صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Friday, March 08, 2024
الفقر عدوّ يجب قتله و مسببه :
ألفقر عدوٌّ يجب قتله و مسبّبه:
يقول الإمام علي (ع):
[لو كان الفقر رجلاً لقتلته] .
وقال : [لو دخل الفقر بيتاً دخل الكفر معه].
وقال : [ما جاع فقير إلّا و بجانبه حقّ مُضيّع].
و يقول الفيلسوف كارل ماركس : [الفقر لا يصنع الثورة، إنّما وعي الفقير هو الذي يصنعها، الطاغية مهمته أن يجعلك فقيراً ، و شيخ الطاغية مهمته أن يجعل وعيك غائباً] .
ويقول الفيلسوف الاندلسي ( أبن رشد) : [ إذا رأيت الخطيب يحثُّ الفقراءَ على الزهد دون الحديث عن سارقي قوتهم؛ فاعلم أنّه لصٌ بملابس واعظ].
تذكرت هذه المقولات ، وانا استمع لخطيب يقول :
معظم الوعاظ من الشيوخ و السادة يقولون للناس : [الفقر.. ابتلاء؛ المرض ابتلاء؛ و المصائب ابتلاء؛ و سيجزي الله المبتلين الصابرين بجنان الخلد, و كأنَّ الله خلق عباده ليبتليهم فقط (حاشاه)!؟
إنّ الفقر عدوّ و كفر و فساد و حرمان يجب مكافحته و القضاء عليه و على مسببه, خصوصاً إذا كان المسبب معروف يرتبط بآلنظام السياسي الحاكم, و هكذا كان الأئمة و الحسين (ع) في مقدّمتهم و إستشهد لأجل الحقّ و العدالة و الفقراء و لم يستشهد بسبب مصيدة أو خطأ في الحسابات أو كان يريد السلطة, كما يقول البعض من المغرضين للأسف.
العراق و بسبب الأحزاب المتحاصصة التي تسرق بعشرات الوسائل الملايين و المليارات من قوت الناس يعيش نصف الشعب فيه في الفقر و ثلثه تحت خط الفقر و الباقي يعاني بدرجات متفاوتة على كل صعيد للأسف.
عندما وقف مواطن عراقيّ بباب نائب في البرلمان في نيوزيلندا رافعاً لافتة تقول [راتب الضمان الاجتماعي لا يكفينا، و انت مسؤول عنا لتحل مشاكلنا] .
إستقبله النائب و أدخله إلى داره ، و قام المهاجر العراقيّ يوضح له بأنه يُحوّل إلى والديه مبلغ من راتبه كل شهر، لأنهما مريضان بأمراض مزمنة ولا يوجد علاج في العراق، ممّا يجعل راتبه غير كاف له و لعائلته ..
في غضون أيام ، زارتهم مسؤولة الضمان الاجتماعي لإعادة دراسة وضعهم و تخمين احتياجاتهم ..
قام خريج عراقي في بغداد بتقديم طلب إلى نائب عراقي يطلب منه أن يعينه بعقد ، لأن وضعه المالي والاجتماعي صعب ، فحتى الشرطة لم تسمح له بغسل زجاج السيارات في السوارع عند إشارات المرور ..
تفاجئ الشاب العراقي بأن مدير مكتب النائب قد أعد له كتاب إلى إلى مديرية شرطة المرور و النجدة للسماح للخريج العراقي بغسل زجاج السيارات في إشارات المرور ..
يقول مسؤولو التخطيط بأن ثلث الشعب العراقي تحت خط الفقر و أن أكثر من هذه النسبة من العاطلين والمعطلين من العمل .. و جميع الشعب يعاني ويعيش نقصاً فاضحاً في الخدمات الثقافية و الرّعاية الطبية و التعليمية و الترفيهية.
ما لفت انتباهي ، رجل خمسيني ، يصرح عن أنهُ (و الحمد لله) يعمل ، لكن هناك الألوف من الخريجين والشباب عاطلين عن العمل ، و عندما سأله مقدم البرنامج عن عمله؟
أجاب بفخر : [أنشل(أسرق) الزوار .. و عندما سأله المقدم : عن سبب قيامه بذلك؟
إجاب : لم أجد غيره ... ]!
لذلك يجب توزيع ثروات البلد على الجميع بآلتساوي دون فرق بين طبقة و أخرى بإعتبارها حقوق طبيعية تضمن و تُحصّن و تحفظ آدميّة كلّ فرد بإعتبار أن لكل إنسان حاجاته الضرورية, و إن الحرمان و الفقر أساس الشعور بآلظلم و الإضطهاد و بآلتالي الثورة و التفريق بين أبناء المجتمع.
و [من إبتلي بآلفقر إبتلي بأربع كما تقول الرّوايات :
- بآلضعف في يقينه ..
- و النقصان في عقله ..
- و الرّقة في دينه ..
- و قلة الحياء في وجهه].
وتلك الخصال قد شملت شرائح كثيرة من الشعوب و منها الشعب العراقي للأسف.
و المال ليس هدفاً في حياة الأنسان الهادف في الأسلام, إنما وسيلة لبلوغ الأهداف الكبرى التي حدّدها الله تعالى للبشرية في قوله :
[و ما خلقت الجّنّ و الأنس إلّا ليعبدون], طبعا العبادة ليست الصوم و الصلاة و الحج و غيرها؛ إنما كل ذلك مقدمات لشحن النفوس بآلطاقة الأيجابية لأداء الأعمال الصالحة لخدمة الناس و سعادتهم.
و الثروات الطبيعية في أيّ بلد, هي حقّ لجميع أبناء المجتمع و ليس فضلاً أو منّة من الحاكم على المحكوم, هذا حسب آراء الأئمة و فقهاء الإسلام , و تلك هي نظرة الأسلام لتوزيع الثروة كأفق أرحب من النظرة المحلية الضيقة و أسمى من النظرة المادية , فما أودعه الله في الأرض من الخيرات و الثمرات و سخر لهم ما في السموات و الأرض ؛ إنما سخّرها و أودعها لكل البشر و إن أية حكومة أو حاكم فرد أو جماعة أو حزب ليس من حقهم أحتكار تلك الخيرات لهم و لأحزابهم و لرؤوسائهم و كما هو السائد في العراق للأسف, فلا يجوز توزيعها حسب مآلاتهم وهواهم و تحاصصهم الحزبي أو العشائري أو القومي العائلي, إنما يجب توزيعها بآلعدل و التساوي عبر مؤسسات رسمية وشرعية.
و إن التوزيع العادل للثروة يؤدي إلى تحقيق العدالة الأجتماعية, و يولد التوازن الأجتماعي و السلام و المحبة على مستوى النظام السياسي و يتسبب بنشر الثقة و الأمن و الهدوء و السعادة بين الجميع و بآلتالي تحفيزهم ذاتياً للأبداع و المشاركة و العمل الصالح الموحد المنتج بعيداً عن الأتكالية و الطفيلية و النفاق و الغيبة التي عمّقتها الأحزاب المتحاصصة و فرّقت المجتمع إلى طبقات يتقدمهم الطبقة الثرية ثم البرجوازيات الحزبية و هكذا حتى الطبقات الدنيا المسحوقة.,
و هذا الكلام يعترف به حتى الفاسدين في الأحزاب و كبار القضاة في العراق و قد أعلنها قبل أيام رئيس المحكمة الأتحادية نفسه, والحال أنه يعيش الواقع الفاسد في العراق على صعيد الحقوق و فرق الرواتب بين موظف و آخر و متقاعد و آخر و بين رئيس و عامل و هكذا!؟
يقول تعالى :
[وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] (96/ الأعراف).
والحال أن العراق و كما يشهده الجميع من أغنى دول العالم ؛ لكنه رغم ذلك يعيش فيه أكثرية الشعب في الفقر و المرض و العوق و الكآبة بسبب الطبقة السياسية الجاهلية الحاكمة!
إنّ ما جرى و يجري في العراق الآن هو أسوء من الخيانة العظمى و من الشرك بآلله بحسب نهج الله تعالى, ألّذي يقول :
[يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ] (آية 27 / ألأنفال).
و السبب في كونه الأسوء من الخيانة العظمى و من الشرك ؛ هو إن القوم الذين يحكمون بآلتحاصص و النفاق و الأئتلافات و الكذب و الدّجل قد غرّروا الأمة بكونهم مجاهدين و مؤمنين و مضحين في سبيل العدالة و الدعوة لله .. يعني في سبيل سعادة الشعب ؛ بينما هم و كما أثبتوا مجاهدون في سبيل بطونهم و شهواتهم و مصالحهم الفئوية و الحزبية بسرقة أموال الناس و منهم الفقراء أولاً .. و ليس لله وجود في حركتهم و دعوتهم و حياتهم و أهدافهم, و هكذا هي الحكومات التي تحكم العالم اليوم.
و حتى لو كانوا مجاهدين حقاً .. و هو فرض و فرض المحال ليس بمحال .. فلا يحق لهم ذلك أيضا .. و إنهم مهما كانوا ؛ فليسوا بأفضل من (أهل البيت و الرسول(ص) و الأمام علي(ع) الذي ليس فقط لم يأخذ شيئاً إضافياً من بيت المال له أو لعائلته و من يحيط به؛ بل كان نصيبه أقل من الجميع و كان آخر من يستفيد, و قد تصدى للخلافة و إستشهد ولم يملك بيتاً على حساب راتبه من بيت المال الذي كان تحت إمرته, بل سكن بجانب من مسجد الكوفة !
إن الحكم العادل النزيه يرفض هؤلاء المنافقين .. و يحتاج بدلهم إلى أشخاص صالحين مفكرين متّقين مدركين لقيم العدالة و إيصال الحقوق بآلتساوى لأصحابها بلا تفرقة قومية أو دينية أو مذهبية أو حزبية, و لكل مواطن كافرٌ كان أو منافق أو زنديق الحق في الحصول على قوته و حصته من بيت المال!
و ذلك هو النظام العادل الذي يضمن كرامة الأنسان و حريته و يُمهد له الطريق لعبادة الله و تحقيق الأهداف الكونية المرسومة له, و ما جاء في وصية الأمام علي لمالك الأشتر يثبت ذلك, حين يقول :
[فليكن أحبّ الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح, فإملك هواك و شحّ بنفسك عن ما لا يحلّ لك فأن الشّح؛ ألشّحّ بالنفس, الأنصاف منها فيما أحبّت و فيما كرهت , و إشعر قلبك الرحمة للرّعية و اللطف لهم و لا تكوننّ عليهم سبعأً ضارياً تختنم أكلهم فأنهم صنفان؛ إمّا أخٌ لك في آلدّين أو نظيرٌ لك في الخلق].
خلاصة المقال : [الفقر عدوّ يجب قتاله و قتال من يتسبب به كآلسياسيين و السلاطين الطغاة],
و [الأنسان يقتل على ثلاث ؛ دينه و ماله و عرضه].
و نختم كلامنا بعرض نهج عليّ في الحكم و و العدالة و تبرؤوه من الظلم
و من كلام للامام أمير المؤمنين ( ع ) يتبرأ فيه من الظلم و يذكر فيه موقفه في قصتين مختلفتين ، قال عليه السلام :
[وَ اللَّهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ 1 مُسَهَّداً 2 ، أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلَالِ مُصَفَّداً ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ ، وَ غَاصِباً لِشَيْءٍ مِنَ الْحُطَامِ ، وَ كَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا 3 ، وَ يَطُولُ فِي الثَّرَى حُلُولُهَا 4].
القصة الأولى :
يقول عنها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : [وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلًا 5 وَ قَدْ أَمْلَقَ 6 ، حَتَّى اسْتَمَاحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً ، وَ رَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ غُبْرَ الْأَلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ ، كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ 7 ، وَ عَاوَدَنِي مُؤَكِّداً وَ كَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً ، فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمْعِي ، فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُهُ دِينِي ، وَ أَتَّبِعُ قِيَادَهُ مُفَارِقاً طَرِيقَتِي ، فَأَحْمَيْتُ لَهُ حَدِيدَةً ، ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا ، فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا ، وَ كَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا 8 .
فَقُلْتُ لَهُ : ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ يَا عَقِيلُ ، أَ تَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ ، وَ تَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ ، أَ تَئِنُّ مِنَ الْأَذَى وَ لَا أَئِنُّ مِنْ لَظَى ] .
القصة الثانية :
يقول عنها أمير المؤمنين ( ع ) : [وَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلْفُوفَةٍ فِي وِعَائِهَا ، وَ مَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا ، كَأَنَّمَا عُجِنَتْ بِرِيقِ حَيَّةٍ أَوْ قَيْئِهَا .
فَقُلْتُ : أَ صِلَةٌ ، أَمْ زَكَاةٌ ، أَمْ صَدَقَةٌ ؟ فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ!
فَقَالَ : لَا ذَا ، وَ لَا ذَاكَ ، وَ لَكِنَّهَا هَدِيَّةٌ .
فَقُلْتُ : " هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ ، أَ عَنْ دِينِ اللَّهِ أَتَيْتَنِي لِتَخْدَعَنِي ، أَ مُخْتَبِطٌ أَنْتَ ، أَمْ ذُو جِنَّةٍ ، أَمْ تَهْجُرُ !
وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا ، عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ ، وَ إِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا !
مَا لِعَلِيٍّ وَ لِنَعِيمٍ يَفْنَى وَ لَذَّةٍ لَا تَبْقَى ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُبَاتِ الْعَقْلِ وَ قُبْحِ الزَّلَلِ ، وَ بِهِ نَسْتَعِينُ " 9 ] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. حسك السعدان : عشبة شوكها مدحرج ، الواحدة حسكة ، مجمع البحرين : 5 / 262 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
2. المُسَهَّد : من أصابه الأرق ، و الذي لا يقدر على النوم .
3. أي رجوعها .
4. حلولها : أي نزولها و إقامتها .
5. عقيل أخو الامام علي ( عليه السلام ) .
6. أملق : أي افتقر و احتاج .
7. العِظْلِم : نبتٌ يُصبغ به ، و يقال هو الوسمة ، مجمع البحرين : 6 / 118 .
8. الميسم : اسم الآلة التي يُكوى بها ، و يُعَلَّم ، مجمع البحرين : 6 / 183 .
9. نهج البلاغة : 346 ، طبعة صبحي الصالح .
بقلم : عزيز حميد مجيد
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment