Wednesday, August 18, 2010

أين هو المفكر ألمُؤْثر في العراق ؟

يورد البعض أحياناً في مقالاتهم و كتبهم, بأنّ في العراق أنقلاب و ثورة ثقافية و فكرّية , و ما إلى ذلك .. و أقول بأنّ الفكر و الثقافة يَتَوَلّدان مِنَ آلمُفكرين و آلمُثقفين (ألفُقهاء) .. ألفقهاء ليس بالمفهوم الحوزويّ العرفي الذي يتداولهُ أهل الحوزة العلمية, فقد يتّفقُ معي آلبعض بأن الحوزة ألعلمية الحقيقية النابضه بالحياة و الفكر و آلاصالة قد أسْتَشْهَدَتْ عام 1980م في العراق بشهادة الأمام الفيلسوف محمد باقر الصدر (رض), بعد أنْ مَهّدَ لتلك الشهادة العظمية و العرس الفكري البهيج في تأريخ الفكر الأنساني وسط جهنم الجهل في العراق - رتل من أهل القلوب أمثال البدراويّون(الشيخ ماجد البدراوي و المهندس الشيخ بديع عبد الرزاق و الشيخ الأستاذ موسى محمود), و أمثال البدريّون كالشيخ عبد العزيز البدري, والواسطيون كالشيخ المهندس سعدي فرحان و البصريّون كالعلامة عارف البصري و الكربلائيّون كحسن الشيرازي, و الجابريّون و غيرهم من الذين كانوا بمثابة الجسور الأمينة للمنابع الفكرية الأسلامية الأصيلة إلى العالم .. كلّ العالم , لكنّ  الحوزويّون من بعدهم خُصوصاً الخط التقليدي المُتحكم فيه و معهم الأسلاميون أثبتوا جفائهم و قسوة قلوبهم و تكبّرهم على الحقيقة بعد ما إنقلبوا عمليّاً ضد كلّ ما تبناهُ  و نَظّرَ لهُ الأمام الفيلسوف الراحل, و سَبَبْ ذلك هو ركونهم إلى  الدنيا و زخرفها من الأموال و البنين و النساء - ليعيشوا إلى الأبد مع الأموات - و قد أشار الأمام الشهيد الفيلسوف الصدر لذلك في كتاب المحنة, ليثبتوا بموقفهم هذا بأنّهم أسوء خلف لأشرف سلف في الوجود.

و على الأسلاميين أنْ لا ينسوا ما حدث لغيرهم من الحكام السابقين في التأريخ, و صدام هو المثل آلأكبر من بين طغاة الأرض حيث أمسى في عشية و ضحاها كجرذ حقير ستلحقه لعنات التأريخ إلى يوم الدين كأسلافه من اليزيديين و المعاوييّن.

إنّ المثقف ألمُفكر هو مَنْ يَحملُ فكراً أنسانياً مُتنوراً و مُفعماً بالحركة و الحضور و آلأبداع و المشاعر آلحيّة و آلأحاسيس المرهفة التي تعيش و تتحرك مع هموم الناس في محنهم و تطلعاتهم – خصوصاً مع الكادحين منهم, و ليس "السياسييون", و الذين ما إن يصلوا إلى الحكم فأنهم سرعان ما يُفسدون و ينسون المبادئ و  آلأخلاق. لأنّ مفهوم السياسة عند العراقيين و آلأمة العربية””المجيدة”” لا بلْ كلّ الشرق .. قد لَخّصْتَهُ في تعريف سابق هو : "ألسياسة في الشرق هو أنْ تبني بيتك و تهدم وطنك و تُحطم شعبك" , كما أنّ عكس هذا التعريف له مِصداق كبير في واقعنا أيضاً, أيّ أنّكَ لو أردتَ أنْ تبني وطنكَ بجدّ و إخلاص فعليك أن تُخرّب بيتك و حياتك الخاصة, أيّ تُفَعّل الأيثار في وجودك.

و السؤآل الكبير هنا هو : أين هذا المفكر ألمُؤْثر في العراق ؟ و لو كان موجوداً فمن يسمح له أو يحترمهُ في جهنم الجهل الفكري ألمربع في أعماقنا ؟ و هذا ما أثبته الواقع في التأريخ , مع فوارق بسيطة عموماً و هامة من الجانب الآخر,  يمكننا إعتبارها إستثناءآت (كالشهداء و السجناء السياسيين و المهاجرين) حيث لا وزن لهم و لا رجحان لكفتهم في حركة الواقع العراقي والروح الأجتماعية العراقية مقابل ذلك الكمّ الهائل من الجهلاء و المجرمين و آلارهابيين و  الأنتهازيين و العملاء و عديمي الضمير من السياسيين و العسكريين و...إلخ.

و في هذا الوسط المُحترق خلا العراق من الفكر و المفكرين ألانسانيين بالأساس و في هذه المرحلة بالذات, فقد رحل أولئك الصادقون المتواضعون لعباد الله فرحين و مستبشرين بما آتاهم الله من فضله, و بَقيَ خليفتهم وحيداً يئن من غربته الحقيقية وسط كلّ هذا الزحام.

و قد كتبت موضوعاً قبل أيام جاءَ الحديث فيه كتعقيب على الدّعوة التي وُجّهت لنا من قبل جماعة خيّرة تُريد إجراء العدالة الانتقالية في العراق الحديث, للمزيد يُمكنكم الاطلاع عليه من خلال الموقع أدناه :ـ
http://www.shia.com.au/news.php?action=view&id=3939.

ألباحث
عزيز الخزرجي