Thursday, March 07, 2024

بلاد العرب ما قرّت :

بلادُ العُربِ ما قزّتْ!! دول الأمة وعددها (22) تصارع بعضها , وتستنزف طاقاتها في تفاعلات سلبية بينية , قاهرة لقدراتها على البناء والنماء والتقدم المعاصر , ولا توجد دولة فيها لم تخاصم غيرها , وتتآمر عليها , وتتعاون مع أعداء الأمة للنيل منها , والأمثلة ساطعة كالشمس في رابعة النهار. وكل دولة تحسب أنها ستنجو من الغرق , بمخاصمة شقيقتها , وإستدعاء وحوش الإقتدار العالمي لتتحصن في ديارها وتتدرع بها ضد الأخ الخصيم , وتلك من عجائب سلوك أنظمة الحكم في بلاد العرب والمسلمين , فالأمة ليست واحدة , والدين ليس واحدا. وبموجب ديمومة السلوك الإستنزافي الإستضعافي المهيمن على مسيرتها , فمعظمها تتقهقر وتنزوي في ظلمات الأجداث , وتترنم بالغوابر وتقودها الأموات. فالعرب لا يقزّون (لا يتوثبون) وربما يتثاءبون , ويتقززون (ينفرون) , فتحوّلت القَزة (الوثبة) في وعيهم الجمعي إلى قُزة (حية بتراء) , وإذا بهم يُطعمون الآخرين , ويؤهلونهم للعدوان على مَن قزّ (وثبَ). هذه أحوال أمة ” وإعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا” , و” المؤمن أخو المؤمن” , و” كلكم عيال الله…”. ولا معنى للألفة والمحبة , بل العدوان شريعة فاعلة في المجتمعات , والعدل عدو الملك , ولابد من الجور والفتك بحقوق الإنسان , لكي تثبت قوائم الكراسي , ويحرسها الشيطان , فإن لم تسفك دماء المواطنين , وتقهرهم بالهرولة وراء الحاجات , وتمتهنهم بالملهيات المتناميات , فأنت عدو أسيادك , ومرجوم من الحافين بالكراسي , والمبرمَجين لتأمين مسيرات المآسي. دستورهم الغاب المبين , وقانونهم الجور المهين , وكلهم متجبر وغير مسؤول عن آثامه وخطاياه , ما دام الدين برقعه , ويحكم بأمر ربه , الذي سلطه على الفاسقين , ورزقه من حيث لا يحتسب , فغنم البلاد وما فيها وما عليها , فالقوة سلطان , والهوان من الإيمان!! والحقيقة المريرة تلخصها الأبيات التالية: “وإذا تركت أخاك تأكله الذئاب…فاعلم بأنك يا أخاه ستستطاب ويجيئ دورك بعده في لحظةٍ…إن لم يجئك الذئب تنهشك الكلاب إن تأكل النيران غرفة منزلٍ..فالغرفة الأخرى سيدركها الخراب” فكيف سيكون مصير أمة متقززة من القَزة؟!!

الفقر عدّو يجب قتله و مسببه :

ألفقر عدوٌّ يجب قتله و مسبّبه: يقول الإمام علي (ع): [لو كان الفقر رجلاً لقتلته] . وقال : [لو دخل الفقر بيتاً دخل الكفر معه]. وقال : [ما جاع فقير إلّا و بجانبه حقّ مُضيّع]. و يقول الفيلسوف كارل ماركس : [الفقر لا يصنع الثورة، إنّما وعي الفقير هو الذي يصنعها، الطاغية مهمته أن يجعلك فقيراً ، و شيخ الطاغية مهمته أن يجعل وعيك غائباً] . ويقول الفيلسوف الاندلسي ( أبن رشد) : [ إذا رأيت الخطيب يحثُّ الفقراءَ على الزهد دون الحديث عن سارقي قوتهم؛ فاعلم أنّه لصٌ بملابس واعظ]. هذه المقولات ، يرددها للأسف و على الدوام : معظم الوعاظ من الشيوخ و السادة , حيث يقولون للناس بلا حياء و وعي : [الفقر.. ابتلاء؛ المرض ابتلاء؛ و المصائب ابتلاء؛ و سيجزي الله المبتلين الصابرين بجنان الخلد], و كأنَّ الله خلق عباده ليبتليهم فقط (حاشاه) ولا توجد أهداف كونية من هذا الخلق العظيم و في مقدمتها العدالة التي تعتبر قرين المعرفة و التقوىو بآلمقابل الفقر عدو خطير و مهلك و مفسد !؟ إنّ الفقر عدوّ و كفر و فساد و حرمان يجب مكافحته و القضاء عليه و على مسببه, خصوصاً إذا كان المسبب معروف يرتبط بآلنظام السياسي الحاكم, و هكذا كان الأئمة و الحسين (ع) في مقدّمتهم و إستشهد لأجل الحقّ و العدالة و الفقراء و لم يستشهد بسبب مصيدة أو خطأ في الحسابات أو كان يريد السلطة, كما يقول البعض من المغرضين للأسف. العراق و بسبب الأحزاب المتحاصصة التي تسرق بعشرات الوسائل الملايين و المليارات من قوت الناس يعيش نصف الشعب فيه في الفقر و ثلثه تحت خط الفقر و الباقي يعاني بدرجات متفاوتة على كل صعيد للأسف. عندما وقف مواطن عراقيّ بباب نائب في البرلمان في نيوزيلندا رافعاً لافتة تقول [راتب الضمان الاجتماعي لا يكفينا، و انت مسؤول عنا لتحل مشاكلنا] . إستقبله النائب و أدخله إلى داره ، و قام المهاجر العراقيّ يوضح له بأنه يُحوّل إلى والديه مبلغ من راتبه كل شهر، لأنهما مريضان بأمراض مزمنة ولا يوجد علاج في العراق، ممّا يجعل راتبه غير كاف له و لعائلته .. في غضون أيام ، زارتهم مسؤولة الضمان الاجتماعي لإعادة دراسة وضعهم و تخمين احتياجاتهم .. قام خريج عراقي في بغداد بتقديم طلب إلى نائب عراقي يطلب منه أن يعينه بعقد ، لأن وضعه المالي والاجتماعي صعب ، فحتى الشرطة لم تسمح له بغسل زجاج السيارات في السوارع عند إشارات المرور .. تفاجئ الشاب العراقي بأن مدير مكتب النائب قد أعد له كتاب إلى إلى مديرية شرطة المرور و النجدة للسماح للخريج العراقي بغسل زجاج السيارات في إشارات المرور .. يقول مسؤولو التخطيط بأن ثلث الشعب العراقي تحت خط الفقر و أن أكثر من هذه النسبة من العاطلين والمعطلين من العمل .. و جميع الشعب يعاني ويعيش نقصاً فاضحاً في الخدمات الثقافية و الرّعاية الطبية و التعليمية و الترفيهية. ما لفت انتباهي ، رجل خمسيني ، يصرح عن أنهُ (و الحمد لله) يعمل ، لكن هناك الألوف من الخريجين والشباب عاطلين عن العمل ، و عندما سأله مقدم البرنامج عن عمله؟ أجاب بفخر : [أنشل(أسرق) الزوار .. و عندما سأله المقدم : عن سبب قيامه بذلك؟ إجاب : لم أجد غيره ... ]! لذلك يجب توزيع ثروات البلد على الجميع بآلتساوي دون فرق بين طبقة و أخرى بإعتبارها حقوق طبيعية تضمن و تُحصّن و تحفظ آدميّة كلّ فرد بإعتبار أن لكل إنسان حاجاته الضرورية, و إن الحرمان و الفقر أساس الشعور بآلظلم و الإضطهاد و بآلتالي الثورة و التفريق بين أبناء المجتمع. و [من إبتلي بآلفقر إبتلي بأربع كما تقول الرّوايات : - بآلضعف في يقينه .. - و النقصان في عقله .. - و الرّقة في دينه .. - و قلة الحياء في وجهه]. وتلك الخصال قد شملت شرائح كثيرة من الشعوب و منها الشعب العراقي للأسف. و المال ليس هدفاً في حياة الأنسان الهادف في الأسلام, إنما وسيلة لبلوغ الأهداف الكبرى التي حدّدها الله تعالى للبشرية في قوله : [و ما خلقت الجّنّ و الأنس إلّا ليعبدون], طبعا العبادة ليست الصوم و الصلاة و الحج و غيرها؛ إنما كل ذلك مقدمات لشحن النفوس بآلطاقة الأيجابية لأداء الأعمال الصالحة لخدمة الناس و سعادتهم. و الثروات الطبيعية في أيّ بلد, هي حقّ لجميع أبناء المجتمع و ليس فضلاً أو منّة من الحاكم على المحكوم, هذا حسب آراء الأئمة و فقهاء الإسلام , و تلك هي نظرة الأسلام لتوزيع الثروة كأفق أرحب من النظرة المحلية الضيقة و أسمى من النظرة المادية , فما أودعه الله في الأرض من الخيرات و الثمرات و سخر لهم ما في السموات و الأرض ؛ إنما سخّرها و أودعها لكل البشر و إن أية حكومة أو حاكم فرد أو جماعة أو حزب ليس من حقهم أحتكار تلك الخيرات لهم و لأحزابهم و لرؤوسائهم و كما هو السائد في العراق للأسف, فلا يجوز توزيعها حسب مآلاتهم وهواهم و تحاصصهم الحزبي أو العشائري أو القومي العائلي, إنما يجب توزيعها بآلعدل و التساوي عبر مؤسسات رسمية وشرعية. و إن التوزيع العادل للثروة يؤدي إلى تحقيق العدالة الأجتماعية, و يولد التوازن الأجتماعي و السلام و المحبة على مستوى النظام السياسي و يتسبب بنشر الثقة و الأمن و الهدوء و السعادة بين الجميع و بآلتالي تحفيزهم ذاتياً للأبداع و المشاركة و العمل الصالح الموحد المنتج بعيداً عن الأتكالية و الطفيلية و النفاق و الغيبة التي عمّقتها الأحزاب المتحاصصة و فرّقت المجتمع إلى طبقات يتقدمهم الطبقة الثرية ثم البرجوازيات الحزبية و هكذا حتى الطبقات الدنيا المسحوقة., و هذا الكلام يعترف به حتى الفاسدين في الأحزاب و كبار القضاة في العراق و قد أعلنها قبل أيام رئيس المحكمة الأتحادية نفسه, والحال أنه يعيش الواقع الفاسد في العراق على صعيد الحقوق و فرق الرواتب بين موظف و آخر و متقاعد و آخر و بين رئيس و عامل و هكذا!؟ يقول تعالى : [وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] (96/ الأعراف). والحال أن العراق و كما يشهده الجميع من أغنى دول العالم ؛ لكنه رغم ذلك يعيش فيه أكثرية الشعب في الفقر و المرض و العوق و الكآبة بسبب الطبقة السياسية الجاهلية الحاكمة! إنّ ما جرى و يجري في العراق الآن هو أسوء من الخيانة العظمى و من الشرك بآلله بحسب نهج الله تعالى, ألّذي يقول : [يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ] (آية 27 / ألأنفال). و السبب في كونه الأسوء من الخيانة العظمى و من الشرك ؛ هو إن القوم الذين يحكمون بآلتحاصص و النفاق و الأئتلافات و الكذب و الدّجل قد غرّروا الأمة بكونهم مجاهدين و مؤمنين و مضحين في سبيل العدالة و الدعوة لله .. يعني في سبيل سعادة الشعب ؛ بينما هم و كما أثبتوا مجاهدون في سبيل بطونهم و شهواتهم و مصالحهم الفئوية و الحزبية بسرقة أموال الناس و منهم الفقراء أولاً .. و ليس لله وجود في حركتهم و دعوتهم و حياتهم و أهدافهم, و هكذا هي الحكومات التي تحكم العالم اليوم. و حتى لو كانوا مجاهدين حقاً .. و هو فرض و فرض المحال ليس بمحال .. فلا يحق لهم ذلك أيضا .. و إنهم مهما كانوا ؛ فليسوا بأفضل من (أهل البيت و الرسول(ص) و الأمام علي(ع) الذي ليس فقط لم يأخذ شيئاً إضافياً من بيت المال له أو لعائلته و من يحيط به؛ بل كان نصيبه أقل من الجميع و كان آخر من يستفيد, و قد تصدى للخلافة و إستشهد ولم يملك بيتاً على حساب راتبه من بيت المال الذي كان تحت إمرته, بل سكن بجانب من مسجد الكوفة ! إن الحكم العادل النزيه يرفض هؤلاء المنافقين .. و يحتاج بدلهم إلى أشخاص صالحين مفكرين متّقين مدركين لقيم العدالة و إيصال الحقوق بآلتساوى لأصحابها بلا تفرقة قومية أو دينية أو مذهبية أو حزبية, و لكل مواطن كافرٌ كان أو منافق أو زنديق الحق في الحصول على قوته و حصته من بيت المال! و ذلك هو النظام العادل الذي يضمن كرامة الأنسان و حريته و يُمهد له الطريق لعبادة الله و تحقيق الأهداف الكونية المرسومة له, و ما جاء في وصية الأمام علي لمالك الأشتر يثبت ذلك, حين يقول : [فليكن أحبّ الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح, فإملك هواك و شحّ بنفسك عن ما لا يحلّ لك فأن الشّح؛ ألشّحّ بالنفس, الأنصاف منها فيما أحبّت و فيما كرهت , و إشعر قلبك الرحمة للرّعية و اللطف لهم و لا تكوننّ عليهم سبعأً ضارياً تختنم أكلهم فأنهم صنفان؛ إمّا أخٌ لك في آلدّين أو نظيرٌ لك في الخلق]. خلاصة المقال : [الفقر عدوّ يجب قتاله و قتال من يتسبب به كآلسياسيين و السلاطين الطغاة], و [الأنسان يقتل على ثلاث ؛ دينه و ماله و عرضه]. و نختم كلامنا بعرض نهج عليّ في الحكم و و العدالة و تبرؤوه من الظلم و من كلام للامام أمير المؤمنين ( ع ) يتبرأ فيه من الظلم و يذكر فيه موقفه في قصتين مختلفتين ، قال عليه السلام : [وَ اللَّهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ 1 مُسَهَّداً 2 ، أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلَالِ مُصَفَّداً ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ ، وَ غَاصِباً لِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْحُطَامِ ، وَ كَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا 3 ، وَ يَطُولُ فِي الثَّرَى حُلُولُهَا 4]. القصة الأولى : يقول عنها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : [وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلًا 5 وَ قَدْ أَمْلَقَ 6 ، حَتَّى اسْتَمَاحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً ، وَ رَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ غُبْرَ الْأَلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ ، كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ 7 ، وَ عَاوَدَنِي مُؤَكِّداً وَ كَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً ، فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمْعِي ، فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُهُ دِينِي ، وَ أَتَّبِعُ قِيَادَهُ مُفَارِقاً طَرِيقَتِي ، فَأَحْمَيْتُ لَهُ حَدِيدَةً ، ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا ، فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا ، وَ كَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا 8 . فَقُلْتُ لَهُ : ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ يَا عَقِيلُ ، أَ تَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ ، وَ تَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ ، أَ تَئِنُّ مِنَ الْأَذَى وَ لَا أَئِنُّ مِنْ لَظَى ] . القصة الثانية : يقول عنها أمير المؤمنين ( ع ) : [وَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلْفُوفَةٍ فِي وِعَائِهَا ، وَ مَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا ، كَأَنَّمَا عُجِنَتْ بِرِيقِ حَيَّةٍ أَوْ قَيْئِهَا . فَقُلْتُ : أَ صِلَةٌ ، أَمْ زَكَاةٌ ، أَمْ صَدَقَةٌ ؟ فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ! فَقَالَ : لَا ذَا ، وَ لَا ذَاكَ ، وَ لَكِنَّهَا هَدِيَّةٌ . فَقُلْتُ : " هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ ، أَ عَنْ دِينِ اللَّهِ أَتَيْتَنِي لِتَخْدَعَنِي ، أَ مُخْتَبِطٌ أَنْتَ ، أَمْ ذُو جِنَّةٍ ، أَمْ تَهْجُرُ ! وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا ، عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ ، وَ إِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا ! مَا لِعَلِيٍّ وَ لِنَعِيمٍ يَفْنَى وَ لَذَّةٍ لَا تَبْقَى ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُبَاتِ الْعَقْلِ وَ قُبْحِ الزَّلَلِ ، وَ بِهِ نَسْتَعِينُ " 9 ] . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1. حسك السعدان : عشبة شوكها مدحرج ، الواحدة حسكة ، مجمع البحرين : 5 / 262 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران . 2. المُسَهَّد : من أصابه الأرق ، و الذي لا يقدر على النوم . 3. أي رجوعها . 4. حلولها : أي نزولها و إقامتها . 5. عقيل أخو الامام علي ( عليه السلام ) . 6. أملق : أي افتقر و احتاج . 7. العِظْلِم : نبتٌ يُصبغ به ، و يقال هو الوسمة ، مجمع البحرين : 6 / 118 . 8. الميسم : اسم الآلة التي يُكوى بها ، و يُعَلَّم ، مجمع البحرين : 6 / 183 . 9. نهج البلاغة : 346 ، طبعة صبحي الصالح . بقلم : عزيز حميد مجيد

لماذا تركت العراق - الحلقة الخامسة

لماذا تركت العراق!؟ الحلقة الخامسة : كل ثورة كما هو المعروف و المشهود ورائها حركة فكريّة يبدعها و يُنظّر لها المفكرون المخلصين و الفلاسفة من فوقهم ويُنفذها الفقراء ويأكل ثمارها الإنتهازيون, و قد ثبت هذا في معظم بلدان العالم التي قامت فيها الثورات و الأنتفاضات و شهدناها حتى مع رسالة الأسلام بعد وفاة الرسول(ص) .. و شهدناها في بلادنا بوضوح و في العراق خصوصاً بشكل لا مثيل له رغم وجود حالة خاصّة ترتبط بدول كبرى تدخلت في تحرير العراق بقيادة أمريكا و الأتيان بنظام جديد لم يشهده العالم من قبل .. إلاّ أن القرآن الكريم أشار لها بدقة أيضا و كما سيأتي بيانه : جاء في الأمثل لتفسير القرآن لآية الله ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى : [وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ] (العنكبوت 10). شركاء في الانتصار أمّا في الشدّة فلا: حيث أنّ الآيات المتقدمة تحدثت عن المؤمنين الصالحين و المشركين بشكل صريح، ففي الآيات الأولى من هذا المقطع يقع الكلام على الفريق الثّالث أي المنافقين فيقول القرآن فيهم: [وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ‌], فلا يصبرون على الأذى و الشدائد، و يحسبون تعذيب المشركين لهم و أذى الناس عذاب من اللّه‌, [وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ‌] فنحن معكم في هذا الافتخار و الفتح. ما حدث في العراق بعد سقوط الصنم البعثي الصدامي؛ تصْدُق عليه تلك الآية الآية .. ذلك أن المعارضة العراقية قد إنتهت تقريباً و إستشهد معظم أعضائها, و لم يكن أحد الموجودين الآن بدءاً بآلسوداني و المالكي و الجعفري و الخزاعي و البياتي و الركابي و من حكم أو ناب الشعب في مجلس النهاب أي وجود أو دور أو حتى موقف لهم في معارضة النظام.. و لأنهم تعلموا النفاق و التكبر و اللا دين و آللاأخلاق من نظام البعث و أمثاله من الاحزاب عندما كانوا يعملون فيها كأعضاء مرتزقة كما هم اليوم مرتزقة في احزاب التحاصص في السلطة؛ لذلك تراهم تسلّلوا كآلحيتان الصغيرة و بسرعة في مواقع السلطة و البرلمان و غيره و تأقلموا مع النظام الغريب الجديد السائد اليوم ليظهروا أنفسهم بأنهم مؤمنين و يعارضون الظلم و يريدون خدمة الناس .. بينما هم أنفسهم بنفاقهم و كما شهدالعالم؛ أسوء و أظلم حتى من كفر البعث و ظلمهم, لأنهم أثبتوا بأنهم منافقين ولا يمتون للأسلام أو القيم و الاخلاق بصلة. لهذا ليس فقط تركت حكم العراق و لم أتحمل أية مسؤولية فيه لأني أساساً لا أحب السلطة و الرئاسة خصوصا في العراق الخالي من القيم و الأخلاق والوعي و الثقافة ؛ بل و تركت كل شيئ ربما للأبد و الله الأعلم. و هكذا .. و لتلك الأسباب التي أشرنا لعناوين بعضها آنفا أو في الحلقات السابقة؛ لا مستقبل ولا نتيجة ولا عدالة و لا محبة في حكمهم لما فعلوا و يفعلون بحقوق الناس و بدين الله و عباده و آلوطن. و لا حول ولا قوة إلا بآلله العلي العظيم. عزيز حميد مجيد؟
بعد وفاتك.. ستتحول من شخص و كيان ، كان لك مكانتك فى المجتمع ، من المحتمل أن تتحول إلي صورة على حائط يحاول من يحبك أن يحافظ عليها .. وعندما يموت من يحبك ستمحى نهائيًا و سترى الأحفاد أن الحوائط لم تعد تتحمل ثقل ذكرانا ونحن نغط فى موت عميق . آه لو علمت السرعة التي ينساك الناس بها بعد موتك، فلن تعيش حياتك لإرضاء أحد سوى اللّٰه.