Friday, October 22, 2021

لا تجتمع الثروة مع الثورة:

منقول عن الدكتور عبدالرزاق بني هاني : عدم إجتماع الثورة مع الثروة! عندما كنت طالباً في مرحلة البكالوريوس سمعت من استاذي في مساق التاريخ وكان اسمه جون سويني رأياً لم استوعبه ولم أصدقه آنذاك عن علم الجهل ، وعن تخصص فرعي في التاريخ اطلق عليه التاريخ النفسي ، وكان ذلك في العام1976 فكنت كثيراً ما أردد في نفسي مقولة هل هناك علم أسمه علم الجهل والتجهيل ، مثلما يوجد علم اسمه الفيزياء أو ما شابه ؟ وكيف للعلم أن يكون مُجهلاً؟ وبقيت على رأيي هذا إلى أن أخبرني صديق لي أمريكي يعمل في مؤسسة راند البحثية بأن هناك مؤسساتٍ تابعة لحكومات دولٍ عُظْمَى ، ومنها حكومة الولايات المتحدة متخصصة في هندسة الجهل وصناعته وتغليفه بأرقى الأشكال ، ثم تسويقه على نطاقٍ واسع ... من هم مستهلكوا سلعة الجهل ؟ حسب رأي صديقي قال هم ثلاث فئات في كل مجتمع: اولا - الفقراء في المجتمع ، وجلهم من الأقليات الاجتماعية والدينية وعمال البلديات ، وفقراء المناطق النائية وفقراء الريف ، وعمال المزارع ، وما شابه هذه التصنيفات. لكن الفاجعة التي ألمت بي كانت شمول معلمي المدارس وأساتذة الجامعات في الفئة المستهدفة من هذه السلعة الملعونة ، وحسبما أخبرني به ، فقد تصل نسبة هذه الفئات كلها في الولايات المتحدة لوحدها إلى تسعين بالمئة‏ من حجم السكان ، وكان جنود القتال الأمريكيان مشمولين في هذه الفئة! ثانيا - المتدينون الذين يؤمنون بالقدرية ، فهم مستسلمون للقدر الذي يظنوا به أنه لا يتغير ، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية تجهيل أكبر عدد ممكن من الناس الذين لديهم ميول دينية ... ثالثا - المغفلون الذين يعملون في الحكومات ، وعلى وجه الخصوص حكومات الدول الفقيرة ، وبالتحديد فئة التكنوقراط ( الفنيين ) الذين يقدمون النصح والمشورة لمتخذي القرار في دولهم ، فيتم تدريب هؤلاء على تمرير الجهل وتبريره تحت مسمى النظرية والعلم والإمكانيات والموارد ، ويأتي في مقدمتهم المعنيون بالشأن السياسي و الاقتصادي ، إذ تنحصر مهامهم في بث روح اليأس في نفس صاحب القرار من إمكانية الإصلاح . . . وممارسة الكذب والكذب والكذب على عامة الناس وترسيخ الأكاذيب في أذهان العامة على أنها حقائق لابد أن يدافعوا عنها ... من جملة ما اخبرني به صديقي ، وكان من أخطر ما قاله ، بأن بث العداوة بين الأشقاء يندرج تحت صناعة وتسويق الجهل ، وهو ما اجتهد به صانعوا الجهل منذ العام 1906 ، فقلت ألهذا التاريخ يعود تطور هذا العلم ؟ فقال نعم ، منذ مؤتمر هنري كامبل بانيرمان الذي انعقد في لندن ودام لشهرٍ كامل ، وتم فيه رسم السياسة المتعلقة بالمنطقة العربية ، قبيل انهيار الدولة العثمانية ، ومن تلك السياسات أن تطلُبَ الدولة العربية تأشيرة دخول للمواطن العربي الذي كان من التبعية العثمانية ، ويعيش على بعد أمتارٍ معدودة من حدودٍ رسمها ساسة المؤتمر . . كان أحد وزراءه اسمه ريتشارد هالدين قد قال متهكماً على حديث نبيكم الأردن أرض الحشد والرباط . . . سأجعل من الأردن شعوباً متناحرة! وللأمانة بأن حديث صديقي الأمريكي قد أذهلني من شدة الحيرة . . . . وكنت أترنح بين الحقيقة والخيال من سطوة أفكاره ومعلوماته التي أضافها إلى مخزوني المتواضع . . . أقرأ كثيراً في السياسات المحلية للدول المختلفة . . . وعندما أدقق في عمق الأوضاع السائدة في الدول المعنية لا أستطيع أن ادحض مصداقية هذا العلم وهندسته وصناعته ، وآثاره المدمرة فاتعظوا يا أصحاب العقول . . لعلكم تعقلون! أحد قادة ثوار فيتنام بشرنا : الثورة الفلسطينية لن تنتصر . . .من يبيع ضميره يبيع وطنه! عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية التفاوض مع الثوار الفيتنامين أرسلت لهم أن يرسلوا وفدا يمثلهم في باريس للتباحث حول وقف الحرب بعد أن أوغل ثوار فيتنام بالجنود الأمريكان ومثلوا بهم. وفعلا أرسل الثوار وفدا مكون من أربعة ثوار امراتان ورجلين وكانت المخابرات الأمريكية قد جهزت لهذا الوفد إقامة بأرقى فنادق باريس وجهزت لهم كل أسباب الراحة والمتعة وكل مالذ وطاب وعندما وصل الوفد الفيتنامي إلى مدينة باريس ونزل في المطار كانت هناك سيارات تنتظر الوفد لتقله إلى مكان إقامته. لكن الوفد رفض ركوب السيارات وطلب مغادرة المطار بطريقته وأنه سيحضر الإجتماع في الوقت المحدد واستغرب الوفد الأمريكي ذلك. وسأل رئيس الوفد وأين ستقيمون ؟ فأجاب سنقيم عند طالب فيتنامي في أحد ضواحي باريس . فتعجب الأمريكي وقال له قد جهزنا لكم إقامة مريحة في فندق فخم فأجاب الفيتنامي نحن كنا نقاتلكم ونقيم في الجبال وننام على الصخور ونأكل الحشائش فلو تغيرت علينا طبيعتنا نخاف أن تتغير معها ضمائرنا فدعونا وشأننا . وفعلا ذهب الوفد وأقام في منزل الطالب الفيتنامي ليقوم بعدها بمباحثات أدت لجلاء المحتل الأمريكي عن كل فيتنام حين التقى الوفدان على ارض المطار ، بادر الامريكي لمصافحة الوفد الفيتنامي لكنهم رفضوا وقال كبيرهم : لا زلنا اعداء ولم يخولنا شعبنا مصافحتكم . من يبيع ضميره باع وطنه .. وفي يوم ما زار الجنرال جياب احد قادة الثوار الفيتناميبن عاصمة عربية توجد فيها فصائل فلسطينية ثورية في السبعينات من القرن الماضي ، فلما شاهد حياة البذخ والرفاهية التي يعيشها قادة تلك الفصائل والسيارات الألمانية الفارهة والسيجار الكوبي و البدل الايطالية الفاخرة والعطور الفرنسية باهظة الثمن وقارنها بحياته مع ثوار الفييت كونج في الغابات الفيتنامية . قال لتلك القيادات مباشرة بدون مواربة: لن تنتصرثورتكم .. فسألوه لماذا ؟ فأجابهم : لأن الثورة والثروة لا يلتقيان . الثورة التي لا يقودها الوعي تتحول إلى إرهاب والثورة التي يغدق عليها المال يتحول قادتها إلى لصوص . وإذا رأيت أحد يدعي الثورة ويسكن بقصر أو فيلا ويأكل أشهى الأطباق ويعيش في رفاهية وترف وبقية الشعب يسكن في مخيمات ويتلقى المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة . . فأعلم أن القيادة لا ترغب في تغيير الواقع ، فكيف تنتصر ثورة قيادتها لا تريدها أن تنتصر ؟!
file:///C:/Users/Azez/Downloads/WhatsApp%20Video%202021-10-22%20at%202.32.08%20AM.mp4 محمد صدّيق المنشاوي(رحمة الله عليه)