Monday, May 20, 2024

قلب بسعة الكون :

قلب بسعة الكون: "قصة ألحُبّ ألتي أدمت قلبيّ" هي قصّة واقعية على لسان كاتبها : تعوّدت كل ليلة أن أمشي قليلاً ، فأخرج لنصف ساعة ثمّ أعود.. و في خط سيري يومياً .. كنت أشاهد طفلة لم تتعدى السابعة من العمر.. كانت تلاحق فراشاً إجتمع حول إحدى أنوار الاضاءة المعلقة في سور أحد المنازل … لفت انتباهي شكلها و ملابسها .. فكانت تلبس فستاناً ممزّقاً ولا تنتعل حذاءاً ... وكان شعرها طويلاً وعيناها خضراوان .. كانت في البداية لا تلاحظ مروري .. ولكن مع مرور الأيام .. أصبحت تنظر إلي ثم تبتسم .. في احد الأيام استوقفتها وسألتها عن اسمها فقالت : أسماء .. فسألتها اين منزلكم ؟ فأشارت الى غرفة خشبية بجانب سور أحد المنازل .. و قالت : هذا هو عالمنا .. اعيش فيه مع أمي وأخي خالد... ثم سألتها عن أبيها .. فقالت : أبي كان يعمل سائقاً في احدى الشركات الكبيرة .. ثم توفي في حادث مروري ... ثم انطلقت تجري عندما شاهدت أخوها خالد يخرج راكضاً الى الشارع .. فمضيت في حال سبيلي .. و يوما بعد يوم كنت كلما مررت استوقفها لِأُجاذبها أطراف الحديث .. سألتها : ماذا تتمنين ؟؟ قالت: كل صباح اخرج الى نهاية الشارع .. لأشاهد دخول الطالبات الى المدرسة .. اشاهدهم يدخلون الى هذا العالم الصغير .. من باب صغير وراءه عالم أجهله.. و يرتدون زياً موحداً جميل… و لا أعلم ماذا يفعلون خلف هذا السور .. امنيتي أن اصحو كل صباح لألبس زيهم .. واذهب و ادخل من هذا الباب لأعيش معهم واتعلم القراءة والكتابة .. لا اعلم ماذا جذبني في هذه الطفلة الصغيرة .. قد يكون تماسكها رغم ظروفها الصعبة؟ وقد تكون عينيها؟ لا أعلم حتى الآن السبب!؟ كنت كلما مررت في هذا الشارع احضر لها شيئا معي .. حذاء .. ملابس .. ألعاب .. أكل .. و قالت لي في إحدى المرات .. بأن خادمة تعمل في أحد البيوت القريبة منهم قد علّمتها الحياكة والخياطة والتطريز .. وطلبت مني أن أحضر لها قماشا وادوات خياطة .. فاحضرتُ لها ما طلبت .. وطلبت مني في أحد الأيام طلباً غريباً آخر!! .. قالت لي : أريدك ان تُعلّمني كيف أكتب كلمة أحبك.. !!؟ مباشرة جلست أنا و هي على الأرض .. و بدأت اخطّ لها على الرمل كلمة أحبك .. على ضوء عمود انارة في الشارع .. كانت تراقبني و تبتسم .. و هكذا كل ليلة كنت أكتب لها كلمة أحبك .. حتى أجادت كتابتها بشكل رائع .. وفي ليلة غاب قمرها حضرت اليها و بعد ان تجاذبنا اطراف الحديث .. قالت لي: اغمض عينيك .. ولا اعلم لماذا اصرت على ذلك !!.. فأغمضت عيني وفوجئت بها تقبلني ثم تجري راكضة .. وتختفي داخل الغرفة الخشبية .. وفي الغد حصل لي ظرف طاريء استوجب سفري خارج المدينة لاسبوعين متواصلين .. لم استطع ان اودعها فرحلت وكنت اعلم انها تنتظرني كل ليلة .. وعند عودتي لم اشتاق لشيء في مدينتي اكثر من شوقي #لأسماء .. في تلك الليلة خرجت مسرعا وقبل الموعد وصلت المكان وكان عمود الانارة الذي نجلس تحته لا يضيء.. كان الشارع هادئا .. احسست بشي غريب .. انتظرت كثيرا فلم تحضر .. فعدت ادراجي .. وهكذا لمدة خمسة ايام .. كنت احضر كل ليلة فلا أجدها !! عندها صممت على زيارة أمّها لسؤالها عنها .. فقد تكون مريضة !؟ استجمعت قواي وذهبت للغرفة الخشبية .. طرقتُ الباب على استحياء.. فخرج اخاها خالد .. ثم خرجت امه من بعده .. و قالت عندما شاهدتني .. يا إلهي .. لقد حضر .. وقد وصفتكَ كما انت تماماً .. ثم اجهشت في البكاء ... علمت حينها ان شيئا قد حصل .. ولكني لا اعلم ما هو ؟! عندما هدأت الام سالتها ماذا حصل؟؟ اجيبيني ارجوك .. \ قالت لي : لقد ماتت أسماء .. و قبل وفاتها .. قالت لي سيحضر احدهم للسؤال عنيّ .. فاعطيه هذا وعندما سالتها من يكون .. قالت أعلم انه سياتي ... سياتي لا محالة ليسأل عني؟؟ اعطيه هذه القطعة .. فسالت أمها ماذا حصل؟؟ فقالت لي توفيت أسماء .. في احدى الليالي احسّت ابنتي بحرارة واعياء شديدين ... فخرجت بها الى احد المستوصفات الخاصة القريبة .. فطلبوا مني مبلغا ماليا كبيراً مقابل الكشف والعلاج لا أملكه ... فتركتهم وذهبت الى احد المستشفيات الحكومية العامة .. وكانت حالتها تزداد سوءا...فرفضوا ادخالها بحجة عدم وجود ملف لها بالمستشفى .. فعدت الى المنزل .. لكي اضع لها الكمادات .. و لكنها كانت تحتضر .. بين يديّ .. ثم اجهشت في بكاء مرير .. لقد ماتت .. ماتت أسماء .. لا اعلم لماذا خانتني دموعي .. نعم لقد خانتني .. لاني لم استطع البكاء .. لم استطع التعبير بدموعي عن حالتي حينها .. لا اعلم كيف اصف شعوري .. لا استطيع وصفه .. لا أستطيع !؟ خرجت مسرعا ولا أعلم لماذا لم اعد الى مسكني … بل اخذت اذرع الشارع .. فجأة تذكرت الشيء الذي اعطتني اياه ام أسماء .. فتحته … فوجدت قطعة قماش صغيرة مربعة .. وقد نقش عليها بشكل رائع كلمة (أحبك) .. و امتزجت بقطرات دم متخثرة !! يالهي .. لقد عرفت سر رغبتها في كتابة هذه الكلمة .. وعرفت الان لماذا كانت تخفي يديها في اخر لقاء .. كانت اصابعها تعاني من وخز الابرة التي كانت تستعملها للخياطة و التطريز .. كانت اصدق كلمة حُبّ في حياتي .. لقد كتبتها بدمّها .. بجروحها .. بألمها .. كانت تلك الليلة هي اخر ليلة لي في ذلك الشارع .. فلم ارغب في العودة اليه مرة اخرى .. فهو كما يحمل ذكريات جميلة .. يحمل ذكرى الم وحزن .. فيها صدى (أحبك) بصدق في بلاد لا تسع بعدها سوى الصخب و الفوضى و الفساد و النهب!!! رسالة الى كل أم .. تصحو صباحا .. لتوقظ اطفالها .. فتغسل وجه أبنتها .. وتجدل ظفائرها. . وتضع فطيرتين في حقيبتها المدرسية ؟؟ وتودعها بابتسامة عريضة ؟؟ ا لا تستحق أسماء الحياة؟؟؟ رسالة الى كل رجل أعمال .. يشتري الحذاء من شرق آسيا بثمن بخس .. ليبيعه هنا باضعاف اضعاف ثمنه ؟؟ ا لا تستحق أسماء الحياة ؟؟ رسالة الى كل صاحب مستشفى خاص .. هل اصبح هدفكم المتاجرة بأرواح الناس؟؟ أ لا تستحق أسماء الحياة؟؟ رسالة الى كل طبيب في مستشفى حكومي عام او اي انسان ضميره حي .. هل تناسيتم هدفكم النبيل و قسمكم في مساعدة الناس للشفاء من الامراض بعد إذن الله .. أ لا تستحق أسماء الحياة..؟؟ رسالة الى كل من مر بالشارع الذي تقيم فيه اسماء .. ونظر الى غرفتهم الخشبية وابتسم .. الا تستحق #أسماء الحياة ؟؟ رسالة الى كل من دفع الملايين .. لشراء اشياء سخيفة .. كنظارة(عوينات) فنانة أو قصر أو محل وغيرها الكثير .. أ لا تستحق أسماء الحياة…؟؟ رسالة الى كل من يقرأ هذه القصة .. أ لا تستحق أسماء الحياة؟؟ رسالة إلى الجميع .. أسماء ماتت ؟؟ ولكن هناك ألف أسماء و أسماء .. أعطوهم الفرصة ليعيشوا حياة البشر .. و لا تسرقوا أيها السياسيون الأجحاف الأنذال قوتهم بشتى العناوين و المدّعيات الباطلة بمقايس أحزابكم العميلة! تعالوا نوقظ قلوبنا .. ضمائرنا .. ولو مرة .. فما اجمل ان تجعل انساناً مسكيناً يبتسم و على خدّه دمعة .. خصوصا عندما يكون ذلك آلقلب كقلب أسماء الذي وسع الكون كله, لأنها عرفت معنى كلمة (الحُبّ)!؟ حكمة كونيّة عزيزية : [ألأشجار تتّكأ على الأرض لتنمو و تثمر .. و الأنسان يتّكأ على الحُبّ لينمو و يثمر]. العارف الحكيم عزيز حميد الخزرجي

No comments:

Post a Comment