صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Wednesday, October 08, 2025
من أين ورث الشعب ثقافته ؟ عزيز حميد مجيد .. فيلسفو كوني
من أين ورث الشعب ثقافته!؟
عزيز حميد مجيد فيلسوف كوني
و لماذا ورث كل هذا البلاء .. و قد قتلوا و شرّدوا أخيار الناس و أئمتهم كآلأمام الحسين (ع) وأبنائه بدم بارد, وقد رأيت بأمّ عيني كيف كان النظام البعثي يقتل الناس و يسجنهم و يُسفر العوائل لإيران و هم حفاة و أطفالهم في عزّ الشتاء بلا رحمة و الناس حتى (الجيران و غيرهم) يمرّون من أمامهم بلا تعاطف أو حتى كلمة حقّ, هذا إذا لم يكونوا يعملون مع البعث الظالم سراً!
و للآن الشعب يكرّر الظلامات لكن بأوجه و صور مختلفة كإنتخاب الفاسدين و تكرار إنتخابهم بكل غباء و جهل .. و هو لا يدري بأنّ الجّهل عينه و ذاته ذنب كبير يجب التحرر منه !؟
الجواب بكل وضوح و إختصار؛ إكتسبها من النخب و الاحزاب التي لم تكن مثقفة فلو كانت متّقيّة لا (نصف مثقفة) فنتيجتها كانت تكون حتماً ؛ المحبة و الوئام و التعاون و التواضع و الأنتاج و الوفرة و آلعدالة و بآلتالي السعادة, و لو كانت العكس, فهو العكس كما هو الواقع الآن شعب بآلكامل يشقى, بينما الحكمة الكونية العزيزية تقول :
[لا يسعد شعب فيه شقي واحد, فكيف الحال إذا كان الشعب كله يشقى]!؟!
و لو كان المجتمع يتّصف بآلفساد العام و الجرائم المنظمة و الظواهر اللأخلاقية الشاذة؛ فأن السبب هو نفاق و خلو الوجدان و الأخلاق في الحُكام و السياسيين و هذا هو واقع العراق و بلادنا للأسف, وعلة العلل في ذلك .. هي الثقافة المنحطة و الدين المؤدلج :
و بما أن بلادنا حكمها و يحكمها للآن أنصاف المثقفين كظاهرة شاملة حتى في الجامعات والمدارس ناهيك عن الطبقة السياسية التي فقدت الوجدان و إمتازت بآلأمية الفكرية و الأبجدية لهذا إنتهى العراق و مسخوا الشعب و لا يتطور أبداً!؟
ملاحظة : ألتطور ليس بناء شارع أو رصيف مدرسة ؛ إنما هو العدالة و آلحرية و و الكرامة و المساواة و خلو المجتمع من الطبقية في الحقوق و الرواتب, و بما أن هذا الأمر الأهم مفقود بل و معكوس ؛ لذا الخراب و الفساد سيستمر حتى زمن الظهور, ما لم تتقدم المرجعية و تستلم زمام الأمور و تضع ثقتها بآلجهة المطمئة مع إشرافها المباشر, و تلك هي الحالة الوحيدة الناجية خصوصا مع الشعب العراقي!
و إليكم التفاصيل:
يقول أحد الكتاب : [بعد ثورة تموز و تأسيس الجمهورية العراقية عام 1958م عملت الدّولة على نشر التعليم والثقافة والوعي الصحي و الزراعي و الصناعي بشكل خاص بين صفوف الطبقات المحرومة ، فكانت من خطوات تلك الثورة التغييرية؛ إرسال فرق سينمائية للمناطق المحرومة لعرض الأفلام السينمائية بالمجان على شاشات عملاقة في ساحات المدن المفتوحة لتسلية الناس والترفيه عنهم من ناحية وبث الوعي والثقافة من ناحية ثانية بإعتبار الأعلام و القصص السينمائية مدرسة بحدّ ذاتها,و كنت بآلمناسبة شاهداً لتلك الفعالية عندما عرضوا فيلماً في الصوب القديم بمدينة بدرة/واسط و عمري أنذاك لم يتجاوز الأربع سنوات ، بعد أن وصل فريق ثقافي سينمائي عصر ذلك اليوم لمدينتنا لعرض أحدى الأفلام قرب الجسر القديم على شاشة من القماش بطول 5في4 تقريباً, تعلق على الحائط فتتجمع العوائل والناس من مختلف الأعمار نساءاً ورجالاً تفترش الأرض لمشاهدة أحداث الفلم و لأول مرّة يشهدون ذلك، وكانت الدولة حينها تهدّد بالعقوبات الشديدة و محاسبة من لا يحضر العرض السينمائي ، فكانت الناس تحضر مجبرة و بنفس الوقت متلهفة لمشاهدة شيء جديد لم يعتادوا مشاهدته من قبل!
و كلنا يعلم أن الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي لم يعرفوا ولم يسمعوا بالسينما والتلفزيون في ذلك الوقت ، فمع تجمع مئات العوائل الجالسة على الأرض الترابية و في وقت مساءاً تمّ عرض فلم مصري (قصة قديمة) عن حياة عنترة بن شداد ، كانت أحداث الفلم تتحدث عن شجاعة و بطولات عنترة و علاقته العاطفية بعبلة, و كانت العوائل رجالاً و نساءاً منبهرين و هم يشاهدون لأول مرة احداث فلم امام شاشة عملاقة كقصة حقيقية وكان ظن الجميع أن ما يحصل على الشاشة احداث جارية لحظتها ، ففي أحدى لقطات الفلم سقط عنترة من حصانه أثناء أحدى المواجهات فصرخ يستنجد بأخيه بعد أنْ تجمّع عليه الأعداء و احاطوا به!ولكن المفاجأة قبل أن يأتيه أخيه ، هبت الجموع الجالسة التي كانت مندمجة مع الفلم وهي تتفرج هبت لنصرة عنترة فصار الهجوم على الشاشة وهم يهتفون ( إحنا أخوتك عنترة ) فتم تمزيق الشاشة وتوقف الفلم وعمت الفوضى وانتهى العرض ، نعم هذه حقيقة ثقافة الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي قبل حوالي 65 عاماً ، أي بعد الثورة وأسقاط النظام الملكي].
ثم يضيف الكاتب الذي لا أتذكر إسمه للأسف : [بأن تلك الحادثة القديمة جداً أحضرت في ذهني و أنا أتصفح فديوات اليوتيوب فوجدت فديو قد لا يختلف كثيراً في احداثه عن تلك الحادثة عام 1958 م ، فقد تمّ هذا الفديو تم تصويره وبثه في العام 2023 م ، الفديو يصور ساحة ترابية يمثل فيه مجموعة ممثلين محليين في أحدى المحافظات العراقية واقعة يوم العاشر من محرم و مقتل الحسين في واقعة معركة الطف، و الجموع البشرية التي حضرت مبكراً لمشاهدة هذا العرض التمثيلي, و كلهم يعرفون بأن ما يحدث أمامهم هو مجرّد تمثيل أو مايسمى (بالتشابيه) كمسرح كبير, فان حضورهم هذا العرض التمثيلي لفهم حيثيات ذلك الحدث التأريخي ، ولكن المفاجأة أيضاً بدأت عند لحظات مقتل الحسين(ع) حسب تصوير الفديو ، الناس يهجمون بالمئات وبأندفاع عاطفي كبير بشكل جماعي صغاراً وكباراً على الممثلين الذين قتلوا الحسين(ع) و أشبعوهم ضرباً مبرحاً و أدموهم وتمّ نقل بعضهم إلى المستشفيات القريبة وهم في حالة خطرة!
وكأنّ صورة ما حدث قبل أكثر من ستة عقود في خمسينيات القرن الماضي؛ تعاد بشكل حي مع فارق وحيد وهو عدم وجود ضحايا قبل ستة عقود .. و هنا وجود عشرات الضحايا ].
إن السؤال الذي يخطر على بالنا و نحن نشاهد ذلك الفديو و (التّشابيه)، و نعيش الواقع كما هو :
ماذا تطوّر من العراق, خلال فترة زمنية إمتدت لنصف قرن؟
إضافة إلى فائدة الثورة الحسينيّة التي إمتدت لـ 15 قرناً؟
و هذه هي عقلية الناس و هذا هو مستوى وعيهم للآن؟
وهؤلاء هم غالبية الشعب العراقي إن لم نقل كلّهم شئنا أم أبينا, فآلصفة المشتركة : (طيبة + جهل + عاطفة + سذاجة + حرمان + طاعة عمياء) أو (معارضة عمياء)!؟
فهل مع هذا الوعي المشوّه و الوضع العاطفي السطحي البسيط سيتغير العراق نحو الأفضل؟
إذاً علينا تغيير النظام السياسي و عرض الأديان السماوية على حقيقتها و فلسفة الأنظمة الحاكمة أولاً ثمّ تدريب النّخب و توعيتهم عبر أعداد و تعليم المعلمين في وزارة التربية و التعليم و إعداد المرشدين عبر وزارة الأرشاد و الثقافة و في الحوزات العلمية لأحداث تنمية بشريّة – حقيقية صحيحة .. لا حزبية أو عشائرية أو مذهبية و مناطقية لأغراض محدودة و خطوط مشبوهة تصب لصالح الرؤوساء و الشيوخ و لجيوب الأحزاب و السياسيين الفاسدين ..
و إلا فآلنتيجة تبقى هي نفسها كما كانت عبر القرون؛ شعب مُغيّب في الأوهام و التقاليد و ربٌّ عادل رحيم يُفرّق بين عبادة في التقييم (حاشاه), هكذا تشيع بعض الحوزات للأسف و كما سمعته بنفسي من سيّد ربما يعتبر نفسها آية الله أو حجة الله ..... و هكذا لا يُميّز الباطل عن الحقّ و لا يعرف قيم العدالة عن الظلم , و (المثقف) عن (أنصاف المثقفين) و (الفاسد عن الصالح) و المجاهد عن المنافق و حتى (العدو من الصديق)؛ و بآلتالي كيف يمكن أن يفلح و يهتدي و يتحرّر العراقي الشريف و يُحرر الناس معه و الأصل و المعلم نفسه فاقد للمعايير الكونية الصحيحة و القيميّة العلويّة أساساً .. مثلما هو الآن للأسف بسبب عدم وضوح رؤيته و جوهر الدِّين و المذهب الذي يعتقد به في عقله و ربما في قلبه إذا كان يدعي العرفان!
عزيز حميد مجيد .. فيلسوف كوني
Subscribe to:
Posts (Atom)