Monday, April 01, 2024

التفكير بين الشرق و الغرب :

أنا أفكر إذاً أنا مجنون كامل سلمان قبل أكثر من اربعة قرون وضع ديكارت اساس فلسفته حول الشك واليقين بعبارة ( أنا أفكر إذاً أنا موجود ) ويقصد من خلالها بأن الشك يؤدي إلى التفكير والتفكير يعني أول اليقين ( مفهوم أستطاع من خلاله تحريك العقل والفكر أمام كل شيء يخص حياة الإنسان ) بذلك يكون الإنسان موجود بشكل فعلي ككائن راقي يختلف عن باقي الكائنات الحية لأنه يفكر ، لا مجرد أن يشغل حيز من الفراغ . استطاعت فلسفة ديكارت أن تكون واحدة من أكبر التحولات التأريخية المهمة في تغيير الأفكار ، وواحدة من اسرار هزيمة الكنيسة وهزيمة جميع الأفكار المتحجرة امام الثقافة التي عصفت بأوربا خلال فترة القرون الوسطى ، ومازالت هذه الفلسفة تحرك العقول وتدرس في الجامعات العالمية حتى يومنا هذا ، وقد وصلت أثار هذه الفلسفة منطقتنا الاوسطية في وقت متأخر ، لكن سرعان ما وجد المثقف الذي أراد السير في درب ديكارت وجد نفسه يقترب من الجنون ، لماذا ؟ لأن مفهوم الشك عندنا حرام من الأساس ، والحرام بمعنى الخروج عن طاعة ولي الأمر ، وهذا يعني الأستعداد للجنون قبل القتل والتنكيل .. خلال فترة سقوط بغداد في العام ٢٠٠٣ م تعرضت دوائر ومؤسسات الدولة إلى السرقات والنهب بشكل علني وفي وضح النهار بغياب القوى الأمنية وغياب الوعي المجتمعي وغياب الرادع الاجتماعي والديني عند أغلب الناس ، كان من نتاج تلك الكارثة إنتشار السلاح في كل مكان والفوضى والقتل والتخريب ، في خضم هذه الأحداث المريعة ظهرت كتابات على جدران بعض الأبنية في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد كانت تقول ( السرقة حرام بأمر المراجع ) وأظن جميع أهالي بغداد الذين عاصروا تلك المرحلة يتذكرون ظهور هذه العبارة في كل مكان .. منذ تلك اللحظة التي قرأت فيها تلك العبارة انتابني إحساس بإننا سندخل مرحلة تأريخية يجب أن يتوقف فيها التفكير ويجب أن تكون المرحلة الزمنية القادمة هي مرحلة سبات العقل ، وأن فلسفة ديكارت التي تقول أنا أفكر إذاً أنا موجود ، يجب أن تصبح أنا أفكر إذاً أنا مجنون ، فالتفكير هنا يجب ان يتوقف مع ما كان يحدث وما كان يكتب على جدران المبان ، وما سوف يحدث لاحقاً ، ماذا نبغي من وراء التفكير ؟ هل نريد الناس يعيشون الشك ؟ بمعنى أننا نريد تدمير المجتمع ، أنا عندما قرأت تلك العبارة ( السرقة حرام بأمر المراجع ) لم أعد أشك منذ ذلك اليوم ، ولم أعد أفكر ، لأنني وجدت نفسي دخلت السبات العقلي طوعاً ( هل هناك عاقل يستطيع الصمود أمام هذه السيول الجارفة من الجهل والتخلف ) . فلو سمحت لنفسي أن أفكر لأصبحت مجنوناً قبل أن أصل إلى اليقين ( المقصود عامة الناس ). قد يكون كاتب هذه العبارة على الجدران يقصد إنه على الجميع الإمتناع عن السرقة من باب ديني ، لكنه أساء التعبير ، هذه هي مشكلتنا التي لا يدركها الناس ، وهي أن نوايا الناس لا يمكن رؤيتها بل يمكن رؤية ما تبدر منهم من قول أو فعل ، فالقول والفعل لها تأويلات وتفسيرات كثيرة ، وكلما ضعفت الثقافة كلما أبتعدت التأويلات والتفسيرات عن الحقيقة ، فلا يظن أحد ما ، بأن كلامه أو فعله سيتم تأويله وتفسيره بشكل سليم من قبل الجهلاء الذين يسيئون الظنون ، لأن الجهلاء بطبيعتهم لا يعرفون الشك والتفكير فهم مجبولون على ما يملى على عقولهم ، فهم على يقين دائماً . في لحظات تطلعي إلى عمق فلسفة ديكارت تذكرت شيئاً غريباً قد يكون فيه تناقضاً جوهرياً لفلسفة ديكارت ، وهو أن بعض الناس من الأفضل أن لا يفكروا ، فالتفكير عند هؤلاء مصيبة وتدمير لهم وللمجتمع ، هؤلاء أن يفكروا يصلون إلى نتائج أسوأ مما كانت عليه عقولهم قبل التفكير ، فيصبح عليهم التفكير بلاء وابتلاء ، وللأسف مثل هؤلاء الناس ليسوا أقلية بل هم الغالبية العظمى ، ديكارت يشترط للتفكر هو المرور بمرحلة الشك أولاً ، بينما هؤلاء الناس لهم القدرة أن يشكوّن بكل شيء إلا بأفكارهم ، يشكوّن بنوايا الناس وبأنساب الناس وشرف الناس وعقول الناس واموال الناس واخلاق الناس ولا يشكوّن بما تلقحت به عقولهم من أفكار متحجرة ، لأن أصل الشك الوارد في فلسفة ديكارت تحريك العقل ، بينما أصل الشك عند الجهلاء تحريك الكراهية وتحريك الاحقاد وشتان بين هذا وذاك .

ألشيعة و الولاية العلوية :

ألشّيعة و آلولاية العلويّة: وفقاً للتأريخ ومصادر الشيعية, يُنقل عن الأمام عليّ(ع) بعد ما أصبح خليفة للمسلمين, كشف عن ذمّته المالية السابقة على أنهُ : [أتيتكم بجلبابي هذا فأن خرجت بغيره فأنا لكم خائن] . و هناك اتفاق عامّ لدى الرّواة والمؤرخين على نزاهة الإمام علي(ع) بصفته حاكماً نزيهاً من خلال عدم استغلاله للسلطة من أجل إهدار المال العام أو إنفاقه على نفسه وأفراد عائلته وأقربائه و حتى أعضاء حكومته بل كان حالهم كحال أيّ مسلم أو حتى غير مسلم عاش في كنف دولته, بل لم يهدر بمقدار صرف قطرات من الزيت لمصلحة شخصيّة و هذا بإعتراف اعدائه الذين إتفقوا أيضاً على نزاهته و عدله و إستقامته و تقواه, بحيث إنّ هيئة الأمم المتحدة (يعني العالم كله) إتفقوا بأنهُ النموذج العادل الوحيد الذي يجب الإقتداء به من قبل حكومات العالم, و قد صدر من هيئة الأمم المتحدة بيان بخصوص ذلك عام 2001م. و من أغرب القصص التأريخية؛ أنّ شقيقه عقيل الضرير قد تركه ملتحقاً بمعاوية بعدما رفض الإمام إعطاءه مساعدة من خزينة المال العام, وبينما كان بطريقه للشام؛ سأله رجلٌ شاميّ عن سبب تركه العراق و أخوه هو الخليفة؟ أجاب عقيل: تركت العراق لعدم قدرتي على تحمّل شدّة عدل الأمام عليّ, و القصة مذكورة و مشهورة أيضاً!؟ ولكن في مقابل هذا الفهم النزيه للمال العام من قبل الإمام علي(ع) و أهل البيت عامّة؛ نجد هناك بعض رجال الدين الشيعة يتخذون موقفاً معاكساً و فهما متضاداً تماماً لحرص و موقف الإمام علي للمال العام .. إذ أن هؤلاء يُؤكدون من خلال فتاواهم أو تصريحاتهم على عكس فهم ألأمام عليّ(ع) ، حينما يقولون بأن المال العام مباح لأنه (مجهول المالك) أو غيره, و يمكن التصرف به كيفما شاء, و منها تصريحات رجل الدّين صباح شبر, و كذلك الشيخ اليعقوبي, الذي يعتقد بأنّ (المال العام مال سائب) .. في خطوة واضحة لشرعنة سرقة المال العام أو إمتلاكه بشكلٍ غير مشروع لأغراض الحاكم أو المتعلقين به أو بحزبه و عشيرته, و هكذا يعتقد البشير ألنّجفي الباكستاني، على أساس كونه بلا مالك أو صاحب حسب إعتقادهم، كنوع من إيحاء أو إيعاز لشرعنة السرقة أو اختلاس آلمال العام! بل الأمَرّ و الأدهى من ذلك, أن بعض الأحزاب و الحركات كحزب الدعوة و مرتزقته شرعنوا ما هو الأعجب و الأحرم و الأظلم بشأن المال العام عندما أصبح رؤوسائهم كنوري المالكي أو من سبقه بتخصيص رواتب و رُتب لأعضائهم, و جلّهم من المنافقين والبعثيين ولا علاقة لهم بتنظيم حزب الدعوة الأصلية, حيث خصّصوا رواتب تعادل أضعاف الراتب الذي يتقاضاه المتقاعد العراقي الذي أمضى بآلخدمة ثلاثون أو أربعون أو حتى أكثر من الأعوام, بينما معظم مرتزقة الأحزاب لم يخدم أحدهم سنوات قليلة في خدمة العراق!؟ بينما في مقابل كل ذلك؛ يعتبر الإمام عليّ(ع) إنّ المال العام هو عبارة عن موجودات و ودائع مالية ذات حصرية تخصّ الدولة والشعب والأمة لدرجة لا يمكن الإفراط بها حتى و لو من أجل شراء (جلباب) أو (ثوب) إو (إستخدام قطرات من الزيت لأمر خاص من قبل آلخليفة نفسه) .. و كما تبيّن ذلك عندما كان ذات ليلة ينظم يُسجّل و يُنظم ودائع بيت المال و قد دخل عليه عمر بن العاص و الزبير, حيث سألهما الأمام عليّ(ع) بعد أداء السلام؛ هل جئتما لأمر خاص أم عام بشأن المسلمين؟ أجابا : بل جئنا لأمر خاص!؟ عندها أطفأ الأمام عليّ(ع) الشمعة(القنديل) التي كان يعمل مستنيراً بضيائها, و قال لهما تفضلا الآن!!!! بينما معظم مراجع الدِّين بإستثناء ألسيد السيستاني .. و كذلك أغلب زعماء الأحزاب الشيعية قد أصبحوا و للأسف من الأثرياء و أصحاب مال و بنوك جراء نهبهم للمال العام بعد أن كانوا لا يملكون قوت يومهم, و في المقابل يعيش معظم الشعب تحت خط الفقر! و هكذا تسببوا بقصم ظهر الشيعة في العراق الذي تمّ بيعه للأجانب بتوقيع إتفاقيات الخيانة و الذل معهم بخصوص الأموال و المشاريع و المستقبل الذي لم يعد يبشر بآلخير .. بل بآلشّر .. لأجل البقاء في السلطة يوم آخر لنهب بيت المال و حقوق الفقراء بشكل خاص, بحيث وصل الحال بهم لأن يصبحوا أذلاء حتى للأنظمة الحاكمة من حولهم كآلأردن و تركيا و دول الخليج و حتى الهند, بل و للأقليم الذي أوجدوه و دعموه بشكل غير مسبوق رغم نداآتنا العديدة خلال السنوات الماضية لمنعهم من ذلك, لكنهم و لكونهم أنصاف مثقفين لم ينتبهوا لذلك و وهبوا آلمليارات للأحزاب و العوائل التي حكمت الأقليم و يا ليت تلك الأموال وصلت للناس, بل إستفحلت حكومة الإقليم و بدأت تفرض على الحكومة المركزية رأيها بدعم القوى الخارجية, و من هالمال حمل جمال .. و الحبل على الجرار!! و هكذا تسببت الحكومة الشيعية العراقية, بآلتبرئة العملية من ولاية و نهج الأمام عليّ الذي إستشهد في محرابه لشده عدلة و هؤلاء إستشهدوا لشده جرائمهم و نهبهم للمال العام و بُعدهُم عن الولاية و نهج أهل البيت(ع). و إنا لله و إنا إليه راجعون. عزيز حميد مجيد