Thursday, September 28, 2023

هل يعشق الله؟ بقلم العارف الحكيم عزيز حميد مجيد كيف لا يعشق الله تعالى مثلما نعشقُ ؟! خصوصاً و أنه جلّ و علا خالق العشق و الجمال .. بل هو كل العشق بذاته!؟ ثمَّ مَنْ يعشق الله تعالى!؟ و أين و متى و كيف!؟ إنه يعشقك أيها العبد الصالح المكافح و المُفكّر؛ حين تصبح بلا مأوى .. و يضيق قلبك .. و تنكسر خواطرك .. و تمسي وحيداً و فقيراً و غريباً بلا مأوى! و حين تنسكب الدّموع من عينيك بغزارة في أناة الليل على قارعة الطريق و أنت تحمل آلأمانة التي أشفقن من حملها السموات و الأرض رغم مبيتها كآلجمر في احشائك .. فإنه تعالى يعشقك, بل و يفتح أبواب السماوات و الأرض امامك .. يعشقك بحق .. حينما يقتلون أمنياتك في وطن ضاع الحقّ فيه و صار النقاق و الكذب و الغيبة زاد الناس... في هذا الوقت و الوضع تكون قريباً منه تعالى بل أقرب من حبل الوريد .. بل و معشوقاً له بمعنى الكلام .. لأنه يعشق آلجّمال حين يستقرّ بقلب حزين و فقير و غريب و مظلوم وسط قسوة القلوب و تكبّر الجهلاء و النصابين .. و إذا لم يأخذ بيديك وقتها و أنت بذاك الحال وسط المآسي .. و بدأت تحسّ بآلوحدة و بآلحزن الأليم مع تلك الآمال وسط الغربة ؛ إعلم لحظتها بأنك صرت معشوقاً له تعالى و قريباً من السّعادة .. لكن يا للحيف .. أنك نفسك لا تشعر بآلخفايا و الأسرار التي تجري من حولك و لا تدري بأنّ الله مُدبّرها .. إنه قريب منك .. أنهُ أقرب إليك من حبل الوريد .. هناك صراع مستمر بينُكَ و بين نفسكِ الأمارة بآلسوء لأنك مؤمن تتقي الله, و لأن النفس مرتع للشيطان و أنت تقاومه بكل عزم؛ لهذا فآلحزن سرٌّ يُطهّرك و يُقرّبك للعاشق حتى تكون قاب قوسين منه. و أعلم بأنّ الله لا يُحب الفرحين لأن الأرض و من عليها حزينة فكل من عليها يذنب و بقسوة .. أحياناً تُحدّثك آلنفس بأنّ لا شيء يستحق أن تجاهد لأجله في أرض و وطن ضاع الحقّ فيه بعد ما بات حتى المصلين يكذبون و يسرقون و يأكلون الحرام .. و كأنها تدعوك لليأس و هو أعظم من كل الذنوب .. لكنك ترفض دعوتها و تُقاوم بإصرار لتتقي غضب الله .. وأحياناً تتصالح معها و توافقها بما تُريد في لحظة ضعف .. لكنك تندم و تتوب فجأةً .. لعلمك أنّ الله يحبّ التوابيين و يُحبّ المتطهرين, و هنا يتجلى صوت العشق الكونيّ .. وتتقلب الأدوار فهي مَنْ تُريد .. و أنت مَنْ ترفض .. و المعشوق يرقب ذلك الصّراع الذي يشتدّ أحياناً .. و تضيق السّبل حتى يصل مرحلة الاشمئزاز و الجزع حدّ اليأس .. فالذي يجري عليكَ ليس بجديد .. إنّهُ مقدّرٌ لأهل الأرض و معهود من الأزل .. حتى آلعاشقين كقدر محتوم .. و رغم هذا و لحسن الحظ القرار الأخير لنا .. بحكم العقل و حريّة الأرادة في كل الأحوال .. و نحن مَنْ يُحدّده و يُطبّقه و يقرّه .. و هكذا تسري الأيام .. و يمضي العمر سريعأً و آلأقدار هي مَنْ تسيّرها .. ففي يوم ما .. و ساعة مّا .. ستقف فجأةً لترى بعين اليقين و حقّه؛ أنّ ما جاهدت له و رسمتهُ من أماني و ما حققتهُ من آمال .. قد جرى بأمر الله و بسعي منك .. مع الحذر كي لا تغضب عاشقك الذي هو المعشوق الأزلي الذي وحده يستحق الحُبّ الحقيقيّ بعد ترك المجازي .. تأكّد أنك اليوم لم تكن كما كنت بآلأمس .. لولا تحرّرك بقوّة ألرّوح من العشوق المجازيّة لتقواك و صبرك و نجاحك في الأمتحان .. ثمّ ثباتك على النهج الذي تمسّكت به لتصل معشوقك الحقيقيّ .. لتخلد في هذا الوجود .. إنه أبدأً ؛ لا و لن يمت من أحيا قلبه بآلعشق .. إنّهُ مؤكّد خلودنا في هذا الوجود و الآن دعني أكن أكثر صراحة و وضوحا معكم : مَنْ .. و أيُّ عشق ذاك الذي دفع ذلك آلطقل .. و كل أطفال العراق المجاهدين من تحميل أنفسهم أثقال آلوجود!؟ بينما السّياسيّون بلا إستثناء مع الغرباء و العملاء وحكوماتهم يتنعمون يخيراته و حقوقه و موائد الأنس ككل طغاة التأريخ؟ نعم هي لقمة الحرام التي لو تناولتها مرّة تحتاج لأربعين صباحا كي تطهر وجودك لتُقبل توبتك .. فما زالت مأساتهم بسبب أصحاب الكروش الذين سرقوا طفولته و مستقبله!؟ كيف لا يُدمدم عليهم الرب غضبه في وطن ضاع آلحقّ فيه .. في وطن لا يعذب و لا يُشرّد فيه إلى المؤمن المفكر و الفيلسوف والعارف حتى صار الحقّ باطلاً و الباطل حقاً!؟ وكيف لا تنقلب السّماء على الأرض بسبب تلك الأثقال التي كسرت ظهر ذلك آلمعشوق الصغير .. طفل لم يتجاوز السابعة من عمره!؟ و كيف لا تنقلب الدّنيا على أهلها لمنظر عجوز متقاعد إبيضّت شعره بعد أن ضحى بزهرة شبابه لبناء وطن .. و لكنه لا يحصل اليوم على راتب يسد رمقه!؟ أَ تَعجّب : كيف المسؤولون و الرؤوساء و النواب و الوزراء ينظرون لوجوههم في المرآة أو يتوجهون للصلاة أو المائدة مع أهلهم و شركائهم و هم السبب في كل ذلك؟ و إلى أيّ حدٍّ مات ضمير العراقيّ خصوصاً الميسور و المسؤول و المحافظ و المدير و رؤوساء و أعضاء الأحزاب و السياسيين و الحاكمين و ذيولهم المرتزقة الذين باتوا يأكلون حتى الخنزير من ذيله .. و هم وحدهم (الأغنياء و المسؤولون) يعيشون و ينامون بهدوء تام و يذهبون للحج براحة بال أمام الناس و بلا حياء مع كل تلك المناظر التي أحزنت الله تعالى و هم المترفون و مرتزقتهم يشهدونها و يتمسخرون منها ناقلين عقولهم لدنيا الأوهام و آلسّراب بغباء مقدس ليخلدوا للنوم لكونهم فقدوا محبة الله و الأيمان في قلوبهم.!؟ أَ لم يقل رسلهم؛ [إن نحن إِ لا بشر مثلكم و لكن الله يمنّ على مَنْ يشاء من عباده و ما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله و على الله فليتوكلّ المؤمنون]!؟. وصيتي لكم أيها الأحبة هي وصية مقتبسة من فكر أهل البيت(ع): [كُن ثملاً بآلحُب .. فآلوجود كلّهُ محبة .. و بدون الحُب لا سبيل للوصال] . و النتيجة أن الله تعالى ليس فقط يعشق المظلوم المنكسر .. بل أوجد الوجود أساساً بسبب آلعشق؛ وهو جميلٌ و حبيب يُحبّ الجمال. ألعارف الحكيم عزيز الخزرجي