Monday, September 11, 2023

كيف شوّه آلدّعاة نهج الحقّ؟

كيف شوّه الدّعاة نهج الحقّ؟ عين الجلادين والمجالدين والمعرضة العفيفة والمقاومة الحثيثة والمجاهدين في بلاد الاغراب ! يقول (نلسن ماندلّا) : [إذا قبضتُ المال ثمناً لنضالي سوف أتحوّل من مناضل إلى مُرتزق]. [If I get money as a price for my struggle؛ I will turn from a fighter to a mercenary.]. Nelson Mandela. اما رسولنا الكريم(ص) و أئمتنا(ع) فقد قالوا ما يشيب له الرأس حين تُقارن فعال القوم مع نصوصهم عليهم السلام .. و التفاصيل تجدها في (فلسفتنا الكونية العزيزية). و هذا ما وقع في بلادنا و العراق بشكل إعترض عليهم حتى الفاسقين! هذا بسبب دُعاة الدّنيا و الشّهوات، بحيث لا تجد جلّاداً او مجادلاً مرتزقاً في جماعة عصابات الدّمج و أمثالهم خصوصا في الخط الأول و الثاني من حزب دعاة اليوم الساقطين أخلاقيّاً و فكريّاً في وحل الجهل و الخيانة و التّجسس و العمالة؛ إلّا و إمتلأ بطنه و بطن عائلته وعصابته بلقمة الحرام و الخيانة و الشقاء و البؤس، بالإضافة الى حالة المسخ والكذب والنفاق البادية على سيماهم و سلوكهم! لقد بلينا بقوم يظنّون أنّ الله لم يَهْدِ سواهم، يدعون الناس إلى الجنة و هم عاجزون عن دعوة يتيم إلى مائدة، يدعون الناس إلى الجنة و أوطانهم مليئة بالمرضى و بالمتسولين و ماسحي الأحذية، حمقى البلاد و قطاع الطرق، أخذوا مال الأرض و ورثوا بيت السماء! أيّ ربّ ربكم؟! أيّ دين دينكم؟! وكلّ مَنْ يُمارس العهر بأنواعه .. يعيش نفس أجواء العاهرة فكريّاً , فينسى أنهُ يُمارس عهراً , و يكون أكثر إسقاطا لعهره على غيره بنفس الممارسة و السلوك دون أن يشك في سوء ممارسته . و العهر ليس بالضرورة ان يكون : ممارسة للجنس الحرام الذي قد يسقط في شركه حتى الفضلاء من الناس لحظة نزوة خارج السيطرة .. و إنما قد يكون عهرا في ممارسة تقمص دور الفضيلة بغرض الإساءة للفضلاء والشرفاء الحقيقيين .. أو ممارسة دور السياسة .. او التهديد! وأخطر و أسوأ أنواع العهر : رجل يتلبس بثياب الدِّين و الدعوة لله ليخدم قذارات السياسة .. فيسيء لمن هُم أتقى و أنقى و أشرف منه .. مسقطاً عليهم كلّ عهره و عيوبه .. أو مسقطاً كلّ عهر و عيوب السياسيّ الذي أرشاه كي يفتي من دين الله ما يشوه معالم الحقيقة الناصعة .. وفي كل الأحوال : العاهرة .. أفضل بكثير من عاهر الدين .. لأن العاهرة تمارس نزوة يقابلها ذنب قد يغفره الله لو تابت .. أما عاهر الدين فيرتكب ذنباً بغرسه للحقد و الكراهية والنفاق .. و قد تقتل بسببه أرواح بريئة لا يغفر الله لمن أباح قتلها أو أوغل في دماءها ! العاهر المتدين كذباً و تقمصا : لا يخشى الله و هو يكذب على مريديه من العوام و المحبطين .. و يدرك أن الكذب يخرجه من دائرة الإيمان لأنه من الكبائر .. لكنه أيضاً يدرك أن من يصدقون كذبه : قوم لا عقول لهم .. و لا إيمان , فيستمر في غيه و زيفه و إستغفاله , لأنه يعرف أن من يستمعون إليه بغرائزهم و شهواتهم ليسوا أهلا للإيمان ما دام أنهم قد رهنوا عقولهم لمكره و عهره ! أما العاهر السياسي : فلا لوم عليه لو مارس عهراً سياسياً يخدم مصالحه .. لأن السياسة : فن العهر … والسياسي المحترف : يمارس اذكى أنواع العهر السياسي. لذلك فبعض الناس تعجبْ في السياسي العاهر .. وكل الناس تلعن رجل الدّين الذي يتكلف الايمان وهو ليس إلا رجلا يمارس العهر السياسي بكل صوره العاهرة و ما دخلت السياسة السائدة في دين إلّا و لوّثتْ طهره , و ما تدخل المتدّين التقليدي في سياسة؛ إلا وفقد إيمانه وصدقه وأمانته ليتحول تلى منافق! إن الآية الكريمة : [لكم دينكم ولي دين] .. فصل بين دين النقي التقي .. و دين العاهر, بدون قسر .. و هي أمر من الله كي لا يختلط النقاء بالعهر , فيستغل العاهرون عهرهم لتشويه الحقّ و الطهر و الجمال و الحرية .. و لكي لا يجعلون من القبح و الظلم والإستبداد رمزاً للحياة الكريمة ! وكلما كان الإنسان مؤمناً بما يدّعيه و يعتقده؛ كان أكثر إطمئناناً .. و أقل نفياً للآخر بإسم ما يؤمن به ! [لكم دينكم ولي دين] : فصل بين النور والظلام .. بين الحق والباطل .. بين الصدق والكذب .. وبين الطهر والعهر … والمعيار هنا : صدق الإيمان و الإقتناع بالشيء و ليس : القسر والإرغام والتدليس! لذلك فقد أكّد الله أمره بحرية الإختيار حتي بين الكفر و الإيمان دون أن يلزم أحدا في الحياة .. أن يٌؤمن دون خيار حر , و لم يُوكل الله أحداً نيابة عنه بعد شهادة آخر امام معصوم؛ كي يُقسر الناس أن يؤمنوا بما لايوقنون به [من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر]. في عرف السياسة : ممارسة العهر أنجع من ممارسة الطهر , و كذلك يجوز في عرف السياسة أن يتمّ الخلط بين السياسي و الديني … فمثلاً قد تردّد حكومة أو حزب قبل أن تحكم عبارات مثل : (خيبر خيبر يا يهود) .. او (ماكو ولي إلا علي) ثم ترفع علم اليهود فوق ديارها بعد أن أصبحت تحكم ! وفي جوهر الدّين : أن الطهر كفيل بهزيمة كل عهر و لا يقبل الخلط بين الدين و السياسة، و قد إنتصر الأنبياء و الأنقياء على مرّ التاريخ : بصدقهم و طهرهم , بما يثبت أن المتمسك بالطهر و لو بشكل نسبيّ أكثر من غيره؛ هو من يُحقّق الانتصار و النجاح , و أن ممارسة الحيل و الزيف و الكذب و تشويه الحقائق ليست إلّا مخدرات وقتية قد تحقق انتصارات عابرة .. و أنه لا ينتصر في الأخير إلا الطهر بنسبيته أمام ما يضادّه أو يُوازيه أو يعاديه, مهما كانت وسائل القوّة لدى من يمارس العهر بنسبية أكثر! بل أن لنا في إنتصار امريكا في الحربيّن العالميتين عبرة. فعندما ذهبت أمريكا للحرب هناك مستندة في غزوها الى قيم أخلاقيّة كنشر قيم الحرية و تحرير الالمانيين واليابانيين من أنظمة قمعية دكتاتورية رغم وجود دوافع القوة الحريصة على مصالحها السياسية الهامة, فإن أمريكا حققت نصرين كبيرين كانا سببين في أن تكون أمريكا امبراطورية عظمى. أيّ أنّ نسبيّة الإستناد إلى القيم الأخلاقية كالحرية و العدالة و إنقاذ الناس من بؤس الطغاة و معاناة الاستبداد أكبر من كلّ ما يدّعيه هتلر وامبراطور اليابان لشعبيهما من زيف العزة و الكرامة .. وهكذا كان الامر مع صدام! وعندما اصبحت امريكا تخلق الحروب في الشرق الأوسط و آسيا بقصد استنزاف ثروات الشعوب و بثّ الفرقة تحت إدّعاآت الحريّة و الديموقراطيةِ؛ فإنّها برغم استفادتها من الثروات المستنزفة بفعل الحروب المفتعلة كذباً من اجل الحرية؛ لم تحقق نصرا معنوياً حضارياً يجعل الناس تثق في الإدّعاآت المزيفة. لو كانت أمريكا صادقة في حروبها في الشرق الأوسط بنفس النسبية المستندة على قيمها الأخلاقية التي تأسّست من أجلها لسلبت عقول و قلوب الشعوب في كل مكان حتى أولئك الذين يمارسون العهر ديناً و سياسةً ! لذلك .. فإن إستناد أمريكا بقوة القوانين في الداخل على قيمها الحضارية العظيمة , يجعلها تنتصر على ضعفها الداخلي الذي يسبّبه من حين لآخر عهر سياساتها الخارجية و هذا ما ساعدها أن تحافظ على قوتها و هيمنتها منذ أكثر من اربعمائة عام .. و لو إستمرّت في عهرها السياسيّ الخارجيّ فلربما يساعد على إنهيارها في الداخل. لكن نسبية إستنادها إلى قيم العدالة و الحرية الأكثر في العالم لا يزال هو الواقي القوي لمنع إنهيارها. و كلما عادت أمريكا تستلهم من قيمها العظيمة كلما بقيت منارة للحرية ! صحيح أننا في عصر أصبح فيه كلٌّ يمارس عهره السياسي بدون تخفي أو حياء و يتهم عدّوه أو نقيضه بنفس التهمة؛ لكنه في الأخير لن ينتصر إلا مَنْ يستند في إدّعاءه على قيم عظيمة و أعظم تلك القيم هي : حرية الانسان أينما كان دون النظر الى لونه او عرقه او دينه، الى جانب العدالة و المساوات في المعيشة والحقوق بين الجميع .. خصوصاُ لدى الطبقة الحاكمة كمعيار واضح وقويّ لمصدافية وإستقامة المسؤول والحاكم و المدّعي للدّين و القيم و الفكر. العارف الحكيم