Thursday, November 12, 2020

لا أمل في تطور العراق لفقدان الفكر

 

لأ أمل في تطور ألعـراق
(ألفكر) ألحلقة آلمفقودة

بقلم ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد
و يقول الذين آمنوا .. بآلقول الثابت ؛ 
[ أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ۚ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ] ألمائدة (53).
القول في تأويل قوله تعالى في الآية بحسب قول مجاهد عن أبو جعفر(ع): (فيصبح المنافقون، إذا أتى الله بالفتح أو أمرٍ من عنده، على ما أسروا في أنفسهم نادمين)، يقول المؤمنون تعجُّبًا منهم و من نفاقهم وكذبهم و اجترائهم على الله في أيمانهم الكاذبة بالله:
 [أ هؤلاء الذين أقسمُوا لنا بالله إنهم لمعنا، و هم كاذبون في أيمانهم لنا]؟

وتأويلها: يصبح المنافقون هم ألمعنيّون، إذا أتى الله بالفتح أو أمرٍ من عنده، على ما أسروا في أنفسهم نادمين، يقول المؤمنون تعجُّبًا منهم ومن نفاقهم واجترائهم على الله في أيمانهم الكاذب: (أ هؤلاء الذين أقسمُوا لنا بالله إنهم لمعنا، وهم كاذبون في أيمانهم لنا)؟
وعن مجاهد : فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ ، حينئذ، يقول الذين آمنوا: أ هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد إيمانهم إنهم لمعكم
 حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين".

نعم خاسرين ؛ خاسئين ؛ منكسرين ؛ قلقين ؛ أذلاء أمام المستكبرين ؛ هؤلاء هم من حكموا العراق للآن و قبلهم كان صدام  و كان كل همّهم هو الوصول للسلطة لضرب ضربة العمر باسم الله و الدعوة, و سنقدم لكم مثالاً واحداً لإثبات نهجهم الذي طالما تحدثنا لتغييره و تبديله بنهج الله بدل نهج قطب و البنا و رشيد و أمثالهم..

كان همّي آلأكبر طوال وجودي خارج العراق بعد 1980م هو تصحيح المسار الفكري للأمة العربية خصوصا و هداية الناس بمقدمتهم الدّعاة ألذين كانوا أمل الأمة و العراق .. لكنهم و بسبب تخلفهم ألرّوحي و العقلي الباطني خصوصا و قوة شهواتهم المادية أصبحوا عاراً على الأمة و سبباً في مأساة العراق للأسف, لأنهم عادوا الفكر و أحلو بدله (ألحال) و المزاج و حذفوا الثقافة في نهجهم و تمسكوا بمقولات و أفكار بالية تنازل عنها حتى قائلوها كآلبنا و سيد قطب في مصر و السودان و سوريا و فلسطين و كافة الدول العربية, لكن العراق و بسبب موت الأنتاج الفكري و حلول المَلَكات السيئة منذ حلول البعث قبل نصف قرن و تضاؤل الروح الإيمانية فيه خصوصا لدى أهل الدّين الذين باتوا نقمة على الناس بإحلالهم المصائب في أوساطهم بشكل يندى له الجبين, حيث سرق المتحاصصون أموال المستشفيات و المدارس و البيوت و أدوية الفقراء و غذائهم, فبات الناس يعانون الأذى و الحيف على كل صعيد فساءت الأحوال من سيئ إلى أسوء رغم إن العراق أغنى بلد في العالم!

كيف حلّ النفاق في أوساط من كان يُؤمل منهم عدالة الأسلام و هداية الناس؟
إليكم مثالاً واحداً واضحاً, لا يحتاج لتفسير ولا يوجد فيه عذر لبيان السبب!؟؟

بداية يجب أن يعلم الجميع ؛ بأن تشكيل أو بناء بيت أو شركة دون وجود آلنظرية والمخطط وتجربة عريقة و فن؛ فاشل لا محال خصوصا عند ما تكون القضية متعلقة بإعمار مدينة أو عاصمة أو حتى بلد, و ستكون الخسائر مضاعفة في الوقت و المال وآلجهد؛ لا بد إعداد المقدمات والمؤسسات اللازمة  لتنفيذ مثل تلك المشاريع ألأساسية, و يحتاج هذا قبل هذا إلى آلقواعد و الأسس و المناهج الفكرية التي يبنى على أساسها الحضارة و المدنية!

كان السيد العبادي كمن سبقه في الحكم مثل الياور و علاوي و جعفري و مالكي و حنبلي و عبد مهدي وكاظمي و طالباني و حلبوسي؛ يعتمدون خطاباً عشوائيّاً هشاً لا يستند على نظريّة أو حتى تجربة سابقة لأدارة قرية لا بلد, بل و خالية من أيّ أساس فكري و عقائدي, حيث إعتمدوا خطاباً إلتقاطياً مشوّهاً لا بداية ولا برهان فيه و لا نهاية و لا برنامج إصلاحي ولا خطة خمسية ولا سنوية و لا حتى شهرية بل لا أجانب الحقيقة لو قلت يفتقدون لخطة إسبوعية و يوميّة بل (و ياها و ياها) و كما تُسيّرهم الأوامر؛ لهذا كان الفشل قرينهم منذ اللحظة الأولى, لأنهم ولدوا في واقع متخلف لم يتعلموا فيه سوى الأنانيّة ففشلوا حتى في مجال إدارة مكاتب عملهم, ولهذا تسببوا في إصدار القوانين و القرارات الغير المدروسة و كيفما إتفق, جاعلين همّهم الأول و الأخير أللهوث وراء المال و الدّولار و سرقة دولة كاملة بدعوى حفظ العملية السياسيّة حتى لو كان على حساب بيع الوطن, و ما علموا بأن حفظ النظام يتحقق بحفظ مصالح و حقوق الناس , و إن الإستناد على شعارات و بيانات وآمال يتمّ قنص و ترتيب  كلماتها وجملها من هنا وهناك لإلقائها بمؤتمر أو اجتماع عام لذرّ الرماد في عيون الأعلاميين والمثقفين والناس الذين لم يعوا الحقيقة؛ لهي مقدمات واضحة لهدم أيّ نظام حتى لو كان فرعونيّاً!

لقد عايشنا مسائل خطيرة طالما نبّهت آلسياسيين عليها لكن الدين القطبي و البنائي هو السبب في فسادهم, فآلرئيس و الوزير و المستشار حين ينقل كلاماً أو نظريّة أو عنواناً أو حكمة وهو لا يعرف أصلها و غايتها و حتى عدم ذكر قائلها؛ فأنه سيتسبب بكارثة على الوطن وإرهاب الأمّة حتى لو سعى بآلفعل لتطبيقها لعدم دركه لأبعادها و نتائجها, و لذلك حلّت الفوضى خطوة خطوة حتى شمل جميع مرافق الحكم و الدّولة و كما نشهده الآن كنتائج واضحة على كل صعيد؛ زراعة؛ صناعة؛ تعليم؛ بنى تحتية؛ إنتاج مصانع؛ مستشفيات؛ مكتبات؛ مدارس؛ بيوت؛ مجمّعات سكنية للفقراء؛ أدوية و غيرها, وفوق هذا صناعة النفط التي للآن لم نستخرج منه بضع مواد نفطية لا تتجاوز الخمسة, بينما يُمكننا لو كان لدى الرؤوساء فكر وعقيدة؛ إنتاج أكثر من 60 مادة إنتاجية من النفط, بل و الأتعس من كل ما ذكرت أن حكومات دول الجّوار بدأت هي التي تتحكم بسياستنا ألأدارية و النفطية كمد أنابيب النفط أو تخصيص الأراضي العراقية لمشاريع و منشآت صناعية كمشروع السعودية في الصحراء الغربية و هكذا.

مثال واحد لبيان الصورة الواقعية لمدى تغلغل الجهل ألمُهيمن على عقول الحاكمين في الرئاسات الثلاث, بل وفي العراقيين أيضاً:
نحن كباحثين و فلاسفة و حُكماء؛ نؤسّس في طرحنا و حدّدنا في فلسفتنا جذور الفكر و قواعد العلوم و الخطط التي هي الأساس لضمان بناء الحضارة والمدنيّة؛ يعني جملة من فكر مفكر حقيقيّ أو فيلسوف كوني أو عارف حكيم؛ تكفي لأنقاذ جزء كبير من حياة ومصير أموال و مستقبل الناس طبعا لو تمّ دركها من قبل السياسيين والحكام وتطبيقها بحسب الخطط العلمية و الخمسية أو العشرية و المئوية!

ألمشكلة التي كانت و للآن تؤلمني كثيراً, هي أنّ ألمتحاصصين إمّا جهلاً أو عمداً أو غباءاً كانوا يلتقطون(يسرقون) عبارات و أحياناً نصف جملة و يلقونها على مسامع ألمَلأ ثمّ ينسحبون بلا متابعة و تنفيذ أو حتى توضيح لجهلم بآلحيثيّات, المهم قالوها مرّة واحدة مع عدم ذكر أو حتى الإشارة لقائلها علّ بعض الناس ييحثون عن المصدر للتحقيق وآلإستفسار عن مفادها و غايتها لتطبيقاتها!

و هذا الأمر تسبب في خراب عظيم لأنه إرهاب وكما تشهدون, و من ألامثلة أيضاً على ذلك و التي تبين أهمّيّة دور الفكر و الأسس العقائدية في تطوير البلدان و الأنسان؛ هو ما تمّ على يد جميع الرؤوساء و هي قضية علاج (الأرهاب)(1) الذي ما زال فاعلاً وبقوة!

لقد كان الجميع يُكرّرون مقولتنا الكونيّة لكن بلا وعي أو تطبيق: [كل جيوش العالم مجتمعة لا تستطيع القضاء على الأرهاب , العدالة وحدها تستطع ذلك]! لقد كانوا يُكرّرونها منذ عام 2008م و قبلها, لكنهم كانوا يفعلون العكس لرضى المستكبرين! المالكي كما آلعبادي كانا يكرّران تلك العبارات ثم يذهب العبادي لمدينة (دافوس) للإشتراك بمؤتمر زعماء الدول ألـ20 الغنيّة, ثمّ يتوسل بآلجّميع لقبول العراق عضواً فيه, ليبرهن بعمله هذا؛ أنّه ليس فقط يناقض نفسه في مسألة ألقضاء على الأرهاب؛ بل ليثبت جهله بأصل العامل ألرئيس الذي تسبب في الظلم و إختلال الوضع العالمي و تكثير النزاعات و الحروب خصوصاً في المناطق الساخنة, لكون مؤتمر دافوس مركز الأدارة العالمية الأقتصادية الذي يتحكم به (المنظمة العالمية) لرسم و تحديد البرامج الرئيسية المطلوبة لأخضاع العالم لسلطتهم(2).

صورة أخرى لمآسي العراق بسبب ألجهل و فقدان الفكر: في عام 2010م كان العراق يمرّ بأزمات خانقة و حادة و منها أزمة تشكيل الحكومة بسبب الخلافات التحاصصية المقيتة و عمالة المتحاصصين, فرأيت من واجبي بجانب تقديميّ للنظريات الفلسفية الكونية؛ القيام بدراسة الخطة الخمسية للحكومة لخلاصها من الازمات, و بدأتُ بدراسة ألأولويات و الأمكانات و الخطط المتعلقة, وإنتهيت إلى دراسة هامّة لخمس سنوات لبناء العراق و تثبيت مسير الحكومة بإتجاه الخلاص لخدمة الناس, و قدمتها للمسؤوليين و كان المالكي يعيش أيامه الأخيرة بسبب الصراع على الكراسي, حيث جاء العبادي من بعده بمؤآمرة مكشوفة, لكنه هو الآخر لم يكن يمتلك المُؤهلات اللازمة لأدارة الحكومة بجانب الفساد الذي كان ساريا في آلرّئآسات الأخرى و هكذا مجالس المحافظات و القضاء, على كل حال أزاحوا المالكي ألذي يبدو أنه لم يفتح الملف, لأنه لا يفهم شيئا في الخطط و البرامج الستراتيجيّة, و خلّفه العبادي الذي هو آلآخر لم يكن بأحسن حظ ممّن سبقه! لأنه لم يقرأ الدراسة و وزرائه التنابل الذين جاؤوا بآلتحاصص طبعاً؛ لم يأتوا لخدمة المواطن؛ بل لأخذ حصّتهم و الذهاب بلا رجعة و كما كان حال الجميع على مدى عقدين تقريباً! و هل يتوقع الخير وآلبناء ممّن على هذا الحال يفتقدون العقيدة الكونية في فكرهم ولا إحترام للفكر و الفلسفة لدىهم و لدى العراقيين, و لهذا إستمر الوضع المتقلب حتى بعد مجيئ عادل عبد المهدي ثم السيد الكاظمي الذي يجهل  حتى سرقة الحِكم و الكلمات كآلسّابقين لألقائها كخطبة كما كان يفعل من سبقه على الأقل .. لهذا سيبقى العراق مستمراً بآلفساد و سينتهي كل شيئ حتى و إن لم ينفذ النفط و هو نافذ لا محال, لأنه بات بآلأضافة لما ذكرنا مديناً بمئات المليارات للعالم, كلّ هذا بسبب فقدان العقيدة النظيفة في وجود ألمسؤول العراقي و عدم إحترام الفكر الذي يعتبر أقدس شيئ و وحده يشكل الوجود الحقيقي للأنسان,  و الذي بسببه تنشأ الحضارات, و كذلك فقدان الأخلاق و القيم و إحترام الرأي و الرأي الآخر, و بآلتالي حالة المسخ التي شملت معظم قطاعات و أحزاب العراق ألفاقدة للولاية التي حلّت محلها لقمة الحرام, بجانب سرقة الأموال و الأفكار بلا حياء و وجدان!
وإذا كان آلدّعاة الذين كانوا أشرف الناس قد عجزوا عن تأسيس حكومة عادلة فيستحيل على غيرهم من المتحاصصين تحقيق ذلك!
حكمة كونية :
[إذا عجزت على الصمود أمام الرأي الآخر فعليكَ البحث عن عقيدة أخرى].
ألعارف ألحكيم : عزيز حميد مجيد.
ـــــــــــــــــــــــ

(1) ألأرهاب لا يعني ذبح الناس فقط, بل أخذ راتب من خزينة الدولة بغير حق وإستغلال العامل لمسائل شخصية, أو تصريح خاطئ؛ هو إرهاب أسوء من الذبح في نتائجها.
(2) لمعرىف تفاصيل الحرب الأقتصادية العالمية الأقسى على البشرية ؛ راجع بحثنا الموسوم بـ:[ألأسوء الذي سيواجه العراق بعد الأرهاب].