Friday, September 15, 2023

أفضلية الأمام عليّ على الأنبياء و المرسلين :

أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل : بعلي (ع) عُرِف الله في الوجود .. هكذا بدأ الشاعر التركي شهريار قصيدته التي أقسم في مطلعها بعليّ و أيّدها العليّ الأعلى (ع) نفسه بشهادة المرجع الكبير وقتها السيد المرعشي النجفي قدس سرّه, و كما ورد في قصة مشهورة ذكرنا تفاصيلها فيما سبق! لا شك ان أمير المؤمنين (عليه السلام) له مكانة ومنزلة تفوق جميع الرسل ونستثني سيدهم وخاتمهم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وكيف لا يكون أفضل من الأنبياء وهو نفس محمد بنص القرآن{وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}[1] فهذه أفضل منقبة له، إذ قرنه سبحانه بخاتم الرسل. فكل ما حازه النبي (ص) من فضل قد حازه الإمام (عليه السلام) الا النبوة وهذا ما بينه النبي لعلي حينما كانوا بحراء إذ قال له: (إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ولَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ)[2]. و نص الحديث المروي بهذا الشأن في الكتب التأريخية منها صحيح مسلم و ا لبخاري و نهج البلاغة للشريف الرضي و غيرها, حيث قال (ص) : [يا عليّ أنتَ مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي]! و هكذا حديث المباهلة و هل أتى و حديث الطير و حديث الأيمان كله في معركة الخندق و حديث الكساء و غيرها كثير .. كلها أثبتت بأن منزلته لا يضاهيها أحد. فرسول الله خاتم الأنبياء وعلي سيد الأوصياء وحامل اللواء ومعجزة السماء وسلسل الكرماء النجباء ووارث علم الأنبياء. وكان الصحابة والمقربون منه يسألونه عن فضله ومكانته عند الله فكان (عليه السلام) يبين لهم ذلك ففي رواية عن صعصعة بن صوحان، أنّه دخل على أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لمّا ضرب، فقال: يا أمير المؤمنين أنت أفضل أم آدم أبو البشر ؟ قال علي (عليه السلام): تزكية المرء نفسه قبيح، لكن قال الله تعالى لآدم : {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلاَ تَقْرَبَا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}[3]، وأنا أكثر الأشياء أباحها لي وتركتها وما قاربتها. ثمّ قال: أنت أفضل يا أمير المؤمنين أم نوح ؟ قال علي ( عليه السلام ): إنّ نوحاً دعا على قومه، وأنا ما دعوت على ظالمي حقي، وابن نوح كان كافراً وابناي سيّدا شباب أهل الجنّة. قال: أنت أفضل أم موسى؟ قال ( ع ): إنّ الله تعالى أرسل موسى إلى فرعون، فقال : إنّي أخاف أن يقتلوني ، حتى قال الله تعالى : {لاَ تَخَفْ إنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ}[4] وقال : {رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ}[5]، وأنا ما خفت حين أرسلني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بتبليغ سورة براءة أن أقرأها على قريش في الموسم، مع أنّي كنت قتلت كثيراً من صناديدهم ، فذهبت إليهم وقرأتها عليهم وما خفتهم . ثمّ قال: أنت أفضل أم عيسى بن مريم؟ قال (عليه السلام): عيسى كانت أُمّه في بيت المقدس، فلمّا جاء وقت ولادتها سمعت قائلا يقول: أُخرجي هذا بيت العبادة لا بيت الولادة ، وأنا أُمّي فاطمة بنت أسد لمّا قرب وضع حملها كانت في الحرم فانشقّ حائط الكعبة وسمعت قائلا يقول: أُدخلي فدخلت في وسط البيت وأنا وُلدت به، وليس لأحد هذه الفضيلة لا قبلي ولا بعدي)[6]. فقد أُعطي أمير المؤمنين (عليه السلام) ملكاً عظيماً إلا أنه فضل العيش فقيراً وقد قال (عليه السلام): (أَلَا وإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاه بِطِمْرَيْه، ومِنْ طُعْمِه بِقُرْصَيْه)[7]. فسبحانه وتعالى أباح للإمام كثيرًا من ملذات الدنيا إلا أن الإمام (عليه السلام) فضل التواضع وحبب الزهد لنفسه ليصل الى ما وصل إليه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) من مكانة سامية بين الأنبياء. أما شجاعته فلم يضعف الإمام (عليه السلام) في أي موقف وكان ضحاكاً في القتال بكاءً في المحراب وهذا دليل كافٍ على أنه أشجع العرب بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله), بل كانت العرب تكتب على سيوفها ؛ [الفرار عار إلّا من سيف عليّ] و يكفي هذا على إعتراف صناديد و أبطال العرب بشجاعته المطلقة. اما قداسته فيكفي أن مولوده كان في بيت الله الحرام وهذه منقبة لم تكن لأحد غيره فكل القرائن تدل على أفضليته على جميع الرسل نستثني خاتمهم, هذا إلى جانب عدم سجوده أو عبادته لأصنام الجاهلية قاطبة و هذه أيضا ميزة أخرى لا يشاركه فيها أحد سوى معظم بني هاشم (عائلته). مع كل تلك الصفات الكونيّة التي لم تتحقق إلا في شخصية هذا العلي العظيم نرى أنه واجه محنا و مصاعب لم يواجهها أحد من الخلق و كما عرض و أعلن عن بعضها على لسانه شخصياً .. و إليكم بعض تلك الأحاديث العظيمة, نسبقها بكلامه هو (سيد العدالة الكونيّة) و (رمز المظلومين في الوجود), و الذي أشار إلى مسائل عظيمة إبتلى بها شخصيّاً حتى ممّن أحسن لهم و آواهم : عن ألرّضي, رفعهُ – أي نسبهُ - إلى أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) أنّهُ قال(ع) : [أ لَا و إنّ لكلّ مأمومٍ إماماً، يقتدي به و يستضئ بنور علمه، أَ لَاَ و إنّ إمامكم قد إكتفى من دُنياهُ بطمريه و من طعمه بقرصيه, أ لَا و إنكم لا تقدرون على ذلك، و لكن أعينوني بورع و اجتهاد، و عفّة و سداد, فوالله ما كنزتُ من دنياكم تبراً، و لا إدّخرت من غنائمها وفراً، و لا أعددّتُ لبالي ثوبي طمراً، و لا حزت من أرضها شبراً، و لا أخذتُ منه إلّا كقوت أتان دبرة، و لهي في عيني أوهى و أهون من عفصة مقرة بلى كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلته السّماء، فشحت عليها نفوس قوم، و سختْ عنها نفوس قوم آخرين، و نعم الحكم الله و ما أصنع بفدكٍ و غير فدكٍ، و النّفس مظانها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها، و تغيب أخبارها، و حفرة لو زيد في فسحتها، و أوسعت يدا حافرها، لأضغطها الحجر و المدر، و سدّ فرجها التراب المتراكم، و إنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، و تثبت على جوانب المزلق. و لو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفّى هذا العسل، و لباب هذا القمح، و نسائج هذا القز, و لكن هيات أن يغلبني هواي، و يقودني جشعي إلى تخير الأطعمة – و لعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص و لا عهد له بالشبع - أو أبيت مبطانا و حولي بطون غرثى و أكباد حرى، أو أكون كما قال القائل: (و حسبك داء أن تبيت ببطنة * و حولك أكباد تحنّ إلى القد) أَ أَقنعُ من نفسي بأنْ يُقال : هذا أمير المؤمنين، و لا أشاركهم في مكاره الدّهر، أو أكونَ أسوةً لهم في جشوبة العيش!؟ فما خلقتُ ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة، همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها، تكترش من أعلافها، و تلهو عمّا يراد بها، أو أترك سدى، أو أهمل عابثا، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة! و كأني بقائلكم يقول: (إذا كان هذا قوت أبن أبي طالب، فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران، و منازلة الشجعان), أ لا و إن الشجرة البرية أصلب عوداً، و الرّواتع الخضرة أرقّ جلوداً، و النّابتات العذية أقوى وقوداً، و أبطا خموداً؟ و أنا من رسول الله كالضّوء من الضّوء، و الذراع من العضد. و الله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليتُ عنها، و لو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها, و سأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس، و الجسم المركوس، حتى تخرج المدرة من بين حبّ الحصيد]. المصدر: نهج البلاغة / ٤١٧ كتاب ٤. أما توبيخه لعامله على البصرة نعمان بن حنيف لا لفساد أعلنه أو سرقة أو تعدي على مواطن أو أي ذنب كما الذنوب التي نعلمها ؛ بل توبيخه لعامله (نعمان) كان بسبب قبوله لدعوة من بعض وجهاء البصرة لتناول طعام الغذاء معهم .. حيث أرسل له رسالة يستوقف كتاباً كاملاً لبيان معالمها و كيفية بيانها, و التي تدين بشكل طبيعي كل مسؤول عراقي إستلم سلطة معينة أو وظيفة كمدير عام أو مستشار أو وزير أو عضو برلمان أو رئيس .. و هي وظائف محاصصية بين الأحزاب لنهب حقوق الفقراء من خلال الرواتب الكبيرة و المخصصات و سرقة أموال المشاريع و البيوت و المدارس و غيرها. العارف الحكيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الهوامش:ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] - سورة آل عمران: 61. [2] - نهج البلاغة: الخطبة: 192، ص301. [3] - البقرة: 35. [4] - النمل: 10. [5] - القصص: 33. [6] - مسند الإمام علي (عليه السلام): ج7، ص452. [7] - نهج البلاغة، الكتاب: 45، ص417.