Monday, December 23, 2019


لماذا الفلسفة الكونية؟
د زهير الخويلدي
ينبغي أن نتخيل سيزيف سعيدا
يبدو السؤال عن الحياة هو المطلب الذي يمنح الوجود الإنساني معنى ويقيه من الوقوع في العدم وأن الرضا بالحال والانغماس في السائد والانخراط في المألوف واجترار المكرر ينتج الشعور بالملل ويؤدي إلى الغثيان ويجعل الإنسان يطرح على نفسه الكثير من الإمكانيات الغريبة عن عقله والمداهمة لشعوره.
لقد طرح ألبر كامو السؤال الفلسفي الأبرز: لماذا يشعر المرء بأن حياته فاقدة للمعنى؟ وتفطن إلى أن هذا السؤال الوجودي هو من أكثر الأسئلة الفلسفية خطورة وذلك لارتباطه بالسؤال عن معنى الحياة الإنسانية.
ترجمة:
هناك مشكلة فلسفية خطيرة واحدة: إنها الانتحار. للحكم على أن الحياة تستحق أو لا تستحق ألم العيش ، هو الإجابة على السؤال الأساسي للفلسفة. أما الباقي ، إذا كان للعالم ثلاثة أبعاد ، إذا كان للعقل تسع أو اثني عشر مقولة ، فسيأتي بعد ذلك. هذه هي الألعاب ؛ يجب علينا أولا الإجابة. وإذا كان هذا صحيحًا ، كما يرغب نيتشه ، فيجب على الفيلسوف، لكي يكون محبوبا، أن يعظ على سبيل المثال ، يدرك المرء أهمية هذه الإجابة ، لأنها ستسبق الإيماءة النهائية. هذه هي البديهيات المحسوسة من القلب ، ولكن يجب تعميقها لجعلها واضحة للفكر.
إذا سألت نفسي كيف أحكم على أن سؤالًا ما أكثر إلحاحًا من سؤال آخر ، فأجبت على أنها الأفعال التي يلتزم بها. لم أر أي شخص يموت من أجل الحجة الأنطولوجية. جاليليو ، التي كانت له حقيقة علمية ذات أهمية ، أختار ماهو الأسهل في العالم حالما تعرضت حياته للخطر. بمعنى من المعاني ، قام بعمل جيّد. هذه الحقيقة لم تكن تستحق التنصيص. سواء كانت الأرض أو الشمس تدور حول بعضهما البعض ، فهذا غير مكترث بعمق. أن نكون صادقين، إنه سؤال عديم الجدوى. من ناحية مغايرة، أرى أن الكثير من الناس يموتون لأنهم يوعون أن الحياة لا تستحق العيش. أرى الآخرين الذين يتم قتلهم بشكل متناقض بسبب الأفكار أو الأوهام التي تمنحهم سببًا للعيش (ما يسمى سبب العيش في الوقت نفسه سبب ممتاز للموت). لذلك أشعر أن معنى الحياة هو أكثر الأسئلة إلحاحًا.”1 والحق أن الحكمة تقتضي التفكير في البقاء أكثر من الاهتمام بالفناء وتغليب إرادة الحياة ومحبة الوجود على إرادة العدم وكراهية البقاء. لكن ماذا تفعل الفلسفة لكي تتصدى للعبث؟ أليس التمرد الذي يعلنه كامو نفسه بشكل فردي على العبودية التي تسرق منه حريته هو أول الخطوات الوجودية للتغلب على اليأس؟ ألا يستمد البشر معنى وجودهم من التحدي الذي يرفعونه في وجه القدر طالما أن شرف سيزف في ذلك هو المحاولة رغم الفشل في كل مرة؟
المرجع:
-Albert Camus, le mythe de Sisyphe, édition Gallimard, 1943,p17.




ألمشكلة ليست في ترشيح هذا آلرئيس أو ذاك!
ولا مَنْ هي الكتلة الأكبر والأوسط والأصغر؟
العراق يُريد ألتحرر من جميع الكتل الحاكمة؟
ألعراق يُريد حكومة شعبية تعيش مع الشعب!
فلا رئيس جمهورية ولا البرلمان ولا أي وصي له الحق في تحديد وحلّ ذلك, لأنهم  على مدى عقدين كانوا أنفسهم المسببين الأصليين وأحزابهم لمحنة العراق, التي يريدون حصر ها و حلّ مشكلتها بحسب (نظرية التأطير الأعلامي) بتحديد الخيارات وفرض رئيس يضمن نهبهم و مخصصاتهم؛ يعني: تحديد (الرئيس) من قبل كتلة أو مجموعة الكتل ليضطر الشعب ألقبول  بمرشحهم ألمختار من قبل غيرهم.
إمّا بهذا الرئيس أو ذاك الذي يُعيّن من قبلهم لا من قبلكم أيها الشعب ألمضطهد! هذه خلاصة نظرية التأطير  ألغوبلزية والميكافيللية الظالمة.

والمشكلة الحقيقة لا تُختزل بهذه أو تلك فقط؛ إنما تكمن و كما قلناها قبل الجميع؛ في سَنّ دستور جديد عادل يضمن المساواة و توزيع الحقوق و الرّواتب و المخصصات بآلتساوي بين الجميع بعيداً عن المعايير الحزبية و الإئتلافية السابقة التي كان بسببها يستلم رئيس الجمهورية و غيره مثلاً المليارات كل شهر بينما موظف و عامل و كادح لا يستلم ما يكفيه حتى لأجار بيته, هذا أولاً.

و ثانياً : محاكمة جميع الفاسدين الذين حكموا و تقاعدوا منذ 2003م ,بما فيهم رؤؤوساء الجمهورية و البرلمان و الوزراء و النواب و المدراء و المستشارين و القضاة الذين تسببوا في قتل و تعويق 35 مليون لا فقد عشرات الآلاف و كما يقول البعض بسبب الضغوط النفسية و الجسمية و العاهات المختلفة التي خلفتها نقص الخدمات و الغداء و الدواء و الهواء و الماء. بعدها يُمكن إنتخاب الحكومة و الدستور المنصف العادل لحكم البلاد, و على الشعب أن يعي هذه المرة حبائل الفاسدين للأستمرار بنهب حقوقهم.
حكمة كونيّة: [لا تستطيع كل أحزاب و كتل العالم و جيوشه إيقاف الأرهاب؛ العدالة وحدها تستطيع ذلك].

الفيلسوف الكوني


كيف و مَنْ يُطبّق ألعدل!؟
 في الوقت الذي تشهد بغداد ومحافظات الوسط والجنوب خاصة كالبصرة والناصرية والنجف وكربلاء و واسط والديوانية وغيرها إعتصامات و مظاهرات تصاعدت و تيرتها خلال الساعات الأخيرة، حيث زحف الآلاف من العراقيين الليلة الماضية على ساحة التحرير وسط العاصمة رفضا لأيّ إعلان عن ترشيح تحالف البناء لوزير التعليم العالي ألعلماني ألشيعي قصي السهيل لتشكيل الحكومة الجديدة, ممّا دفع بتلك الكتلة العدول عن مرشحهم لدراسة مرشح آخر بدله، هذا بآلتزامن مع تظاهرات مماثلة خارج البلاد تهدد بالعصيان و دعم متظاهري الداخل رفضًا للمتحاصصين و تقسيم السلطات.

لكن مدينة النجف التي يقطنها المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني الصوت الأعلى في الأحداث العراقية قد إنفردت بمطالبها, حيث شهدت تظاهرة حاشدة إختلفت بخطابها الجديد, حيث قُرئ فيها بيان ، هدّدوا بأنهم في حالة التصويت ضد قرار الشعب بخصوص رئيس وزراء مستقل؛ فإنه سيتم منع دخول النواب ممثلي محافظة النجف إلى داخل المحافظة وإعلانهم خصمًا وعدوًا لأهاليها, وشددوا على أنهم سيتبعون خطوات تصعيدية سيعلن عنها لاحقًا .. ودعوا المعتصمين في بغداد وباقي المحافظات إلى اتخاذ نفس الخطوات للقضاء على الفساد و الفاسدين ألمُتحاصصين.

وإستجاب متظاهروا البصرة لذلك, حيث أغلقوا جميع الطرق الرئيسة في المحافظة منذ السادسة من صباح اليوم الاثنين, وأشاروا إلى أن هذا الإجراء يأتي ردًا على استخفاف الأحزاب الحاكمة بمطالب الثوار وترشيح السهيل و أمثاله من الفاسدين لرئاسة الحكومة وازدياد عمليات الخطف والاغتيال للناشطين المدنيين.

من جهتها، أعلنت رئاسة البرلمان عن عقد جلسة مساء اليوم الاثنين في محاولة لإنهاء الخلافات حول بعض مواد القانون الجديد للانتخابات والتصويت على ثلاث فقرات منه فقط, حيث طالب المتظاهرون بوجوب جعل الانتخابات فردية مفتوحة لا حزبية مغلقة, بجانب جعل عدد السكان المعيار في عدد المرشحين الذين يمثلونهم, لا عدد المدن و الأقضية, لأنه يخالف العدالة.

تصوّر أن رئيس جمهورية أميّ فكرياً كصالح برهم كما كلّ أقرانه السياسيين .. حين لا يعرفوا للآن ألكتلة الأكبر التي شكلت الحكومة مرات و مرات خلال العقدين الماضيين بآلأضافة إلى مطالب المتظاهرين الواضحة؛ كيف يُمكنهم فهم الحقيقة وتطبيق العدالة في العراق.

و مع هذا الوضع : كيف يمكن لهؤلاء الرؤوساء الأميين ألفاسدين من قيادة دفة الحكم على الأقل مثل ما هو آلموجود في كافة دول العالم,  ناهيك عن تطبيق العدالة و المساواة التي لا يعرف المتحاصصون عنها تعريفا علمياً منطقيا و فلسفيا وسماويّاً!؟
 أقول هذا .. على الرّغم من أن فلسفتنا الكونيّة؛ قد فصلت الكلام في ذلك, لكن الجّهل المربع المُخيّم و آلمعشعش على العراق بسبب الدين التقليدي المُحَرّف والتربية العشائرية و المناهج التعليمية وثقافة الأحزاب الفاسدة التي حجبت عنهم الحقّ و معين المعرفة ومنعتهم حتى من فهم مبادئ و هضم العدالة الكونيّة على الأقل ناهيك عن تطبيقها و ممارستها!

فأدبنا و شعرنا ورواياتنا وأعرافنا وإصداراتنا و مؤلفاتنا بهذا الشأن قد ملأت المكاتب والمدارس وشارع النهر بجانب الأرث الضخم من الثقافة السياسية و الأجتماعية الحكومية الرسميّة التراكمية ؛ و كلها ما زالت تعتاش في المستنقعات الفكرية الآسنة و تدور حول القشور و المظاهر و الجنس و الماديات و (آلعرض) و (الكاش) الذي لا يُقدّسون غيره, لأنهُ الوحيد الذي يُحدّد قيمتهم و مصيرهم و يملأ بطونهم و يشبع ما تحتها مباشرة .. و لا وجود ولا معنى للجوهر و الباطن و الخيال و المحبة(1) في حياتهم و أدبياتهم, ناهيك عن عوالم آلأسفار الكونيّة ومدياتها ألّتي يعادونها ولا يُريدون الخوض فيها, بل يحاربون مدّعيها بلا حياء وبكل قوة و عناد نتيجة الجهل الفكري و الفلسفي .. لا الأبجدي الذي يتقنون ألفيتها و مالكيتها ويعرفون إعرابها.
لهذا فإن معنى جهنم الذي سمعنا وصفه كمكان للظالمين الجّهلاء مع هذا الوضع الممتلئ بآلمظالم و الطبقية و المسخ؛ هو العراق وحده بسبب الحكام و ذلك الرُكام التأريخي و الأدبي الهلاميّ الذي يحمل لوائه ..."قائمة طويلة" مِنْ عبيد نفوسهم.
ألفيلسوف الكونيّ