Monday, January 27, 2014

مع بدء العام ألميلادي ألجديد 2014؛ خطابٌ لكل عراقي!


سلام من آلله على آلجّميع .. و بعد
رغم علميّ بأنّكم لا تقرؤن .. و إذا قرأتم لا تُدركون .. و إذا أدركتم لا تُؤمنون .. و إذا آمنتم لا تعملون؛ لكنّي سأظل أكتبُ و أكتبُ و أكتبُ بما فضّل آلله عليّ من آلخير آلكثير, فهي رسالتي في آلحياة و عهدي مع آلله تعالى و مع آلشّهداء آلصّادقين حتّى ظهور آلأمام أو آللقاء بآلمحبوب ألأزلي ألذّي أترقّب لقائه ساعة بعد أخرى!

 و قد كتبتُ آلكثير من كنوز آلمعرفة لكم و آلحمد لله و لا أزال, حتّى طرحتُ ما فيه آلنّجاة و كلّ آلخير و آلمُستقبل و آلنّور و سأنثر عليكم المزيد إن شاء الله .. و كانتْ لها صدىً في كلّ مكان في آلعالم, و سيكون له وقعٌ أكبر في آلمُستقبل بعد تطوّر آلعلم و آلعقل ألبشريّ!

هي حرقةٌ و حيرةٌ كبرى و محنة ما بعدها محنة؛ حين يسمعكَ آلغريب و حتّى آلأعداء و لا يسمعكَ من يرتبط بك بصلة رحمٍ أو قرابةٍ أو صداقةٍ و معرفةٍ, ناهيك عَمَّنْ زرعوا آلأشواك – خصوصاً ألمعارف منهم - لحقدهم في طريق ألورد ألّذي عبّدْناهُ للأنسانيّة.

و يُؤسفني أنّ أقواماً أُخَر و غُرباء كُثر .. و في أكثر آلبلاد شرقاً و غرباً قد تأثّروا و إستفادوا من مقولاتنا و كتاباتنا, إلّا أنتم يا أهلي و أقربائي للأسف ألشّديد رَدَدْتُمُ علينا سلباً بعد ما قدّمنا ما قدّمنا من آلذي كان ..
فيا أسفي و يا حزني عليكم جميعاً يا أبناء جلدتي و عمومتي و وطني ألمذبوح بأيديّ أبنائهِ قبلَ غيرهم من آلمستكبرين و معهم آلسّلفيين آلسّاديّون!

أقدّرُ عمق آلمحنة آلّتي أحاطت بكُم .. حتّى شملتكُم جميعاً, بعدما تشبّثتم بأنفسكم ألأمارة بآلسّوء قبل غيرها و فيما بينكم .. كما تَتَشَبّثْ ألعنكبوت بِبيتها حينَ تهجم عليها آلّلوابس .. أنّهُ مدارٌ قهريّ يَلتفّ حولَ من لا يُقدّر آلحياة و ما بعدها و لا يشكر آلخالق .. بلْ بعضكم نسجهُ بإحكامٍ و عنادٍ ليجعلها طوقاً على رقبته مُعلناً بغباءٍ و عنفٍ ألحرب بكلّ معانيه على نفسهِ أولاً ثمّ على مَنْ يُحيط به حتّى على زوجتهِ و أبنائهِ و أرحامهِ ..

مُشكلتكم بآلأساس يا أهليّ و أبناء وطنيّ؛
لم تكُنْ ماديّةٌ كما إدّعيْتُم ..
أو محاصرة إقتصاديّة كما طبّل آلبعثيون آلجّهلاء ألجّبناء آلمُجرمين ..
أو عسكريّة كما إدّعى منْ إدّعى ..
بل كلّ ذلك كانتْ نتائج لا أكثر!

فها هي إيران ألأسلام جارتكم آلتي هجمتم عليها و كُلّكم يصيحُ خلف "صدّام ألخبيث" بأعلى صوته(يا حُوم إتبعْ لو جرّينه)! و ها هي إلى يومنا هذا محاصرة إقتصاديّاً و عسكريّاً و سياسيّاً و علميّاً و إعلامياً و منذ أربعين عاماً!
لكن هل فَعَلَ شعبهُ بنفسهِ مِثلما فَعلتُم بأنفسكم!؟
أم بآلعكس زادتْ تلكَ آلمحن من تآلفهم و تراحمهم و توادّهم و وحدتهم و تعلّقهم بآلله و بخط آلأسلام ألأصيل!؟

مُشكلتكم يا أهليّ لمْ تكُن حتّى سياسيّة أبداً!
و لا حتّى أمنيّة!
و لا علميّة!
و لا بعثيّة!
بل مشكلتكم كانتْ معرفيّة بحتة, و لا تزال؛
مُشكلتكم كانتْ من أيديكم .. و من أنفسكم .. و من فِعالكم و مواقفكم و بُعدكم عن تعاليم آلأسلام و آلأنسانيّة!
أتذكّر جيّداً و كأنّها آلبارحة .. يومَ كُنا نُواجه ألبعث ألجّاهل أللئيم بقلوبنا و ألسنتنا و أيدينا و بكلّ ما أوتينا من قوّة و حيلة .. في حرب غير متكافئة؛ و كُنْتم تشهَدونَ – معظم الشعب مع مرجعياتكم بإستثناء أستاذنا و أمامنا الصدر الأول - من آلجّهة ألأخرى .. حينَ كانَ بعضكم يدسُّ ألسُّمَ آلزّعاف في بقايا آلعسل ألّذي إستأثرهُ آلغاصبون(ألبدو) من كدّ آلصّالحين و حُقوقهم بغيرِ هدىً و لا كتابٍ مُبين, مُحاولاً هذا آلبعض تسميم آلجّميع لقتلهم و خلط ألأمور ظنّاً منهم أنّ الأمور ستستقيم لهُم وحدهم!
 فهلْ حصدوا في آلنّهاية شئياً!؟
لقد رحل آلطيبون لبارئهم
و تَفرّق آلأحبة .. و غاب آلصّالحون
و قُتِلَ آلشّهداء و إمتلأت أرض آلعراق بمقابرهم .. فهل رَبِحَ أحدكم من بعدهم شيئاً!؟
لقد خَسرتُم كثيراً ..
بلْ خَسِرَ آلجّميع كلّ شيئ .. خصوصا ألّذينَ بدؤوا بآلظلم و كتابةِ ألتّقارير و آلحرب على آلمؤمنين(كل غيبة تعادل "تقرير")!؟

و ما كانوا يعلمون .. و لا يعلمونَ آلآن بسبب جهلهم و ضيق ألأفق آلمعرفيّ عندهم بعد ما مات حتّى ذلك آلدِّين ألتقليدي ألموروث ألذي تأسسَ على بقايا فقهٍ مُتحجرٍ أكلَ و شربَ عليه ألزّمن حتّى خُبثتْ نُفوس معظم الناس و سرائرهم؛
و ما زالوا يجهلون بأنّ خرق تلك آلسّفينة من داخلها - و هي أساساً كانتْ تَتَعرّض للغرق لأمواجٍ عاتية قاهرةٍ عصيّة على آلمقاومة - يعني غرق آلجّميع, و لم يكن كلّ ذلك لولا ركونكم للجّهل بكلّ أبعاده و مناحيه ألذي أناخ بكلكلهِ عليكم حتّى يومنا هذا!

فبعد عشر سنوات من إزاحة كابوس ألبعث ألجاهل ألجّبان تحوّل آلحال من سيئٍ إلى أسوءٍ, حتّى وصلَ آلأمر مرتبةً عَجَزَتْ معها كلّ ألجّوامع و آلجّامعات و آلمرجعيّات آلصالحة من إنقاذكم و حلّ عقدكم ألمُعقدة و خصامكم و دعاواكم ألمتشعبة و "كَوماتكم" ألجاهليّة ألعشائريّة على آللاشيئ .. بلْ حتّى حلّ عقدة واحدة لأرتباط بعضها ببعض مع آلنسيج ألكوني الذي لا تعرفون عنه حتى أبجدياتها .. و كُنتم من حيث لا تشعرون دعماً و سنداً و وقوداً يحترق للظالمين لتدمير آلمؤمنين و آلفقراء و آلمساكين .. بعضكم ضدّ بعضكم .. بلْ حتّى ضدَّ أنفسكم, ليشمل آلمسخ جميعكم بنسبٍ مُتفاوتةٍ!

فبينما كانتْ ألأمور تسري بظاهرها و باطنها على غير طبيعتها أيّام آلبعث ألهجين و مغامراتهم ألطائشة بمشاركةِ عموم آلشّعب من آلجهة آلأخرى إن لم نقل كلهم .. كُنتم يا أهلي فيما بينكم تقتلونَ أنفسكم و يَسْتَحْقِر بعضكم بعضاً و يكتب بعضكم على آلبعض ألآخر تقاريرَ آلشؤم و آلخُبث و آلحَسد و آلخيانة و آلموت, مُحاولين إنهاء آلآخر إرضاءاً للطاغية و أعوانهِ ألجبناء ألجّهلاء ألبُلداء أو لأنفسكم, و هكذا نشأت و تشابكتْ المعارك و لا يدري آلناظر لها مَنْ ضدّ مَنْ؟
و لماذا؟

أ رأيتم قوماً في كلّ التأريخ يُحاول بعضهُ قتلَ بعضه إرضاءاً لهوى نفوسهم و لدنيا طواغيتهم ألظالمين ألبُلداء!؟

 بينما آلظالمون ألأشدّاء في آلمُقابل و من فوق؛ يُخطّطون و ما يزال؛ لمسخِ آخر ألأصول و قلعِ بقايا آلأخلاق  ألّتي حاول آلبعض من آلشهداء و آلمُؤمنين ألدفاع عنها و ألحفاظ عليها دون جدوى في وسط شعبٍ غاضب على نفسه, حتى كَتَبَ على نفسه ألفناء بكلّ إختيارٍ و إصرارٍ!؟

و ما علمتم بعظمة تلك آلمحنة و لا حتّى بعواقبها .. و لا زلتم تجهلون و تنتقلون من جهلٍ إلى جهلٍ .. رغم قلّة آلحيلة و آلحول و آلحريّة و آلرّزق و آلولد و آلّتي تُحتّم عليكُم هذه ألحالات .. و على كلّ ذي عقلٍ؛ ألتّعاون و آلتآلف و آلتّواضعَ و آلأيمان و شدّ ألأزر فيما بينكم للنّجاة و آلخلاص على آلأقل .. بلْ ما زال آلحسدُ و آلنّميمة و آلضغينة و آلسّخيمة و كتابة التّقارير ألظالمة, أيّ(ألغيبة و آلبهتان) فيما بينكم تنخُرُ أوساطكم, حتّى صار ديدنكم و سُنّةً جاريةً بينكم على قدمٍٍ و ساقٍ بجانب ألأرهاب ألّذي إشتركتُم فيه جميعاً و لو بدرجاتٍ مختلفةٍ, بدءاً بإرهاب ألزّوجة آلمُستضعفة و آلأبناء و آلأرحام و آلأشقّاء إلى مساحات و مديات أوسع فأوسع ليستمرّ آلفوضى و آلظلم و الفساد بينكم إلى يوم ألقيامة على ما يبدو!

لماذا لمْ يُفكّرَ أحدُكم بأنّكُم من شجرةٍ واحدةٍ .. و مَثَلَكُم كمثلِ ألجّسد آلواحد  كما قال آلرّسول(ص) ألذي تُصلّون عليه بألسنتكم أحياناً و تلطمون على حفيده آلحسين(ع) آلذي قتله آباؤكم: [ مَثَل ألمؤمنين في توادّهم و تراحمهم كمَثَلَ الجّسد إذا إشتكى منهُ عضوٌ تداعى لهُ سائر الجّسد بآلسّهر و آلحُمى], مع إنّكم أبناءُ أرحام و منْ عائلة واحدةٍ و من أبٍ واحدٍ أو أمٍ واحدةٍ!

بلْ فعلتم بعكس ذلك آلحديث ألشّريف بآلضّبط و لا يزال؛ لا يُفرّحكُم و لا يُؤنسكُم و لا يُسعدكُم في آلحياة إلّا عندما ترون صديقاً أو قريباً أو جارّاً لكم أو صلةِ رحمٍ يُصاب بأذىً أو محنةٍ أو عذابٍ أو مصيبةٍ!
سبحان الله على نفوسكم السقيمة الشيطانية هذه!؟

أيّة حياة كئيبة بائسة ظالمةٍ هذه آلّتي تحيونها!؟
أيّة مخلوقاتٍ عجيبةٍ هجينةٍ ممسوخةٍ أنتُم!؟
أ هذه حياةٌ أم موتٌ أصفرٌ بطيئ!؟
أم هو آلجّهنم آلحقيقيّ ألّذي وعد آلله تعالى به آلظالمين على لسان ألأمام آلحسين(ع) و لسان آلأمام آلصّدرالأوّل(قدس), كلّ ذلك بسبب زول آلرّحمة من قلوبكم!؟
فماذا يبقى من الأنسان حين تزول آلرّحمة من قلبه؟
و آلله آلعظيم إنّ غابة للحيوانات أفضل بكثير منكم!؟

أنتُم ليسَ فقط .. لا تُدركون عُشرَ معشار فلسفة آلحياة .. بلْ تجهلون حتّى أبجديّاتها!
مساجدكُم – أكثرها – تُخَرّج آلأرهابيين و آلحاقدينَ و آلظالمينَ و العاليين و آلمتظاهرين بآلدين و العمامة بغير حقّ و علم, يقتلون الحسين(ع) كل مرّة على منابرهم من أجل علوهم و مآربهم الدّنيوية!
جامعاتكم – أكثرها – تُخَرّج ألجُّهلاء و آلنّفعيين و آلأنانيين و آلأنتهازيين لا يحملون سوى ورقة تخرج مزوّرة!
حوزاتكم – أكثرها تُخرّج ألظالمين و آلمنافقين ألّذين يستحمرون آلبُسطاء و آلسُّذّج بغطاء أهل ألبيت(ع) من أجل ظهورهم و منافعهم و إعلامهم الأصفر و طبع كتبهم ألسّطحيّة ألمُتحجّرة و إشباع شهواتهم و رفاه أبنائهم و تضخيم أرصدتهم في لندن و سويسرا و أسواق ألماركات ألعالميّة .. كما شَهدَ بذلك أصهارهم و أبنائهم و حساباتهم ألمليارية, و ركوبهم آلطائرات الخاصّة آلتي لا يفعلها سوى مجرميّ العالم من آلدرجة آلأولى!؟

و إلا كيف يمكن أن يصدق المرء بأنّ مرجعٍ شيعي كبير توفى نهاية القرن الماضي و ترك أموال الخمس و الزكاة لأبنائه في لندن و سويسرا و كأنها إرث شخصي ليتلاعبوا به من أجل شهواتهم و عقاراتهم و آليوم أحفاده يستغلونها في صرفها على كروشهم و ما تحتها في كابريهات أوربا!

إئتلافاتكم و أحزابكم ألسّياسية و آلدّينية – لا تُخَرّج سوى فطاحل في آلنفاق و الكذب و آلنّهب و آلسّرقات و آلتزوير و آلظهور .. أقلّها و أوضحها تلك آلرّواتب ألكبيرة و آلمُخصّصات ألشهرية ألّتي لم أرى لها مثيلاً لا في آلشّرق و لا في آلغرب .. لا في آلزّمن آلقديم و لا في آلحديث!
حيث يسرق كلّ مسؤول عراقي ما يعادل رواتب 200 عائلة عراقية بضربة واحدة كل شهر بحسب قانون بريمر و قوانين أسيادهم في آلغرب!

من منكُم بَحَثَ و إستفهمَ إلى آلآن جوابَ "آلأسئلة  آلسّتة" ألّتي كثيراً ما سألناها في كتاباتنا و موضوعاتنا آلتي ملئت ألآفاق و آلعوالم منذ ما يقرب عن نصف قرنٍ!؟
هل تعرفون تلك آلأسئلة!؟
من منكُم يعرفها!؟
مُجرّد معرفتها!؟

كم من "علماؤكم" و "أساتذة جامعاتكم" إستطاعَ آلأجابة عليها أو تحليلها على الأقل!؟
 
أينَ أنتُم و فلسفة ألوجود و حقيقة ألمحبّة و آلأيثار و آلصّبر و التّضحية و آلتّواضع في سبيل آلخير و آلفقراء و عمل ألمعروف و آثار آلعشق و ألسّلام و آلصّلح و آلصّفاء بين آلنّاس أو على آلأقل بينكم و بين أرحامكم و عوائلكم و ذويكم!؟

كلٌّ منكم دكتاتوراً في بيته و على أبنائه و زوجته .. زوجاته!

لماذا عُدّتم تطربون بكلٍّ جهلٍ و شهوةٍ لصوتِ ألعشيرة آلظالم و آلعصبيّة و آلجّهل و آلتّعنت لأحزابكم العميلة و كأنّكم أصْبَحتُم تعيشون زمن ألجاهليّة ألأولى .. بلْ و بأسوءِ صورةٍ منها!؟
لماذا تنكرون صوتَ ألحّق آلّذي أبيتُم مُجرّد سماعه .. ناهيكَ عن فهمه و وعيه و إعمالهُ!؟
بلْ بعضكم مِمّن تعلّم آلكتابة و آلقراءة و آلفقه آلمتحجّر و آلهندسة و آلطب ينتقدّ بشدّةٍ قول آلحقّ و ينكر آلمُحكمات و يلهثُ وراء آلمُتشابهات لتفريغ سمومه و أنانيتهُ ألمقيتة و أهدافه آلشّريرة .. فما زال يُكرّر و بكل تعنّتٍ خصوصا مراجعهم؛ [يا ليتنا كُنا معكم فنفوزَ فوزاً عظيماً]!
بمعنىً آخر؛ إسقاط كلّ آلقيم و آلمسؤوليات عن أنفسهم قبال دعوة آلأمام ألحسين(ع), لكن بإسلوب شيطاني بارع عبر اللعب بآلكلمات, ليكرّر قتل الأمام آلحسين(ع) و على منبره من أجل منافعه الشخصية و كرشه و ما دونه بقليل!؟

أينَ أنتُم و قيم آلتضحية آلتي أرادها آلأمام الحسين(ع) و تحملّ أذى آلأرحام لو أخطأ أحدهم بغير عمدٍ أو سهوٍ!؟
أين أنتم و آلتواضع للحق و المستحقين؟
لماذا تبخسونَ آلنّاس أشياؤهم و تُعادون بلْ تُحاربون و تقتلون لو قَدَرْتُم أهل آلحقّ أو مَنْ أنْعمَ الله عليه ببعض ألرّزق, إن لم تتمكنوا من أخذ أمواله بآلتذلل و  النفاق!

بل تهبّون للتّخريب و آلفساد و آلفتنة و  آلتّزوير و آلكذب و آلنّميمة و حتّى آلسّحر و آلشّعوذة!؟
خصوصاً إذا  كان آلمُقابل مستوراً في آلحياة أو أنعمَ الله عليه ببعض آلخير آلحلال و ليس كلّه!؟
هل تعرفون معنى آلسِّحر و ما يفعله الله بصاحبهِ !؟
و كيفَ أنّ الله تعالى يلقي صاحبتهُ من شَعْرِ رأسها و ثديّها بنار جهنّم كما نُقل ذلك عن آلرّسول بعد رحلة المعراج!؟

لا أدري كيفَ و منْ أينَ كَسَبْتُم كلّ هذا آلجهل و آلأنحراف و آلكفر و آلنّفاق!؟
مَنْ آلّذي فَتَحَ طُرق آلموت هذه أمامكم فسلكتموها بغير عقل و تدبيرٍ!؟
هل جهنم يختلف عمّا أنتمْ فيه؟

أن هذا هو طريق جهنّم بعينه يا أهل وطني و يا أرحامي .. فأبتعدوا عنهُ إن إستطعتم .. و لا تقربوه, و توبوا إلى آلله !؟
إنّهُ يبدأ بكذبةٍ صغيرةٍ .. بلْ بِهُمّزةٍ و لُمّزةٍ .. و رُبّما بمجرّدِ نظرةٍ مُخيفةٍ و الله, أو كلمةٍ شاردةٍ بقصدٍ أو غير قصدٍ!
فأحذروا .. و إتّقوا آلله .. و لا تكونوا مع الظالمين!
هذّبوا طباعكم .. حسّنوا أخلاقكم .. تواضعوا في أقوالكم و حركاتكم .. إبتعدوا عن ألكذب و آلتّزوير و آلظلم و آلبهتان .. لا تركنوا إلى آلذين ظلموا .. و قولوا آلحقّ و لو على أنفسكم!
لماذا لا تُريدون آلحياة و آلسّعادة و طريق ألمحبّة و آلخير و آلوئام و آلعشق!؟
إنْ أردتم النّجاة في آلحياة و ممّا أنتم فيه؛ فما عليكم إلّا أنْ تُنبذوا كلّ أفاكٍ مُغتابٍ مُريبٍ أثيمٍ خؤونٍ!
و إذا جائكم يوماً مَنْ يَنمَّ إليكم بتودّدٍ على آلآخرين فإحذروهُ .. و لا تسمعوهُ, لأنّهُ يُريد آلفتنة و آلخلاف بينكم من أجل سلطانه!
بل قولوا لهُ .. أنتَ آلنّمام تَنمُ لنا آليوم و غداً ستنَّمُ علينا, لأنّك لا تستحي من آلله و لا منّا نحنُ!
قولوا له: نحن بحاجة إلى كلمةٍ طيبةٍ و علاقةِ محبّةٍ و تواصلٍ فيما بيننا, يكفينا آلخصام و الفرقة آلتي ما أبقت لنا شيئاً!
نحنُ نُريد كلمة خيرٍ و بناءٍ و معرفةٍ و إنتاجٍ و قبل كل هذا إبتسامة صادقة بوجه مهموم مظلوم على الأقل .. لا غير!

وإذا سمعتُم بمظلومٍ يئنُّ من آلجّراح أو من محنةٍ .. حاولوا مساعدتهِ فعدمهُ يعني وقوع آلظلم, أو على آلأقل عدم إضافة جرحٍ جديدٍ لجروحهِ كما فعل آلظالمون بأهلِ آلبيت(ع) أو منْ تبعهم!

لا تفرحوا بمظلوميّة آلمظلوم و محنتهِ كما ألفتكُم بسبب أنفسكم ألمريضة .. فما أصابَ آلمظلومونَ آليوم؛ قد يُصيبكم غذاً أو بعدَ حين .. و ستُواجهون لو أصررتم عاجلاً أو آجلاً ما هو أكثر منهُ شدّةً و بلاءا .. و لا أحد يسأل عنكُم بآلمقابل, فكيفما تدين تُدان, و تلكَ سنّة آلحياة!

لا يُمكن أنْ يحيا مُجتمعٌ أو قومٌ أو قبيلةٌ أو حتّى عائلةٍ صغيرةٍ يأكل ألأبناء فيه بعضهم بعضاً!؟
لا يُمكن أن يستقيم أمر قوم لا يفقهون سُنن ألحياة و طرق ألمحبة و آلعشق و (آلأسفار آلسّبعة)!؟
و تلك سُنّة الحياة .. بل سُنّة ألتأريخ و وعد آلمرسلين .. و طريق آلعدالة آلألهيّة آلّذي لا تعرفون شيئاً عنه للأسف أيّها آلعراقيّون .. لأنّكم قضيتم آلعمر كلّهُ بآلتّفاهات و آلحروب و الخُزعبلات و آلتّنابز بآلألقاب و آلدّس و التّخريب و كتابة ألتقارير بعضكم على بعض,(لا تنس بأنّ "ألغيبة" تعني كتابة تقرير)؛ يعني (قتل نفس)!
هل سألتُم أنفسكم يوماً:
ماذا خلّف آلبائسون حين كتبوا آلتّقارير و ظلموا آلنّاس و تنابزوا بآلألقاب!؟
أين آلمُتكبرون!؟
أين الصّداميون!؟
أينَ مَنْ كان قبلهم يظلمون!؟
أينَ مَنْ جاء بعدهم يسرقون!؟
كلّهم ذهبوا وسيذهب آلبّاقون .. ليُواجهوا ربٍّ حكيمٍ عادلٍ جبّارٍ قويّ لا تفوتهُ حتّى آلهمسة و الّلمّزة و آلنّظرة و ما تُخفي آلصّدور, ناهيك عن آلظلم و آلقتل و آلكذب و آلنّفاق و آلسّرقات!؟
و يا ليتكم تفقهون يا أهلي ما معنى نظرةٍ مُخيفةٍ .. مُجرّد نظرةٍ مُخيفةٍ بعصبيةٍ من إنسانٍ شرّيرٍ لأنسانٍ آمن!؟
إنّها قد تُسبّب لهُ و لكُم و للآخرين محنٌ و مشكلاتٌ و تبعاتٌ .. إحداها تجرّ آلأخرى إلى يوم آلقيامة!؟
لذلك حطموا كلّ ثقافة ألماضي آلّذي ورثتموهُ .. ثمّ توبوا و تَطهّروا .. و إعملوا آلصّالحات, و تعلموا العلم و آلفقه ألصّحيح!
ليُمكنكم آلأنطلاق إلى حياة جديدة آمنةٍ تختلفُ كلّياً عمّا كُنْتُم عليه سابقاً و حتّى آلآن .. و هذه هي آلبداية ألصّحيحة لحياةٍ سليمةٍ سعيدة!
سامحوا كلّ مَنْ تتصوّرون بأنّهُ أخطأ في حقّكم أو إعتدى عليكم ..
لا تَشُكّوا في نسائكم و بناتكم و لا تظلموهم لأنها ستنعكس على الأبناء و الأجيال ..
نساؤكم من أنفسكم .. هُنّ لباسٌ لكم .. فهل تعرفون آلتفسير  الصحيح لهذا المعنى!؟
لا تُصرفوا آلعمر بمراقبتهن و كأنّهن مُتّهمات من آلأساس, لأنّ هذا من فعل الشيطان و وساوسه!
و ستُسبّب إنقلابهن و ثورتهن آلتي لا تستطيع كلّ جيوش العالم من مقاومتها لو قامت!؟
لا سبيل للحياة و آلمحبة و آلسّعادة و آلوفرة غير آلسّماح و آلمغفرة .. بعضكم لبعض مهما كانت ألأسباب و هي بسيطة في النهاية ..
فآلعفو و السّماحة هي آلمقدمات الصحيحة آلتي وحدها تسنح لكم مُتّسعاً من آلزّمن و  طريقاً سوياً مُعبّداً لتكملوا من خلاله شوط الحياة بسهولةٍ و يسرٍ و بشكلٍ جميلٍ لا يُوصف و بسرعةٍ قياسيّةٍ و بزمن برزخي ..
أرجوكم جرّبوا ذلك و لو مرّةً ..
لأنّكم لا تعيشون سوى مرّة .. و من آلحيف أنْ تعيشوا في جهنم آلشّك و العنف و آلأرهاب و آلدّكتاتوريّة و ضيق الأفق!؟
فقد جرّبتم غيرها كما آباؤكم حينَ تعدّدت آلهتهم و أوّلها أنفسهم .. و ما كانتْ لها جدوى سوى آلمآسي و آلمحن و آلبلاء و آلخصام و آلقهر و آلفقر – ألمعرفي خصوصاً – و في آلنّهاية ألموت بذّلةٍ و حسرةٍ!

فلا تنهو أعماركم بآلقيل و آلقال و  آلحسد و آلبُغض و آلغيبة و آلشّك و آلدّسائس ألّتي تضرّكم من قبل أنْ تضرّ غيّركم .. فأنّها لا تخدم سوى أعوان آلشّيطان من آلأعداء و  آلمنافقين و آلمُنحرفين بآلدّرجة الأولى .. و لا تتركوا آلأمر بآلمعروف و آلنّهي عن ألمنكر بِشرطها و شروطها بعد هذا .. فيتسلط عليكم شراركم و منْ لا يرحمكم!
و لا حول و لا قوّة إلا بآلله ألعليّ ألعظيم.                                                  المخلص لكم : عزيز



 

 

 

 

 

ألثقافة العربية؛ بين آلانغلاق و آلأنفتاح!


لأنحطاط ألثقافة ألعربيّة؛ أسبابٌ نجهلها أو نتجاهلها, و سبب آلتجهيل هو أننا أصبحنا لا نهتم للأمر, بل همّنا آلأول و آلأخير إنحسر في سَوْق كلّ شيئ حتى آلعلم – بآلطبع ألشهادة – و ليس آلعلم ألحقيقيّ حيث لا وجود له.. بإتّجاه نيل ألمناصب ألعشائريّة و آلسّياسيّة و الأداريّة, و بآلتّالي تسطحت آلأفكار و أصبحتْ ألأكثرية لا تفقه شيئاً من الحياة!

(حكمة بليغة) كانت ختام مباحثنا في (فنّ ألكتابة و آلخطابة) قبل أيّام, لم أجدها في ثقافتنا ألعربية -آلمُنحطة .. بل وجدتها في سلوكنا بشكل عمليّ حيث كمؤشر للظلال في واقعنا و سلوكنا الثقافي و تعاملنا الأجتماعيّ في واقعنا أليوم!
و هي:

IF YOU CAN’T FIND SOME THING TO LIVE FOR, THEN YOU BEST FIND SOME THING TO DIE FOR.
[إنْ لم تقدر على إيجاد شيئ تعيش لأجلهِ, فآلأفضل ألبحث عن شيئ تموت لأجلهِ!]

هذه آلحكمة اللطيفة رغم أنها تدفعنا و تحثّنا بقوّة لطلب ألعلم و آلأبداع و آلأجتهاد ألحقيقيّ في مجالات الحياة .. أو الموت بدونها؛ إلّا أننا نرى بأنّ العرب لم يلتزموا سوى بالشطر ألثاني فيه للأسف و لسوء العاقبة, بسبب فقدان ثقافة الحياة و التمدن من وجودهم!

و ما يفعله داعش و آلسلفييّن اليوم هو: لكونهم لا يمتلكون شيئاً من العلم و التقوى و الفنّ كي يعيشوا لأجله في آلحياة بسبب عقيدتهم التكفيرية المنحرفة!

و رغم إن آلأسباب التي أدّت لما نحن عليه عموماً مجهولة للكثيرين, خصوصا لو قارنا وضعنا مع أوضاع آلكثير من الشعوب و الأمم .. إلّا أنّه من آلمُمكن الكشف على الأقل عن ملامحها و آلأعتراف بأنّ روّاد أدبنا ألعربيّ – ألأسلاميّ – ألقديم و آلمُعاصر منذُ "ألمُعلّقات ألعشر" و حتّى يومنا هذا و تألق آلآيات ألعظام من جانب و داعش والقاعدة في آلجانب آلآخر .. ألذين لم يُحقّقوا شيئاً, بل حرّفوا رسالتنا الأسلامية – آلأنسانيّة و صاغوها بحسب منافعهم و عقولهم ألضّيقة!!

لذلك طغتْ ألفوضى و آلغرور و آلأنا و آلعُنف و آلحرب و لغة ألأستغلال و آلقوّة و آلمؤآمرة و آلهجوم و آلقتل و آلقنص و آلذّبح و آلعشائريّة على علاقاتنا و ثقافتنا و تأريخنا, و لعلّ آلأنقلابات و آلمذابح و آلكَومات آلتي تكرّرتْ و تتكرّرُ كلّ يوم في حاضر بلادنا خصوصاً في آلعراق و آلشّام و آلخليج و مغرب آلوطن و مشرقه خير دليل على هذا آلنّتاج ألمعكوس من آلفكر ألأستغلالي ألجاهليّ ألمُتوحّش الذي تركه السابقون و عمّقه الحاضرون حتّى تعمّم و إنتشر على كلّ صعيدس و في كلّ مكانٍ في بلادنا ألعربيّة.

و بإجراء مقارنةٍ أوليّةٍ بين أدبنا و أدبيّاتِ ألثّقافات ألأخرى كآلفارسيّة و آلصّينيّة و آلهنديّة و الأنكليزيّة و حتّى آلبربريّة نرى أنّ هناك فوارق كبيرة بينهما في آلمنشأ و آلمنحى, و رغم أنّ إختلاف آلثقافات شيئٌ طبيعيّ تعود لعوامل عدّة ليس محلّ بحثنا هنا .. لكنّ آلمعيار ألأساسيّ ألمُشترك ألّذي يُميّزها عن بعضها؛ هو مدى قرب و تناغم تلك آلثقافات مع قلب و وجود ألأنسان و بآلتالي سوقها في عمليّة ألبناء ألحضاريّ و آلأنسانيّ ألّتي باتتْ آليوم ألمعيار ألأوّل في تقييم ألشّعوب, و يأتي آلدّين(ألأخلاق) ثمّ آلأدب في مقدّمة ألعوامل آلتي تُشكّل و تؤطر ثقافة من آلثقافات.

(ألأدبُ ألحقيقيّ) هو ذلك آلذي يستطيع أنْ يستنهض كوامن ألأبعاد ألأنسانيّة و مشاعر آلمحبة و آلتواضع و آلأخلاص في وجود و ضمير ألأنسان و آلمجتمع لنشر آلأمن و تفعيل آلكرم للتوجه بآلتوازي نحو معرفة أسرار ألوجود و فلسفة خلق ألأنسان من أجل بناء الحضارة الأنسانية.

و إنّ (آلأدبَ ألأسمى) ألّذي يتقدّم و يرتقي على (آلأدب ألحقيقيّ)؛ هو ذلكَ آلأدب ألّذي يُحقّقُ "الآدميّة" في وجود آلمجتمع بغضّ ألنّظر عن القومية و آلجنسية و آلمذهب و آلدّين و آللغة, و هذا آلنّوع من آلأدب ألأسمى هو آلذي سيكون رائداً في حركة آلمُجتمع ألبشريّ كَكُل عاجلاً أو آجلاً, و هو آلذي سيُنهي نتيجة ألمعركة ألدائرة في صراع ألحضارات بين آلأمم آلتي وراء كلٍّ منها ثقافة مُعيّنة و خصوصيات تكوينة معقّدة!

لا خير في أمّة تسير بلا بصيرة و أخلاق و أدبٍ هادفٍ لتحقيق ألعدالة و آلمساواة و مكارم الأخلاق لبناء ذات الأنسان و إحياؤه من أجل كشف أسرار آلحياة و الأرض و التكنولوجيا!

- ما فائدة ألسّياسة .. بلْ كلّ حكومات ألأرض ألتي هي نتاج آلفكر "ألبشريّ" في نهاية ألمطاف .. حين لاتهدف لما أشرنا .. بل بآلعكس تكون سبباً للخصام و آلحروب و آلأستغلال و آلتّرفع و آلطبقيّة!؟
- ما فائدة آلأدب حين يكون مصدراً للعنف و آلتّسلط و آلقسوة و نبذ حقوق آلأنسان و آلمرأة و آلأطفال!؟
- ما فائدة ألدِّين حين يكون سبباً لتفريق شمل ألأمّة و تقسيمها إلى مذاهب و كيانات و أحزاب!؟
- ما فائدة مؤسسات ألدولة و قوانينها؛ حين تكون بؤراً للظلم و آلتّميز ألكبير في آلحقوق و آلمُخصصات و آلحمايات و آلحقوق ألطبيعيّة!؟

لم أعد أستسيغ تلك آلمقولة ألصّفراء من آلطفيليين و أهل ألبدع و آلنفاق و آلمصالح الخاصة .. [بكون آلدِّين طاهرُ و صحيح و لا إشكال فيه أو عليه .. لكنّ آلمشكلة في آلمُعتنقين لهُ]!؟

و سؤآلنا آلأول للقائلين بذلك, هو:

أيّ دين هذا؟
ما هي خصوصياته؟
هل تعرفه يا من تُعرّفهُ؟
أين آلدّليل في معرفتك؟
بل نقول بآلعكس .. من حيث أن أكثر من مليار مسلم من ذوي اللحايا و الدشاديش الطويلة يلتزمون بدينٍ جاف متحجرٍ يأمر بآلظلم و القسوة و التنفر و الأنتقام تكفير الناس و يسعون من خلال خلاياهم في داعش و النصرة والقاعة و من ورائهم الوهابية من تدمير كل القواعد الأنسانية و الاسلامية في العالم!
هذا هو واقع الدِّين الذي عرفه آلناس اليوم في بلادنا العربية!

لا شكّ إنّ آلدّين نظيفٌ و طاهرٌ حين نزلَ من آلسّماء كماء آلزّلال .. لكنّه و بعد ما إختلط بطين ألأرض و آلأنفس تغيير لونه و طعمه و رائحته, و لم يعد ذلك آلدِّين آلحق حقاً كما آمن به آلأمام عليّ(ع) و طبّقهُ بكلّ حذافيره!

و بما أنّه لم يعد وجود حقيقيّ للدِّين من دون آلمتديّنيين ألمُتمسكين به من حيث أنّ آلأسلام ألذي هو خاتم ألأديان محفوفٌ بآلمسلمين, و هكذا بقية آلأفكار و آلعقائد, لذلك يتجسّد آلفكر من خلال ألحاملين له و المُدّعين إليه على أرض ألواقع!

من هنا و بعد آلحقب التأريخية ألسّوداء آلتي خلّفتها الحكومات ألظالمة التي إدعت الأسلام و منذ وفاة الرسول(ص)؛ تكرّرت آلدّعوات لقراءة جديدة له و أعادة جذريّة في ألأسس المعرفية للأسلام و بآلذات (أصول ألعقائد) الأسلاميّة ألّتي لا تقليد فيها و هي على آلأكثر خمسة(1), و آلسّعي لمعرفة آلآداب و آلقيم آلأخلاقيّة ألّتي أراد آلقرآن بيانها, بإعتباره ألكتاب ألخاتم ألّذي قرّره ألباري تعالى لهداية آلناس نحو آلتواضع و الأستقامة و المحبة و آلأنصاف و العدالة لتحقيق حالة الآدمية فيهم لا غير!

لا جدوى و لا هدف في أصدار فتاوى مكرّرة في"آلعبادات" و "المعاملات" ألفقهية ألمُتحجّرة إنْ لم تُحقّق في آلمُقلَّد أولاً ثم آلمُقلِّد ثانياً؛ حالة ألتّواضع و آلعدالة و آلأستقامة معاً وهيهات ذلك, لكون العبادات المجردة الخالية من الروح و الحركة لا أثر لها في قلب الأنسان, و لا يُمكن أن تكون مؤثراً و فاعلاً خصوصاً حين يتعلق الأمر بموارد و خيرات و أموال و كرامة ألأمة ألتي يشترك فيها آلجّميع بآلتّساوي!

بمعنى لا يجوز إطلاقاً أن يتمتع ألفقيه أو ألحاكم أو المسؤول ألتّابع بحقوقٍ مضاعفةٍ و إمتيازات إستثنائية بآلمقارنة مع حقوق العامل أو المقاتل أو أيّ كان من أبناء الوطن الواحد على الأقل .. إن لم نقل كلّ آلأمّة!
و لنا في حكومة آلأمام عليّ(ع) بآلأمس مثلاً على ذلك و كذلك في حكومة الدولة الاسلامية المعاصرة اليوم مثالاً حياً لكلّ المعاصرين.

من هنا يُمكن لأيّ عقلٍ بسيط أنْ يكتشف بسهولة حالة ألنفاق – ألّتي هي أسوء صفة في آلأنسان – و آلتي قد يتصّف بها سياسيونا أو مراجعنا أو حُكّامنا ألمُدّعين للدِّين و ذلك بمقارنة أوضاعهم الأقتصادية و الأجتماعية مع آلرّعيّة (ألأمّة) في آلجانب ألمقابل .. حيث إن مقدار الظلم يكون كبيراً بقدر آلفوارق ألطبقيّة و آلأجتماعيّة و آلأقتصاديّة ألجليّة بين آلطرفين!

لا يكون ألأديب أديباً و من ثم فقيهاً فمرجعاً فإنساناً و من ثمّ أماماً للأمّة ما لمْ تتحقّق في وجوده حالة ألآدميّة, و هذا هو آلمعيار الألهي ألذي أشار له تعالى حين كرّم بني (آدم) و لم يقل بني(بشر) أو بني(انسان) ثمّ سخّر له كلّ شيئ(2) بجعله أكرم آلمخلوقات و خليفة له في آلأرض, فهل يا تُرى تحقّقت آلآدمية في وجود من يدّعي آلدِّين و آلمرجعيّة و هم يعيشون في عالم يختلف كلّياً عما يعيشه معظم أبناء الأمة الأسلامية و على كلّ صعيد خصوصاً ألمادي و المعنوي و آلعلميّ, بحيث إبتكروا بأنفسهم مصطلحات تشمئزّ منها نفس كل أنسان و ليس آلآدمي فقط, و أبسطها إطلاق صفة آلخواص و (آية الله) على أنفسهم و صفة العوام(ألجهلاء) ألّذين ليس لهم نصيب من آلعلم بنظرهم, يضاف لذلك أرصدتهم المليونية في بنوك اليهود!!؟؟

لذلك كلّه لا مرجعيّة حقيقيّة للأسلام العلوي ما لم يصل دعاتها مرحلة ألآدمية كما كان آلصّدر ألأول(قدس) و آلأمام ألخميني(قدس) و من تابعهم من أحفاد سلمان الفارسيّ(ألمحمدي) كآلفيلسوف بهشتي و مطهري و شريعتي ألذين تحقّقت في وجودهم حالة آلآدمية!

و قدْ بيّنّا في "مقالاتنا" ألسّابقة و بحسب تقريرات الله سبحانه و تعالى و كما جاء في كتابه العزيز .. الفرق ألمعنوي ألوجودي بين كل فئة و صنف, حيث هناك فوارق كبيرة بين:

ألبشريّ(ألبشر),
ألأنسانيّ(الأنسان),
ألآدميّ(آدم),

بل يعتقد بعض العرفاء الكبار من أمثال السيد عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم بأن بلوغ مرحلة الآدمية شيئ غير ممكن(3)!

و لعلّ قائلٍ يقول – خصوصاً ألمتعصبين ألدّينيين ذوات ألبعد الواحد في آلتعامل و آلتّعاطي في الحياة؛
(بأنّ ألأسلام و بآلذّات (ألقرآن) و (نهج ألبلاغة) هما أمّ و مصدر ألآداب و آلبلاغة في آلوجود, و لا حاجة لنا بغيرهما, و كما أكّد و أفتى بذلك ألخليفة ألثّاني عمر بن آلخطاب, حين قال بعد فتح بلاد فارس في معرض جوابه على إسْتفتاء قائد جيش المسلمين .. حول مصير ألمكتبة ألمركزيّة للأمبراطوريّة ألفارسيّة ألتي غنموها بعد آلحرب!؟

فكان جواب عمر على ذلك آلسؤآل هو:

[هناك أحتمالان؛ أمّا أنْ تكونَ تلك آلكُتب موافقةً لرأينا أو مخالفة, فلو كانتْ تُخالف رأيْنا فلا حاجةَ لنا بها, و إنْ كانت مُوافقةً لرأينا فحسبنا كتاب الله, و في كلتا آلحالتين لا حاجة لنا بها و عليكَ بإحراقها جميعاً و آلسلام]!

هذه آلنّظرة آلضّيقة و آلثّقافة آلجّاهليّة سبّبتْ تحجيم عقول أكثر ألعرب و ألمسلمين شرقاً و غرباً و أسّست لثقافةٍ منحطةٍ وعصبيّات مقيتة مختلفة تغلغلتْ و إمتدّت في عقول ألعرب و ألسّلفيين بشكلٍ خاصّ و أدّت بآلتّاليّ إلى ما نحن عليه أليوم, من تمرّد على كلّ آلقيم و آلآداب و آلعلوم و آلتّجارب آلأنسانيّة و آلعلاقات ألأجتماعيّة بحيث باتَ هضم حقوق ألنّاس عندنا ليس فقد شيئاً عاديّاً بلْ يتقرب القائمين بها إلى الله بتصورهم!

أمّا آلمرأة في ثقافتنا فما تزال عورةً و يهضم حقوقها بشكلٍ سافرٍ, بينما تُعتبر رمز آلجّمال و محور آلمحبة و آلوئام ليس فقط داخل ألعائلة بلْ في كلّ ألمجتمع .. بلْ تُمثّل بوجودها و دورها (كلّ آلمجتمع) بحسب ألتّعبير ألأدبيّ ألرّاقيّ لأمام ألأمّة ألرّاحل ألخُمينيّ ألعظيم(قدس) حين قال: [إذا كان آلرّجل نصف آلمجتمع فأنّ آلمرأة هي كلّ آلمجتمع].

و آلعجيب أنّ ألمُدّعين آلجّهلاء من آلشّيعة و آلسُّنة و على رأسهم ألسّاسة و آلحاكمون و آلفقهاء و بسبب ما أشرنا لهُ؛ يأكلون آلحرام و يهدرون حقوق آلناّس و يدعون بجانب هذا بألسنتهم و بلا حياءٍ للقرآن و لمذهب أهل ألبيت(ع) و نصرة الدّين و حقوق الناس .. ناسين أو مُتناسين بأنّ الله تعالى يمقت آلذين يقولون ما لا يفعلون, و يغضب و ينتقم من آلذين يعملون بعكس ما يقولون!

أمّا آلمذاهب الأسلاميّة الأخرى فأنّها وصلتْ حداً إعتبرتْ معها تفجير و قتل و ذبح ألآدمي ألذي أكرمه الله تعالى لمجرد آلرأي؛ قربةً لله و كأنّهم يذبحون آلكبش أو آلدّجاج!

لا خلاف بين أهل ألبصيرة و "أهل ألقلوب" بأنّ آلقرآن و سنّة آلرّسول(ص) و أهل بيته ألكرام(ع) قد جمعا معاً أسرار ألوجود و آلقيامة و ما بعدهما, أيّ علم ما كان و ما سيكون, و هذا شيئ صحيح لختمية ألرّسالة؛

لكن مَنْ فسّر آلقرآن أو نهج ألبلاغة على حقيقتها .. و كما هو آلمطلوب في آلمنهج آلألهيّ ألأصيل!؟

لا أحد حتّى يومنا هذا تمكّن من ذلك .. بلْ آلمُصيبة إنّ (حوزتنا ألصّامتة) ألّتي تدّعي خط "ألرّسالة ألأسلاميّة ألأصيلة" قد أجرمتْ بحقّ ألقُرآن الذي هو الثقل آلأكبر و أهل ألبيت(ع) الثقل الأصغر ..مُدعية الزهد و آلأستغناء في الظاهر بينما تمتلك أرصدةً و نساءً و أبناءً و أحفادً و تسميات كاذبة لا يمتلكها سوى شيوخ الوهابية في الخليج, خصوصاً إذا علمنا بأنّ "آيات الله ألعظام" في النجف الأشرف بحسب إطلاق ألقاعدين ألجّهلاء عليهم تسمية "آلمرجع الأعلى"؛ إعتبروا بأنّ من يجهد نفسهُ لتفسير ألقرآن يكونُ بمثابة ألمُضحيّ بنفسه بلا عوض .. أيّ لم يستفد من وجوده طبقاً لإسلامهم, و كما يظهر ذلك من خلال مباحثات ألشيخ ألفيلسوف ألمطهري مع آية الله العظمى السيد الخوئي أثناء زيارته للنجف في نهاية الستينات و تعبير آلأخير بحقّ آلعلامة ألفيلسوف الطباطبائي صاحب تفسير الميزان(4).

إذن الأدب ألحقيقيّ أيها آلأخوة؛ هو آلأدب ألّذي يُحيّ قلوب و ضمائر ألنّاس و ينشر ألمحبة و آلوئام و الأنسجام و آلأدب أينما كان و من أيّ إنسانٍ مبدعٍ و بأيّة لغةٍ كانَتْ ..

فيا أيّها آلناس؛ إنفتحوا على آداب ألأمم و ثقافاتها و خوضوا آلأسفار, خصوصاً في آلأدب ألفارسيّ و آلأنكليزيّ ثم آلصيني و آلهنديّ(5) و غيرها!

لأنّ ألمثقف لا يكون مثقفاً .. و آلأديب لا يكون أديباً .. ما لم يُقارن ألآداب بعد معرفة لغتها و فنونها و آلياتها و أهدافها و بآلتالي كشف علّة تباين آلثّقافات و غاياتها آلسامية!

فمن من أساتذتنا و فقهائنا التقليديون يعرف ذلك!؟

أمّا (آلمُفكر) و (آلفقيه) ألحقيقيّ ألمُخلص .. فلا نتكلّم عنه, حيث لا وجود لهما في أمّة ألعرب ألنّائمة للأسف, و لا جدوى آلآن للتحدث عنهم و عن خصوصياتهم, و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم!
عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أصول الدين: التوحيد – العدل – النبوة – ألأمامة – ألمعاد!
و لا تتحقق في وجود الأنسان تلك الأصول ما لم يتجنب التقليد أولاً, ثم يبدأ بآلسفر لعبور المحطات السبعة:
الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الأستغناء – الحيرة – الفقر و آلفناء
(2)[و لقد كرّمنا بني آدم و حملناهم في آلبرّ و آلبحر و رزقناهم من آلطيّبات و فضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا] سورة ألأسراء / 70.
(3) يُحكى أن آية الله العظمى السيد عبد الكريم الحائري مؤسس ألحوزة العلمية في قم قبل أكثر من قرن .. قد أعطى لأحد تلامذته بعض المال للزواج, و كان طالبٌ آخر قد سمع بتلك آلمساعدة, فذهب هو آلآخر إلى السيد و طلب منه بعض المال, لكن السيد إعتذر قائلاً له؛ لا أملك شيئاً آلآن, فأنزعج الطالب من ذلك, و كرّر سؤآله في فترة لاحقة و لكن دون جدوى, و ما كان من الطالب إلا أن بدأ بطعن السيد كلّما رآه في مكان خاص أو عام بآلقول: [ عالم شدن جه آسان إنسان شدن جه مشكل] و تعني: [ من السهل أن تكون عالماً و من الصعب أنْ تكون إنساناً], ممّا يعني بأنك يا "سيد عبد الكريم", أيها العالم الذي ترأس هذه الحوزة لست بإنسانٍ .. بل شيئ دون ذلك.
و في أحد الأيام و بينما كان السيد يمرّ من السوق لحقه ذلك الطالب و كرّر جملته المشهورة تلك(من السهل أن تكون عالماً و من الصعب أن تكون إنساناً], فناداه آلسيد عبد الكريم الحائري, و همس في أذنه قائلاً:
دعني أصحّح لك العبارة: [من آلسّهل أن تكون عالماً و يستحيل أن تكون إنساناً].
و إعلم بعد هذا بأنّ مرحلة الأنسانية .. هي المرحلة التي تسبق مرحلة (ألآدمية), فتفكّر أيها الأنسان .. حالك الذي فيه؛ متى تصبح إنساناً و ليس شيئاً آخر بحسب تقريرات العلماء الصالحين كما أسلفنا!!؟؟
(4) راجع "ألمحاضرات ألعشرة" لآية الله ألفيلسوف مرتضى ألمُطهري, بآلفارسيّة.
(5) تصور كمْ هبط و أنْحطّ مستوى آلعلم و آلأدب و ألثقافة ألعراقيّة و آلعربيّة؛ حيث ما زالوا يستخدمون صفة "الهندي" على آلبلهاء و الصادقين ألبسطاء كصفة لذمّهم و تحقيرهم, بينما الحديث يقول: (اكثر أهل الجنة من البلهاء), يُضاف لذلك بأنّ آلهنود تطوروا و سبقونا في كلّ شيئ رغم عدم إمتلاكهم للخيرات و للموارد الطبيعية كما نحن, و من هذا يُمكنك تُقيّم وضعنا آلثقافي و العلمي ألمبتذل و ما وصلنا إليه على أرض الواقع.