صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Sunday, July 13, 2025
العراق بات مأبوناً : لا يفيده الترقيع
العراق بات مأبوناً :
لله درّك يا صديقي القديم العزيز السيد الدكتور أبو عارف مشكوري :
لقد كنت الداعية الأمين الوحيد الذي إرتحتُ له من بين الدعاة الذين لم أستأنس معهم الحياة يوم لقاءنا في طهران قبل 45 عاماً و لا أدي أين حلّت بك الأقدار رغم سؤآلي عنك كثيراً من دعاة ا لعار , فآلأخيار مجهولون في الأرض بعكس الآخرين النكرات و الأمعات الذين عادة ما يبرزون على أكتاف الشرفاء و حقوقهم .. و أدعو الله تعالى أن يوفقني للقياك, و يوفقك لكل خير و يحسن عاقبتك لتلحق بآلشهداء الصديقيين عند رب كريم مقتدر نحبه و يحبنا, فهذه الحياة لم تعد صالحة لأمثالنا للأسف!
إليكم قصة أخرى من قصص العراق الدامي المتجه نحو الخراب و المجهول على لسان الصديق الصادق العزيز الدكتور المشكوري, وهي قصة من أغرب القصص عبر التأريخ, لكنها وقعت في العراق بعنوان:
(مأبوناً لا شهيداً)
(قصة حقيقية) :
الأثنين 30 يناير / كانون الثاني 2023 - 20:24
د. فخري مشكور
يعرف العراقيون جميعاً ان نظام صدام كان يستخدم سم الثاليوم لتسميم بعض المعارضين السياسيين بعد اعتقالهم ثم يطلق سراحهم ليموتوا بعد ذلك بين اهليهم في مرض غامض دون ان يتحمل النظام مسؤولية قتلهم بالثاليوم.
وقد قضى كثير من المعارضين بهذه الطريقة ولم ينجُ منهم الا شخص واحد تربطني به علاقة صداقة وقرابة منحتني فرصاً متعددةً للقائه والاستماع منه مباشرة الى قصص كثيرة عن معاناته في سجون صدام والتي انتهت بسقيه اللبن المخلوط بالثاليوم وخروجه من السجن.
تمكن الناجي الوحيد من سمّ الثاليوم من الخروج من العراق وذهب للعلاج في لندن لسنوات ثم في بومبي سنوات اخرى، وبعد مدة طويلة ومعاناة مديدة تمكن من استعادة القسم الاكبر من صحته... ذلك هو المجاهد البطل السيد محسن شبّر حفظه الله شقيق المجاهد الكبير السيد حسن شبر رحمه الله ورفع درجته.
من أغرب القصص التي نقلها لي السيد محسن شبر حفظه الله عن حياة السجن التي عاشها بنفسه القصة التالية:-
توجد في السجن غرفة تستلم فيها الاجهزة الامنية الاحكام النهائية بحق المعتقلين.
من تلك الغرفة يتم الفرز والتنفيذ الفوري لنوعين من الاحكام: الاعدام، او اطلاق سراح السجين.
سلّم الضابط الجالس في المكتب سجيناً الى الشرطي قائلاً: هذا للاعدام.
ثم سلمه سجيناً آخر وقال له: هذا أطلقْ سراحه بعد ان تغتصبه.
اقتاد الشرطي الاثنين لتنفيذ حكمين مختلفين، الاعدام لاحدهما، والاغتصاب للثاني. وخرج الثلاثة من الغرفة.
لكن الثاني خشي ان يختلط الامر على الشرطي فيقوده للاعدام بدل الأول، فصار – وهو يسر معه- يذكّره باستمرارقائلاً له: لا تنس ان تغتصبني.
عندما قص لي السيد محسن شبّر هذه القصة صرت أغلي من الغيظ، فقد هالني ان يصل الأمر بانسان شريف الى المطالبة باغتصابه خشية ان يعدم...
***
قلت في نفسي: لو كنت قريباً منه لقلت له: يا ايها الشريف الضعيف كيف تستسيغ الحياة منقوص الشرف؟ لو حاولت ان تنتزع سلاح الشرطي لتقتله به او يقتلك..وفي الحالين يسلم شرفك، أمّا أن تستسلم له ليغتصبك وتعيش بشرف ناقص فهذا ما لا أرضاه لأي شريف.
***
بقيت هذه القصة تحفر في ذاكرتي مصحوبة بحرقة وفضول شديد لمعرفة هذا الذي نجا من الموت ليعيش بشرف منقوص
من عساه يكون؟
لابد انه يعيش بيننا، فكيف لي ان اعرفه لأقول له - ولو بعد فوات الاوان- لماذا لم تنتزع سلاح الشرطي فتقتله أو يقتلك لكي تحافظ على شرفك حيّاً او ميّتاً؟
بل اكثر من ذلك، كنت احب ان أرى:
· كيف يعيش انسان شريف بعد ان يتخلى عن شرفه؟
· وما قيمة حياته بلا شرف؟
· وهل يهنأ بطعام وشراب ونوم وسفر و...و...؟
· وكيف يواجه الناسَ الشرفاءَ حتى لو لم يعرفوا ماذا فعل ليحافظ على حياته؟
· وكيف .....؟
· وكيف.....؟
· ...... الخ
عشرات الاسئلة بقيت نفسي تتوق الى معرفة جوابها ولكن ليست لي وسيلة لمعرفة الجواب الا بمعرفة الشخص الذي كان يطلب من الشرطي ان يغتصبه لكي يبقى على قيد الحياة .
من هذا الشخص؟
لا احد يجيبني على هذا السؤال.
بقي الجواب حسرةً في نفسي وغصّةً في قلبي ...كيف لي ان اعرف هذا الشخص؟
لكني عرفته قبل ايام
عرفته و رأيت صورته في التلفزيون.
و فوجئت انني اعرفه منذ سنوات لكني لم اكن اعلم انه هو!
كيف عرفته!؟
اليكم تسلسل الاحداث التي قادتني الى معرفته:-
Ø اخترقتX القوات الامريكية الاجواء العراقية بطائراتها وارتكبت جريمة اغتيال قادة النصر المهندس وسليماني
Ø استشاط (الشرفاء) غضباً وذهبوا الى البرلمان وقرروا اخراج القوات الامريكية التي اعتدت على (شرف) العراق
Ø دارت الايام و تمكن الذين قرروا طرد القوات الامريكية (التي اعتدت على شرف العراق) من تشكيل حكومة
Ø قامت هذه الحكومة (الشريفة) التي تمثل (الشرفاء) الذين شكّلوها بالاعلان عن رضاها ببقاء القوات الامريكية (التي اعتدت على شرف العراق).
فعرفت من هو السجين (الشريف)الذي كان يذكّر الشرطي بضرورة اغتصابه لكي لا يموت
عرفت الذي ضحّى بشرفه من اجل حياته، بدل ان يضحي بحياته من اجل شرفه
وعرفت ايضاً انه ليس شخصاً واحداً, ربما بات معظم العراق كذلك!؟
العراق بات مأبوناً !!
هناك اكثر من شخص يفضل ان يعيش مأبوناً على ان يموت شهيدا
عزيز حميد مجيد
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment