Saturday, December 05, 2020

لماذا الفساد ثقافة؟

 

لماذا آلفساد ثقافة؟

أشرنا للأسباب المركزية سابقا بكونها بإختصار ثلاثة؛ الدّين؛ التعليم؛ الإعلام, و طبيعة البشريّة أساساً .. لكونهم يحملون ذاتياً 33 صفة مشينة تشكل و تتعاظم في وجودهم أبرزها (ظلوما جهولاً) كما وصفهم الباري خالقهم و مهندسهم, لهذا إن لم تتحقق آلآدميّة بعد الأنسانية فيهم بآلسعي؛ فإنّهم يفسدون لا محال .. و مَنْ يسعى عمليّاً لوصول الآدميّة الآن؛ بل مَنْ يعرف معناها و أبعادها الفلسفيّة!

لقد سخّر البعث جميع الوسائل الأعلامية لتكون أبواقها لنشر عظمة و عطاء و ثقافة صدام وأتباعه .. و بآلتالي تربية الشعب العراقي و ترسيخ المفاهيم الفاسدة في وجوده كآلعنف والقسوة و التسلط وحصول المراتب على أساس ذلك, أ تذكّر في السبعينات و بينما كان العراق منغلقاً على نفسه والعراقي محروم حتى من كسب العلوم و المعرفة و الثقافة ألأنسانية الآدمية؛ كان صدام يصول و يجول بحسب مقاساته لتحقيق مصالحه الشخصية والعائلية قبل أيّ شيئ, حيث وحّد الأعلام و الأقتصاد و السّياسة و بآلأخص الأذاعة و التلفزيون و التعليم  و حتى الرياضة من خلال إبنه المتهور الجاهل عدي المقبور وكذا الكتابة والفن و الأدب من خلال جوقة معروفة من الكتاب و الشعراء الشكليين الممسوخين قلبا و قالباً, الذين كان جلّ إهتمامهم هو تمجيد ما يقوله و يخطط له سفاح العراق صدام لإدخال العراق في حروب مدمرة و نزاعات داخلية و خارجية
.

مرّة كنتُ أتابع التلفزيون الصداميّ في سبعينات القرن الماضي و صادف أن عرضت نشرة الأخبار العراقية و كآلعادة جولة من جولات السفاح الجاهل قبل كل الأخبار .. في أحد الأحياء السكنية, فصادف رجلاً مسنّاً يُعاني من وجع في أسنانه, فأعطاه هبة نقديّة بحدود عشرة آلاف دينار لتعمير أسنانه و المجتمعون حوله من الحمايات و الأمن والناس يصفقون له و لمكرمته السخية حيث ركزت الكامرات على تلك الهدية وإنبرت الصحف بآلحديث عن المكرمة بشكل غريب وهكذا كانوا يفعلون موحين للشعب بكون الرئيس يعطيهم تلك الأموال من كدّ يده و من نتاج علمه و خيراته و إرث أجداده و قد أشار قريب لي  وقتها للموقف بسؤآل إستبياني قائلاً:

إنظر و تأمل يا أستاذ(يقصدني أنا)؛ هذا هو الرئيس القائد  السخي الذي يعطي الأموال للفقراء و أنت غاضب عليه و تتهمه بآلفساد, و المصيبة أنه كان معلماً !؟

و بذلك جعلوا العراقيين يصلون لبقائه و يتحيّنون الفرص علّهم يفوزون بلقاء مع رئيسهم لضرب ضربة العمر كأوراق اليانصيب .. و بات شعار و ثقافة العراقيين لحد اليوم؛ [بآلروح بآلدم نفديك يا هو الجان] للحصول على المال.

والموضوع لا ينتهي بإنتهاء صدام إلى مصيره الأسود؛ بل باتت سُنّة و ثقافة لجميع العراقيين حتى بعد 2003م على يد  القادة المتحاصصين من آلرّؤوساء و المسؤوليين؛ كرئيس الوزراء آلسيد المالكي و العبادي و عبد المهدي والكاظمي وذيولهم ممّن يرتبط بهم, حيث بدؤوا بتوزيع أموال و هدايا و مسدسات حتى بناء بيوت هنا وهناك أو إهداء سيارات و غيرها و هكذا (ياحوم إتبع لو جرينة), و كما شهدت ذلك في مدن تابعة لمحافظة الحلة و محافظة النجف و واسط و غيرها للأسف الشديد!

ألذي نريد قوله أيها المثقفون كي نقضي على هذه الظواهر و السنن الشيطانية التي كرّست الفساد حتى باتت ثقافة عراقية, هو:

أ لا يستحي هؤلاء الفاسدون بفعالهم هذه و توزيعهم لتلك المكرمات ألأستثنائية للأستهلاك الأعلامي أمام الناس و التي تهدف أساساً إلى أظهار المسؤول أو الرئيس المتبرع و حزبه بكونهم خُدّام للشعب و الفقراء لوجه الله لا لأجل السلطة, و أنهم لا يرجون من هذه الحياة منصباً أو شيئاً سوى العيش البسيط كباقي الناس و الرضا بما قسّمه الله .. !؟

أ لا يوجد مثقفٌ عراقيّ واحد ليتساأل عن كلّ هذا الخراب و الدّمار و الفساد و الفقر و المرض و فقدان العلاج و المدارس و الروضات النموذجية و الجامعات العلمية الراقية بحسب مقاسات اليونسيف ووو؟؟

ثمّ أَ لا يمكن سنّ قوانين عادلة تنصف الجميع بلا تمايز  ومحاسبة ألـ 500 مسؤول فاسد مع ذيولهم الذين جعلوا العراق مديناً؟

و أَ ليس من الحقّ و الأنصاف و العدالة و المدنية تصويب القوانين الدستورية لإنصاف الشعب بآلتساوي بدلا من هذه الخدع الواضحة و التي و للأسف ما زال أكثرية الشعب العراقي يصدقه وكأن الهبات من إرث أبائهم ولا يلتفتون للخلف أوالمستقبل؟

هذا الموقف قبيل الانتخابات البرلمانية يذكّرني بمنصب المرجعيّة العظمى قُبيل إنتخابها .. فبعد أن يموت المرجع الحيّ؛ ينشب حراكاً قويّاً و محموماً من قبل المراجع الآخرين الذين يأملون الفوز بالمنصب الأعلى للمرجعية فيقومون بزيادة رواتب الحوزيين و تنظيم صفوفهم و تقديم الهبات و العطايا كي يكسبوا المزيد من المريدين للوصول إلى سدّة المرجعية العليا, و هكذا كان مذ أن كنا مقربين منهم أواسط القرن الماضي
.

لهذا لو إستمر الوضع هكذا و لم تفهم المرجعية قوى الروح و علاقتها بآلنفس و الكون ودور الأحزاب و الشعب و فلسفة الوجود و الحياة؛ فإنّ العراق و حتى العالم لن يتخلص من الفقر و الجّهل و الفساد و الظلم, خصوصاً والمسؤول و الحاكم ما زال حرّاً يُخادع الناس لسرقتهم و إستنزافهم و التسلط عليهم بغير حقّ و كما فعل صدام ووعاظه حتى دمرّوا أجيالاً بآلكامل!

و سيتعاظم الفساد ما دامت القيم الحزبية و العشائرية و العمائمية حاكمة بدلاً من الفلسفة الكونية وآلفكر و العلم و الأخلاص.

حكمة كونيّة: [أللهم إحفظ الأسلام من المسلمين].

العارف الحكيم عزيز حميد مجيد