Monday, October 19, 2020

حذاراً أيها الكوني

 

حذاراً أيّها آلكونيّ!
علّمتُ نفسي أنْ أقرأ بقلبي .. لا بعقليّ الظاهر فقط, كي أصل سرِّ آلوجود, و ليس كما يقرأ النّاس بطرف عيونهم – هذا إنْ قرؤوا أو نظروا – لأن القراءة لا تنحصر في الكتب و صفحات الكومبيوتر بل كل صورة في الطبيعة تحوي كتباً و مقالات تحتاج ربما لكل العمر كي تفهم واحدة منها, ولكي تقرأ بقلبك تحتاج كشف العلاقة بينهما؛ بين( القلب و العقل) أو (العقل الظاهر و آلعقل الباطن) أو(ألحواس و الضمير) و لهذا رأيتُ ما رأيت من الأسرار و المعارف حين تعلّمت لغة و قوانين القلب و الوجدان .. حتى صرّحتُ بها من خلال (فلسفتي الكونيّة ألعزيزيّة), و قلت:
 
[ألعقل الظاهر لا يصل أبداً لوحده إلى سرّ الوجود], و لا بُدّ من عقل كليّ يرتبط بآلقلب الذي يمثل بصيرة الأنسان.

و لمعنى آلصبر و الأستقامة و التحمل لأجل المحبة لحفظ كرامة الأنسان التي تحفظ بحفظها حرمة عرش الرّحمن؟

و بآلتأكيد تدركون ما معنى أنْ يهز عملٌ ذلك العرش العظيم, و ربما يعده أكثر الناس صغيراً حين يتسبب عمل معين بهزّ عرش الرحمن كآلطلاق و الخيانة بحقّ المحسن و آلكبائر من الإثم .. و تعرفون ما هو (عرش الرحمن) الذي لا يهزه كل جيوش و ملوك و رؤوساء العالم وقنابلهم ألذرية و النيتروجينية و لا حتى كل عقول و نوابغ آلخلق و الوجود و فنونهم لو إجتمعت و صارت بعضها لبعض ظهيراً؛ لا يمكن أن تؤثّر في ذلك, سوى (الطلاق) حتى قتل النفس لا يكون جرمهُ بمصاف ذلك!؟

إنّه –  الطلاق - تلك آلمسألة ألمؤلمة للغاية بآلنسبة لله و أثرها يمتد عبر آلآفاق و الوجود في معادلة مُعقّدة, تمتد جذورها من حريم الحرية أو (الأختيار) ألأنساني الذي وهبهُ صاحب العرش العظيم و ليس من حقّك أيها الأنسان ألمتأدّب بأخلاق الله ولا من حقيّ ولا حتى من حقّ أكبر رئيس و ملك و حتى الله تعالى نفسه الذي أهداه لخلقه أن يتلاعب أو يؤثر أو يحجّمها, لأنها الحرية و (الأختيار) الذي يميّز و يُلّون حياة المخلوق .. كل مخلوق خصوصاً الأنسان لأن (الأختيار) هو المعنى الآخر للكرامة (و كرّمنا بني آدم ...) و لو فُقِد لأنتهي الوجود الحقيقي للأنسان و ليس من حقّ أحد مهما مَلَكَ من أساليب القوة و التسلط و العنجهية أن يتحكّم بها أو يحاول تحجيما أو محوها, لأنها حقّ وجودي .. طبيعي أكرم الله به عباده و ميّزهم عن كل المخلوقات الأخرى.

و لو ترى و تتأمل و تقرأ بعمق القرآن الكريم و حتى تواريخ الأنبياء و الأئمة : فأنك لا تشهد حالة طلاق واحدة على أيديهم رغم إن بعض نساء الأنبياء كانت تأتي بآلكبائر كإمرأة لوط و زوجة الأمام الحسن(ع), و غيرهم كثير وتحملوا العناء و صبروا بل و إستشهدوا و لم يهزّوا عرش آلرّحمن, فحذاراً من ذلك .. و حرّي بكلّ مُؤمن الحفاظ على تلك الأمانة الكبرى التي ترتبط بعزّ و كرامة الله تعالى مباشرة.

قد يصعب على الكثيرين في العراق و العالم درك هذه النقطة ألجوهريّة و التي منها ينطلق آلمآسي في حال حصرها و تحطيمها أو العكس ينطلق آلخير و كل السعادة منها في حال إطلاقها و الحفاظ عليها .. لذلك فإنها حقاً تحتاج لوعيّ كونيّ و عمق و دراسات و عبادات و رياضات و أسفار عظيمة كونية لا أرضية للوصول لأسرارها التي معـها تُحلّ كل ألغاز الوجود أمام طالبيها!
و الفلسفة الكونية العزيزية هي آلضامنة لإرشادكم للوصول إلى مدينة العشق التي تتكامل فيها كرامة الأنسان.

محبتي لكم أيّها آلأعزاء ألكُرماء.
ألعارف الحكيم عزيز الخزرجي.

 

نداء لكل المظلومين في العالم

 

أعزائي ألعراقيين:
أعزائي الفيلييين :

أخواني في الأنسانية :

لا تظلموا أنفسكم  و أهليكم:

أخوتي و أبنائي في بدرة و واسط و كل العراق و العالم:

إنّ كلّ منكم بلا شكّ له عمل و إختصاص و شغل يؤديه يومياً لإدامة الحياة لهدف مُعيّن يُفترض أن يكون كبيراً و سامياً.. لا صغيراً و محدوداً بآلبطن فقط وكما هو حال الناس حيث ينتهي بآلتوالد و التكاثر و كفى كباقي مخلوقات الله .. بلا إستثناء حتى الميكروبات التي تتوالد و تتكاثر!

و إعلموا بأنّ العمر يسرى و هو أغلى هدية من الله مع العقل و أثمن شيئ؛ لذا حاول أن تُسجّل خلاله مواقف نافعة خالدة تبقى من بعدك أثراً و نوراً لإضاءة الطريق أمام أبنائك و أحفادك و الناس الذين سيأتون و يطّلعون عليها و يفتخرون بها و يرسلون الرحمة لك بسبب ما تركت من قيم كونية و مآثر خالدة و مواقف طيبة تجاوزت النفس و العشيرة و القومية و المناطقية ..
يقول الحديث الشريف: [يموت إبن آدم و ينقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية؛ أو علم يُنتفع به؛ أو ولد ٌ صالح يدعو له].

أنتم يا ناس .. خصوصاً ألفيلييون الفقراء, و كل المظلومين في العالم؛

أعزاء الله .. لأنكم مظلومون و أكثر من أيّ شعب آخر لأنّ يداكم لم تتلطخ بدم أو مال أو حقّ أحد و لم تخونوا أحداً بل العكس .. حملتم أمانات الناس على ظهوركم بأمانة و إخلاص و تفان و هذا وحده يكفيكم فخراً و عنواناً لأن تكونوا سادة العراق .. و عليكم معرفة قدركم لأنكم أثبتم بأنكم عنوان الخير و الأمانة و الاخلاص في العالم من دون جميع الملل و الشرائح الأخرى التي سخرت الوطن و الدّين و المبادئ لاجل المال و المنصب .. فلا تختموا حياتكم بحياة عادية كباقي المخلوقات .. لأنكم أمل العراق و العالم بعد أن ثبت فساد الجميع و خيانتهم حتى أؤلئك الذين كانوا يدعون الأيمان و الدّعوة و الوطنية و القومية و الجهاد  وو ومدّعيات كلها كانت و بانت باطلة و خادعة و كاذبة بعد أن سرقوا ترليونات من حقوق الفقراء و تركوا العراق اليوم مديناً بمئات المليارات من الدولارات ..

ختاماً : إقرؤوا و تذكروا هذه الحكاية الكونيّة:
جلس رجل ﻋﻠﻰ شاطئ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻟﻴﻼً قبل ﺍﻟﻔﺠﺮ ..
ﻓﻮﺟﺪ كيساً مملوء ﺑﺎﻟﺤﺠﺎﺭة ..
ﻓﻤﺪّ ﻳﺪﻩُ ﻭأﺧﺬ ﺣﺠراً ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻭ أﻟﻘﺎه ﻓﻰ اﻟيم

فأعجبه ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭﻩ ﻭ ﻫﻰ ﺗﻘﺬﻑ ﻓﻰ وسط اليم
ﻓﻌﺎﺩ ﺍﻟﻜَﺮّة ﻣﺮة أﺧﺮﻯ
وظلّ يقذف الحجارة ﻓﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ..

ﻷﻥّ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭﻩ ﻋﻨﺪﻣﺎ تسقط ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ
ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟرّجل
ﻭ ﻛﺎن ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻗﺪ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻭ ﺑﺪأ ﻳﺘﻀﺢ حقيقة ما فى ﺍﻟﻜﻴﺲ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﺠﻮﺍﺭه ..
بعد أن لم يبقى ﻓﻰ ﺍﻟﻜﻴﺲ إﻻّ ﺣﺠرا ﻭﺍﺣﺪا ..
ﻭ أﺷﺮﻗﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ بنور ربها ..

وﻨﻈﺮ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩ إﻟﻰ ﻫﺬا ﺍﻟﺤﺠر ..
ﻓﻮﺟﺪه "ﺟﻮﻫﺮة" !!
ﻭ ﺍﻛﺘﺸﻒ أن ﻛﻞ ﻣﺎ أﻟﻘﺎﻩ فى البحر ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﺎﻧﺖ "ﺟﻮﺍﻫﺮ" ﻭﻟﻴست ﺣﺠﺎﺭﻩ ..!
ﻭﻇﻞ الرَّجل ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻨﺒﺮة ﻧﺪﻡ شديدة :
ﻳﺎﻟﻐﺒﺎﺋﻰ .. ﻛﻨﺖ أﻗﺬﻑ ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ ﻋﻠﻰ
أﻧﻬﺎ ﺣﺠﺎﺭة ﻷﺳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺼﻮﺗﻬﺎ ﻓﻘﻂ !
ﻭ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ أﻋﻠﻢ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻣﺎ فرطت فيها هكذا!
للأسف الشديد :

- كلنا هذا الرّجل بدرجات متفاوتة :
- ( كيس ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ) ﻫﻮ العمر الذي نلقي به ساعة بعد ساعة دون فائده ..
-- (ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﺎﺀ ) هو متاع الدنيا الزائل و شهواتها ..
-- ( ظلام الليل ) هو الغفلة التى نعيشها ..
-- (ظهور الفجر ) هو ظهور الحقيقة ..
و ذلك عند الموت حيث لا رجعة ..
من الآﻥ ﻛﻦ ﻳقظاً أيها الإنسان ..
و لا تضيع أوقاتك وجواهرك بلا فائدة عظمى .. فتندم حيث لا ينفع الندم ...
إستعدّوا لسفركم ، و حصّلو زادكم بآلحلال قبل حلول أجلكم .. خصوصاً السياسيّون ألذين قرؤوا الحياة و فهموها بآلخطأ ..
أسعد الله أوقاتكم أحبتي بكلّ خير و أملي بكم كبير أن تُغيّروا نمط حياتكم الحالية خصوصا و إن داء كرونا قد أقعدكم عن أداء الكثير من الأعمال حتى العادية, لتكونوا بعدها قادرين أكفاء لتبليغ رسالة الأسلام المُغيبة بسبب أعمال النفاق والدجل و التزوير على نهج الشهداء الذي لم يبق منه ذكراً بسببهم!

حكمة كونيّة:
[ألمرأة سيدة الحياة الأولى لأنّ عطائها أضعاف ما يعمله الرّجل الذي و للأسف الشديد يُفكر بأنه (العقل الكلّ) و المرأة مجرّد خادمة لا تفقه و يجب أن تتبعه, و بهذا التفكير ألسّقيم دمرّ المسلمون سعادتهم و باقي شعوب العالم ].
ألعارف الحكيم عزيز الخزرجي

ألصّورة أدناه تمثل حقيقة واقع المرأة التي عليها تربية الأطفال و إدارة شؤون البيت و الطبخ و التنظيف وإدارة شؤون المنزل و كذلك العمل خارج البيت أحياناً, و هذا يدين بكلّ المقايس الذين يدّعون الفهم و العقل الكلي بأفضليتهم على المرأة, و يجب على كل رجل يتصف بصفات (الرّجولة) لا (الذكورة) أن يُقبّل يديها كل صباح و مساء بخضوع و تواضع و إحترام ليبارك الله لكم في كل شيئ.

حكمة كونية عن آلتكبر و التواضع

 

حكمة كونيّة:

إذا كان محمد (ص) الذي خُلقَ الوجود لأجلهِ بذاكَ آلتّواضع و الرّأفة و الرّحمة؛ فما بال هذا البشر ألظالم يتحايل ويتذلل للمال و الظهور حتى بإسم الله (1)؟

ألعارف ألحكيم عزيز الخزرجي

حكمة كونية عن عشق الجمال:

 

حكمة كونيّة:

تعجبت كيف رجع الرّسول(ص) تاركاً حبيبه بعد المعراج وقد رآى مُنوّر ألنّور؟

لو كنتُ أنا ما فارقتُ ذلك آلجّمال أبدأً لفقدان العشق للمدى بسبب الفنـاء؟

ألعارف الحكيم عزيز الخزرجي
 ـــــــــــــــــــ
ملاحظة: هذه الحِكم الكونيّة تحتاج لكتب كي تُفسّر لدرك أبعادها و الأسرار المكنونة فيها, لكن العمر قصير و الوقت يضايقني و الصحة تؤذيني و لست على ما يرام مع ما أشهده من مظالم و فوارق طبقية بين الناس؛ لذلك أقتصر على ذكرها بإقتضاب مع توضيحات بسيطة في الهوامش, لدرك ظاهرها على الأقل من قبل الأساتذة و المختصين و العلماء (فما لا يدرك كله لا يترك جلّه), علماً أنني أجمع كلّ فترة مجموعات منها كباقة ورد معطرة و أقدمها ككتاب .. حيث صُدر منها لحد الآن ثلاثة أجزاء تحتاج لثلاثين مجلداً على الأقل لتفسيرها.

إصمدوا .. لقد إنتصرتم

 


إصمدوا .. لقد إنتصرتم

محاولات مستميتة تبدو أنّها الأخيرة يحاول من خلالها المستكبرون  فرض انفسهم و اخلاقياتهم الواطئة التوسعيّة الإذلاليّة على المنطقة و “اغتصاب” شعوبها، إنهم يصرخون يائسين من تحويل الفشل الى "استغناء" بعد ما ثبت عجزهم عن فرض خططهم لإستعمارنا في السر و العلن!

لقد رقصوا وغنوا وعزفوا على كل و تر تافه و مؤتمر فاشل ليجعلوا مِن قتلهم للشعوب نصراً و فخراً, و نفخوا بكلّ قربة فارغة ليجعلوا منها كسباً مهما، و من كل مستعدٍّ و مستعدِّة للدّعارة؛ (ملكة جمال) مُتّفقٌ عليها مسبقاً و"ضحايا" يقومون بمسرحيات مكرّرة.

اليوم نشروا خبر تقديم جائزة عالمية للتافه (مثال الآلوسي) بأنّهُ (سياسيّ و وزير عراقي بارز) كبقية المتحاصصين ألمتخاذلين الفاسدين لمحاولة الإيحاء بنجاح الإختراق الصهيوني للعراق بوجود المناضل مسعود البارزاني الذي قدّم لهم كل شيئ مقابل كردستان مستقل عن ألعراق يقودها  عائلتهّ!

و بعد أن قام الإستكبار بفضح كلّ ذيولهم كطريقة للضغط والإيحاء بالنجاح و أحرجوهم اكثر و اكثر وعاملوهم كممسحات فضلات؛ شعروا بأنها غير كافية, فقدّموا قائمة كاذبة بإسماء شخصيّات عراقيّة مُدّعيين إنّهم زاروا إسرائيل!

و الجّميل أنّ تلك الشخصيات لم تكتفي فقط بإنكار الخبر، بل أوضحت موقفها الذي يُدين بشدّة ألكيان الغاصب و كل تطبيع معه!

و ما زال المُطبعين عاراً يتجنّبهم الناس كالمصابين بالجرب!

لكن السؤآل الكبير الذي ما زال فاعلاً في عقليّ الظاهر , هو:

هل بعد إنتصار المقاوميين؛ يُمكن إقامة حكومة عادلة في العراق و في أوساط باقي الشعوب و الناس و على رأسهم ألنخبة و العلماء فاقدين لأسس ألنظريّة المعرفيّة الكونيّة و لا يعرفون إعمال العدالة الأجتماعيّة طبقاً لمبادئ الفلسفة الكونيّة!؟

العارف الحكيم

وصايا آلبغل ألواعي - ألمستنير

 

وصايا ألبغل الواعي - ألمستنير

مقدمة:
شعراء كثيرون ولدوا و يلدون .. لكن قلّ أو ربّما ندرة .. بل قد لا يلد العالم بمثلهم ثانية .. مثل أحمد مطر .. ألشاعر ألذي سميّته بشاعر الضمير العراقي, لأنه معارض حقيقي عاش المحنة كما عشته بنفسي بفارق الشجاعة و الأقدام و تثوير الناس أيام المحنة والجمر العراقي و السّهر والمواظبة لطلب العلم بحيث حرمتُ نفسي حتى من النوم و الراحة لسنوات .. لم أنم خلالها سوى ثلاث ساعات مع ساعة للأكل و الصلاة كلّ ليل مع نهاره, لأصل لما وصلت إليه بفضل الله لسرّ الوجود ..
يقول صديقي الشاعر (مطر) في وصف الحكام العرب, قصيدة بعنوان:

[وصايا البغل المستنير] - أيّ بغل .. مثقف و واعي :

قال بغلٌ مستنيرٌ واعظاً بغلاً فتيّاً:

يا فتى...

إصغِ إليّا..

إنّما كانَ أبوكَ امرأ سوءٍ

و كذا أمك قد كانت بغيّاً.

أنتَ بغلٌ..

يا فتى…

و البغل نغلٌ..

فإحذر الظن بأن الله سواك نبيّاً.

يا فتى…

أنت غبي..

حكمة الله، لأمرٍ ما، أرادتك غبيّاً ..

فاقبل النصح ..

تكن بالنصح مرضياً رضيّاً

أنتَ إن لم تستفد منه فلن تخسر شيّا.

يا فتى…

من أجل أن تحمل أثقال الورى

صيّرك الله قويّاً.

يا فتى…

فاحمل لهم أثقالهم مادُمت حيّا

و استعذ من عقدة النقص

فلا تركل ضعيفاً حين تلقاه ذكيّا.

يا فتى…

احفظ وصاياي تعش بغلاً،

و إلاّ...

ربّما يمسخك الله رئيساً عربيّاً !

 

حادثة هوّت العرش مرّتين

 

حادثة هزّت ألعرش مرّتين:
في سورة الطلاق .. و هي السورة الفريدة التي أمرّ الله النبيّ(ص) مراعاة قوانين حساسة و حدّية و مصيرية مباشرة بلا نقاش و بلا مقدمات!
إبتداءاً يجب أن يعرف المفسرون و الأدباء و المراجع العظام بأنّ الخالق تعالى يعرف ما يضرّ و ما ينفع و ما يُحتمل من إنعكاسات من أعمال مخلوقه سواءا خيرا أو شراً .. لذلك فأن أوامره عزّ و جل قد وردت بصيغة الأمر تارة و بصيغة الأفضلية أو مجرّد الأشارة تارة أخرى, و جميعها سواءاً كانت أمراً أو تفضيلاً أو إشارة تدخل من باب الواجبات التي على العبد إطاعتها والوقوف و التأمل فيها, لأن تركها سيكون وبالاً و مدمراً و العمل بها يكون جنة و سعادة!
و من جملة الأحكام التي خصص لها الباري سورة كاملة مدعومة بكل آيات القرآن الكريم و كأنها تدور و تحمي آيات تلك السورة الفريدة و هي سورة الطلاق إلتي ضمّت مجمل القوانين الخاصة بآلعلاقات الاجتماعية و الأدب بين الزوجين كمنطلق لبناء البشرية, حيث بدأها بأصدار تلك الأحكام لاعزّ و أقرب و أحبب مخلوق في الوجود لله تعالى و هو نبيّنا الحبيب و كأنه يقول لنا ؛ يا عبادئ هذا الأمر هام و خطير و مصيري لهذا كلّفت بها أقرب و أحَبّ الناس لي و هو حبيبي محمد و أنتم من الطبيعي ألسير على هديه و آلحرص على تطبيقه لا محال إن كنتم تريد ون سعادة الدارين!

لقد بدأ إفتتاح السورة بأول آية في (الطلاق) مباشرة بأمره للرسول(ص) قائلاً:
(يا أيها النبي إذا طلّقتم النساء فطلّقوهن لعدّتهن و أحصوا العدّة و إتقوا الله ربكم لا تُخرجوهنّ من بيوتهن ولا يخرجن إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة و تلك حدود الله و من يتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه, لا تدري لعل الله يحدث من بعد ذلك أمراً).

واضح أن الله تعالى قد كره و أبغض الطلاق لأنه و كما وصفها الحديث أبغض – على وزن أفعل - الحلال عند الله, لأنه الوحيد الذي يهزّ العرش .. أعوذ بآلله حين يهز عرش الرحمن بينما لو إجتمع جميع قوى الوجود و معادلاتها المغناطيسية و الكهربائية و الذرية و قوى الكائنات على أن تهز ذرة من العرش لعجزت .. بينما عملية تعتبر للأسف بسيطة جدا بين البشر خصوصا في العراق تهز العرش!!

و هكذا بقية الآيات تباعاً كلها ترمز بل و تصرح محذّرة بوضوح إلى حساسية و خطورة الأمر الذي لا قرين له في الوجود, مؤكداً على وجوب التعامل بآلمعروف و المحبة حتى لو تمّ الفراق و الطلاق و لا يحق لأي طرف أن يكشف عورة الطرف الآخر مهما كان فضيعاً, حتى لو تمّ الأفتراق الأبدي بينهما, و تلك حدود الله التي لم يعترف بها ليس العراقيين و العرب و حتى أكثر القوميات؛ بل و علماؤوهم أيضا الذين يفتون بغير علم طبقا لهوى جيوبهم و ما تحتها بقليل للأسف الشديد!

من أين آتي لكم بآلأئمة .. بعليّ .. لا بل حتى بآلعلامة الحليّ و بآلصدر الذي قتلتموه و أصحابه (رحمهم الله), حين سأل الحليّ أحد مقلّديه عن مسألة حياتية حساسة للغاية مفادها: [هل يتنجس البئر لو وقعت فيه نجاسة]؟ فلم يجبه .. بل طلب من آلسائل إمهاله بضعة أيام كي يأتيه بآلجواب!
و بعد مضي أيامٍ أجابه تفصيلاً بحكم الله و بحسب  شرعه ..
لكن السائل بعد سماعه للجواب سأله عن سبب تأخر العلامة بآلجّواب بعد هذه المدة و كانت لأوّل مرة, فأجاب رضوان الله عليه؛

بصراحة حين سألتني خطر على بالي فجأةً البئر الذي أمامك في بيتي .. و خفت أن يختلط الجّواب مع تدخل مصلحتي الشخصية في الأمر و بآلتالي يكون الجواب بغير حكم الله خالصاً, لهذا قمت أولاً بدفن هذا البئر الذي تشهده أمامك في بيتي, ثمّ أفتيت بحسب مراد الأسلام!

نعم أيّها الأخوة ألأسلام المحمدي – العلوي – الأصيل لم يبق منه شيئاً بسبب تدخل أهواء الناس و المفتين و المراجع و مصالحهم و ذويهم و مقرّبيهم في أمور و مسار الفتوى بغير مراد الله و أهل بيته 100% .. حتى تغيير شيئا فشيئاً حتى أصول الدّين ناهيك عن فروعه و كما تشهدون على كلّ صعيد خصوصاً الأقتصاديّ و الماليّ و آلجنسيّ! و الناس لضعف وعيهم أو عدمها يقبلون بآلفتوى كيفما كان لمجرد معرفتهم بأنها صدرت من مرجعه دون تمحيص أو تفكير و مراجعة .. لهذا تجمد الأسلام الحقيقي خصوصاً على صعيد الحياة السياسيّة و الاجتماعيّة و الاقتصاديّة, بحيث يستطيع شخص مثل رئيس الحزب ألإسلامي و العربي و الكردي و البارزاني أن يحدد مسار المجتمع و بقوّة و عناد و بلا رادع, مكتفياً بدين تقليدي شكلي تعلمه في القرن الماضي لينشره في هذا الوسط و هو لا ينفع بآلدرجة الأولى سوى مصالح مرجعه وحزبه و إهمال باقي الناس حتى لو ماتوا و إحترقوا و أصبحوا عبيداً تحت أمرة المستكبرين.

و لهذا فإن ما حدث بآلأمس بإلقاء امرأة عراقية مقهورة لأطفالها في نهر دجلة قد هزّ (العرش) مرّتين ؛ ألأولى كانت في الطلاق بسبب عنجهية و قساوة الرّجل, و الثانية بسبب حقد و كراهية الزّوجة التي أرادت الأنتقام لترتاح وتتخلص من القهر بسبب الأنحراف الفكري فتسببت بقتل البراءة كلها برمي طفليها في نهر دجلة وهذه الحادثة ليست الأوّلى ولا الآخيرة بل حوادث كثيرة قد حصلت و ستحصل مستقبلاً و بشكل أسوء ممّا كان بسبب تلك الثقافة المنحرفة, بجانب أحكام ألمفتين التي تبدلت بسبب الأميّة الفكريّة, و لم يعد الناس يعرفون دين الله الذي يرتكز على المحبة و العفو و حين يخلوا المجتمع من الحُب و الأدب الهادف و الرحمة و العدل الكونيّ يحلّ محله الظلم و الفساد بشكل طبيعيّ, خصوصاً في المجتمع العراقي الذي تربى على يد البعث و باقي الأحزاب المنحطة باسم الأسلام و الوطن و الدّيمقراطية بعد 2003م, فأنتجوا شعباً مُنهكاً لا يكره إلّا الحُب و الرحمة و القراءة والمطالعة .. حتى وصل الحال ببعضهم لِئّن يحكم على المقال سلباً أو إيجاباً وهو لم يقرأهُ مرّة واحدة, و هذه سابقة جاهليّة لا أعظم منها ولم أشهدها من قبل لإنتشار ألأميّة الفكريّة وسط النّخبة ناهيك عن العوام الذين باتوا وعلماؤوهم لا يعرفون معنى الحُبّ و دروب العشق .. بل إعتبره بعضهم كفراً و كما سمعت بنفسي من بعض المراجع, و [كأيّن من قرية عتت عن أمر ربها و رسله فحاسبناها حساباً شديداً و عذّبناها عذاباً نُكراً] (سورة الطلاق/8)!
لذا لا تبحثوا عن أسباب المحن التي ألمَّت بكم لأنها منكم وإليكم! و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
العارف الحكيم عزيز الخزرجي

أسرار العشق - ألحلقة الرابعة

 

أسرارُ آلعشق – ألحلقة الرابعة:
بقلم العارف ألحكيم عزيز ألخزرجي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته مع محبتي و أمنياتي لكم بآلوصال الدائم و الثابت مع المعشوق .. و بعد:

قال آلحلّاج (ألحُسين بن منصور) رضوان الله عليه:

يا نسيم آلرّيح قولي للرّشا
لم يزدني الوِرد إلّا عطشا
لي حبيبٌ حُبّه وسط آلحشا
إن يشا يمشي على خدّي مشى
روحُهُ روحي و روحي روحُهُ
إن يشأ شئتُ وإن شئتُ يَشا

ألمقدمة:

مأساة الحلاج هي مأساة كل عاشق حقيقيّ في هذا الوجود؛ إنّها مأساة بغداد التي ما زالت تنزف كما كل العالم بألوان و أشكال مختلفة!
قبل إيراد التفاصيل التي نويت عرضها لمن يعرف قيمة الكلمة و أبعاد المعاني وأسرارها؛ أودّ إعلامكم بأن هذا الفصل قد ورد في كتاب (أسفارٌ في أسرار الوجود) و قد طبع قبل 10 سنوات بعد أن مرّ على كتابتها بحدود 22 عاماً ثم طبع كهمسة كونية برقم 163 تم وضعه في الجزء الثاني من سلسلة (همسات كونية برقم 163) في 11كانون1 2010م كما نشر في الكثير من الصحف و المواقع العربية و العالمية, و لأن عارفنا الأديب (الحلاج) يعتبر ركناً من أركان التصوف الإيجابي المنفتح على الوجود, فرأيت من الواجب إعادة نشره, و يؤسفني أن جامعات العراق بما فيها الأقسام الأدبية و الأجتماعية و اللغوية لا تهتم بهذا المجال الذي يمثل بحق عمق الأدب و الفلسفة و الأجتماع و علم النفس بسبب حالة الأدبي و العرفاني ليس في العراق فحسب بل في معظم  الدول العربية و حتى العالمية, لذا أرجو من الحكومات "الجاهلية" خصوصا في بلادنا ملاحظة هذا الأمر الأهم من التكنولوجيا لأنها تتعلق بصلب الحياة و السعادة الأنسانية, فمناهجنا التربوية و الأدبية تخلوا من الأدب الهادف و الدواووين العميقة الكونية التي تنظر لفلسفة العقائد و ما وراء الخيال و الغيب, لا قديماً و لا حديثا .. حين جعلوا المرحوم محمد مهدي الجواهري رائد الشعر العربي و عميده, بينما جميع الأصول و التنظيرات الموضوعيه في أشعاره مستنبطة من آلشعر و الادب الفارسي أمثال الحلاج و سعدي و آلعراقي و الفردوسي و غيرهم.

لهذا جعلنا عنوانه (مأساة الحلاج) في بداية نشر الموضوع؛ و حقا هي مأساة ألأنسانيّة المعذبة ؛ هي مأساة كلّ العاشقين الغرباء عبر الأزمان؛ هي هدر كرامة الكون الذي خلقه الله لأجلنا؛ هي رسالة (العارف الحكيم) ألّذي حملَ الأمانةَ بصدق لأنهُ عَشَقَ الأنسان(ألآدمي) مع العدل الذي لا قيمة و لا معنى للوجود و الموجود والأسلام بدونه .. فقُتل على يد الجهلاء بلا رحمة ..

بعد وشايات عديدة .. إلتقى (حامد بن عباس) وزير ألمُعتصم قاضي بغداد (أبو عمر محمد بن يُوسف), و شهد جمعٌ من علماء بغداد من وعاظ آلسّلاطين ألعباسيين على كفره .. أيّ كُفر(ألحسين بن منصور) ألمُلقّب بـ (الحلاج), و تمّ الحكم بمجرّد إشارة من آلوزير "حامد" على إباحة دم ّ آلحسين بن منصور ألحلاج, ثمّ عرضوا آلأمر على آلخليفة ألعباسي فوافق و إرتضى لطلبهم, فأصدروا بعدها ألحكم النهائي بجلده ألفا سوطاً, فإنْ ماتَ خلالها .. فبها و إلّا فآلشنق و آلذبح!

محنة ألحَلّاج:

تعجّبتُ كثيراً حتّى بكيتُ .. كيف إنّ آلعُشاق ألحقيقيين لا يَحيدُون عن موقفهم و عشقهم لله و ثباتهم إلى أقصى حدٍّ على مبادئهم و حبّهم للحقّ و آلفضيلة .. رغمَ ما يُواجهونهُ من آلأذى و آلخذلان و آلغربة و آلقهر و آلموت بأبشع صوره و لوحدهم وسط جموع الناس بعكس العشّاق ألمجازيين ألذين حبّهم لا يخلو من المصالح الشخصية و المادية و الشهوية!؟

أيّ سرٍّ هذا آلّذي يحويهم - العشاق الحقيقييون - فيجعلهم كونيّون .. يَتَحدّون جبروت آلطغاة و آلمســتغلين؟
كيفَ يُوفّق هؤلاء آلعظام لنيل تلك المراتب العرفانيّة - الكونية محلّقين في فضاء الدّنيا بقلوب صافية بآلحب؟

 أي سرّ ذاك  الذي يجعل ذواتهم تأبى ألعيش كما آلآخرين ضمن حدود مقيدة و جسد ضيق لا يمكنه أن يحوي تلك الرّوح العظيمة .. رافضة العيش بألذّل تحتَ ظلّ ألنفاق و آلتّزوير و آلدّجل و آلتظاهر بآلدّين بل رفض آلحكومات ألظالمة و آلسعي لتثوير آلناس ضدّها عبر ضخّ آلمعلومات و آلحقائق لتوعيتهم, سريرتهم كعلانيتهم, قلوبهم على أكفّهم, كلامهم يُوافق عملهم و هو آلصّواب, لا يستكبرون على أحدٍ, يتألمون لكلّ إنسانٍ مظلوم .. لا يقرّ لهم قرار و لا يرتاح لهم بال مع آلظّلم .. لا يتذوّقون طعم آلرّاحة في آلحياة و غيرهم يُعاني آلجّوع و آلألم و آلحيف, حياتهم بدون آلعشق راكدةً لا معنى لها .. جهادهم من أجل ألحقّ و للحقّ وحدهُ .. مَثَلَهم آلأعلى عليّ(ع) و أبنائهُ آلمظلومين ألشهداء!
حين حَكَمَ طُلاب آلدّنيا على آلحلّاج بآلموت و قدّموهُ للمشنقة بعد ما قضى فترة في آلسّجن؛ جُلِدَ ألفا جلدةٍ بأمر قاضي ألمعتصم ألعبّاسي ألظالم, لكنه كان يبتسم مستهزءاً رغم قساوة ألضّربات على جسده الهزيل و لم تُؤثر بعزيمته سوط آلجّلاد ألقويّ قيد أنملةٍ؛ حتّى سألهُ شيخٌ كبير و هو بطريقه إلى منصّة الأعدام:

ما معنى آلعشق؟

قال: [سترى آلجوابَ "أليوم" و "غداً" و "بعد غدٍ"؛(أليوم عنى به مقتلهُ, و غداً حرق جسمه, و بعد غدٍ رماداً تذروه آلرّياح)]!

و الآن:

ما هي آلرّسالة ألّتي حاول الحلاج إيصالها إلينا؟

هذا هو بيت ألقصيد في أكبر ملحمةٍ إنسانيّة بعد ملحمة آلأمام ألحسين(ع), تُحتّم علينا ألوقوف عندها طويلاً و تحليلها و الأقتداء بها!

طلب غُلامهُ الذي كان يتبعهُ و قد رافقهُ طويلاً في أسفاره و هو يحثّ آلخطى خلفهُ بحرقة و حزن نحو منصّة الأعدام؛ أنْ يُوصيه كآخر وصيّة من مولاه آلذي تجسّد فيه ألتواضع و آلأخلاص و ألصّدق و المحبة كلّها خصوصاً للفقراء و آلمظلومين؟

أجابهُ: [إشغل نفسك بشيئ, و إلّا ستُشغلكَ نفسك], (لاحظ مدى دقّة و عمق و تناسب ألعبارة مع مستوى غلامه)!

ثمّ سأله إبنهُ ألذي كان يرافقه لمصيره أيضاً: أوصني وصيّتك يا أبي آلحنون؟

أجاب: [بينما آلناس و كما ترى يا بُني مُنشغلين بآلأعمال ألمختلفة في هذه آلدّنيا آلحزينة للمال, عليكَ أن تسعى في طلب علم ألحقيقة](1)!

بينما آلحلّاج في طريقه يحثّ آلخُطى مُثقلاً بقيوده وسط آلنّاس .. يُردّد بآلقول؛ [حقٌّ, حقٌّ, حقٌّ], حتّى إستقرّ به آلمقام تحتَ حبل ألمشنقة, فَمَدّ رأسهُ آلشريف و قَبّلَ آلحَبْل و قال: [معراج رجال ألعشق].

أثناء وضع ألحَبْل في عنقه أدار برأسهِ الشريف نحو آلقبلة و قال مُناجياً معشوقهٌ: [هو وحده يعرف لِمَ هؤلاء يضعون حَبْل المشنقة في عنقي] (فآلناس حولي يجهلون كما في كلّ ألأزمان حقائق ألوجود لقلة ألوعيّ,حيث يصرفون جلّ أوقاتهم للكسب ألماديّ كآلبهائم)]!؟

سألهُ جمعٌ من مُريديه (طُلّابَهُ) من آلذين شاركوا آلجّموع في حفلِ ألأعدام مستغربين؛ (ما هو حُكْمنا نحنُ و آلناس ألّذين سكتنا جميعاً أمامَ آلظُلم و لم نتّخذ موقفاً إيجابيّاً كما تعامل الناس مع آلأمام ألحسين, بل و ربما سنشارك آلجموع برمي آلحجارة عليكَ)]؟

أجابَ: [هؤلاء آلنّاس لهم أجران(حَسَنَتان), و أنتم لكم أجرٌ واحد(حَسَنَة), و آلسّبب هو أنّ عموم ألنّاس يرموني بقوّة توحيدهم و صلابة شريعتهم التي يتصورون أني أعاديها(أي إنطلاقاً من قوّة ألتّوحيد عندهم و تمسّكهم بآلشريعة ألتقليديّة) أمّا أنتُم فلأنكم ترموني مع آلحشر لحُسن ظنّكم (حيث تعتقدونَ أنّ ضربي أولى من آلتّرك) و آلتّوحيد في آلشّرع أصلٌ و حسن ألظّن فرعٌ!].

ألحالة الوحيدة التي أبكت الحلاج:

تَقَدّم إليهِ ألشبليّ(2) ألذي كان يمتهن التصوف ضمن منهج الخلافة و قال للحلّاج : [أَ وَ لَمْ نُنْهِكَ عن ألعالمين؟], و أضاف آلشّبلي مُستكبراً و متعالياً بظنونه:
[فما آلتّصوف يا حلّاج, معتقداً ؟]
أجابه عليه الرحمة و الرضوان: [أقلّ مقامٍ للتصوف؛ هو هذا آلّذي تراني فيه].
ثمَّ سألهُ آلشبليّ: [و ما هو أعلى مقامٍ فيه؟]
أجاب: [أنتَ لا سبيلَ لكَ إليهِ], (أيّ أنتَ لا تستطيع وصولهُ), لِكونِ ألشّبليّ كانَ مُقرّباً من آلبلاط ألعبّاسيّ, رغم إدّعائُهُ للتّصوف و الدين و آلعرفان, و كانَ يعلم به آلحلّاج أنّهُ كان يعيش صراعاً بينَ (آلحقّ و آلبّاطل) في نفسه مع شيئ من آلنفاق و كما سَنُبيّنُ ذلك في آخرِ موقفٍ لهُ من آلحلّاج حين حاول إبراء ساحته أمام ألسّلطان ألعباسيّ برمي آلحلّاج بآلحجارة مع الناس مُعلناً ألبراءة منهُ!

كان كلّ حاضرٍ يرمي آلحلّاج بحجارةٍ مع اللعن و السب, لأرضاء آلحاكمين و آلتّقرب إلى آلخليفة آلعباسي أو آلتخلص من بطشهم على آلأقل و كما يفعل الناس مع الحاكمين اليوم و في كل وقت, و كان آلحلّاج صامداً كآلجبل ألأشمّ لذوبانه في الله بسبب سرّ العشق الحقيقي, فكان يتلقّى آلضربات ألمُوجعة بوجهٍ باسمٍ مُنشرح و هو يصيح [أنا الحق], حتّى رماهُ آلشبليّ بحجارةٍ من طين – ألبعض قال؛ رماهُ بوردة - كان يحملها - فتنهّد آلحَلّاج و تنفّس ألصّعداء و كأنه شكى من آلألم أمامَ آلمَلأ بسبب تلك الوردة!

سألهُ آلناس: [ما هذا يا حلّاج, لقد رميناكَ بمئات آلأحجار ألصخريّة و بقسوةٍ حتى أثخنّاك بآلجراح .. و لم تتألم ولم تتفوّه بكلمة .. و لم تَقُلْ شيئاً, بلْ و كنتَ تَبْتَسم .. لكنكَ تَنَهّدتَ و تألّمتَ و دمعت عيناك من (وردةٍ) أو حجارة ألطّين ألّتي رماكَ بها صاحبك آلشّبلي؟]

قال آلحلّاج: [هؤلاء آلناس لا يفهمون و معذورين على ما فعلوا, لكنيّ تألمت من هذا آلّذي يَعْرفُني و يرميني]!؟

فصمتَ آلنّاس ساعةً يتفكّرون متحيّرين ..

حتّى قطع آلجُّناة ذلك آلصّمت بقطع يَدَيّه, فإبْتَسم و قال مُتحدياً جبروت العباسيين و شرطتهم: [ألحمدُ لله على قطعِ يَدايَ .. ألرَّجُلُ منكُم أيّها آلجّلادون؛ هو ذلك آلّذي يَقْدَر على سلب ما في رأسي و قلبي من صفات ألمحبوب و أسراره؟].

كانت تلك آلعبارة تُمثّل قمّة ألتّحديّ ألّذي تحدّى بها ألحلّاج ألطّغاة مُبَيّناً بوضوح؛ أنّ هذا آلبدن ألمُمزّق ألنّحيف لا شيئ أمامَ آلقلب ألّذي في جوفي لأنّه هو آلأصل ألذي يمثل وجود آلأنسان!

ثمّ قطعوا رجليه, و آلأبتسامة لم تُفارق شفتاه قائلاً:
[بِرِجلايَ هاتان سافرتُ و قطعتُ آلمسافات و طويتُ آلصحاري و آلفلوات على هذه آلأرض ألتي أنتم عليها باحثاً عن الحقيقة, و إعلموا أنّ لي قدمان آخران سأسافر بهما لِلعالَمَيْن لملاقاة معشوقي], و أنشدَ يقول:

إقتـلـوني يا ثقــــاتي .. إنّ في قتـلي حيـاتي
و مماتي في حياتـي .. و حيـاتي في مماتي
إنّ عندي محو ذاتي .. من أجل ألمكرمـات
و بقائي في صفاتي .. من قبيح ألسّــــيئات
فأقتلوني و إحرقوني .. بعظامي آلفانيـــات
ثمّ مُرّوا برفــاتي .. في آلقبور ألدارســات
تجدوا سرّ حبيبي .. في طوايا آلباقيـــــات

ثمّ مَسَحَ بِيَداهُ ألمقطوعتانِ مستخدماً ذراعيه و هُما ينضحان دماً على و جههِ و جبينهِ, حتى إحْمَرّتْ وجْنَتاهُ و صورتهُ من آلدّم!

فقال لهُ آلنّاس؛ لِمَ فَعَلتَ هذا يا حلّاج؟

أجاب: [ألصّلاة آلتي يُصَلّيها آلعاشقون لا بُدّ و أنْ يكون وضوءهُ بآلدّم].

ثمّ قلعُوا عينيّه, فتعالتْ صيحات ألنّاس عند ذاك و عمّ آلضجيج و آلغوغاء بينهم, ألبعض كان يبكي, و بعضهم إستمرّ برمي آلحُصى و آلحجارة عليه, و حين قرّر ألجلّادون قطع لسـانه قال:
[إمهلوني لأقول شيئاً]: ثمّ رفع وجههُ نحو آلسّماء و قال:

[إلهي لا تُحرمهم – أيّ ألمُتعاطفين - ثوابَ ما يتحملونهُ من أجلي, و لا تُحرم ألجلادين - نصيبهم من دولتهم هذه, ألحمد لله ألّذي في سبيله قُطعتْ يَدايَ و رِجْلايَ و عيوني, و لو إنّهم فصلوا رأسي عن جسدي فأنّهُ لا يكون إلّا لكوني سعيتُ لرؤية جمالِ وجهكَ آلكريم يا ربّ].

ثمّ قَطَعَ آلجّلّادون أذُنيهِ و أنفهِ, و كانَ آخر كلماتٍ قالها, هو:

[حُبّ آلواحد إقرارُ آلواحد له]!
ثمّ قرأ آلآية:
[يستعْجلُ بها آلذين لا يُؤمنون بها و آلّذين آمنوا مُشفقونَ منها و يعلمونَ أنّها آلحقّ ألاَ إنّ آلّذين يُمارون في آلسّاعة لفي ظلال بعيد](3).

يقول أبو إسحاق ألرّازي؛ عندما كانوا يُريدون شنقهُ كنتُ واقفاً على مقربة منهُ و سمعتهُ يقول:
[إلهي أصبحتُ في دار ألرّغائب أنظر إلى آلعجائب, إلهي إنّك تَتَوَدّدُ إلى من يُؤذيك .. فكيف من يُؤذى فيك؟]!؟
ألله .. ألله أكبر على هذا الكلام!

ينقل أحد مشايخ الطريقة قوله: [في آلليلة التي سبقتْ شنق الحلّاج كنتُ نائماً تحت آلشجرة ألتي عُلّق عليه, سمعتُ مُنادياً من آلغيب يقول: (أطْلعناهُ – أيّ الحلّاج - على سرٍّ من أسرارنا فأفشى سرّنا, فهذا جزاءُ منْ يُفشي سرّنا)]. و لهذا علَّقَ حافظ ألشّيرازي على هذه آلحقيقة بأبيات شعرية ترجمتها بآلقول:
حين عُلّقَ ذلك آلعاشق على آلمشنقة .. كان ذنبه أنّه أفشى أسرارنا(4).

وأعتقد يقيناً بأن علّة العلل في تعذيه و شنقه هي أنه عندما مرّ في سوق بغداد قبيل سجنه و أعدامه و داس برجله شيئاً , و بدأت ينادي الناس بقوله: [إنّ ربّكم تحت قدمي هذا], فتجمع الناس حوله بعد ما إتهموه بآلجنون و اللعن و سحبوه ليشهدوا ما أخفى تحت قدميه؛ فرؤوا  درهماً ] حيث عبر برمزية عاليه على قضية ما زالت قابلة للتأمل بسبب إنحراف الناس و ظلمهم!

هكذا يشتري ألعاشق ألصّادق بروحه و قلبه و كل وجوده وصال آلمعشوق .. حيث لا يكون همّهُ سوى آلوصال, فآلعارف حين يغرق في بحر جمالِ ألمعشوق؛ لا تُؤثر في وجوده كلّ أنواع ألمغريات ألدّنيوية أو ألتعذيب و آلقهر و آلقتل, و لا تستهويه كلّ ملذّات و شهوات ألدّنيا, إنّهُ كآلفرّاشة ألتي إشترتْ محبّة ألمعشوق بآلرّوح حتّى إشتعلتْ آلحرائق في وجودها.

محنة الحلّاج ألذي كان يُدافع عن ألمظلومين و آلفقراء؛ هي محنة كل المفكريين الثائرين ضد الظلم و الفساد في الأرض وفي كل زمان و مكان .. و ذنبهُ آلعظيم مع آلنّظام ألعبّاسي ألظالم كان بسبب دعوته لنهج أهلِ آلبيت(ع) و للأمام محمد ألمهدي(عج) الذي وحده يعرف و يطبق العدل؛ حيث كان يقول للنّاس:

[قريباً سيظهر من طالقان ألدّيلم], و هي إشارة إلى ظهور الأمام آلغائب(عج) لخلاص ألناس من الظلم, لذلك أُلقي آلقبض عليه و أُقتيدَ إلى بغداد القهر و الدم و الحسد ليلقي ذلك آلمصير ألمأساوي و سط هلاهل و تأييد البغداديين بتهمة ألزندقة و آلكفر .. لتكون ذريعةً للتخلص منهُ, بينما كان هو سيّد ألعرفاء آلموحّدين في زمانه!
فأين بني آلعباس ألمُجرمين؟

و أينَ هذا آلقائد ألمفكر ألكونيّ ألعظيم ألذي رفض تكبّرهم و تسلّطهم و ظلمهم و جاهد ضدّهم في سبيل حقّ آلفقراء و أهل بيت آلله ألطاهرين(ع)!؟

و العاقبة أبداً للمُفكرين و العرفاء الكونيين ألمُتّقين.

ملاحظة: هذا المقال, هو مقطع من بحثٍّ مُفصّل ورد في مؤلّفنا: [أسفارٌ في أسرار الوجود], للأطلاع على التفاصيل راجعوا ذلك في الجزء الرابع ج4 ح10.

وأسفي على بغداد التي ما زالت تصيح؛ [بآلروح بآلدّم نفيديك يا ظالم] بألوان و تعابير شتى!

من قبل الكُـّاب و المثقفين و الأكاديميين للتّقرب من الحُكّام لأجل الدرهم, و المشكلة أن أساليب النفاق تطورت في العراق بعد صدام, حيث يستخدمون اليوم ما لم يخطر على بال (سمرة بن جندب) ولا حتى الجن الأزرق من خلال نظريّة(الشرط الأنعكاسي), و ذلك بإنتقاد الوضع, لأجل الظهور و جذب المنظور للحصول على المحظور, و نموذج هذا الطراز كُثر .. و منهم الأعلامي المعروف (وجيه عباس) الذي ولمجرد ما حصل على بضع عشر ملايين, تغيير معتقده 360 درجة, و لا أعتقد بوجود إعلامي عراقي كان متشدداً للحقّ و للفقراء بقدره من بين الأعلاميين الذين وصل عددهم لأكثر من 50 آلف إعلامي عراقي و الله يعلم ما في القلوب و نحن بآلظاهر نحكم, و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
ألعارف الحكيم عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ألحقيقة في نظر ألحلّاج, هي: حقيقة الأنسان ثم حقيقة أهل ألبيت(ع) ثمّ آلله تعالى, لأنّ تلك آلمعرفة هي آلمعرفة ألوحيدة ألتي تُحقّق في وجود ألأنسان كلّ آلخير و آلسّعادة!
وهي ترجمة أمينة لقول العلي الأعلى ألذي قال: [معرفة النفس هي أعلى المعارف].
(2) أبو بكر ألشبليّ؛ هو أبو بكر دُلَف بن جَحْدَرْ, و قيل جعفر, كما يُقال: إسمهُ: جعفر بن يونس بحسب ما ورد في طبقات ألصّوفية لأبو عبد آلرّحمن ألسّلمي. و في وفيّات ألأعيان لأبن خلكان؛ ولد آلشبلي سنة 247هـ, و هو خراساني ألأصل, بغدادي ألمولد و آلمنشأ, و قيل إنّ مولده في سامراء, نصبهُ آلخليفة ألعباسي ألمعتصم والياً له في دماوند و هي إحدى ولايات آلرّي, صحب آلجُنيد ألبغدادي شيخ ألعرفاء و ألطريقة ألصوفيّة و غيرهُ, و سنتحدث عن أصدقهم في آلحلقات ألقادمة إنْ شاءَ الله.
(3) سورة ألشورى / 18.
(4) ألنصّ ألفارسي:[ كَفتْ آنْ يار كز أو كشت سردار بلند .. جرمش إين بود كه أسرار هويدا ميكرد].