Tuesday, October 24, 2023

إختبار عقائدي للمقاومة !؟

إختبار عقائدي للمقاومة !؟ اختبار عقائدي لحزب الله و المقاومة و حتى إيران !؟ ؛ و لـ "وحدة الساحات" المقاومة ! هل يدخل "حزب الله" المعركة ؟ تساؤلات كثرت عن رد حسن نصرالله على دعوتها لدخول المعركة المصيرية كفرصة ذهبية لا غنى عنها إطلاقاً , مقابل تفسيرها المجحف بتسيس الدماء التي تنزف في كل دقيقة أو دقائق شهيد ؟! أربع نقاط رئيسة تضمنها بيان "حزب الله" في أعقاب إطلاق "حركة المقاومة الإسلامية" (حماس) عملية "طوفان الأقصى" ضدّ إسرائيل السبت 7 أكتوبر/ تشرين الأول؛ الأولى و الأهم من كل النقاط الأخرى ؛ تُعبّر عن توظيف سياسي مبكر للمعركة من خلال القول إنّ "طوفان الأقصى" هي "رسالة الى العالم العربي والاسلامي والمجتمع الدولي بأسره، وخاصة أولئك ‏الساعين الى التطبيع مع هذا العدو، أن قضية فلسطين قضية حية لا تموت حتى ‏النصر والتحرير". و بذلك يكون "حزب الله" قد ذهب سريعا إلى وضع عنوان سياسي(ليّبُل) للمعركة لم تذهب إليه "حماس" نفسها التي وضعت "طوفان الأقصى" في سياق الردّ "على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وتنكر الاحتلال للقوانين الدولية وفي ظل الدعم الأميركي والغربي والصمت الدولي"! هذا بحسب ما جاء في بيان القائد العام لـ "كتائب عز الدّين القسام" الجناح المسلح لـ "حماس" محمد الضيف والذي أعلن فيه بدء العملية، داعيا أيضا إلى "الإنتفاضة لنصرة الأقصى". ولذلك فإنّ قراءة بيان "حزب الله"، في توقيته وسياقه العام، تدفع إلى القول إنه لا يعبّر عن موقف الحزب من الحرب و حسب؛ بل عن موقف إيران منها أيضا، من خلال رسم الإطار السياسي الإقليمي العام للمعركة؛ أيّ يمكن اعتبار البيان أوّل المواقف الإيرانية ألسلبية من "طوفان الأقصى". نقاط ثلاث متداخلة لكن هذه النقطة(الأولى) على أهميتها .. لا تمثل الأهم في البيان، أقلّه في اللحظة الراهنة، أذ أنّ النقاط الثلاث الأخرى الرئيسة والمتداخلة في البيان، والتي تركز على دور "حزب الله" في المعركة، تكتسب الآن أهمية قصوى في ضوء السؤال عن إمكان دخول الحزب مباشرة في المعركة من خلال تنفيذ عمليات أو شن حرب عبر الحدود اللبنانية مع إسرائيل وهي الفرصة الذهبية إن كانت حقا تريد ما تدعي. وفي استعادة لهذه النقاط الثلاث فقد دعا الحزب "شعوب أمتنا العربية والاسلامية والاحرار في العالم الى إعلان التأييد ‏والدعم للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة التي تؤكد وحدتها الميدانية بالدم والقول ‏والفعل"، ثم أكد أن "قيادة المقاومة الاسلامية في لبنان تواكب التطورات الهامة على الساحة ‏الفلسطينية عن كثب وتتابع الاوضاع الميدانية بإهتمام بالغ وهي على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج وتجري معها تقييما متواصلا للاحداث وسير العمليات"، وختم بدعوة ‏"حكومة العدو الصهيوني الى قراءة العبر والدروس الهامة التي كرستها المقاومة ‏الفلسطينية في الميدان وساحات المواجهة والقتال". التركيز على الدور المحتمل لـ "حزب الله" في المعركة، يكتسب الآن أهمية قصوى في ضوء السؤال عن إمكان دخول الحزب مباشرة على خط المعركة من خلال تنفيذ عمليات أو شن حرب عبر الحدود اللبنانية مع إسرائيل إذا، وللوهلة الأولى، لم يلبّ الحزب دعوة الضيف "إخوتنا في المقاومة بلبنان و إيران واليمن والعراق وسوريا للالتحام مع المقاومة بفلسطين"، تطبيقاً لنظرية "وحدة الساحات" التي تحولت إلى "عقيدة مركزية" في أدبيات "محور المقاومة" بقيادة إيران مؤخراً، وخصوصا بعد المصالحة التي رعاها الحزب وإيران بين "حماس" والحكومة السورية في سبتمبر/ أيلول 2022، والتي كانت بمثابة إعلان رسمي لعودة العلاقات بين "حماس" و"محور المقاومة" إلى سابق عهدها قبل إندلاع الأحداث السورية في العام 2011، والتي كان موقف "حماس" منها بمثابة إفتراق شبه كلي عن هذا المحور. نصرالله يخطب في ذكرى اغتيال الأمين العام السابق للحزب عباس الموسوي في العام 2006 م, و لكن في قراءة متأنية للبيان ذاك، فإن الحزب لم يغلق الباب تماما أمام إمكان إنضمامه إلى المعركة بين "حماس" و إسرائيل، و ذلك من خلال تأكيد بيانه وحدة حركات المقاومة "الميدانية بالدم والقول والفعل"، وأن "المقاومة الإسلامية في لبنان تواكب التطورات (...) و تتابع الأوضاع الميدانية (...) وهي على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج، وتجري معها تقييما متواصلا للأحداث وسير العمليات". وهو ما يحيل إلى كلام الحزب في أعقاب معركة "سيف القدس" بين "حماس" وإسرائيل (2021) عن وجود غرفة عمليات مشتركة بين الحزب وحركات المقاومة الفلسطينية، وكان الأمين العام للحزب حسن نصرالله قد أعلن ذلك في 25 يوليو/ تموز 2022، وقبله أكد عضو هيئة أركان "كتائب القسام" محمد السنوار، في 22 مايو/ أيار 2022 عن تشكيل غرفة أمنية مشتركة مع محور المقاومة، وهذا قبل "ظهور" نظرية "وحدة الساحات" أو ان الأمر كان تمهيدا لها . حسابات دقيقة : بالتالي فإن بيان الحزب هو، بالدرجة الأولى، تأكيد على التنسيق المباشر بين الأخير و "حماس" بشأن المعركة القائمة، سواء انضم "حزب الله" إلى المعركة بصورة مباشرة أو لم ينضم. و الأكيد أن إنضمام الحزب هذا من عدمه خاضع لحسابات دقيقة من جانب "حزب الله" و إيران، تبعاً لاستعدادهما أو لا؟ في هذا التوقيت بالذات في ضوء الظرف الإقليمي والدولي الراهن، لخوض "معركة شاملة" ضد إسرائيل. ثم وفي ما يعني "حزب الله" مباشرة، فإن الأوضاع السياسية والإقتصادية المعقدة في لبنان، لناحية الفراغ المتمادي في رئاسة الجمهورية اللبنانية والإنهيار الإقتصادي المتفاقم، تدفعه إلى دراسة خياراته بتأن ووضعها في ميزان الربح والخسارة، سواء دخل الحرب أو لم يدخلها . الأوضاع المعقدة في لبنان، لناحية الفراغ المتمادي في رئاسة الجمهورية والإنهيار الإقتصادي، تدفع "حزب الله" إلى دراسة خياراته بتأن ووضعها في ميزان الربح والخسارة، سواء دخل الحرب أو لم يدخلها . وهنا تُدرج دعوة "حزب الله"، "حكومة العدو الصهيوني إلى قراءة العبر والدروس الهامة التي كرستها المقاومة ‏الفلسطينية في الميدان وساحات المواجهة والقتال"، وهو يمكن اعتبار هذه الدعوة رسالة ردع من قبل الحزب إلى إسرائيل، مفادها أن لا تذهب بعيدا في ردها ضد "حماس" و"محور المقاومة" لأن ما حصل لها في جنوبها قد يتكرر في شمالها المحاذي للبنان وفي "ساحات" أخرى . في الواقع إن رسالة الحزب هذه إلى إسرائيل تتضمن أعلانا من جانبه أنه غير راغب في معركة كبرى و شاملة معها، إلا إذا اضطر لها خصوصاً إذا وسعت إسرائيل نطاق عملياتها لتشمل "الجبهة الشمالية"، و هذا مستبعد حتى الآن؛ لكن الأمر هنا لا يقتصر على التطورات المحتملة على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، بل إن السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه في السياق عينه، هو كيف سيتصرف "حزب الله" في حال كان الرد الإسرائيلي على "طوفان القدس" كبيراً و أكثر من المتوقع بالنسبة للحزب و إيران؛ أيّ إذا استشعرا أن هذا الرد سيقلب موازين القوى الراهنة بين "حماس" و إسرائيل لصالح الأخيرة، خصوصا في ظل إعلان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن إسرائيل في "حالة حرب... ليست عملية وليست جولة"، كما أن الجيش الإسرائيل أعلن أنه "يعتزم إطلاق عملية واسعة وقوية جدا في غزة". امتحان حقيقي : بالتالي فإن توسع الرد الإسرائلي، ولو ضمن قطاع غزة وحسب، واحتمال تكبد "حماس" خسائر كبيرة فضلا عن الضحايا المدنيين، سيخضعان نظرية "وحدة الساحات" لإمتحان حقيقي وربما مصيري، إذ أنه الإمتحان الأول والأكبر ميدانيا لها، وقد يكون بهذا المعنى إمتحانها الأخير؛ إذ متى ستتوحد تلك الساحات إن لم تفعل أمام التطور الكبير المتمثل بالعملية النوعية التي نفذتها "حماس" السبت في المناطق الإسرائيلية المحاذية لقطاع عزة، وإحتمال الرد الإسرائيلي "النوعي" ضدها أيضا؟ لكن غالب الظن أن منطق نظرية "الرد في التوقيت والمكان المناسب" التي طالما استخدمها "محور الممانعة" كلما استهدفت إسرائيل مواقع له في المنطقة، و تحديداً في سوريا، سينسحب أيضا على نظرية "وحدة الساحات"، باعتبار أن أي حركة لهذا المحور بدوله ومنظماته المنضوية خاضعة لحسابات "إستراتيجية" إيرانية بالدرجة الأولى؛ بمعنى أن كل حركة هذا المحور مرتبطة بقائمة الأولويات الإيرانية في المنطقة والعالم، لكن وبالرغم من ذلك فإن حدثا كبيراً مثل عملية "طوفان الأقصى" يمكن أن يعيد ترتيب تلك الأولويات، ولكن ليس بصورة مرتجلة أو متسرعة وإنما من ضمن خيارات متأنية . توسع الرد الإسرائلي، ولو ضمن قطاع غزة وحسب، واحتمال تكبد "حماس" خسائر كبيرة فضلا عن الضحايا المدنيين، سيخضعان نظرية "وحدة الساحات" لإمتحان حقيقي وربما مصيري . من هذه الحسابات أن "حزب الله" قد وسع نفوذه في لبنان إلى الأقصى في السنوات الأخيرة، إلى حد تحول لبنان إلى ساحة نفوذ رئيسة لإيران في غرب المتوسط، وهو نفوذ لا يقتصر على الجانب السياسي وحسب بل يشمل الجانبين الأمني والعسكري أيضا، ولاسيما أن لبنان تحول، إلى حد بعيد، بديلا من سوريا بالنسبة إلى الفصائل الفلسطينية الموالية لإيران وفي مقدمتها "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، لناحية وجودها السياسي والعسكري – الأمني فيه؛ وهو ما عبّرت مؤخرا، دعوة كل من هاتين الحركتين إضافة إلى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، من بيروت، إلى تصعيد "المقاومة الشاملة"، وكان مستوى تمثيل كل من "حماس" و"الجهاد" في هذا الإجتماع الثلاثي لافتا جدا، إذ مثل الأولى صالح العاروري نائب رئيس مكتبها السياسي، أما الثانية فمثلها أمينها العام زياد النخالة، وهما في بيروت عادة. حصر المعركة : بالتالي فإن "حزب الله" و إيران غير مستعدين، أو يتجنبان معركة مباشرة بين الحزب و إسرائيل، و يفضلان بقاء ما يسمى بـ "توزان الردع" على حاله بينهما، لكي لا تؤثر أي مواجهة مفتوحة بين الطرفين على وضعية "حزب الله" الشعبية والسياسية في لبنان، خصوصا في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة والتي قد تزيدها صعوبة أي حرب من هذا النوع، وهذا فضلا عن الدمار الهائل الذي يمكن أن تحدثه، في وقت لا تتوفر جهات دولية وعربية يمكنها هذه المرة أيضاً ان تغطي جهود إعادة الإعمار كما حصل بعد حرب يوليو / تموز 2006؛ ناهيك بأن "حزب الله" الذي كان العراب اللبناني الرئيس لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ينتظر إستخراج النفط من المياه الإقليمية اللبنانية لعله يخفف من وطأة الأزمة الإقتصادية ويصور نفسه في موقع المنقذ للبنان والحريص على ثرواته . من شأن أي حرب جديدة بين حزب الله و إسرائيل أن تتفاقم الأزمة الإقتصادية في لبنان : في المحصلة، فإن المعطيات المحيطة بظروف المعركة بين "حماس" و "إسرائيل" حتى الآن ترجح حصر العمليات العسكرية ضمن نطاق إسرائيل – قطاع غزة، في ظل تأني "محور المقاومة" في خوض مواجهة شاملة مع إسرائيل وتعديل قواعد الإشتباك معها في عموم المنطقة، لكن الأمر يتوقف في نهاية المطاف على سير العمليات العكسرية وحجم الرد الإسرائيلي وتأثيراته الإستراتيجية. والأكيد أن غرفة العمليات المشتركة التي سبق أن تحدث عنها كل من "حزب الله" و "حماس" موجودة وفاعلة وتأخذ من بيروت مركزا رئيسا لها، و ربما فإن الحزب سيكتفي بهذا الحد من "توحيد الساحات"، بمعنى أن عدم انخراطه مباشرة بالمعركة لا يعني أنه لم يؤازر "حماس" ضمن غرفة العمليات المشتركة تلك، وهو ما قد يشكل أحد المخارج اللفظية الرئيسة لعدم "توحيد الساحات" ميداني". الخلاصة و النتيجة هي : أنّ حزب الله و إيران و المقاومة ككل لن يتدخلوا في هذه المعركة ألمصيرية مباشرة رغم جدّيتها و أهمّيتها و صيتها و دورها الدولي و العالمي إضافة إلى إنتفاضة الشعوب بإتجاه أهل الحق .. هذا إضافة إلى إن الوقت و الزمان و المكان مناسب للغاية لقلب موازين المعركة نتيجة إنشغال الأعداء بعدة جبهات حامية أخرى .. هذا هو الواقع ألمُرّ فليس سهلاً و هيّناً أن تسيّس الدماء الطاهرة التي سالت لأجل الأقصى للأسف الشديد ط العارف الحكيم عزيز الخزرجي