Sunday, August 29, 2021

 محنة الفلاسفة عبر التأريخ واحدة!

حكم ملك (اثينا) على سقراط بالاعدام حتى الموت و خيّرة بين طريقتين للموت.
الأولى: اما شنقاً بالحبال.
و الثانية: بتناول السّم ؟
فاختار سقراط ألسّم على الحبال, و أعطاه الملك ان يختار شخصاً قبل ليلة واحدة من الأعدام .. مِمّن يُحبّ أن يراهُ و يستأنسه قبل آلموت بآلمكوث معه طوال الليل حتى ساعة الصفر في الصباح, فاختار سقراط تلميذه المُفضل (أفلاطون)!
ذهب رسول الملك الى افلاطون واخبره بآلأمر .. بكون سقراط اختاره من دون الناس ليسامره في ليلته الأخيرة من عمره قبل شرب السّم؟
فلبى افلاطون الطلب على الفور, و أسرع ملهوفا لمقابلة استاذه في اخر ليلة من حياته, فدخل افلاطون على استاذه مسرعأً وعانقهُ بلهفة و صدق و أجهشا بالبكاء تعبيراً لشوقهم و حبّهم لبعضهم حتى سقطا على الارض!
و أوّل جملة قالها افلاطون لاستاذه سقراط و بلا مقدمات:
دعنا نغافل الحرس او نغريه بمبلغ من المال لاخراجك من هذا السجن و آلهرب بعيداً نحو الجبال والغابات!؟
لكن سقراط رفض الطلب على الفور .. فقال له تلميذه افلاطون مُتعجباً:
و لماذا ترفض يا استاذنا و انت فيلسوف عظيم و وجودك بين الناس امرٌ هـام للغاية لهدايتهم؟
قال سقراط: أكون استاذاً عظيمأً للناس حين أموت مسموماً و ليس عندما أهرب لنجاة نفسي!؟
قال افلاطون : وكيف يكون ذلك؟
قال سقراط: إذا هربتُ .. فيكون هروبي إعترافاً صريحا بانّ جميع العقائد التي آمنت بها و أعلنتها و حكموا عليّ بالاعدام بسببها؛ هو كذب و نفاق.
قال افلاطون: كيف يكون كذب و نفاق و سيرتك آلنظيفة لا يشكّ بها أحد؟
قال سقراط: لأنهم - أيّ الحُكّام - سيقولون للناس بعد هروبي؛ أ لّم يقل لكم (سقراط) بانّ هناك حياة أبدية بعد الموت وعالم مثالي قائم على العدل المطلق وآلسعادة الابدية!؟
عندها سيقول الناس: نعم سمعنا هذا منه مراراً!
عندها سيقولون: اذن لماذا لم يختار آلموت ليذهب الى ذاك العالم الرحب ألآمن ويتنعم فيه بحسب قوله؟
سيقول الناس بعدها: لا ندري!؟
عندها سيقول حماة النظام و شرطته: لأنه - أيّ سقراط - كذّاب و منافق و كما قلنا, و لا يوجد عالم ممّا ذكر للخلود و البقاء.
فقال افلاطون لاستاذه سقراط: يا استاذي المبجّل سقراط :
اوصيني إذن بما تريد ان افعله بعدك؟
قال له: عليك بنشر اقوالي بين الناس.
قال افلاطون يا استاذي وهل هذا الأمر يحتاج ان توصيني به!؟
فكرّر سقراط القول ثلاثاً؛ (أوصيك يا أفلاطون بنشر اقوالي), فتعجّب افلاطون من ذلك التكرار و الأصرار, وقال يااستاذ: إذا لم تثق بي فلِمَ اخترتني لمجالستك من دون الجميع؟
فبكى سقراط واعتنق أفلاطون وقال ياتلميذي الغالي انا اخترتك على ولدي و أهلي و أصدقائي لأننا أصحاب قضية!
قال اذن لِمَ تُكرّر الوصية و كأنك تشكّ بي خوفا من نكرانها؟
قال سقراط: لأنك لا تعلم كم سأكون مخيفاً لهؤلاء الظالمين بعد موتي!؟
فتعجّب افلاطون من كلام سقراط, وقال:
و انت يااستاذي .. عظيمٌ و انت حي ومخيف لهم و أنت خائف ..
قال سقراط: بل بعد موت جسدي ساكون اكبر خطورة و أعظم أثراً بكثير .. فيشددون عليك أيما تشديد حتى تترك كلامي, لأنهم .. انما حكموا عليّ بالاعدام ليعفوا أثري!
لكنهم لا يُدركون بانّ الذي سيحصل هو العكس تماماً .. فعاهد افلاطون استاذه من انه سينشر اقواله مهما كلّف الثمن ولو حياته, وظلّ سقراط وتلميذه افلاطون يتسامران طوال تلك الليلة الأخيرة حتى اصبح الصباح و دخل السجانُ على سقراط و بيده كأس السّم و امر سقراط بأن يشربه فوراً فصار سقراط ينظر في الكأس (كأس ألمنيّة) ودموعه تنحدر على خدّيه وافلاطون يقول: وا أسفاه عليك يااستاذي .. اراك تشرب سمّ الموت ولا استطيع ان افعل لك شيئاً .. وهكذا شرب سقراط كأس السم وصار يحدّق بوجه افلاطون .. وافلاطون يبكي بمرارة .. و بدأ السم يسري في جسد سقراط ألنحيف وهو يتقلّب يميناً وشمالا .. فقال له افلاطون يا استاذي العزيز لماذا اخترت السّم على الشنق .. و الشنق أهون عليك واسرع؟
قال سقراط لامرين؛ قال افلاطون وما هما؟
قال: حتى أثبتْ لهم أنّي على يقين ممّا اقول .. و آلسبب الاخر, هو:
إني احببتُ أن اراكَ لأوصيك بحمل رسالتي من بعدي, لعلمي انهم سيعطوني فرصة لقاء أخيرة مع إنسان احبّه و عزيز عليّ, فاخترتك!
ثمّ انقطع كلام سقراط وفاضت روحه آلطاهرة الى بارئها!
(قصة مؤلمة وممتعة في ان واحد)!
تلك هي نهاية الفلاسفة الحقيقييون و كما كانوا يتعاملون معهم عبر التأريخ و إلى عهد قريب ..
أما الآن فآلتعامل قد تغيير نحو الأسوء؛ فلم يعودوا يقتلون الفيلسوف الذي عدة ما لا يضّر حتى نملة على الأرض؛ بل بآلعكس يسعى لأحياء الخلق جميعأً بآلمعرفة.. أما الآن فآلتعامل مع الفلاسفة بات أكثر إيلاماً و قسوة و إجحافاً, حيث يحاصرونهم و يقطعون أرزاقهم و لا يسمحون لهم بأخذ دورهم القيادي في الفكر و المعرفة لأحياء المجتمع بدعوى الديمقراطية و الشرع و آلقدسية و الأعراف و العشائريات و القوانين الحكومية التي تصب في جيوب الحاكمين.
بل في بعض الدول الغربية الرائدة في مجال الصناعة و التكنولوجيا فقط؛ أرادوا قبل سنوات غلق حتى قسم الفلسفة في الجامعات, بل حالها اليوم شبه معطلة. لأن الناس لم يعودوا يرغبون دراسة الفلسفة حيث لا أحد يعير أهمية لهم و لإختصاصهم لعدم وجود فرص للعمل, فمال الناس للأختصاصات التي تروج لها المنظمة الأقتصادية الحاكمية كآلهندسة و الطب و التكنولوجيا و ما شابه ذلك ..
و آلدّرس الكبير الذي نتعلّمه من ذلك, هو: [رغم كل هذا الظلم و الأجحاف بحقّ الفلسفة و الفلاسفة؛ هو السعي لتبليغ رسالة الأخلاق و الحقّ للناس رغم أنه قد يكلفنا حياتنا للأسباب المعلنة, لكن الحياة بدون العقيدة و الأيمان بآلوجود لا معنى له حتى لو تمّ تشّيد قصور و أبراج تعلو ناطحات السحاب!
حياتنا هذه لا يمكن أن نخلد فيها ببرج مشّيد أو سيارة روز رايز أو عمارة برجستون؛ بل بآلمحبة و بآلصدق مع ما نؤمن به .. لا التظاهر بآلعقيدة و كما يفعل أكثر الناس لأكل الدنيا بتلك المظاهر!
لهذا أصدرنا خلال هذه الأيام كتاباً هاماً يُساعد المبلغ و الكاتب و المثقف و الأستاذ والمفكر و الفيلسوف لإيصال رسالة الحقّ للناس .. كل آلناس!
و توكّلوا على الله و إبدؤوا بتحقيق رسالة الفيلسوف لأداء ولو جزء من الوفاء الذي يستحقونه, لأن عدمه يعني جفائكم و نكرانكم للحق و الذي له إنعكاسات سلبية قوية على أرواحكم و مصير من يتعلق بكم .. و الحمد لله أولا و أخيراً .
ع/ألعارف الحكيم عزيز الخزرجي: سيّد حسين الحسيني

 ألسيد المجاهد عمار الحكيم حفظه الله الصّادق الناطق بآلحقّ:

أخيراً حصلنا على إنسان صادق ليغطي بصدقه و نبله على براءة 40 مليون كاذب في العراق كما كنت أعتقد, لذلك أعتذر من الصّادقين خصوصاً ألقادة المتحاصصين الميامين "أولاد الحلال" .. و الحمد لله على هذا الكشف الذي أدحض آرائي الكونيّة التي إنقلبت رأساً على عقب فأصبحت أرضيّة - ترابية ككلّ الأراء و المقالات التي ينشرها الكُتّاب على صفحات الفيس و المواقع الأعلامية.
حيث قال السيد الصادق ألصّديق عمّار ألحكيم مُعلنأً بأنّ: فقره وصل حدّاً أبكت ملائكة السّماء .. حيث قال ؛ [إن إبني السيد مهدي مسكين و عاطل عن العمل و لم يستطع الزّواج لأنه بلا مال بسبب المحاصصة الظالمة التي دمّرت شباب العراق]!
إنا لله و إنا إليه راجعون .. لذلك نهيب بالشعب العراقي رغم مآسيه أن يقف بجانبه و دعمه في محنته و محنة إبنه مهدي العظيمة و إن كان الشعب نفسه يتضوّع جوعاً و مرضاً و فقراً, لكن وضع هذا السيّد الصادق الصّدوق الصّديق أسوء و أمرُّ و أقسى منهم, و القضية لا تقف عند هذا الحد؛ بل يتعدّى ذلك .. لكون السّيد عمار المجاهد المنكوب ؛ مَدين ببعض الأموال للناس و كما صرح للأعلام بإستحياء و خجل قبل فترة أيضا بسبب الفقر الذي يُواجهه و عائلته حتى نزلت دمعتي. فإنا لله و أنا إليه راجعون.
ع/ العارف الحكيم عزيز حميد مجيد : سيّد حُسين ألحُسينيّ

 لآلئ من ألنّبأ ألعظيم في الجزء الخامس للهمسات ألكونيّة:

ألعراق كما معظم البلاد في العالم تحتاج ألأخلاق و القيم, و الأخلاق ليستْ كما فهمها المتديّنون التقليديون و غيرهم بكونها تتجسد فيمَنْ يُضحك الناس ويستهزأ ويهمز ويغمز ويستغيب ويكذب على هذا و ذاك في المجالس والمنابر و وسائل الأتصال المختلفة؛
بل عنوان الأخلاق و سيّدهُ هو (الأدب و الحياء و الأحترام) أوّلاً ثمّ يليه؛ ألصّدق و الوفاء و المحبّة و الطهارة و النبل و لقمة الحلال و نبذ الحَسد و الطمع و آلسّعي لعمل الخير و نصرة المظلوم و معرفة الجّمال و قوانينه و التسلح بآلثقافة و العلم .. لذلك شوّقنا الناس بشتى الوسائل و الطرق لتحقيق تلك المبادئ و المُثل الكونيّة .. حيث إستطعنا بفضل الله تعالى جمع حزمة عظيمة من أنوار الحِكم و جواهر الأقوال المأثورة في مُجلّد آخر, هو (المُجلد الخامس) بعد صدور أربعة مجلّدات ضمن (السلسلة الكونيّة), كهدية للكونيين ألذين ضحوا و صمدوا و خسروا كل شيئ وسط جهنم الدّنيا المحكومة بآلشّر و الزيف لفقدان الوجدان و مسخ الحكام و الأحزاب وحولهم الأعضاء والناس حيارى في هذا الوسط للأسف, لأسباب لا تتعدى البطن و البيت و الرّاتب بدل الحقائق الكبرى .. كسبب وجودنا عبر جواب الأسئلة السّتة, و الهدف الأسمى لتحقيقه وآلتي عرضناها مراراً و تكراراً, و الله المُسدّد و له الفضل في كلّ ذلك.
ع/ ألعارف الحكيم ؛ حسين ألحُسيني.
للأطلاع على الكتاب عبر رابط (كتاب نور):
https://www.noor-book.com/en/ebook-%D9%87%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%87-%D9%83%D9%88%D9%86%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3-pdf
وكذلك عبر رابط (مقهى الكتب):
https://www.kutubpdfbook.com/book/%D9%87%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3/download

 قصة سقراط الحكيم :

سقراط والسّفسطائيّن
لقد كان سقراط واحد من أعظم الفلاسفة اليونانيين الذين عرفهم العالم. وظلت فلسفته تنشر شذاها في العالم إلى يومنا هذا...وكان هذا الفيلسوف محبا للجمال.. ومحبا لقيم العدل.. واستطاع بذكائه الحاد أن يقضي على السفسطة التي سادت عصره.
تلك السفسطة التي قلبت الحق باطلا، والباطل حقا...بادعاء أن كل الأمور نسبية فليس هناك فضيلة مطلقة.
فالسرقة مثلا إن كانت قد أضرت المسروق، فهي مفيدة للسارق.
وإذا قال أحد من الناس إن الجو حار، وقال آخر إن الجو بارد فكلاهما في رأي السوفسطائيين على حق لأن كل واحد منهما شعر بما أحس به!
فلسفة من شأنها أن تفسد الحياة، فتصدى لها الفيلسوف العظيم سقراط، وأْعاد الحق إلى نصابه.. ليعرف الناس أن الحق حق، وأن الباطل باطل، وأن الحقيقة لايختلف حولها إثنان.
فأستطاع سقراط أن يخمد أفكار السوفسطائيين. ويضع نهاية لتشويههم الحقيقة عن طريق منهجه بأن يلقي على سامعه الأسئلة التي تقوده إلى الحقيقة .. والتي من خلالها يظن سامعه أنه اهتدى إلى هذه الحقيقة بنفسه !
وكانت مآثر هذا الفيلسوف العظيم كما يقولون عنه أنه أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض بمعنى أن جعل الفلسفة تهتم بمشاكل الإنسان وهمومه.. بأن يعرف الإنسان نفسه لا أن ينطلق ببحث فيما وراء الوجود.. وقال كلمته الشهيرة التي كانت محفورة على معبد دلفي : ( اعرف نفسك ) !
كان دائما يقول:
'أني أسير في أعقاب الحق، وأتلمس آثارة تلمس كلب الصيد للفريسة'
'أنا لا اعرف غير شيء واحد، هو أنني لا أعرف شيئا'.
أي أنه كان منتهي أمله أن يتعلم، وأن العلم هو ضالته وأن على كل إنسان سوي أن يكون العلم ضالته.
و كان سقراط ضخم الجثة، غليظ الشفتين، أفطس الأنف، جاحظ العينين، ومتزوجا من زوجة متسلطة، لأنه ترك مهنته كنقاش، وراج يجوب شوارع أثينا ينشر الفلسفة ويبشر بها دون أن يلتفت لمهنته !
وكان لابد لمثل هذا الانسان الذي يلتف حوله شباب أثينا من كل الطبقات.. الغنية والفقيرة، للاستفادة من حكمته.. والاستماع إليه وهو يتحدث عن الإنسان وحكمة الحياة. وأنه لاينبغي الخوف من الموت.. لأن الموت إما عدم وبالتالي لن يكون ثمة شعور به.. وإما أن الأنسان سيرى في هذا العالم الآخر الذين تركوا بصمات في هذه الحياة ورحلوا.. ومن هنا يسعد الانسان بهذا العالم الذي 'لانعرف عنه شيئا.. وفي كلا الحالتين لم يعد الموت مخيفا.
واستمع الشباب إليه و هو يتحدث عن الله و وحدانيته كما استمع الشباب إليه و هو يسخر من ديمقراطية أثينا.
كل ذلك دفع البعض الى الحقد عليه حسدا من قدرته المذهلة في النقاش، والوصول بسامعه إلى أبواب الحقيقة..
وحقد عليه السوفسطائيون لأنه هدم مذهبهم في الشك في كل الأمور حتى تتقدم الحقيقة المطلقة و لم يكن غريبا بعد ذلك أن يجابه بالاتهامات التي تزج به في أعماق السجن تمهيدا لمحاكمته والتخلص من حياته بالموت !
وكان أن وجهت إليه تهمتان:
التهمة الأولى:
أنه لايعبد آلهة أثينا يعبد آلهة من عنده.
التهمة الثانية:
أنه يفسد الشباب ، و قد وجه إليه هذا الاتهام أحد تجار الجلود و يدعى أنتيس(Anytus) لأنه أفسد ابنه الذي حرضه على ترك مهنة والده، والاتجاه لدراسة الفلسفة و قبض على سقراط ليقدم إلى المحاكمة !
ونرى من خلال ما كتبه أفلاطون على لسان استاذه سقراط، كيف دافع سقراط عن نفسه في محاكمة ظالمة..
ومن خلال دفاع سقراط عن نفسه، نرى كيف انكر الاتهام الذي وجه إليه، وكيف عاتب الذين جاءوا ليحكموا عليه بتهمة أنه ينكر الإله بجانب إفساده للشباب، ومع أنه فنذ كل التهم التي وجهت إليه بأسلوب جذاب، ومنطق عميق إلا أنه حكم عليه بأن يموت بالسم !
وقال لهم سقراط وكأنه يودع الحياة، و يودع أصدقاءه.. بعد أن قرر أن ينفذ الحكم و لا يهرب من سجنه، وكان في إمكانه ذلك، فقد كان من بين تلاميذه تلاميذ أغنياء يمكنهم أن يفدوا استاذهم عن طريق رشوة الحراس، وتوفير الوسيلة لهرب سقراط، ولكنه رفض ذلك وقال لهم كلماته التي عاشت:
" لقد أزفت ساعة الرحيل .. وسينصرف كلا منا إلى سبيله فأنا إلى الموت، وأنتم إلى الحياة، والله وحده عليم بأيهما خير "
ونقرأ في كتاب ( أعلام الفكر الأولى ) نهاية سقراط كما وصف ذلك أفلاطون في (فيدون) وهوكتاب يعد من كبريات ملاحم العالم، فيقول أن تلاميذ سقراط احتشدوا حول أستاذهم المحبوب، فدعا سقراط أحدهم إليه وجعل يمر بيده على شعره وهو يشرح آراءه في الحياة والموت وخلود الروح
فالموت نسيان خالد حلو لا يفسده إضطهاد أو ظلم أو خيبة أو ألم أو حزن، أو أنه باب نلجه فنمضي من الأرض الى السماء.. إنه المدخل إلى قصر الله '، و هناك أيها الصحاب لا يقتل إنسان من أجل عقائده، فابتهجوا إذن واستبشروا، ولا تأسوا على فراقي.. وقولوا حين تودعونني القبر إنكم إنما دفنتم جسدي لا روحي'.
توشك الشمس أن تغرب، فيدخل السجان و في يده السم
ويقول:
'بربك ياسقراط لا تحقد علي فأنت تعلم أن غيري يحمل إثم موتك ولا أحمله أنا'
يقول ذلك، ويمد يده بالكأس إلى سقراط و يجهش بالبكاء وهو عائد من عنده.
لم يستطع أحدنا أن يحبس دمعه، فانهلت شؤوننا برغم منا عدا سقراط فقد ظل رابط الجأش يقول لصحبه:
' ماهذا السخف.. لقد صرفت النساء تفاديا لمثل هذا المشهد.. السكينة إذن و دعوني أمت في هدوء '
فلما سمعنا هذا استجبنا وكفكفنا الدمع، فلما شرب سقراط قدح الشوكران ( السم ) استلقي على سريره كما أمره السجان، وسرى السم تدريجيا من قدمه صوب قلبه فأهتز هزة عنيفة، و جمدت عيناه.
وقد صور هذا المشهد أمير الشعراء " أحمد_شوقي" في صورة شعرية أخاذة عندما قال :
سقراط أعطي الكأس وهي منيته --
شفتي محب يشتهي التقبيلا ---
عرضوا الحياة عليه وهي رخيصة --
فأبى وآثر أن يموت نبيلا ---
إن الشجاعة في القلوب كثيرة --
ورأيت شجعان العقول قليلا __
‏" ليس من الضروريّ أن يكون كلامي مقبولاً عند الناس، المهمّ هو أن أكون صادقًا فيه".
‏⁧‫ *** سقراط‬⁩ ***