Wednesday, March 06, 2024

الأدب الأفغاني :

شعراء أفغانستان قراءات ودراسات محمد سرور رجائي* ترجمة: حيدر نجف كانت لإيران و أفغانستان منذ العصور القديمة و إلى العصر الحاضر طبائع و مصائر مشتركة. مصائر امتزجت بالقواسم المشتركة التاريخية و الدينية و اللغوية و الثقافية و حتى العرقية بين البلدين. سواء في الماضي القديم، حيث كانت أفغانستان جزءاً من خراسان الكبرى، أو في الوقت الحاضر. كانت أفغانستان دوماً من البلدان الأدبية المهمة في جغرافيا اللغة الفارسية و آدابها. الأرض التي انطلقت منها حركة اللغة و الفارسية و آدابها و انتقلت إلى الأصقاع و المناطق الأخرى. و اليوم أيضاً فإن الشعب الأفغاني الميّال للأدب يحفظ بأمانة مثيرة للاستحسان الأصالة اللغوية لشعراء كبار من قبيل جلال الدين الرومي المولوي البلخي، و سنائي الغزنوي، و ناصر خسرو القبادياني، و العشرات غيرهم من شعراء الفارسية.. الشعب الذي يعيش اللغة الفارسية و يتنفسها و هو بين الوديان العميقة و الجبال الشامخة. أفغانستان اليوم بما لها من عقيدة دينية راسخة و ثراء في اللغة الفارسية تتحمل الكثير من الصعاب و الشدائد ابتداء من هجمات الاستعمار الإنجليزي العجوز إلى احتلال هذا البلد من قبل الجيش الروسي وصولاً إلى هجوم جيوش أميركا و الناتو في الوقت الراهن. لكنه أبدى دوماً صموداً و صبراً حيال اعتداءات الجيوش الأجنبية و حال دون تهميش هويته الدينية و الثقافية. و كان العامل الأول الذي ساعد الشعب الأفغاني في هذا الطريق على نحو كبير بعد العامل الديني هو اللغة الفارسية و آدابها. و قد كان للشعراء و الكتّاب باعتبارهم اللسان الثقافي الناطق باسم المجتمع، الدور المحوري دوماً في التصدي لهذه الصعوبات. تعرفنا قبل هذا في مجلة شيراز، على صحيفة «سراج الأخبار» لمحمود طرزي التي كان لها كبير الأثر في الثورة السياسية في أفغانستان، و على أفكاره الأدبية، و كذلك على نماذج من أشعار الأستاذ يوسف آيينه، و الأستاذ خليل الله خليلي. و في هذا القسم من الدراسة سوف نستعرض تجارب ثلاثة من كبار الشعراء الأفغانيين المعاصرين لكل واحد منهم منزلة رفيعة في تكريس اللغة الفارسية و آدابها في أفغانستان. أحد هؤلاء الثلاثة هو عبد الهادي داوي المعروف بلقبه الشعري «پريشان». كان عبد الهادي داوي من العاملين النشيطين في صحيفة «سراج الأخبار»، و يقال إنه نشر في هذه الصحيفة مقطوعة شعرية سياسية بعنوان «البلبل السجين» أزعجت المندوب البريطاني للهند و قد حاول المذکور بعد نشر هذه القصيدة أن يوقع ببعض الشباب الأفغان لكنه لم يوفق. عبد الهادي داوي 1895 – 1982 م عبد الهادي داوي المعروف بـ «پريشان» نجل عبد الأحد طبيب، ولد سنة 1895 م في كابل، و كان من الشعراء الذين أنفقوا أعمارهم كلها لتحسين الواقع الثقافي و الاجتماعي في أفغانستان. و قد تحمل في هذا السبيل الكثير من الصعوبات. درس هذا الشاعر في طفولته داخل أسرته ثم التحق بالثانوية الحبيبية، و في سنة 1912 انضم إلى فريق الكتّاب العاملين في صحيفة «سراج الأخبار»، و بعد ثمانية أعوام، أي في سنة 1920 م تولى إدارة صحيفة «أمان أفغانستان». و قد أمضى فترة في السجن في دار الحكومة «أرگ شاهي» بأمر من حبيب الله خان. بعد إطلاق سراحه تولى إدارة شعبة الهندوأوروبية في وزارة الخارجية. و بعد ذلك تولى مسؤوليات حكومية مهمة منها سفير أفغانستان المفوض لدى لندن، و وزير التجارة، و رئيس «مشرانو جرگه» أي (مجلس الشيوخ)، و السفير الأفغاني المفوض لدى ألمانيا، و عضو الشرف لدى الجمعية الأدبية في كابل. أمضى هذا الشاعر السياسي السنوات ما بين 1933 و 1946 في السجن. و في عام 1948 أصبح السكرتير الخاص لظاهر خان، و في سنة 1949 كان نائب أهالي «ده سبز» التابعة لكابل في مجلس الشورى الوطني. يعدّ داوي من الشعراء الحداثيين في أفغانستان و قد بادر منذ الأعداد الأولى لصحيفة «سراج الأخبار» بمعية محمود طرزي إلى ترجمة قصائد الشعراء الإنجليز، و قد كان يجيد اللغات الإنجليزية و التركية و الأردية و العربية، و قطع خطوات جيدة في تحديث الشعر الأفغاني. صدرت مختارات من قصائده بعنوان «مختارات من غزليات داوي» بتعاون من متين اندخوئي و جمعية الكتّاب الأفغانيين في عقد الثمانينات بكابل. و قد ترك هذا الشاعر و الكاتب و السياسي عدة أعمال شعرية و نثرية أخرى. و في ما يلي نموذج من شعر عبد الهادي داوي المعروف بـ «پريشان» و معناه(المظطرب). إلى متى إلى متى يا أبناء أفغانستان إلى متى؟ إلى متى.. إلى متى.. إلى متى؟ هديل حمائم الأسحار يطرق الأسماع فإلى متى شخير هذا النوم الثقيل؟ عمّت العالم أنوار اليقظة فإلى متى نوم الغفلة عن الأنداد؟ حتى النبات النائم رفع رأسه من غفوته فإلى متى لا ترفع جفونك و أهدابك؟ تهبّ رياح خريفك في الأحراش فإلى متى تشتاق للسير في الصحاري؟ يجب أن تبكي دماً على حالك فإلى متى تتفسح بين الأنهار و الرياض؟ كم تشتاق لتعمير دارك و بيتك و إلى متى تلعب بالتراب كالأطفال؟ إنها أيام العمل و زمان العبرة فإلى متى النوم المريح في الأروقة؟ المدرسة و العلم هما روح الشعوب فإلى متى نبقى بلا أرواح إلى متى؟ إنما الأطفال بالكتاتيب و المدارس فإلى متى اللعب بالأتربة في الصحاري؟ ولى زمن الضحك و الهزل و المزاح إلى متى الطفولة أيها الشيوخ؟ أخيراً سيقطعون لسانك أيها القلم فإلى متى كل هذا الكلام يا«مضطرب»؟ العلامة السيد محمد كاظم بلبل 1893 – 1944 م العلامة السيد محمد كاظم المعروف بلقبه الشعري «بلبل» من مواليد سنة 1893 في «دره سنگلاخ» من توابع ولاية ميدان. حينما كان طفلاً انتقل مع عائلته إلى كابل. مني الاستعمار البريطاني بهزائم فاضحة من الشعب الأفغاني بقيادة رجال الدين في حربين غير متكافئتين خلال القرن التاسع عشر للميلاد. و بعد هزيمة الإنجليز الثانية سلطوا بحيلهم و أحابيلهم عبد الرحمن خان على مصير الشعب الأفغاني كأمير، و جعلوا حكومته أداة بيدهم لسحق الشعب الأفغاني. و عمل هذا الحاكم العميل على تنفيذ أوامر سادته في قمع رجال الدين و الشخصيات الشعبية المعروفة. و كانت عائلة السيد كاظم بلبل من العوائل الشعبية و المعروفة بشخصياتها من رجال الدين. كان للسيد محمد كاظم من العمر 12 عاماً حينما اعتقل عبد الرحمن خان والده و جده و أعمامه و قتلهم و أسر عوائلهم. و كان الشخص الوحيد الذي لم يعتقل هو السيد محمد كاظم الحديث السن الذي بقي يعيش خفاءً في بيت أحد الشيعة في ضواحي كابل. و بعد شهر أطلق سراح النساء و الأطفال المعتقلين من هذه العوائل المجاهدة، لكن خطر إلقاء القبض على السيد محمد كاظم من قبل السلطة بقي قائماً محسوساً كما في السابق، لذلك خرج خفية مع أحد الشيعة من أصدقاء عائلتهم من أفغانستان و توجّه إلى إيران ليواصل درب أجداده. في بداية دخولهم إيران انخرط في سلك الدراسة في مدرسة «أبدال خان» العلمية الدينية بمدينة مشهد و واصل الدراسة الدينية بكل جد في الحوزات العلمية بتلك المدينة. و قد أبدى السيد محمد كاظم هناك نبوغاً جلياً في اللغة العربية و آدابها و باقي الدروس أثار إعجاب رجال الدين الإيرانيين و الأفغانيين. و بعد أن أحرز معرفة عميقة بالفنون و الصناعات الأدبية و الشعرية قصد النجف الأشرف في العراق لمواصلة دراسته و الالتحاق بدورات البحث الخارج، و درس هناك لمدة خمسة أعوام في النجف الأشرف متتلمذا على كبار العلماء هناك. و قد كان إلى ذلك متضلعاً في الآداب و العرفان الإسلامي و على معرفة عميقة و دقيقة بقيمة التنوير الإسلامي بقيادة رجال الدين. و أخيراً عاد إلى بلاده في سنة 1920 م و أقام مجالس المحاضرات و ذكر مناقب الرسول و العترة في حسينيات «چنداول» و هي من المناطق الدينية الشيعية في مدينة كابل. و كان في بدايات العقد الثالث من القرن العشرين رائداً للآداب الدينية و المذهبية في أفغانستان. لا شك أن بلبل أنجز أعمالاً كبيرة بما كان له من قدرات أدبية في العصر الذي لم يكن فيه للأوساط المذهبية أي ازدهار، بل كان الحكام في ذلك العهد يحاولون تهميش الآداب و خصوصاً الآداب الدينية و المذهبية. من الإنجازات القيمة و الباقية التي نهض بها العلامة السيد محمد كاظم بلبل العمل على منح الحريات الدينية و المذهبية للشيعة في كابل الأمر الذي امتد تبعاً لذلك ليشمل الشيعة في كل أفغانستان، و إقامة المراسم الدينية في الحسينيات، و على حد تعبير الأفغانيين أنفسهم «التكايا»، و تغيير الواقع السياسي للمجتمع إلى جانب غيره من علماء الشيعة المجاهدين العاملين. و بعد عمر من الجهاد و الإرشاد و التنوير لبّى العلامة بلبل أخيراً نداء الحق تعالى و توفي عام 1944 م. و اليوم فإن مرقد هذا العالم الديني المجاهد في أفغانستان مزار يقصده الخاصة و العامة. صدر لهذا الشاعر الديني الأفغاني في سنة 1986 م ديوان شعر تضمن عشرين ألف بيت من قبل مؤسسة ثقافة الثورة الإسلامية في أفغانستان للبحوث و النشر في طهران، و قدّم للديوان الدكتور هدي الكاتب الأفغاني المعروف بموضوع عنوانه «مدخل إلى علم اجتماع الدين.. الشعب الأفغاني نموذجاً». كان العلامة بلبل ميالاً بشدة لأسلوب القصيدة و هي إحدى القوالب الخاصة في الشعر الإيراني، [هذا القالب يعتمد الموضوعات الإجتماعية و الملاحم، على عكس قالب الغزل الذي يختص بالشؤون العاطفية] و قد نظم معظم شعره على هذا الأسلوب. و لا مراء أن بلبل هو رائد الشعراء الشيعة في أفغانستان و قد ترسّم خطى كبار شعراء «القصيدة» في إيران لينشئ مدائحه للأئمة الأطهار و يضاعف بذلك من شهرته و شعبيته. و هذا نموذج من شعره: يا من مددت على سطوح الدنا ظلال الجمال طرتك تدلت مبعثرة من الأعالي ما إن أسقطتْ ريحُ الصبا البرقع عن وجهك المورّد حتى ذهب صفاء أوراق الزهور في مهب الريح من سلسلة طرّتك تسلسلت دائرة الدور و التسلسل إلى أبد الآبدين. رائحة عَرَقِك تداعبُ شامّتي كل حين زاخرةً بروائح الياسمين و السوسن و السنبل كل القلوب والهة بك سواء فی السماء و في الأرض و الكل تبحث عنك إنْ في يثرب أو في كابل ناسج القضاء نسج شرفَ الكرامة من الصبر و التوكل على قامتك الفارعة من طول ما تفكر العقلُ في ذاتك سقط فجأة من عقله إلى دار حيرة القلب كل الناطقين قاصرون عن ذكر أوصاف كمالك في بادية عالم القلب ختم الباري بقوانين ألغازه كلَّ أوصاف كمالاتك في «قل» يا باعث إيجاد وجود كلّ الوجود لقد تفضل الحق بذاتك على المخلوقات رحمة الحق لا تشمل كل من تغافل عن اتباع ذاتك وضع أستاذ الأزل بيديه تاج التفضل على قمة سعدك يا حادي قافلة الصفوف في المحشر حبذا مشيتك يوم القيامة على الصراط بحق الحسنين و علي و بحرمة الزهراء إلا ما نظرت إلى «بلبل» بعين الشفاعة لطيف ناظمي 1946م مرّ بنا‌ أن أفغانستان كانت إلى ما قبل عهد غير بعيد جزءاً من خراسان الكبرى و فيها اليوم بعض من أقدم المدن و الحضارات التاريخية القديمة. و لا ريب أن أهاليها و خصوصاً شعراءها مارسوا دوراً حاسماً في الحفاظ على اللغة الفارسية و نشرها. و من هؤلاء الشعراء لطيف ناظمي. ولد هذا الشاعر في 11 أيار 1946 م بمدينة هرات القديمة و تخرج من المراحل الإبتدائية حتى الثانوية في مسقط رأسه، و حصل سنة 1970 م على بکالوريوس في الأدب من كلية الآداب بجامعة كابل. بعد ذلك عمل كأستاذ مساعد في جامعة كابل و في سنة 1971 تولى إدارة القسم الأدبي و الفني في الإذاعة الأفغانية. و اختير في عام 1973 باعتباره أستاذاً في كلية التربية و التعليم لعضوية المجلس العلمي في الجامعة و كان لفترة من الزمن أستاذاً للغة الفارسية و آدابها في كلية الآداب. كما درَّس هذا الشاعر ما بين 1982 و 1984 اللغة الفارسية و آدابها في جامعة همبولت الألمانية و كتب رسالته للماجستير باستشارة البروفيسور لورنس. بعد عودته عمل لمدة سنتين أستاذاً في كليات الآداب الفارسية و الصحافة، و مع إصلاح المناخ السياسي و دخول شخصيات غير حزبية في الأعمال الحكومية تمّ تنصيبه رئيساً للجنة الثقافية للحكومة لكنه استقال من منصبه و اختار الغربة نتيجة عدم التفاهم مع المسؤولين في ذلك الحين.. الغربة التي لا تزال تصحبه و تؤنسه أيامه و لياليه منذ ثمانية عشر عاماً. يسكن ناظمي حالياً في ألمانيا و ينظم هناك أشعار غربته و تشرده. يعدّ هذا الشاعر من رواد الشعر الحديث في أفغانستان بجميع الأساليب و القوالب مضافاً إلى ريادته في مجال النقد الأدبي. و قد صدرت له مجاميع نشير من بينها إلى «الظل و المستنقع» و «الريح في السراج» و «النافذة» و «من الحديقة إلى الغزل» و «الولادة الخضراء». و قد اختيرت مجموعته الشعرية «الولادة الخضراء» في عام 1974 كأفضل مجموعة شعرية في السنة من قبل وزارة الثقافة. «نافذة في الشارع» عمل آخر من أعماله كتبه حول عبد الرحمن الجامي. و من بين مجموعة المقالات و النقود الأدبية المطبوعة له نذكر كتب «تاريخ الأدب المعاصر» و «ملك سنائي». و له حالياً ثلاث مجاميع شعرية و مجاميع من البحوث و الدراسات معدّة للطبع، و يعتبر من الشعراء المميزين و الباحثين القلائل في أفغانستان الذين استرعت نقودهم الأدبية الجريئة و التخصصية دوماً اهتمام الأدباء الأفغانيين، هذا مع أنه اختار مؤخراً أسلوباً هادئاً في كتاباته النقدية. نثره المتين و كلامه الرصين جعله من الوجوه البارزة في البحوث الأدبية بين أدباء اللغة الفارسية. فضلاً عن إجادته التامة للشعر و الآداب الفارسية فإنه على إطلاع جيد بالآداب العالمية و نظرياتها. كما أن معرفته باللغات الألمانية و الإنجليزية و العربية أضافت له ميزة مكنته من كثير من الأدوات النقدية و الأدبية. لمعرفته أكثر نقرأ مقطوعتين من شعره: إذا قصدت داري إذا قصدت داري فآتني بالربيع آتني بزهور النارنج من تلك الديار سلالاً سلالاً آتني بألف زقاق مزدحم بعناقيد الشمس بألف حديقة طافحة بظلال الصنّار بأحراش مليئة بأغاريد الكنار الخضراء و بنسائم الأنهار برْكات برْكات آتني بنوافذ مليئة بالأزرق المشبّـك و بنجوم زاهرات لا عدّ لها و لا حصر بهواء‌ طيب نديّ من الوادي الوحشي بصمت حجري برئ هائم في الجبال إذا حطت الشمس على أكتاف هرات آتني منها بغروب لليالي الانتظار اسرق ليلة شميماً من أشجار الکروم آتني بوردة الربيع من أحضان «گُل بهار» آتني بأصداء شكاوي حمائم الله من خلف قبة مولانا علي في [مزار شريف] أبلغ سلامي لأسير وادي «يمكان» و آتني بالعقيق اللمّاع من مدينة الزلازل بأربعة أكواز من خمور «نرون» المرّة آتني بموسمين من رمان قندهار بالعبير و العنبر و العود و الحرمل و المسك و الحرير و ماء الورد و الصندل و الريحان من الجداول الرقراقة مرّ ليلاً بأزقة الحدائق الغناء الزاخرة بالذكريات القديمة الطيبة و آتني بباقة من عطر ثوب الحبيب *** أي هراء هذا الذي نظمتُهُ و ما أغرب توقعاتي آتني بخبر من المدينة الثاكلة آتني من دياري بقبضات من التراب الملطخ بالدماء و بذكريات لفصل اغترابي و وحدتي صلاة الصبح عيناكِ وقتُ الغروب في هرات جدائلك ليالي بغداد و جسمُكِ صباحُ نيسابور *** أسيرُ الليل كله متعباً مسرعاً لكي أقيم صلاة الصبح في نيسابور. شاعر وباحث أفغاني مقيم في إيران* (شيرازيات)

متى تعرف حقيقة البعض ممن تحبهم !؟

ستعرفهم في الشدائِد، وحين ترتكب الأخطاء الصغيرة ستعرفهُم، وحين يبرد الوِداد ستعرفهم، حين تهونُ عليهم محبتك ستُدرك حقيقتهم، وحين تبتعد عنهُم سيزول غشاءٌ هائلٌ عن عينك لتُبصرهم أخيرًا بعينِ الحقيقة، لتعي أنك لم تكن مهما في أعينهم بينما كانوا في عينك كل العالم.

الفقر يولد القهر :

الفقر يولد القهر . ا.دضياء واجد المهندس . ..... ..... ..... ....... يقول الامام علي (عليه السلام): لو كان الفقر رجلا" لقتلته . ويقول كارل ماركس : الفقر لا يصنع الثورة، و إنما وعي الفقير هو الذي يصنع الثورة، الطاغية مهمته أن يجعلك فقيرا ، وشيخ الطاغية مهمته أن يجعل وعيك غائبا . ويقول الفيلسوف الاندلسي ( أبن رشد) : ( إذا رأيت الخطيب يحثُّ الفقراءَ على الزهد دون الحديث عن سارقي قوتهم؛ فاعلم أنّه لصٌ بملابس واعظ ). تذكرت هذه المقولات ، وانا استمع لخطيب يقول : الفقر.. ابتلاء ، والمرض.. ابتلاء ، و المصائب.. ابتلاء ، و سيجزي الله المبتلين بجنان الخلد..و كآن الله خلق عباده ليبتليهم (حاشا لله).. وكنت دائما اقول : الفقر يولد القهر . عندما وقف مواطن عراقي بباب نائب في البرلمان في نيوزيلندا رافعا" لافتة تقول (راتب الضمان الاجتماعي لا يكفينا، وانت مسؤول عنا لتحل مشاكلنا ) .استقبل النائب المواطن إلى داره ،و قام المهاجر العراقي يوضح للنائب بأنه يحول إلى والديه مبلغ من راتبه، لأنهما مريضان بأمراض مزمنة، مما يجعل راتبه غير كاف له ولعائلته .. في غضون أيام ، زارتهم مسؤولة الضمان الاجتماعي لإعادة تخمين احتياجاتهم.. قام خريج عراقي في بغداد بتقديم طلب إلى نائب عراقي يطلب منه أن يعينه بعقد ، لأن وضعه المالي والاجتماعي صعب ، فحتى الشرطة لم تسمح له بغسل زجاج السيارات في إشارات المرور .. تفاجئ الشاب العراقي بأن مدير مكتب النائب قد أعد له كتاب إلى نقطة السيطرة و إلى مديرية شرطة النجدة للسماح للخريج العراقي بغسل زجاج السيارات في إشارات المرور.. يقول مسؤولو التخطيط بأن ثلث الشعب العراقي تحت خط الفقر و أن أكثر من هذه النسبة من العاطلين والمعطلين من العمل ..ما لفت انتباهي ، رجل خمسيني ، يصرح عن أنه (والحمد لله) يعمل ، لكن هناك الألوف من الخريجين والشباب عاطلين عن العمل ، وعندما سأله مقدم البرنامج عن عمله ،اجابه بفخر : أنشل الزوار .. وعندما سأله المقدم : عن سبب قيامه بذلك ، إجابه: لم اجد غيره... . تقول خاچية : في أيام الطائفية الدامية ، انتقلنا إلى حي محايد ، وسكنا بيت هيكل غير مكتمل مؤقتا" حتى نستاجر بيت ..بعد بضعة ليالي ، وأثناء نومي ، أحسست بامي (گواغد) تحاول ايقاظي بهدوء قائلة : ( خاچية ، دخلو علينا حرامية ، وسمعت واحد منهم يقول للآخر ، فتش على الفلوس فقط ، ناخذ فقط الفلوس.. قومي يا خاچية ، انت وزوجك و ابنك نفتش على الفلوس ، عسانا نجدها قبل الحرامية) ....قالت خاچية لامها: (نحن لا نملك فلوس ) ، اجابتها امها : انت ما تعرفين احسن من الحرامية ..الحرامية معلوماتهم دقيقة .. و من الفقر يولد الشعر ، تقول امرأة ريفية أرملة، وام لخمس بنات في كلام لأخيها الذي سرق ورثها من أبيها : *غبرة ،،،و درب عاگول ،،، وليلة شتة وغيم .... اچدامي أتعنت الملگاك ،،، دگها الفگر والضيم ... ها خوي حجيك وين ،، چا وين وعدك ... وهذا الكلام تم تحويله إلى كلام يلائم كلام أهل المدينة وغناه الراحل (رياض احمد) البروفيسور د. ضياء واجد المهندس. مجلس الخبراء العراقي

فطرة النفس البشرية :

فطرة النفس البشرية: بسم الله الرحمن الرحيم : [بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ] (القيامة 14-15). وقال : [ان الله خلق الانسان وجعل له نظام لا يقبل الغلط وهو نظام الفطرة "فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا] (الروم 30) فالله فطر الناس على حب المعرفة وحب الاخلاق والخير ولكن بدون عصمة وهو نظام الوجود]. وينقسم الناس الى قسمين؛ القسم الأول : وهو الذي يعترف بالخطأ وقسم اخر يبرر الخطأ, ومن الامثلة على ذلك قصة آدم مع ابليس فالاثنين حصل لديهم خطأ [وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا](طه 115), فآدم نسي وردّة فعله تختلف عن الشيطان [أ َلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ](الاعراف 22). ولم يقدم آدم تبرير وانما ذهب مباشرة الى الاقرار بالذنب بدون مبررات النسيان او وسوسة الشيطان او الضعف [قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ] (الاعراف 23) وبالمقابل الشيطان اخذ بسرد المبررات "قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ" (ص 76). وهكذا الرسل والانبياء لم يستخدموا اسلوب التبرير مثل يونس [سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ](الانبياء 87). ومن أسباب التبرير اولا الهروب من تحمل المسؤولية كما جاء في مناجاة الامام زين العابدين عليه السلام : (ميالة إلى اللعب واللهو، مملوءة بالغفلة والسهو). وثانياً : التبرير لكي لا يشعر بالنقص في نفسه ولا يحب أحد أن ينتقده. وثالثًاً : الخوف من المجتمع والناس بسبب العقوبة. فطريق الاصلاح لا يحصل بالعقوبة وانما باللين كما حصل لموسى عليه السلام مع فرعون [اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى] (طه 43-44). والله تعالى يبين التعامل بالحسنى [وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا] (البقرة 83). والكلام الحسن هو الافضل في الاصلاح بدل العقوبة [ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ] (فصلت 34) و "قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى" (البقرة 263). والتبرير لا يقلل آلام النفس فالمذنب يبقى في نفسه الألم حتى لو برر الذنب بمعاذير [بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ] (القيامة 14-15) وهذه فطرة الله التي فطر بها الناس. وبالعكس فان الاعتراف بالخطأ يعني الرجوع الى الله تعالى كما قال امير المؤمنين عليه السلام [أصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس] و "[َلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ] (الرعد 28).

المحكمة الأتحادية تُدين نفسها و الطبقة السياسية :ـ

ألمحكمة الأتحادية تُدين نفسها و الطبقة السياسية : اكد رئيس المحكمة الأتحادية العليا القاضي جاسم العميري انّ [العراق بظل النظام البرلماني يسعى لبناء مؤسسات قانونية و ديمقراطية و ترسيخ مبادئ الديمقراطية و العدالة، موضحاً أن الدّيمقراطية في العراق تقوم على اساس ركيزتين أساسيتين : الأولى : تداول(إنتقال) السلطة، الثانية : تداول ( توزيع ) الثـروة، حيث إنّ تداول السلطة دون تداول الثروة نصبح امام ضرر كبير يلحق بالشعب العراقي أولاً و بآلنظام الحاكم برمته ثانياً حيث تخسر ثقة الشعب و هذا ما حصل الآن حيث لم يشارك في الأنتخابات الاخيرة سوى أقل من 10% من مجموع الناخبين، و كذلك اذا تمّ تداول الثروة من دون تداول السلطة ستصبح السلطات الثلاثة امام إستبداد كبير]. و بيّن أن [مرتكزات العملية الديمقراطيّة, هي : التداول السلميّ للسلطة عبر المؤسسات الدّيمقراطية و الدّستورية المنصوص عليها في الدستور، و تداول الثروة بين افراد المجتمع هي الركيزة الاهم في إستتباب الأمن و العدالة]. لافتاً إلى أن [المادة 111 من الدستور نصت على أن النفط والغاز هو ملك لكل الشعب العراقي، ويجب ان تكون الثروة الناتجة عن النفط والغاز او الناتجة عن المصادر الاخرى لكل الشعب العراقي]. وشدّد العميري : [لا يمكن لموظف في الوسط والجنوب يستلم راتبه الشهري في موعده المحدد و يلبي كافة احتياجات عائلته، في وقت يحرم موظف آخر بإقليم كردستان من ذلك]!؟ موضحا أنه [بهذا النهج لن تتحقق المساواة وهذا يؤدي الى خرق الدستور]. ولفت اﻟﻰ أن [العملية السياسية في العراق يجب ان تبنى وفق مبدأ المساواة بحسب المادة 14 من الدستور بغض النظر عن الانحدار القومي والطائفي]. موضحاً أن [من المبادئ الاساسية التي يستند اليها الدستور و تستند عليها العملية الديموقراطية] هي : أولاً : المساواة امام القانون. ثانياً : المساواة في الحقوق والواجبات. .و اكد على [اهمية ان تعمل الحكومة الاتحادية وفق ما جاء في القرار على تنفيذ كافة بنود القرار المذكور، باعتبار ان القرارات الصادرة من المحكمة الاتحادية و بموجب المادة 94 من الدستور والمادة 5 من قانون المحكمة الاتحادية ملزمة لجميع السلطات]. و اوضح أنّ [المحكمة الدستورية أنشئت وفق احكام المادة 92 من الدستور و التي نصت على أن المحكمة الاتحادية هي هيئة قضائية مستقلة مالياً و ادارياً و أنشئت بموجب قانون المحكمة الاتحادية رقم 30 لسنة 2005 المعدل]، لافتاً الى أنّ [الدستور هو الذي انشأ هذه المحكمة و حدّد اختصاصاتها بموجب المادة 93 منه، و بالتالي فإن انشاء المحكمة جاء تطبيقا لنص دستوري وهو الذي يعطي للمحكمة دستوريتها]. و بين العميري أنّ [المادة 119 من الدستور أعطت الحقّ لكل محافظة أو اكثر لتكوين اقليم بناء على طلب بالاستفتاء يقدم بطريقين : الاول: تقديم طلب من ثلث الاعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات يرومون تكوين اقليم . الثانية: تقديم طلب عُشر الناخبين من كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم]. وأضاف: [... و بهذا فإن تكوين الاقاليم حق دستوري لكل محافظة سواء كانت تلك المحافظة تابعة للاقليم أو خارج الاقليم ، باعتبار أن النظام الاتحادي في جمهورية العراق يتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات اللا مركزية وادارة محلية ]. مبينا أنه [بموجب المادة 117 من الدستور أقر دستور العراق عند نفاذه اقليم كردستان وسلطاته القائمة اقليما اتحاديا]. وتابع، أنه [بموجب المادة 121 منح الدستور لسلطات الاقليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقا لاحكام الدستور باستثناء ما ورد من استثناءات حصرية للسلطات الاتحادية، وبالتالي فإن دستور جمهورية العراق اعطى الحق لكل محافظة واكثر لتكوين الاقليم وفقا لما ورد في البند أولا و ثانيا من المادة 121 من الدستور]. و أشار الى أن [الدستور ايضا أقر لاقليم كردستان بأنه اقليما اتحاديا وبكافة سلطاته القائمة، مع الاشارة الى ان اقليم كردستان له الحق في تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم وليس تعديل القانون في حال وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية]. وأكد أن [الغرض ممّا جاء في الدستور, هو : أولا : لبناء نظام ديمقراطي يقوم على اساس مبدأ السيادة للقانون, و إن الشعب هو مصدر السلطات يمارسها بالاقتراع السري المباشر . ثانياً : ألغرض من الدستور هو تحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة . ثالثاُ : الغرض من آلدستور هو الحفاظ على الحقوق والحريات العامة لجميع ابناء الشعب العراقي بما يؤمن تحقيق المساواة و تكافؤ الفرص و التوزيع العادل لثروة البلد، اي تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية في توزيع ثروة البلد]. و أضاف بالقول : [بالتالي اذا لم تكن موجودة هذه المبادئ فسوف نكون امام خرق للدستور، لأن الاساس الذي تم بموجبه تشريع الدستور هو تحقيق المصلحة العليا للشعب والوطن، وهذه المصلحة تكمن في بناء نظام ديمقراطي على اسس صحيحة والسيادة تكون فيه للشعب، والشعب يعتبر هو مصدر السلطات عن طريق اجراء انتخابات حرة ونزيهة تضمن مشاركة الجميع، وتضمن تمتع جميع العراقيين رجالا ونساء بجميع الحقوق المدنية والسياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح]. و بيّن أنّ “غياب العدالة الاجتماعيّة وغياب التوزيع العادل للثروة وغياب مبدأ تكافؤ الفرص يعد كل ذلك ؛ خرقاً كبيرا للدستور و هدماً للعملية السياسية، كون ذلك لا ينسجم مع الاسس الصحيحة لبناء نظام ديمقراطي عادل يقوم على اساس مشاركة الجميع في ادارة شؤون البلد] . إن تلك التصريحات حقيقة هامة للغاية و يجب تطبيقها , و إن المحكمة العليا الأتحادية هي المسؤولة الأولى عن تطبيق القوانين, و يجب التمهيد لتطبيق ذلك, حيث سيكون سببا أساسياً في إستتبات الأمن و الهدوء و العدالة في البلاد, و عدم تطبيق ذلك و غض النظر عنه و كما حصل خلال العقدين الماضين يعدّ خرقاً للدستور من قبل المحكمة الاتحادية أولاً و من قبل السـلطة التنفيذية ثانياً , ومن قبل البرلمان ثالثاً . يعني الجميع مسؤولون عن الفساد الذي حصل لعدم تطبيق القانون إضافة إلى نظام التحاصص المقيت الذي تتشبث بها الأطار التنسيقي لإستمرار الفساد, و كذلك عدم محاسبة العتاوي الكبار الذين يسرقون سرّاً و علناً. هذا و قد سبق أن كتبنا تفاصيل حول ذلك و بشكل مُكرّر منذ عقدين حتى سرقة القرن و ما بعده و للآن, و كذلك بشأن فقدان العدالة و تعميق الفوارق الطبقية و الحقوقية المقيتة, لكن الطبقة السياسية الفاسدة بقوة مليشياتها هي السبب في عدم تطبيق ذلك لان ذلك بضررها قبل أي جهة أخرى في الدولة العراقية .. لهذا يجب محاكمة الطبقة السياسية قبل حتى إجراء هذا القانون, الذين أدان المحكمة الأتحادية نفسها مع الطبقة السياسية الفاسدة التي هدرت أموال العراق و الفقراء منهم بشكل خاص و التي بلغت أكثر من ترليوني دولار أمريكي على مدى أكثر من عقدين. بل و نتج ذلك الظلم بروز ألمحن و الطبقية بأسوء صورة في المجتمع مع مؤشرات على تصميم اكثرية الشعب من طردهم و عدم إنتخابهم و هكذا فعل, و كذلك نتيجة ذلك الظلم والحيف الذي وقع على الشعب خرج الناس بمظاهرات عارمة أسقطت شرعية النظام, لكن الصلافة و عدم الحياء بآلنسبة للطبقة السياسية هي التي جعلتهم يصرون على الكذب و البقاء وعدم فسح المجال أمام التيار الأكبر الذي فاز عليهم و الذي رغم هذا هي التي بادرت بترك الساحة السياسة و إعطاء الفرصة الكافية للأطار ليرى الناس ماذا يعمل .. و قد عملوا كل ما هو حرام و فاسد ويفيد الطبقة السياسية بآلدرجة الأولى, هذا و نتمنى من الشعب و قادته المتقاعدون وعي هذا الأمر الهام و المصيري, و إتخاذ الموقف اللازم قباله, و ما ضاع حقّ وراءه مطالب .. هذا و إن المحكمة الأتحادية و رئيسها العميري لم تقل كل الحقيقة, و هي إلقاء العلة و اللوم و سبب الفساد و هدر المال العام على الطبقة السياسية التي تحاصصت مع ساسة الأقليم و المكون السُّنيّ تلك الحقوق المهدورة من قوت الفقراء على مدى أكثر من عقدين و هي معهم تسرق حصتها عبر الرواتب و المخصصات, و لم تُدين و لم تتطرق لهذه المسألة المصيرية الأساسية التي تعتبر بيت القصيد في حل معظم قضايا العراق الراهنة المستعصية على كل صعيد .. والتي بحلّها ستذيب جميع التراكمات و الصقيع بين الشعب العراقي المظلوم الذي يعيش في كفة و بين أحزاب الحكومة و مكوناتها و مؤسساتها في الكفة الأخرى. هذا إضافة إلى أنني شخصياً كتبت و بحثت هذه الأمور و المفارقات بدقة و تفصيل من خلال عشرات المقالات و بيّنت بآلأسماء و العناوين و الأرقام مساوئ النظام العراقيّ و نهايته الحتميّة بسبب الطبقية التي تزداد إتّساعاً يوماً بعد آخر و التي كانت قائمة و لا تزال حسب قوانين الأستكبار المبنية على التحاصص و المعايير المذهبية و الطائفية و القومية و الحزبية الضيقة التي تسببت في خراب و تفكك البلد و ذهاب كرامة الناس و مسخ الأخلاق و فقدان القيم نتيجة التخبط الأداري و إنتشار الفوارق و الفقر و الظلم و العشائرية بين الناس بسببهم, و بإعتراف رئيس المحكمة الأتحادية العليا التي أدانت نفسها و الطبقة السياسية .. و نحن قد أدنّاهم سابقاً و ندينهم الآن أيضاً و نلزمهم بما ألزموا به أنفسهم و بما حكموا على واقعهم الفاسد. و كما يقول المثل العراقي : [من فمك أدينك], يعني القضاء ثم الحكومة ثم البرلمان هم أول المسؤوليين و المدانيين لعدم تطبيق تلك التوصيات و القوانين التي بتطبيقها يستقر العراق و يعم الرخاء و الأمن و العدالة في كل أرجائه و أقاليمه و إلا فأن الأدانة بحقهم ستزداد و تكبر كلما إمتد الزمن. العارف الحكيم : عزيز حميد مجيد