Monday, March 11, 2024

أخطر ظاهرة في الحكم و السّياسة أنصاف المتعلمين - الحلقة الأولى

أخطر ظاهرة في الحكم و السياسة أنصاف المتعلمين ؛ الحلقة الأولى : أنصاف المتعلمين الذين يمثلون كل سياسينا و حكامنا و رؤوساء الأحزاب و الحكومات و حتى القضاة في بلادنا و معظم بلاد العالم, بحيث باتت ظاهرة خطيرة ولّدَتْ كل الخراب و آلفساد و الظلم الواقع و الجاري للأسف على جميع الفقراء بشكل خاص .. .. أنها ظاهرة أخطر من ألف داعش وداعش وكافر وملحد و منافق لأنها تمتد و تستمر مع الأجيال, بينما داعش تنهزم فجأة بعد ظهورها!؟ لقد بان بالاستقراء بأن معظم المشكلات في المجالات الحياتية المختلفة حتى في الحياة الشخصية و الزوجية و تربية الأطفال ناهيك عن المدارس التعليمية و الأقتصادية و السياسية و الأجتماعية و النفسية و التنظيمة؛ سببها أنصاف المثقفين؛ العلماء؛ المهندسين؛ أنصاف الأطباء؛ أنصاف الاقتصاديين و هكذا غيرهم في كافة المجالات! فالجاهل النصف مثقف لا يستطيع أن يصنع سفينة أما العالم فيصنع أمتن السفن لأنه يملك أدوات المعرفة وجوهر قوانينها وفلسفتها ! أما النصف عالم (مثقف) فيصنع لك سفينة لتغرق بها و من ركبها في منتصف البحر! فهو يمتلك أدوات المعرفة لكن لا يملك قوانينها. أين تكمن العلة؟! الجاهل لا يؤذي إلا نفسه! الجاهل لن يضرك كثيراً فهو لا يستطيع حتى أن يبرهن على أقواله؛ أما نصف المثقف فهو أشد خطراً من الجاهل و حتى المنافق بل و حتى الشيطان! ونصف الثقافة أو المعرفة أو الفلسفة أشد خطراً من الجهل و حتى المجنون! فالجاهل قد يحثه جهله على التعلم، و قد يشفى المجنون أو يتعقل يوماً .. لكن النصف مثقف أو النصف سياسي أو المتعالم الذي حاز على القشور وترك اللب؛ أو عرف شيئا و غاب عنه أشياءاً فظن أن العلم هو هذا فقط! فإنه يسبب دمار العائلة و الحكومة و حتى المجتمع كله .. فلا هو عالم لينتفع بعلمه ولا هو جاهل في نظر نفسه فيتعلم. نصف مهندس أو طبيب أو سياسي أو فيلسوف؛ هو من قرأ كتابا أو كتابين أو حتى دورة كاملة ليحصل على شهادة في الطب .. فصار يعرف الدواء لكنه لا يعرف قانون الدواء! و يعرف المثلث و الدائرة لكنه لا يعرف كيف يستفيد بربطه بمعادلة إنشائية و بنائية لتحقيق هدف معين .. ترى المهندس يخطط لبناء شارع أو عمارة سكنية فإذا به يُخرب منطقة زراعية بآلكامل .. أو طبيب يخلط الدواء بعضه ببعض فيقتل مريضه بالتسمم أو بالوفاة، ونصف الشيخ هو من قرأ مجلدا أو مجلدين فصار يعرف الحكم لكنه لا يعرف حال المخاطب أو أرض الواقع! فيخلط حالا بحال وأصلا بأصل، حتى أنصاف القراء أنفسهم ممن إذا قرأوا سطرا لم يكملوه أو إذا قرأوا سفرا لم ينهوه أو إذا قرأوا كتابا ظنوا أنهم أحاطوا بمجامع العلم وأتقنوا صنوفه، لكنه في الحقيقة هم كحسو الطير، ينقر هنا مرة وهنا مرة. إن افتراق الأمة كان بسبب هؤلاء "المُنَصِّـفين" الذين يأخذون بالنصف ويتركون النصف الآخر، فالخوارج مثلاً أخذوا آيات الوعيد وتركوا آيات المغفرة، والمرجئة أخذوا آيات المغفرة وتركوا آيات الوعيد. وهنا تكمن المشكلة و علة العلل! فنصف المثقف يستطيع خداعك بمصطلحاته التي لا يفقهها بنفسه! فتراه يتكلم باصطلاحات العلماء لكنه متخبط في فحواها لا يفهم لها معنى، وغالباً ما نضطر إلى تصديقه لأنه يتكلم بلسان العلماء! أو بالأدق يسرق مصطلحاتهم! فلا نستطيع -كعوام- أن نعرف إن كان حقا عالما أم مخادعاً؟! فمثلا تجد نصف الطبيب يستخدم نفس مصطلحات الطبيب كمصطلح (التداخل الدوائي) لكن في الحقيقة هو لا يعرف معناه أو في أحسن الأحوال قرأه في مقالة على أحد المواقع! ونصف الكاتب أو (المفكر) يستخدم نفس مصطلحات الفيلسوف أو الفقيه كمصطلح (مفهوم الخطاب) أو (العادة محكمة) لكنه في الحقيقة لا يعرف مواطن توظيفها و ربطها و الأستفادة منها! ولا تنسى أن شيوع الفساد و الأنحراف في الامة و حتى العالم هو بسبب الفرقة و الأختلاف بين الأمة الواحدة و بين الشعوب و الأمم , و كله كان و وقع بسبب هؤلاء "المُنَصِّـفيّن[الذين يأخذون بالنصف ويتركون النصف الآخر] كما يقول ذلك المختصون بهندسة العقل! فالخوارج مثلاً أخذوا آيات الوعيد و تركوا آيات المغفرة، و المرجئة أخذوا آيات المغفرة و تركوا آيات الوعيد، وهكذا الحال مع المعتزلة أخذو جانباً من التشريع و حذفوا أو تركوا الباقي, و جميع المذاهب و الطوائف و للأسف أخذوا جانباً من القرآن وأغفلوا جوانب أخرى! وهذا ما نبّهنا لها الله تعالى و أكدها سبحانه في آيات كثيرة و بآلأخص على هذا المعنى فقال : [الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا] (الفرقان: 59). فلا تسأل متعالما عن الله عز وجل, فإنه حتماً مضلك! و لا تسأل أنصاف المتعلمين أو السياسيين و لا أنصاف القراء! وهكذا في كل مجالات الحياة و فروعها! عليك بأهل الخبرة و العلوم الكاملة الملمين بجوانب و فلسفة الحياة و البناء و الإعمار و التغيير ، ودعك من هؤلاء المتعالمين المدعيين للدين و العلم و الفلسفة و للثقافة زوراً. الخطر الحقيقي وراء هذا النوع من المثقفين أنه تحوّل إلى ظاهرة خطيرة جداًً (ظاهرة أنصاف المثقفين) والتي أدّت بدورها إلى (تدمير المهنة) و (قلة احترام التخصص) و بآلتاي تدمير المجتمع الصغير و كذا المجتمع الكبير و كذا العالم كله و كما نشهد اليوم و على كل صعيد! كثيراً ما تجد من قرأ مقالاً في الفلسفة أو الهندسة أو الطب و ظن نفسه طبيباً ماهراً ! و من قرأ مقالاً في التربية أو الفقه و ظنّ نفسه مربّياً أو فقيهاً أصولياً! ومن قرأ مقالاً في السياسة ظن نفسه سياسياً محنكاً! و من إنضم إلى حزب صار قيادياً و منظراً .. و هكذا صار الجميع سياسيون و مهندسين و أطباء و فقهاء والجميع يعرف كل شيء عن كل شيئ! فلا تكاد تعرض مسألة أو حادثة إلا والجميع يدلي بدلوه! فلا أحد يحترم المهنة ولا أحد يحترم التخصص, هنا في الغرب و بغض النظر عن سريان بعض تلك القوانين التي أشرنا لها ؛ لكنك ترى في الطب أو الهندسة مثلاً عندما تسأل هؤلاء المختصين سؤآلاً لا يجيبك على الفور ؛ إنما يتمهل و يتمحص الأمر و يراجع الخلفيات و في النهاية مع كل هذا قد لا يجيبك أو يقول لك [سؤآل جيد] و هذا ما حدث معي مرات و مرات. تصور في بلادنا و رغم كل هذا عندما عرضت على البعض بوجوب فتح المنتديات الفكرية في كل مؤسسة و جامعة و مدينة و محلة ؛ لم يسمح ولم ينفذ ذلك إلا القليل القليل منهم كأخوتنا في شارع المتنبي و في بعض المدن و العواصم الأخرى و اشكرهم على ذلك رغم إجحافهم معنا و عدم تدارك التفاصيل حول الأهداف الكبرى لهذا الأمر ..!! لكن ما السبب في كل هذا .. وكيف العلاج؟! العلة الحقيقية وراء هذه الظاهرة يمكن حصرها في ثلاثة أسباب أساسية: [قلة أو ندرة الفلاسفة و العلماء و المفكرين] [المحسوبية الحزبية والولائية و العشائرية الطاغية في الحكومات]. [سهولة تناول العلم في جامعاتنا .. طبعا قشور العلم كما أشرنا لا جوهرها و غايتها و تطبيقاتها]. فقلة العلماء و ندرة الفلاسفة أدى إلى ظهور هذا النوع من المثقفين المتجزئين و المجترين على القول بغير علم, حيث ينقلون العبارات من هنا و هناك لبعض العلماء و الفلاسفة ولا يعرفون غاياتها بآلضبط و الكمال , و بآلتالي خراب العباد و البلاد! وقد أخبر النبي(ص) عن ذلك بآلقول : [إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَ لَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رؤوسا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا] . من قرأ مقالاً في الطب ظن نفسه طبيباً ماهراً !، و من قرأ مقالاً في الفقه ظن نفسه فقيهاً أصولياً! ومن قرأ مقالاً في السياسة ظن نفسه سياسياً محنكاً, و هكذا من قرأ مقالا في الفلسفة ظن نفسه فيلسوفاً للأسف و قد لا يعرف حتى تعريفا صحيحا للفلسفة؟! والمحسوبية و المنسوبية هي من خيانة الأمانة، فصار الحاكم حاكماً بسلطانه لا باستحقاقه أو إنتمائه الحزبي, أو أصبح عضوا في برلمان بإنتخابات شكلية مدعومة بآلمال الحرام المسروق من الفقراء بأصوات ضعيفة و قليلة لا تأثير لها! وصار الفقيه فقيهاً بمجاملاته و نسبه و حسبه! فتسلط الجهال من أنصاف المثقفين على سدة الفتوى و القرار .. بينما أهل الكفاءة في الزوايا لا مكان لهم في ميزان المحسوبيات و الرشاوي و المليارات الحرام .. بل بعضهم أو أكثرهم(العلماء و الفلاسفة) يعاني الجوع و الغربة و العيش بسلام بسبب التهديدات من هذا الحاكم و ذاك الحزبي و أسياده في البلاد الكبرى!!؟ ولهذا قال النبي(ص) : [إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة]. وقوله(ص) : [إذا تقدم قوم شخص و فيهم من هو أفضل منه فأمرهم إلى سفال]. و هذا ما هو الواقع في بلادنا , و في العراق خصوصاً! وسهولة تناول المعرفة و العلم(يعني الشهادة ودرجة الأجتهاد) حتى صار ورقة العلم في متناول الجميع، فمع وجود المصادر المفتوحة والإنترنت؛ تستطيع أن تجمع عشرات المقالات في ثوان معدودة فتأخذ منها ما تحب و تترك ما تشاء بدون أسس علمية أو مناهج بحثية متخصصة و عدم ذكر حتى المصدر أو صاحب النظرية! و هنا أتذكر مقولة لأحد العلماء القدامى ؛ [لا تُعلموا السفلة العلم]. و السبب في ذلك أنهم يأخذون من بعض العلم فيوظفوه بعيداً عن مقصده(للمال عادة), و ربما لمصالح خاصة و حزبية و فئوية وووو . وهناك أضافة لما أسلفنا ظاهرة مقززة و مسببة للكثير من الفساد و الخراب أيضا ؛ و هي ظاهرة النقل و الأخذ من أفكار و تقريرات الآخرين؛ فترى هذا البعض و بلا حياء أو شعور أو وجدان ينقل من البعض نصوصهم من دون أن يشير للمصدر .. و هذا شائع أيضا بين السياسيين حيث يصرحون بها من دون الأشارة للمصدر مما يتسبب بآلفوضى و العشوائية و الخراب لأنه نفسه (المصرح) لا يعرف كيفية توظيف تلك المقولات أو تطبيقها على أرض الواقع , فيعتمد على مستشارين أو أنصاف مستشار .. الذي بدوره يسبب الخراب و الفساد و التزوير أيضا ..و هكذا و للأسف فإنّ حكومات الدول الإستعمارية و المتحكمة ببلادنا ترتاح لمثل تلك الحكومات النصف مثقفة و تدعمهم و تحاول إبقائهم في الحكم مدة أطول لتحقيق مصالحها, و بآلمقابل ترفض و تحارب العلماء و الفلاسفة الحقيقيين!؟ إن علاج هذه الظاهرة يكمن في إتباع نهج الله تعالى الذي أمرنا بتغيير أنفسنا قبل كل شيئ و إرجاع حقوق الناس كشرط أولي للتغيير! : - إصلاح أنفسنا أولاً و قبل كل شيئ بآلتنزه عن الكذب و الغيبة و كبح جماح النفس و تزهيده و ترويضه على الدوام بأن هناك من يراقبه من الغيب.وطرد الأنتهازيين و أنصاف المثقفين ثانياً. فعلاج النفس هو بتأهيل الذات عبر (التزام الحدود و احترام (التخصص و المتخصص) مع الاستزادة من الثقافة المستدامة. و قد قال الأمام علي(ع) : [علمٌ لا يصلحك و(الامة) ضلال]. و قال الامام الصادق(ع) : [رحم الله امرءا عرف قدر نفسه]، و غيرها من المقولات العديدة بهذا الشأن. و على الأنظمة السياسية و الأوساط العلمية قطع دابر هؤلاء المتعالمين و عدم تقديرهم أو وضع لهم شأناً! و على الجميع أن لا يلقوا لما يقولون بالاً، و لا تقفوا لهم على باب. و احرصوا على متابعة أهل الفكر و التخصص، و اتركوا عنكم المتعالمين أهل التلصص، و قديما قالوا : [من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب], و الخطر كل الخطر , يأتي من أنصاف المتعلمين, و هذا ما وقع و يقع في العراق اليوم .. و فوقها يأتي السياسي النصف المثقف و يعترف بلا حياء أمام الناس و في وسائل الأعلام قائلا ً : [لقد أخطئنا و أخطأ الجميع ممن معي و نعتذر للشعب و الأمة]. هذا السياسي الذي إعترف بخطئه لا يعرف أيضاً ؛ بأنّ إعترافه ذاك هو جرم كبير آخر بحق الله و رسوله و الأمة .. لأن خطأ المسؤول يكلف كثيراً و ليس كخطأ المواطن العادي .. لإن خطأ الإنسان العادي أو الموظف الصغير يمكن تداركه و علاجه و تصحيحه ربما بلا خسائر تذكر أو ربما خسائر سطحية جداً .. لكن خطأ و تصريح المسؤولو تبعاته يكلف كثيرا ً.. قد يكلف خزينة الدولة و حقوق الأنسان و حتى مصيرها و يصعب عادة أو لا يمكن جبرها بسهولة .. و هذا أمر خطير لا يعرفه أحزابنا و حكامنا و سياسينا خصوصا رؤوساء ألأحزاب المتحاصصة بشكل خاص و للأسف لمعرفتي الدقيقة بمستوياتهم, لهذا فإن الخراب يستمر و سيتعمق يوما بعد آخر مع تعنت هؤلاء المتجزئين من أنصاف المثقفين؛ ما لم نقف أمامهم و نقطع دابر فسادهم! و من هنا أيضاً أفكر أحياناً و أميل إلى جانب المرجعية التقليدية التي لا تؤمن ببناء دولة في عصر الغيبة الكبرى هذه .. لكن يعترض هذا التفكير إشكال كبير يتعلق عند عزوفنا عن تأسيس دولة عادلة أو شبه عادلة يتسبب في تسلط الظالمين علينا وعلى الأمة ..!؟ و إنا لله و إنا إليه راجعون, و لا حول ولا قوة إلا بآلله العلي العظيم. عزيز حميد مجيد

أخطر ظاهرة في الحُكم و السّياسة أنصاف المتعلمين _ الحلقة الثانية

أخطر ظاهرة في آلحكم و آلسّياسة أنصاف ألمتعلمين – الحلقة الثانيّة : في الحلقة الأولى من هذا البحث الهام و الخطير جدّاً جداً, بيّنا خطورة أنصاف المتعلمين و آلمُدّعين للدِّين و الثقافة و العلم وووو...إلخ. و بيّنا صفات المُـتعلّم العارف ألواجب تكريمه و أطاعته لكون : [المُتعلّم العارف يختلف عنِ(أنصاف المتعلمين) بقدرِ اختلافِ ألحيّ عن الميّتْ]. لقد إبتلى بلادنا اليوم و على طول التأريخ خصوصا الحكومات والبرلمانات والقضاء و مؤسساتهم فيها بجيوش من (أنصاف المتعلمين) المصابين بـ (آلأمية الفكرية) و حتى (الأمية الأبجدية) الذين يمثلون معظم إن لم أقل كل السياسيين و الحكام و المسؤوليين في العراق اليوم, خصوصاً رؤوساء الأحزاب و مرتزقتهم و حكوماتهم حتى في باقي بلاد العالم, بحيث باتت ظاهرة خطيرة ولّدت الشقاء و الفساد و الحروب والخراب وآلظلم و الفوارق الطبقية, وتوصلنا في ختام الحلقة السابقة أيضا إلى أن تصدي أنصاف المتعلمين للسياسة والوزارة والبرلمان و القيادة تعدّ ظاهرة أخطر من ألف داعش و داعش و كافر و منافق و حتى من أقوى اساطيل العالم العسكرية و أكثر خطورة على السلم الدولي والعالمي ومصير الشعوب!؟ في هذه الحلقة نبيّن لكم بإختصار بليغ, رأي أكبر عقل في العالم بعد الفيلسوف الحكيم سقراط و الرّسول الخاتم(ص) و الأمام عليّ(ع) و هو (آلبرت آينشتاين), حيث يقول و يُبيّن .. مصدر الخطر الحقيقيّ على الشعوب و البشرية و النظام العالمي إلى أنصاف المثقفين قائلاً : [إنّ نصف مثقف أو(عالم) أو حامل القليل من الثقافة خطير, و هكذا الذي يحمل الكثير من العلم]! [A LITTLE KNOWLEDGE IS DANGERROUS THING. SO IS A LOT], (ALBERT EINSTEIN). أما نظرنا بشأن هذا (الإستيتمنت) أو التقرير الآينشتايني الخطير .. فهو : نعم .. (نصف المُتعلم أو المثقف الذي قد يحمل شهادة إختصاص أو حتى فنّ مُعيّن أو شهادة فوق الأختصاص كشهادة (دكتورين) خطير فعلاً ولا شك, وقد أثبتنا هذه الحقيقة في الحلقة الأولى من البحث, لكن أنْ يكون (العالم الحكيم) أيضاً خطراً؛ فهذا فيه نظر, و نظرنا هو: يكون (العالم الكامل) خطيراً أيضاً حسب رأي الفيلسوف(آينشتاين) كما (النصف المثقف) في حال فقدانه للتقوى و الأيمان بآلغيب و الوجدان, لكن لو كان يُؤمن و له وجدان و إيمان بآلغيب ؛ فأنه هو المطلوب الذي يجب أن يحكم البلاد و العباد أينما كان و في أية دولة أو قارة, وهذا ما أشار له الأمام عليّ(ع) الذي وضع شرطين أساسيين للذي يُريد أن يحكم و يقود و يقرّر مصير الشعب و الأمّة و هما : ألأمانة ؛ و الكفاءة. و الكفاءة هي ما تكلمنا عنها في (فلسفتنا الكونية العزيزية) بكونه ملماً بكل الجوانب و الأختصاصات المرتبطة بإختصاصه و نظرته للوجود, و بآلتالي يقل نسبة الخطأ في قراراته إلى ما يقرب من الصفر! فإنتبهوا يا أخوتي, خصوصاً المختصّين والأساتذة والعلماء ومراجع الدّين جميعأً لئن يكونوا مِمّن يحمل العلم الكامل ويعلم بالعلاقة العلمية بين إختصاصه والأختصاصات الأخرىً من جهة و بآلواقع و الظروف المحيطة بآلمسألة المراد حلّها, خصوصاً في العلوم الأنسانية و الأجتماعيّة والنفسية والدينية و الصناعية و التكنولوجية والطبية. فعند تكامل آلمعرفة و العلاقة بين الأختصاصات في وجود القائد يكون عالماً قديراً حقّاً و يمكنه عنذئذٍ أن يكون رئيسا و سياسياً رائداً يقود البلاد و العباد إلى شواطئ الأمان والسعادة بعكس القادة و الرؤوساء الحاليين الذين قادوا و يقودون البلاد للهاوية و الدمار لأنهم لا يحملون تلك المواصفات الفكرية الجامعة ولا حتى جزء منها. وخير الكلام ما قلّ و دلّ, أما تفاصيل هذه القضية و طرق ألتّخلص من الأميّة الفكريّة ثمّ إستنباط القوانين تجدونها في (الفلسفة الكونيّة العزيزية). عزيز حميد مجيد. يُتبع

الخلاف الديني على الأنتساب لإبراهيم(ع) بين الأديان :

الخلاف الديني على ألأنتساب لإبراهيم (ع) بين الأديان:ـ تنازعت الطوائف الدينية في إبراهيم -عليه السلام- فكل طائفة ادّعت انتسابها إليه وسيرها على طريقته، وما ذلك إلا لمنزلة إبراهيم -عليه السلام- في التاريخ والدين والحياة فهو أمة، وجعله الله إماماً وجعل في ذريته النبوّة والكتاب. وأشهر الطوائف التي ادعت انتسابها إليه ثلاث: اليهود، والنصارى، والعرب المشركون، مع أن هذه الطوائف الثلاث بعيدة عن دين إبراهيم عليه السّلام. ويدّعي اليهود الانتساب لإبراهيم؛ لأنهم نسل ابنه إسحاق عليهما السّلام، ويدّعي النصارى الانتساب إليه؛ لأنهم يزعمون أنهم على دينه، ويدّعي العرب الانتساب إليه لأنهم أبناء إسماعيل ويحجّون البيت الذي بناه إبراهيم -عليه السلام- وقد تحدثت آيات القرآن عن هذا الموضوع، وسجّلت بعض مزاعم اليهود والنصارى والمشركين، ثم نقضتها وردّت عليها وبينت حقيقة دين إبراهيم والذين ينتسبون إليه حقا، ويسيرون على طريقه فعلاً [صلاح الخالدي، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، (1/451)]. كان إبراهيم -عليه السّلام- حنيفا مسلما، وأوصى بنيه بذلك وساروا على نصيحة والدهم وكذلك حفيده يعقوب -عليه السلام- وأولاده، فقد كانوا جميعا مسلمين، وليس كما ادّعى اليهود والنصارى فيما بعد، أنهم كانوا يهوداً أو نصارى، لقد كذب اليهود عندما قالوا للناس كونوا يهودا تهتدوا، وكذب النصارى عندما قالوا للناس كونوا نصارى تهتدوا. والخلاصة التي بينتها الآيات الكريمة في سورة البقرة {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين} [آل عمران: 67] أن الطوائف الدينية السابقة تتنازع في إبراهيم -عليه السلام- وتدّعي كل واحدة أن إبراهيم كان منها وعلى دينها وكلهم كاذبون في ذلك. فإبراهيم وأبناؤه (الأنبياء) لم يكونوا يهودا، ولم يكونوا نصارى، ولم يكونوا مشركين، وإنما كانوا مسلمين حنفاء، وكل منهم كان يوصي أولاده -وهو على فراش الموت- بالإسلام. وكذلك جاءت آيات كريمة في سورة آل عمران في جدال ومحاجة اليهود والنصارى، الذين زعموا أنهم على طريق إبراهيم عليه السلام ودينه وأبطلت الآيات هذا الزعم وبينت من هم أولى الناس بإبراهيم، قال تعالى: {يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون (65) ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون (66) ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين (67) إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين (68)} [آل عمران: 65-68]. إعلان AD وإن هذه الآيات تنكر على أهل الكتاب من اليهود والنصارى جدالهم بشأن إبراهيم عليه السلام وتبطل انتسابهم إليه وتكذبهم في زعم أن إبراهيم منهم، وقد بيَّنت الآيات الكريمة أن التوراة أنزلت على موسى -عليه السلام- وموسى جاء بعد إبراهيم بعشرات السنين إن لم تكن مئات السنين، فكيف يزعم اليهود أن إبراهيم كان يهوديا وإبراهيم قبلهم بمئات السنين [القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث (1/454)]. أفلا يعقل اليهود ويتخلون عن هذا الزعم الذي يكذبه التاريخ؟ وألا يعقل النصارى أيضا ويتخلون عن هذا الزعم: {يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون} [آل عمران: 65]. وصرّحت الآيات الكريمة بتكذيب اليهود والنصارى في مزاعمهم، ونفي كون إبراهيم من أي الطوائف الثلاث الكافرة، اليهود والنصارى والعرب المشركين وتقرر بصراحة أنه كان حنيفا مسلما، وأن دينه هو الإسلام: {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين} [آل عمران: 67]. وبعد أن تجرد الآيات الطوائف الثلاث -اليهود والنصارى والمشركين- من الانتساب إلى إبراهيم، وأنهم ليسوا معه ولا على طريقه ولا متبعين لدينه، وأنهم كافرون ضالّون، بعد هذا تبين من هم أتباعه الحقيقيون، المنتسبون إليه فعلاً، الذين على دينه الحنيف وتحصرهم بأنهم ثلاثة أصناف: {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين} [آل عمران: 68]. إنَّ أولى الناس بإبراهيم -عليه السلام- هم الذين اتبعوه، أي هم المؤمنون الصالحون الذين عاصروه، وعاشوا معه، واستجابوا لدعوته ودخلوا في دينه، سواء كانوا في المرحلة الأولى من دعوته في العراق أو في المرحلة الثانية من دعوته في فلسطين [القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، (1/456)]. واللام في قوله: {للذين اتبعوه} هي اللام المزحلقة، التي انتقلت من اسم {إِن} إلى خبرها: {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}، وأصل الجملة هكذا: لأولى الناس بإبراهيم الذين اتبعوه، فدخلت لام التوكيد على المبتدأ {أولى} لكن لما دخلت {إن} على الجملة، دخلت على المبتدأ {أولى} و{إن} تدل على التوكيد، واجتماع حرفين للتوكيد في محل واحد غير ممكن، فلا بُدَّ أن ينتقل الحرف الأضعف إلى مكان آخر، ليحلّ محلّه الحرف الأقوى، وبهذا تنتقل اللام -أو تُزحلق- من المبتدأ إلى الخبر، وبهذا تسمّى اللام "اللام المزحلقة" وقوله {للذين اتبعوه} تركيز على موضوع الاتباع الصحيح الصادق للنبي، لا يكفي مجرد الانتساب الجنسي الوراثي، بل لا بد من حسن الاتباع. والصنف الثاني الأولى بإبراهيم هو {وهذا النبي} والمراد به رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- والصنف الثالث الأولى بإبراهيم هم: {والذين آمنوا} والمراد به المؤمنون الصالحون أتباع محمد -صلّى الله عليه وسلّم- إنهم هذه الأمة الإسلامية، أمة الشهادة والرسالة والخلافة والدعوة حتى قيام الساعة، وهم أولى الناس بإبراهيم لأنهم على دينه، فهم مسلمون حنفاء، وإبراهيم حنيف مسلم، وهم متبعون لخاتم النبيين محمد -صلى الله عليه وسلّم- والرسول الذي بشّر به إبراهيم عليه السّلام [القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، (1/458)].