Monday, October 30, 2023

شهيد العشق الألهي :

شهيد العشق الإلهي : لم تكن الشهادة بآلنسبة للحُسين (ع) مسألة صعبة أو معقدة رغم ظروفها و محيطها و تفاصيل أحداثها المؤلمة و إحاطة أشباه الرّجال به من عبدة الدّرهم و الدّينار كما هو حال الناس اليوم للأسف بمن فيهم مُدّعي الوطنية و القومية والعشائرية و الدِّين تتقدّمهم الأحزاب المُتحاصصة على حُبّ و ولاية الدّولار ألذين يعادون كل مؤمن تقي و فيلسوف حكيم لأنهُ الوحيد الذي يعرف و يكشف خبثهم و نفاقهم! لم يكن صعباً عليه أبدأً .. رغم وجود عائلته معه و أقرب المقربيين, لكونه الأمام العاشق ألمُتيّم و آلمُكلّف بتغيير العالم و نشر حُب المعشوق الأزلي وسط قساة القلوب من الجّهلة فآلقضية هي قضية الكون كله و هو القائل : تركتُ آلخلـق طرّاً في هواكا .. و أيتمــتُ آلعـيال لـكي أراكا .. فلو قطعتنـي في الحُـبّ إرباً .. لَمَــا مـال الفـؤآد إلى سـواكا .. بل و فوقها كان يعرف كلّ شيئ و بآلتفصيل .. حتى قبل واقعة (الطف) في كربلاء بأكثر من نصف قرن عندما كان جدّهُ الرسول الأعظم حبيب إله العالمين (ص) يُخبرهُ بآلتفاصيل كل يوم عندما كان يُقبّله من نحره في إشارة إلى ذبحه و أهل بيته حتى الطفل الرضيع ليكون سيّد آلشّهداء و قرباناً لهذا الوجود و أسراره .. و لطالما كان جدّه (ص) يُقبّلهُ من نحره .. كما كان يُقَبّل أخيه ألأمام الحَسَن(ع) من ثغره في إشارة إلى شربه للسّم فيكون هو الآخر شهيداً .. من قبل أمّة ما زالت لا تفرّق بين العلم و الفلسفة و بين العلم و الجهل و بين الحق والباطل بسبب الأحزاب و المذاهب خصوصاً الإسلامية منها و التي تلهث لتحاصص قوت الفقراء كما تفعل اليوم بلا حياء و وجدان. لقد أثبت آلحُسين الشّهيد عشقهُ الأزلي ذاك .. حين مشى و تقدّم بنفسه مع أهله كشهود لمواجهة ذلك المسير - المصير - المُحتّم!! بل كان الأمام الحسين(ع) يعرف كلّ شيئ قبل خلق الدّنيا ثمّ قصّة آدم(ع) و هذا البشر الظالم الجاهل و من عالم الذّر عندما إنتخبه الله تعالى من بين (أهل بيته) لحمل تلك الأمانة التي أشفقن منها السموات و الأرض فكان لها خير حامل وفِيٍّ و أمينٍ بعد إنحراف القوم و إنقلابهم على سنن الخالق ليكون هو المُصلح لدِين الله تعالى و الحدّ الفاصل بين الحقّ و الباطل...! لكن المشكلة العويصة و المواجهة الحقيقة الكبرى لم تنتهي بذبحه و شهادة كل أؤلئك الأبرار الأوفياء, بل قصّة المأساة الكونيّة تلك قد بدأت مع أسر مَنْ حملت الأمانة من بعده مع إبنه الأمام السّجاد... بعد تلك الشهادة الكونية .. بدأت عندما برز العشق ألمتجسّد في كل كيان زينب الحوراء بنت عليّ(ع) .. حين برزت أمام كلّ القبح ألمتجسّد في أعتى طواغيت الوجود .. إبن زياد و يزيد و إبن سعد و عاص و حجّاج ليدمغه للأبد, و هي تقول بثقة لكل المتحزبين للدينار ؛ [ما رأيتُ إلّا جميلاً] ! جثتْ زينب (ع) على ركبتيها فوق الرّمال أمام ذلك العاشق الغريب ألمذبوح, بعد ما حلّت بها و بمن معها من الأطفال و النساء .. ما حلّ من مصاعب و رزايا و إهانات لم يكن يقدر على حملها .. بل مجرّد سماعها و رؤيتها أقوى و أصلب الرّجال الذين كانوا رجالاً بحقّ .. لكن ما يفعل المؤمن ألمُبتلى حين يُقدّر له الوقوف وسط مجاميع النفاق والكفر والضلال والجهل من هذا البشر الملعون!؟ نظرت للسّماء و عُيونها مُعلّقة في البعيد تحدّق بآلصفاء المخيّم على سماء الوجود تارة وبالسّهل المُلتهب الممتد تحت نور الشمس الحارقة والذي يعيد الحرارة مع دم الشهداء المتناثرين إلى السماء التي أمطرت دماً و دموعا. كانت عباءتها مُغبرّة و وجهها شاحب و حزين و شفتاها مُتخشّبة من شدّة العطش و بقايا من بقايا الماء كان يتصـبّب من جبينها في حرّ الظهيرة .. و كذا بقايا الدّموع كانت تترقرق في عينيها .. إلتفتت يميناً و شمالاً .. ثمّ إنحنتْ مثل الحسين(ع) .. و أخذت في يديها حفنة تراب .. قرّبتها من وجهها و شمّتها.. إنسكب التراب الملتهب مع الدموع رويداً رويداً من بين أصابعها على الأرض . كانت تعلم أنّهم اقتربوا كثيراً من اليوم الموعود. مسحت دمعة بطرف عباءتها و نهضت من مكانها تلملم أطراف عبائتها.. إبنة مَنْ هي ..؟هي ابنة عليّ(ع) يجب أن تكون قويّة و صابرة. أمامها طريق صعب و مسير ممتد مع مصير أصعب لإكمال الرسالة الكونية التي سقطت و ما زالت ساقطة و مهملة بسبب أهواء النفوس البشرية التي حلّت محلّ الشيطان في الأرض بعد إستقالته(الشيطان) حين رآى قسوة و نفاق هذا البشر الملعون معتذراً لله. ألعارف الحكيم عزيز الخزرجي