Tuesday, October 31, 2023

أسرار العشق - الحلقة الثانية

أسرارُ آلعشق – ألحَلقةُ آلثالثة : و هي دراسة معمّقة عن حقيقة البشر و الخلق و الهدف من الحياة : بقلم : ألعارف ألحكيم عزيز الخزرجي منذ آلصّغر كنتُ أبحث عن حُبٍّ حقيقيّ أزلي يُخفّف عني قسوة المحيطين و آلام الحياة و يُخرجني من وسط المآساة التي احاطت بنا و تلك الغربة التي أحسستها منذ ولادتي و التي بدت و كأنّها ستمتد و لا تنتهي حتى الموت .. كنت أبحث عن حبٌّ كيفما كان يُعيد لي توازني ألذي فقدته في عالم ممتلئ بآلقسوة و العنف و الرّياء و النفاق و (النهيلزم) و عبادة الذات بأعطية عديدة و منها غطاء الأسلام! حُبٌّ صادق لعلّه يُحقّق لي ولو أبجدية معنى الوجود و يُمكّننيّ من خلاله إرواء عطشي ألرّوحي للأصل الذي إنقطعت عنه بإرادتي أو بغيرها – لا أعلم حقيقةً – لسرٍّ مكنون في صعوبة فهم تفسير و قبول شهادتي على نفسي لدخول هذه الحياة بعد ما عجزتْ كتب الفقه و الأدب و الشعر و غيرها من تفسير ذلك .. فأنا روح شفافة للغاية لم تلطخها عبث الآخرين و قسوتهم؟ فجهدت نفسي باحثاً عن ذات الحُبّ الكونيّ الذي فقدته و الناس لأنقطاعي عن الاصل بسبب الأقدار و آلهجر و بعض النفوس الشيطانيّة من حولي .. وكل البشر يحوي شيئاً أو كلاً من الشيطان بذاته! و حين رأيتهُ – أيّ حُبيّ ألمجازيّ و أنا بعد لم أبلغ الحلم – في غفلة من ذلك الزّمن الذي لا يُمحى؛ ثبتَ لي حقائق كثيرة بعد أسفارٍ أرضيّة مريرة لا يقوى عليها أكثر البشر .. كشفتُ أنّ هذا النوع من العشق ألمجازي لا يستجيب و لا يمحي الغربة لانه عاجز عن إرواء و ملأ الفراغ الكبير الذي بدى مُمتداً في قلبي إلى اللانهاية في هذا الوجود الغير المتناهي الذي أعتقد بأنّ له نهاية بعكس ما إعتقده و لم يتأكد منه (ألبرت آينشتاين) !؟ و حقاً كان كذلك .. ففي المحطة الأولى لأسفار عبر مدن العشق الأرضية (1) بعد ما تحطّم كلّ شيئ و خاب ظنّي و أملي من خير الناس مع الأرض, حين رأيتُ بأن الحُبّ رخيصٌ جدّاً و لعله أرخص شيئ لدى هذا البشر الخائن الظالم الجهول ! لذلك يئست .. من الوصول للآخرة .. لمدينة السلام الأبدية و أنا حيّ أُرزق بعد ما رأيت المحبوب قد إنغمر بحبّ مخلوق بشريّ أرضيّ آخر أنْستهُ ببساطة كل ساعات و أيام و أزمان العشرة و كلمات الحُبّ و كأن شيئا لم يكن .. فأحسست بأننيّ كنتُ مُخطئاً و مغبوناً في نفس الوقت و حقيّ ضائع على الدوام .. فتهت و تحيّرت بعد ما علمت بفقدان العدالة في الأرض .. و بدأت أكرّر قصيدة (محمد صالح بحر العلوم) ؛ (أين حقيّ)(2) . و طالما رددّت قولهُ آلحكيم بجانب قصيدة أبو ماضي الذي ما علم من أين أتى و إلى أين أتى و مع من و إلى أين سيرجع .. بعنوان(لست أدري)! و كل العلماء و حتى الفلاسفة و العرفاء ؛ ما علموا حقيقة هذا الوجود إلا مَ، رحم ربيّ .. و هكذا كان .. حتى صرتُ أحنّ للقائه وجهاً لوجه, لأسمع إحدى قصائد العارف محمد بحر العلوم و آلتي مطلع : رحتُ أستفسر من عقلي و هل يُدرك عقلي .. محنة الكون التي إستعصت على العالم قبلي. أ لِأجل الكون أسعى أنا أم يسعى لأجلي؟ و إن كان لكلّ فيه حقّ .. أين حقيّ !؟ و هكذا كنتُ أحاول جاهداً منذ الصغر وصول مدينة العشق الأبديّة للخلود فيها أبداً بعيداً عن هذا الخلق و هذا العالم الغريب .. و أنا أبحث عن حبٌّ لا تؤثر فيه قوى الطبيعة و مادّياتها و نفوس هذا البشر المُلوّث بجذور آلخسّة و الخيانة و البخل و الحسد الذي هو علة العلل في فساد الدّنيا .. و بينما كنت أبحث في كل مكان و خيال عن الحقيقة ؛ تهتُ في آلكثير من المتاهات و المجاهيل و الطرقات .. و واجهتني الكثير من الأخطار و المهالك التي نجوت منها, لكنها تركت في وجودي جروحاً و في جسدي كدمات ما زالت ظاهرة .. ربما كانت ذلك إرادة الله بآلأصل .. تلك الأرادة القاهرة لكل الأرادات الفرعية .. بمعنى نحن مُسيّرون بحسب عقيدة المرجئة و إن كان لنا الخيار و الحكم في تحديد المواقف بحسب إعتقاد المعتزلة أو لا هذا و لا ذاك بل هو أمر بين أمرين بحسب إعتقاد مدرسة أهل البيت(ع) ..!!؟ على أي حال ربما كانت احصيلة هي إرادة الله في النهاية أن أبقائي لهذا آليوم كي أسطر هذه الملاحم العرفانية في مبادئ (الفلسفة الكونية), لتكون منهجاً لنجاة آلتائهين و ما أكثرهم في هذا العصر الفاسد .. بعد ما تاهو في دهاليز العشوق المجازيّة التي حطمت وجدانهم و آمالهم حتى مسختهم من دون أن يعلموا بعد ما جرى عليهم عملية الأستدراج ثم المسخ و حتى الإستبدال . شُعراء و علماء كثيرون من مختلف ألبلاد و آلأمصار, ظهروا و خلّفُوا تُراثاً غنيّاً و دواويين شعريّة مُعبّرة و خالدة و حتّى روايات و حكايات دالة عن آلعشق و آلعرفان وعن جانب أو جوانب ألحياة ألماديّة وآلمعنويّة! إلّا أنّ هُناك من بين أؤلئكَ آلرّجال ألألهيّين ألّذين برعوا حتى في العلوم الغريبة(3) بجانب التقوى و الزهد و الأسفار الكونيّة و العلوم ألأدبيّة و آلتّقليديّة و ألصُّوفيّة – ألعرفانيّة – ألفلسفيّة .. و قد ظهر بينهم شخصيّات قليلة فذة – عرفانيّة – أخلاقيّة إستثنائية وصلوا القمّة حتى درجة (العارف الحكيم)(4) بإبداعهم و نظرتهم آلعميقة لفلسفة الحياة و للوجود, فخلَّدتهم فوانين الكون, و يُمكن رؤية و إستشفاف عمق الأدب وآلجّمال و آلبُعد آلكونيّ في آثارهم تلك آلتي تركوها للناس الذين لم يعودوا يقرؤون للأسف .. بينما القراءة و المطالعة المفيدة للفكر لا للأخبار هي المرحلة الأولى للبدء بمسير الإجتهاد لنيل درجة العارف الحكيم .. لذلك صارت (القراءة) هي الحل الفصل لنجاة هذا البشر الذي غرّه جهاز الموبايل و أمثاله لقراءة الأخبار و آلصور بعيدا عن الفكر و البحث الجاد في قضايا الوجود و الخلود التي باتت من حصة العارف الحكيم فقط لكثرة الجهل و الأخبار التافهة عن هذا الحزب و السياسي المجرم و ذاك الشيطان و هذا الفاسد .. فإبتعدوا عن نهج ألخلود .. بحيث باتت آراء أخرى هي السائدة بقيادة الشيطان تخالف تماماً نهجنا و هذا التقييم, حيث تتهم تلك الآراء نهجنا بآلأنحراف و حتى الزندقة لقصورهم في العلم و المعرفة بمعرفة المعرفة! لذلك لم يتوقف الهجوم عند حدّ .. بل إتهموا العرفاء و الحكماء بالفساد الأخلاقي! و إختلفت ألتّقيمات ألأدبيّة و الدّينية و العرفانيّة بحقّهم من ناقد عنيف يقابله مادح مُحبّ حدّ التقديس ؛ و من مدرسة إلهيّة لأخرى إلحاديّة أو شيطانية؛ أو عقائدية, لأخرى وجودية .. و هكذا ! و السبب هو إصابة آلنُّخب الثقافية و حتى العلماء الأحاديين بنظرتهم و المدعين للدِّين؛ بآلأميّة الفكريّة و الأنا و الحسد الذي هو سيّد الأسباب! من أؤلئك العرفاء العظام بعد آلرّسل و أهل البيت(ع) هم (محمد باقر الصّدر و الأمام الراحل و السلطان شاه آبادي و الحكيم محمد حسين الطباطبائي), سبقهم جمعٌ آخر لكنهم معدودين من أمثال سقراط و أفلاطون و أرسطو و محي الدّين بن عربي و فريد الدين العطار ألنيشابوري و الحسين بن منصور الحلاج و أبا يزيد البسطاميّ و إبراهيم الأدهم سلطان نيشابور و جَلالُ ألدِّين ألرُّوميّ و شمس التبريزي و آلسّهروردي القتيل و غيرهم كثير, لك الذي برز في ميدان العرفان و الحِكم بعد الأمام الراحل و الصّدر الأوّل هو شمس التبريزي و صاحبه جلال الدين ألرّومي قبل أكثر من 800 عام .. فمن هو تلك الشخصيّة التي برزت أكثر فأكثر مع تقدم الزمن!؟ وسنتحدث عن هذا آلشّاعر ألعارف جَلال ألدِّين ألرُّوميّ, لأنّ قصته غريبة حقّاً و قد فصلنا الكلام عنه في كتابنا (حقيقة جلال الدين الرومي)(5)! فما هي حقيقتهُ و سرّهُ؟ و كذلك : ألمُعجزة آلّتي سبّبت تعلّقهِ بشمس آلدِّين ألتّبريزيّ: و ألأثر آلـذي تركهُ على آلطـرق ألصُّوفيّة ألشّـرقيّة ؟ و لمـاذا تأخّـر آلعرب و حتى آلعَـالَـم في معرفتـــــه ؟ و ما آلأثر ألذي تركه في أوساط ألمُثقفين والأدباء ؟ و مدى مصـداقيّته في تقرير أقواله وملاحظاتـــه ؟ و كيف إختتمت حياته, و ما هو موقف ألنّاس منه ؟ وأخيراً ألأدب ألفلسفيّ في قواعد ألعشق ألأربعون. ألتفاصيل لمن يريد معرفة عالم مرموز بآلأسرار : إنّ مجرّد الولوج في ذلك العالم ألمرموز إبتداءاً ؛ يشعر الأنسان معه بآلتهيب و الوجل و آلتريّث و الأغتراب, حيث يعتريه حالة غريبة يحسّ معها بأنه كآلسّابح في محيط مترامي من الجّمال و الورع و الجلال و النشوة و الولج في العشق و العرفان .. مع إحساسٍ رائع يداخلك ممزوج بهيبة و أمان! و أنت تغوض هذا العالم اللامتناهي تشفق على نفسك و تتواضع بلا إرادة و بكل كيانك وسط ذلك الوجود الجديد الذي لم يسبق أنْ خضته من قبل, و تشعر كم أنك تافه و ضئيل و جاهل بمعلوماتك و مدّعياتك قبل ولوجك في هذا الكون السّحيق! إنه لأعجب من العجب, أنّك و لمجرد الأبحار ثمّ التحليق في هذا الفضاء الرّحب المُتناهي لا كما جهله (آلبرت آينشتاين) ؛ تشعر أن روح الفضاء و ذاك المحيط المترامي حاضرة في وجودك, و هذا الجّمال و العظمة لا يمكن أن يُوصف .. لأنّ كشف الجّمال يحتاج لجمال يتحدث عنه و يكشفه! يعني؛ بعد أن يُنوَّر تلك الهالة من الأجواء العجيبة أسرارنا و ضمائرنا يميل صاحبه إلى الهدوء و السكون و الصّمت بشكل طبيعي, لذلك كثيراً ما يكون العارف ألنائل لتلك آلدرجة من الكرامات مستورة في العالم, لأنه قلّما يظهرها أمام الناس و حتى أمام المؤمنين الذين لا أساس و لا مقدمات و لا خبر عندهم عن عوالم القلب و الوجدان الذي يمثل الله في وجودنا .. بل و يفتخرون(انصاف المعرفة و العلم و الثقافة) – لجهلهم – و إعتقادهم بمدىً عقليّ محدود .. بآلقياس مع آلمدى آلكونيّ! لأنه قد يرى بعض المسافات الظاهريّة في أفقه المحدود من غير التأمل في أعماق الأشياء و الوجود لعدم إمتلاكه للبصيرة التي تموت بمجرد موت الوجدان الذي هو منبع المنابع ! و هذا الأمر لا علاقة له بآلمذاهب و الدين و العقائد .. إنّما هي علوم و أسرار يتوصل لها العقل الباطن(البصيرة) .. لا الظاهر .. الذي و كما أشرنا آنفاً يفتخر به الناس و العلماء و الفقهاء السطحيين. لهذا محمد باقر الصدر أو الأمام الراحل أو قبلهم الأنبياء و الرسل السماويون و كذا الأرضيون كسقراط و إسبينوزا و أفلاطون قد نُسُوا و لم يعد لهم ذكر .. و هذا مولانا آلرّومي ألذي مرّ على ميلاده 800 عام و قبله أهل البيت(ع) و ألأنبياء العظماء(ع) و بعده أؤلئك الذين أشرنا لهم آنفاً ؛ ما زالوا مجهولين كآلأوصياء .. كما الكثيرين من أقرانهم و على رأسهم أئمة الهدى, و سيبقون مستورين عن العالم و العرفان ما لم يفتح الأنسان ألعارف قلبه الباطن ليُبصر حقائق هذا الوجود العظيم! لكن لماذا لا يستطيع البشر و حتى الأنسان الذي يعلو على البشر بدرجة(6) .. أن يكشف حقيقة هؤلاء و يسير بطريقهم !؟ هل لأننا سطحيون ….! ؟ هل لأننا تمسكنا بآلدّنيا؟ هل لأننا لسنا عاشـقين؟ أم عشقنا لكن المجازي منه ؟ هل لأننا لسنا مُتيّميـن بآلعشق الحقيقي ؟ هل قطعنا حبال الوصل مع المعشوق لقتلنا الوجدان؟ هل لأننا نجهل العلوم و الفنّ ألعميق .. كقوانين الأفئدة؟ قد يكون إجتماع كل تلك النقاط هي السب في إنحراف جيمع البشرية اليوم! بإختصار علينا معرفة الأربعين سؤآلاً .. لندخل معترك العلم و المعرفة في هذا العالم الممسوخ(2). و إلا فأننا سنبقى نحوم خارج و دون المدار الآدمي و الأنساني و حتى البشري الذي يُعرف بمدار الحيوانية في فلسفتنا, فنحرم أنفسنا من لذائذ المعرفة و الأدب و العرفان و العلم و بآلتالي عمل الخير .. بل و نبقى بدونها طفيلييون لآخر العمر و بذلك لا نرى الجنة أبدأً .. بعكس عالم العرفان الذي يؤدي بصاحبه إلى نيل السعادة في الدارين .. حتى في الآخرة تره يمتنع عن ملذات الجنة و يبقى مشدوداً لعظمة الباري .. و لا تنفع حتى شكوى الملائكة الموكلين بخدمتهم لله .. حين يشتكون له : يا إلهي هؤلاء لا يطلبون منا شيئا ً.. فما نعمل!؟ فيقول الباري : إتركوهم .. هؤلاء هم حصّتي أنا! قال إقبال اللاهوري معظماً مقامه – أيّ مقام الرّوميّ – بعد رؤيته في المنام: صيّر الرّومي طيني جوهراً . . من غباري شاد كوناً آخراً و قال بعض العرفاء كالنورسيّ في آلرّوميّ: [علّمني الرّومي أنّ ألف حكيم أحنوا رؤوسهم للتفكير لا يُضاهون كليماً واحداً كآلرّومي]. و قد أكدّ هذا المعنى عارفاً آخر هو (أبو سعيد أبو الخير) على لسان ألحكيم (إبن سينا), الذي قال عن مكانته: [ما نراه نحن بفكرنا يراهُ أبو سعيد بعينه] و قد وردت عن قصّة مشهورة عن إبن سينا الفيلسوف العارف. إنّ ما يكتبه العارف الحكيم هو آلذي يخلد .. بل لا يشيخون أبداً, إنّهم شُبّان دائمأً و كلماتهم تحي حياة الأنسان و المجتمعات... لأن الحقّ تجلّى أمامهم في الوجود, بمشيئة الله الذي قال : [سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ](7). هذه الدّرجات العلا لا يصلها إلا مَنْ سار على نهج الحقّ المُبين و أدّى الحقوق و صدق مع ذاته و مع الله و لم يكذب في صغيرة و لا كبرة و طبّق شرع الأسلام! أما الذين يُسقطون آلأحكام ألشّرعيّة بدعوى أنّهم وصلوا ؛ فإنهم كاذبون, و كما قال عارف حكيم: إسألوا هؤلاء المدّعين: أَ عَرَفتُم ما عَرفهُ آلرّسول(ص)؟ فإن قالوا : نعم, فقد كذّبوا! و إن قالوا لا, فهذا إقرار بوجوب إتّباع نهجه و أحكامه حتى يتسنى لكم فيما بعد وصول درجة العرفان .. فبدون تطبيق أحكام الشرع لا يمكن إطلاقاً وصول تلك المرتبة السامية الخالدة في عالم السلام و الأمان! سألوا (با يزيد البسطامي) بعد ما قال شيئاً عجيباً مُعَظّماً نفسهُ بصراحة هو : (سبحاني ما أعظم شأني)!؟ فسألوه بإستنكار : أيُّكُما أعظم يا أبا يزيد : أَ مُحمد بن عبد الله الذي قال؛ (سبحان الله و بحمده …) .. أم أنتَ يا أبا يزيد البسطامي الذي تقول ؛ (سبحانيّ ما أعظم شأني)!؟ قال با يزيد مُبيّناً علّة ذلك : ]لأنّ رسول الله على عظمته و شأنه إنّما كان يقول : [سبحان الله و بحمده .. و أنا أقول بحسب شأني ؛ سبحاني سبحاني ما أعظم شأني]!؟ لكون الرسول(ص) قد وصل مقام التوحيد فصار حبيباً لله فكان يُسبّحه تعالى بعد ما عرفهُ عين و حقّ و علم اليقين, أمّا أنا (با يزيد) فما زلت مشغولاً بنفسيّ و لم أصل الذي وصله الرسول(ص)!؟ ألعاشقون لا يسمحون بدخول حُبّ شيئ في وجودهم إلّا بمقدار رضا الله, فكلما دخل في قلبكَ حُبّ شيئ ؛ خرج شيئاً من حُبّ الله منه. لهذا قالوا : [إن علماً لا يصل بك لله؛ ألجّهل منه أفضل]. لذلك فآلواصلون يعبدون الله حقّ عبادته بإخلاص و صدق, و يقولون؛ إسألوا المشعوذين الذين حرّروا أنفسهم من العبادة و الألتزام بدعوى كونهم قد وصلوا الحقّ, بينما يمهدون بتلك المقولات الشيطانية ليجعلوا كل حرام مباح!؟ أَ عَرَفتم ما عَرَفَ محمد(ص) و أهل بيته و أصحابه من الحـــقّ؟ فإن قالوا نعم؛ فقد كفروا فإحصروهم, لأن بقائهم إفساد للأمّة. و إن قالوا لا؛ فهم زنادقة .. يُريدون التّحرر من الفرائض و العبادة و الألتزام لنيل الشهوات و عمل كل ما تهواه نفوسهم بال قيود! و هناك مقام للمعشوق و مقام للعاشق: ألمعشوق ؛ له هيبة و سلطان عليك. و العاشق ؛ له ثلاث مراتب هي ؛ أعلى – أوسط – أدنى! و تَحُد مقامات العاشقين ثلاث خطوط حدودية : ألخط الأول : خطٌّ أقرأه أنا و تقرؤونه أنتم. ألخط ألثاني : خطٌ أقرؤوه أنا ولا تقرؤونه أنتم. ألخطّ الثالث: و خطٌّ لا أفهمه أنا و لا أنتم, إنه ما وراء الحقيقة تختصّ بآلذّات المقدسة. فالحَلّاج(ألحُسين بن منصور) المُلقّب بـ (شهيد العشق الإلهي) قد وصل بداية المقام العاشر .. لأنهُ يختلف عن العالمين. و كذلك (أبا يزيد البسطاني) قد وصل مرتبة (الأتحاد) كما تدلل القصص على ذلك! و أما شمس التبريزي فقد وصل أعلى مقام .. إنه ملك أصحاب المقامات الثلاثة, و سنتحدث عن الحلاج في الحلقة القادمة إن شاء الله بآلتفصيل. ألعارف الحكيم ؛ عزيز حميد الخزرجي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) كما للكون أسفار و أزمان .. فللأرض أسفار و أزمان أيضاً, و أوّل من أشار لها مجموعة من العلماء كآلشيخ الأكبر و الأنصاري و الشاه آبادي والأمام الراحل و النيشابور و غيرهم, ونشير هنا إلى أسفار العارف الحكيم (العطار ألنيشابوري) و هي سبعة : [ألطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الإستغناء – الحيرة – الفقر و الفناء]. https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=4244(2) (3) ألعلوم الغريبة كثيرة منها: علم الجفر ؛ علم السّيميا ؛ علم ألسّحر و قراءة المستقبل و غيرها. (4) ألدّرجات أو المراتب العلميّة الكونيّة ألعزيزية, هي كآلتالي : [قارئ – مثقّف – مفكّر – فيلسوف – فيلسوف كونيّ – عارف حكيم]. https://www.noor-book.com/en/ebook-%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D9%87-(5) %D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84- %D8%A7%D9%84%D8%AF-%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1-%D9%88%D9%85%D9%8A-pdf (6) ألمراتب الكونيّة للبشر حسب الفلسفة الكونية العزيزية هي : [(البشرية) ؛ وهي المرتبة الأولى, حيث يصطف فيها البشرية مع الحيوانية . (الأنسانية) ؛ و هي المرتبة الأرقى الثانية, حيث يتحلى بآلقيم و الأخلاق. (آلآدميّة) ؛ و هي المرتبة العظيمة التي معها يصل المخلوق فيها المرحلة الآدمية و يحصل على درجة التواضع التي يستحق معها الخلافة الألهية. للتفاصيل راجع كتابنا:[أسفارٌ في أسرار الوجود] المُجلّد الرابع. (7) سورة فصّلت / 53.