و تهديداً لو إستخدم في طريق الشرّ و الطمع و الإستغلال و الجشع البشري الذي ليس له حدود! و هذا هو الذي نتوقع حدوثه للأسف بآلتزامن مع إنتشار النفاق و الخيانة و الفساد, بعد ما لا يبقى هناك مجالاً للإيثار و التواضع, أو (حُبّ لأخيك ما تحب لنفسك), و (أخيكَ) في الديانة الأبراهيمية – العلوية – المهدوية, هي : إما [أخ لك في الدِّين أو نظيرٌ لكَ في الخلق], رغم أنه بات شعاراً لهيئة الأمم المتحدة لكن بلا تطبيق أو فعل, ممّا تسبب في كثرة الحروب و الفساد و العنف و الطبقية, إن التكنولوجيا تكون مفيدة و سبباً للسعادة و الوئام و الحُب فيما لو تمّ إستخدامها لبناء البيوت وصناعة الأدوات و سلاسل الكتلة، و الطابعات ثلاثيّة الأبعاد والصواريخ الموجهة لنصب الأقمار الصناعية والأتصال بآلعوالم الأخرى في الفضاء بدل قتل الأبرياء بها, إلى جانب تفعيل الطاقة النووية السلمية، والعملات الافتراضية، وغيرها من التقنيّات الذكيّة التي عيبها الوحيد, فقدانها للقلب والضمير والحُب والأحساس الذي يرافق آلأنسان السّوي الموجه بإخلاص لترشيد ألتقنيات الذكيّة التي من شأنها تغيّر ليس فقط هياكل الإنتاج وخصائص المجتمعات و موازين القوة و العلاقات المادية؛ بل أيضًا المنظور المعرفي و الرّوحي و التآلف بين آلبشر و سوقه بإتجاه الخالق و الخلق و الوجود بصورة عامة لتحقيق فلسفة الوجود! إنّ البشرية أصبحت على وشك التحول نحو جيل جديد من المجتمعات الممسوخة تماماً مع فائق الذكاء الذي لا ينفع من دون وجود الضمير الذي يعتبر صوت الله في الأنسان! لقد باتت اليد العليا فيهم اليوم عند آلمنافسة للآلة لتقرير مصير الإنسان بسبب حالة التجريد الذاتي، لتتحقق نبوءات أفلام الخيال العلمي بتآكل المجتمع من داخله عبر إزالة الخطوط الفاصلة بين ما هو (حيواني) و (بشري) و (إنساني) و(آدمي) وبين ما هو ماديّ مع قلب متحجّر، و يتعدى حتى ما تمّ تسميته بمجتمع المعلومات ليتبعه(مجتمع ما بعد المعلومات) لذا فعالمنا سيبقى يضجّ بآلأحداث والحروب والعواصف و الخيانة و المؤآمرات المختلفة التي قلبت الموازيين وغيّرت النفوس التي تضج بآلأسئلة المخنوقة! و لا أحد يملك جواباً شفافاً و شافياً لها عن المستقبل, حتى آيات الله الذين يدّعون الكثير .. الكثير من العلم و المعرفة, بسبب موت البصيرة و الضمير و تعمّق الفواصل الطبقيّة و ضمور الحُب و إستبداله بآلكراهية والعنف و آلإستغلال و الأنتهازية المُدمّرة للأنسان و المجتمع, و المتيقّن من هذا الوضع حسب فلسفتنا الكونيّة؛ أننا نقترب لنقف يوما بعد آخر أمام تحولات بإتجاه واحد لا تقبل القسمة على إثنين في النهاية: إما آلفئة القليلة من أهل الحقّ .. بقيادة المهدي المنتظر(ع) ... أو جبهة الفئة الفـرعونيّة الطاغيّة بقيادة المنظمة الأقتصادية ... و مع هذا المصير .. فأنّ المؤكد حسب الوعود النقلية و العقلية, هو ؛ إنتصار أهل الحق العارفين للإيثار و آلمحبة بعد إتمام المواجهة .. بقيادة المنتِظر الموعود لأنه ينتظِرنا و ينتظره أهل البصيرة المُحبيّن لطلعته بشغف. و آلأشجار تتّكأ على الأرض لتنمو و تُثمر, بينما آلأنسان يتّكأ على المحبة لينمو و يثمر و يسعد, و بتكاملهما؛ تتحقق النهاية السعيدة و يتلون الحياة بآلفرح و السعادة و العدالة بعد دحر الظالمين! لكن كيف و متى و أين يكون؟ مع آلسؤآل ألمُحيّير لأهل الحقّ في هذا الوسط والذي مفاده؛ [أَ لَا يُوجد 313 مؤمن في الأرض لنصرته من بين نصف نفوس الناس البالغ عددهم 8 مليار نسمة يدّعون الأيمان بآلغيب كلّ حسب عقيدته]؟ لأنّ الظهور المرتقب الذي يمثل الفرج العظيم للبشرية لا يحتاج سوى لـ 313 مؤمن عاشق و صادق عارف مناصر, أيّ بعدد قوّات (بدر) الذين ظهروا في أوّل معركة في صدر الأسلام و إنتصروا فيها على الكفار الذين كانوا أضعافاً مضاعفة نصراً عزيزا وسرعان ما إنتشر في العالم, ولولا إنحراف القيادة الأسلامية بعد الرسول(ص) على يد أناس غير أكفاء, لَكُنا اليوم نعيش في جنان الله على كل الأرض, لكن إنقلب المسلمون على أعقابهم للأسف, بحيث لم تنفع دعوات رؤوساء هئية الأمم المتحدة اليوم لأكثر من مرّة لتحكيم العدالة حسب (وصية) الأمام علي بن أبي طالب لمالك الأشتر و غيرها من الوصايا التي كشفها لواليه على البصرة (عثمان بن حنيف) بعد حضورة لمأدبة غذاء بدعوة من أحد اغنياء البصرة الموالين, حيث وَبّخهُ الأمام و نهاه عن مثل ذلك في رسالة قوية للغاية تفيد كلّ صاحب بصيرة و ضمير يؤمن بآلغيب! إن إبتعادنا عن تلك المثل والقيم تسبب في إستمرار الظلم و نشوب الحروب و الأستغلال و الفوارق الطبقيّة و الحقوقية بأبشع صورة على يد المنافقين الذين يدعون بلسانهم موالاة الحق و العدالة و ينكرونها بعملهم بسرقة حقوق الناس و فرصهم, مما تسببوا بإنقلاب الموازيين نتيجة تنمّر و فساد الحكومات و حالة التيه التي أصابت شعوب العالم .. و إلّا كيف يمكن أن تخُلوّ الأرض من بضع مئات من المؤمنيين الحقيقين, أيّ بعدّة أصحاب بدر(313 نفر)؟ و كم من العيب و الخزي و العار هذا الهبوط الأخلاقي و القيمي و إنتشار النفاق, و نحن نشهد مئات الآلاف , بل الملايين مِمّن يدّعون آلدّين و أنتمائهم لولاية آلله تعالى في مظاهرهم و أعلامهم و دعواتهم وعباداتهم و مناسكهم, على عكس أعمالهم و مواقفهم و سرقاتهم و فسادهم, بحيث لا تستطيع أن تأمنهم على مال أو عهد أو أمانة عند المعاملة و كما هو الحال مع الحكومات و أعضاء الأحزاب حتى "الأسلامية" منها للأسف كحزب الدّعوة وحزب الله و أمل و الدواعش و النصرة و القاعدة و الأخوان المسلمين و أمثالهم في بلاد العالم شرقا و غرباً ناهيك عن أحزاب المذاهب و العقائد الأخرى التي بعضها تعتبر سرقة الأوطان والناس و حتى قتل الشعوب و ذبح الأطفال و التجسس ضدّ الأوطان و إنضاب المصادر الطبيعية ذكاءاً و حنكة و رجولة و تقرّباً لله تعالى!؟ بينما الحقيقة غير ذلك في البلدان المحترمة و الحكومات الديمقراطية الهادفة و المنصفة نسبياً حيث تنظر لمصلحة الشعب و مستقبل الوطن في كل خطوة و قانون, فما هو المطلوب لتحقيق ذلك في البلدان القلقة كآلعراق و غيرها !؟ كيف نتصرف بأموال الشعب و نُصوّب القوانين العادلة؟ كيف نتصرف بأموال الشعب و نُصوّب القوانين العادلة؟ أكبر مشكلة تعانيها دول الشرق الأوسط هي مسألة التصرف و التلاعب بأموال الشعب, حيث لا توجد عقول و ساسة مخلصين لديهم المعرفة و الثقافة المطلوبة للتصرف بآلاموال و المشاريع و الأولويات و دراسة الجدوى, لذلك نرى النهب و السلب و الفساد ينتشر في كل حدب و صوب و بلا حساب و كتاب . يجب أن نعلم – الحكومات و الأنظمة و الوزارات و الرؤوساء فوقهم؛ بأن جميع الثروات والمعادن الطبيعية الموجودة تحت الأرض و فوق الأرض في أيّ بلد بالعالم تعتبر أموالاً للشعب لا يجوز التصرف بها من قبل الحكومة أو الأحزاب المتحاصصة و المليشيات القائمة .. إلا بما يخدم عموم أبناء الشعب، و هذا الشيء معمول به في معظم دول العالم بخاصة الدول المتقدمة و المستقرة ، ففي الدول المتقدمة أموال و إيرادات الثروات الطبيعية تذهب للمشاريع الحيويّة الكبرى التي يمكن أن يستفيد منها جميع الناس بلا استثناء ، فليست هنالك رواتب تعطى لأي موظف أو مسؤول في الدولة من هذه الأموال ، فرواتب موظفي الوزارات وحتى منتسبي قوى الأمن الداخلي والدفاع و كذلك صرفيات المدارس تقوم الوزارات بتسديدها عن طريق الاكتفاء الذاتي للوزارات, إضافة إلى أموال جباية الضرائب التي يدفعها المواطن للدولة ، و القانون لا يسمح التلاعب بأموال الثروات الطبيعيّة و كما تفعل حكوماتنا؛ إلّا بما يخدم جميع المواطنين بشكل مباشر أو غير مباشر، فما يحدث في مجتمعاتنا من دفع رواتب موظفي الدولة ومسؤوليها وقوى الأمن و أعضاء و مرتزقة الأحزاب من إيرادات الثروات الطبيعيّة التي يتم تصديرها و بيعها في الأسواق العالمية و تحديداً النفط و الغاز و غيرهما؛ هي سرقة علنية لأموال الشعب. وحتى الراتب الذي يتسلمه الموظف أو العسكري رغم إنه بحسب الظاهر يخدم الوطن؛ هي أموال مسروقة من أموال الشعب، المسألة ليست فتوى خاصّة, فهذا قانون تتعامل به الدول المحترمة المعتبرة و هذه الدول لم تُقرّر تعاملها مع ثروات الشعب بهذا الشكل نتيجة فتوى دينية أو اجتهاد شخصي أو قومي أو عشائري أو حزبي، فمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان هي التي أوصلت قرارات تلك الدول أن تتعامل مع الثروات الطبيعية بهذه الكيفيّة. و في تلك الدول الوزارات التي لا تستطيع تسديد رواتب موظفيها لعدم قدرتها على خلق الاكتفاء الذاتي تضطر إلى تقليص عدد موظفيها و خدماتها، فالوزارات دائماً لها منافذ عديدة في الحصول على الأموال من خلال الرسوم والنشاطات الإعلامية و البرامج المختلفة والتصنيع أحياناً في الحصول على الأموال لتسديد رواتب موظفيها وتغطية نفقاتها التطويرية والعمرانية، و يستثنى من ذلك قوى الأمن الداخلي والدفاع والمدارس و بحوث الفصاء .. فهذه الجهات تكون أحياناً عاجزة عن تغطية نفقاتها من الأكتفاء الذاتي فتلجأ إلى دعم الدولة لها. والدولة الهادفة – المستقرة - قد سمحت لهذه الجهات بالحصول على نسب كبيرة من أموال الضرائب التي يدفعها المواطن لسد النقص في صرفياتها ، فيصبح المعلم والشرطي والجندي موظفين يعملون لحساب المواطن ( دافع الضرائب ), لذلك فالمواطن في هذه الدّول يستطيع محاسبة الشرطي أو المعلم أو الموظف إذا أقتنع بأنه مُقصّر في عمله، أما الأموال التي تأتي من الثروات الطبيعية فتذهب لبناء السدود و مشاريع الطاقة والطرق والجسور والمشاريع الاستراتيجية كبحوث الفضاء و الإكتشافات الطبية التي تخدم جميع الأجيال و المشاريع الإنمائية، و أيضاً يحقّ للدولة أن تستثمر أموال الثروات الطبيعية في الدفاع عن البلد في حالة تعرضه للعدوان و مواجهة الكوارث الطبيعية. هذا الأمر للأسف لا يُعمل به في بلداننا لعدم وجود الخبرة و الأخلاص و التخصص في القوى الحاكمة بآلتحاصص أو بآلديمقراطية العرجاء المنقوصة المستهدفة, لهذا كانت الفوضى و الخراب و الفساد هي الحالة التي صاحبت بلادنا لتلك الأسباب, فباتت ضعيفة و خاضعة للقوى الكبرى التي تتحكم بتلك الأوضاع عن طريق الأحزاب و المليشيات الجاهلية و القوى المتحاصصة لأموال الناس بلا تخطيط أو حساب و كتاب على كل صعيد. إنّ المعارك الأخيرة في بلاد الشام و جنوب لبنان و سوريا و آلسّودان و العراق و معظم بلدان العالم, خصوصاً (العشرين دولة المرشحة للتقسيم و في مقدمتها سوريا و العراق الآن, حيث تمّ بآلفعل تقسيم العراق إلى ثلاث مقاطعات و ربما لأكثر مستقبلاً), قد أظهرت فساد إيمان المدّعين للوطنية و للدِّين و العدالة و الوطنية, و بانَ هذا جليّاً عندما بدء بعضهم كحزب الله و حزب الأخوان وغيره يتودّدون و يتوسلون بذلة برؤساء آلشرق و الغرب و منهم رئيس حركة أمل الذي يترأس البرلمان اللبنانيّ و برئيس فرنسا و حكومات الخليج كآلسعودية و الأمارات لأيقاف الحرب بعد هزيمتهم النكراء و تثاقلهم للأرض و الدولار, و إعلانهم الموافقة على كلّ شرط من الحكومة الإسرائيليّة مقابل إيقاف الحرب, بينما كان وسيطهم(بري) يُعتبر عدواً و مُنافقاً لا دِين ولا ضمير له حتى الأمس بعدما إختلفوا معه على آلرئاسة و إنشقوا عن حركة (أمل) لتأسيس حزبهم(حزب الله). و هكذا وجود مئات الآلاف من الزّعماء و المعممين المُدّعين لآيات الله في مدارس و جامعات و حوزات ومساجد العالم, بينما أكثرهم جواسيس و منافقين لا تأمنهم على إيصال حتى كلمة أو وصية بأمانة و صدق, إلّا وصبّوا معها نزواتهم وسُمّومهم للفساد و لمنافعهم, ليأكلوا الدُّنيا بآلدِّين و بالطائفية و التفرقة المذهبيّة و العنصرية للحصول على الأموال! كم خطير و تدميريّ وباء النفاق و آلدِّين ألمؤدلج و آلطائفيّة و الطبقيّة التي تعتبر أسّ أساسات الفرقة و الفوضى و الفساد و الفشل الذي تَغَلغَلَ بين التنابل, مُلوثاً عقول الملايين فأفسد نزعتهم الوطنيّة و الإنسانيّة حدّ المسخ بسبب رواتب و لقمة الحرام! يقول الفيلسوف شريعتي : [إن المُتعصّب لمذهبه و حزبه هو أضعف الناس إيماناً بما يدّعيه]. فلوثة الطائفيّة المُعشعشة في عقول الحزبيين و المُدّعين للجهاد و الأسلام أخطر بكثير حتى من (الجّهل) نفسه؛ بل و من الاستعمار؛ و السلطة الباطشة؛ و الحروب التقليديّة! إنّها حقاً مأساة و هبوط و سقوط أخلاقي في وحل الأنانيّة والتّكبّر و الدّنيا, لأنّها تدفع المواطن المُصاب بهذه اللوثة إلى كراهيّة حتى أبناء جلدته و وطنه و آلأنسانيّة .. الذين قد ينتمون لطائفة أو قومية أخرى مع الحقد الأعمى عليهم و استعداد كامل حتى لقتلهم و إبادتهم، لو أتيحت فرصة ملائمة، دون حساب أو عقاب, و من شدّة حقده الطائفيّ أو القوميّ؛ لديه استعداد للتجسس و للتعاون مع غزاة و محتلين على حساب سيادة و أمن بلده و مستقبل شعبه و أمته و هذا ما شهدناه في الفصائل العراقية و المنظمات الإيرانية و العربية .. و في عراق صدام و عراق ما بعده و في لبنان و غيره, عندما تبيّن بأنّ ثلث تنظيم حزب الله و هكذا حزب الدّعوة قبله و مرتزقتهم و باقي التنظيمات يعملون كجواسيس و عملاء و مرتزقة ضد بلدهم و قياداتهم وأهلهم لصالح بلدان أخرى مجاورة و أجنبية, و اليوم يجري في سوريا التي ستُحدث أخبارها المشؤومة قريباً و هكذا العراق قريباً! و هكذا كافة البلاد العربية والأسلامية و مدنها التي إنقلبت معالمها و طبيعتها, و أتعجّب كيف إنّ المرشد الأعلى في إيران السيّد الخامنئي و هو روحاني و صاحب تجربة و قضية؛ لم يعرف سرّ و حقيقة تلك الخيانات العظمى وآلخراب و الأجرام بِحق قادة بلاده المغدور بهم على الأقل, خصوصاً بحقّ (قادة النصر على داعش) حين تبيّن بأنّ عناصر مليشياويّة و قياديّة عراقية و إيرانية رفيعة وفي الحرس الثوري مع أعضاء و قادة في حزب الله اللبناني إلى جانب مُقرّبين من الرئيس (بشار الأسد) و معاونيه؛ هُم مَنْ وشى للغرماء بمسير و مكان الجنرالات القادة و منها هبوطهم في مطار بغداد و بمكان تواجدهم في السفارة بدمشق والذين تمّ قصفهم بدقة في الزمان و المكان المناسبين, و هكذا رئيس جمهورية إيران السيد رئيسي و وزير خارجيته و مرافقيه!؟ و لو كانت الحكومات و السّاسَة و القيادة العليا تجهل أسباب تلك الخيانات العظمى و تآمر أعضاء الحكومة حتى من الخط الثاني و الثالث ضدّ بلادهم و قادتهم, بل بعضهم ضدّ بعض لجهلهم و حاجتهم لتسديد مصارف المعيشية العادلة و عشقهم للمال و المناصب و حالة الإجحاف بحقهم نتيجة الفوارق الحقوقيّة و الطبقيّة المتعمّقة بخلاف نهج الله تعالى مع باقي الزعماء و المقرّبيّن؛ فلماذا آلمُرشد الأعلى في إيران هو الآخر جَهَلَ أو تجاهل هذه الوقائع و تلك الأسباب التي أدت لتلك الكوارث التي من الصعب تعويضها, ذلك لأنه آية عظمى لله تعالى و لديه خبرة 80 عاماً في السّياسة و الحكم و إدارة الدولة, و يفترض أن يعرف بأن أساس و جذور ذلك هي الظلم و الفوارق الطبقيّة و الأجتماعيّة و الحقوقيّة الموجودة و التي تزداد بإضطراد مع مرور الزمن دون حلّ, و هي نفسها(الأسباب) التي تُعدُّ (علّة العلل) في بزوغ الثورات و الأنتفاضات الجماهيرية أيضاً و رفض الأنظمة القائمة في بلادنا لأجل التغيير نحو الأفضل – نحو العدالة المفقودة ولو النسبية منها .. و محو تلك الفوارق المؤذية والظالمة القائمة, و تلك هي حال معظم الدّول الغير المستقرة في الشرق الأوسط المقبل على تغييرات جذرية قريباً!؟ أمّا (الدول المستقرة) كبلاد الغرب ؛ فحالها تختلف نسبياً بآلقياس مع دول الشرق, حيث يمكنك معرفة الفوارق و الأسباب بينها و بين دولنا في مباحثنا و دراساتنا المختلفة المنشورة في صفحة (كتاب نور) أو (مقهى الكتب) و غيرها, خصوصا في كتاب (الجذور الفلسفيّة للنظريات السياسية) و غيرها. هذا هو الواقع ألمُرّ الذي لم يُحاول أحداً تغييره بإتجاه العدالة و محو الفوارق الحقوقية و الطبقية, بل و تفاقمها, رغم إننا أشرنا له في ألف مقال و مقال و كتاب, و طلبنا التغيير و العدول عن دعم الأئتلاف العراقي و الأطاري و من حولهم من المرتزقة و كسب ودّ الشعب العراقي و السّوريّ و اللبنانيّ و غيرهم من الشعوب التي هضمت حقوقها و أموالها من قبل الفصائل المسلحة و حكومات الأطار التحاصصية مع مرتزقتهم التنابل الذين يجيدون العمالة و التلون مع كل حكومة و ظرف بعيداً عن نهج الله! إلّا أننا مع كل الأنذارات و الدّعوات لم نرى آذاناً صاغية ممّن كان يفترض أن يهمهم الأمر ليستمرّوا بدعم الفاسدين و المجرمين حتى أودت بحياة تلك الأنظمة و أذهبت ماء وجهها و خسرت كل موقع لها بين شعوبهم كقادة حزب الله و النظام السوري و النظام العراقي عاجلاً و ليس آجلاً, و من تلك المقالات المعنية مقال بعنوان: [حزب الله على خطى حزب الدعوة] كمثال شاهد. فآلمواطن الذي يمتلك قليلاً من الوعي باتَ يدرك بأنّ الحاكم و المسؤول و الرئيس و القاضي و تحت أي عنوان أو مستوى, يحصل ولا يزال على إمتيازات و رواتب خاصة و عالية تعادل أضعاف راتب الموظف أو العامل الذي يخدم أكثر من الرئيس أحياناً, إلى جانب حصولهم على مخصصات خيالية كآلملوك و الأباطرة؛ فهذا لا يختلف عن أيّ مجرّم آخر عبر التأريخ حتى لو إدّعى الأيمان و الأمامة و آية لله و زعيم أوحد و فذّ, فآلواقع العملي و الأمتيازات الخاصة و فرق الحماية و الطبابة و الخدم و الأطباق المزينة بآلخضر و اللحوم و الفاكهه و مقادير الأموال و الرّواتب التي يأخذها مع ذويه و حماياته و مقرّبيه خير دليل على إدانته و خيانته و إجرامه بحقّ العدالة و الحق و الوطن و الأنسان! لهذا فإنّ الزمن القادم هو زمن المستضعفين كما نأمل, الذين أُستضعفوا و تمّ قهرهم و تهميشهم بسبب سلطة الحاكمين والمنافقين الذين يدّعون ما لا يعملون أو حتى يعرفون!؟ و ليس عبثاً بآلمقابل إذا إستعان (الإستعمار الجديد) إلى جانب إستمالة و إدارة حكومات الدّول الدّكتاتورية الفرديّة منها و الجماعيّة بسلاح الطائفيّة و القوميّة و إستغلال عواطف السّذج لتمزيق النسيج الديني و الوطنيّ بين أقوام و أعراق و مكونات بلد أو مجتمع واحد لتقسيمه و تمزيقه بسهولة و يسر نتيجة ذلك! من باب (فرّق تسد) لإشغال الناس و لخلق الفوضى الخلاقة و المنفلتة و أعمال العنف و القتل و التخريب و التجسس المنظم ألرخيص لإضعاف تلك الدول و إدامة نهبهم لخيرات البلاد لاعمار و بناء بلادهم و رفاه شعبهم .. و درء لأيّ سوء فهم أو تأويل : نحن نقصد هنا كلّ مريض مُتعصّب مصاب بلوثة الطائفية المزمنة و حاقد على من يقف أمامه .. سواء كان ينتمي لهذه الطائفة أو تلك أو الذين نالهم الظلم الطبقي مع ملحوظة أخرى تشمئز منها النفوس و تضيق بها الصدور أيضاً, و هي إننا في الوقت الذي لا نستغرب أن يكون (الشخص المتدّين) طائفياً؛ مُتعصباً و مقاتلاً ضدّ طوائف أو ديانات أخرى؛ لكننا نستغرب أن نرى العلمانيّ طائفياً منحازاً أيضاً ولو بشكل مبطن لا سيما الكتاب و الشعراء و الفنانين و المهندسين و الكُتاب و القضاة منهم لأننا نعتقد بوعيه وحمله لثقافة واسعة نسبياً بآلقياس مع المتعصبين مذهبياً!؟ إلّا أنّ الذي يحزّ في النفس في هذا الوضع المأساوي, هو ؛ بقاء الطبقة الشعبيّة (الجماهير) على جهلها و عدم معرفتها بحقيقة الحياة و فلسفة الحقوق الطبيعية التي تعني بكل بساطة؛ أن الحاكم و المسؤول و الرئيس إنما هو خادم له(للمواطن) و ليس آمر عليه .. و لا له الحق في إستغلال منصبه لتعيين ذويه و مقرّبيه, أو للثراء و سرقة الناس و هضم حقّ المواطن و العامل العادي, الذي حقّه لا يختلف عن حقّ أيّ مسؤول أو مواطن آخر, و هذا هو النظام الذي فرضه الله على الناس خصوصاً المدّعين للأسلام و الدّعوة لله, و كما جاء بيانه من الله تعالى و هو أصدق القائلين و بكلّ وضوح في القرآن الكريم, حيث قال في سورة الحشر /7 : [ مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ]. و إنّ عبارة (كي لا يكون دُولة بين الأغنياء منكم) تُشير بوضوح إلى أنّ الله جعل المصارف لمال الفئ و منابع القدرة ليكون توزيعها على الفقراء و العامة من الناس أولاً, لئلا يتصرّف الأغنياء و الحكام فيها بمحض الشهوات و الآراء و العقارات, أيّ يتصرّف بها الحكام و الولاة و الأحزاب حسب هواهم و مصالحهم و منفعة مقرّبيهم و كما فعل و يفعل الظالمون في عراق الجّهل و المآسي و غيره من بلدان آلعرب و الأعاجم من قبل الأحزاب و المليشيات المتحاصصة!؟ بل يجب صرفها(الأموال) بآلتساوي بين الجميع و كما كان يفعل الأمام عليّ(ع) الذي كان راتبه و راتب وزرائه كراتب أيّ مواطن عادي, كراتب وزير الحرب أو المالية أو غيرهم و الذي كان مساويا من بيت المال! و أنا و كلّ صاحب قلب و ضمير مخلص ما زلنا حيرى .. كيف إنّ من شهدناهم يَدّعون الدِّين و يُصلون حتى صلاة الليل و يحجّون؛ قد سرقوا البلاد و العباد و تقاعدوا بعد فترة قياسية لا تتعدى السنة أو السّنتين؛ ليتمتّعوا بتقاعد كبير و أموال عظيمة يتمناه و لا يحصل عليه حتى رؤوساء و وزراء الدول العظمى! و فوق ذلك يتبخترون بلا حياء و ضمير في بلاد الغرب و أمريكا و هم يتصرّفون بتلك الأموال بإفتخار, و كأنّ هذه الحياة و الأموال الحرام ستخلدهم للأبد ولا وجود للقيامة غداً لمحاكمتهم عند حاكم عدل لا تفوته مثقال ذرّة, لا ملايين الدولارات و المناصب و العقارات الحرام التي ضربها بكل صلافة و قبح و حيلة و نفاق, بعكس نهج الله تعالى و العلي الأعلى !؟ لذلك كان من الطبيعيّ أن نرى اليوم يعيش في الأرض أكثر من ملياري و نصف مليار مسلم و بقدر ضعفهم من المسيحين, و هكذا عشرات الملايين من اليهود الموحدين و مئات الملايين من الهنود والبوذيين مع 450 مليون ملحد فقط - حيث لا يمكن إعتبارهم ظاهرة إنما أقلية ضعيفة - و يتبيّن بأن الأكثريّة معظمهم يدّعي الأيمان و التأريخ و الأعتراف بآلغيب و بالديانات آلمختلفة لكن ظاهرياً لا واقع له, بل بعضهم يتعصب في الظاهر لحزبه و مذهبه للتظاهر و التماهي, و أكثرهم للأسف يُصلّون و يقلّدون علماء و مراجع أديانهم في معابدهم و مساجدهم و حوزاتهم و يتظاهرون بآلتشريع و التديّن في أمور حياتهم و لقمتهم حتى في دقائق الامور, و الملايين منهم يحجّون بيوت الله و بعضهم كلّ عام – طبعاً بأموال ألفقراء المسروقة بشتّى الطرق - و يشاركون أولياء أمورهم الفاسدين بإحياء مناسباتهم .. لكن ألمُحَيّر و العجيب بجانب ذلك أمام هذا العدد الكبير من المسلمين المدّعين للأيمان و الذين يقاسون العذاب ؛ هو أننا لو طرحنا قضيّة ظهور المنقذ ألموعود و حاجته إلى المُمهدات لأنقاذهم, و منها وجود مناصرين بعدد 313 مؤمن مخلص واعي فقط أيّ - بعدد جيش بدر المفقودين, الذين هم سبب تأخره عن الظهور و حجبه عن الناس؛ نعم لو دعوناهم لَمَاَ وجدناهم يستمعون أو يعلنون السبب في ذلك, بل و يتجاهلون الأمر لأنهم هم(أنفسهم) يشكلون جانباً كبيراً من المحنة و السبب المانع للظهور للأسف!؟ بل بات الظلم و إنتشار الفساد و التفرقة الطائقية و القومية و الألحاد الذي بدأ ينتشر حتى في المدن المقدسة في بلادنا .. مسألة عادية لانهم الحكام و المسؤوليين و القضاة - و كما قلنا - باتوا جزءاً و تياراً مع موجه الكفر و الفساد السائدة في عالم اليوم الذي يفتقد الأيمان بآلغيب و الحق و الحقوق!! لقد عبر المؤرخ الإغريقي المعروف (بلوتارك) مؤكداً أنّ فكرة إنكار وجود الخالق تعدّ إستثناءً في التاريخ البشري, قائلاً: [لقد وجدت في التاريخ مدناً بلا حصون، و أخرى بلا قصور، و غيرها بلا مدارس، لكنّي لم أجد أبداً مُدناً بلا معابد]. لكن المشكلة كانت و ما زالت في طبيعة معرفة جوهر تلك الأديان و إيمان الناس بها, فآلأمم و الشعوب و قادتهم يعتقدون و للآن بأنّ الأتيان بآلشهادة و التظاهر بآلدِّين و آلحجّ و إلقاء خطب الجمعة و اللحى و اللطم و العزاء, يكفي للأيمان و يبرئ الذمة و يلقي الحجة و يحقق رضا الله, و كأنهم لم يقرؤوا آيات الله الواضحة في كتابه العظيم و منها ما جاء في سورة التوبة /19: [أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ] التوبة / 19. و قوله تعالى : [لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا] ألنساء /95. و كذلك ما جاء ذكره سابقاً في سورة الحشر / 7. و غيرها كثير و بآلتفصيل. و الحديث الذي يفصح بوضوح عن صورة الإيمان و كيفيته حسب ما ورد عن النبي(ص), بآلقول: [إنّما الدِّين ألمعاملة], و هنا ورد كلمة (إنّما) كأداة حصر, و لا مجال للتأول و التفسير و البيان بشكل آخر!؟ هذا بما يخصّ المتديّنين و المدعين للجهاد و القيادة ووو..إلخ. وأما على مستوى الملحدين و المنحرفين في الواقع العربي فلا أحد يستطيع التحدّث بأرقام محدّدة عن أعداد الكفار و الملحدين العرب لعدم شفافية المؤسسات الحكومية, لكنهم أقلية قليلة جداً، و بالتالي لا يمكن إعتبارها ظاهرة لحد الآن، إلّا أنها تبقى في النهاية أحد الشواغل التي إتجهت إليها أدوات الباحثين في محاولة لفهمها و تحليل تجلياتها على مستويات عديدة مستقبلية. و بقدر ما حاولتْ بعض الجهات إصدار ما يشبه الإحصائيات عن أعداد هؤلاء في الوطن العربي إلّا أنّ تلك الإحصاءات أثارت الكثير من اللغط بسبب عدم دقتها حسب كثير من المراقبين. و في التقرير التالي نحاول رصد تلك التفاعلات حول أعداد الملحدين العرب وتجلياتها و ما يمكن أن تتمخض عنه من نتائج على المستوى الاجتماعي والديني والسياسي: [في يناير من العام 2014م أصدرت دار الإفتاء المصرية تقريراً حول أعداد الملحدين في الوطن العربي و قدرتهم بـ 2293 شخصاً, لكن الحقيقة كانت أضعاف ذلك، حيث أشارت إحصاآت فيما بعد : بإن عددهم في مصر وحدها بحدود 1000 ملحداً و أضعاف ذلك من عبدة الشيطان، و في المغرب 500؛ و في تونس 400؛ و في العراق 800؛ و في السعودية 600؛ بينما كان عددهم 250 في الأردن؛ 70 في السودان؛ 150 في سوريا؛ 340 في ليبيا؛ و 32 في اليمن, و النتيجة أن حالة الكفر و الطغيان و الألحاد في تصاعد مستمر نتيجة تصرفات القادة المدّعين و القوانين و الأنظمة السائدة و حالة التفرقة العنصرية و الحقوقية بين المواطنين و الفروق في المعايير المعيشية بين المواطنيين و بين سكان الوطن العربي البالغ عددهم قرابة 700 مليون نسمة, لذلك الألحاد قد تصبح ظاهرة للنتائج التي أشرنا لها إن لم تعود الحكومات و الأحزاب إلى رشدها و إستقامتها في طريق الله و الدين الحق لا هذا الدين الشكلي السائد الآن, و بآلتالي سنبقى نبحث عن 313 مؤمن حقيقي يخاف الله و يتشرع بشرعه و جوهر دينه .. و الكوارث التي أحاطتت بأمتنا و العالم, و التي لا تعد و لا تحصى من فساد و طلاق و مكر و تحايل حتى على الله و الدين للأسف! فهل حقاً لا يوجد ذلك العدد القليل جدّاً من المؤمنين (البدريين) من بين كل تلك الفصائل و الأحزاب و آلجيوش المليونية الإسلاميّة إلى جانب شعوبهم و علماؤوهم و مراجعهم الذين يشكلون بمجموعهم أكثر من ثلث سُكّان العالم(ملياري و نصف المليار مسلم) ليَظهَر آلمنقذ الموعود ويخلص الأرض و من عليها من الفساد و الظلم و الفوارق الطبقية و الحقوقية و الأجتماعية التي هي السبب ألرّئيسيّ في دمارنا و ضعفنا و حجب مهديّنا عن الظهور!؟ لو عرفنا خصوصيات ذلك القائد المطلوب الذي يوازي بإيمانه إيمان أهل بدر الذين كانوا أخلص الخلق لله و لخاتم النّبيين على الأرض؛ فربما يُزال بعض العجب و الأستغراب من فقدانهم و بآلتالي فقدان المنقذ من الظهور في أوساطنا اليوم. فما هي آلعلامات الإيمانيّة ألمفقودة من بين المسلمين والتي ولّدت محننا و أزماتنا الكبيرة بحيث أظهرت سؤآلنا المُحيّير ذاك في هذا القرن الذي بدا العالم بأزمة حقيقية .. و الذي يُدين الجميع بمن فيهم قادة و قيادة و حكومات الدول الإسلامية و الغربية و الشرقية!؟ هل المشكلة في جهل المُدّعين و المتأسلمين بخصوصيّات المؤمن و المسلم و قضايا الوجود !!؟ الجواب لا أعتقد ذلك .. لأن الكثير من وسائل الأعلام و البحوث و الكتب و منها الكتب الكونية التي تؤسس لأرضيّة الظهور و صفات المؤمن المناصر, كلها موجودة و مُيسّرة لكل إنسان في شرق الأرض و غربها و بكافة اللغات الحية و في كل الكتب السماوية بما فيها التوراة و الأنجيل! و هناك آيات و روايات و أحاديث قدسيّة عظيمة و عديدة و مُفصّلة إلى جانب الصفات التي ذكرها الباري في القرآن في وصف المؤمن الحقيقيّ و آلقرآن كما التوراة و الأنجيل متيسّر في كلّ مكتبات و مساجد و معابد بلاد و مدن و قرى العالم, و يُفترض أن قرأها و يعرفها المسلمون و منهم المؤمنين بشكل خاص على الأقل! و ما ورد فيه من آيات بيّنات تبيّن صفات المسلم و المؤمن و درجات الأيمان و اليقين تفصيلاً, و منها ما جاء في سورة المؤمنون؛ حيث بيّنَ صفات ألمؤمن الحقيقيّ بآلغيب إلى جانب 1000 صفة لله تعالى وردت في دعاء (الجوشن الكبير) لترغيبنا إلى الإتّصاف بها, و بمقدمتها صفة (الرّحمن الرحيم الودود و الحبيب و المؤنس و اللطيف), و تجدر الإشارة إلى أنّ الله تعالى أكّد على صفة (الرّحمن الرّحيم) من بين كل تلك الصفات العديدة كإشارة إلى الألتزام بهما لبناء علاقات و أواصر قوية بين الناس خصوصا ما بين المقرّبين و العائلة الواحدة! إلى جانب هذه ألقضيّة الواضحة جدّاً؛ إخترنا ألرّوايات التالية لبيان الصفات و المعالم الكونية, لعلّ الناس يتّعضون بها, أو ببعضها و إن كانت كلّها حسنة و واجبة .. لكنه الجّهل و التلوث الذي أصاب البشرية بسبب رواتب و لقمة الحرام و آلخبث و النفاق الذي تغلغل في نفوسهم التي مالت للشهوات و التكبر و العلو و الغيبة و النّميمة و الكذب ... على أيّ حال فقد ورد في كتب الحديث التاليّ : ورد في الكافي/ م8/275/220 عن أبي بصير عن الصادق (ع) في حديث متواتر, قال: [الناس طبقات ثلاث: طبقة منّا و نحن منهم؛ و طبقة يتزيّنون بنا؛ وطبقة يأكل بعضهم بعضاً بنا]. مع ملاحظة أنّ هذه الأحاديث و ما دونها عن أهل البيت(ع) الذين ينتمون لبيت الرسول الخاتم(ص) و أحاديثهم هي الأصح و الأقرب لرضا الله تعالى بآلقياس لغيرهم الذين عاشوا خارج البيت و سمعوا من هذا الراوي و ذاك, و ليس من أهل البيت مباشرةً و بآلنّص, بلا أحتمال النقص أو الزيادة أو الجعل أو قيل و قال ممن كانوا يُتاجرون بأحاديث الرسول(ص) و تفسير القرآن و الكتب السماوية حسب مصالحهم لدعم مواقفهم, و كما فعل معظم حكام المسلمين في العصور المختلفة, بينما أهل البيت(ع) لم يكن لهم أدنى غرض أو نية لفعل ذلك, إنما كانوا أمناء الرسالة و أئمتها الذين وصى الرسول الخاتم(ص) بهم و إعتبر الوفاء لهم أجراً للرسالة الأسلامية, على لسان الله تعالى في سورة الشورى : [ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ](سورة الشورى / 23). و عن ابى عبد الله بن بكير قال : [قال أبو الحسن ( ع) يا بن بكير أنى لأقول قولاً قد كانت آبائي عليهم السلام تقوله : (لو كان فيكم عدّة أهل بدر لقام قائمنا), يا عبدالله إنّا نداوي الناس و نعلم ما هم ، فمنهم من يصدّقنا المودة و يبذل مهجته لنا و منهم من ليس في قلبه حقيقة ما يظهر بلسانه و منهم من هو عين لعدونا علينا يسمع حديثنا و ان أطمع في شئ قليل من الدنيا كان أشدّ علينا من عدوّنا ، و كيف يرون هؤلاء السّرور و هذه صفتهم ، إنّ للحقّ أهلاً و للباطل اهلاً ، فأهل الحقّ في شغل عن اهل الباطل ينتظرون أمرنا و يرغبون إلى الله ان يروا دولتنا, ليسوا بالبذر المذيعين و لا بالجفاة المُرائين، و لا بنا مستأكلين ، و لا بالطمعين ، خيار الأمّة نور في ظلمات الارض ، و نور في ظلمات الفتن ، و نور هدى يستضاء بهم ، لا يمنعون الخير أوليائهم ، و لا يطمع فيهم اعداؤهم ، إنْ ذكرنا بالخير استبشروا و ابتهجوا و اطمأنت قلوبهم و أضاءت وجوههم ، و ان ذكرنا بالقبح اشمئزت قلوبهم و اقشعرت جلودهم و كلحت وجوههم و أبدوا نصرتهم و بدا ضمير أفئدتهم ، و قد شمّروا فاحتذوا بحذونا ، و عملوا بأمرنا, تعرف الرهبانيّة في وجوههم، يصبحون في غير ما الناس فيه و يمسون في غير ما الناس فيه، يجأرون إلى الله في إصلاح الأمّة بنا، و أن يبعثنا الله رحمة للضعفاء و العامة ، يا عبد الله؛ أولئك شيعتنا و أولئك منا و أؤلئك حزبنا، و أؤلئك أهل ولايتنا]. فهل أحزابنا الشيعية على الأقل كـ (الحزب اللهيّة و العصائبية و الزينبية و الفاطمية و الحُسيّنيّة و الدّعوجيّة وووغيرها, ناهيك عن السًّنيّة و المسيحية و اليهودية وأمثالهم في الأديان و المذاهب المختلفة الأخرى؛ يمتازون بتلك الصفات!؟ لا بل حتى بنصفها أو بعُشرها)!؟ ألجواب: طبعا و بلا شك؛ لا, و والله؛ هم أبعد الخلق من تلك الصفات, بل عامّتهم ليس فقط لا يمتازون بذلك؛ بل بعكس تلك الصفات يفعلون المنكر و حتى الكذب الذي يخرجهم من صفة الأيمان و الأسلام وأنا شاهد عليهم عمليّاً, حيث كذّب معظمهم أمام الملأ و بلا حياء أو خجل عبر الأعلام وأقسموا بأنهم مدينون و فقراء ولا يملكون حتى القليل من المال لإشباع بطونهم و زواج أبنائهم !؟ بينما الوقائع و الأدلة و الشهود تشير إلى سرقتهم لأكثر من ترليون دولار و نصف إلى جانب العقارات! و هذا الأمر و المفارقة المؤذية كان موجوداً في كل الأزمان على ما يُظهر التأريخ ذلك, من صدر الأسلام و ما قبله و ما بعده خلال العصور المختلفة و للآن قائم و يتكرّر بوضوح للأسف, و فوقها يكذبون ثم يتوبون و يعترفون بفسادهم و ذنوبهم, لكن و بمجرد نزولهم من المنصة الأعلامية, يعيدون ذلك و يمارسون الدجل و الكذب و النفاق و يبرّرونها بكونها لمصلحة الأسلام أو الحزب أو المصلحة العامة! و لا أدري متى أجازَ الأسلام و الأديان السماوية الكذب؟ بينما نبذها أصل من آلأصول الإبراهيميّة العشرة و أمر بعكسها .. أيّ أمر بآلصدق و المحبة و التعامل بآلحسنى بدل الكذب و التحايل و النفاق و ما إلى ذلك. كما روى عن الصّحابي مهزم, حيث قال: دخلت على أبي عبد الله (ع) فذكرت الشيعة فقال(ع) : [يا مهزم إنما الشيعة مَنْ لا يعدو سمعه صوته ولا شحنة بدنه، ولا يحب لنا مبغضاً، ولا يبغض لنا محباً، ولا يجالس لنا غالياً, ولا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل الناس و إن مات جوعاً، ألمُتنحي عن الناس، الخفي عليهم، وإن اختلفت بهم الدار لم تختلف أقاويلهم، إن غابوا لم يفقدوا، وإن حضروا لم يؤبه بهم، وإن خطبوا لم يزوجوا، يخرجون من الدنيا وحوائجهم في صدورهم، إن لقوا مؤمناً أكرموه، وإن لقوا كافراً هجروه، و إن أتاهم ذو حاجة رحموه، و في أموالهم يتواسون أو (المتواسون), ثمّ قال: يا مهزم، قال جدّي رسول الله (ص) لعليّ (ع) : [يا علي، كَذًّب مَنْ زعم أنهُ يُحبّني و لا يُحبّك، أنا المدينة و أنت الباب و من أين تؤتى المدينة إلّا من بابها)]؟. و روى عن مهزم أيضاً هذا الحديث بطريق آخر إلى قوله: (... وإن مات جوعاً)! قال؛ قلت : جعلت فداك؛ أين أطلب هؤلاء؟ قال: [هؤلاء إطلبهم في أطراف الأرض، أولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة ديارهم، القليلة منازعتهم، إن مرضوا لم يُعادوا، و إن ماتوا لم يشهدوا، وإن خاطبهم جاهل سلموا وعند الموت لا يجزعون، وفي أموالهم يتواسون، إن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه، لم تختلف قلوبهم وإن اختلفت بهم البلدان]. و روي عن ميسرة قال: قال أبو جعفر (ع) : [يا ميسر أَ لَا أُخبرك بشيعتنا؟ قلت بلى جعلت فداك، قال: إنهم حصون حصينة، في صدور أمينة وأحلام رزينة, ليسوا بالمذاييع البذر - أي لا يذيعون الكلام - ولا بالجفاة المرائين، رهبان بالليل أسد بالنهار]. وعن السجستاني عن أبي جعفر(ع) قال: [ألشّيعة ثلاثة أصناف : صنف يتزيّنون بنا، و صنف يستأكلون بنا، و صنف منا و إلينا، يأمنون بأمننا ويخافون بخوفنا، ليسوا بالبذر المذيعين و لا بالجفاة المرائين، إن غابوا لم يفقدوا وإن يشهدوا لم يؤبه بهم، أولئك مصابيح الهدى]. وعن أبي عبد الله (عليه السلام): [سأله فروة: بأيّ شئ يُعرفون شيعتك؟ قال: الذين يأتونا من تحت أقدامنا]. و عن أبي عبد الله بن بكير قال: [قال أبو الحسن (ع): يا بن بكير، إني لأقول لكَ قولاً قد كانت آبائي (ع) تقوله : [لو كان فيكم عدّة أهل بدر لقام قائمنا], و القائم كما أشرنا هو الأمام المهدي(ع). و قال الأمام الصادق(ع) أيضاً : [يا عبد الله إنّا نداوي الناس و نعلم ما هم، فمنهم من يُصدّقنا المودة و يبذل مهجته لنا؛ و منهم من ليس في قلبه حقيقة ما يظهر بلسانه؛ و منهم من هو عين لعدونا علينا, يعني يتجسّس علينا و على من يُوالينا, و كما هو حال ألمتحزبيين؛ و منهم مَنْ يسمع حديثنا و إن أطمع في شئ قليل من الدّنيا، كان أشدّ علينا من عدوّنا، فكيف يرون هؤلاء السّرور وهذه صفتهمّ؟ إنّ للحقّ أهلاً و للباطل أهلاً، فأهل الحقّ في شغل عن أهل الباطل، ينتظرون أمرنا و يرغبون إلى الله أن يروا دولتنا، ليسوا بالبذر المذيعين ولا بالجفاة المرائين، ولا بنا مستأكلين(أي يدّعون الموالاة لنا لا بحبنا .. إنما ليحصلوا على الرواتب و يأكلوا الدنيا بآلدّين), ولا بالطمعين، خيار الأمة، نور في ظلمات الأرض، و نور في ظلمات الفتن، و نور هدى يُستضاء بهم، لا يمنعون الخير أولياءهم، و لا يطمع فيهم أعداؤهم، إنْ ذكرنا بالخير إستبشروا و إبتهجوا و إطمأنت قلوبهم وأضاءت وجوههم، وإن ذكرنا بالقبح إشمأزّت قلوبهم و اقشعرت جلودهم و كلحت وجوههم، و أبدوا نصرتهم و بدا ضمير أفئدتهم، قد شمّروا فاحتذوا بحذونا و عملوا بأمرنا، تعرف الرهبانيّة في وجوههم، يصبحون في غير ما الناس فيه و يُمسون في غير ما الناس فيه، يجأرون إلى الله في إصلاح الأمة بنا و أن يبعثنا الله رحمة للضعفاء و العامة، يا عبد الله، أولئك شيعتنا و أولئك منا, أولئك حزبنا و أولئك أهل ولايتنا]. و ورد عن أبي عبد الله, الأمام الصادق (ع) قال: [إنّ شيعة عليّ خُمّص البطون ذُبل الشفاه من الذكر]. وعنه (ع) قال : [إن أصحاب عليّ كانوا المنظور إليهم في القبائل، و كانوا أصحاب الودائع، مرضيين عند الناس، سهار الليل، مصابيح النهار]. وعنه (ع) عن ربيعة بن ناجد قال: سمعت علياً (ع) يقول: [إنما مثل شيعتنا مثل النحلة في الطير، ليس شيئ من الطير إلّا وهو يستضعفها، فلو أنّ الطير تعلَم ما في أجوافها من البركة لم تفعل بها ذلك]. وعن أبي بصير، قال أبو عبد الله (ع): [إياك والسفلة من الناس، قلت: جعلت فداك وما السفلة؟ قال: من لا يخاف الله، إنّما شيعة جعفر من عفّ بطنه و فرجه و عمل لخالقه، و إذا رأيتَ أولئك فهم أصحاب جعفر]. و إليكم رواية ذهبيّة قد تختصر ما ورد سابقاً بشكل بليغ و مجمل في بيان حقيقة المؤمن الموالي(الحزب اللهيّ) الذي وصفه أهل البيت(ع), و الذي يفتقده المجتمع العراقي كما اللبناني و العربي و الأسلامي عموماً, و هكذا العالم أجمع إلّا ما ندر, علماً أنّ مجمل الرّوايات المذكورة التي وردت أعلاه صحيحة السّند مع التواتر و كما ورد في كتب الفريقين و في مشكاة الانوار للطبرسي و غيرها من المصادر! و الرّواية الذهبية .. كما ورد عن الأمام محمد بن علي الباقر ( ع), الذي قال لجابر الجعفي و هو يعرض أهمّ صفات آلمؤمن الحقيقيّ الذي لم نجده بين أكثر المسلمين, خصوصاً بين المُدّعيين في الأحزاب و الحكومات و الأئتلافات و هي: [يا جابر؛ أ يَكْتَفي مَنْ إنْتَحلَ آلتشيّع أنْ يقول بحُبّنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلّا مَنْ إتقى الله و أطاعه، و ما كانوا يُعرفون إلاّ بالتواضع و التّخشع و كثرة ذكر الله و الصّوم و الصّلاة و التّعهد للجيران من الفقراء و أهل المسكنة و الغارمين و الأيتام و صدق الحديث و تلاوة القرآن و كفّ الألسن عن الناس إلّا من خير و كانوا أمناء عشايرهم في الأشياء]. و إستناداً لهذه الرّواية و الرّوايات التي وردتْ آنفاً و التي نفتقدها بين المسلمين و المؤمنين و حتى علماؤهم ؛ فإن رأس المؤمن الصادق الصّابر الجائع الغريب بين الناس اليوم يشيب و الله حقاً لتلك المواصفات النموذجيّة التي لم نشهدها إلا نادراً, و منها تلك المواصفات التي وردت عن الأمام عليّ(ع) في نهج البلاغة و غيرها نافياً وجود المؤمن الحقيقي الموالي الذي يعيش غريباً بين الناس .. كما ورد بقوله: [لو كان فيكم عدّة أهل بدر لَقَامَ قائمنا]. إنه حقّاً مصيبة كبيرة جدّاً .. و إلّا هل يُعقل فقدانهم من بين مليارين و نصف المليار مسلم على الأرض ناهيك عن ضعف ذاك العدد من المسيحين و اليهود و غيرهم في الأديان السماوية الأخرى!؟ و مع كلّ تلك الصّفات العظيمة النادرة التي وردت عن أهل البيت لبيان خصوصيات شيعتهم؛ نرى فوقها طائفة من "المسلمين" للأسف يُكفّرون (الشّيعة) ألذين يُوالون هذا النهج العظيم الذي يحتاج لمقدّمات و مُؤهلات عالية و رياضات دائمة يفتقدها عامة الناس .. بل و تُعاديها جميع الطوائف و المذاهب الأسلاميّة و غيرها من بين أكثر المسلمين ناهيك عن عامّة الناس المنشغلة بقوت يومها لأشباع عوائلهم الجائعة و الخاضعة للأنظمة و للحكام الظالمين الناهبين المنافقين, و لا أستثني أحداً!! و أخيراً .. نتسائل سؤآلاً أشرنا له إجمالاً فيما مضى .. إستناداً لتلك الحقائق الكونيّة الآنفة, و نتمنى من أهل الوجدان و الضمائر الصادقيّن - إن وجدوا - الجّواب عليه .. لإعانتنا بصدقٍ و أمانةٍ وعفّةٍ و سدادٍ, لحلّ تلك المشكلة التي يتعلق بها مصير العالم لتحقيق فلسفة الوجود و رضا الله تعالى في النهاية, و هو: [كما يعرف البعض من أهل الخبرة و القلم؛ بأن ألمسلمين الآن و من خلال الواقع يملكون بحدود 100 ألف "حزب الّلهي" ولا حاجة لبيان تعريف من يكون عضواً بـ (حزب الله) في لبنان أو العراق أو غيرها, و كما يدّعون؛ مع مليونيّ مؤمن مجاهد في حرس و جنود الثورة الأسلاميّة بإيران, ناهيك عن شعبهم الذي يصل تعداده لتسعين مليون نسمة يتّبع أكثرهم قائدهم السيد الخامنئي .. كشعب مختار و بديل عن غيرهم من الشعوب كآلشعوب العربية التي خانت قضيتها و تنصّلت عن مبادئها؛ خصوصا لو علمنا بأنّ(البدائل) مثلهم الأعلى (سلمان المحمدي) الذي وصل إيمانه للدرجة العاشرة ليصبح بمستوى أهل البيت(ع) بإستثناء العصمة التكوينية التي حلّ بدلها (العصمة التشريعية), إضافة لأكثر من 30 مليون من الشيعة العرب "الموالين" في العراق حسب الظاهر, يأتي في مقدّمتهم الفصائل"الثورية" ألّذين يدّعون ما يدّعون من نصرة أهل البيت و حبّ الأمام الحسين و السيدة زينب و غيرهم ضمن الفصائل و الأحزاب العراقية الأطارية و الوطنية الشيعيّة خاصّة الذين كانوا يحشّدون الفقراء بدعوى نصرة زينب و عدم تركها لتؤسر ثانية, بينما قادتهم ركنوا في قصورهم و بيوتهم و في دول الجوار منعّمين مع عوائلهم و دولاراتهم, و مِثلهم في اليمن و دول الخليج كالسّعوديّة و البحرين و الكويت و غيرها؛ و أكثر من 100 ألف مُعمّم و مرجع دِين في مخلتف البلاد - و لم ندرج أعداد السّنة معهم - و مع تلك الأرقام الكبيرة ؛ لماذا لا يظهر المُنقذ المهدي الذي لا يحتاج سوى لعدّة (أهل بدر) من بينهم!؟ أين الخلل و العقدة إذن!؟ و أين تكمن سرّ المشكلة بآلأضافة لما أشرنا له؟ و إلى متى سنبقى بهذا الحال البائس الذي يتحول من سيئ لأسوء بظل حكام منافقين يُكذبون بكل صدق!؟ هل معظمهم مرتزقة و منافقين و عملاء و جواسيس يُكذّبون بكل صدق لسرقة الناس و هم يأكلون لقمة الحرام التي يستلذون بها وحدها, ظانيّين أو – مُتوهمين - بأنّ الله العظيم - الذي لا يعرفون حتى صفاته الكمالية و الثبوتية مع أسماء الصفات - لا يعلم بهم و بمكرهم و فسادهم و جمعهم و سرقتهم للأموال الحرام لأبنائهم و أصهارهم و ذويهم و أحزابهم و مقرّبيهم من المرتزقة .. و بآلتالي؛ يُعدّون ضمن أحد التصانيف الثلاثة و كما أخبرنا عنهم أئمة الهدى من أهل البيت(ع) بكونهم: [ينتحلون التشيّع و ليس في قلوبهم حقيقة ما يظهر بلسانه لمصالح دنيوية. و منهم من هو عين لعدونا علينا و على مُوالينا, و كما تجسّد ذلك في أكثر أعضاء حزب الله و الدعوة و أمثالهم من طُلاب الدّنيا يكذّبون و ينافقون و يفعلون كل قبيح في السر .. أو (يأكلون الدّنيا بآلدِّين), وغيرها من الصفات ( التي أوردناها في حديث متواتر سبق ذكره أعلاه بآلتفصيل أيضاً, و هكذا باقي المسلمين الذين يفوق عددهم الملياري مسلم]!؟ أين الحقيقة و السّر المجهول و الغامض إذن في هذا البشر الملعون المنافق, و الذين تسببوا في تكريس محن العالم الذي يتّجه نحو آلكارثة الكبرى بغياب منقذها لأسباب فصّلناها أعلاه و في كتابنا الموسوم بـ: (محنة الفكر الأنساني)!؟ خصوصاً و إن الشرق الأوسط و بلاد المسلمين تتعرّض للتغيير و الفوضى و آلأنقلاب الآن بعد إستسلام "حزب الله و أمل و الدّعوة و بدر و الفصائل و العصائب الإسلاميّة في العراق و بلاد الشام و أمثالهم في الفصائل المختلفة" الذين قادتهم مع الخط الثاني نهبوا أموال الناس باسم آلجهاد و الدِّين لبطونهم و قصورهم و لرفاه ذويهم و أبنائهم و بناتهم و مرتزقتهم الجبناء! ثمّ يحلفون أمام الملأ كذباً و زوراً؛ بأنّهم مفلسون و مدينون للناس بسبب فقرهم!؟ وهل مَنْ ذكرناهم حصراً مِمّن يدّعون آلدّين و التشيّع أو التسنّن و التشّرع و المولاة و الجّهاد و النصرة في المذاهب الأربعة؛ يُكذّبون و يُنافقون و يتظاهرون بـ(آلدّين و الجهاد لأكل الدُّنيا و للتباهي و التسلط), فنُفيَت عنهم الصفات الإيمانيّة الحقيقيّة, و مُسخوا تماماً بسبب رواتب و لقمة الحرام التي شاعت بينهم في بلادنا بدون حساب و كتاب أو إكتراث بأوامر و بحدود الله تعالى!؟ بإختصار : لا وجود للمؤمنين الحقيقيين, قد يكون بعضهم مجرد مسلميين إن كان لا يُكذّب ولا يستغيب ولا يتجسس كما هو الحال خصوصا المقيمين في بلاد الغرب و لا يكشفوا عوارات المؤمنين!؟ ألمؤمنون الحقيقيّون هم أتباع الرّسالة الإبراهيميّة التي تشعبت منها الرسالات السماوية الرئيسية, و التي خُتمت بنهج أهل البيت(ألأئمة و خاتمهم الأمام الثاني عشر المهدي المنتظر) الذين وضعوا صفات دقيقة و معايير كونيّة لأهل الله لأنّهم مجمع الأمان و الخير الظاهر حتى في سكناتهم و نظرتهم و مسحة الحياء على وجوههم و صبرهم على الأذى في جنب الله و الحكمة في كلامهم و منطقهم والطهارة في لقمتهم و مكان عبادتهم و عزة النفس عندهم بمستوى التعفف بحيث يتقمّصون دور المكتفي بأيّ شيئ بينما هم بأمسّ الحاجة لكلّ شيئ, و هؤلاء مفقودون اليوم في أوساطنا للأسف و لا يصل عددهم حتى عدد الأصابع .. فليس سهلاً أن تتّقي الله في هذا العصر المضطرب المُظلم مع ظهور كلّ تلك الفتن و التجاذبات و الخيانات, حتى داس المدّعون فيه على قيم الله و حدوده و و قيمه ضانّين بكون الله وهم و الآخرة إن كانت هناك آخرة سيغفر لهم الله ذنوبهم و كأنهم لم يطلعوا على حديث (الحقوق) الذي ذكرناه مراراً وشرحناه جهاراً للأسف! لذلك أيها العلماء و المفرين؛ أعينوا بعضكم بعضاً بورع و أجتهاد و عفّة و سداد يرحمكم الله, خصوصاً أنتم أيها المراجع و الفلاسفة الكرام و المفكريين و الأكاديميين العظام .. فآلكارثة الكبرى ألمتمثلة بآلحرب العالمية الثالثة قاب قوسين أو أدنى فقد توحّد الإستكبار لرسم خارطة جديدة مُعولمة لبلادنا و لشرقنا و حتى غربنا نتيجة إنتشار النفاق و نهب حقوق الناس, حتى فَضَلَّ فقرائنا (حكومة الكفار المُعولمة) على (حكومة النفاق ألمتأسلمة) لنسبيّة العدالة في الأولى, و هذا يعني؛ بأنّ (الأنسانيّة بلا دِين) .. أفضل من (آلدّين بلا إنسانية) كما هو حال الدِّين في بلادنا, لهذا فضل الفقراء حكم الكفار على أديان و حكومات أوطانهم لأنهم أعدل و أنصف من المتأسلمين خصوصاً المتحاصصين علناً لحقوقهم!؟ إنّ أيّ مجتمع لا يستقيم على طريق الخير و الأنتاج و الأبداع و السّلام و العدالة و لا يجعل الحكمة عنواناً و هدفاً لمثقفيه و كُتّابه و علمائه؛ و لا تكون الأمّ فيه حرّة بل مضطهدة؛ و المرأة مهظومة الحقّ تعاني الإستضعاف و القسوة من الرّجل؛ و كتب الله لا تُفسّر فيه بحقّ و معرفة؛ و كذا المبادئ و القيم و معايير الجمال فيه مجهولة؛ فإنّ آلأبناء الذين يتربّون بظل تلك الأجواء؛ إنّما ينشؤون خائفين و عصابيين و حاقدين و مهزومين من الداخل و عنيفين يُكذبون في أبسط الأمور؛ و يميلون إلى التمرد و الفساد و الظلم و السرقة, و كما هو حال مجتمعاتنا اليوم, بل لا يثقون بآلله و بمن يحمل همّ نشر الفكر و الحقّ و يشكون به بسبب تلك الأخلاق و التربية المنحرفة, حيث لا تجد مسؤولاً أو حاكماً أو وزيراً أو رئيساً أو حتى مديراً أو مواطناً نزيهاً يتحصّن بآلأيمان و التقوى و الحياء و لقمة الحلال كرادع للإنحراف و الفساد و السرقة و الظلم عموماً, لذلك تغيب مقومات الفلاح و النجاة و الخير لتطبيق العدالة الكونيّة و التحرز من التعدي على حقوق المخلوقات جمعاء و في مقدمتها الأنسان ثم الشجر و الحجر و غيرها!؟ هذا مع ملاحظة أن الفساد و الظلم و الطبقيّة لا يكون المسؤول و الرئيس فقط هو المسؤول عنها؛ إنما الشعب يتحمل أيضاً وزر ذلك و بنفس المستوى, فعندما (يسكت الناس و لا يؤدون واجبهم و يكون الشعب كآلغنم أمام الحُكام؛ حتى الحمار يستطيع أن يكون قائداً لهم) يهديهم نحو شواطئ الجهالة و التيه و الفساد! فكيف الحال و الشيطان حاضر على الدوام مع النّفوس .. كعدوّ مُبين يتربّص لغوايتها!؟ لذلك فإنّ أوّل درس يجب أنْ نتعلّمه و يتعلّمه الأبناء و الأحفاد من الوالدين و المُربيّن و المُعلمين هو : حُبّ آلحكمة و مُراعاة حدود و حقوق الآخرين, وعدم التجاوز على حريتهم و ممتلكاتهم و كرامتهم, خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بآلأموال و الكرامة, بل يجب أن يكون كريماً و سخياً معهم, و الحُقوق هي أربعة : [(حَقٌ لَكَ بآلدّعاء لطلب المغفرة) و (حَقٌّ عَلَيكَ بعبادة الله) و (حَقٌ بَيْنَكَ و بَين الله, أن لا تشرك به شيئاً), و (حٌق بَيْنكَ و بَينَ آلنّاس, أن تحبّ لهم ما تحب لنفسك), فأمّا الحُقوق الثلاثة الأولى؛ فلا يُعتَدّ بها الله كثيراً و أنت مختار فيها, لكن الحقّ, كلّ الحقّ في (الرّابعة) التي يكون عليها الحساب و الكتاب و العتاب يوم الفصل(القيامة)]. بل الحق الأخير ينعكس آثاره السّلبية حتى في الدّنيا إن حدث التعدي على الآخرين, حيث البعض من تلك الذنوب يتحقق جزائها عاجلاً جدّاً في الدّنيا, بل بعضها تلحق بمرتكبيها فوراً كعقوق الوالدين و التعدي على الآخرين و القتل و الغيبة], و لعل سبب تأخر الظهور بإعتقادنا, يعود إلى فساد الحكومات بآلدّرجة الأولى و معها الناس الذين يتركون الأمر بآلمعروف و النهي عن المنكر, بعد ما يصبحوا عبيد الدُّنيا و الشهوات, و الروح تميل للمنكر والحرام بدل الحلال و الخير و العمل الصالح. و آلرّوح تتشكّل من مجموعة قوى, منها؛ روح التسلط و روح الشهوة و روح الأيمان و روح القدس, و يكون ميل نفوس الناس عادة نحو (روح التسلط و الشهوة الشيطانية) لأنها قريبة من الحواس المادية الظاهرة, والقليل منهم يميلون نحو روح الأيمان و روح القدس اللتان بتوفيق الله تعالى تحقّقان الخير و فلاح الأنسان و بآلتالي فلسفة الحياة و رضا الخالق, بينما آلميل لحُبّ آلدّنيا عبر التسلط و روح الشهوة تُخيّبان و تَدسّان مسعى و هدف الأنسان بحيث يصبح خطيراً و خبيثاً جدّاً كلّما علا و إقترب من محيط الشيطان و قد يصبح نفسه شيطاناً بمعنى الكلام, لذلك قد يكون من الأفضل الأبتعاد عن الناس جهد الإمكان, لكن المشكلة هنا .. في حال الابتعاد .. قد تتعاظم من حيث إن العمل عادة ما يكون مع الناس, و في حال الأبتعاد عنهم يقلّ العمل و التواصي على الحق و الصبر و العمل الصالح. لكني في هذا العصر و من خلال تجربة مريرة و مؤذية و خسائر جمّة, أرى صحة و فائدة ما توصلتُ إليه من تجربة العمر وقيادتي لنصرة الحق ضد الشيطان أنّ العزلة هي خير قرار؛ لأنه (كلّما زادتْ معرفتي بآلبشر زاد إحتراميّ و توجّهيّ للوحدة)! و لعل إقامة صداقة مع صديق واحد طيب و أمين أو ربما إثنان منهم - إن وجد - أفضل من إقامة العلاقة مع كل الناس, الذين عادة ما لا يتحدّثون بآلخير و الحكمة و الفكر و الفلسفة, لانهم يجهلونها .. إنما يتحدّثون بآلغيبة و الكذب و النفاق و النميمة ضدّ هذا و ذاك فيفسد يومك وآخرتك, والأحاديث تؤكد بما لا يقبل الشك: [السّامع للغيبة كآلمغتاب]! و ذلك لأنّ الغيبة تدمّر أواصر العلاقات الطيبة بين الأهل و الأقرباء و الشركاء و بين الأشخاص و تشتت كل المجتمع].. و كذلك من القوانين الأخلاقية الأخرى : [مَنْ نَمَّ لكَ ؛ نَمَّ عليكَ], و غيرها كثير .. للأطلاع أكثر على القيم و المبادئ الأخلاقية؛ راجع : التوراة و الأنجيل و القرآن, ثم (نهج البلاغة) و (نهج الفصاحة) و كتاب (فلسفة الأخلاق) للزنجاني, و كتاب (المحجة البيضاء) للكاشاني. و كتاب (الأخلاق) لأرسطوطاليس , حيث تُرجِم كتاب "الأخلاق" ضمن ما تُرجِم من آثار أرسطو , و دخل ساحة الفكر العربي و الإسلامي في وقت مُبكّر, و كان من أبرز مؤثرات هذا الكتاب؛ (نظرية الوسط الأخلاقى)، و الذى أطلق عليه بـ(الوسط العادل) القائم على تجنب الإفراط و التفريط، فإذا كانت خصائص الفضيلة هى التوسط، فإنّ خصائص الرّذيلة هى (الإفراط أو التفريط)، و ينطبق هذا على الأخلاق و السلوك و العادات، بل و على الجّمال الحسّي، ففضيلة كل شيء هو فى تحقيق الإعتدال، فالشجاعة متوسطة بين الخوف و التقحم؛ و السخاء وسط بين (التبذير و التقتير)؛ و هكذا فى الحلم و الحياء وغيرها من مبادئ الأخلاق و الإنفعالات و السلوك. و كُتب شوبنهاور المعروف بـ (فيلسوف الذات)؛ و كتاب (الأعداد الروحي) للمفكر العلامة الشهيد حسين معن الذي عكس أخلاق المؤمن الحقيقي حين سخّر وجوده و ماله و حتى بيته للمحتاجين و في النهاية دمهُ للقضية الأنسانيّة العليا التي آمن بها, و غيرها من الكتب التي تبيّن دور و أثر الأخلاق في تعجيل الظهور بتحكيم شرع الله بدل شرع القنص و السرقة و الفوارق الطبقية و الحقوقية و الأجتماعية القائمة آلآن للأسف. لذا وجب علينا معرفة آلأخلاق ألتي هي مقدّمة للدين و للتّدين و لوجود الله و التي وحدها تصون كرامة الأنسان؟ لذا يجب معرفة فلسفة الأخلاق بدقة . فما هي فلسفة الأخلاق و تأثيراتها!؟ ما هي فلسفة الأخلاق؟ ما هي فلسفة الأخلاق؟ و دورها في الحياة .!؟ (ألأخلاق)؛ هي قتل الذّات و آلتّحليّ بآلفضائل ألحسنة و الخوف من التعدي على حرمة الآخرين – بعد آلتّجرّد من آلخبائث و آلتّحلي بآلطيّبات – حتى مكارم الأخلاق و بعدها نكون مُتديّنيّن و هو طريق طويل فيه درجات شتى, و هذا يعني بطلان إدّعاء ألدِّين مِنْ أيِّ كان حتى لو كان عالماً أو شعباً أو فقيهاً لم يُهذّب أخلاقه و سيرته بتطهير ذاته من آلنّفاق و الغيبة و آلكذب و آلنّميمة و آلفساد و آلتكبر! يعني يدعي الدّين و الزهد وإذا به يملك أكثر من الأثرياء في العالم بينما المال لا يجمع إلا بآلبخل أو الحرام, وبآلتّالي وبحسب نظر هذا آلفيلسوف ألكبير يُعتبر كلّ مُتديّن لم يُزكيّ نفسه عمليّاً ولم يعرف حدودهُ و روح رسالته ألسّماويّة – كلّ ألرّسالات لا فرق – خارج عن ألتّديّن وآلإيمان مهما إدّعى وقال, ومجمل هذه الفلسفة تتوافق و(آلنّبأ العظيم) على لسان الخاتم(ص)؛ [إنّما بُعثّتُ لأتمّمَ مكارم ألأخلاق]! هكذا إعتقدَ (كانْت) بأنّ الأخلاق هي آلتي تصنع ألدِّين, و آلعقل ألعمليّ هي آلتي تصنع ألأخلاق و التي بها يكون الله موجوداً في الأرض و في وجدان الأنسان الذي ترك الحالة (البشريّة) و إرتقى للحالة الأنسانية من خلال الملتزمين بها! خلاصة نظريّة هذا الفيلسوف هي: [بدون إعْمالِ ألأخلاق في آلحياة يغدو كلّ ما يتظاهر به و يدّعيه أو يُمارسه الأنسان في مرضاة الرّب زَعْمَاً دينيّاً و عبوديّةً كاذبة و مُفتعلة], و كما هو حال ألمُدّعين أليوم الذين يعتقدون بأن الله يتواجد في المسجد و المزارات أكثر من الأماكن الأخرى و يتجلى من خلال أداء الطقوس التقليدية!؟ لهذا لا مستقبل لبلادنا و للعالم بدونها, أيّ(الأخلاق), فهي المُكوّنة و الحاضنة المتمثلة بـ (وجدان الأنسان) و حقيقتها تَتَمثّل بصوت الله في ضمير الأنسان و عقله الباطن ألذي به نحقق العدالة في الأرض بدل الرأسمالية و الطبقية و البيروقراطية و الدّيمقراطية المستهدفة و كل ألـ (قراطيات) التي سببت دمارنا و حروبنا و جوعنا و خنق صوتنا, لأن الذي يريد أن ينتفض ضد الظلم المقنون؛ يُردع بكافة السُّبل و يتم إسكات صاحبه, لأن القوانين تمّت و شرّعت من قبل مَنْ أختارهم الشعب, لذا ليس من حقّك هذا لأنك تعادي مصالح المجتمع! خصوصاً و نحن نعيش زمن العولمة الغربيّة و التكنولوجيا المتعالية و العقل الصناعي الذي يؤدي بشكل طبيعي إلى ضمور و تحجيم الأخلاق و حجره, بل و القضاء عليه, لانّ طبيعة التكنولوجيا تُبعد الأنسان عن الحقّ و القيم و التمسك بآلوجدان و العدل و الحلال و الحب, و نحن الآن نمرّ بزمن العولمة و عصر ما بعد المعلومات, فما حقيقة العولمة!؟ و كيف يُمكن كبح جماحها لتحصين الأخلاق و القيم في المقابل!؟ العولمة و قضية الأمام المهدي : العولمة و قضية الأمام المهدي : إنّ ألسؤآل ألكبير و الأهم ألآخر: يتعلّق بالعولمة : و هو السؤآل المتعلّق بآثار عولمة الغرب, وهي : [هل للعولمة تأثير على حركة ظهور الإمام المنقذ الموعود (ع)]!؟ و الجواب على ذلك هو : ألعولمة محاولة صوغ نظم و قيّم جديدة كقوانين ترتكز عليها النظام العالميّ الذي يُنظّر لتطبيقه أعضاء المنظمة الأقتصاديّة العالميّة حسب منافعهم و بلا رحمة أو ضمير، و هؤلاء الذين يسعون لصياغة تلك النظم و القوانين؛ يخططون للتلاعب بالقيم و كرامة الناس مع إيجاد بدائل لها كآلفساد و الأباحية و الثراء بأية وسيلة ممكنة حتى سرقة ألشّعوب و الناس بلا حدود, لتضعيف الأنسان و سلب إرادته من أجل التسلط عليه و فرض ما يمكن فرضه بشكل طبيعي من دون أية مقاومة، لهذا تدعو إلى الاستغناء عن جوهر الدِّين و الضمير و القيم التي تأمرنا بمراعاة الحقوق و الحدود كخط أحمر و نقطة إنطلاق؛ إما إلى العدالة و الأمان و السلام .. فيما لو تم التعامل معها حسب مبادئ الفلسفة الكونيّة أو الوصايا العشرة الإبراهيمية, أو نحو الفساد و الظلم و الطبقية و كما هو السائد اليوم في مجال الحقوق و الإمتيازات في معظم بلاد العالم, ليسهل التسلط على الناس بعد فقدانهم للأموال و للأرادة والشرف والصّدق الأبراهيميّ ليصبح الكذب والنفاق والسرقة وإستغلال حقّ الفقراء للثراء مسألة عادية و أساس لتحريك الحياة و كما هو حال رؤساء أحزاب و حكام و ساسة العالم و بلادنا عموماً و العراق خصوصاً كونه لولب الحضارة و التأريخ و مصادر الطاقة و العقائد و القاعدة التي يظهر و ينطلق منها الأمام المهدي لتحرير العالم كله! و الأنظمة و الحكام و الأحزاب إنّما يؤيدون و يفعلون ذلك؛ لأهداف ترتبط بمصالحهم الخاصة و ألفئوية، و ألطبقية وآلحزبيّة و المذهبية و الطائفية و القومية و العشائريّة بقيادة و تشجيع (المنظمة الأقتصادية العالمية) التي تسيطر على كبرى البنوك و الشركات و منابع الطاقة وألأساطيل في عشرات المواقع حول العالم, وهم يُريدون بها إخضاع و إضعاف الشعوب بنشر الفرقة و التشتت و الإستضعاف و آلمسكنة لسهولة التسلط عليهم و على ما يملكون. أنهم بآلعولمة الحالية؛ لا يريدون تحقيق العالميّة الأنسانيّة بالمعنى الصحيح, عبر آلمساواة و العدالة و الأمن الضامن للسّعادة بين مختلف الطبقات و الشرائح و المذاهب، و المصيبة هي أنّ طبيعة نظمهم أيضاً هي آلأخرى لا تحلّ مشاكل العالم و إنّما تُفاقمها وتُمزّق أواصرها و فطرتها و تفرّق شملها، و تنسف القيم الحقيقية الصالحة - المقبولة التي من شأنها و حدها التي تُحقق فلسفة وجودها, حيث إنّ آلشّرف والصّدق و النزاهة هي الضامنة لحفظ كرامة الأنسان, و خلق الإنسان الكامل، و هؤلاء السّاعين للعولمة يُريدون محو ذلك لإبقاء(البشر) في بشريّتهم و تَقيدهم و إبقائهم خاضعين لمجموعة نظم تسلب حريّتهم و إختيارهم، وتجعل جهدهم وحركتهم لخدمة أهداف الرؤوساء في تلك (المنظمة العالمية) التي تخضع لها كل منابع الطاقة و القدرة في العالم. وهذا الأمر بطبيعته و نتائجه خطير للغاية لأنها ضد السّنن الكونية, حيث يُعرقل حركة الظهور للتحرر من ذلك، لأنّ الإمام المُنقذ (ع) لا بُد أن يظهر في محيط قادر على إحتضان حركته الناس المتحدين و المتآلفين، للدفاع عنها و نصرتها، فإذا لم تكن هناك فطرة صحيحة و قادة أمناء و نزهاء و مخلصين كآلبدريين الأوائل مع قاعدة رصينة متّحدة، مع قيم و قوانين إلهيّة و مدنيّة تحكم الجميع بآلعدل و المساواة؛ لا يُمكن أنْ يظهر و يُوجِد ذلك المجتمع الآمن الذي ينصر حركته(ع) ويساعد على انتشارها في معركتها ضد الفريق الفرعوني الظالم في المقابل في كل العالم! إذن لا بُد أن يكون هناك نوع من العولمة الماديّة العادلة عبر إستثمار منابع القدرة و الطاقة و الأنتاج الزراعيّ و الصّناعي حسب النظريات العلمية مع مراعاة الأولويّات لتحقيق ذلك, لا كما فعل و يفعل حكامنا الجهلاء الشياطيّن بسرقة الأموال و تحديد الرواتب حسب مواصفات ظالمة ما أنزل بها الله من سلطان, و كذلك نرفض العولمة الظالمة القائمة الآن و التي تُعمّق الفوارق الأجتماعية و الحقوقية و الطبقية .. و التي تُبعد زمن الظهور نتيجة ظهور مجتمعات يسعى فيها الناس كآلذئاب, يأكل بعضهم بعضاً بكل الوسائل الشريرة الممكنة للثراء و التسلط كما حكوماتها الظالمة بسبب إبتعادهم عن الحق و العدالة و القيم و الصدق، فتبتعد كلّياً عن إنتاج مجتمعات مؤمنة و موحدة و منتجة و حرّة قادرة على ألتحرر من نير الاستعباد العولميّ الأحادي الجانب الخاص بطبقة الأثرياء و مرتزقتهم الممسوخين لأجل الرّواتب الحرام و الشهوات و آلتثاقل للدّنيا و الأرض؛ لا مجتمعات تتنامى و تتربى فيها كوادر و ذهنيات خلاقة و طموحة تتناسب مع فكر الإمام (عج) و توجهاته و التي هي توجهات جدّه الأمام عليّ(ع) الذي ضرب للعالم مثلاً عظيماً على كل المستويات الكونيّة, لأنّه كان مع الحقّ متواضعاً, حيث كان راتبه و حياته الماديّة كراتب و حياة أيّ فرد في المجتمع – بمن فيهم الفقير - داخل إمبراطوريته التي شملت 12 دولة, و التي لم يملك فيها حتى بيتاً أو متراً واحداً في الأرض بل يُقال ؛ أنه بعد رحيله تبيّن أنه مدين بمقدار من المال، لأن هدفه تجلّى في تربية الناس على القيم و المبادئ عمليّاً لا تربيتهم على المادة و حُبّ الدنيا و الدولار كما هو حال حكام اليوم الظالمين, و سعى لجعلهم صفّاً واحداً و مجتمعاً منتجاً خال من الفوارق الطبقيّة و الحقوقيّة و الأجتماعية و العنصرية و المذهبية و حتى الدّينية, لا بل جعل الأمبراطورية وطناً آمناً للجميع حتى للكفار و المنافقين بشرط أن يكونوا مسالمين لا إرهابيين, كمجتمعات عالم اليوم, خصوصاً مجتمعاتنا المتأسلمة الظالمة في الشرق الأوسط! من جانب آخر؛ توجد هناك روايات تقول بأنّ الإمام المهدي المنقذ(ع) يظهر بعد ما (تُملأ الأرض ظلماً و جوراً)؛ فإنّ هذا الفهم و التحليل بكون ظهوره مرتبط بكثرة الفساد و إنتشار الظلم و الخراب فقط؛ مسألة فيها نظر و تحليل و تأمل ؟ كما أنّ هناك نظر و تحليل أيضاً؛ بكون ظهوره يكون متلازماً مع الحروب و القتل و الغارات فقط لا يتناسب مع رسالته و هدفه عليه السلام.. بل سيكون الحال على العكس من ذلك عند الظهور, و هو دخول الناس في السلام و الأسلام و إيمان الناس في الشرق و الغرب بآلغيب و بحركته الكونيّة التي ترافقها المعاجز العظيمة التي تدفع الناس للأيمان به و نصرته. فعندما يظهر الأمام المهدي(ع) مع النبي عيسى(ع), كما تشير تلك (الوثيقة) إلى قضيّة تأريخية تؤكد حقيقة وجوده و أمامته بحيث تُبهر الناس, و خلاصة القصّة و كما يعرضها (ع) للملأ عند الظهور, بقوله : [مررّت ببلاد الغرب و منها (لندن) عاصمة بريطانيا, و عند الساحة الخضراء في المكان (الفلاني), ربما (الهايد بارك) كانت مكتبة تضم كتب و وثائق نفيسة و جامعة عن العالم و الغرب , و بحثت فيها عن وثيقة كان (لفافة) تضم ألتّوراة, مررت في صفحاتها, فوقع عيني في الصفحة الثالثة و الخمسون من (سِفر إشعيا - آسايا) فوجدت في الفصل العاشر ما أحزنني, حيث تمّ ذكر مأساة الأمام الحسين(ع) و المآسي التي أحاطت به مع المصائب , و بينما هو بهذا الحال تتطلع نفسه المقدسة عبر الآفاق التي إنكشفت أمامه إلى منقذ من ذرّيته .. سيظهر, بعد ما تطول أيامه تكون مسّرة الرّب على يديه, و يذكر أن الأمام المهدي(ع) قد علّق على تلك العبارة(القصة) التي وردت في العهد القديم, قوله بعد ما دمعت عيناه(عج) : نعم .. أنا محمد المهدي و هذا جدّي الحسين و وقعت أدناه بينما الدموع سالت من عيناه]. لقد تحقّق في هذا الأمر و (الوثيقة) أستاذ متخصص من جامعة إكسفورد و الذي جمع فيه آراء علماء الأديان حول تلك الفقرة العاشرة التي إختصّت بآلأمام الحسين(ع), و تلك المكتبة موجودة الآن في المكان الذي أشرنا له, و عند ظهوره سيأمر لأخراجه, لأنه تحت الأرض بسبب حدوث زلزال أو هزة أرضية أدّت إلى ضمورها تحت الآرض, و إن ألأمام(ع) عند ظهوره سيستفيد من هذه الحادثة كمعجزة بعرض ما ورد في تلك اللفافة من قصص مع توقيعه على الفقرة في الفصل (10), حيث سيظهرها أمام الملأ و الشعوب الغربية عبر كامرات الأعلاميين, بعد ما يأمر بإحضار جميع وكالات الأنباء و الفضائيات و المراسلين و الأعلامين لتسجيل و ضبط تلك الحادثة التي تؤدي إلى إنبهار و إيمان أهل الغرب به أجمع من(المسيحيين و اليهود) بقضيته الكونيّة العادلة بعد ما يشهدون حادثة إخراج المكتبة المدفونة و ذلك الكتاب و الصفحة مع التوقيع, حيث يأمر بإيقاف حركة الطائرات و المطارات في العالم على مرآى الناس المتجمهرين و كامرات المراسلين لأن علمه فوق العلم, و بعدها يُجيز فقط للطائرات الخاصة بنقل المرضى والعجزة والأطفال إلى مقاصدهم عبر الرحلات الخاصة بنقل المرضى أو النساء و الأطفال و العجزة فقط, و هكذا يُؤمن و ينبهر الجّميع بدعوته و قدرته عند مشاهدة تلك المعاجز التي هي فوق العلم و القوانين الطبيعية, بإستثناء نفر قليل لا يؤمنون بذلك و هم كبار الرأسماليين في (المنظمة الأقتصاديّة العالميّة) و الذين لا يتجاوز عددهم بضع مئات مع مرتزقتهم المقرّبيين الذين سيتواجه معهم و سيقتلهم الأمام(ع) ليُخلّص الناس من شرورهم و ظلمهم, كتمهيد لأقامة الدولة الكونيّة الكريمة العادلة. تلك هي قصة المواجهة المصيريّة الفاصلة التي ستحدث زمن الظهور مع تلك الثلة القليلة الذين يرفضون دعوة الأمام لأنها تضرّ بهم و بأموالهم و إستثماراتهم, و لا توجد حروب و دماء سوى مع تلك الطبقة الغنية في العام, و لا تُقام حروب أو قتال بين الجيوش و الدول في العالم و كما أخبر البعض بذلك و فسروا زمن الظهور حسب هواهم لأنه (ع) يأتي لأجل السلام و الأمن و العدالة لا لإراقة الدماء و الحروب, علماً أن قصّة (المكتبة المعجزة) و ما جرى حولها مذكورة بآلتفصيل في شبكة النت العالميّة, و يكفي الأشارة للرابط الخاص أدناه للأطلاع على التفاصيل, وهو ؛ [شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري إشعياء 53 - تفسير سفر أشعياء]. فهل حان الوقت لنرفع رؤوسنا و التطلع نحو السماء و طلب العون من المعشوق لنعي حالنا و وضعنا و واقعنا و دورنا في بيان تلك الحقائق الخافيّة على الناس للآن بمن فيهم الشيعة أنفسهم!؟ و هذا الأمر لا يتطلب سوى المطالعة و البحث و تبادل الأفكار و مناقشتها لمعرفتها و نشرها عبر منصات الأعلام و المراكز الثقافيّة و الفكريّة و الأدبيّة لعموم الناس! إننا ندعو هيئة الأمم المتحدة و بآلتعاون مع الأوساط العلميّة و المؤسسات الإنسانيّة لتشكيل لجنة عالميّة مكونة من أشهر فلاسفة العالم ليقوموا ببحث و دراسة الأوضاع العالمية و الأحداث الكونيّة التي تتعلّق بمصير البلاد و العباد لتقديم التقارير و الوصايا اللازمة للناس و الحكومات, فآلفلاسفة وحدهم يمكنهم البت بما يفيد و يحقق الأمن و السلام و الخير و العدالة في الأرض, و ليس الساسة و الاحزاب أو الحكومات و الأساطيل و الحروب التي تنشر الخراب و الرعب و الفساد في الأرض, و إن تخصيص يوم واحد للفلاسفة من قبل هيئة الأمم المتحدة لا ينفع شيئاً, حيث لم يقدّم ذلك شيئا مفيداً للعالم منذ تعينها. فهل حان وقتها ألآن, أم سينتظر العالم المهموم ألمأزوم أزماناً أخرى؟ ليستمرّ الناس بحياتهم كآلأموات يتحركون بلا روح مسلوبي الإرادة بظل أنظمة و حكومات غير عادلة؟ في زيارة الأربعين لكربلاء كل عامّ .. يصل عدد زائري ألأمام الحسين(ع) إلى 25 مليون زائر شيعيّ في أكبر تجمع عالمي لم يسبقه أيّ تجمع بهذا العدد, حتى في مراسم الحجّ الأكبر على عظمته, حيث لا يصل عدد الحجاج لأكثر من مليوني و نصف مليون حاج, لكن كم من حجاج بيت الله و كذا زائري كربلاء يدركون فلسفة الوجود و الخلق, و كم منهم لم ينبهر بآلغرب و التكنولوجيا و يعرف الحقّ و يعي الحقيقة و يُؤمِن بقضيّة الأمام(ع) و يعرف دلالاتها و علاماتها و يسعى لتمهيد مُقدمات الظهور عبر منصات الأعلام و مراكز الفكر و المنتديات الثقافيّة و دعوة الناس لنصرته لتأسيس الدولة العالميّة العادلة!؟ ألخاتمة ألخاتمة: إن الأمام المنقذ لا يخرج فجأة, و لا يظهر بطريقة المعجزة المطلقة إنما بقوانين العلة و المعلوم، إلا أنّ خروجه سيترافق في جانب منه مع المعجزة التي يشهد عليها التوراة(العهد القديم) مع مواجهة مختصرة مع المجموعة الرأسمالية التي تسيطر على منابع القدرة في العالم, و التي وحدها ستبقى تقاوم مع عدد قليل من مناصريهم بعد ما تضع الحرب العالمية الثالثة أوزارها, و يتم آلقضاء عليهم, و عددهم لا يزيد على 350 عنصراً يسيطرون على منابع القدرة في العالم، فلو كانت القضية قضية إعجاز إلهي لما كان تأخر ظهوره للآن و لما احتاج (ع) إلى التخطيط و الأعداد و الحرب و لأؤلئك القادة, فالله تعالى يُريد للنّاس أنْ يُمارسوا حرّيّاتهم و اختيارهم لتحديد مستقبلهم ومصيرهم .. (إما شاكراً و إمّا كفوراً) فلو أنّ الله تعالى بقدرته الإلهيّة سَلَبَ هذا الاختيار منهم، لكان جبراً, والله ليس بظلام للعبيد حاشاهُ أن يُحاسب الناس على مواقف جبرية لم يكن لهم فيها دور, إذن لا بدّ للناس أن يُمارسوا دورهم و اختيارهم إما بإتجاه الحقّ أو الباطل؟ و لذلك فإنّ بعضهم يُحارب الإمام (ع) و هم مرتزقة الحكومات و من معهم, من التابعين للمنظمة الرأسماليّة العالميّة الطاغية على منابع القدرة والطاقة عبر حكومات العالم الظالمة لحقوق شعوبها. وأما التدخل الإلهي، فإنما يحصل في خارج دائرة اختيار الإنسان لا في محيطه، مثل التدخل الذي حصل في قضية النبي إبراهيم (ع) الذي فضح زيف آلهتهم .. حين قال تعالى للنار بعد تلك المواجهات: يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم لتكون الخاتمة المعجزة, لكنه سبحانه لم يمنع جنود النمرود من جمع الحطب، ولم يشلّ أقدامهم وأيديهم و لم يمنعهم من إضرام النار والاتيان بالمنجنيق، ولا من الإمساك بإبراهيم (ع)، و حمله، و وضعه فوق الحطب، أو تأجيج النار, بل اشتعلت النار و حصل كل شيء أرادوه، ثمّ في نهاية المطاف تدخّل الله خارج دائرة اختيارهم لأنقاذ نبيّه الذي كان يعادل أمّة و ليس فرداً واحداً! قائلاً للنار: [كوني برداً و سلاماً على إبراهيم]. في ختام هذا البحث, له الحمد أبداً و الصلاة و السلام على محمد و آله و على كلّ مؤمن صادق حقيقيّ طاهر لم ينصر الحكومات و لم يُدنس بطنه بلقمة الحرام و لم يبني بيته من المال و الرواتب الحرام؛ طبعاً من النادر أن تجد في هذا العصر المخيف مثلهم, فقد أردنا لهذا البيان كما البيانات السّابقة التي صدرت مع بداية الألفية الثالثة كل عام؛ أن يكون على درجة من المصداقية و الحكمة، و الوضوح، فاقتصرنا فيه على موضوعات يسيرة, كي لا نرهق القارئ المنهوك المسروق ماديّاً و نفسيّاً وعمليّاً حين نكلفه قراءة مئات الصفحات فإن كُبر حجم البيان؛ قد لا يروق له لأنّ (أمّة إقرأ لا تقرأ) فسهل التسلط عليه و سوقهم كآلعبيد حيثما شاء السّاسة و الحكومات و أنظمة العالم المحكومة ببضع مئات من الطواغيب كآلفراعنة! لذا نتمنى لكل فرد أن يقرأ و يعي هذا البيان بعد ما يعرف ماذا قرأ و يقرأ؟ و لمن يقرأ؟ و إعلموا بأن الهدف يتحقق بفتح المنتديات و المجالس الفكريّة و الثقافية و التعليمية لتوعية الناس و إعدادهم ليوم الخلاص؟ رغم ما يتوقعه من صعوبة إنجاز قراءته .. مُحذريّن أولى الألباب منهم بأن لا يملأ عقله بتوافه و صغائر الأمور و التفكير الزائد بهموم المعيشة و الدولار والجنس و كرة القدم فقط فيشغل خلاياه بها؛ لأنّ العقل سوف يمتلأ و لن يبقى فيه مكان لتعبئتها بآلقضايا المصيريّة الكبيرة بما يُقرّبنا نحو الهدف الأكبر, خصوصاً إذا علمنا بأنّ العقل محدود, فمتوسط سماحيّة العقل البشري بحدود 29 مليون كيكابايت, فإحذرواً من ملئه بآلصّور و الأفلام الخادعة و الكلمات و المقولات التافهة و التنابر و التفكر و الغيبة و النفاق و الكذب الذي ليس فقط لا ينفع مسيرتنا و كدحنا نحو الله الحقّ؛ بل و يضرنا و يُخيب مسعانا! وإنّ الله تعالى عندما حرّم النظر للمحارم و الصّور و العورات و مناظر السوء و المؤآمرات والغيبة وآلكذب و النميمة, فإن ذلك لحمايتنا و هدايتنا .. كي لا نشغل الذاكرة و العقل بتلك الصور و التوافة و المحرمات التي لا تمنعنا من تحقيق الواجب المطلوب! و آلعقل كآلحقل إن لم تتعاهده بآلنباتات المثمرة؛ نمت فيه الحشائش الضّارة, فما يهمنا هو تقديم ما هو مفيد و نافع و خفيف المؤونة للبشر المَتعوب المنهوك المنكوب من كل جانب بسبب آلأحزاب و الحكومات الجاهليّة التي لا تدرك من فلسفة الوجود و الحكم سوى تعميم الجّهل و إشغال الناس لتأمين لقمة العيش وإلهائه لسرقتهم .. و الثراء على حساب حقوقهم! و[ من يغتني من وراء السياسة فاسد بلا تبرير ]. و من خلال عرضنا المسهب هذا و (لعزوف الناس عن القراءة و التّفكر لوعي الحقائق الكبيرة)؛ يتأكّد إستمرار محنـة آلفكر آلأنسانيّ الذي فصّلنا الكلام عنه في كتاب للعارف و الفيلسوف الكونيّ المعاصر, فقد تمّ تأليفه بداية الألفية الثالثة التي قطعنا و العالم ربعه (25 سنة) بآلكرّ و الفرّ و الغربة و الإضطهاد و الحروب و آلمؤآمرات و الأنتفاضات المختلفة للأسف, بعنوان : The plight of human thought [ محـنة الفكـر الأنسـاني:] للعارف الفيلسوف عزيز الخزرجي, ثمّ أتمَمناه بـ [الأربعون سؤآل]. إلى جانب كتاب آخر بيّنَ فيه العارف الحكيم أصول و مبادئ الفكـر الأنسـاني, الذي بقرائته و وعيه؛ يُحصنّ الأنسان الهادف نفسه و يحفظ كرامته و يتكامل عنده الوعي الأنسانيّ الهادف, بعنوان : [ الجذور الفلسفيّة للمدارس السياسيّة ], حيث يُبيّن فيه للقارئ جذور مائتي منهج(نظام) إعتمدها حكومات العالم الـ 208 حكومة منذ بناء أوّل مدينة في بابل العراق, مع منهج آلتخلص من كلّ تلك الحكومات الكاذبة و المنافقة المسيطرة على بلادنا و بلاد العالم .. عبر آلتسلّح بآلفكر و الوعي الكوني للقضاء على منهج (ميكيافيللي) الذي يؤدي بشكل طبيعي إلى الطبقية فتجمعت حتى بلغت أساسات أكثر من 200 نظرية لأنظمة الحكومات القائمة حتى آلآن في العالم و التي تُحارب المنقذ الموعود و تسعى لعدم أعداد و فسح الأرضية المطلوبة لظهوره المبارك ! فالحضارات الراقيّة و تحقيق السعادة و السلام و الأمن لا تُصنع ولا نصل لها لتحقيق مدينة السّلام الأبديّة بدون الحرية و العدالة التي تنعكس من خلال الفكر, و هكذا أدواتها .. بل ألحضارة الراقيّة ما كانت لتبدء و كما قال سيجموند فرويد : إلاّ [عندما قام رجل غاضب و لأوّل مرّة بإلقاء كلمة بدلاً من حجر]. فآلتفكر والعقل والمنطق والوعي فقط تجعلنا نُحقّق الهدف من وجودنا في هذه الدّنيا المحدودة بقيادة الأمام الصالح(ع) الذي ينتظِرنا بشغف. فما زالت الحضارة الراقيّة المطلوبة غائبة أو في بدايتها على الأرض رغم أنّ عمر البشريّة قد مرّت عليه 10000 عام, فإننا ما دمنا نعيش الحالة البشريّة المادّيّة, و نستخدم الأسلحة و القوة و التكبر و الفساد لحل و مواجهة الأمور, بدل الفكر و الفلسفة و المنطق و التفاهم والعفو و المواساة و التواضع! ممّا يعني بأنّ الفاصلة الزمنيّة التي حاول فيها البشر ألأنتقال و التطور من الحالة (آلبشريّة) إلى الحالة (الأنسانيّة) ثمّ (الآدميّة) باتت طويلة بل و تراوح مكانها تقريباً رغم تطور التكنولوجيا و العلوم المختلفة, و لذلك تعتبر حتى الآن بأنها في بداية المسيرة رغم مرور أكثر من 10000 عام على هبوط الأنبياء و الرسل من زمن آدم(ع) و للآن على عمر هذا البشر المتمرّد, و لم تكتمل نهايات الأقدار التي يعلمها الله تعالى بعد, و فرص الأمتحانات قد تتكرّر و تتعقّد مع المظالم و الفساد على كلّ صعيد .. فما زالت المحاولات مستمرة مع مواجهات شديدة و دامية أحياناً بين الخير و الشر, و الجميع يُراوح بين المرحلة (الحيوانية) و (البشريّة) (السّطحيّة) و قليل جدّاُ منهم مَنْ يسعى للتخلص منها للأنتقال إلى المرحلة الأنسانيّة الأكثر عمقاً و تطوراً و أنساً, النادر منهم, يسعى للقراءة و تشكيل المجالس و المنتديات لنيل الفضائل و الأخلاق و القيم و التقوى بالعمل الصالح, تمهيداً لوصول مرحلة (الآدميّة) التي معها فقط يتحقق الأنسان الكونيّ الكامل ألمتواضع الفاني في المعشوق كأهل (بدر) ليكون مؤهلاً لنيل لقب (خليفة الله) في الأرض بحقّ .. لتنعكس معنى القيم و المثل في الواقع عبر الأسفار الكونيّة (السبعة), أو عبر الأسفار (الأربع و العشرين) أو (الأثنان وخمسون) لتنكشف الحُجب و أللّغز الذي أشار له الباري تعالى للوصول إلى حقّ اليقين, الذي ما زال مجهولاً إلّا لدى البعض النادر جداً من الناس .. إن لم نقل كلهم .. في عالم مجهول ملئ بآلأسرار و الأقدار التي أجاب الباري تعالى عنها بإختصار بليغ و حكيم بعد سؤآل للملائكة و مَنْ حولهم عن سبب خلقه لهذا البشر الظالم ؛ الجاهل ؛ القاتل ؛ الفاسد, قائلاً لهم؛ (…إني أعلم ما لا تعلمون), ليبقى الأنسان يُكابد في هذه الدّنيا و يواجه كل ذلك الظلم و الفوارق الطبقية و الشيطانية و يعاني ألوان القهر و الظلامات و المحن بسبب الحاكمين و الأحزاب الدّنيوية الفرعونيّة الفاسدة و المنافقة الضالة التي بعضها تحمل بكل قباحة إسم الله و أوليائه لأكل الدّنيا؟ لذلك سيبقى آلتخبط في الباطل و التلاعب بآلحقّ و بآلكلمات و تشويه الجّمال؛ هي آلصفة البارزة اليوم بين الناس, فباتت كفة الظلم بينهم هي الراجحة لتناسبها مع الغرائز و الحواس الماديّة والروحية المُتنمّرة لإصابة الناس بآلمسخ و بفقدان الضمير نتيجة لقمة و نطفة الحرام و الأوهام التي إستوطنت وجودهم لجهلهم بحقيقة ومكانة وجود الله! وهذا الخلط و التيه و آلمعاناة, بل و نكران الحقّ؛ الذي سبّبت إهمال(آلفكر) وأصابته بآلفقر نتيجة إختلاط المفاهيم و تعدّد و تشوّه المنابع الثقافية والأعلامية التي تَغَذَّى عليها منذ نشأته ليختلط الحابل بآلنابل, و هو أسوء حتى ممّن فقد الفكر بآلكامل بسبب الأعلام الفاقد للضمير و آلوالدين ثمّ مدارس التربية و التعليم ثمّ ثقافة الأحزاب و نهج آلحكام الذي ينتج المجتمع السائب, فالناس لا يُشكّلون آراءهم ألأجتماعيّة و السّياسيّة و الأقتصادية بناء على المعلومات والحقائق آلكونيّة من منابعها الأصليّة, بما فيها رسالات السماء التي وصلتنا عبر أكثر من 124000 نبي و مرسل و وصي, أو المبادئ التكميلية و التوضيحية لها التي وصلتنا من نتاج فكر الفلاسفة الذي ختمناها بعنوان : (ألفلسفة الكونيّة العزيزية) كختام لتأريخ آلفكر وآلفلسفة من آدم و حتى الخاتم و ما بعده و إلى للآن؛ لمحو ذلك الذنب و العقائد الفاسدة و الظالمة التي عادّة مّا يكتسبها الإنسان من المقرّبيين و ذوبانها مع نوازع النفس و الفكر بغثها و غثيثها بظل الحُكام و وعاظ السلاطين إلى جانب ثقافة الأبوين و الأصدقاء و المدرسة و سياسة الأنظمة الحاكمة و ثقافة آلأحزاب و التيارات و العشائر و الأعراف و آلنظم السّياسيّة و الأعلاميّة المؤدلجة بآلتكنوقراطية و التقدمية والقومية و آلدّيمقراطية المستهدفة لا الهادفة! و لو كنا نفقد و نترك آلفكر كلّياً و نعتمد الفطرة فقط ؛ لربما كان أهون و أفضل و أسهل للوصول إلى الله, الذي بمعرفته يتغيير الحال نحو الأفضل بشكل طبيعي, فالأمر على ما يبدوا يتعقّد و يتعقد كثيراً و يكون خطيراً للغاية على مصير المجتمعات حين نحصل على بعض العلم و يحكم (أنصاف المثقفين) إلى جانب المنافقين .. و هذا هو السائد في بلاد العالم .. فإلتبس الحقّ مع الباطل بشكلٍ مخيف بحيث يصعب أو حتى يستحيل الآن الخلاص منها الآن بسهولة, خصوصاً بعد ما أصبح شائعاً بآلخطأ بين الناس؛ إعتبار خريّج الجامعة مُثقف يجب أخذ رأيه و إتّباعه و لا يجوز مناقشته, بل و يجب أن يحكم كتكنوقراطيّ! دون الحاجة للتزكية و التقوى .. و من هنا تفاقمت المحن في البلاد و العباد, لأنّ الكفاءة التي تحقق المدنية و التكنولوجيا وحدها لا تكفي لإستقامة الأنسان وتحقيق سعادته لبناء و تحكيم العدالة؛ ما لم يكن الكفوء أميناً نزيهاً و مؤمناً بآلحق! لذلك لا و لن يُوفق البشريّة للخير الكثير و لا حتى القليل منه, و هي بهذا الحال والمستوى الوضيع و بظلّ حكومات (أنصاف المثقفين) أو حكومات (نصف ردن) كما يقال .. بل يحدث العكس معهم و يحل البلاء, بعد ويرافقهم الظلم و المحن و الحروب و الفوارق الطبقيّة و الحقوقيّة, لأنّهم بمواقفهم و قراراتهم الخاطئة عادةً على مرّ الزمان؛ قد حولوا مجتمعاتنا لمختبرات و طبقات و فقر على حساب حقوق و حياة عامّة الناس, و إستبدلوا الذي هو أدنى(الميكيافيللية) التي تُولد الفساد و الفوارق .. بآلذي هو خير و هو السلام و السعادة و المساواة و العدالة بتطبيق (الوصايا الإبراهيمية) التي تُؤكّد على التوحيد و العدالة و الأمن و المساواة لا آلعنف و الدولار و المساومة مع الظالمين! لهذا بقت و ستبقى الخلافات و الأزمات و الحروب و الفوارق الحقوقيّة و الفوضى و الحروب قائمة و ستزيد مع الزمن بين شعوب الدول و بين الدول نفسها كما هي قائمة بين الأحزاب و المنظمات و حتى العوائل و الأزواج .. ليبقوا من حيث يعلمون أو لا يعلمون عبيداً لتحقيق منافع آلطبقة الأقتصاديّة العالميّة عبر تصريف الأسلحة و الصواريخ في حروب عبثيّة إقليمية و دولية لا خير و لا طائل من ورائها لعموم آلناس, فكلفة طائرة حربيّة تعادل المليارات من الدولارات, و التي تسقط عادة أثناء الحروب بطلق ناريّ أو صاروخ رخيص مع أرواح الناس, و هكذا قيمة دبّابة أو مجنزرة واحدة تعادل سعرها سعر 5000 آلاف سيارة عادية يتمّ تصنيعها و تحويلها و نقلها و حفظها في مرائبها حتى بيعها بشق الأنفس, لذا واضح جداً؛ أيهما أسهل و أسرع لثراء الظالمين الذين أنشؤوا أنظمتهم على الخطأ, و ما يُبنى على أساس خاطئ يكون كلّ البناء خاطئ و خطير مهما علا أو تعرّض!؟ علّة العلل في كلّ ذلك الغباء و التقهقر و الضلال .. إضافة لما ذكرنا آنفاً .. تكمن في إحدى التفاسير الشائعة لظاهرة آلتعصب والانحياز التأكيدي؛ إلى آلميل ألنفسيّ و التقوقع على الذّات و الأنتصار لها في كل الأحوال و بكافة السبل و الوسائل الممكنة لمحدودية الفكر - و تفضيل المعلومات التي توافق معتقداتنا المؤدلجة و آلابتعاد عن المعلومات التي تُعارِضها و إن كانت صحيحة, أيّ يُمكن تسميته بالبرمجة الفكريّة التي تصيب عقل المبتلين و لا تقبل البحث و المناقشة و التحليل الفلسفيّ المبني على البصيرة. هذا مع أن الفلاسفة و معهم علماء النفس؛ بحثوا ألأسباب الكامنة وراء كوننا عنيدين و مُتعصّبين فيما يتعلق بالمعتقدات ألمذهبية و السياسيّة .. إذ تلتحم الهويات التي نولّيها تأييدَنا بذاتنا إلتحاماً غريباً و هذا يعني أننا نعتبر الهجوم على معتقداتنا الراسخة هجوماً على ذواتنا، والعقل جُبِلَ على حماية نفسه لا حماية المعتقدات الكونيّة لجهله, بينما أنصهار المعتقدات مع بعضها البعض و تزاوج الأفكار تؤدي إلى الأثراء و التعاون على عمل الخير, و لكن ماذا لو لم يكن الانحياز التأكيدي هو السبب الوحيد!؟ هذا البيان .. كما كتابنا الموسوم بـ(محنة الفكر الأنسانيّ) و (نظريّة المعرفة الكونيّة) أجراس للوعي الكونيّ لعلاج المحنة الأنسانيّة من الجذور, و التي تراكمت من بداية أوّل تجمع بشريّ بعد الأنتقال من العصور الجليديّة البدائيّة إلى العصور الحجرية ثم عصر الرعي ثم الزراعة فآلتمدن حتى آلعصر الحديث (عصر ما بعد المعلومات) .. و ذلك من خلال بيان و تحليل المنابع الثقافيّة التي تشكل (الفكر), عبر بيان فلسفة الذات و كيفيّة التعامل مع القيم و المعرفة, و قد أوردنا أسئلة هامّة حول قضايا الفكر الكونيّ مكونة من (أربعين سؤآلاً), تمّ نشره أيضاً عبر (البيان الكوني لعام 2024م) للباحثين و المفكرين, والتي عند آلجواب عليها بعد دراستها وعرضها ينقذ البشر من ضلالهم الذي تعمّم بسبب أطماع السّاسة و الحكام نتيجة إعتمادهم على الجيوش و المليشيات و أجهزتها القمعيّة, لكونهم فهموا بأن فلسفة السعادة تتم عن طريق الحكم لأجل للثراء و بناء القصور على حساب الفقراء .. و ما علموا بأنّ الحكمة الكونيّة العزيزيّة تقرّ بأنّ [من يغتني من وراء السياسة فاسد]. و : [لا يُسعد مجتمع فيه شقيّ واحد, فكيف الحال إذا كان المجتمع كله يشقى]! و قال الشاعر أيضاً : و لو أني حُبيتُ الخُلد فرداً .. لما أحبَبْتُ في الخلد إنفراداً يعني حتى لو كنا في الجنّة لا يُسعد الأنسان إن كان فيها وحيداً, فلا بد من وجود آخرين يشاركوننا في السّراء و الضراء لتتحقق السعادة. و يجب أن نعرف بأنّ معنى (الأنسان) مشتق من (أنَسَ) و (مؤآنسة) و هذه الصفة لو فقدت, فلا يمكن أن نعتبره إنساناً سعيداً على الأطلاق. وأيضا يجب أن نتعلم أصول الحوار و التعايش السلمي و روح المحبة و الأخلاص مع الآخرين, و إلا فإنه من الصعب التعايش بسلام و أمان مع الآخرين حتى الزوجة و العائلة من دون تلك المعارف الأجتماعية و النفسية التي بجهلها تؤدي إلى فراق الأزواج و الآباء عن الأبناء .. فآلشهادة الجامعية وحدها لا تكفي ليطلق على حائزها مثقف. و لذلك تعتبر الأسئلة الفلسفية (الأربعون سؤآل) هامّة للغاية و جوهر المعرفة الأيجابيّة النافعة التي تجعل الأنسان غنيّاً بآلمعارف و مُعبّأً بآلمعلومات و القواعد التي تجعله مثقفاً و تُحصنه من الأنحراف بل و تجعله منتجاً للفكر, و لا تعني إظهار و بحث خصوصيّات معينة لذات السؤآل أو لجانب واحد؛ إنما الغاية الأصليّة منها لإثارة العقل و توسيع مدياته بالنقاش و البحث داخل (المنتديات الفكرية) و المؤسسات التربوية و تشغيل الفكر و تعبئة الرّوح بآلمعلومات و المعاني و العرفان و الفيوضات الإلاهية ليحصل الوعي الكامل الذي به نرى أكثر حتى أعماق الوجود, و ليبقى العقل و البصيرة مشحونة و فاعلة بآلأفكار والرؤى الكونيّة الممتدة بلا حدود, بدل السفسطة و آلغيبة و اللهوث على المال والمنصب و كرة القدم و إشباع البطن والفرج فقط .. بسبب الأعلام المُسَيّس الفاقد للضمير والتي تُحجم وجودنا و تفكيرنا, فذاك إحياءٌ لقاعدة (غوبلز) الثالثة التي تقول: [إعطني إعلاماً بلا ضمير؛ أعطيك شعباً بلا وعي] و هذا هو واقع أمّتنا و شعوب بلادنا المنكوبة بإعلاميين و حكام و أحزاب فاسدة و ساسة مرتزقة لا يملكون ليس فقط الضّمير, بل مُسخوا كآلقردة و الخنازير, لأنهم لا يملكون حتى مراكز دراسات حقيقيّة منتجة للفكر لعلاج قضايا الفكر التي تعكس النظم السياسة و الأقتصادية و المالية و نظم العدالة الأجتماعية و الحريّة وغيرها, عبر الحكومات و المؤسسات التعليمية و الجامعيّة! لذا معظم برامجهم و كتبهم هي مجرّد تقارير و تدويل و تكرار للوقائع, أو تفاسير حسب منافعهم, لهذا ترى الأعلاميون لا يملكون ما ينفع الناس أو يزيد من وعيهم لتحصينهم ضد كيد الحُكام و الساسة العملاء الذين يُموّلونهم فيُفسدون بشكل قهري لفقدانهم القيم و المناهج الرصينة لأحياء البشر, بل و يسعون إلى آلعكس بتسطيح وعيّ الناس و تشويه أذهانهم ليسهل سرقتهم و إمتصاص دمائهم بمختلف الوسائل لصالح من يدفع رواتبهم و مصاريفهم و أجورهم, و كما فعل صدام و نهيان و مشعان و حردان و برزان و وطبان و أسد و نمر و حكام العالم و في بلادنا بآلذات, فسهل إستعمارهم للبلاد و العباد كآلعبيد الأجراء!؟ لهذا إن لم يتغيير الحال فستستمر الكوارث البشرية رغم تراكم رسالات السماء و الأرض الكونيّتان, بسبب محنة الفكر الأنساني و ضمور الوعي و فهم فلسفة الوجود على حقيقتها, و حلول الجهل الذي يمكن خلاصتها بآلتعصب الذي سببه تبرير مطالب هوى النفس و الأنتصار لها في كل الأحوال و بكل طريقة ممكنة, و عدم قبول الآخر. خلاصة البيان : خلاصة البيان : : عرض (المبادئ العشرة) التي سعى إبراهيم(ع) خليل الله لبيانها قبل أكثر من 3 آلاف عام, كنظام بُني على أساس فلسفي يتناسب مع كرامة و فطرة و حقوق البشر و الخلق الطبيعية, و هكذا الرسل من بعده كموسى و عيسى ثم الخاتم و ذلك بغرس المنهجية المعرفيّة الإيبستيمولوجيّة في آلمجتمع (آملين أكلها ولو بعد حين), تهدف إلى آلتفاعل مع الكون و الظواهر الاجتماعيّة و الأنتربولوجيّة و الطبيعيّة, تمهيداً لتطبيقه على الأرض بقيادة المصلحين, للتمهيد إلى ظهور المنقذ الموعود كمنظومة منهجيّة مبنيّة قوانينها على أساس : ـ جدلية النسبي/المطلق في الظواهر الكونيّة والاجتماعيّة التي تعود للمطلق الذي خلق الخلق و أوجد الوجود. ـ معرفة الإله بآلسّمع و البصر (الذي ينفع و يضرّ) عبر المنهج العلمي/الرياضي, لا بآلخيال و الأوهام و الأحتمالات, بل بعين القلب البصيرة. ـ قدرة/مشيئة الله تتمظهر في السّنن الكونيّة و الاجتماعيّة و التأريخيّة التي يجب كشفها و ربطها بحياتنا و وجودنا. ـ قدرة/مشيئة الله تتجاوز المبدأ الذي يُحرّك السّنن الكونيّة والإجتماعيّة؛ التناقض؛ التزاوج؛ التضاد؛ التناوب؛ التكامل... إلخ. ـ استحالة تحدّ الله في سُنَنه الكونيّة (لا أحد يستطيع تغييرها حتى الله إلتزم أَلّا يُغيرها) مستندة على العدالة و التوحيد, ويمكن اكتشافها من خلال المنهج الاستقرائي. - معرفة جواب الأسئلة الفلسفية الكونية السّتة, من أين؟ و إلى أين؟ و مع من؟ وكيف؟ و لماذا؟ وإلى أين نرجع؟ ـ إمكانية تغيير السّنن الاجتماعيّة بتفعيل أسوأها باسم التقاليد (تغييب للمنهجين) أو إتباع أحسنهما (استعمال للمنهجين للوصول إلى أحسن النتائج بأقصر الطرق) و يمكن الدفع نحو تغييرها من خلال المنهج الجدلي/النقدي. ـ أنّ المنهج العلميّ/الرياضيّ و المنهج الإيمانيّ/التصديقيّ؛ يتكاملان, و يمكن استعمالهما عند التوجه إلى السّنن الكونيّة - الاجتماعية. و مع طول الفترة الزّمنية الفاصلة بيننا و بين ذلك المنهج الفلسفيّ الكونيّ الذي أسّسهُ و طبّقه إبراهيم(ع) ؛ إلّا أنّ الطبقة المثقفة ما زالت متخلّفة وعوام الناس عنه و عن مُجرّد معرفتهُ, ناهيك عن وعيه وتطبيقه بل مجرّد فهمه فلسفيّاً و وعيه ذاتياً, لذا فنحن مُتخلّفون كثيراً عن ذلك المضمار الأبراهيميّ الذي سبقنا بأكثر من 3 آلاف عام, ولا بد من وعيه و الإستفادة منه, لنتمكن الخلاص من الفساد المحيط بالعالم, بتفعيل ولو جزء من تلك آلمنهجية ألإبراهيميّة - الكونيّة التي أصَّل لها في زمانه و تمّ تطبيقه على الواقع لفترة معينة، دعى فيها الحاكم و المحكوم إلى الأيمان بكرامة الأنسان وآلسّلام والمساواة والعدالة والمعرفة بآلحوار و أخلاقياته كواقع معاش و طريقة في الحياة لا فرق فيها بين الحاكم و المحكوم في كل شيئ خصوصاً في الأمتيازات والحقوق الطبيعية والمادية, ويلزم هذا التخلص من تقاليد الآباء (العشيرة والحزب والثقافة) و مناهج النظم السائدة ثمّ إعادة النظر في أصول المعتقدات الدّينية لإنتاج و بناء عقيدة مصدره عقل الفرد وما وصلنا عبر النقل؟ لأننا بعدم ذلك, سنواجه بثقافة تمنع الفرد المسلم وغير المسلم من الدخول في تقويم ذاتي لمعتقده و مقارنته بآلعقائد الأخرى لمعرفة مدى توازنه و تجربة صموده و قدرته أمام الأفكار الأخرى, فأن لم يستطع المقاومة و الصمود فعلى صاحبه البحث عن عقيدة أخرى لمعرفة خلقه و فلسفة وجوده ومستقبله، و تنتقد بشدّة التبريرات المعطاة للأفراد في تشكيل بناهم العقدية والفكريّة الفلسفية و بآلتالي صياغة نظام جديد لحياته, و هي منهجية لا تركز على البعد الأخلاقيّ والدّيني للحوار بالأساس(كالتحمّل و الصّبر على معتقدات و آراء الآخرين و الحلم و سعة الصدر و...إلخ)، وإنما تُؤسّس أيضاً لحوار عقلانيّ معرفيّ هادف يتبلور في محيط فكري جدلي غايته الوصول إلى الحقيقة المطلقة بدل الأوهام و السّحر و تكرار الطقوس و المعتقدات المضلّلة السائدة منذ مئات السنين لإحداث نقلة نوعيّة نُمهّد بها للأرضية المناسبة لظهور المنقذ المنتظر. لقد فرحتُ و إستبشرت خيراً ثمّ إستغربت و تألّمتُ بعدها - عند ظهور دعوات إعلاميّة عالميّة عدّة نهاية هذا العام 2024م لتطبيق (المنهج الإبراهيميّ من قبل المهتمين بقضايا حقوق الأنسان والفكر وآلعدالة) صدرت من مسؤوليين أمميين و رؤوساء حكومات و كُتّاب لفض النزاعات و الحروب, ثمّ إستغربت و تألمت لإختفاء تلك الدّعوات و حصارها فجأة لعدم إيمان مُدّعيها بها و هكذا عدم تجاوب المثقفين و المفكرين معها .. و كأنّ مؤآمرة عالمية كانت وراء كبح جماحها ليستمر العالم على ما كان عليه من الظلم و النفاق و الفساد و من الأزل, إلى جانب سعي القوى العظمى لرسم خارطة جديدة للعالم و لمنطقة الشرق الأوسط بآلذات, و التي نأمل معها الإكتراث ولو قليلاً بآلعدالة النسبيّة وآلترحم على الشعوب و الأمم ولو بظل نظام الكفر على الأقل .. لا النفاق بظل العناوين الجذابة الكاذبة التي وصلت حتى لإسم الله تعالى!؟ وهذا بيانٌ فصّلناه على علمٍ هدىً و رحمة لقوم يؤمنون بآلعدالة و بكرامة الأنسان و المخلوقات و يعرفون لماذا خُلقوا على هذه الأرض؟ وإنّ المُلك يومئذٍ لله يحكم بينهم فآلذين آمنوا و عملوا الصالحات في جنات النعيم التي لا يصلها إلّا العاملين الصادقون على نهج إبراهيم و سلالته, و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ رابط نظريّة المعرفة الكونيّة, أو (فلسفة الفلسفة الكونية) و كتاب: (عصر ما بعد المعلومات): https://www.kutubpdfbook.com/index.php/book/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9 https://www.kutubpdfbook.com/book/%D8%B9%D8%B5%D8%B1-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-post-facual-era-1 تحميل كتاب محنة آلفكر ألأنساني pdf – مكتبة نور (noor-book.com) و كتاب آخر غنيّ بآلكثير من المعلومات التي تدعم مسيرة الأعلاميين و المثقفين و المفكرين و أساتذة الجامعات, بعنوان: (عصر ما بعد المعلومات) : تحميل كتاب عصر ما بعد المعلومات : Post Facual Era pdf ل الفيلسوف الكوني/عزيز الخزرجي | مقهى الكتب (kutubpdfbook.com) ألأساس التكميليّ للبيان و يَختصّ بدور نظريّة المعرفة : ألأساس التكميليّ للبيان و يختصّ بدور نظريّة المعرفة : وتشمل آلمقدّمة الفلسفيّة ألضروريّة للعلماء و آلمُفكريين لإستنباط ألقوانين : لا شك أنَّ للفلسفة أهميّة كبرى و أساسية في حياتنا, فهي أوّل قاعدة فكريّة أمرنا بها الله تعالى لفهم الأمور و لتحديد القوانين اللازمة لحياتنا المتطوره و المتغيّرة بإستمرار؛ فكلّ ما نقوم به يُمثِّل فلسفتنا في الحياة، و بالرغم من أهمية الفلسفة إلا أنّ تعقيداتها أبعدتنا عن دراستها و القراءة فيها و التمعن في هدفها و نتائجها، غير أن كتاب (رابوبرت) الذي إستنبطنا منه خاتمة هذا البيان؛ يتناول الفلسفة بشكل مُبسَّط و سلس لكنه كآلسهل الممتنع؛ فإسلوبه يُمكِّن القارئ حتى العادي ناهيك عن المثقف و المفكر و العالم من فهمه و الاطلاع عليه و دراسته، فالكتاب على الرغم من صغر حجمه إلّا أنّهُ ألَمَّ و بشكلٍ جيدٍ و غير مُخلٍّ بجوانب الفلسفة المختلفة. و الكتاب على قسمين: الأول: يعرض موضوع الفلسفة و فروعها و تاريخها. و الثاني: يعرض فيه المؤلِّف عدد من النظريّات الفلسفيّة و مناقشتها. وفي نهاية الكتاب يُقدّم ألمترجم (أحمد أمين) جهداً مضافًا إلى ترجمته؛ حيث يضع معجماً بالأعلام الواردة في الكتاب ليسهل على القارئ و الباحث أيضاً معرفتهم من خلال نبذة مختصرة عنهم. فمثلاً يُعرّف الكاتب الفلسفة, كآلتالي .. كمثال على عظمة إسلوبه و دقته و بساطته ليفهّم القارئ الحقيقة بسرعة و بساطة و بقليل من الجهد, نتيجة معرفته الواسعة بعلم النفس و ليس الفلسفة فقط : كثيراً ما تعرف الفلسفة بأنها نظرية (الكون و المعرفة)، فعلم ما بعد الطبيعة يبحث في حقيقة الكون وأصله، أما ما يبحث في المعرفة نفسها (العلم بالشيء)؛ أعني حقيقتها ومنبعها وحدودها التي تقف عندها، فيكون فرعاً آخر من الفلسفة يسمى (نظريّة المعرفة) أو (إبستمولوجيا). و قد وَجَّه فلاسفة اليونان الأوائل نظرهم للبحث في حقائق الأشياء و طبائعها، و هذا التفلسف و النظر الذي يفوق أنظار السذج والعامّة وآراءهم تدرج بالمفكرين الذين يبحثون عن الحقائق .. إلى البحث في مسألة أخرى؛ وهي: لماذا يختلف نظري إلى الأشياء عن أنظار غيري من الناس؟ ولماذا تختلف نظرياتي المبنية على البحث عن الأفكار الشائعة بين العامة؟ إني أعرف أن الناس على باطل وأني على حق، وأن هناك عالمًا من الأشياء خارجًا عني يعرفه عقلي، فكيف تدخل المعرفة بهذه الأشياء في عقلي فتثير أفكاراً تولد عالمًا من الأشياء في داخله؟ و كيف حصلت هذه المعرفة؟ ولِمَ يُفكّر الناس على خلاف ما أفكر؟ أين منبع الحقيقة التي حصلتها؟ أين أصل المعرفة وحدودها التي تقف عندها؟ وما حقيقتها وطبيعتها؟ هذه الأبحاث أدت إلى الشك في صحة المعرفة وفي الوثوق بها، و جاش في النفس هذا السؤال: هل يمكن بحال أن نعرف الحقيقة، وأن نجد مقياساً صحيحاً عامّاً نقيس به الأشياء لنعرف صحيحها من باطلها؟ قد كان العقل البشري في أول الأمر يميل إلى العمل و السير في الحياة من غير أن يسأل نفسه سؤالاً كهذا، حتى إذا وقع في الخطأ ورأى آراء تناقض آراءه اعتراه الشك ولم يعد يثق بما يرى، وبعد أن كان الفكر يشتغل بالأشياء الخارجية توجه للبحث في نفسه هو، باحثاً عن نصيبه من الصحة .. فسأل: ما المعرفة؟ وما علاقتها بالحقيقة؟ وهل المعرفة ممكنة؟ وهل يستطيع العقل البشري الوصول إليها؟ وإذا كان كذلك فكيف الوصول؟ هذه أسئلة وأبحاث توجه إليها العقل الإنساني الشائق إلى أن يعرف، بعد أن بحث أبحاثه فيما بعد الطبيعة. قال (بولسن): إن الفلسفة ابتدأت في جميع أماكنها بالبحث فيما بعد الطبيعة، فكان البحث في شكل العالم وتكوِّنه وأصله، وفي طبيعة الكون، وماهية الروح وعلاقتها بالبدن؛ هو موضوع الفلسفة الأولى، وبعد أن استغرقت هذه الأبحاث زمنًا طويلًا اتجه الفكر للبحث في المعرفة وإمكانها، ورأى العقل البشري ضرورة النظر فيما إذا كان من الممكن بحال حل هذه المسائل، ومن هذا النظر نتجت (نظرية المعرفة)! من ذلك يُفهم أنّ البحث في صحة معرفة الأشياء و حدودها و علاقتها بحقائق الأشياء في الوجود هو موضوع ما يسمى نظرية المعرفة، أو إبستمولوجيا. فيمكننا أن نجمل الغرض من نظريّة المعرفة و متعلّقاتها في ثلاثة أسئلة هامة, و كما أتفق عليها هي: (١) ما هي آلمعرفة؟ و هو سؤال عن ماهيّة المعرفة. (٢) بِمَ أحصِّل على ألمعرفة؟ و هو سؤال عن أصل المعرفة و منابعها. (٣) هل يُمكن تحصيل المعرفة؟ و هو سؤال عن صحة المعرفة و حدودها. وقد أجاب الفلاسفة و العلماء عن هذه الأسئلة و متعلّقاتها .. إجابات وردت ضمناً في تاريخ الفكر الفلسفيّ، و كانت مختلفة تبعاً للاختلاف في المذاهب الفلسفيّة، فذهب جمع من الفلاسفة إلى أنّ معرفة الأشياء نسخة طبق الأصل لحقائق أشياء واقعية، و صورة دقيقة في عقولنا لما في الخارج، و أن الأشياء في الحقيقة والواقع مطابقة لمظاهرها التي ندركها بواسطة القوى المدركة، وأن العالم الخارجي في الحقيقة كما ندركه؛ هو مستقل في الوجود عن إدراكنا، و أن مظاهر الأشياء وحقائقها متطابقة، و إدراكنا للأشياء كما هي في الواقع هو المعرفة. و تلك العقيدة؛ أعني أنّ الأشياء المحقّقة التي لها وجود في الخارج, مستقلة عمّا يُماثلها في الذهن، و تسمى (مذهب الواقع)، و هذا المذهب يرى أن ما ندركه بالحواس, سواء كان إدراكاً يقينيّاً أو ظنيّاً، وهو ما نعرفه بالتأمل أو الفكر(1) اللذان بهما تحصل المعرفة بالأشياء, نتيجة شيء حقيقي موجود في الخارج و مستقل عن ذهننا؛ فالمعرفة على هذا المذهب هي (إدراك الأشياء كما هي في الواقع) بواسطة آلات(حواس) البدن و النفس و الضمير أو ما يسمى بـ (البصيرة)، فالشيء ذات اللون ألأسود أو ألأحمر, إنّما إكتسبا تلك الألوان كصفة نتيجة الماهيّة التي جعلته أسودَاً أو أحمرَاً، فإذا إنعكس على أعيننا أدركنا سواده أو حُمرته، و هذه الصفة موجودة حقّاً .. سواء إنعكس الشيء على عين ألإنسان أو لم ينعكس، و يقابل هذا المذهب مذهب (الظواهر) أو مذهب (ألمثال)، الذي يرى أنّ المعرفة هي (إدراك الأشياء)، و (الأشياء في أنفسها). بعبارة أخرى (ما في الفكر) و (ما في الخارج) مختلف إختلافًاً كبيراً، و بناءاً على هذا المذهب؛ ليست المعرفة إدراك الأشياء كما هي في الواقع, و لا هي كما يقول الواقعيّون؛ نسخة طبق الأصل عن الواقع؛ و لا هي صورة دقيقة لجوهر ألأشياء نفسها؛ إنّما المعرفة هي إدراك الأشياء حسب ما يظهر لنا في وقتها, إذ لا يمكن أن يكون بين المعرفة - التي هي عمليّة نفسيّة – و آلأشياء الخارجيّة تشابه، و ليس العالم الذي حولنا إلّا نتيجة لما أنتجها عقلنا، و كلّ ما نعرف من العالم و المخلوقات و الأشياء الخارجية - سواء كان طريق المعرفة حواسّنا أو تأمّلنا الفكري - ليس إلّا خيالاً أو (تصوّراً) يُولّده العقل كناتج له، بينما يرى الواقعي (أنّ الإدراك) - إدراك ما في الخارج - بواسطة الحواس يحدث عندنا يقيناً بها, و لا يشمل آلغيب أو الميتافيزيقيا)، و أنّ في ذلك الإدراك الحِسيّ ضمانة لمعرفة حقائق الوجود! إذاً المِثالي يرى أنّ حقائق الوجود الخارجيّ ليست إلّا مدى قابليتها على الأدراك ولا غير, و السؤآل الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكننا درك و معرفة ما لا يمكن للحواس الظاهرة الوصول إليها و معرفتها كوجود الله و وجود الكهرباء و المغناطيس و الموجودات الكهرومغناطيسية و الذبذبات التي تنقل الأصوات و الموجات عبر الأكوان!؟ أمّا السّؤال الثاني؛ و أعني به, السؤال عن أصل المعرفة نفسها و منبعها، فقد أجيب عنه بجوابين: الحسّيون أو (التجربيون), قالوا: [إن كل معرفة إنّما سببها الإدراك بالحواس، و بعبارة أخرى إن منبع معرفتنا هو الإدراك الأوّل، أيّ الإدراك بالحواس الباطنة أو الظاهرة، و بإجتماع هذه الإدراكات و تركيبها و إتقانها تحصل التجارب و من ثمّ الأعراض و النتائج .. و بجمع التجارب و ترقيتها تحصل المعرفة، فمنبع المعرفة إذن؛ هو عمل الحواس، أي (الإدراك بالحسّ)(2). و«التجربة» و ما ينتج عنها، وهما يقابلان عند أصحاب النظريّة الأخرى الآتي شرحها (التفكير) و (الفكر)]. وعلى هذا المذهب تكون كلّ معرفة - و لو كانت فكرًا عميقًا أو "تلقيناً" - ترجع إلى الإدراك الحسيّ، فمذهب الحسّيين أو التجريبيين إذاً؛ و هو المذهب القائل بأنّ التجربة هي المنبع الوحيد للمعرفة و هي أعلى حتى من العِلم، أو على الأقل أساسها، و أن كل معرفة تنبع من التجربة لها سببان, و التجربة نوعان: إما أن تكون مستقاة من الحواس الظاهرة؛ و إما من القوى الباطنة التي نطلق عليها بآلبصيرة. فإدراك الأشياء الخارجية ُسمّي إحساساً أو كشفاً باطنياً، وإدراك الأشياء الباطنية يسمى تأملًا، و الإدراك بنوعيه (الباطني و الداخلي) باب ينفذ منه ضوء المعرفة (إلى حجرة الفهم المظلمة). قال (لوك) في رسالته (العقل البشريّ): [لنفرض أنّ العقل صحيفة بيضاء خالية من أية كتابة و أيّ معنى؛ فكيف استعدَّت لأن تتلقى ما يلقى إليها؟ ومن أين لها ذلك المستودع العظيم الذي نقشه عليها خيال الإنسان(فكره) الواسع نقشًا متنوعاً إلى أنواع لا تحد؟ و من أين لها كل مواد الفهم و المعرفة؟ و إستناداً على كل تلك الأسئلة؛ أجيب بكلمة واحدة, هي (من التجربة), التي منها إستقينا كلّ ما عرفنا، ومنها نستمد المعرفة؛ فملاحظتنا, سواء كانت ملاحظة محسوسات خارجيّة أو ملاحظة عمليات العقل الباطنية، أو بعبارة أخرى (سواءً كانت إدراكاً بالحس الخارجي أو تأملاً فكريًّا)؛ فإنها هي التي تزود عقلنا بكل أدوات التفكير، و من هذين الينبوعين تنبع كل أفكارنا, و كل أفكار المنفذان اللذان ينفذ منهما الضوء إلى تلك الحجرة المظلمة يمكن أن تكون وهماً - حسب معرفتي - ؛ إذ يظهر لي أنّ العقل كحجرة صغيرة حُرمت من كل النوافذ .. إلا فتحات صغيرة تدخل منها صور المحسوسات الخارجية أو الآراء المتعلقة بها]. وقال لوك أيضاً: [لهذا كان أوّل مقدرة للعقل هو أن يكون صالحاً للفعل لا للانفعال؛ إما بواسطة الحواس التي تدرك الأشياء الخارجية, أو بالعمليات التي يعملها العقل عند التأمل في الأشياء، وهذه أول خطوة يخطوها الإنسان لاستكشاف أيّ شيء، و الأساس الذي تُبني عليه كل الآراء التي يحصلها في هذا العالم، فكل الأفكار الراقية الجليلة التي تفوق السحاب رفعة و تعلو في أعالي السماء؛ إنما أصلها (الحواس)]. إنّ العقل خصوصاً (ألباطن) يسبح و يصل لمسافات بعيدة إلى آخر المدى و يفكر بآلعمق و يتأمّل بدقة تأملات رفيعة عبر المدى الكونيّ، بحيث يخرج صاحب البصيرة بقدرة(العقل الباطن) إلى خارج المدى المادي و المنظور المحدود عند الذين يعتمدون العقل الظاهر بآلحسّ فقط, و الذي لا يخرج قِيدَ أنملة عمّا أمدته به الحواس أو التأمل المُقيّد, و هذا ما أكدهُ أيضاً (رابوبرت) في (الفصول الأولى من كتابه مبادئ الفلسفة). لذا من هذا يُعلم [أنّ الحسّيين أو التجريبيّن يرون أنّ ما يُمكن أن يُجرّب هو وحده الذي يمكن أن يعرف و نطمئن له، و أن أداة المعرفة الصحيحة و المفيدة التي يطمئنّ لها القلب هو الإدراك بالحسّ، و مدركاتنا عند التجربيين ناشئة من قوّة الإدراك بالحسّ، أمّا قوّة الفكر فقابلة في الغالب لما يَرِدُ عليه]. (انظر فلكنبرج ص٣١٨). و يعارض نظرية الحسّيين أو التجربيين تلك؛ نظرية الذهنيين أو العقليين الباطنية، و هؤلاء يقولون: [إن التجربة التي تحصل بواسطة الحواس مضلّة و مُوهمة و محدودة و كثيراً ما تؤدي للضلال، و إن الحواس لخداعة و كاذبة و تخطئ بسبب التغييرات التي تطرأ على الخلق, و هذا ما أثبته الكثير من العلماء و الفلاسفة كـ (ألبرت آينشتاين) الذي أثبت بأنّ القوانين السائدة التي نأمل بها ألوصول للحقّ, لا توصلنا لتلك آلمعرفة الحقيقة ما لم نحتكم (لنظرية الكَوانتوم) و إعمال البعد الرابع في القوانين, لهذا حدّد النظرية النسبيّة كدليل على ذلك]! و النتيجة التي نحصل عليها هي : إذا كانت كل معارفنا بواسطة الإدراك بالحسّ فالمعرفة الحقيقية مستحيلة .. ذلك لأنّ الإدراك و التجربة إنما يخبراننا بما يتعلّق بحالة واحدة من أحوال الشيء خارج معادلة الزمن، و لا يستطيعان أن يتناولا كلّ الأحوال و الأحاطة بكل جوانب الأمر أو الموضوع بدون أحضار معادلة الزمن كبعد رابع للموجودات، فلو كان الأمر مقصوراً عليهما؛ لما كان بإمكاننا معرفة الحقائق الكونيّة العامّة على حقيقتها. وإذ كان من الثابت أنّ المعرفة ممكنة؛ وجَبَ آلقول: [إنّ بعض المدركات التي تكوِّن المعرفة ليس أساسها الحواس, و إنّ ما يظهر للعقل بواسطة الحواس إنّما هو مظهر الأشياء الخارجية الخدَّاعة, أي عرضها لا ماهيتها الحقة و جوهرها التي لا تُحسّ, و بآلتالي تُعَدّ الحواس عَدُوًّا للمعرفة الحقّة و أقرب من أن تُعدّ خادمة لها]. (انظر فلكنبرج ص٢١٩). فالمعرفة إذن؛ إنما تحصل بالفكر و التصور و القوة العقلية الباطنية(البصيرة)، و بالتفكير الباطني وحده؛ يُمكننا ألوقوف على مملكة الظواهر المتغيّرة و المعقدة على الدوام، بينما التجريبي يرى أنّ كلّ الحواس و التأمل معها منبع المعرفة؛ إذاً بالعقل يُرى أنّ التّفهم و التّعقل هو المنبع الوحيد الكاشف للمعرفة الشاملة لماهية الوجود و المكونات، ويستدل العقليّون بأنّ العلم و الفلسفة يميلان إلى العموم و الضرورة(3) كما يظهر ذلك في العلوم الرياضية التي هي أهم مظهر لأسس آلمعرفة العلميّة ألإيبستيمولوجية. و العلم و اليقين الحاصل بالفلسفة؛ لا يُمكن أن يحصلا بالتجربة وحدها لأنّها محدودة، و إنما يحصلان عن طريق العقل الباطن المُدرك الذي به يتحقق الإدراك و اليقين، لا العقل الظاهر وحده . ثمّ كيف يمكن أن يُفهم ما لا يحسّ؛ كالله والأبدية و مجموع العالم, إذا نحن إعتبرنا (التجربة) لا (العقل) منبعاً لمعرفتنا و آرائنا؟ الحق أنه بواسطة التفكير المحض, أو ما يُعبّر عنه بـ (البصيرة) أو (العقل الباطن) وحده يُمكننا فهم حقائق الأشياء و جوهرها، و قد غلا بعضهم في معارضة التجربيين, (فذهب إلى أنه لا يصل شيء إلى النفس من الخارج، ولا يُمكن للنفس أن تبتكر شيئًا إذا لم يكن متصلاً بالأصل فيها). إنما شغل العقليّون والتجربيون أنفسهم بمسألة المعرفة، فذهب الأولون؛ إلى أنّها تحصل بواسطة العقل المحض(الظاهر)، و آلذي به وحده يحصل العلم بالأشياء، أما بواسطة الإدراك بالحس فمستحيل أن يحصل ذلك، و التجربيون ينكرون تحصيل المعرفة بالعقل المحض، و لكن لم يتعرض أحد المذهبين لمسألة إمكان المعرفة، فكلاهما وثق بالعقل البشريّ الظاهر ثقة تامّة و إعتقد بقدرته لوحده على معرفة الأشياء لتحديد الموقف منها حسب القوانين التي يتم تشريعها لحلها و ألأستفادة منها. و لكن لمّا كان هذا الموثوق بالعقل و بقدرته على تحصيل الحقائق قد تزلزل بنظريّة التجربيين؛ كانت النتيجة أن ضعفت الثقة بالعقل أولاً، و تسبّب بتعريضه للنّقد و الإمتحان ثانياً، و ظهرت الأسئلة التالية: هل تمكن المعرفة؟ و إذا أمكنت؛ فإلى أيّ نقطة تمتد؟ و ما حدودها؟ والعقليون والتجربيون لم يبحثا في هذه المسألة، بل آمنا بأنّ لنا قدرة على معرفة الأشياء؛ إما بواسطة الإدراك بالحسّ، أو بواسطة التفكير، وبأن الأشياء في الحقيقة هي كما ندركها، و يسمى هذان المذهبان مذهب اليقين؛ نظراً لتيقّنهما بإمكان المعرفة. و يُعارض مذهب اليقين, مذهبان آخران يكونان نظامين من نظم الفلسفة، و يتعلّقان بمسألة إمكان المعرفة وحدودها لتقرير القوانين و الدساتير الأقرب لتحقيق الهدف من الحياة و النجاة في آلآخرة : أحدهما؛ مذهب الشك، و الآخر؛ مذهب النقد، فمذهب الشّك يشك فحسب، و ينكر إمكان المعرفة و قدرة الإنسان عليها، و يمسك عن إبداء أيّ رأي! يقابله مذهب النقد؛ فهو لا بد من أن ينكر ببساطة، و يشك من غير تعليل, ينقد و يبحث في كيف نشأت المعرفة و من أين؟ كما يبحث في حدودها؟ رأى النقاد - أصحاب مذهب النقد - أنفسهم أمام مسألتين لا تحلّ ثانيتهما إلا بحلّ أولاهما، فقبل أن يبحثوا في منبع المعرفة و أصلها, قالوا: [يجب أن نبحث في حدود المعرفة, و كذلك البرهان على إمكانها، و بعد أن تعرف الشروط الصحيحة التي بها تحصل المعرفة؛ يُمكن للإنسان أن يعرف ما يمكن إدراكه بهذه الشروط] (فلكنبرج ٣٢٢). و هنا نذكر كلمة مجملة في تاريخ نشوء (نظريّة المعرفة),أو معرفة المعرفة (ألإيبستيمولوجيا)؛ ففي عصر الفلسفة القديمة, كان السوفسطائيون هُم أوّل من أثار البحث في المعرفة و حقائق الوجود، و بآلتالي مهّدوا السبيل للعقليين و التجربيين، و فيها بحث الإيليّون و أفلاطون و أرسطو و سقراط، و بحث فيها الرواقيّون و الشكاكيون و الأبيقوريون، و في العصور الحديثة كانت هذه المسألة في مقدمة المسائل عند فلاسفة بريطانيا والألمان وغيرهم من الممالك الأوروبية حوالي القرن السابع عشر، فكان للعقليين نفوذ كبير في ممالك أوروبا غير بريطانيا, بما وضعه ديكارت ١٦٥٠م، و إسبينوزا ١٦٧٧م، و ليبنتز ١٧١٦م، و ولف ١٧٥٤م. أما الباحثون البريطانيون: كبيكون ١٦٢٦م، و هوبز ١٦٧٩م، و لا سيما جون لوك ١٦٣٢م -١٧٠٤م ؛ فكانوا تجربيين، و قد أدّت أبحاث (لوك) التجربيّة إلى مذهب الشّك الذي وضعه هيوم ١٧٧٦م في إنجلترا، فكان بحث هيوم باعثاً قويّاً لـ (كانط) ليرقى مذهبه النقدي، و كما قيل: (نبّههُ من نومه اليقيني). في خاتمة هذا آلعرض التكميليّ للبيان؛ نُشير لنتيجة هامّة بدونها يصبح كل ما أوردناه عبثاً ومضيعة للجهد و آلوقت, و (النتيجة) هي جواب للسؤآل التالي : ما الغاية من كلّ تلك النظريات و التصورات و الأحتمالات بشأن معرفة المعرفة (الأيبستيمولوجيا)!؟ و إن الجواب على السؤآل يكشف لنا الغاية و تلك (النتيجة) بوضوح من تلك المعرفة, و هي: إن معرفة أصول المعرفة و منابعها و أبعادها و سببها و آثارها و أنعكاساتها و دورها في واقع الحياة و الحضارة و مصير البشرية؛ سيُسهّل الوصول إلى تحديد قوانين و شرائع راقية توافق الفطرة الأنسانية و تُحقق الغاية التي من أجلها وجدنا على كل صعيد, فما حدثَ و يُحدث حتى الآن على الأرض من مآسي و حروب و ظلم ؛ إنما كان بسبب قصور معارفنا و محدودية علومنا خصوصاً طبيعة الأنسان و حركة المجتمع التي لا يعرفها الفلاسفة بدقة ما لم يستندوا لقوانين عالم الغيب الذي يعرفها الخالق أفضل و أدق من كل العلماء و الفلاسفة, لكونها ترتبط بعلّة و أمر أشار له تعالى أثناء جوابه لسؤآل الملائكة عن سبب تكرار خلق آدم من جديد, بعد كل الذي كان؟ فأجاب تعالى : [...إني أعلم ما لا تعلمون]. نعم الأنظمة و الشرايع التي يعمل بها الآن في البلاد شرقا و غرباً بشكل عام لم يُراعي فيها جميع الجوانب و الأحتمالات المطلوبة, لذلك فإن النتائج التي تفرزها حتى تلك القوانين التي ظهرت بعد ثورة (الرّينوسانس) في كثير من الأحيان تسبّب حدوث كوارث تدميرية للبشر و الشّجر و الحجر و بآلتالي تبعد الخلق عن تحقيق هدف وجودها و دورها في بناء الحضارة الراقيّة التي تُسعد الأنسان و المخلوقات و تبعدهم عن الشّر و الفساد الذي بات ينتشر بجنون و بإضطراد يوماً بعد آخر في البلاد و العباد. ع / فلاسفة و منتديات ألعالم آلفكريّة / الفيلسوف ألكونيّ : عزيز حميد مجيد الخزرجيّ On behalf of /Philosophers and World Forums: Azez H. Al-Khazrgy; Cosmic Philosopher ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إليكم هوامش الأساس التكميليّ للبيان الكوني لعام 2025 م : يعني بالتأمل Reflection (1) ملاحظة العقل لِإعمال نفسه (2) قال بروتاغوراس – رأس و رائد السوفسطائيّة: إنّ الإدراك بالحسّ هو المصدر الوحيد للمعرفة، و مع ذلك فهذا الإدراك إنّما يعرفّنا بظاهر الشّيء فقط لا بحقيقتة و جوهره، و من أجل هذا كان كل رأي ينشأ عن الإدراك بالحسّ صحيحًا عند المُحسّ وحده، ويكون صحيحاً في لحظة واحدة، وهي اللحظة التي حصل فيها الإدراك, هذا لو علمنا بأن كل شيئ في الوجود يتغيير على الدوام و لا يوجد آلمطلق، فالصحة العامة المطلقة لا وجود لها إلا مع الخالق، و إذا كانت معرفة الإنسان لا منبع لها غير الإدراك بالحِسّ، و كان شأن الإدراك ما ذكرنا بدون البصيرة؛ كانت معرفة الإنسان لا يُوثق بصحتها، و قد سلم أفلاطون بهذا الرأي ؛ و هو ؛ أنّ الإدراك بالحِسّ إنّما يكون معرفة وقتيّة و محدودة، و عنده أنّ هذا الإدراك إنّما يعرّفنا ظواهر الأشياء لا حقيقتها و جوهرها و أسرارها! و الإدراك ثمّ المعرفة لا يُقتصر على الحِسّ)، فـ(بروتاغوراس) يقول: [إن معرفة الشيء؛ لا يُمكن أن تُنال بآلحسّ]! و يُؤكّد أفلاطون في كتابيّه ثيتيونوس, و تيمايس: على إمكان المعرفة بآلعقل، حيث قال: إنّ ما يُقرّب إلى المعرفة هو التفكير المنطقيّ و الرأي الصحيح الذي يستطيع الإنسان أن يبرهن به عليه، و يعني أفلاطون بالمعرفة (معرفة حقائق الأشياء و كنهها)، فهو في قوله هذا يكون من العقليين. لقد حاول أفلاطون ألإجابة على ذلك السؤال الهام (ما هي المعرفة)؟ و إستخدم طرقاً ليست مختلفة تماماً عن تلك المستخدمة في نظريّة المعرفة الحديثة, لتحديد الجواب و قد ورد هذا في مجموعة من كتبه! و(الثياتيتوس) تُصنّف من ضمن محاورات المرحلة الثانية، أيّ بعد تأسيسه للأكاديمية, وهي من أشهر إنجازات تلك المرحلة كما كتاب (الجمهورية) أيضا. و(ألثياتيتوس) تصرّ أيضاً على أنه من المستحيل إعتبار العِلم حقيقيّ؛ ما لم يكن فيه إشارة إلى طبيعة الفكرة, و يهدف هذا النقاش عموماً إلى نفي المعرفيّة الذاتيّة التي وضعها السفسطائيون الذين يعتقدون ,(epistemological subjectivity)بأن آلأدراكات ألحسّيّة التي وضعها السفسطائيون هي التي تُحدّد المعرفة, وهو آلأمر الذي يُنفيه أفلاطون بشدة. (3) الظاهر أنهُ يُريد بالعموم الشمول، فإذا قال العلم: (إنّ زاوية المثلث تساوي قائمتين, كان ذلك عامًّا في كل مكان و زمان)، و يريد بالضرورة خضوع ما يحدث في العالم لأسباب تنتجه، فالعلم لا يقول بحدوث شيء إعتباطًا؛ إنما يحدث بناء على قوانين العلّة و المعلول التي استوجبت حدوثه و تأثيراته, بمعنى كلما كانت المعرفة واسعة في قضية أو ظاهرة معينة؛ كلما كانت القوانين و آلاصول التي نضعها لتحديد قانون عام له؛ أصح و أثمر فيما لو كانت تلك المعرفة محدودة و قاصرة, لأنها تؤدي إلى الخراب و الفساد و الظلم, و هذا ما هو الواقع و السائد حتى في البلاد المتطورة تكنولوجيا و التي تقوم كل يوم بتبديل القوانين و تعديلها لتقليل الظلامات الكثيرة التي تقع بسبب ذلك, حيث يستحيل على البشر الذي يتطور و يتغيير بإستمرار؛ وضع قوانين كونيّة دقيقة و مُناسبة لكل عصر و مصر و حادثة ينعدم فيها نسبة الخطأ, ما لم يعتمد على النصوص الواردة من الخالق كقاعدة أساسية, لهذا يجب على الفلاسفة أنْ يعرفوا كلّ ما هو ممكن من الأفكار و الأحتمالات حول الموضوعات المختلفة التي يُراد علاجها و حتى مقارنتها بالأضداد عبر المقارنة و الحوار و المنطق لرسم القوانين لأدارة المجتمع بشكل أفضل و أعدل! ,(Parmenides) و السفسطائيّة (Rationalism) و العقل (Sensualism) أيّ كل ما يتعلق بمسألة الحِسّ و هذا المنهج يُعين المفكرين و المجتهدين لإستنباط الأحكام المطمئنة و الدقيقة و الأقرب للحقّ لبيان الشرائع والقوانين المطلوب صياغتها للناس لإدامة و رقيّ مجتمعهم و لرضا الله تعالى الذي أمرنا بآلتفكر و البحث لكسب المعرفة التي وحدها تُحقق الصلاح و الفلاح و العاقبة الحسنى. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

No comments:

Post a Comment