Friday, June 14, 2024

الخرافة و الوهم :

!الخرافة و الوهم الخرافة: الحديث المستملح المكذوب , الكلام الذي لا صحة له. ما أكثر الخزعبلات (أحاديث باطلة) , التي تواجهك وأنت تتصفح ما حوته بطون الكتب بأنواعها , وتتعجب من ترسخها والعمل بموجبها , بسبب التكرار المتواتر , والعمل المثابر. وجهات نظر تحولت بمرور الزمن إلى مسلمات وثوابت أحيطت بهالات التقديس والتنزيه من السوء , وهي منبع السوء ومنطلق البغضاء والعدوان على ما هو طيب وجميل. ويبدو أن النفس البشرية ميالة نحو الوهم , وتتأبط سرابات الرؤى وتتفاعل مع اللامرئي , لأنه يمنحها حرية التصور ومطلق الخيال , فتتشبث بالغيبيات , وتتيقن بما تمليه عليها رغباتها , وما فيها من مطمور النزعات. فالخرافة ما ترعرعت وتطورت وتسيدت لولا توفر البيئة الحاضنة لها , ولهذا تجد أصحاب الخرافات يتمكنون من الناس ويهيمنون على مصيرهم , ويقضون على وجودهم , لأنهم يترعونهم بمعطيات غيبية لا يمكن الوصول إليها , وإنما تخيلها وإعتبارها يقينيات فاعلة في الحياة. فالسلوك البشري ربما يذعن للخرافة أكثر من الواقع والحقيقة , فالمتصوَّر عنده أكثر وقعا وتأثيرا من القائم أمامه والمؤثر في أيامه. وهي على منوال ” أعلل النفس بالآمال أرقبها…ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل” , فالخرافة فيها دفق آمال تنعش النفوس وتشدها للتواصل مع تحديات الحياة. ولا يخلو دين من الخرافات المؤسطرة المهيمنة على وعي المنتمين إليه , وتتحكم برؤاهم وتصوراتهم , وتأخذهم إلى حيث تريد , ولا يمكنهم مساءلتها والتحاور حولها , لأن ذلك كفر وإثم وخروج عن الملة , فالمطلوب أن تتبع وتخنع , وترفع راية السمع والطاعة , وتتعبد في محراب الخرافة التي تدغدغ مشاعر وأحاسيس المعتقدين بها , والذين تؤججهم وتعزز تواصلهم معها , منابر مرتزقة مرائية تتاجر بالدين , وتحسب نفسها ممثلة لرب العالمين. وبسبب العامل الزمني والثقل التراكمي للخرافات في معظم الأديان , يكون من العسير التقرب منها وزعزعة أركانها , لأن ذلك السلوك سيتسبب بإثارة زوبعة إنفعالية عدوانية شديدة التأثير على الطرفين , وتكون خسائرها فادحة. وقد لعبت الخرافات دورها التدميري الواضح في بعض المجتمعات , وتسببت بإنهيارات متنوعة وعلى كافة المستويات , وأصابت الدين وأهله بمقاتل وخيمة. والمشكلة الكبرى أن الخرافة تعطل العقل , وتوهمه بأنها فوق قدراته , وعليه أن لا يقترب منها , بل ليجتهد في تبريرها وتعزيزها , وتثبيت أركانها. وهكذا النفوس سجرّت والعقول لجمت , والخرافة هيمنت!! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الخرافة تكتسح العراق لا يوجد شيء أسوأ من اكتساح الخرافة لعقول الناس ، فإنها مدعاة للتخلف والانحدار نحو الهاوية ، فيصبح الناس اسارى مقيدي الايادي يؤمنون بما لا يتقبله العقل ولا يتناسب مع سلامة النفس من ترهات وأباطيل ، فتعشعش الأفكار البالية بعقولهم ، فيعشقونها بقلوبهم ويعيشونها حد اليقين ، مستسلمين لا حول ولا قوة لهم ، هذا ما يحدث حالياً في مجتمعنا الذي يعيش اسوأ مراحله الحياتية فكرياً وثقافياً وحتى اخلاقياً ، فمجتمعنا يغوص في بحر التخلف والجهل واختار الرضوخ للخرافة عن طيب خاطر ، فعندما نقول هناك مجتمع ميت ، هذا هو المجتمع الميت ، هذا هو النموذج الواقعي لمعنى ومفهوم المجتمع الميت ، رغم إننا جميعاً نعلم بأن مجتمعنا لم يمت اليوم ، فقد مرت على موتته سنوات طويلة إذا لم نقل قرون عديدة ، وإنما اليوم خرجت للعلن رائحة موتته التي كانت مغطاة بإحكام من قبل حكام قساة . لا يوجد مجتمع حي يستسلم للخرافة إلا والموت أخذ منه مأخذه ، فواحدة من أكبر علامات موت المجتمع قبوله للخرافة ، العيش في البراري خير من العيش في احضان عشاق الخرافة ، الحي حي والميت ميت فلا يتشابهان ولا يقارنان ، فالحي دائماً يبحث عن الحياة وسبل الحياة وتنفس الحياة وجمالية الحياة والميت ساكن لا يتحرك ولا يفهم من الحياة غير صورتها الحيوانيّة ( بمعنى أكل وشرب وشهوة وافتراس ) يخرج من بطن أمه ثم ينتظر متى يساق للقبر . تلك من علامات عفونة المجتمع الميت ، لا يبحث عن ما هو جديد جميل ويبحث عن ما هو قديم قبيح ، كلنا ابناء هذا المجتمع الميت ، ومودتنا واصلة مع صغيرهم وكبيرهم ، ولا يظن أحداً من الناس أننا نشمت بأخواننا وأخواتنا وأبناءنا وأبناء ملتنا ، فهؤلاء هم همنا الأكبر ، ولكن لا مجاملة ما يفعله المجتمع بنفسه ، فما يفعله عار وشنار وانتحار وهو لا يدري ولا يشعر لأنه تحت التخدير . السؤال هنا كيف يمكننا تمييز الناس الذين تعرضت عقولهم للغسل بمادة الخرافة والجهل ، تلك المادة التي لو جلس علماء الأرض مليون عام سيكونون عاجزين على الأتيان بمثلها لتلف العقول ، هذه المادة الشديدة السمية القادرة على تحويل الكائن الراقي إلى كائن زومبي مرعب يدمر كل ما يعترضه . العملية جداً بسيطة بالحسابات العلمية ، لكن لا أحد يجيدها إلا صنف محدد من الناس ، مثل هؤلاء الناس ما أن تعترض على آراءهم وأفكارهم حتى يتهجمون عليك ويكيلون لك الشتيمة والسباب ويزداد عنادهم وتعنتهم ، فهم يفهمون الحياة عناد وتعنت وليس فهم وتعلم ، التعلم بالنسبة لهؤلاء إهانة وتقليل من منزلتهم العالية . أكثر أنواع الخرافة طرحاً هي الخرافة الدينية ، الدين ممكن أن يكون سبباً لإحياء النفوس عندما يكون طرحه كحاجة اخلاقية اجتماعية في عالم تتلاطم فيه امواج الانحرافات الاخلاقية والظلم ، وهو نفس الدين ممكن أن يكون سبباً لدمار العقول وتحطيم النفوس عندما يتم طرحه كمعتقد جاف هدفه جعل رجال الدين يتحكمون بمصير الشعوب فتتداخل فيه الخرافة والعنف ، وهذا بالضبط ما يحصل في مجتمعاتنا ، فيجب علينا تبيان هذه الملابسات لكيلا تختلط الأمور ويتم ظلم الدين واتهامه بما ليس فيه . الجميل في الخرافة تجعل العقلاء من الناس يتمنون أسوأ نظام دكتاتوري عسكرتاري ظالم عنيف يحكمهم ، وسيكونون مخلصين لهذا الظالم حتى وأن كان مجنون ، ولنا في جمهورية مصر النموذج الأوضح عندما ساند عقلاء مصر ومفكريها ومثقفيها نظام الحكم العسكري بقيادة السيسي فقط ليتخلصوا من سموم الخرافة التي جاءت بها جماعة الاخوان المسلمين بالرغم من أن السيسي رجل وطني شريف الا أن مجيئه عن طريق العسكر لا يتناسب مع طموحات الشعوب المتطلعة لحياة حرة مدنية تتساوى فيها الحقوق والواجبات لجميع الناس ، بمعنى أدق أصبحنا لا نتمنى نظام حكم مدني لأن هذا التمني يستحيل الوصول إليه ونحن على يقين باستحالة بناء نظام حكم مدني مع وجود هذا الكم الهائل من الدجالين و ارهابي العقول في مجتمعنا ووجود جحافل من القطيع الأعمى الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكان أرضنا وديارنا . دائماً ما تكون خياراتنا هي الأقل سوءاً وليست الأفضل لأن كبراءنا وساداتنا حرموا علينا ايجاد الأفضل والبحث عن الاجمل فأصبحنا نحلم بالأقل سوءاً ، والسبب وراء كل ذلك ضعف إرادتنا وقلة ثقتنا بأنفسنا وجهلنا المتعمد ( نريد أن نبقى جهلاء ) فالخوف كل الخوف من التعلم فهو عدونا الأول ، لأن التعلم يجعلنا نتمرد على اسيادنا ونتحرر منهم . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ متى ينتهي صناعة الوهم في العراق؟ مقدمة تعريفية لابد منها ثم الدخول في جوهر الموضوع. مُقتبس التعريف : صناعة الوهم هو مصطلح يشير إلى العمليات والأساليب التي تستخدم لتكوين وترويج أفكار أو معتقدات غير حقيقية أو مشوهة في أذهان الناس. هذا المفهوم يمكن أن يُطبّق في مجالات مختلفة، مثل الإعلام، السياسة، الدعاية التجارية، وحتى في الفنون والثقافة. هدف صناعة الوهم هو التأثير على إدراك الجمهور وتوجيهه نحو تصديق أو قبول مفاهيم معينة على أنها حقائق، على الرغم من أنها قد تكون ملفقة أو مضللة.هناك بعض من أساليب صناعة الوهم منها التلاعب بالمعلومات من خلال تقديم معلومات منتقاة أو معدّلة بحيث تخدم أجندة معينة. التكرار المستمرحيث أن تكرار نفس الرسائل أو الأفكار بشكل مستمر تجعلها تبدو أكثر قبولاً وواقعية.استخدام الرموز والصور المؤثرة للاستفادة منها لتكوين استجابات عاطفية قوية لدى الجمهور. إخفاء الحقائق أو تشويهها بحيث يصعب على الجمهور التمييز بين الحقيقة والوهم. استخدام وسائل الإعلام أو منصات وسائل التواصل الاجتماعية لنشر رسائل معينة بشكل واسع. صناعة الوهم يمكن أن يكون لها تأثيرات كبيرة على المجتمع، من التأثير على الانتخابات السياسية إلى تشكيل مفاهيم الصحة العامة، وحتى التأثير على القرارات الشخصية للأفراد. هنا نأتي الى مثالين ، اليوم تابعتُ المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الايراني بالوكالة علي باقري كني وقد تحدث كثيرا عن محور المقاومة. النظام الايراني نجح في صناعة الوهم من خلال خداع المجتمعات التي تعرّضت الى ظروف قاسية في مخيمات اللاجئين او بسبب ظروف الحروب التي خاضتها تلك الشعوب مثل العراق ، سوريا ، لبنان واليمن. ونأخذ مثال حزب الله اللبناني الذي تورّط في ملف غسيل الأموال من تجارة المخدرات والكبتاغون فهناك جالية لبنانية تعيش في دول افريقيا وامريكا اللاتينية قسم منهم يمولون الحزب من هذه التجارة الغير شرعية.وفي العراق مليشيات مسلحة واحزاب ولائية مكّنت إيران من الهيمنة على القرارين السياسي والاقتصادي مما أفقد العراق سيادته الوطنية وبتواطئ من الادارات الأمريكية المتعاقبة بعد غزو العراق 2003. عندما ذكرتُ ملف اللاجئين العراقيين في إيران منذ الثمانينيات من القرن المنصرم فكانت أساليب استدراج الكثير من العراقيين الى المخدرات وغسل ادمغتهم ليتم توظيفهم فيما بعد لخدمة أجندة النظام الايراني. أصبح علي الخامنئي نائبا للمهدي المنتظر ومن قبله الخميني فكانت صناعة الوهم متجذرة لتصبح جزءا من عقيدة القيادات الحاكمة ومن يأتي من بعدهم من الجيل الثاني والثالث.الوهم المرتبط بالنظام الايراني هو التيار المدني الذي يروّح الى شخصية النائب السابق فائق الشيخ علي واليوم تابعت حواره من خلال قناة سكاي نيوز الاماراتية. للأسف يبدو أن الاعلام العربي وقع في فخ صناعة الوهم الايرانية من خلال الترويج لشخصية فائق دعبول ميرندي ذي الأصول الايرانية. هنا يحتاج القاريء الى ضبط النفس إن كان من المتحمسين له او الباحثين عن بصيص أمل لهم للخلاص من العملية السياسية . قناة سكاي نيوز ذكرت عبارة أن البرلماني السابق فائق يعتبر من أشد المعارضين لنظام صدام حسين ومابعد 2003. لنأتي الى تفكيك هذه الاكذوبة او المغالطة وهي جزء من الوهم. متى ظهر النائب السابق فائق الشيخ علي الى الساحة الاعلامية؟ هو من المشاركين في ماعُرفت بانتفاضة 1991 ثم انتقل الى مخيم رفحاء في المملكة العربية السعودية ثم الى ايران ، لندن عام 1993 . لو حسبنا نشاطه كمعارض لنظام صدام حسين لم يكن له شان خلال تلك السنتين بينما انا شخصيا مثلا في 1991 وبعد قيام المنطقة الآمنة شمال خط عرض 36 شمالا لمحافظات أربيل ، السليمانية ودهوك بدأتُ نشاطي الاعلامي من القسم العربي في تلفزيون كه ل أي الشعب التابع الى حزب الشعب الديمقراطي الكردستاني بزعامة الشهيد سامي عبد الرحمن. كنتُ مذيعا وكاتبا للتعليق السياسي وكاتبا ومقدما لبرامج وثائقية وقمتُ بتغطية تأسيس المؤتمر الوطني العراقي الموحد في مصيف صلاح الدين 1992. ثم انتقلتُ الى العمل في صفوف المعارضة من خلال المشاركة في تأسيس هيئة تحرير صحيفة المؤتمر ثم تأسيس إذاعة صوت العراق وبعدها تلفزيون هيئة الارسال العراقية . خلال هذه الفترة كان نشاطي في أخطر مرحلة مرّت علينا حيث ملاحقة مخابرات نظام صدام حسين النشطة في تلك المحافظات من كردستان العراق، معد ومقدم برامج حقوق الانسان وبرامج وثائقية ومنها توثيق وشم الجبين وقطع أذان الجنود الفارّين من الخدمة العسكرية الذين لجأوا الى مناطق كردستان العراق حيث قمنا بتوثيق قصصهم وتزويد المنظمات الدولية في مجال حقوق الانسان بالاضافة الى عدة مقالات في صحيفتي المؤتمر والاتحاد التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني وبعدها صحيفة بغداد والوفاق عندما انتقلتُ الى سوريا عام 1995 فأين هو نشاط النائب فائق الشيخ كمعارض شرس ضد نظام صدام حسين؟! لم يكن له ذكر في تلك الفترة ونحن قدّمنا كمعارضين قافلة من ضحايا سم الثاليوم والاختطاف والتصفية الجسدية.لذلك أقول أن الاعلام العربي للأسف يروّج الى معلومات مغلوطة وهذا تزوير للتأريخ مما يفقدهم مصداقيتهم لدينا. لهذا لا ألوم من يصدقون تلك الأوهام وأيضا منها أن فائق الشيخ علي هو مطلب مايُعرف بثورة او حراك تشرين 2019. طيّب متى تم طرح إسمه كمطلب شعبي؟ لنأتي الى خارطة طريق ثورة تشرين متى صدرت؟ وماهي مطاليبها؟ كان من ضمن خارطة طريق تشرين هو حكومة انتقالية فلماذا لم يُطرح اسم فائق الشيخ علي كرئيس للحكومة الانتقالية باعتبار ذلك مطلبا شعبيا؟ كلنا نعلم أن حراك تشرين تم إختراقه من الأحزاب والمليشيات الحاكمة فكان من الطبيعي أن يتم الالتفاف على الأسس والمرتكزات المهمة ومنها تشكيل حكومة انتقالية تتوفر فيها أربعة شروط أساسية وهي أن يكونوا مستقلين ولم يسبق لهم العمل في أي حزب سياسي سابقا . لم يسبق لهم العمل في أي حكومة أو مجلس نوّاب سابق ولا في أي حكومة محلية أو مجلس محافظة. فكيف كان ترشيحه في ساحة التحرير كمطلب جماهيري وهو من المؤسسة التشريعية للعملية السياسية الفاسدة والقاتلة؟ النقطة الأخيرة أن مقدمة الحوار في قناة سكاي كانت ذكيّة وكشفت تناقضات كثيرة في أقواله السابقة لا أريد الخوض فيها كثيرا فماذكرته كافيا لتعرية الوهم الكاذب الذي يستقطب الشباب العديم الخبرة في التحليل والعمل السياسي والاعلامي. من هنا أنصح المغرر بهم أن يعودوا الى رشدهم ويكفي البقاء أسرى أوهام تطيل من معاناة الشعب والوطن.لقد طرحنا أدبياتنا السياسية بمايكفي لكل ضمير حيّ أن يميز بين الحقيقة والوهم.

No comments:

Post a Comment