Tuesday, July 10, 2018

همساتٌ كونيّة(200) (ألوصيّة)
ختاماً أُقدّم خُلاصة خلاصة ألكنوز ألكونيّة كوصيّة للناس بعد فساد القلوب والقيم بسبب ألدِّين والسّياسة(1)؛
إنّ الدِّين الشكليّ ألتقليديّ ألسّائد وآلمُتناغم مع آلسّياسة الميكافيلليّة للحُكّام ألّذين حكموا وأفسدوا البلاد والعباد؛ لا علاقة له بآلله وأهل الله ونهج الأنسانيّة والمحبة .. لذلك وصلوا مدينة الشقاء بدل مدينة العشق الخالدة! لأنهما(ألدِّين وآلسّياسة) كرّست و تُكرّس ألجّهل والأنانية و التسلط بين الناس من خلال الأحزاب وآلأئتلافات والمذاهب التي وصل عددها في أقدم دولة على آلأرض هي العراق إلى 320 حزباً و منظمة منحرفة ل
تفريغ الجّهل والعتمة و النفاق والفساد والبطالة المقنعة بظلّ آلدّيمقراطية والليبراليّة والتوافقية وألأشتراكيّة والملوكية والمدنية والدّعوة لله وغيرها من المسميات - لا فرق - كدرعٍ لحماية مصالح وأموال آلأغنياء ألمستكبرين ألّذين هم السّبب في مسخ قلوب الناس حتى جعلوا الكرة الأرضية برمّتها تجثوا على قدميها لِتُقَئّ .. بعد ما نشروا النفاق و الجوع والفساد بدل آلقيم التي لم يبق لها محلّ من الأعراب بين الناس, فالدِّين ألذي هو منبع الأخلاق والوعي صار إمّا إرهاباً حِزبيّاً و دسائس و نفاق يتّقيّه الناس أو تقليداً لجمع ألأموال لأهداف شخصيّة محدودة لا تَخْرجْ عن مدار ألحوزة وبيوت ألمُدّعين, و بآلتالي كلاهما – أي (ألدِّين و آلسّياسة) بهذا المستوى ليس فقط لا ينفعان؛ بل سبَّبا تعميق المحن و الفساد و فسح المجال أمامَ المغرضين لتأسيس الحكومات الظالمة لسرقة وقتل الناس بهدف تأمين منافع الأسياد في (ألمنظمة الأقتصادية العالمية) مقابل الأمتيازات و الرّواتب و الصّفقات و المخصصات التي لم تخطر على بال أحد, لهذا ركّزوا على برمجة النظام ألمصرفيّ والمالي والأقتصاديّ والأداريّ والصناعي والتجاري وآلزّراعي بما يتلائم ومنافعهم لكونها عصب الحياة والسلاح الأمضى للسيطرة على رقاب الشعوب وقهرهم من خلال لقمة الخبز بعد هيمنتهم على منابع الطاقة و الأراضي الخصبة و الجزر في العالم كقواعد لتمكينها من مسخ سلاح ألأخلاق والقيم في الأمم والشعوب وإستبدالها بآلقيم الماديّة البطنية و الشهوانيّة الدّنيا لمسخ قلوبهم وشلّ إرادتهم لسهولة إستعبادهم حتى أَوصلوهم مع بداية الألفية الثالثة إلى الحدّ الذي بدأ الناس معهُ يَرَون [الفساد في الحكم (وعياً و غنيمةً وفرصة) و(الحقُّ باطلاً و تخلفاً) و (المعروف منكراً و المنكر معروفاً) و(آلظلم سياسةً مشروعة) و (العدل غباءاً و إنحرافاً) على مرام الأسياد المستكبرين, بل صار الجميع (الحاكم و المُعمم والناس) يأمرون و يحكمون بآلمنكر وينهون عن المعروف ويُحرّفون أقدس الثورات في التأريخ و بشكل علني على منبر الحسين(ع) بدل بيانها و نصرتها](2) لأن ذلك يضرّ بمصادر رزقهم ودكاكينهم, حتى صار [علياً يُقاس بمعاوية والفيلسوف ألكونيّ بالمنافق الخبيث]!

ولم تقع هذه الكوارث والأنحطاط الفكري والأخلاقي والعقائدي والأنهيار الأجتماعيّ و النفسيّ بين بني البشر فجأة بعد وفاة الخاتم الذي أتى برسالة جامعة من خلال (القرآن و العترة) أو بعد شهادة الأئمة و لا حتى بعد ثورة (ألرّينوسانس) إبان القرون الوسطى أو إبان النهضة الأوربية و بعدها بل رافقتها مسألتان خطيرتان عن كثب كانتا مقصودة لا عفوية نتيجة تقدم و تطور البرجوازية ثمّ هيمنتها بقوة الفؤدالية والتكنولوجية بعد الثورة الأوربية وهما؛
ألأولى: تأسيس (البنك الدّولي) على يد (روتشفيلد) الذي من خلاله يأسرون أكبر دولة في العالم بآلدّيوان خصوصا الدول التي فيها نبض إسلاميّ, بعد سياسات و حروب ونزاعات و تحالفات تُجْبِر الحكومات على الأستقراض لأخضاعها بآلكامل وفي حالة رفضها فأنّ قوات (الناتو) وقواعدها جاهزة للأنقضاص عليها.

الثاني: ترويج العلاقات المفتوحة و الحرية الظاهرية و مبدأ(الغاية تبرر الوسيلة) حتى لو سبّب هضم الحقوق وقتل الشعوب وأطلاق الحريات الظاهرية وتزويج المال مع التكنولوجيا لاجل (المدنيّة) بعيداً عن الأدب والفلسفة والعلاقات الأنسانيّة الفطرية المبنية على الأخلاق وإعتبارها – أيّ تحقق المدنيّة - أصل الحياة والتقدّم والسعادة وإعتبار العفة والصداقة التي أتت بها الأديان وآلرّسالات السّماوية بالمقابل سبباً للتخلف كما بيّنا, بينما الحقيقة الكونيّة ليست العكس تماماً .. بل هو شيئ آخر وهو: إن (المدنيّة بدون الحضارة كما الحضارة بدون المدنية) يعني [الأنهيار] و [الشقاء] وتحطيم سعادة المجتمع وأهدافه الكونيّة التي عرضناها خلال الهمسات وفلسفة الفلسفة الكونية, ذلك أن أحداها تكمل الآخر كجناحين لا يمكن الطيران بإحداها!

و لذلك أعلن ألفيلسوف الكوني للناس كافة قبل نصف قرن؛ سبب تركيز المستكبرين على فصل(الدِّين عن السياسة)؟ لكن لا ذلك الدِّين التقليديّ (ألشيعيّ) ولا (ألسّنيّ) خصوصا الداعشي؛ بل الدِّين المُحمدي – ألحُسيني, الذي هو الآخر تمّ تحريفه من قبل المدعين و معهم أهل المنابر من المعممين حين حصروه بمسائل الحيض والنفاس لدرّ الأموال بالشكليات (ألعرضية) دون تفعيل القضايا الكونيّة (الجوهرية).

بآلطبع عامل واحد جعلهم يُروّجون للدّين الشكلي التقليدي من حيث يعلمون أو لا يعلمون, وهو: فهمهم القاصر بكون تحقّق (إصالة الفرد) ثم (إصالة المجتمع) من خلال الدِّين الحقيقيّ وبحسب إعتقاد الفلاسفة الغربيين أيضا كراسل و حنّة أرندت وسارتر و فوكوياما  و غيرهم؛ سيؤدّي إلى حالة نمو الوعي و تحَصّن المجتمع الأيماني و إنغلاقه عن المفاسد و الأستغلال بحيث يصعب بل ويستحيل أختراقه و إخضاعه لمخططاتهم القديمة – الحديثة لتأمين رفاه المُدّعين المزوّرين, لذلك لا بد من التلاعب بآلمفاهيم وتغيير البنى التحتية العقائدية بآلشكليّة التقليديّة و إبعادها عن الحياة الأجتماعية لتشويه و تضعيف الدِّين في نفوس الناس المُسْتَحْمَرين على طول التأريخ و بآلتالي محو الأصالة الفردية و الإجتماعية! لهذا روّجوا إعلامياً؛ بشكل يضمن تحقيق إصالة (الفرد) ضمن حدود شخصيّة معيّنة و إعتبارها هي الحرية الألهية المطلوبة وآلهدف الأعلى الذي تجاهد الحكومات من أجله في ظل الدّيمقراطية و المدنية ووووو, لينال الجميع الحرية الكاملة في ممارسة كلّ أمرٍ ذاتي  – لا يتسبّب في النهاية سوى إضعاف إرادة و معنويات الناس – لسهولة فرض الضرائب عليهم و التحكم بهم وسوقهم كآلغنم بإتجاه الوضع الأقتصادي – الأجتماعي المطلوب  لتنمية رؤوس الأموال لمنفعة المنظمة الأقتصاديّة و السياسية اللتان يُؤمّنان بقاء و نموّ النظام الأقتصاديّ ألرّأسمالي التابع للمنظمة الأقتصادية العالمية من قبل مجموعة لا تتجاوز الـ 350 شخص و لا زالت محنة الأنسان المعاصر(3) قائمة منذ أن وضع إبن آدم قدمه على الأرض وستستمر بقوة حتى ظهور المنقذ إن لم تنجح ثورة المستضعفين في العالم بقيادة الدّولة التي ذكرها القرآن الكريم و أوضحت تفاصيل أحداثها الروايات العديدة ككتاب الملاحم والفتن والغيبة و الكتب التي سُميّت بآلصحاح!

و اليوم بإختصار شديد؛ يستحيل الأصلاح والتغيير وإنقاذ الوضع ألمأزوم بعد حلول الكارثة و المأساة الكبيرة التي شرّعتْ النفاق والكذب والدّجل والفساد للمتأسلمين وخنقت صوت المفكرين وضيّقوا على الفلاسفة وعلى رأسهم الفيلسوف الكوني لأدامة نهب الأحزاب الفاسدة التي وقعت بآلعشرة لخدمتهم؛ لذلك يستحيل الخلاص إلا بإعادة بناء القلوب(4) عبر الأسفار الكونيّة لتحكيم قيم المحبة والأنسانية والرّحمة والتواضع طبق الأرادة الألهية التي عنوانها؛ ( الرّحمن الرّحيم) لتحقيقها بآلسؤآل من أهلها بدل أهانتهم و إنزوائهم:
[...إسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ, بآلبيّنات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون](النحل/43و44).

لأنّ الفكر الأيجابي و التفكير ألكونيّ ألمُركّز المنتج للأبداع والبناء والعمل هو الأساس ألذي يُحقّق ألمدنيّة والرزق الحلال .. لا الرّواتب الحرام التي أفسدت القلوب والعقول و كما هو حال عملاء الأحزاب والخدم وفي مقدمتهم العرب والعراقيين مع كل دول العالم, والله تعالى يقول: [وألقى في الأرض رواسي ان تميد بكم و أنهاراً و سبلاً لعلكم تهتدون](النحل/15).
و قال الرّسول الخاتم(ص) بكل وضوح و بيّنة:[ملعونٌ مَنْ ألقى كَلَّهُ على النّاس].
و بغير ذلك فأنّ مصيركم بقيادة الأحزاب المعروفة بآلأتكالية والجهل؛ هو الضلال و الشقاء و آلتعاسة وخسارة آلدّنيا والآخرة لأنّ موت القلب بسبب ألأتكاء على جهد الآخرين هو الخسران الأكبر وإنّ التفكير الأيجابي وإحياء النفس بآلإيثار وآلعمل الصالح هو وحده يُحيى القلب ويسبب الرحمة و البركة والأنتاج والصلاح والسعادة في الدارين, وليس غير الله تعالى من يحلّ مشكلة البشرية بعد تعرّضهم للمسخ وفي مقدمتهم العراقيين ألطّفيليين الذين يعتمدون الرواتب الحرام لملأ بطونهم بدون مقابل أو إنتاج خصوصا قادة الأحزاب و الرؤساء ولا نجاة إلا بظهور مُنقذ ألأرض ألمُـقيّئة من الحكومات و الأتكاليين العبيد!
(هل من شركائكم من يبدء الخلق ثمّ يُعيده؛ قل الله يبدؤا الخلق ثم يُعيده فأنى تؤفكون)(5).
الفيلسوف الكوني /عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال رسول الله (ص): [ صنفان من أمّتي إذا صلحا صلح ألناس؛ ألأُمراء و الفقهاء] راجع الدّرر السَنيّة و تُحف العقول لآل الرسول.
(2) وصل الحال بآلناس بضمنهم المسلمين درجةً بدؤا معها يُكذبون و يستغيبون ويستأنسون بآلتفنن في ذلك بحسب أهوائهم بإتهام الناس وكشف عوراتهم كبديل للفراغ الفكري و العقائدي الذي ميّز إجتماعاتهم و الغريب أنهم يقفون أمامك بعد هذا بوقاحة وغباء وبلا حياء معتذرين و مُدّعين للتديّن وآلصّلاة والصّوم  والمحبة وأكثر من ذلك يُعلّموكَ نفس الكلام الذي تعلموه منك!! لذلك لا نعتب على الفاسدين و الملحدين الذين يكفرون بآلغيب والقيم, فعذرهم معروف, خصوصا بعد ما أحَلّ "
المؤمنون" الغيبة و النفاق و الفساد؟ وقد أخبرنا عن ذلك رسول الله(ص) بقوله: [كيف بكم إن أصبحتم لا تأمروا بالمعروف، ولا تنهوا عن المنكر؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ قال: وأشدّ منهُ سيكون، قالوا: وما أشدّ منه ؟ قال: كيف بكم إذا أصبحتم تأمرون بالمنكر، وتنهون عن المعروف، قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ قال: وأشدّ منهُ سيكون، قالوا: وما أشدّ منه ؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً المنكر معروفاً ؟] و هذه المرحلة هي زماننا هذا كإشارة لإنتشار ألظلم و الجهل و لعلّه زمن ظهور المصلح الموعود والمشتكى لله, كما صدق الرسول أيضا بقوله: [يأتي زمان على الناس القابض على دينه كآلقابض على جمر]!
(3) (المنظمة الأقتصادية العالمية),هي السبب في معظم المصائب والمحن الأقتصادية العظمى لأنها أبعدت القيم الأخلاقية و قوانين العدالة الأجتماعية عن مسرح الحياة الحديثة بواسطة الأحزاب الحاكمة و جعلت العالم اليوم مسرحا للنزاع و الحروب لبيع الأسلحة و حصر الأقتصاد و البنك العالمي بيديها و تستخدم سياسات خبيثة عن طريق الحكام لأخضاع و قتل الشعوب, الذي ليس بآلضرورة وقوعه بسلاح نازيّ أو أبيض أو صاروخ باليستي عابر فقط أو قنبلة نووية؛ بل أشده يكون بآلحصار و الظلم وتعميق الفوارق الطبقية و الحقوقية و الضغوط النفسية و ما هو السائد اليوم بين الحاكم و المحكوم الذي لا يحصل على راتب يكفيه لتسديد الأجور و تكاليف العيش, بينما الحاكم يضرب الملايين بلا رحمة و لا أنسانية.
(4) بناء القلوب ؛ يعني بناء الأنسان السوي من الباطن لا الظاهر؛ كي نستطيع بناء المجتمع و تحقيق السعادة للجميع لأدء الرسالة الكونية, لإن المعممين بثقافتهم البالية المنحطة لا يمكنهم تحقيق ذلك كما السياسيين من الجانب الآخر لأنهم مستهلكون و يريدون الدين و السياسة لأنفسهم و ربما لمقرّبيهم, لأنهم لم يعملوا و لم يتغييروا لتكون رسالتهم عملية كونية.
(5) (سورة يونس/34).