Thursday, May 09, 2019


سرقة ألأفكار؛ أخطر من ألأموال:
ألفساد الماليّ وآلأقتصاديّ والأداري والأستثماريّ لا يحتاج لتوضيح وبيان بعد الذي كان حتى وصل لأن يؤسس الفاسدون البنوك و المصارف الخاصة بهم للملمة تلك الأموال السوداء التي تجاوزت مئات المليارات و رفضت حتى البنوك العالمية الرّبوية طبعاً و بقصد من قبولها, لكونها غير شرعيّة ومنهوبة والعالم يعرف ذلك, و قد دعاني بآلصدفة كشاهد .. البعض من أؤلئك الفاسدين لمشاركتهم ومساعدتهم لتبيّض تلك الأموال على أمل إدخالها و تدشينها في أسواق المعاملات والبورصات العالمية مقابل نسبة مئوية, لكني رفضت رغم حاجتي الشديدة والملحة للمال, وفضّلت أكل الخبز مع الماء أو الشاي أو حتى لوحده بآلحلال على المآدب ألدسمة و المزركشة بالمأكولات من المال الحرام, كموائد الفاسدين الذين نهبوا و إستقروا داخل وخارج العراق في أوربا و أمريكا و إستراليا ودول الجوار مُتمتّعين ليس بأموال شخص أو شعب أو شعوب بل بأموال الأمة كلها, و بسبب رفض البنوك لتلك المليارات رسمياً, بدأت الأحزاب المتحاصصة مؤخراً بإنشاء بنوك خاصة بها لأيداع تلك الأموال الكثيرة فيها كمرحلة أولى لتبيضها ثمّ تدشينها و إستثمارها عبر البنوك و الشركات المعروفة لمنافعهم الخاصة!

المهم رغم حجم هذا الفساد الكبير الذي لم يستوعبه حتى بنوك العالم, لكن يبقى (ألفساد الفكريّ) و سرقة الأفكار و المناهج وإدّعاء تطبيقها هي آلأخطر والأعمق أثراً لتخريب وتدمير البلدان و تمزيق الأقتصاد ومستقبل الأجيال, والسّبب في كون سرقة الأفكار أخطر من سرقة الأموال, هو:

(إن سرقة الأفكار و المناهج و الدّراسات و النظريات ألأختصاصيّة تحتاج لمن يفهمها و يوضحها لتنفيذها عملياً بنجاح لأنها تهم إقامة المشاريع الكبيرة والبرامج المستقبليّة و الخطط الطويلة الأمد تتعدى الخمسيّة وحتى العشريّة لتصل إلى نصف أو قرن كامل, لذا حين يعلنها و يدّعيها من ليس بأهلها للتظاهر أمام الناس؛ فمن آلطبيعي أن تكون نتاجها ومحصولها ألفشل و هدر الجهود والأموال و الزمان و المكان وعدم تحقيق أيّ مشروع بشكل كامل و مُعتبر طبق المواصفات
العالمية المثالية, ولعل كل هذا يُغطي أيضاً سرقة الأموال من قبل الكبار و الصغار في المشروع لتحقيق أرباح سريعة على حساب هدم الوطن و الدولة العادلة, هذا لكون المُنفّذ (الوزير) وبإشراف رئيس الوزراء و فوقهم رئيس الجمهورية ربما عرفوا عنوان و جانب أو جوانب من الأفكار الأساسية في ذلك المشروع لكنهم لم يعرفوا الكثير من التفاصيل و النقاط الأدارية والفنية و التسويقية والتعبوية ناهيك عن الستراتيجية فيه وعلاقتها بآلمشاريع الأخرى, لذلك فأنّ الفشل هو الحليف الوحيد والأكيد في نهاية المطاف .. لتلحقها الخسائر المضاعفة مع إمتداد الزمن, لكن هذا المسؤول (السارق الفكري) أو (ألسُّراق الفاسدين), لا يهمهم كلّ هذا,  لأن نيّتهم و هدفهم بآلأساس هو شيئ آخر وهو كسب المال و الشهرة الكاذبة بكونه قائد و سياسي و رئيس وطني و مفكر كي يفوز بآلسلطة و المناصب لآخر العمر هذا بجانب نهب الاموال وكما شهدنا ذلك من كل مسؤول تقريباً خلال عقدين, وعلّة العلل في كل هذا الفساد هو حقد وكره السياسيين في الأحزاب و المليشيات للفكر و المفكريين بآلذات لأنهم يعملون بإخلاص بعكس تيارهم, الذي يحاول إبراز نفسه بكونه يضم مفكرين  وفلاسفة على حساب جهود ونتاجات المفكريين والفلاسفة الحقيقيين الذين ليس فقط لم يفسحوا المجال أمامهم ؛ بل حاربوهم و حاصروهم حتى في لقمة عيشهم و منع حقوقهم ليستمر فسادهم و كما هو حالنا لحد الآن, لدرء هواجسهم فيما لو تمّ دعمنا و بآلتالي وبحسب تفكيرهم إحلالنا محلّهم لعلمهم أنها ليست من إستحقاقهم.

تلك هي النتيجة و الوجه الأخطر والأقبح للسرقات الفكريّة – العلميّة – وفوقها الفلسفيّة بشكلٍ خاصٍّ, لذلك نتمنى أن يدرك القضاء العراقيّ على الأقل ومعهم الخييريين بقيادة المرجعية ألتي عليها أن تلعب دوراً أدق لكشف أبعاد هذه المسألة الخطيرة لمحاسبة الفاسدين الذين بدؤوا يتفنّنون في كيفية ألسرقات الفكريّة التي تنوعت آثارها التخريبية السرقات المالية .. بعد إضافة مقدمات و مؤخرة للمبادئ الفلسفية مع تبديل و تقديم و تأخير بعض الفصول والنصوص والعناوين من البحث المعني, لعرضه بإسمه, و بإعتقادي إن هذا الفساد الفكريّ هو السبب في تخلف العراق و دماره وإستعماره, و من الأمثلة التي بيّنتها تفصيلاً فيما سبق على ما قدّمناه عملياً في هذا المضمار كمصاديق, هي: مسألة توزيرنا لوزارة الكهرباء عام 2005م و شرطنا الوطني الوحيد الذي فرضناه لقبول المنصب من جانبنا, و ربّما كنتُ العراقيّ الوحيد عبر التأريخ الذي رفض التوزير لعلمه بعاقبة الأمور رغم إنه كان يُعادل نصف مليار, مقابل ذلك الشرط الذي كان يُؤكّد على (قطع الكهرباء الذي يُعتبر أحد أهم أعمدة الحضارة الحديثة عن كلّ المنطقة الخضراء وإدخال شبكتهم ضمن الشبكة الوطنية العامة لتوزيع الكهرباء ليكون حالهم كحال الناس ليسعى الجميع بجدٍ لأنهاء المشكلة), لكنّ المتحاصصين رفضوه بشدّة, مدّعين بأنهم يريدوا أن أستفيد و يستفيدوا بآلدرجة القصوى من هذه الوزارة لمنافعهم الخاصة و تمشية أمورهم, لذلك قلتُ لهم: 30 مليون عراقي يتمنى هذا المنصب, لكن لن يصل الكهرباء للعراقيين بدون تنفيذ شرطي إلا بعد ربع قرن من الآن, مع صرف عشرات بل مئات المليارات من الدولارات دون نتيجة وكما تشهدون اليوم مصداق ذلك حيث صرفوا لحد الآن بحدود 100 مليار دون نتيجة, وحقا كان تنظيرنا العلميّ - الفلسفي دقيقا للغاية, لكن أين العقول التي تستوعب هذا التفكير الأستراتيجي!؟
و هكذا الكثير من المشاريع المصيرية الأخرى, و منها على سبيل المثال أيضا؛ مسألة (القروض) والديون ألمليارية العالميّة التي كبّلت العراق كدولة وشعب لتصبح ذيلاً ذليلاً لقوى الأستكبار العالمي ربما للأبد, ولو فرضنا إمكانية ألتّخلص من استعمارهم العسكريّ والسياسيّ ؛ فأنّ العراق سيبقى خاضعاً لهم عن طريق المال والأقتصاد و البنوك والثقافة لقرن كامل على الأقل, لكن المشكلة التي ما زالت قائمة تقريباً, هي أن لا أحد من رؤوساء الحكومة و البرلمان و القضاء و مستشاريهم قد إنتبهوا لذلك, بل إعتبروا دراساتنا وقتها و للآن غير مجدية وأصروا على غبائهم و تكبرهم جهلا أو تجاهلا لتدمير العراق الغني, و بعد خراب البلاد والعباد إنتبهوا للمصيدة أخيراً .. و حتى مع إنتباههم هذا ومواجهتهم للمحنة؛ لم يذكرونا ولم يسمعوا من الكاتب الحقيقي(1), بسبب فساد القلوب والعقول و لقمة الحرام وفقدان الأخلاص الذي هو سر الله الذي يقذفه في قلب مَنْ يُحب, لبيان آلتفاصيل, بل المشكلة ألأمرّ من ذلك أنهم يدّعون المعرفة الكاملة بذلك زوراً و كذباً!
لذلك لا أمل و لا خلاص للعراق مع إستمرار هذا الوضع حتى ينتهي نفطه و غازه بآلكامل بعد عقدين ليهرب المسؤوليين خارج العراق بآلجّملة والمفرد ولنا آلآن مصاديق بآلمئات بل بآلآلاف ممّن فعل ذلك بترك العراق كخربة لا يمكن العيش فيه بأي نحو والمشتكى لله.
أللهم إني قد بلّغت .. أللهم فإشهد.
ألفيلسوف الكوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) للتأريخ: إتصل بي شخص كان من المشرفين على موقع باسم "شبكة عراق القانون" والتي كانت تنشر مقالاتي مشكورة كما غيرها كصوت العراق و شبكة الأعلام العراقي , وآلسؤآل الوحيد الذي سألني وقتها و كنت راقداً في المستشفى هو: ما إختصاصك!؟ وبما أنّ العراقيين خصوصاً الأكاديمييون منهم لا يعرفون كلمة و معنى و خصوصيات و دور ألمُفكر الحقيقيّ ناهيك عن معنى و دور (الفيلسوف) في العالم لعدم وجود فلاسفة و مفكريين أصلاً في العراق, لهذا لم يفهم ما بيّنتهُ له وقتها, حين قلت: أخي أنا (أبو محمد البغدادي) و رسالتي فوق إختصاص مُعيّن, و جميع رؤسائك يعرفونني, و لي عشرات البحوث بضمنها 50 بحثا أيام المجلس الأعلى الذي كنت أحد مؤسسيه وقوات 9 بدر و مئات الدراسات و آلاف المقالات ألمختصّة بالفكر و بناء الدولة و التخطيط الأستراتيجي وإنشاء الشركات و هذه تحتاج إلى عشرة إختصاصات مجتمعة في عقل واحد لإنتاجها, لكن يبدو أن ذلك المستشار ورئيسه ومعاونيه الذين كانوا يعملون مع رئيس الوزراء السيد الجعفري و المالكي و من بعده العبادي بآلمحاصصة؛ لم يدركوا ما بيّنتهُ بوضوح وكأنها كانت لغة غريبة لا عربية, وتوادعنا حتى يومنا هذا بلا إتصال وتنسيق جديد والله الشاهد على ما أقول, ولهذا لا نجاة للعراق مع آلتضيق على المفكريين والفلاسفة بسبب الأميّة الفكريّة ولقمة الحرام والتكبر على الفلسفة والحقّ وخالق الحقّ ولا حول ولا قوّة إلا بآلله.