Saturday, January 12, 2019

هل تعود ألدّعوة بعد تفسّخها؟ ألحلقةُ ألثّانيّة
قال الله تعالى:[الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ] سورة الرّعد/29.
بعد خسارة حزب الدّعوة للسّاحة العراقيّة و إعلان إفلاسها أو بتعبير أدقّ(موتها) و تفسخها وهو أسوء من الأفلاس بكل معانيه؛ لم يبق في جعبة دعاة اليوم شيئاً يُقدّموه سوى العمالة والتجسس كنتيجة للأفلاس الفكريّ و الثقافيّ و العقائديّ حيث لم يبقى لهم سوى بعض المال و الرّواتب الحرام, التي وحدها قد تنقذهم بشرط تقديمها للفقراء, و لن أتطرق لغير الأسلاميين فتأريخهم وسباقهم المحموم على السلطة لتكرار النهب معروف حيث وصلوا لدرجة بدؤوا معها يتوسلون لقبولهم عملاء رخيصين, و المشكلة أن ذلك المال الحرام "العزيز" لم يُحصل إلّا مُقابل التضحيّة بآلآخرة, فكيف يتحقّق الشرط المطلوب الذي عرضناه؟
من هنا بات الأمل أضعف من الضعيف بل من المستحيل .. لمعرفتي بتلك الشخصيات التي كانت تستجدي كلّ عمرها!
يُضاف لهذا الحال؛ أنّ (دُعاة اليوم) لم يقرؤا نهج البلاغة ولا تفسير القرآن بدقة ليطلعوا على ما قاله سيد العدالة ألكونيّة:

[بؤسى لمن خصمهُ عند الله الفقراء والمساكين والسائلون والمدفوعون والغارمون وابن السبيل ومن استهان بالامانه ورتع في الخيانه ولم ينزه نفسه ودينه عنها فقد أحلّ بنفسه الذل والخزي في الدُّنيا وهو في الآخرة أذلّ واخزى وانّ اعظم الخيانة خيانة الأمّه وافضع الغش غشّ الأئمه], هذا بجانب جهله بموقف الصدر الأول حين رفض الصك المفتوح من  الطاغية مقابل الثراء والمال و السلطة على حساب دينه!

هكذا وبعد ما إنتهي وجود حزب الدّعوة عمليّاًّ على يد الدّعاة ألمُزيّفين ألّذين نجحوا في ملأ جيوبهم بإتباع قوانين الشيطان و بمشاريع وهميّة وبالرّواتب المليونيّة من أموال الفقراء وخراب العراق وتدمير أخلاق وفكر الشعب الذي كان بآلاساس هشاً؛ إنبرى بعض المُفلسين فكريّاً وسياسيّاً وإجتماعيّاً بآلدّعوة لعقد مؤتمر عامّ كمحاولة لترميم ذلك الجّسد المُتفسخ عبر قيادة جديدة لأستلام الحكم مُجدّداَ!
ولا ندري مَنْ وأين كانت هذه القيادة الجديدة ألتي كانت تتبع  القديمة؟ وكيف؟ ومن أين والجّماهير أقسمت برفض كل من يحمل ذلك العنوان الذي بات يبعث على الأشمئزار بعد تجربة يندى لها جبين الشهداء والحقّ؟

وإذا كانت تلك القيادة "المغيّبة" هي الأصل و آلحقّ؛ فلماذا تنكرّتم لفضلهم وتقدّمتم عليهم و لم تعيروا لهم أهمية أثناء وجودكم في الحكم و قدرتكم على دعمهم و إيكال المسؤوليات لهم بل قفلتم عقولكم حتى عن سماع كلمة الحقّ وآلأنذار منهم والآن بعد ما خسرتم كلّ شيئ تريدون الأتيان بهم؛ إن كان لهم وجود حقيقيّ على أرض الواقع!؟

ثمّ ما آلهدف من إستلام الحُكم من جديد ودُعاة اليوم و مَن إئتلف معهم ليس فقط يجهلون (فلسفة الحكم في الأسلام) ولا حتى في غير الأسلام ولا حتى أقلّ من ذلك؛ بل لا يُريدون تطبيقها لجهلهم بفلسفة العدالة العلوية لأنها تضرّهم وكما أثبت الواقع لبعدهم .. أو بآلأحرى لعدائهم للفكر وأهل الفكر وفلسفة الوجود بغياب الولاية في مسعاهم, وبآلتالي إصابتهم بالأميّة الفكريّة والعقائديّة والتّفسخ الأخلاقيّ لدرجة النفاق بأبشع صورة؟

وفي الحقيقة إن هؤلاء لم يكونوا أساساً دعاةً حقيقيين ولا حتى مثقفين على الأقل لكوني الشاهد الوحيد الذي بقي بعد شهادة الأعمدة المائة لحزب الدعوة نهاية السبعينات, و إنّما شرذمة هربوا من الموت المحتم للنجاة بجلودهم من تنظيمات الجيش الشعبي والعسكري, ثمّ آلتّخفي خلف لافتة  الدّعوة الحمراء خارج العراق لِما لها من تأريخ أبيض قبل تسويده ليظلّ نوايا أكثرهم خفيّة للثراء كنتيجة للظلم و الجّهل و آلأنا الذي سيطر عليهم و على الشعب, ليتمّ لهم تحقيق أهدافهم الشخصيّة الماليّة مقابل قتل ومحو نهج وفكر الصّدر الأوّل المظلوم عملياً بعد 2003م سبقتها مُقدّمات أقلّها(التعرب بعد الهجرة) و هي من الكبائر, لكن أعظم الكبائر التي فعلها دُعاة اليوم بجانب ذلك وبسبب الأميّة الفكريّة و العقائديّة, هو قتلهم لفكر ونهج الصّدر والشهداء الذين وحدهم بيّضوا وجه الأسلام؛ بينما صدّام وأسياده على أجرامهم وساديّتهم لم يستطعوا سوى قتل أجسادهم؟

لقد أشرنا في نهاية (الحلقة الأولى) للحلّ الوحيد ألمُمكن بعد خراب البلاد والعباد(1), لكن ذلك الحلّ يبدو مستعصياً و لا يتحققّ مُطلقاً لأن دُعاة السّلطة وآلمال حين خنقوا الدّعوة بقتلهم لفكر الشهداء تحت سقيفة حديدية؛ هو أمرٌ خطيرٌ للغاية وستُكلّفهم دنياهم و آخرتهم و الله أعلم .. وإنّهم إنّما فعلوا ذلك لكسب مال ومتاع الدّنيا على حساب الحقّ و دماء الشهداء, و يحتاج العكس كي يعيدوا ماء وجه الشهداء و تأريخهم بإعادة كلّ ما سرقوه كمشاريع وهمية و رواتب مليونية للرجوع إلى أصلهم والعيش مجدّداً مع الفقراء ليثق بهم الناس وكما كانوا قبل 2003م حيث كان يتمنى العراقيّ و حتى المسلم الأنضمام لصفوف الدّعوة نتيجة تلك الصّورة الجّميلة الزاهية المنقوشة بدماء الشهداء ومواقفهم التي ستعلق كلوحات على أبواب الجنة وهذه العملية – إعادة البناء - تحتاج لنصف قرن على الأقل مع الشرط الأصعب الذي عرضناه أعلاه, أيّ لأكثر من جيلين, لكن كيف يتحقق ذلك بعد شراء القصور وذوبان الرواتب في خلايا أبدانهم و أبدان عوائلهم الممسوخة؟
وألأمر لا يتوقف عند هذا الحد الذي يصل درجة الأيثار؛ بل يضاف له وبعد تحقيق الأمر الأوّل؛ الحاجة الى دراسة سيرة الرّسول وخلفائه و تثقيف (الدّعاة) بشكلٍ صحيح لا كآلسابق لمعرفة فلسفة الوجود و الهدف من السيرة بكونها لم تكن لذات الأحاديث أو الأحداث, وإنّما لنتعلم من الرّسول و من سبقه من الأنبياء أو من جاء بعدهم من الخلفاء؛  كيفية وأصول فلسفة (العدالة) لحفظ الكرامة.
هذا بجانب تعليمهم كيف بنى النّبي(ص) أمّةً إستطاعتْ ألتّحول في فترة قياسيّة من مجتمع جاهل إلى ذروة التقدم والقوة والعلم! و السؤآل الكبير هنا أيضاً, هو: [من في العراق يستطيع أن يعلهم ذلك و الجهل قد ضرب بأطنابه في أعماق العقول؟

و تخلّفنا وفسادنا في العراق إنّما أثبت بما لا يدع الشك أو التردد؛ بأنّ (دعاة اليوم) لم يكونوا قد فهموا حتى أبجديات الرسالة الأسلامية(2) ناهيك عن تفاصيلها و خفايا تجارب الرسول و الخلفاء من بعده, و السبب كما أشرنا هو عداء الدّعاة للفكر و العقيدة الصّحيحة نتيجة إختلاط عقولهم بأفكار الملحدين و البعثيين و الأشتراكيين و الشيوعيين و شيئ من الأسلام كخليط غير متجانس لذلك تشابكت عليهم الأمور ليستأسد النفس لوحده كقائد لمسيرتهم بدل الحقّ.

والأهم من كل ماذكرنا كقضية (الأيثار) أو أعادة حقوق الأمة, الأهم منها هي معرفة أنه إذا لم تتحقق (الرّحمة) و (التواضع) و (الأدب) في قلب (الدّعاة) بعد أداء التقليد و تطبيق المسائل و العبادات الشخصيّة؛ فأنّ (الدّاعية) لم يُؤديّ حتى و إن كان عمراً سوى حركات و طقوس محدودة بنفسه ولا علاقة له بآلأسلام الحقيقيّ, و هذا ما حدث للأسف وكما أثبت الواقع ذلك, حيث كانوا يحاولون الكذب على أنفسهم قبل ما يستطيعوا تغرير الله تعالى!

و على (الدّعاة) أنْ يتيقّنوا: بأنّ ما تعلّموهُ للآن حتى عن الأسلام من هنا و هناك ناهيك عن جهلهم المطلق بآلفلسفة الكونيّة لم يكن إسلاماً و لا فكراً عقائدياً و إنما مجموعة كتابات و عناوين و نشرات تافهة لم يعرف حتى ناقلها معناها, و عليهم أن يُدركوا بأنّ ألأسلام العلويّ – المحمديّ – الكونيّ؛ يرتكز على خمس قواعد؛
[ألصّلاة و الصّوم و الحجّ و الزّكاة و الولاية و ما نودي بشيئ مثلما الولاية]!
ب
بيان أفصح: بُني الأسلام على العبادات كوسائل إنْ  لمْ تُحقّق غايتها وأهدافها في النفس و السلوك بظلّ الولاية, فإنّ فلسفة (الرّحمة و التواضع و الأدب) التي تُمهّد لتطبيق العدالة لحفظ الكرامة؛ سوف لن تتحقّق في وجودهم أو وجود أيّة جماعة أو حزب أو أمّة بأكملها, و ستتكرر المآسي و تمتد و كما كان لحد هذه اللحظة, و سنلتقيكم في حلقة قادمة بإذن  الله.
A cosmic philosopherألفيلسوف ألكونيّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
https://plus.google.com/collection/YzxJXE
(2) المحنة و المأساة الأكبر بعد كل آلمصائب التي قدّمناها أمامكم أعلاه, نرى أن بعض هؤلاء المُتخلّفين فكرياًّ و فلسفياًّ و إنسانيّاً و حتى حيوانيّاً لعدم قدرتهم على الأرتقاء لمستوى وفاء و طيبة الحيوان : قد ألّفوا عشرت بل مئات الكُتب ليضاف على التراكم التأريخي الذي ليس فقط لا يقدم شيئا بل سبب تأخرنا ثمّ طبعوا بعضها بأموال الفقراء بلا حياء ووجدان و بعضهم أعلن بأنه يحتاج للمال لطبع المئات من تلك المؤلفات رغم أنه وزير ومعاون وسفير سرق الكثير الكثير .. محاولا إبراز الفقر امام الناس؛ هؤلاء الممسوخين إنسانيّاً و فكرياً الذين يعبدون أنفسهم من دون الله لا يضحكون إلاّ على انفسهم لكنهم جهلاء و مغروريين, و سنرى يوم القيامة بإذن الله ؛ كيف أنهم نادمين ناكسي الرؤوس على كل كلمة و عنوان كتبوه بلا فائدة أو نفع أرادوا به إبراز ذواتهم المريضة و تحمير الأمة و إنتكاستها لسرقتها و تعميق الجّهل في أوساطها و كما فعلوا بعد سقوط صنم الجاهلية العربية عملياً بسلوكهم وسرقتهم للرواتب والمخصصات طبقا لقوانين الشيطان والمشتكى لله.